المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يتبرك فيه - رياض الصالحين - ت الرسالة الثاني

[النووي]

فهرس الكتاب

-

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌ باب الإِخلاصِ وإحضار النيَّة في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفيَّة

- ‌ باب التوبة

- ‌ باب الصبر

- ‌ باب الصدق

- ‌ بَابُ المراقبة

- ‌ باب التقوى

- ‌بَابُ اليقين وَالتوكّل

- ‌ باب الاستِقامة

- ‌ باب في التفَكُّر في عظيم مخلوقات الله تَعَالَى وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها عَلَى الاستقامة

- ‌ باب في المبادرة إلى الخيرات وحثَّ من توجَّه لخير على الإِقبال عليه بالجدِّ من غير تردَّد

- ‌ بابُ المجاهدة

- ‌ بابُ الحثِّ عَلَى الازدياد من الخير في أواخِر العُمر

- ‌ باب في بَيان كثرةِ طرق الخير

- ‌باب في الاقتصاد في العبادة

- ‌ باب المحافظة عَلَى الأعمال

- ‌ باب الأمر بالمحافظة عَلَى السُّنَّة وآدابِها

- ‌ باب في وجوب الانقياد لحكم الله تعالى وما يقوله من دُعي إِلَى ذلِكَ، وأُمِرَ بمعروف أَوْ نُهِيَ عن منكر

- ‌ باب النَّهي عن البِدَع ومُحدثات الأمور

- ‌ باب في مَنْ سَنَّ سُنَّةً حسنة أَوْ سيئة

- ‌ باب في الدلالة على خيروالدعاء إلى هدى أو ضلال

- ‌ باب التعاون عَلَى البر والتقوى

- ‌ باب النصيحة

- ‌ باب الأمر بالمعروف والنهي عَن المنكر

- ‌ باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف أَوْ نهى عن منكر وخالف قولُه فِعله

- ‌ باب الأمر بأداء الأمانة

- ‌ باب تعظيم حُرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم

- ‌ باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة

- ‌ باب قضاء حوائج المسلمين

- ‌ باب الشفاعة

- ‌باب الإصلاح بَيْنَ الناس

- ‌باب فضل ضعفة المسلمين والفقراء الخاملين

- ‌ باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضَّعَفة والمساكين والمنكسرين والإِحسان إليهم والشفقة عليهم والتواضع معهم وخفض الجناح لهم

- ‌ باب الوصية بالنساء

- ‌ باب حق الزوج عَلَى المرأة

- ‌باب النفقة عَلَى العيال

- ‌باب الإِنفاق مِمَّا يحبُّ ومن الجيِّد

- ‌بيان وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن المخالفة، وتأديبهم، ومنعهم من ارتكاب مَنْهِيٍّ عَنْهُ

- ‌ باب حق الجار والوصية بِهِ

- ‌ باب بر الوالدين وصلة الأرحام

- ‌ باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم

- ‌باب فضل بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه

- ‌ باب إكرام أهل بيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم

- ‌ باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم عَلَى غيرهم، ورفع مجالسهم، وإظهار مرتبتهم

- ‌ باب زيارة أهل الخيرومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة

- ‌ باب فضل الحب في الله والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه أنه يحبه، وماذا يقول لَهُ إِذَا أعلمه

- ‌باب علامات حب الله تَعَالَى للعبد والحثَّ عَلَى التخلق بِهَا والسعي في تحصيلها

- ‌ باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين

- ‌ باب فضل الغَنِيّ الشاكر وهو من أخذ المال من وجه وصرفه في وجوهه المأمور بِهَا

- ‌ باب ذكر الموت وقصر الأمل

- ‌ باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر

- ‌ باب كراهية تمني الموت بسبب ضرر نزل بِهِ وَلَا بأس بِهِ لخوف الفتنة في الدين

- ‌ باب الورع وترك الشبهات

- ‌ باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أو الخوف من فتنة في الدين أو وقوع في حرام وشبهات ونحوها

- ‌ باب فضل الاختلاط بالناس

- ‌ باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين

- ‌ باب تحريم الكِبْر والإِعجاب

- ‌ باب حسن الخلق

- ‌ باب الحلم والأناة والرفق

- ‌ باب العفو والإِعراض عن الجاهلين

- ‌ باب احتمال الأذى

- ‌ باب الغضب إِذَا انتهكت حرمات الشّرع والانتصار لدين الله تعالى

- ‌ باب أمر وُلاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلةعنهم وعن حوائجهم

- ‌ باب الوالي العادل

- ‌ باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية

- ‌ باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لَمْ يتعين عليه أَوْ تَدْعُ حاجة إِلَيْهِ

- ‌ باب حَثّ السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمورعلى اتخاذ وزير صالح وتحذيرهم من قرناء السوء والقبول منهم

- ‌ باب النهي عن تولية الإِمارة والقضاء وغيرهمامن الولايات لمن سألها أَوْ حرص عليها فعرَّض بها

- ‌باب إجراء أحكام الناس على الظاهروسرائرهم إِلَى الله تَعَالَى

- ‌باب الخوف

- ‌باب الرجاء

- ‌ باب فضل الرجاء

- ‌باب الجمع بين الخوف والرجاء

- ‌ باب فضل البكاء

- ‌باب فضل الزهد في الدنيا والحث عَلَى التقلل منهاوفضل الفقر

- ‌باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار عَلَى القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات

- ‌باب القناعة والعَفاف والاقتصاد في المعيشة والإنفاق وذم السؤال من غير ضرورة

- ‌باب جواز الأخذ من غير مسألة وَلَا تطلع إليه

- ‌ باب الحثَّ عَلَى الأكل من عمل يده والتعفف به من السؤال والتعرُّض للإعطاء

- ‌باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخيرثقة بالله تعالى

- ‌باب النهي عن البخل والشُّحِّ

- ‌باب الإيثار المواساة

- ‌باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يُتَبَرَّكُ فيه

- ‌كتَاب الأدَب

- ‌ باب الحياء وفضله والحثِّ على التخلق به

- ‌ بابُ حفظ السِّر

- ‌ باب الوفاء بالعهد وَإنجاز الوَعد

- ‌ باب الأمر بالمحافظة عَلَى مَا اعتاده من الخير

- ‌ باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوَجه عند اللقاء

- ‌ باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك

- ‌ باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالِم والواعظ حاضِرِي مجلِسِه

- ‌ بابُ الوَعظ والاقتصاد فِيهِ

- ‌ باب الوقار والسكينة

- ‌ باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهمامن العبادات بالسكينة والوقار

- ‌ باب إكرام الضيف

- ‌ باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

- ‌ باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدعاء لَهُ وطلب الدعاء مِنْهُ

- ‌ باب الاستِخارة والمشاورة

- ‌ باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم

- ‌كتاب أدب الطعام

- ‌ باب التسمية في أوله والحمد في آخره

- ‌ باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه

- ‌ باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌ باب مَا يقوله من دُعي إِلَى طعام فتبعه غيره

- ‌ باب الأكل مِمَّا يليه ووعظه وتأديبه من يُسيء أكله

- ‌ باب مَا يقوله ويفعله من يأكل وَلَا يشبع

- ‌ باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها

- ‌ باب كراهية الأكل متكئاً

- ‌ باب استحباب الأكل بثلاث أصابع واستحباب لعق الأصابع

- ‌ باب تكثير الأيدي عَلَى الطعام

- ‌ باب أدب الشرب واستحباب التنفس ثلاثاً خارج الإِناء وكراهة التَّنَفُّس في الإناء واستحباب إدارة الإناء عَلَى الأيمن فالأيمن بعد المبتدئ

- ‌ باب كراهة النفخ في الشراب

- ‌ باب بيان جواز الشرب قائِماً وبيان أنَّ الأكمل والأفضل الشرب قاعداً

- ‌ باب استحباب كون ساقي القوم آخرهم شرباً

- ‌ باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز الكرع

- ‌كتَاب اللّبَاس

- ‌ باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إِلَاّ الحرير

- ‌ باب استحباب القميص

- ‌ باب صفة طول القميص والكُم والإِزار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء وكراهته من غير خيلاء

- ‌ باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعاً

- ‌ باب استحباب التوسط في اللباس وَلَا يقتصر عَلَى مَا يزري بِهِ لغير حاجة وَلَا مقصود شرعي

- ‌ باب تحريم لباس الحرير عَلَى الرجال وتحريم جلوسهم عَلَيْهِ واستنادهم إِلَيْهِ وجواز لبسه للنساء

- ‌ باب جواز لبس الحرير لمن بِهِ حِكّة

- ‌ باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عَلَيْهَا

- ‌ باب مَا يقول إِذَا لبس ثوباً جديداً أَوْ نعلاً أَوْ نحوه

- ‌ باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس

- ‌كتاب آداب النوم

- ‌ باب آداب النَوم والاضْطِجَاع وَالقعُود والمَجلِس وَالجليس وَالرّؤيَا

- ‌ باب جواز الاستلقاء عَلَى القفا ووضع إحدى الرِّجلين عَلَى الأخرى إِذَا لم يَخف انكشاف العورة وجواز القعود متربعاً ومحتبياً

- ‌ باب في آداب المجلس والجليس

- ‌ باب الرؤيا وَمَا يتعلق بها

- ‌كتَاب السَّلَام

- ‌ باب فضل السلام والأمر بإفشائه

- ‌ باب كيفية السلام

- ‌ باب آداب السلام

- ‌ باب استحباب إعادة السلام عَلَى من تكرَّر لقاؤه عَلَى قرب بأن دخل ثم خرج ثُمَّ دخل في الحال، أَو حال بينهما شجرة ونحوها

- ‌ باب استحباب السلام إِذَا دخل بيته

- ‌ باب السلام عَلَى الصبيان

- ‌ باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن

- ‌باب تحريم ابتداء الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام على أهل مجلسٍ فيهم مسلمون وكفار

- ‌ باب استحباب السلام إِذَا قام منَ المجلس وفارق جلساءه أَوْ جليسه

- ‌ باب الاستئذان وآدابه

- ‌ باب بيان أنَّ السنة إِذَا قيل للمستأذن: من أنت؟ أن يقول: فلان فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أَوْ كنية وكراهة قوله"أنا"ونحوها

- ‌ باب استحباب تشميت العاطس إِذَا حمد الله تَعَالَى وكراهة تشميته إذا لَمْ يحمد الله تَعَالَى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب

- ‌ باب استحباب المصافحةِ عندَ اللقاء وبشاشةِ الوجهِ وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء

- ‌كتاب عيادة المريض وتشييع الميت

- ‌باب عيادة المريض

- ‌ باب مَا يُدعى به للمريض

- ‌ بابُ استحباب سؤالِ أهلِ المريضِ عَنْ حاِلهِ

- ‌ باب مَا يقوله مَن أيس من حياته

- ‌ باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه والصبر عَلَى مَا يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أَوْ قصاص ونحوهما

- ‌ باب جواز قول المريض: أنَا وجع، أَوْ شديد الوجع أَوْ مَوْعُوكٌ أَوْ"وارأساه"ونحو ذلك

