الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرغم من انفي وانفه! وسيأتي تتمة القصة بعد هذا في خير فصير حيث قام بثأر جذيمة إنَّ شاء الله تعالى. وفي تقل جذيمة قال الشاعر:
وقددت الأديم لراهشيه
…
وألفي قولها كذبا ومينا
وقال سويد بن أبي كاهل:
وأبو ملك الملك الذي
…
قتلته بنت عمرو بالخذع
أبطأ من غراب نوح
.
زعموا أنَّ نبي الله نوح عليه السلام بعث الغراب لينظر له هل غرقت البلاد ويأتيه بخبرها. فذهب فوجد جيفة طافية على وجه الماء، فأشتغل بها وبقي ولم يأته بالخبر. فدعا عليه فغلت رجلاه وخاف من الناس. وأعلم أنَّ البطء ثلاثي ورباعي: يقال بطؤ بضم الطاء، وبطئا وبطاء بالكسر، وأبطأ: ضد أسرع. ويقال: هو أبطأ منه. وهو إنَّ كان صوغه من الثلاثي فمقيس اتفاقا؛ وإنَّ كان من الرباعي فهو جائز أيضاً عند سيبويه في هذا الوزن.
أبطأ من فندٍ
.
البطء: مر. وفند بكسر الفاء وسكون النون بعدها دال مهملة: اسم رجل. وهو مولى لعائشة بنت سعد بن أبي وقاص، بعثته يأتيها بنار. فلما خرج وجد قوما يريدون مصر، فصحبهم وأقام بمصر سنة، ثم رجع فأتاها بالنار؛ وجاء يشتد فعثر وتبدد الجمر فقال: تعست العجلة! فضرب به المثل في البطء.
البطنة، تذهب الفطنة
.
هذا من الأمثال الحكيمة. والبطنة بالكسر: امتلاء البطن طعاماً. والفطنة بكسر الفاء: الذكاء والحذق. يقال: فطن إليه، وفطن له، بضم الطاء وكسرها وفتحها، يفطن بالضم والفتح فطنا وفطانة. وفي الأثر يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم:" ما احل الله حلالا أبغض من بطن يملأ طعاماً ". وقال عليه الصلاة والسلام: " ما ملأ أبن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب أبن آدم أكل أو لقيماتٌ يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلثٌ للنفس ". وعن عمر رضي الله عنه: أيها الناس، إياكم والبطنة، فأنها
مكسلة عن الصلاة، مفسدة للجسد، مورثة للسقم. وعن علي كرم الله وجهه: إياكم والبطنة، فإنها مفسدة للقلب. وقال الحارث بن كلدة: أربعة أشياء يهرمن البدن: الغشيان عن البطنة، ودخول الحمام على الامتلاء، وأكل القديد، ومجامعة العجوز. ويقال أقلل طعاما، تقلل سقاما. ويقال: النهم لؤم، والرغب شؤم. وقيل: أكبر الدواء، تقليل الغذاء. وجمع الرشيد أربعة من الأطباء العارفين: هندياً ورومياً وفارسياً وعربياً، وقال لهم: ليصف لي كل واحد منكم الدواء الذي لا داء فيه. فقال الهندي: الدواء الذي لا داء فيه الأهليلج الأسود. وقال الرومي: هو حب الرشاد الأبيض. وقال الفارسي: هو عندي الماء الحار. فقال العربي، وكان أعلمهم: الأهليلج يعفص المعدة وذلك داء، وحب الرشاد يرق المعدة وذلك داء؛ والماء الحار يرخي المعدة، وذلك داء. فقالوا له: وما الدواء الذي لا داء فيه عندك؟ قال: إنَّ تضع يدك في الطعام وأنت تشتهيه، وترفع يدك منه وأنت تشتهيه. فقالوا: صدقت! وسلموا له. ويروى حديثا: المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وأصل كل داء البردة: والبردة: النخمة. ويقال إن مالكا، رضي الله عنه، لمّا وادع يحيى بن يحيى قال له: أوصيكم بأربع كلمات: الأولى أجمع لك فيها فقه الفقهاء، إذا سئلت عن شيء لا تعرفه فقل لا ادري، والثانية أجمع لك فيها حكمة الحكماء، إذا جالست قوما فكن أصمتهم، فإن أصابوا أصبت معهم، وإنَّ أخطئوا سلمت، والثالثة أجمع لك فيها طب الأطباء، أنَّ تضع يدك في الطعام وأنت تشتهيه، وترفع يدك وأنت تشتهيه؛ فإنك إذا فعلت ذلك لم يصبك مرض إلاّ مرض الموت. وفي الحكمة: إذا امتلأت المعدة، نامت الفكرة، ورقدت الأعضاء عن العبادة. وقال حاتم بن عبد الله الطائي:
أكف يدي عن أن ينال التماسها
…
أكف صحابي حين حاجتنا معا
أبيت هضيم الكشح منطوي الحشا
…
من الجوع أخشى الذم أنَّ أتضلعا
وإني لأستحيي رفيقي أنَّ يرى
…
مكان يدي من جانب الزاد أقرعا
وانك إنَّ أعطيت بطنك سؤله
…
وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا