الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
96- فضل جارية المتوكل
ترجمتها
شاعرة من مولدات البصرة. من أفصح وأشعر نساء زمانها. أهديت إلى المتوكل العباس فحظيت عنده وأعتقها، وعرفت بعد ذلك بفصل العبدية نسبة إلى مربيها عبد القيس.
من معاصريها علي بن الجهم الشاعر، وأبو دلف العجلي القائد. مدحت الخلفاء والملوك وتوسطت لديهم لمن قصدها. توفيت ببغداد عام 257 هجرية.
مناسبات شعرها
تخلط مناسبات شعرها بأخبارها، وسنعرض ما توفر منها تباعاً ودونما ترقيم.
كانت تهوى سعيد بن حميد أحد كتاب الدولة العباسية، فعزم مرةً على سفرٍ فقالت له:(من البسيط)
كذبتني الود إن صافحت مرتحلاً
…
كف الفراق بكف الصبر والجلد
لا تذكرن الهوى والشوق لو فجعت
…
بالشوق نفسك لم تصبر على البعد
وألقى علي بن الجهم بحضرة المتوكل هذا البيت عليها لتجيزه:
لاذ بها يشتكي إليها
…
فلم يجد عندها ملاذا
فأجابته: (من مخلع البسيط)
ولم يزل ضارعاً إليها
…
تهطل أجفانه رذاذا
فعاتبوه فزاد عشقاً
…
فمات وجداً فكان ماذا؟
ومن قولها: (من مجزوء الرمل)
إن من يملك رقي
…
مالك رق الرقاب
لم يكن يا أحسن العا
…
لم هذا في حسابي
وقالت وقد عزمت على كتمان هواها: (من البسيط)
لأكتمن الذي بالقلب من حرق
…
حتى أموت ولم يعلم به الناس
ولا يقال شكا من كان يعشقه
…
إن الشكاة لمن تهوى هي الياس
ولا أبوح بشيء كنت أكتمه
…
عند الجلوس إذا ما دارت الكاس
وسألها المتوكل أن تسمعه من شعرها، فقالت تمدحه:(من السريع)
استقبل الملك إمام الهدى
…
عام ثلاث وثلاثينا
خلافة أفضت إلى جعفرٍ
…
وهو ابن سبع بعد عشرينا
إنا لنرجو يا إمام الهدى
…
أن تملك الناس ثمانينا
لا قدس الله امرأ لم يقل
…
عند دعائي لك: آمينا
وألقى عليها بعض الشعراء قوله:
ومستفتح باب البلاء بنظرةٍ
…
تزود منها قلبه حسرة الدهر
فأجابته مسرعةً: (من الطويل)
فوالله ما يدري أتدري بما جنت
…
على قلبه أم أهلكته وما تدري
وخرج المتوكل متوكئاً على جاريتيه فضل وبنان، فقال لهما: أجيزا:
تعلمت أسباب الرضا خوف سخطة
…
وعلمه حبي له كيف يغضب
فقالت فضل مجيزة: (من الطويل)
يصد وأدنو بالمودة جاهداً
…
ويبعد عني بالوصال وأقرب
وعتب عليها سعيد بن حميد الكاتب -وكانت تحبه- لأنها كانت تحدق بنظرها إلى (بنانٍ) المغني، فقالت تعتذر:(من مجزوء الكامل)
يا من أطلت تفرسي
…
في وجهه وتنفسي
أفديك من متدلل
…
يزهى بقتل الأنفس
هبني أسأت وما أسأ
…
ت، بلى، أُقرُّ أنا المسي
أحلفتني ألا أسا
…
رق نظرة في مجلسي
فنظرت نظرة مخطئ
…
أتبعتها بتفرس
ونسيت أني قد حلف
…
ت فما عقوبة من نسي؟!