- ‌ باب تلقين المحتضر: لا إله إِلَاّ اللهُ

- ‌ باب مَا يقوله بعد تغميض الميت

- ‌ باب ما يقال عند الميت وَمَا يقوله من مات له ميت

- ‌ باب جواز البكاء عَلَى الميت بغير ندب وَلَا نياحة أمَّا النِّيَاحَةُ فَحَرَامٌ

- ‌ باب الكف عما يرى في الميت من مكروه

- ‌ باب الصلاة عَلَى الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز

- ‌ باب استحباب تكثير المصلين عَلَى الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر

- ‌ باب مَا يقرأ في صلاة الجنازة

- ‌ باب الإِسراع بالجنازة

- ‌ باب تعجيل قضاء الدَّين عن الميت والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن يموت فجاءة فيترك حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُه

- ‌ باب الموعظة عند القبر

- ‌ باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدُّعاء له والاستغفار والقراءة

- ‌ باب الصدقة عن الميت والدعاء لَهُ

- ‌ باب ثناء الناس عَلَى الميت

- ‌ باب فضل من مات لَهُ أولاد صغار

- ‌ باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إِلَى الله تَعَالَى والتحذير من الغفلة عن ذلك

- ‌كتَاب آداب السَّفَر

- ‌ باب استحباب الخروج يوم الخميس واستحبابه أول النهار

- ‌ باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم عَلَى أنفسهم واحداً يطيعونه

- ‌ باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السُّرَى والرفق بالدواب

- ‌ بابُ إعانةِ الرفيقِ

- ‌ باب ما يقوله إذا ركب الدابة للسفرِ

- ‌ باب تكبير المسافر إِذَا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأودية

- ‌ باب استحباب الدعاء في السفر

- ‌ باب مَا يدعو بِهِ إِذَا خاف ناساً أَوْ غيرهم

- ‌ باب مَا يقول إِذَا نزل منْزلاً

- ‌ باب استحباب تعجيل المسافر في الرجوع إِلَى أهله إِذَا قضى حاجته

- ‌ باب استحباب القدوم عَلَى أهله نهاراً وكراهته في الليل لغير حاجة

- ‌ باب ما يقوله إِذَا رجع وإذا رأى بلدته

- ‌ باب استحباب ابتداء القادم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين

- ‌ باب تحريم سفر المرأة وحدها

- ‌كتَاب الفَضَائِل

- ‌ باب فضل قراءة القرآن

- ‌ باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان

- ‌ باب استحباب تحسين الصَّوت بالقرآن وطلب القراءة من حَسَن الصوت والاستماع لها

- ‌ باب الحثِّ عَلَى سور وآيات مخصوصة

- ‌ باب استحباب الاجتماع عَلَى القراءة

- ‌ باب فضل الوضوء

- ‌ باب فضل الأذان

- ‌ باب فضل الصلوات

- ‌ باب فضل صلاة الصبح والعصر

- ‌ باب فضل المشي إلى المساجد

- ‌ باب فضل انتظار الصلاة

- ‌ باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ باب الحثِّ عَلَى حضور الجماعة في الصبح والعشاء

- ‌ باب الأمر بالمحافظة عَلَى الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهنَّ

- ‌ باب فضلِ الصفِّ الأوَّلِ والأمرِ بإتمامِ الصفوفِ الأُولِ، وتسويِتها، والتراصِّ فِيهَا

- ‌ بابُ فَضْلِ السنَنِ الراتِبِة مَعَ الفَرَائِضِ وبيانِ أَقَلِّهَا وأَكْمَلِها وما بينَهُما

- ‌ باب تأكيد ركعتي سنَّةِ الصبح

- ‌ باب تخفيف ركعتي الفجر وبيان مَا يقرأ فيهما، وبيان وقتهما

- ‌ باب استحباب الاضطجاع بعد بعد ركعتي الفجر عَلَى جنبه الأيمن والحث عليه سواءٌ كَانَ تهجَّدَ بِاللَّيْلِ أمْ لا

- ‌ باب سُنّة الظهر

- ‌ باب سُنَّة العصر

- ‌ باب سُنَّة المغرب بَعدَها وقبلَها

- ‌ باب سُنَّة العشاء بَعدها وقبلها

- ‌ باب سُنّة الجمعَة

- ‌ باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرُها والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أَو الفصل بينهما بكلام

- ‌ باب الحثِّ على صلاة الوتر وبيان أنه سُنة مؤكدة وبيان وقته

- ‌ باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلِّها وأكثرها وأوسطها، والحثِّ عَلَى المحافظة عَلَيْهَا

- ‌ باب: تجويز صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى زوالها والأفضل أن تصلَّى عِنْدَ اشتداد الحرِّ وارتفاع الضحى

- ‌ باب الحثِّ على صلاة تحية المسجد

- ‌ باب استحباب ركعتين بَعْد الوضوء

- ‌ باب فضل يوم الجمعَة ووُجوبها والاغتِسال لَهَا والتطيّب والتبكير إِلَيْهَا

- ‌ باب استحباب سجُود الشكرعند حصول نعمة ظاهرة أَو اندفاع بلية ظاهرة

- ‌ باب فضل قيام الليل

- ‌ باب استحباب قيام رمضان وهو التروايح

- ‌ باب فضل قيام ليلة القدْر وبَيان أرجى لياليها

- ‌ باب فضل السِّواك وخصال الفطرة

- ‌ باب تأكيد وجُوب الزكاة وبَيان فضلها وَمَا يتعلق بِهَا

- ‌ باب وجوب صوم رمضان وبَيان فضل الصيام وَمَا يتعلق بِهِ

- ‌ باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان

- ‌ باب النَّهْي عن تقدم رمضانَ بصوم بعد نصف شعبان إلَاّ لمن وصله بما قبله، أَوْ وافق عادة لَهُ

- ‌ باب مَا يُقَالُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الهِلالِ

- ‌ باب فَضْلِ السُّحورِ وتأخيرِهِ مَا لَمْ يَخْشَ طُلُوع الفَجْرِ

- ‌ بابُ أمرِ الصَّائمِ بحِفْظِ لسانِهِ وَجَوَارِحِهِ عَنِ المُخَالفَاتِ والمُشَاتَمَةِ وَنَحْوهَا

- ‌ باب في مَسائل من الصوم

- ‌ باب بيان فضل صوم المُحَرَّم وشعبان والأشهر الحُرمُ

- ‌ باب فضل الصوم وغيره في العشر الأوَّل من ذي الحجة

- ‌ باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء

- ‌باب استحباب صوم ستة أيام من شوال

- ‌ باب استحباب صوم الإثنين والخميس

- ‌ باب استحباب صَوم ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌ باب فضل مَنْ فَطَّر صَائماً وفضل الصائم الذي يؤكل عنده، ودعاء الآكل للمأكول عنده

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌ باب فضل الاعتكاف

- ‌كتَاب الحَجّ

- ‌ باب وجوب الحج وفضله

- ‌كتاب الجهاد

- ‌ باب فضل الجهاد

- ‌ باب بيان جماعة منَ الشهداء في ثواب الآخرة ويغسلون ويُصَلَّى عليهم بخلاف القتيل في حرب الكفار

- ‌ باب فضل العتق

- ‌باب فضل الإحسان على المملوك

- ‌ باب فضل المملوك الذي يؤدي حقَّ اللهِ وحقَّ مواليهِ

- ‌ باب فضل العبادةِ في الهرج وَهُوَ الاختلاط والفتن ونحوها

- ‌باب فضل السماحة في البيع والشراء

- ‌كتابُ العِلم

- ‌ بابُ فضل العلم

- ‌كتابُ حمد الله تعالى وشكره

- ‌ بابُ فضل الحمد والشكر

- ‌كتابُ الصَّلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب فضل الصَّلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب الأذْكَار

- ‌ باب فَضلِ الذِّكْرِ والحثِّ عليه

- ‌ باب مَا يقوله عِنْدَ نومه واستيقاظِه

- ‌ باب فضل حِلَقِ الذِّكْر والنَّدب إِلَى ملازمتها والنهَّي عن مفارقتها لغير عذر

- ‌ باب الذكر عِنْدَ الصباح والمساء

- ‌ باب مَا يقوله عِنْدَ النوم

- ‌كتاب الدعوات

- ‌ باب فضل الدعاء

- ‌ باب فضل الدُّعاء بظهر الغيب

- ‌ باب في مسائل من الدعاء

- ‌ باب كرامات الأولياء وفضلهم

- ‌كتَاب الأمُور المَنهي عَنْهَا

- ‌ باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان

- ‌ باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً محرَّمة بردِّها، والإِنكار عَلَى قائلها

- ‌ باب مَا يُباح من الغيبة

- ‌ باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بَيْنَ الناس عَلَى جهة الإِفساد

- ‌ باب النهي عن نَقْل الحديثِ وكلام الناس إِلَى ولاة الأمورِ إِذَا لَمْ تدْعُ إِلَيْهِ حاجةٌ كَخَوفِ مفسدةٍ ونحوها

- ‌ باب ذمِّ ذِي الوَجْهَيْن

- ‌ باب تحريم الكذب

- ‌ باب بيان مَا يجوز من الكذب

- ‌ باب الحثَّ عَلَى التثُّبت فيما يقوله ويحكيه

- ‌ باب بيان غلظ تحريم شهادة الزُّور

- ‌ باب تحريم لَعْن إنسان بعَينه أَوْ دابة

- ‌ باب جواز لَعْن بعض أصحاب المعاصي غير المُعَيّنِين

- ‌ باب تحريم سَبّ المسلم بغير حق

- ‌ باب تحريم سَبّ الأموات بغير حقِّ ومصلحةٍ شرعية

- ‌ باب النهي عن الإيذاء

- ‌ باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر

- ‌ باب تحريم الحسد

- ‌ باب النهي عن سوء الظن بالمسلمين من غير ضرورة

- ‌ باب تحريم احتقار المسلمين

- ‌ باب النهي عن إظهار الشماتة بِالمُسْلِم

- ‌ باب تحريم الطَّعْن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع

- ‌ باب النهي عن الغش والخِداع

- ‌ باب تحريم الغَدر

- ‌ باب النهي عن المنِّ بالعطية ونحوها

- ‌ باب النهي عن الافتخار والبغي

- ‌ باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام إِلَاّ لبدعة في المهجور أَوْ تظاهرٍ بفسقٍ أَوْ نحو ذَلِكَ

- ‌ باب النهي عن تناجي اثنين دونَ الثالث بغير إذنه إِلَاّ لحاجةٍ

- ‌ باب النهي عن تعذيب العَبْد والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي أَوْ زائد عَلَى قدر الأدب

- ‌ باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حَتَّى النملة ونحوها

- ‌ باب تحريم مطل الغني بحقٍّ طلبه صاحبه

- ‌ باب كراهة عودة الإِنسان في هبة لَمْ يُسلِّمها إِلَى الموهوب لَهُ وفي هبة وهبها لولده

