الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الشُّرُوطِ فِى الْبَيْعِ
وَهِىَ ضَرْبَانِ؛ صَحِيحٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا، شَرْطُ مُقْتَضَى الْبَيْعِ؛ كَالتَّقَابُضِ، وَحُلُولِ الثَّمَنِ، وَنَحْوِهِ، فَلَا يُؤثِّرُ فِيهِ. الثَّانِى، شَرْطٌ مِنْ مَصْلَحَةِ العَقْدِ، كَاشْتِرَاطِ صِفةٍ فِى الثَّمَنِ، كَتَأْجِيلِهِ، أَوِ الرَّهْنِ، أوِ الضَّمِينِ بِهِ، أَوْ صِفَةٍ فِى
ــ
بابُ الشُّرُوطِ فى البيْعِ
تنبيه: قوْلُه: وهى ضَرْبان؛ صَحِيحٌ، وهو ثَلاثةُ أنْوَاعٍ؛ أحَدُها، شرْطُ مُقْتَضَى البَيْعِ، كالتَّقابُضِ وحُلُولِ الثَّمَنِ، ونَحْوِه. بلا نِزاعٍ. ويأْتِى، لو جمَع بينَ شَرْطَيْن مِن هذا.
قوله: الثَّانى، شرْطٌ مِن مَصْلَحَةِ العَقْدِ، كاشْتِرَاطِ صِفَةٍ فى الثَّمَنِ، كتَأْجيلِه، أو الرَّهْنِ، أو الضَّمِينِ به، أو صِفَةٍ فى المَبِيعِ؛ نحوَ كونِ العَبْدِ كاتِبًا، أو خَصِيًّا،
الْمَبِيعِ؛ نَحْوَ كَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا، أَوْ خَصِيًّا، أَوْ صَانِعًا، أَوْ مُسْلِمًا، وَالأَمَةِ بِكْرًا، وَالدَّابَّةِ هِمْلَاجَةً، وَالْفَهْدِ صَيُودًا، فَيَصِحُّ. فَإِنْ وَفَّى بِهِ، وَإِلَّا فَلِصَاحِبِهِ الْفَسْخُ.
ــ
أو صانِعًا، أو مُسْلِمًا، والأمَةِ بِكْرًا، والدَّابَّةِ هِمْلاجَةً، والفَهْدِ صَيُودًا، فيَصِحُّ -الشَّرْطُ بلا نِزاعٍ- فإنْ وفى به -يَعْنِى، فى جميعِ ما تقدَّم- وإلَّا فلصاحبِه الفَسْخُ. يعْنِى، إذا لم يتَعَذَّرِ الرَّدُّ، فأمَّا إنْ تعَذَّرَ الرَّدُّ، تعَيَّنَ له الأرْشُ، وإنْ لم يتعَذَّرِ الرَّدُّ، فظاهِرُ كلامِه، أنَّه ليس له إلا الفَسْخُ لا غيرُ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجيزِ». قال الزَّرْكَشِىُّ فى الرَّهْنِ: وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ، والقاضى، وأبى الخَطَّابِ، وصاحِبِ «التَّلْخيصِ» فيه، والسَّامَرِّىِّ، وأبى محمدٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ له الفَسْخَ، أو أرْشَ فَقْدِ الصِّفَةِ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ وغيرُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: ويُحْكَى عنِ ابنِ عَقِيلٍ فى «العُمْدَةِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ،
وَإِنْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا كَافِرَةً، فَبَانَتْ بِكْرًا مُسْلِمَةً، فَلَا فَسْخَ لَهُ.
ــ
و «الفائقِ» . وأطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. وكذا حُكْمُ سائرِ هذا النَّوْعِ فى هذه المَسائلِ الآتيَةِ، حيث صَحَّحْنا الشَّرْطَ، وفُقِدَ.
تنبيه: قوْلُه: أو الرَّهْنُ أو الضَّمِينُ به. مِن شَرْطِ صِحَّتِه، أَنْ يكُونا مُعَيَّنَيْن، فإنْ لم يُعَيِّنْهما، لم يصِحَّ، وليسَ له طَلِبُهما بعدَ العَقْدِ لمَصْلَحَةٍ، ويُلْزَمُ بتَسْليمِ رَهْنِ المُعَيَّنِ، إنْ قيلَ: يُلْزَمُ بالعَقْدِ. وفى «المُنْتَخَبِ» : هل يَبْطُلُ بَيْعٌ ببُطْلانِ رَهْنٍ فيه كجَهالَةِ الثَّمَنِ، أم لا، كمَهْرٍ فى نِكاحٍ؟ فيه احْتِمالان.
