الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحال. ويقال إنّه في يوم ذي الخلصة حمل عليه عوف بن عامر فقطع يده ويد امرأته والله اعلم.
أنت شَولة الناصحة
شَولة بفتح الشين المعجمة فسكون: أمة كانت لعدوان، وكانت رعناء حمقاء، فكانت تنصح لمواليها فتعود نصيحتها شراً عليهم ووبالاً لحمقها. فضرب بها المثل لكل ناصح أحمق يقال له:
أنت شولة الناصحة، أي بمنزلة تلك الأمة.
أنت صاحبة النعامة
.
النعامة واحدة النعام المعروف. وصاحبة النعامة امرأة من العرب وجدت ذات يوم نعامة عصت بصعرور، وهو صمغة، فأخذتاها وربطتها بخمارها إلى شجرة، وقد منعتها الغصة أن تهرب. فذهبت المرأة إلى الحي فهتفت بهم وجعلت تقول: من كان يحفنا ويرفنا فليترك، أي من كان يحسن إلينا ويلطف بنا فليقطع ذلك عنا. ثم قوضت خيمتها لتحمل على النعامة. فجائت إليها فوجدتها قد ساغت وفرت فبقيت المرأة لا هي بالنعامة ظفرت، ولا بنصيبها من الناس تمسكت، فيضرب بها المثل ويقال: أنت صاحبة النعامة: أو كصاحبة النعامة عند التشنيع على من وثق بغير ثقة وأغتر بغير طائل. وفي معنى هذه القصة ما تحكي العامة اليوم في الخرافات أن رجلاً وجد أرنباً في فلاة قد نامت فجاء يشتد حتى انتهى إلى الحي فصاح بهم: إلاّ أنا قد قطعنا التذويق فيما بيننا، وهو الله تعالى يتهاداه الجيران فيما بينهم من نحو الفاكهة واللحم واللبن، وجعل يقول: قد قطعنا، حتى اسمع الناس ذلك واسمعوه مثله، فرجع فوجد الأرنب قد هبت من نومها وذهبت.
أنتِ غيري نغرةٌ
يقال: غار الرجل على امرأته يغار غيراً وغيرة بالفتح وغاراً، فهو غيورهم غير، وهو غيران وهم غيارى وغيارى، ورجل مغيار؛ وغارت المرأة تغار، فهي غيور وغيرى، وهن غيارى: والنغرة: التي تلغي من الغيرة كما تنغر القدر أي تغلي. ويقال: نغر الرجل بالكسرة إذا أعتاظ وغلي جوفه من
الغيظ، فهو نغر وهي نغرة. فيقال هذا عند اشتداد الغيرة. ويحكى أن امرأة جاءت علياً كرم الله وجهه فذكرت أن زوجها يطأ جاريتها، فقال: إنّ كنت صادقة رجمناه، وإنّ كنت كاذبة جلدناك، فقالت: ردوني إلى أهلي غيري نغرة!
قيل: وأوّل من نطق بهذا المثل عمرو بن المنذر الذي يقال له عمرو بن امامة، وهو الذي قتله مراد في قضيب، وذلك إنّ أباه المنذر بن امرئ القيس كان تزوج هند بنت الحارث أبن آكل المرار الكندي، فولدت له عمراً، وهو الذي يقال له عمرو بن هند، والمنذر بن المنذر، وملك بن المنذر، وقابوس بن المنذر، وكان ملك أصغرهم. فلما كبرت هند عند أبيهم المنذر أعجبته بنت أخيها امامة بنت سلمة بن الحارث، فطلق هنداً وتزوج امامة فولدت له امامة عمرو بن المنذر الذي يقال له عمرو بن امامة. ثم إنّ المنذر جعل الأمر من بعده لابنه عمرو بن هند، ثم لقابوس، ثم للمنذر، ولم يجعل لعمرو بن امامة شيئاً. فكان ذلك سبب وقوع الشر بينه وبين اخوته لأبيه. فتملك عمرو بن هند الخورنق والسدير، وجعل لأخيه قابوس البدو، فغضب عمرو بن امامة وذهب نحو اليمن يطلب النصرة على اخوته، وقال في ذلك يخاطب عمرو بن هند:
إلاّ بن أمك ما بدا
…
ولك الخورنق والسدير
فلامنعن منابت الضمر
…
إنّ إذ منع القصور
بكتائب تردي كما تر
…
دي إلى الجيف النسور
أنا بني العلات تقضي
…
دون شاهدنا الأمور