- ‌ باب تأكيد تحريم مال اليتيم

- ‌ باب تغليظ تحريم الربا

- ‌ باب تحريم الرياء

- ‌ باب ما يتوهم أنه رياء وليس برياء

- ‌ باب تحريم النظر إِلَى المرأة الأجنبية

- ‌ باب تحريم الخلوة بالأجنبية

- ‌ باب تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذَلِكَ

- ‌ باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار

- ‌ باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد

- ‌ باب النهي عن القَزَع وَهُوَ حلق بعض الرأس دون بعض، وإباحة حَلْقِهِ كُلّهِ للرجل دون المرأة

- ‌ باب تحريم وصل الشعر والوشم والوَشر وهو تحديد الأسنان

- ‌ باب النهي عن نتف الشيب من اللحية والرأس وغيرهماوعن نتف الأمرد شعر لحيته عند أول طلوعه

- ‌ باب كراهية الاستنجاء باليمين ومس الفرج باليمين من غير عذر

- ‌ باب كراهة المشي في نعلٍ واحدةٍ، أو خفّ واحد لغير عذروكراهة لبس النعل والخف قائماً لغير عذر

- ‌ باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره

- ‌ باب النهي عن التكلف وهو فعلُ وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة

- ‌ باب تحريم النياحة على الميت، ولطم الخدِّ وشقِّ الجيب ونتف الشعر وحلقه، والدعاء بالويل والثبور

- ‌ باب النَّهي عن إتيان الكُهّان والمنجِّمين والعُرَّاف وأصحاب الرمل، والطوارق بالحصى وبالشعير ونحو ذلك

- ‌ باب النهي عن التَّطَيُّرِ

- ‌ باب تحريم تصوير الحيوان في بسَاط أوحجر أو ثوب أو درهم أو مخدَّة أو دينار أو وسادة وغير ذلك وتحريم اتخاذ الصورة في حائط وستر وعمامة وثوب ونحوها والأمر بإتلاف الصور

- ‌ باب تحريم اتخاذ الكلب إلا لصَيْد أو ماشية أو زرع

- ‌ باب كراهة تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب وكراهية استصحاب الكلب والجرس في السفر

- ‌ باب كراهة ركوب الجلَاّلة وهي البعير أو الناقة التي تأكل العَذِرة، فإنْ أكلت علفاً طاهراً فطاب لحمها، زالت الكراهة

- ‌ باب النهي عن البُصاق في المسجد والأمر بإزالته منه إذا وجد فيه والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار

- ‌ باب كراهة الخصومة في المسجد ورفع الصوت فِيهِ، ونشد الضالة والبيع والشراء والإِجارة ونحوها من المعاملات

- ‌ باب نَهْي من أكل ثوماً أَوْ بصلاً أَوْ كُرَّاثاً أَوْ غيره مِمَّا لَهُ رائحة كريهة عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إِلَاّ لضرورة

- ‌ باب كراهية الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب لأنَّه يجلب النوم فيفوت استماع الخطبة ويخاف انتقاض الوضوء

- ‌ باب نهي مَنْ دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أنْ يضحِّيَ عن أخذ شيء من شعره أو أظفاره حتى يضّحيَ

- ‌ باب النَّهي عَن الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والملائكة والسماء والآباء والحياة والروح والرأس ونعمة السلطان وتُرْبَة فلان والأمانة، وهي من أشدها نهياً

- ‌ باب تغليظ اليمين الكاذبة عمداً

- ‌ باب العفو عن لغو اليمين وأنَّه لا كفارة فِيهِ، وَهُوَ مَا يجري عَلَى اللسان بغير قصد اليمين

- ‌ باب كراهة الحلف في البيع وإنْ كان صادقاً

- ‌ باب كراهة أنْ يسأل الإِنسان بوجه الله عز وجل غير الجنة وكراهة منع من سأل بالله تعالى وتشفَّع به

- ‌ باب تحريم قوله شاهِنشاه للسلطان وغيره لأن معناه ملك الملوك، ولا يوصف بذلك غير الله سبحانه وتعالى

- ‌ باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بِسَيِّد ونحوه

- ‌ باب كراهة سبَّ الحُمّى

- ‌ باب النهي عن سبَّ الريح، وبيان ما يقال عند هبوبها

- ‌ باب كراهة سبَّ الدِّيك

- ‌ باب النهي عن قول الإِنسان: مُطِرْنَا بِنَوْء كذا

- ‌ باب تحريم قوله لمسلم: يا كافر

- ‌ باب النهي عن الفُحش وبَذاءِ اللِّسان

- ‌ باب كراهة التقعير في الكلام بالتشدُّق وتكلُّف الفصاحة واستعمال وَحشيّ اللُّغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم

- ‌ باب كراهة قوله: خَبُثَتْ نَفْسي

- ‌ باب كراهة تسمية العنب كرْماً

- ‌ باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلَاّ أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه

- ‌ باب كراهة قول الإِنسان: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إن شئت بل يجزم بالطلب

- ‌ باب كراهة قول: ما شاء اللهُ وشاء فلان

- ‌ باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة

- ‌باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها إِذَا دعاها ولم يكن لَهَا عذر شرعي

- ‌باب تحريم صوم المرأة تطوعاً وزوجها حاضر إلا بإذنه

- ‌ باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أَو السجود قبل الإِمام

- ‌ باب كراهة وضع اليد عَلَى الخاصرة في الصلاة

- ‌ باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام ونفسه تتوق إِلَيْهِ أَوْ مَعَ مدافعة الأخبثين:

- ‌ باب النهي عن رفع البَصَر إِلَى السماء في الصلاة

- ‌ باب كراهة الالتفات في الصلاة لغير عذر

- ‌ باب النهي عن الصلاة إِلَى القبور

- ‌ باب تحريم المرور بَيْنَ يَدَي المصَلّي

- ‌ باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أَوْ ليلته بصلاة من بين الليالي

- ‌ باب تحريم الوصَال في الصوم وَهُوَ أنْ يصوم يَومَينِ أَوْ أكثر، وَلَا يأكل وَلَا يشرب بينهما

- ‌ باب تحريم الجلوس عَلَى قبر

- ‌ باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه

- ‌ باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده

- ‌ باب تحريم الشفاعة في الحدود

- ‌ باب النهي عن التغوط في طريق النَّاس وظلِّهم وموارد الماء ونحوها

- ‌ باب النهي عن البول ونحوه في الماء الراكد

- ‌ باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهِبَة

- ‌ باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام

- ‌ باب تحريم بيع الحاضر للبادي وتلقي الركبان والبيع على بيع أخيه والخِطبة على خطبته إلا أنْ يأذن أو يردَّ

- ‌ باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع فيها

- ‌ باب النهي عن الإِشارة إلى مسلم بسلاح سواء كان جاداً أو مازحاً، والنهي عن تعاطي السيف مسلولاً

- ‌ باب كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر حتى يصلي المكتوبة

- ‌ باب كراهة ردَّ الريحان لغير عذر

- ‌ باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدةٌ من إعجاب ونحوه، وجوازه لمن أُمِنَ ذلك في حقه

- ‌ باب كراهة الخروج من بلد وقع فيها الوباء فراراً منه وكراهة القدوم عليه

- ‌ باب التغليظ في تحريم السِّحْرِ

- ‌ باب النهي عن المسافرة بالمصحف إِلَى بلاد الكفار إِذَا خيف وقوعه بأيدي العدوّ

- ‌ باب تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة في الأكل والشرب والطهارة وسائر وجوه الاستعمال

- ‌ باب تحريم لبس الرجل ثوباً مزعفراً

- ‌ باب النهي عن صمت يومٍ إلَى الليل

- ‌ باب تحريم انتساب الإِنسان إِلَى غير أَبيه وَتَولِّيه إِلَى غير مَواليه

- ‌ باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل أَو رسوله صلى الله عليه وسلم عنه

- ‌ باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهياً عنه

- ‌كتاب المنثورات والملح

- ‌ بابُ المنثورات والملح

- ‌ باب الاستغفار

الفصل: ‌باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يتبرك فيه

64-

‌ باب فضل الغَنِيّ الشاكر وهو من أخذ المال من وجه وصرفه في وجوهه المأمور بِهَا

قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:5-7] وقال تَعَالَى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَالأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} [الليل:17-21] وقال تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة:271] وقال تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران:92] .

والآيات في فضلِ الإنفاقِ في الطاعاتِ كثيرة معلومة.

1/571- وعن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا حَسَدَ إِلَاّ في اثَنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلكَتِهِ في الحَقِّ. ورَجُلٌ آتَاه اللَّهُ حِكْمَةً فُهو يَقضِي بِها وَيُعَلِّمُهَا" متفقٌ عَلَيْهِ وتقدم شرحه قريباً.

2/572- وعن ابْنِ عمر رضي الله عنهما عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا حَسَد إِلَاّ في اثنَتَين: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّه القُرآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيل وآنَاءَ النَّهارِ. وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالاً. فهوَ يُنْفِقهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وآنَاءَ النَّهارِ" متفقٌ عليه.

ص: 202

"الآنَاءُ"السَّاعَاتُ.

3/573- وعَن أبي هُريرة رضي الله عنه أَنَّ فُقَرَاءَ المُهَاجِرِينَ أَتَوْا رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم. فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجاتِ العُلَى. والنَّعِيمِ المُقِيمِ. فَقَال:"ومَا ذَاكَ؟ "فَقَالُوا: يُصَلُّونَ كمَا نُصَلِّي، ويَصُومُونَ كمَا نَصُومُ. وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ، ويَعتِقُونَ وَلَا نَعتقُ فَقَالَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيئاً تُدرِكُونَ بِهِ مَنْ سبَقَكُمْ، وتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُم إِلَاّ مَنْ صَنَعَ مِثلَ مَا صَنَعْتُم؟ "قالوا: بَلَى يَا رسولَ اللَّه، قَالَ:"تُسبحُونَ، وتحمَدُونَ وتُكَبِّرُونَ، دُبُر كُلِّ صَلاة ثَلاثاً وثَلاثِينَ مَرَّةً"فَرَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إِلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: سمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الأَموَالِ بِمَا فَعلْنَا، فَفَعَلوا مِثْلَهُ؟ فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يشَاءُ" متفقٌ عَلَيْهِ، وَهَذا لفظ روايةِ مسلم.

"الدُّثُورُ": الأَموالُ الكَثِيرَةُ، واللَّه أعلم.

ص: 203

65-

‌ باب ذكر الموت وقصر الأمل

قَالَ الله تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَاّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:185] وقال تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34] وقال تَعَالَى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل: 61] وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَولا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون:9-11] وقال تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَاّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَاّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ

ص: 203

كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:99-115] وقال تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16] وَالآيات في الباب كَثيرةٌ معلومة.

1/574- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: أَخَذَ رَسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بِمنكِبِي فَقَالَ: "كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَو عابرُ سَبِيلٍ "وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يقول: إِذا أَمسَيتَ، فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ، فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِن صِحَّتِكَ لَمَرَضِك وَمِن حَيَاتِكَ لمَوتِكَ"رواه البخاري.