وأنشدها أبو دلف العجلي:
كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة
…
نظمت وحبة لؤلؤ لم تثقب؟
فأجابته: (من الكامل)
أن المطية لا يلذ ركوبها
…
ما لم تذلل بالزمام وتركب
والدر ليس بنافع أربابه
…
حتى يؤلف للنظام بمثقب
وقالت بلسان المتوكل: (من مجزوء الكامل)
علم الجمال تركتني
…
في الحب أشهر من علم
وأبحتني يا سيدي
…
سقماً يجل عن السقم
ونصبتي يا منيتي
…
غرض المظنة والتهم
فلو أن نفسي فارقت
…
جسمي لفقدك لم تلم
ما كان ضرك لو وصل
…
ت فخف عن قلبي الألم
برسالة تهدينها
…
أو زورة تحت الظلم
أو لا، فطيفي في المن
…
ام، فلا أقل من اللمم
صلة المحب حبيبه
…
الله يعلمه كرم
وكتب إليها أحدهم شعراً فأجابته:
الصبر ينقص والسقام يزيد
…
والدار دانية أنت بعيد
أشكوك أم أشكو إليك فإنه
…
لا يستطيع سواهما المجهود
إني أعوذ بحرمتي بك في الهوى
…
من أن يطاع لديك في حسود
وكتب بعضهم شعراً يتشوق به إليها فأجابته: (من الطويل)
نعم، وإلهي إنني بك صبة
…
فهل أنت يا من لا عدمت مثيب؟
لمن أنت منه في الفؤاد مصور
…
وفي العين نصب العين حين تغيب
فثق بودادٍ أنت مظهر مثله
…
على أن بي سقماً وأنت طبيب
وكتبت إلى سعيد بن حميد تبدي عذرها في بعض الانصراف عنه: (من الطويل)
وعيشك لو صرحت باسمك في الهوى
…
لأقصرت عن أشياء بالهزل والجد
ولكنني أبدي لهذا مودتي
…
وذاك لأخلو فيك بالبث والوجد
مخافة أن يغري بنا قول كاشحٍ
…
عدو فيسعى بالوصال إلى الصد
وجاء لزيارتها بعضهم فما وجدها، ولما عادت وعلمت بذلك كتبت إليهم:(من الطويل)
وما كنت أخشى أن تروا لي زلة
…
ولكن أمر الله ما عنه مذهب
أعوذ بحسن الصفح منكم وقبلنا
…
بصفحٍ وعفو ما تعود مذنب
كان بينهما وبين المتوكل موعد فشرب حتى ثقل ونام وجاءت لموعده فحركته فلما ينتبه. فلما رأت أن لا حيلة في إيقاظه كتب له رقعة فيها: (من مجزوء الكامل)
قد بدا شبهك يا مو
…
لاي في جنح الظلام
فانتبه نقض لبانا
…
ت التزام والتثام
قبل أن تفضحنا عو
…
دة أرواح النيام
وقالت تهجو جارية اسمها خنساء: (من الخفيف)
إن خنساء لا جعلت فداها
…
اشتراها الكسار من مولاها
ولها نكهة يقول محاذيها:
…
أهذا حديثها أم فساها؟
لقيها بعضهم صبيحة قتل المعتز وهي تبكي وتقول: (من البسيط)
إن الزمان بذحلٍ كان يطلبنا
…
ما كان أغفلنا عنه وأسهانا!
ما لي وللدهر قد أصبحت همته؟
…
ما لي وللدهر، ما للدهر؟ لا كانا
وقالت في مجلس خمر: (من السريع) سلافة كالقمر الباهر=في قدح كالكوكب الزاهر
يديرها خشف كبدر الدجى
…
فوق قضيبٍ أهيفٍ ناضر
على فتى أروع من هاشمٍ
…
مثل الحسام المرهف الباتر
وغضب عليها بنان المغني يوماً فاسترضته فلم يرض فقالت: (من السريع)
يا فضل صبراً إنها ميتة
…
يجرعها الكاذب والصادق
ظن بنان أنني خنته
…
روحي إذاً من بدني طالق
بلغها أن سعيد بن حميد عشق جارية سواها. فكتبت إليه: (من المنسرح)
يا عالي السن سيئ الأدب
…
شبت وأنت الغلام في الطرب
ويحك إن القيان كالشرك المن
…
صوب بين الغرور والعطب
لا يتصدين للفقير ولا
…
يطلبن إلا معادن الذهب
تلحظ هذا وذا وذاك وذا
…
لحظ محب بطرف مكتسب
بينا تشكي هواك إذا عدلت
…
عن زفرات الشكوى إلى الطلب
وقال سعيد بن حميد: أجيزي يا فضل
من لمحب أحب في صغره
…
فصار أحدوثةً على كبره
فقال: (من المنسرح)
من نظرٍ شفه فأرقه
…
وكان مبدا هواه من نظره
لولا الأماني لمات من كمدٍ
…
كما الليالي تزيد في فكره
ليس له مسعد يساعده
…
بالليل في طوله وفي قصره