والضمران بفتح الضاد: نبت من نبات البادية؛ والرديان: الجري يقال: ردت الخيل تردي إذا جرت؛ وأبناء العلات: أبناء أمهات شتى؛ وأبناء الأعيان: أبناء أمثال واحدة. ثم ن عمرو بن امامة لحق باليمن وتبعه ناس من قيس عيلان وغيرهم، فأتى ملكها يطلب منه جنداً ليقاتل أخاه على نصيبه من الملك. فقال له الملك: من أحببت، فأختار مراداً، فسيرهم الملك معه، فلما انتهوا معه إلى وادٍ يقال له قضيب تلاومت مرادٌ فيا بينها وقالوا: كيف تتركون أموالكم وعشائركم وبلادكم وتتبعون هذا الأنكر؟ فقام
هبيرة بن عبد يغوث، وهو سيد مراد إذ ذاك، فتمارض وشرب ماء الرفة وهي شجرة هناك، فأصفر لونه. فبلغ عمرا أن هبير مريض، فبعث إليه طبيبا. فجاءه الطبيب وقد شرب المغرة وجعل يمجها لمّا دخل عليه الطبيب مكاويه وجعلها على بطنه، فقال له: أصبت موضع الداء! وجعل يكويه حتى كشح بطنه بالنار، وهو يريه أنه لا يجد مسها، وبذلك سمي صبيرة المكشوح، فرجع الطبيب إلى عمر وقال: وجدته مريضا ورأيته لا يحس بالنار. فلما اطمئن عمرو بن أمامة صار إليه المكشوح في قومه من تلك الليلة وثار به. فلم يشعر حتى أحاطوا به، وكان عمرو تلك الليلة مع بعض حظاياه. فلما سمعت أم ولده الغسانية جلبة الخيل قالت: أبي عمرو، أتيت! وقالت: سال قضيب حديدا، أو جاءتك مراد وفودا، فذهبت مثلا. فقال لها عمرو: أنتي غيري نغرة، أي أنك إنّما قلت ذلك غيرة منك علي، فذهبت مثلا. ومر به قطيع من القطا فقالت: يا عمرو أتيت! لو ترك القطا لنام، فذهبت مثلا. فلما انتهوا إليه وثاروا إليه، ثار إلى سيفه فخرج عليهم وهو يقول:
لقد عرفت الموت قبل ذوقه
…
إنّ الجبان حتفه من فوقهِ
كل امرئٍ مقاتل عن طوقه
…
كالثور يحمي جلده بروقهِ
فزعموا إنّه لقيه غلام من مراد يقال له الجعيد أو تميم بن الجعيد، وقد كان عمرو قال فيه: نعم وصيف الملك هذا! فقال الغلام:
أيَّ وصيف ملك تراني؟
…
أما تراني رابط الجنانِ؟
أفليه بالسيف إذا استفلاني
…
أجيبه لبيك إذ دعاني
رويت منه علقاً سناني
ثم ضربه فقتله، فتفرق عنه الناس، ورجعت مراد إلى اليمن فاقبل الغلام الذي قتله بالغسانية وبابنيه وهما غلامان، فبلغ إلى عمرو بن هند، فقال له: أيّها الملك إني سترت عورتك، وقتلت عدوك. فقال له عمرو: إن لك لخباء أنت له أهل. اضرموا له نارا واقذفوه فيها! فقال الغلام: أيّها الملك إني كريم، فليطرحني فيها كريم فإنَ أي حسبا
فأمر عمرو بن هند ابنه وأبن أخيه أن يتوليا ذلك، فانطلقا به. فلما دنوا من النار مسح شراك نعله فقالا: ما دعاك إلى مسح نعلك وأنت مطروح في النار؟ فقال: أحببت أن لا أدخل النار إلا وأنا نظيف. ثم قال:
الخير لا يأتي به حبهُ
…
والشر لا ينفع منه الجزعُ
ثم قذف بنفسه وبهما معا، فاحترقوا جميعا. وفي ذلك يقول طرفة ينعى عمرو بن إمامة إلى أخيه:
أعمرو بن هند ما ترى رأي معشرٍ
…
أفاتوا أبا حسان جاراً مجاورا
فإن مراداً قد أصابوا جريمةً
…
جهاراً وأضحى جمعهم لك واترا
دعا دعوة إذ شكت النبل صدره
…
أمامة واستعدى هناك معاشرا
فلو أنه نادى من الحصن عصبةً
…
لألقوا عليه بالصعيدِ الشراشرا
ولو خطرت أبناء قرآن حوله
…
لأضحى على ما كان يطلب قادرا
ولو شهدته تغلب بنت وائل
…
لكانوا له عزاً عزيزاً وناصرا
ولكن دعا من قيس عيلان عصبةً
…
يسوفون في أعلى الحجاز البرائرا
إلاّ إنّ خير الناس حياً وميتاً
…
ببطن قضيبٍ عارفاً ومناكرا
يقسم فيهم ماله وقطينه
…
فياما عليه بالمالي حواسرا