2/575- وعنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما حَقُّ امْرِيءٍ مُسلِمٍ لَهُ شَيءٌ يُوصِي فِيهِ. يبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَاّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ" متفقٌ عَلَيْهِ. هَذَا لفظ البخاري.

وفي روايةٍ لمسلمٍ:"يَبِيتُ ثَلاثَ لَيَالٍ"قَالَ ابن عمر: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنذُ سَمِعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ ذلِكَ إِلَاّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي.

3/576- وعن أَنس رضي الله عنه قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خُطُوطاً فَقَالَ: "هَذا الإِنسَانُ وَهَذا أَجَلُهُ. فَبَيْنَما هُوَ كَذَلِكَ إِذ جَاءَ الخَطُّ الأَقْرَبُ "رواه البخاري.

4/577- وعن ابن مسعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَطًّا مُرَبَّعاً، وخَطَّ خَطًّا في الْوَسَطِ خَارِجاً منْهُ، وَخَطَّ خُططاً صِغَاراً إِلى هَذَا الَّذِي في الوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي في الوَسَطِ، فَقَالَ:"هَذَا الإِنسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطاً بِهِ أَوْ قَد أَحَاطَ بِهِ وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ وَهَذِهِ الُخطَطُ الصِّغَارُ الأَعْراضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا، نَهَشَهُ هَذا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذا نَهَشَهُ هَذا "رواه البخاري. وَهَذِهِ صُورَتَهُ:

ص: 204

الأجل -الأعراض -الأمل

5/578- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعاً، هَل تَنْتَظِرُونَ إلَاّ فَقْراً مُنْسِياً، أَو غِنَى مُطغِياً، أَوْ مَرَضاً مُفسِداً، أَوْ هَرَماً مُفَنِّداً، أَو مَوتاً مُجْهزِاً، أَو الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وأَمَرُّ؟،" رواهُ الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.

6/579- وعنه قالَ: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:" أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ" يَعني المَوْتَ، رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.

7/580- وعن أَبي بن كعبٍ رضي الله عنه: كانَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذا ذَهَبَ ثُلثُ اللَّيْلِ، قامَ فقالَ:"يَا أَيها النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّه جَاءَتِ الرَاجِفَةُ تَتْبَعُهُا الرَّادِفَةُ، جاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ"قلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لكَ مِن صَلاتي؟ قال:"مَا شِئْتَ"قُلْتُ الرُّبُعَ؟ قَالَ:"مَا شئْتَ، فَإِنْ زِدتَ فَهُوَ خَيْرٌ لكَ"قُلُتُ: فَالنِّصْفَ؟ قالَ"مَا شِئْتَ، فإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيرٌ لكَ"قُلْتُ: فَالثلثَينِ؟ قالَ:"مَا شِئْتَ، فإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيرٌ لكَ"قُلْتُ: أَجْعَلُ لكَ صَلاتي كُلَّها؟ قَالَ: إذاً تُكْفي هَمَّكَ، ويُغُفَرُ لكَ ذَنْبُكَ" رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

ص: 205

66-

‌ باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر

1/581- عن بُرَيْدَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيارَة القُبُورِ فَزُوروها" رواهُ مسلم.

وفي رواية "فَمَنْ أرَادَ أنْ يَزُورَ القبور فليزر فإنها تذكرنا بالآخرة".

2/582- وعن عائشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، كُلَّما كَانَ لَيْلَتها منْ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلى البَقِيعِ، فَيَقُولُ: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤمِنينَ، وأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَداً

ص: 205

مُؤَجَّلُونَ، وإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ" رواهُ مسلم.

3/583- وعن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُهُمْ إِذا خَرَجُوا إِلى المَقابِرِ أَنْ يَقُولَ قَائِلُهُم: "السَّلامُ عَلَيكُمْ أَهْل الدِّيارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّه لَنَا وَلَكُمُ العافِيَةَ" رواه مسلم.

4/584- وعن ابن عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قال: مَرَّ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبورٍ بالمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بوَجْهِهِ فقالَ: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنا وَلَكُمْ، أَنْتُم سَلَفُنا ونحْنُ بالأَثَرِ" رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حسن.

ص: 206

67-

‌ باب كراهية تمني الموت بسبب ضرر نزل بِهِ وَلَا بأس بِهِ لخوف الفتنة في الدين

1/585- عنْ أَبي هُريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ إِمَا مُحسِناً، فَلَعَلَّهُ يَزْدادُ، وَإِمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ "متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري.

وفي روايةٍ لمسلم عن أَبي هُريْرةَ رضي الله عنه عَنْ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذا ماتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزيدُ المُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَاّ خَيراً".

2/586- وعن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كانْ لابُدَّ فاعِلَا، فَلْيَقُل: اللَّهُمَّ أَحْيِني مَا كانَتِ الحَياةُ خَيْراً لِي، وتَوَفَّني إِذا كانَتِ الوفاةُ خَيراً لي" متفقٌ عليه.

3/587- وعَنْ قَيسِ بنِ أَبي حازمٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلى خَباب بنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه نَعُودُهُ وَقَدِ

ص: 206

اكْتَوى سَبْعَ كَيَّاتٍ فَقَالَ: إِنَّ أَصْحابنا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا، ولَم تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا، وإِنَّا أَصَبْنَا مَا لَا نجِدُ لَهُ مَوْضِعاً إِلَاّ الترابَ ولَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نهانَا أَنْ نَدْعُوَ بالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وهُوَ يَبْني حَائِطاً لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ المُسْلِمَ لَيُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيءٍ يُنْفِقُهُ إِلَاّ فِي شَيءٍ يَجْعَلُهُ في هَذَا الترابِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ رواية البخاري.

ص: 207

68-

‌ باب الورع وترك الشبهات

قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور15] .وقال تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:14]

1/588- وعن النُّعمان بنِ بَشيرٍ رضي الله عنهما قال: سمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ، وإِنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهما مُشْتَبِهاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَن اتَّقى الشُّبُهاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشبُهاتِ، وقَعَ في الحَرامِ، كالرَّاعي يرْعى حَوْلَ الحِمى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَع فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الجسَدِ مُضغَةً إِذَا صلَحَت صَلَحَ الجسَدُ كُلُّهُ، وَإِذا فَسَدَتْ فَسدَ الجَسَدُ كُلُّهُ: أَلَا وَهِي القَلْبُ" متفقٌ عَلَيْهِ. ورَوَياه مِنْ طُرُقٍ بأَلْفاظٍ مُتَقارِبَةٍ.

2/589- وعن أَنسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ، فقالَ:"لَوْلَا أَنِّي أَخافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُها". متفقٌ عَلَيْهِ.

3/590- وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "البرُّ حُسنُ الخُلُقِ وَالإِثمُ مَا حاكَ فِي نفْسِكَ، وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ" رواه مسلم.

"حاكَ"بالحاءِ المهملة والكاف، أَيْ تَرَدَّدَ فيهِ.

ص: 207

4/591- وعن وابصةَ بنِ مَعْبِدٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " جِئْتَ تسأَلُ عنِ البِرِّ؟ "قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ:"اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، البِرُّ: مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، واطْمَأَنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، والإِثمُ مَا حاكَ في النَّفْسِ وتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوكَ" حديثٌ حسن، رواهُ أحمدُ، والدَّارَمِيُّ في"مُسْنَدَيْهِما".

5/592- وعن أَبي سِرْوَعَةَ بكسر السين المهملة وفتحها عُقْبَةَ بنِ الحارِثِ رضي الله عنه أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأبي إِهاب بنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَد أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالتي قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا، فَقَالَ لَها عُقبةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرضَعْتِني وَلَا أَخْبَرتِني، فَرَكَبَ إِلى رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَيْفَ، وَقَدْ قِيلَ؟،" ففَارقَهَا عُقْبَةُ ونكَحَتْ زَوْجاً غيرَهُ. رواهُ البخاري.

"إِهَابٌ"بكسرِ الهمزة، وَ"عزِيزٌ"بفتح العين وبزاي مكررة.

6/593- وعن الحَسَنِ بن عَليٍّ رضي الله عنهما، قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلى مَا لَا يرِيبُك" رواهُ الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

ومعناهُ: اتْرُكْ مَا تَشُكُّ فِيهِ، وخُذْ مَا لَا تَشُكَّ فِيهِ.

7/594- وعن عائشةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كانَ لأبي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ، رضي الله عنه غُلامٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَراجَ وكانَ أَبو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوماً بِشَيءٍ، فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الغُلامُ: تَدْرِي مَا هَذا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ومَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ في الجاهِلِيَّةِ ومَا أُحْسِن الكَهَانَةَ إِلَاّ أَنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيني، فَأَعْطَاني بِذلكَ هَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَه فَقَاءَ كُلَّ شَيءٍ فِي بَطْنِهِ، رواه البخاري.

"الخَراجُ": شَيءَ يَجْعَلُهُ السَّيِّدُ عَلى عَبْدِهِ يُؤدِّيهِ إلى السيِّد كُلّ يَومٍ، وَبَاقي كَسبِهِ يَكُونُ للعَبْدِ.

ص: 208

8/595- وعن نافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه، كَانَ فَرَضَ للْمُهاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَربَعَةَ آلافٍ، وفَرَضَ لابْنِهِ ثلاثةَ آلافٍ وخَمْسَمائةٍ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنَ المُهاجِرِينَ فَلِم نَقَصْتَهُ؟ فَقَالَ: إِنَّما هَاجَر بِهِ أَبُوه يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ. رواهُ البخاري.

9/596- وعن عطِيَّةَ بنِ عُرْوةَ السَّعْدِيِّ الصَّحَابِيِّ رضي الله عنه قالَ. قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم "لايبلغ العبدُ أَنْ يَكُونَ منَ المُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مالا بَأْس بِهِ حَذراً لما بِهِ بَأْسٌ".

رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حسن.

ص: 209

69-

‌ باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أو الخوف من فتنة في الدين أو وقوع في حرام وشبهات ونحوها

قَالَ الله تَعَالَى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذريات:50] .

1/597- وعن سعد بن أَبي وقَّاص رضي الله عنه، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: "إِنَّ اللَّه يحِبُّ العَبدَ التَّقِيَّ الغَنِيَّ الْخَفِيَّ" رواه مسلم.

والمُرَاد ب"الغَنِيِّ": غَنِيُّ النَّفْسِ. كَمَا سَبَقَ في الحديث الصحيح.

2/598- وعن أَبي سعيد الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلُ أَيُّ النَّاسِ أفضَلُ يارسولَ اللَّه؟ قَالَ:"مُؤْمِنٌ مجَاهِدٌ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ في سَبيلِ اللَّه"قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:"ثُمَّ رَجُلٌ مُعتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِن الشِّعَاب يَعبُدُ رَبَّهِ".

