الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آكل من أرضة
.
الأكل معروف. والأرضة بفتحتين والضاد المعجمة: دويبة صغيرة تأكل الخشب وفي قصة الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم أ، الله بعث عليها الأرضة فأكلت كل ما فيها من جور وظلم ز قطيعة رحم، وبقي ما كان فيها من ذكر. ويضربون المثل بالأرضة في كثرة الأكل وقوته. وينسب إلى القاضي عبد البوهاب:
يا أهلَ مصر رأيتُ أيديكم
…
عن بسطها بالنوالِ منقبضة
لمّا عدمت النوال عندكم
…
أكلتُ كتبي كأنني أرضة
آكل من سوس
.
الأكل مر. والسوس: الدود المعروف يقع في الصوف والطعام. قال امرؤ القيس:
آليت حب العراقِ الدهر أطعمه
…
والحب يأكله في القريةِ السوسُ
يضرب به المثل أيضاً في كثرة الأكل. قيل لخالد بن صفوان: كيف ابنك؟ فقال: سيد فتيان قومه ظرفا وأدبا. فقيل له: كم زقه؟ قال: درهم. فقيل: أيرتفع منه ثلاثون درهما في شهر وأنت تستغل ثلاثين ألفا؟ قال: الثلاثون أسرع في هلاك المال من السوس. ولهذا قالوا: العيال سوس المال كما سيأتي.
يأكلك الأسد ولا يأكلك الكلب
.
هذا فيما يظهر مثل مولد يضرب عند اختيار المرء صولة العزيز وعقوبة الكبير على صولة الذليل وعقوبة الحقير، فإنَ صولة الذليل أشد على النفس كما قيل: لو ذات سوار لطمتني والمثل قد وقع في الكلام الأمير شمس الدين قراسنقر، وذلك أن شمس الدين بن السلعوس كان يكرهه. فلما حضر الملك الاشرف إلى دمشق، وبلغ قراسنقر كراهية الوزير وعمله، بادر بهدية عظيمة وتقدمة حسنة إلى الملك، وأحضر ذلك بنفسه، فقال
له السلطان: لأي شيء هذا؟ قال: بلغني أن إنّ السلعوس يعمل علي ويغير خاطر مولانا السلطان. وقد جئت أما بنفسي يأكلني السبع ولا يأكلني الكلب. وفي هذا قال الصابئ في أبي الورد البغدادي:
ومن عجب الأيام أنَّ صروفها
…
تسوي إمرءاً مثلي بمثل أبي الوردِ
فيا ليتها اختارت نظيراً وأنه
…
رماني بشنعاء الدواهي على عمدِ
فكم بين معقور الكلاب وإن نجا
…
ذليلاً ز مقتولِ الصراغة الأسدِ
ونحو قول المثقب العبدي:
فإن أكُ مأكولاً فكن خير أكلِ
…
وإلاّ فداركني ولمل أمزقِ
ويحكى أن العجير السلولي هجا قوما من بني حنيفة، فأقاموا عليه البينة عند نافع بن علقمة الكناني، فأمر به أن يقام عليه الحدّ في ملأ من الناس. فهرب العجير ليلا حتى أتى نافعا فقعد له متنكرا حتى خرج من المسجد، ثم تعلق به فقال:
إليك سبقنا السوط والسجنَ تحتنا
…
حُبالى يسامين الظلام ولقحُ
إلى نافعِ لا نرتجي ما أصابنا
…
تحومُ علينا السانحاتُ وتبرحُ
فإن أكَ مجلوداً فكن أنت جالي
…
وإن أكُ مذبوحاً فكن أنت تذبحُ
فقال له: انج لنفسك، فإني سأرضي خصومك، فبعث إليهم وأرضاهم. وهذا المثل باق اليوم في ألسنة العوام يقولون: من أكله السبع خير ممن أكله الذئب.