المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الضابط الأول: أن يكون القول المفسر به صحيحا في ذاته: - الإعجاز العلمي إلى أين

[مساعد الطيار]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌المقالة الأولىالإعجاز العلمي في القرآن

- ‌المقالة الثانيةتقويم المفاهيم في مصطلح الإعجاز العلمي

- ‌حقيقة الإعجاز العلمي ومؤداه

- ‌المقالة الثالثةالإعجاز العلمي

- ‌المقالة الرابعةتصحيح طريقة معالجة تفسير السلف في بحوث الإعجاز العلمي

- ‌الفصل الأولأهمية تفسير السلف وكيفية التعامل معه

- ‌المبحث الأولأهمية تفسير السلف

- ‌المبحث الثانيكيفية التعامل مع تفسير السلف

- ‌المبحث الثالثاحتمال الآية القرآنية للمعاني المتعددة

- ‌الفصل الثانيضوابط قبول التفسير المعاصر

- ‌الضابط الأول: أن يكون القول المفسَّر به صحيحاً في ذاته:

- ‌الضابط الثاني: أن تحتمل الآية هذا القول الحادث:

- ‌الضابط الثالث: أن لا يبطل قول السلف:

- ‌الفصل الثالثاعتراضات على تفسير السلف

- ‌المبحث الأولوجود الخطأ في تفسير آحاد السلف

- ‌المبحث الثانيالإسرائيليات ومخالفتها للقضايا العلمية المعاصرة

- ‌المقالة الخامسةهل يصح أن ينسب الإعجاز للسُّنَّة

- ‌المقالة السادسةتعريف الإعجاز العلمي بالسبق هل هو دقيق في التعبير عن مضمونه

- ‌المقالة السابعةمصطلح الإعجاز العلمي عند الطاهر بن عاشور

- ‌المقالة الثامنةالتفسير بالإعجاز العلمي قائم على الظنِّ والاحتمال، وليس على اليقين

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس الفوائد العلمية

- ‌مراجع البحث

- ‌الفوائد

الفصل: ‌الضابط الأول: أن يكون القول المفسر به صحيحا في ذاته:

‌الفصل الثاني

ضوابط قبول التفسير المعاصر

لما سبق بيان جواز احتمال الآية لأقوال متعددة، فإن كل من يقول بقول جديد في تفسير الآية عموماً، وفي التفسير العلمي (أو الإعجاز العلمي) خصوصاً، فإنه يدخل من هذا الباب، وعليه أن يتبع الضوابط العلمية الصحيحة لمعرفة القول الصحيح من غيره، وستأتي هذه الضوابط.

‌الضابط الأول: أن يكون القول المفسَّر به صحيحاً في ذاته:

إن كل قول يقال في التفسير يمكن أن يُعلم صحيحه من خطئه، والقول الصحيح تُعلم صحتُه من وجوه:

1 -

أن تدلَّ عليه لغة العرب، وذلك في تفسير الألفاظ أو الصيغ أو الأساليب.

وهذا يعني أن تفسير ألفاظ القرآن بمصطلحات علمية سابقة له (1)، أو مصطلحات لاحقة لا يصحُّ البتة؛ لأن ألفاظه عربية، وتفسيرها يؤخذ من لسان العرب، ولغة القرآن، لا من هذه المصطلحات، كمن يفسر لفظ الأقطار في قوله تعالى:{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَاّ بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: 33] بأنه القطر

(1) ممن حرص على ربط الشريعة بالفلسفة ابن رشد الحفيد، ومن كتبه المتعلقة بذلك: فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، وقد حمل جملة من مصطلحات الفلاسفة المتقدمين على الإسلام على ما جاء في القرآن والسُّنَّة.

ص: 131

الهندسي، وهو الخط الهندسي المنصِّف للدائرة أو الشكل البيضاوي (1).

والأقطار في اللغة جمع القُطْرُ بالضم، وهو الناحية والجانب (2)، وهو المراد بآية سورة الرحمن، وكذا هو المراد في قوله تعالى:{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لأََتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَاّ يَسِيرًا} [الأحزاب: 14].

ومن أوضح الأمثلة في أثر هذه المصطلحات على تفسير ألفاظ القرآن العربية بما اصطلح عليه علماء الفلك ما يَرِدُ من كون الشمس نجماً، والأرض كوكباً، وذلك لا تجده في آية قرآنية، ولا سُنَّة نبوية، ولا لغة عربية، فالشمس جرم غير النجم، والأرض جرم غير الكوكب، والقمر جرم غير هذه كلها، وإليك أدلة ذلك من القرآن.

قال تعالى ـ في قصة مناظرة إبراهيم لقومه عبدة النجوم ـ: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الآفِلِينَ} [الأنعام: 76]، وقال فيها:{فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّآلِّينَ} [الأنعام: 77]، وقال فيها:{فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 78]، ففرق إبراهيم بين الكوكب والشمس والقمر.

وقال تعالى ـ في قصة رؤيا يوسف ـ: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَِبِيه ياأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4]، ففرق يوسف بين الكواكب والشمس والقمر.

(1) ينظر: وكان عرشه على الماء، للأستاذ الدكتور الطبيب عادل محمد عباس، نشر مركز الدراسات المعرفية (ص: 51)، وهذا الكتاب فيه تفسيرات كثيرة معتمدة على المصطلحات العلمية، مع إهمال المدلول اللغوي العربي، فضلاً عن تفسير السلف أو الاعتماد على السُّنَّة النبوية.

(2)

ينظر ـ على سبيل المثال ـ: مادة (قطر) من القاموس المحيط، للفيروزآبادي.

ص: 132

وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بَأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] ففرق بين الأرض والشمس والقمر والنجوم.

وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: 12]، وقال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18].

والأحاديث وآثار السلف وأقوال علماء اللغة في التفريق بين هذه الأجرام أكثر من أن تُحصى، فإذا جاء مفسر معاصر إلى مثل هذه الآيات وزعم أن الشمس نجم، أو أن القمر والأرض كوكبان، فإنه يُعترض عليه بأنَّ القرآن فرق بينها، وأن لغة العرب فرقت بينها كذلك، ولم يرد في موطن واحد ما يدل على هذا التفسير لا من قريب ولا من بعيد، ومن ثَمَّ فالتفسير بهذه المصطلحات المعاصرة لهذه الأجرام لا يصلح.

فإن قلت: هل يمتنع أن يصطلح علماء الفلك في علمهم على هذه الفروق التي لم تُجِز حملها على كتاب الله؟

فالجواب: لا، لا يمتنع، فاتفاقهم على هذا مصطلحاً بينهم لا غبار عليه، لكن أن يحملوا ألفاظ القرآن والسُّنَّة واللغة عليه فهذا هو المحذور؛ لأنه لم يرد فيها ما يدل على صحة هذه الإطلاقات الاصطلاحية في علم الفلك.

2 -

أن لا يخالف مقطوعاً به في الشريعة.

فإن ما لا يوافق الشريعة لا يمكن أن تدل عليه آيات القرآن بحال، وذلك كمن يفسر قوله تعالى:{وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح: 14]، بأنها

ص: 133