وفي روايةٍ "يتَّقِي اللَّه. ويَدَع النَّاسِ مِن شَرّْهِ "متفقٌ عَلَيْهِ.

3/599- وعنه قالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: " يُوشِكَ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَال المُسْلِم غَنَمٌ يَتَّتبَّعُ بهَا شَعَفَ الجِبَال. وموَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدينِهِ مِنَ الفِتنِ" رواه البخاري.

ص: 209

و"شَعَفَ الجِبَالِ": أَعْلَاهَا.

4/600- وعنْ أَبي هُريرة رضي الله عنه. عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا بَعَثَ اللَّه نَبِيًّا إِلَاّ رَعَى الْغَنَمَ"فَقَال أَصْحابُه: وَأَنْتَ؟ قَالَ:"نَعَمْ، كُنْت أَرْعَاهَا عَلى قَرارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ" رواه البخاري.

5/601- وعنه عَنْ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ: "مِنْ خَير مَعَاشِ النَّاسِ لهم رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرسِهِ في سَبِيلِ اللَّه، يَطيرُ عَلى مَتنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً، طارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي الْقَتلَ، أَو المَوْتَ مظَانَّه، أَوْ رَجُلٌ فِي غُنَيمَةٍ في رَأْسِ شَعَفَةٍ مِن هَذِهِ الشَّعَفِ، أَوْ بَطنِ وادٍ مِن هَذِهِ الأَوديَةِ، يُقِيم الصَّلاةَ ويُؤتي الزَّكاةَ، ويَعْبُد رَبَّهُ حتَّى يَأْتِيَهُ اليَقِينُ ليَسَ مِنَ النَّاسِ إِلَاّ فِي خَيْرٍ" رواه مسلم.

"يَطِيرُ"أَي يُسرع."ومَتْنُهُ": ظَهْرُهُ."وَالهَيْعَةُ": الصوتُ للحربِ."وَالفَزَعَةُ": نحوهُ. وَ"مَظَانُّ الشَّيءِ": المواضعُ الَّتي يُظَنُّ وجودُه فيها."والغُنَيمَةُ"بضم الغين تصغير الغنم."الشَّعْفَةُ"بفتح الشِّين والعين: هي أَعْلى الجبَل.

ص: 210

70-

‌ باب فضل الاختلاط بالناس

وحضور جمعهم وجماعاتهم، ومشاهد الخير، ومجالس الذكر معهم وعيادة مريضهم وحضور جنائزهم ومواساة محتاجهم، وإرشاد جاهلهم، وغير ذلك من مصالحهم، لمن قدر عَلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقمع نفسه عن الإيذاء وصبر عَلَى الأذى.

اعْلم أَن الاخْتِلاط بالنَّاسِ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ هُوَ المختارُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وسائِرُ الأَنبياءِ صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عَلَيْهِمْ، وكذلك الخُلفاءُ الرَّاشدونَ، وَمَنْ بعدهُم مِنَ الصَّحَابةِ والتَّابعينَ، ومَنْ بَعدَهُم من عُلَمَاءِ المسلمينَ وأَخْيارِهم، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ التَّابعينَ ومَنْ بعدَهُم، وَبِهِ قَالَ الشَّافعيُّ وأَحْمَدُ، وأَكْثَرُ الفُقَهَاءِ رضي الله عنهم أَجمعين. قال تَعَالَى:{وتَعاونُوا عَلى البِرِ والتَّقْوَِى} [المائدة: 2] والآيات في معنى ما ذكرته كثيرة معلومة.

ص: 210

71-

‌ باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين

قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:215] . وقال تَعَالَى: {يَا

ص: 210

أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54] وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] . وقال تَعَالَى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم:32] . وقال تَعَالَى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف:48-49] .

1/602- وعن عِيَاضِ بنِ حِمَارٍ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِن اللَّه أَوحَى إِليَّ أَنْ تَواضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلى أَحدٍ، وَلَا يَبغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ "رواه مسلم.

2/603- وعَنْ أَبي هريرة رضي الله عنه أَن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا نَقَصَتْ صَدقَةٌ مِنْ مالٍ، وَمَا زَادَ اللَّه عَبداً بِعَفوٍ إِلَاّ عِزّاً، ومَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَاّ رَفَعَهُ اللَّهُ" رواه مسلم.

3/604- وعن أَنس رضي الله عنه أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبيانٍ فَسَلَّم عَلَيْهِم وقال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.

4/605- وعنه قَالَ: إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِن إِمَاءِ أهل المَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيثُ شَاءَتْ. رواه البخاري.

5/606- وعن الأسوَد بنِ يَزيدَ قَالَ: سُئلَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: مَا كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصنعُ فِي بَيْتِهِ؟ قالت: كَانَ يَكُون في مِهْنَةِ أَهْلِهِ يَعني: خِدمَةِ أَهلِه فإِذا حَضَرَتِ الصَّلاة، خَرَجَ إِلى الصَّلاةِ، رواه البخاري.

6/607- وعن أَبي رِفَاعَةَ تَميم بن أُسَيدٍ رضي الله عنه قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلى رَسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ. فقلتُ: يَا رسولَ اللَّه، رجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عن دِينِهِ لا يَدري مَا دِينُهُ؟ فَأَقْبَلَ عَليَّ

ص: 211

رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وتَركَ خُطْبتهُ حَتَّى انتَهَى إِليَّ، فَأُتى بِكُرسِيٍّ، فَقَعَدَ عَلَيهِ، وجَعَلَ يُعَلِّمُني مِمَّا عَلَّمَه اللَّه، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فأَتمَّ آخِرَهَا. رواه مسلم.

7/608- وعن أَنسٍ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَاماً لَعِقَ أَصابِعه الثلاثَ قَالَ: وقال: "إِذَا سَقطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ، فَلْيُمِطْ عَنْها الأَذى، ولْيأْكُلْها، وَلا يَدَعْها للشَّيْطَانِ" وَأَمَر أَنْ تُسْلَتَ القَصْعَةُ قالَ: "فَإِنَّكُمْ لَا تدْرُونَ في أَيِّ طَعامِكُمُ البَركَةُ "رواه مسلم.

8/609- وعن أَبي هُريرة رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا بعثَ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَاّ رَعَى الغنَمَ"قالَ أَصحابه: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ:"نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ" رواهُ البخاري.

9/610- وعنهُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ دُعِيتُ إِلى كُراعٍ أَوْ ذِرَاعٍ لأَجَبْتُ. وَلَوْ أُهْدى إِليَّ ذِراعٌ أَو كُراعٌ لَقَبِلْتُ" رواهُ البخاري.

10/611- وعن أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ نَاقَةُ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم العَضْبَاءُ لَا تُسبَقُ، أَوْ لَا تكَادُ تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرابيٌّ عَلى قَعُودٍ لهُ، فَسبقَها، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلى المُسْلمِينَ حَتَّى عَرفَهُ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"حَقٌّ عَلى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيء مِنَ الدُّنْيَا إِلَاّ وَضَعَهُ" رواهُ البخاري.

ص: 212

ومعنى"تصعر خدك"أيْ: تُمِيلُهُ وتُعرِضُ بِهِ عَنِ النَّاسِ تَكَبُّراً عليهم."والمرح": التَّبَخْتُرُ. وقال تَعَالَى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص:76] إِلَى قَوْله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: 81] الآيات.

1/612- وعن عبدِ اللَّهِ بن مسعُودٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مثْقَالُ ذَرَّةٍ مَنْ كِبرٍ"فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُه حَسَناً، ونعلهُ حَسَنَةً؟ قَالَ:"إِنَّ اللَّه جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وغَمْطُ النَّاسِ "رواه مسلم.

بَطَرُ الحقِّ: دفْعُهُ وردُّهُ عَلَى قائِلِهِ. وغَمْطُ النَّاسِ: احْتِقَارُهُمْ.

2/613- وعنْ سلمةَ بنِ الأَكْوع رضي الله عنه أَن رجُلاً أَكَل عِنْدَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم بشِمالِهِ فَقَالَ: "كُلْ بِيَمِينِكَ"قالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ:"لا اسْتَطَعْتَ" مَا مَنَعَهُ إِلَاّ الكبْرُ. قَالَ: فما رَفَعها إِلى فِيهِ. رواه مسلم.

3/614- وعن حَارثَةَ بنِ وهْبٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟: كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ "متفقٌ عَلَيْهِ. وتقدَّم شرحُه في بابِ ضَعفَةِ المسلمينَ.

4/615- وعن أَبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"احْتَجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ، فقالتِ النَّارُ: فيَّ الجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ، وقالَتِ الجنَّةُ: فيَّ ضُعَفاءُ النَّاسِ ومَسَاكِينُهُمْ. فَقَضَى اللَّه بيْنَهُمَا: إِنَّكِ الجَنَّةُ رَحْمَتي، أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وإِنَّكِ النَّارُ عذَابي، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، ولِكِلَيْكُما عليَّ مِلْؤُها "رواهُ مسلم.

5/616- وعن أبي هُريرة رضي الله عنه أَن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَنْظُرُ اللَّه يَوْم القِيامةِ إِلى مَنْ جَرَّ إِزارَه بَطَراً" متفقٌ عَلَيْهِ.

6/617- وعنه قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:" ثَلاثةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّه يَوْمَ القِيامَةِ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلَا

ص: 213

يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ، وعائلٌ مُسْتَكْبِرٌ "رواهُ مسلم"العائِلُ": الفَقِير.

7/618- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قَالَ اللَّه عز وجل: العِزُّ إِزاري، والكِبْرياءُ رِدَائِي، فَمَنْ يُنَازعُني في واحدٍ منهُما فقدْ عذَّبتُه"رواه مسلم.

8/619- وعنْه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي في حُلَّةٍ تُعْجِبُه نفْسُه، مرَجِّلٌ رأسَه، يَخْتَالُ فِي مَشْيَتِهِ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ في الأَرْضِ إِلَى يوْمِ القِيامةِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

"مُرجِّلٌ رَأْسَهُ"أَي: مُمَشِّطُهُ."يَتَجلْجَلُ"بالجيمين: أَيْ: يغُوصُ وينْزِلُ.

9/620- وعن سَلَمَة بنِ الأَكْوع رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللِّه صلى الله عليه وسلم: "لَا يزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ في الجَبَّارينَ، فَيُصِيبُهُ مَا أَصابَهمْ" رواهُ الترمذي وقال: حديث حسن.

"يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ"أَي: يَرْتَفعُ وَيَتَكَبَّرُ.

ص: 214

73-

‌ باب حسن الخلق

قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] .وقال تَعَالَى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران:134] .

1/621- وعن أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسنَ النَّاسِ خُلقاً. متفقٌ عَلَيْهِ.

2/622- وعنه قَالَ: مَا مَسِسْتُ دِيباجاً ولَا حَرِيراً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا شَمَمْتُ رائحَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِن رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَلَقَدْ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عشْرَ سِنينَ، فَما قالَ لي قَطُّ: أُفٍّ، وَلا قالَ لِشَيْءٍ فَعلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ؟ وَلَا لشيءٍ لَمْ افعَلْهُ: أَلَا فَعَلْتَ كَذا؟ متفقٌ عليه.

3/623- وعن الصَّعبِ بنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَهْدَيْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَاراً وَحْشِياً، فَرَدُّهُ عليَّ، فَلَمَّا رأَى مَا في وَجْهي قالَ:"إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَاّ أَنَّا حُرُمٌ" متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 214

4/624- وعن النَّوَّاسِ بنِ سمعانَ رضي الله عنه قَالَ: سأَلتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عنِ البِرِّ والإِثمِ فقالَ: "البِرُّ حُسنُ الخُلُقِ، والإِثمُ: مَا حاكَ فِي نَفْسِكَ، وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلعَ عَلَيْهِ النَّاسُ" رواهُ مسلم.

5/625- وعن عبد اللَّهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: لَمْ يَكُنْ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَاحِشاً وَلَا مُتَفَحِّشاً. وكانَ يَقُولُ: "إِنَّ مِن خِيارِكُم أَحْسَنَكُم أَخْلاقاً "متفقٌ عَلَيْهِ.

6/626- وعن أَبي الدرداءِ رضي الله عنه: أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَا مِنْ شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ. وإِنَّ اللَّه يُبغِضُ الفَاحِشَ البَذِيِّ "رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

"البِذيُّ": هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّم بالفُحْشِ. ورِديء الكلامِ.

7/627- وعن أبي هُريرة رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخلُ النَّاس الجَنَّةَ؟ قَالَ: "تَقْوى اللَّهِ وَحُسنُ الخُلُق وَسُئِلَ عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ:"الفَمُ وَالفَرْجُ".

رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

8/628- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَاناً أَحسَنُهُم خُلُقاً، وخيارُكُم خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهمْ".

رواه الترمذي وَقالَ: حديث حسن صحيح.

9/629- وعن عائشةَ رضي الله عنها، قالت سَمِعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"إِنَّ الُمؤْمِنَ لَيُدْركُ بِحُسنِ خُلُقِه درَجةَ الصائمِ القَائمِ" رواه أَبُو داود.

ص: 215

10/630- وعن أَبي أُمَامَة الباهِليِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِراءَ. وَإِنْ كَانَ مُحِقّاً، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ، وإِن كَانَ مازِحاً، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ" حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإِسناد صحيح.

"الزَّعِيمُ": الضَّامِنُ.

11/631- وعن جابر رضي الله عنه أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِن مِنْ أَحَبِّكُم إِليَّ، وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجلساً يَومَ القِيَامَةِ، أَحَاسِنَكُم أَخلاقاً. وإِنَّ أَبَغَضَكُم إِليَّ وَأَبْعَدكُم مِنِّي يومَ الْقِيامةِ، الثَّرْثَارُونَ والمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ"قالوا: يَا رسول اللَّه قَدْ عَلِمْنَا الثَرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا المُتَفيْهِقُونَ؟ قَالَ:"المُتَكَبِّروُنَ" رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

"الثَّرثَارُ": هُوَ كَثِيرُ الكَلامِ تَكلُّفاً."وَالمُتَشَدِّقُ": المُتَطاوِلُ عَلى النَّاسِ بِكَلامِهِ، وَيتَكَلَّمُ بِملءِ فِيهِ تَفَاصُحاً وَتَعْظِيماً لكلامِهِ،"وَالمُتَفَيْهِقُ": أَصلُهُ مِنَ الفَهْقِ، وهُو الامْتِلاءُ، وَهُوَ الَّذِي يَمْلأ فَمَهُ بِالكَلامِ، وَيَتَوَسَّعُ فِيهِ، وَيُغْرِب بِهِ تَكَبُّراً وَارتِفَاعاً، وإِظْهَاراً للفَضِيلَةِ عَلى غيَرِهِ.

وروى الترمذي عن عبد اللَّه بن المباركِ رحمه الله في تَفْسير حُسْنِ الخُلُقِ قَالَ: هُوَ طَلاقَةُ الوجه. وبذلُ المَعرُوف، وكَفُّ الأَذَى.

ص: 216

خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الحِلْمُ وَالأَنَاة" رَواهُ مُسلم.

2/633- وعن عائِشةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّه رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّه" متفقٌ عَلَيْهِ.

3/634- وعنها أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق مالا يُعطي عَلى العُنفِ وَما لَا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ" رواه مسلم.

4/635- وعنها أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الرِّفقُ لَا يَكُونُ في شيءٍ إِلَاّ زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَاّ شَانَهُ" رواه مسلم.

5/636- وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ: بَال أَعْرَابيٌّ في المسجِد، فَقَامَ النَّاسُ إِلَيْه لِيَقَعُوا فِيهِ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" دَعُوهُ وَأَرِيقُوا عَلى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوباً مِن مَاءٍ، فَإِنَّما بُعِثتُم مُيَسِّرِينَ ولَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ" رواه البخاري.

"السَّجْلُ"بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: وَهِيَ الدُّلوُ المُمْتَلِئَةُ ماء، كَذلِكَ الذَّنُوبُ.

6/637- وعن أَنس رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا. وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا" متفقٌ عَلَيْهِ.

7/638- وعن جرير بن عبد اللَّه رضي الله عنه قالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرمِ الخيْرَ كُلَّهُ" رواه مسلم.

8/639- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِني قَالَ:"لا تَغْضَبْ"فَرَدَّدَ مِرَاراً، قَالَ:"لَا تَغْضَبْ" رواه البخاري.

ص: 217

9/640- وعن أَبي يعلَى شدَّاد بن أَوسٍ رضي الله عنه، عن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ اللَّه كَتَبَ الإِحسَان عَلَى كُلِّ شَيءٍ، فإِذا قَتلتُم فَأَحسِنُوا القِتْلَةَ وَإِذَا ذَبحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحة وليُحِدَّ أَحَدُكُم شَفْرتَه وَليُرِحْ ذَبيحَتَهُ" رواه مسلم.

10/641- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا خُيِّر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بَينَ أَمْرينِ قَطُّ إِلَاّ أَخذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَم يَكُن إِثماً، فإنْ كانَ إِثماً كَانَ أَبعد النَّاسِ مِنْهُ. ومَا انتَقَمَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ في شَيءٍ قَطُّ، إِلَاّ أَن تُنتَهكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَينتَقِم للَّهِ تَعَالَى. متفقٌ عَلَيْهِ.

11/642- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: " أَلا أَخْبرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ ليِّنٍ سَهْلٍ".

رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.

ص: 218

75-

‌ باب العفو والإِعراض عن الجاهلين

قَالَ الله تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] .وقال تَعَالَى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر:85] وقال تَعَالَى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُم} [النور: 22] وقال تَعَالَى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] وقال تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى:43] والآيات في الباب كثيرةٌ معلومةٌ.

1/643- وعن عائشة رضي الله عنها أَنها قالت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: "لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَومِكِ، وكَان أَشدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يوْم العقَبَةِ، إِذْ عرَضتُْ نَفسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ ابنِ عبْدِ كُلال، فلَمْ يُجبنِى إِلى مَا أَردْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَاّ وَأَنا بقرنِ الثَّعالِبِ، فَرفَعْتُ رأْسِي، فَإِذا أَنَا بِسحابَةٍ قَد أَظلَّتني، فنَظَرتُ فَإِذا فِيها جِبريلُ عليه السلام، فنَاداني فَقَالَ: إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَد سَمِع قَولَ قومِك لَكَ، وَما رَدُّوا عَلَيكَ، وَقد بعثَ إِلَيك ملَكَ الجبالِ لِتأْمُرهُ بمَا شِئْتَ فِيهم فَنَادَانِي ملَكُ الجِبَالِ، فَسلَّمَ عَليَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّه قَد سمعَ قَولَ قَومِكَ لَكَ، وأَنَا مَلَكُ الجِبالِ، وقَدْ بَعَثَني رَبِّي إِلَيْكَ لِتأْمُرَني بِأَمْرِكَ، فَمَا شئتَ: إِنْ شئْتَ: أَطْبَقْتُ عَلَيهمُ الأَخْشَبَيْن"فقال

ص: 218

النبي صلى الله عليه وسلم:"بلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّه مِنْ أَصْلابِهِم منْ يعْبُدُ اللَّه وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً "متفقٌ عَلَيْهِ.

"الأَخْشبان": الجَبَلان المُحِيطَان بمكَّة.. والأَخْشَبُ: هُوَ الجبل الغليظ.

2/644- وعنها قالت: مَا ضرَبَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم شَيْئاً قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرأَةً وَلَا خادِماً، إِلَاّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيل اللَّهِ، وَمَا نِيل منْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنتَقِم مِنْ صاحِبِهِ إِلَاّ أَنْ يُنتَهَكَ شَيء مِن مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى: فَيَنْتَقِمَ للَّهِ تَعَالَى. رواه مسلم.

3/645- وعن أَنس رضي الله عنه قَالَ: كُنتُ أَمْشِي مَعَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُردٌ نَجْرَانيٌّ غلِيظُ الحَاشِيةِ، فأَدركَهُ أَعْرَابيٌّ، فَجبذهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَة شَديدَةً، فَنظرتُ إِلَى صَفْحَةِ عاتِقِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقَد أَثَّرَت بِها حَاشِيةُ الرِّداءِ مِنْ شِدَّةِ جَبذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِن مالِ اللَّهِ الَّذِي عِندَكَ. فالتَفَتَ إِلَيْه، فضحِكَ، ثُمَّ أَمر لَهُ بعَطَاءٍ. متفقٌ عليه.

4/646- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: كأَنِّي أَنظُرُ إِلَى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يحْكِي نَبِيّاً مِن الأَنبياءِ، صلوَاتُ اللَّهِ وَسلامُه عَلَيهم، ضَرَبَهُ قَومُهُ فَأَدموهُ، وَهُوَ يَمسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجهِهِ، ويقول:"اللَّهُمَّ اغفِرِ لِقَومي فَإِنَّهُم لا يَعْلَمُونَ"متفقٌ عليه.

5/647- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَن رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيس الشَّديدُ بِالصُّرعَةِ، إِنَّما الشديدُ الَّذِي يَملِكُ نفسهُ عِند الغضبِ" متفقٌ عليه.

ص: 219

76-

‌ باب احتمال الأذى

قال الله تَعَالَى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] وقال تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى:43] وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله.

1/648- وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أَن رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُول اللَّه إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهم

ص: 219

وَيَقطَعوني، وَأُحسِنُ إِليهِم ويُسِيئُونَ إليَّ، وأَحلُمُ عَنهم ويجهلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ:"لَئِن كُنتَ كَمَا قُلتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفَّهم الملَّ وَلَا يزَالُ معكَ مِنَ اللَّه تَعَالَى ظَهيرٌ عَلَيهم مَا دُمْتَ عَلى ذَلِكَ" رواه مسلم. وقد سَبَقَ شَرْحُه في"باب صلة الأرحام".

ص: 220

77-

‌ باب الغضب إِذَا انتهكت حرمات الشّرع والانتصار لدين الله تعالى

قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] وقال تَعَالَى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7] . وفي الباب حديث عائشة السابق في باب العفو.

1/649- وعن أَبي مسعود عقبة بن عمرو البدريِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إنِّي لأتَأَخَّر عَن صَلاةِ الصُّبْحِ مِن أجْلِ فلانٍ مِما يُطِيل بِنَا، فمَا رَأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ في موعِظَةٍ قَطُّ أَشدَّ ممَّا غَضِبَ يَومئذٍ، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس: إنَّ مِنكم مُنَفِّرين. فأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَليُوجِز، فإنَّ مِنْ ورائِهِ الكَبيرَ والصَّغيرَ وَذَا الحَاجَةِ" متفقٌ عَلَيهِ.

2/650- وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قدِمَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم مِنْ سفَرٍ، وقَد سَتَرْتُ سَهْوةً لِي بقِرامٍ فَيهِ تَمَاثيلُ، فَلمَّا رآهُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هتكَهُ وتَلَوَّنَ وجهُهُ وقال:"يَا عائِشَةُ: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِند اللَّهِ يَوْمَ القيامةِ الَّذينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللَّهِ "متفقٌ عَلَيْهِ.

"السَّهْوَةُ": كالصُّفَّة تكُونُ بَيْنَ يدي البيت

وَ"القِرام"بكسر القاف: سِتر رقيق، وَ"هتكه": أفسد الصورة التي فيه.

3/651- وعنها أَنَّ قرَيشاً أَهَمَّهُم شَأْنُ المرأةِ المَخزُومِية الَّتي سَرقَت فقالوا: مَنْ يُكلِّمُ فِيهَا رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: مَن يجتَرِيءُ عليهِ إِلَاّ أُسامةُ بنُ زيدٍ حِبُّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فَكَلًَّمهُ أُسامةُ، فقالِ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أَتَشفعُ في حدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى؟،" ثُمَّ قامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ:"إنَّمَا أهْلَكَ مَنْ قبلكُم أنَّهُم

ص: 220

كانُوا إذَا سرقَ فِيهِم الشَّريفُ تَركُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهمِ الضَّعِيفُ أَقامُوا عليهِ الحدَّ، وايْمُ اللَّه، لَوْ أنَّ فاطمَة بِنْتَ محمدٍ سرقَتْ لقَطَعْتُ يَدهَا" متفقٌ عَلَيْهِ.

4/652- وعن أنس رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخامَةً في القِبلةِ. فشقَّ ذلكَ عَلَيهِ حتَّى رُؤِي في وجهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بيَدِهِ فَقَالَ:"إن أحَدكم إِذَا قَام فِي صَلاتِه فَإنَّهُ يُنَاجِي ربَّه، وإنَّ ربَّهُ بَينَهُ وبَينَ القِبْلَةِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحدُكُم قِبلَ القِبْلَةِ، ولكِن عَنْ يَسَارِهِ أوْ تحْتَ قدَمِهِ"ثُمَّ أخَذَ طرفَ رِدائِهِ فَبصقَ فِيهِ، ثُمَّ ردَّ بَعْضَهُ عَلَى بعْضٍ فَقَالَ:"أَو يَفْعَلُ هكذا" متفقٌ عَلَيْهِ.

والأمرُ بالبُصاقِ عنْ يسَارِهِ أَوْ تحتَ قَدمِهِ هُوَ فِيما إِذَا كانَ في غَيْرِ المَسجِدِ، فَأَمَّا في المسجِدِ فَلا يَبصُقْ إلَاّ في ثوبِهِ.

ص: 221

78-

‌ باب أمر وُلاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلةعنهم وعن حوائجهم

قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:215] . وقال تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90] .

1/653- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "كُلُّكُم راعٍ، وكُلُّكُمْ مسؤولٌ عنْ رعِيتِهِ: الإمامُ راعٍ ومَسْؤُولٌ عَنْ رعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أهلِهِ وَمسؤولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرأَةُ راعيةٌ في بيتِ زَوجها وَمسؤولةًّ عَنْ رعِيَّتِها، والخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيتِهِ، وكُلُّكُم رَاعٍ ومسؤُولٌ عَنْ رعِيَّتِهِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

2/654- وعن أَبي يَعْلى مَعْقِل بن يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِن عبدٍ يسترعِيهِ اللَّه رعيَّةً، يَمُوتُ يومَ يَموتُ وهُوَ غَاشٌ لِرَعِيَّتِهِ، إلَاّ حَرَّمَ اللَّه علَيهِ الجَنَّةَ" متفقٌ عليه.

وفي روايةٍ: "فَلَم يَحُطهَا بِنُصْحهِ لَمْ يجِد رَائحَةَ الجَنَّة".

ص: 221

وفي روايةٍ لمسلم: "مَا مِن أَمِيرٍ يَلِي أُمورَ المُسلِمينَ، ثُمَّ لا يَجهَدُ لَهُم، ويَنْصحُ لهُم، إلَاّ لَم يَدخُل مَعَهُمُ الجَنَّةَ".

3/655- وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ في بيتي هَذَا: "اللَّهُمَّ مَنْ وَلي مِنْ أمْرِ أُمتي شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَرَفَقَ بِهِمْ فَارفُقْ بِهِ" رواه مسلم.

4/656- وعن أَبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ"قالوا: يَا رسول اللَّه فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ:"أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم "متفقٌ عليه.

5/657- وعن عائِذ بن عمروٍ رضي الله عنه أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُبيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ، فَقَالَ لَهُ: أَيْ بُنَيَّ، إنِّي سَمِعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"إنَّ شَرَّ الرِّعاءِ الحُطَمةُ" فإيَّاكَ أن تَكُونَ مِنْهُم، متفقٌ عليه.

6/658- وعن أَبي مريمَ الأَزدِيِّ رضي الله عنه، أَنه قَالَ لمعَاوِيةَ رضي الله عنه: سَمِعتُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُولُ:"مَنْ ولَاّهُ اللَّه شَيئاً مِن أُمورِ المُسلِمينَ فَاحَتجَبَ دُونَ حَاجتهِمِ وخَلَّتِهم وفَقرِهم، احتَجَب اللَّه دُونَ حَاجَتِه وخَلَّتِهِ وفَقرِهِ يومَ القِيامةِ"فَجعَل مُعَاوِيةُ رجُلا عَلَى حَوَائجِ الناسِ. رواه أَبُو داودَ، والترمذي.

ص: 222

79-

‌ باب الوالي العادل

قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ} [النحل:90] وقال تَعَالَى {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9] .

ص: 222

1/659- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّه في ظِلِّهِ يومَ لَا ظِلَّ إلَاّ ظِلُّهُ: إمَامٌ عادِلٌ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبادَةِ اللَّهِ تَعالى، ورَجُلٌ مُعَلَّقٌ قَلبُهُ في المَسَاجِدِ، ورجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه، اجتَمعَا عليهِ، وتَفرَّقَا علَيهِ، ورجُلٌ دعَتهُ امرَأَةٌ ذَاتُ مَنصِب وجمَالٍ، فقَال: إنِّى أَخَافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصدقةٍ، فَأَخْفَاها حَتَّى لَا تَعلَمَ شِمالُهُ مَا تُنفِقُ يميِنُهُ، ورَجُلٌ ذَكَر اللَّه خَالِياً فَفَاضَتْ عينَاهُ" متفقٌ عَلَيْهِ.

2/660- وعن عبد اللَّهِ بنِ عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المُقسِطينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلى مَنابِرَ مِنْ نورٍ: الَّذِينَ يعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهليهِمْ وما وُلُّوا "رواهُ مسلم.

3/661- وعَن عوفِ بن مالكٍ رضي الله عنه قالَ: سمِعْتُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ: "خِيَارُ أَئمَتكُمْ الَّذينَ تُحِبُّونهُم ويُحبُّونكُم، وتُصَلُّونَ علَيْهِم ويُصَلُّونَ علَيْكُمْ، وشِرَارُ أَئمَّتِكُم الَّذينَ تُبْغِضُونهُم ويُبْغِضُونَكُمْ، وتَلْعُنونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ"قَالَ: قُلْنا يَا رسُول اللَّهِ، أَفَلا نُنابِذُهُمْ؟ قالَ:"لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ، لَا، مَا أَقَامُوا فيكُمُ الصَلاة "رواه مسلم.

قَوْله:"تُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ": تَدْعونَ لهُمْ.

4/662- وعَنْ عِيَاضِ بن حِمار رضي الله عنه قالَ: سمِعْت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "أَهْلُ الجَنَّةِ ثَلاثَةٌ: ذُو سُلْطانٍ مُقْسِطٌ مُوَفَّقٌ، ورَجُلٌ رَحِيمٌ رَقيقٌ القَلْبِ لِكُلِّ ذِى قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيالٍ" رواهُ مسلم.

ص: 223

80-

‌ باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية

قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] .

1/663- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عَن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "عَلى المَرْءِ المُسْلِم السَّمْعُ والطَّاعَةُ فِيما أَحَبَّ وكِرَهَ، إِلَاّ أنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإذا أُمِر بِمعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلا طاعَةَ" متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 223

2/664- وعنه قَالَ: كُنَّا إِذَا بايَعْنَا رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلى السَّمْعِ والطَّاعةِ يقُولُ لَنَا:"فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ" متفقٌ عَلَيْهِ.

3/665- وعنهُ قالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: " مَنْ خلَعَ يَداً منْ طَاعَةٍ لَقِى اللَّه يوْم القيامَةِ ولَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ ماتَ وَلَيْس في عُنُقِهِ بيْعَةٌ مَاتَ مِيتةً جَاهِلًيَّةً" رواه مسلم.

وفي روايةٍ لَهُ: "ومَنْ ماتَ وَهُوَ مُفَارِقٌ للْجَماعةِ، فَإنَّهُ يمُوت مِيتَةً جَاهِليَّةً"."المِيتَةُ"بكسر الميم.

4/666- وعَن أنَسٍ رضي الله عنه قال: قال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا وأطِيعُوا، وإنِ اسْتُعْمِل علَيْكُمْ عبْدٌ حبشىٌّ، كَأَنَّ رَأْسهُ زَبِيبَةٌ" رواه البخاري.

5/667- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عليْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعةُ في عُسْرِكَ ويُسْرِكَ وَمنْشَطِكَ ومَكْرهِكَ وأَثَرَةٍ عَلَيْك" رواهُ مسلم.

6/668- وعن عبدِ اللَّهِ بن عَمرو رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا مَع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فَنَزَلْنا منْزِلاً، فَمِنَّا منْ يُصلحُ خِباءَهُ، ومِنَّا منْ ينْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ في جَشَرِهِ، إذْ نادَى مُنَادي رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الصَّلاة جامِعةٌ. فاجْتَمعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبيٌّ قَبْلي إلَاّ كَانَ حَقا علَيْهِ أنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلى خَيرِ مَا يعْلَمُهُ لهُمْ، ويُنذِرَهُم شَرَّ مَا يعلَمُهُ لهُم، وإنَّ أُمَّتَكُمْ هذِهِ جُعِلَ عَافيتُها في أَوَّلِها، وسَيُصِيبُ آخِرَهَا بلاءٌ وأُمُورٌ تُنكِرُونَهَا، وتجيءُ فِتَنٌ يُرقِّقُ بَعضُها بَعْضاً، وَتَجِيءُ الفِتْنَةُ فَيقُولُ المؤمِنُ: هذِهِ مُهْلِكَتي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، وتجيءُ الفِتنَةُ فَيَقُولُ المُؤْمِنُ: هذِهِ هذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، ويُدْخَلَ الجنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ منيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، ولَيَأْتِ إِلَى الناسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤتَى إلَيْهِ.

ص: 224

ومَنْ بَايع إمَاماً فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يدِهِ، وثمَرةَ قَلْبهِ. فَليُطعْهُ إنِ اسْتَطَاعَ، فَإنْ جَاءَ آخَرُ ينازعُهُ، فاضْربُوا عُنُقَ الآخَرِ "رواهُ مسلم.

قَوْله:"ينْتَضِلُ"أيْ: يُسابِقُ بالرَّمْي بالنَّبْل والنُّشَّاب."والجَشَرُ"بفتح الجيم والشين المعجمة وبالراءِ: وهي الدَّوابُّ الَّتي تَرْعَى وتَبيتُ مَكانَها. وَقَوْلُه:"يُرقَّقُ بعْضُهَا بَعضاً"أيْ: يُصيِّرُ بعضَها بَعْضَاً رقِيقاً، أيْ: خَفِيفاً لِعِظَمِ مابعْدَهُ، فالثَّاني يُرقَّقُ الأَوَّلَ. وقيلَ: معناهُ: يُشَوِّقُ بَعْضُهَا إِلَى بعْضٍ بتحْسينها وتسْويلها وقيلَ: يُشْبهُ بعضُها بَعْضاً.

7/669- وعن أَبي هُنَيْدةَ وائِلِ بن حُجْرٍ رضي الله عنه قالَ: سأَلَ سَلَمةُ بنُ يزيدَ الجُعْفيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أرَأَيْتَ إنْ قَامَتْ علَيْنَا أُمراءُ يَسأَلُونَا حقَّهُمْ، ويمْنَعُونَا حقَّنا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرضَ عنه، ثُمَّ سألَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "اسْمَعُوا وأطِيعُوا، فَإنَّما علَيْهِمْ ماحُمِّلُوا وعلَيْكُم مَا حُمِّلْتُمْ " رواهُ مسلم.

8/670- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّهَا ستَكُونُ بعْدِي أَثَرَةٌ، وأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا،"قَالُوا: يَا رسُولَ اللَّهِ، كَيفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْركَ مِنَّا ذلكَ؟ قَالَ:"تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وتَسْأَلُونَ اللَّه الذي لَكُمْ" متفقٌ عليه.

9/671- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَطَاعَني فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه، وَمَنْ عَصَاني فَقَدْ عَصَى اللَّه، وَمَنْ يُطِعِ الأمِيرَ فَقَدْ أطَاعَني، ومَنْ يعْصِ الأمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي" متفقٌ عَلَيْهِ.

10/672- وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَرِه مِنْ أَمِيرِهِ شيْئاً فَليَصبِر، فإنَّهُ مَن خَرج مِنَ السُّلطَانِ شِبراً مَاتَ مِيتَةً جاهِلِيةً" متفقٌ عَلَيْهِ.

11/673- وعن أبي بكر رضي الله عنه قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن أهَانَ السُّلطَانَ أَهَانَهُ اللَّه" رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح، وقد سبق بعضها في أبواب.

ص: 225

81-

‌ باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لَمْ يتعين عليه أَوْ تَدْعُ حاجة إِلَيْهِ

قَالَ الله تَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:83] .

1/674- وعن أبي سعيد عبد الرحمنِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لي رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يَا عَبدَ الرَّحمن بن سمُرَةَ: لَا تَسأَل الإمارَةَ، فَإنَّكَ إن أُعْطِيتَها عَن غَيْرِ مسأَلَةٍ أُعنتَ علَيها، وَإنْ أُعطِيتَها عَن مسأَلةٍ وُكِلتَ إلَيْها، وإذَا حَلَفْتَ عَلى يَمِين، فَرَأَيت غَيرها خَيراً مِنهَا، فَأْتِ الَّذِي هُو خيرٌ، وكفِّر عَن يَمينِكَ "متفقٌ عَلَيهِ.

2/675- وعن أَبي ذرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لي رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذَر أَرَاك ضعِيفاً، وَإنِّي أُحِبُّ لكَ مَا أُحِبُّ لِنَفسي، لَا تَأَمَّرنَّ عَلَى اثْنيْن وَلَا تولِّيَنَّ مَالَ يتِيمِ" رواه مسلم.

3/676- وعنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول اللَّه ألا تَستعمِلُني؟ فضَرب بِيدِهِ عَلَى منْكبِي ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ إنَّكَ ضَعِيف، وإنَّهَا أَمانة، وإنَّها يَوْمَ القيامَة خِزْيٌ ونَدَامةٌ، إلَاّ مَنْ أخَذها بِحقِّها، وَأدَّى الَّذِي عليهِ فِيها" رواه مسلم.

4/677- وعن أَبي هُريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنَّكم ستحرِصون عَلَى الإمارةِ، وستَكُونُ نَدَامَة يوْم القِيامَةِ" رواهُ البخاري.

ص: 226

82 -

‌ باب حَثّ السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمورعلى اتخاذ وزير صالح وتحذيرهم من قرناء السوء والقبول منهم

قَالَ الله تَعَالَى: {الأَخِلَاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَاّ الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67] .

1/678- عن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا بَعَثَ اللَّهُ مِن

ص: 226

نَبِيٍّ، وَلَا استَخْلَف مِنْ خَليفَةٍ إلَاّ كَانَتْ لَهُ بِطَانتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ وَتحُضُّهُ عَلَيْهِ، وبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وتحُضُّهُ عليهِ والمَعصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ "رواه البخاري.

2/679- وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أرَادَ اللَّه بالأمِيرِ خَيْراً، جَعَلَ لَهُ وزيرَ صِدقٍ، إنْ نَسي ذكَّرهُ، وَإن ذَكَرَ أعَانَهُ، وَإذا أَرَاد بهِ غَيرَ ذَلِكَ جعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ، إنْ نَسي لَمْ يُذَكِّره، وَإن ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ". رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ عَلَى شرط مسلم.

ص: 227

83-

‌ باب النهي عن تولية الإِمارة والقضاء وغيرهمامن الولايات لمن سألها أَوْ حرص عليها فعرَّض بها

1/680- عن أَبي موسى الأَشعريِّ رضي الله عنه قَالَ: دخَلتُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَا وَرَجُلانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أحَدُهُمَا: يَا رسولَ اللَّه أمِّرنَا عَلى بعضِ مَا ولَاّكَ اللَّه، عز وجل، وقال الآخرُ مِثْلَ ذلكَ، فَقَالَ:" إنَّا واللَّه لَا نُوَلِّي هذَا العَمَلَ أحَداً سَأَلَه، أَوْ أحَداً حَرَص عليه"متفق عليه.

ص: 227

وفي رواية لمسلمٍ رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"طَعَامُ الوَاحِد يَكفي الاثْنَيْنِ، وطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفي الأربَعَةَ وطَعَامُ الأرْبعةِ يَكفي الثَّمَانِيَةَ".

3/566-وعن أَبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ: بينَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَصْرفُ بَصَرَهُ يَمِيناً وَشِمَالاً، فَقَال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهرٍ فَليَعُدْ بِهِ عَلى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَن كانَ لَهُ فَضْلٌ مِن زَادٍ، فَليَعُدْ بِهِ عَلَى مَن لا زَادَ لَهُ"فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لأحدٍ مِنَّا في فَضْلٍ" رواه مسلم.

4/567-وعن سَهلِ بنِ سعدٍ رضي الله عنه أَنَّ امرَأَةً جَاءَت إِلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بِبُردةٍ مَنسُوجَةٍ، فَقَالَتْ: نَسَجتُها بِيَديَّ لأكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحتَاجاً إِلَيهَا، فَخَرَجَ إِلَينا وَإِنَّهَا لإزَارُهُ، فَقَالَ فُلانٌ اكسُنِيهَا مَا أَحسَنَها، فَقَالَ:"نَعَمْ"فَجلَس النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في المجلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَواهَا، ثُمَّ أَرسَلَ بِهَا إِلَيْهِ: فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: مَا أَحسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجاً إِلَيها، ثُمَّ سَأَلتَهُ، وَعَلِمت أَنَّهُ لا يَرُدُّ سَائِلاً، فَقَالَ: إنّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لألْبَسَها، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتكُونَ كَفَنِي. قَالَ سَهْلٌ: فَكانت كَفَنَهُ. رواه البخاري.

5/568-وعن أَبي موسى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الأشعَرِيين إِذَا أَرملُوا في الْغَزْوِ، أَو قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِم بالمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِندَهُم في ثَوبٍ وَاحدٍ، ثُمَّ اقتَسَمُوهُ بَيْنَهُم في إِنَاءٍ وَاحِدٍ بالسَّويَّةِ فَهُم مِنِّي وَأَنَا مِنهُم" متفقٌ عَلَيْهِ.

"أَرمَلُوا": فَرَغَ زَادُهُم، أَو قَارَبَ الفَرَاغَ.

ص: 201

63-

‌باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يُتَبَرَّكُ فيه

قَالَ الله تَعَالَى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26] .

1/569-وعن سهلِ بنِ سعدٍ رضي الله عنه أَن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنهُ وَعَن

ص: 201

يَمِينِهِ غُلامٌ، وَعَن يسارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلام: " أَتَأْذَنُ لِي أَن أُعْطِيَ هُؤلاءِ؟ فَقَالَ الغُلامُ: لَا وَاللَّهِ يَا رسُولَ اللَّه لا أُوثِرُ بِنَصيبي مِنكَ أَحَداً، فَتَلَّهُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في يَدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.

"تَلَّهُ"بالتاءِ المثناةِ فوق، أَيْ: وَضَعَهُ، وَهَذَا الغُلامُ هُوَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

2/570-وعن أَبي هريرة رضي الله عنه عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بيْنَا أَيُّوبُ عليه السلام يَغتَسِلُ عُريَاناً، فَخَرَّ عَلَيْهِ رجل جَرَادٌ مِن ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحِثي في ثَوبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ عز وجل: يَا أَيُّوبُ، أَلَم أَكُنْ أغنيك عمَّا تَرَى؟، قال: بَلَى يا رب، وَلكِن لَا غِنَى بي عَن بَرَكَتِكَ" رواه البخاري.

ص: 202