فائدة: ومِنَ الشُّروطِ الصَّحيحَةِ أيضًا، لو شرَطَها تَحِيضُ، أو شرَط الدَّابَّةَ لَبُونًا، أو الأرْضَ خَراجَها كذا. ذكَرَه القاضى، واقْتصَرَ عليه فى «الفُروعِ» فيهما. وجزَم به فى «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، فى كونِها لَبُونًا. وقال ابنُ شِهابٍ: إنْ لم تَحِضْ طَبْعًا، ففَقْدُه يَمْنَعُ النَّسْلَ، وإنْ كان لكِبَرٍ، فعَيْبٌ؛ لأنَّه يُنْقِصُ الثَّمَنَ. وجزَم فى «التَّلْخيصِ» ، أنَّه لا يصِحُّ شَرْطُ كَوْنِها لَبُونًا. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أشْهَرُ.
قوله: وإنْ شرَطَها ثَيِّبًا كافِرَةً، فبانَتْ بِكْرًا مُسْلِمَةً، فلا فَسْخَ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به فى «الوَجيزِ» ، و «النَّظمِ» ، وغيرِهم. وصحَّحَه فى «الفائقِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويحْتَمِلُ أنَّ له الفَسْخَ؛ لأنَّ له فيه قَصْدًا. قلتُ: وهو قَوِىٌّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ لأَنَّ لَهُ فِيهِ قَصْدًا.
ــ
«تَذْكِرَتِه» ، ونصَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» . وقدَّمه فى «الحاوِى الكَبِيرِ» . وأطْلَقهما فى «الكافِى» ، فيما إذا شرَطَها كافِرَةً، فبانَتْ مُسْلِمَة.
تنبيه: ممَّا يحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ، لو شرَطَها ثَّيِّبًا، فبانَتْ بِكْرًا، أو شرَطَها كافِرَةً. فبانَتْ مُسْلِمَة. وأكثرُ الأصحابِ إنَّما مثَّلُوا بذلك، فلذلك حمَل ابنُ مُنَجَّى فى «شرْحِه» كلامَ المُصَنِّفِ عليه. قلتُ: يُمْكِنُ حَمْلُه على ظاهِرِه، ويكونُ ذلك مِن بابِ التَّنْبِيهِ على ما مثَّلَه الأصحابُ، ولذلك أجْراه الشَّارِحُ على ظاهِرِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو شرَطَه كافِرًا، فَبانَ مُسْلِمًا، فظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» ، أنَّ له الفَسْخَ. قال شيْخُنا فى «حَواشِيه»: وهو مُشْكِلٌ مِن جِهَةِ المُعْنَى؛ لأنَّ الغِلَّةَ المذكُورةَ فى الكافِرَةِ مَوْجودَةٌ فى الكافرِ. وقال أبو بَكْرٍ: حُكْمُه حُكْمُ ما إذا شرَطَها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كافِرَةً، فبانَتْ مُسْلِمَةً. قال فى «الرِّعايَةِ»: هذا أقْيَسُ. قال فى «التَّلْخيصِ» : هذا أظْهَرُ الوَجْهَيْن. قلتُ: وهو الصَّحيحُ. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فيما إذا شرَطَه
وَإِنْ شَرَطَ الطَّائِرَ مُصَوِّتًا، أَوْ أَنَّهُ يَجِئُ مِنْ مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ، صَحَّ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَا يَصِحُّ.
ــ
كافِرًا، فبانَ مُسْلِمًا، رِوايتَيْن.
قوله: وإنْ شرَط الطَّائرَ مُصَوِّتًا، أو أنَّه يجِئُ مِن مَسافَةٍ مَعْلُومَةٍ، صَحَّ. إنْ شرَط الطَّائرَ مُصَوِّتًا، فقدَّم المُصَنِّفُ الصِّحَّةَ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه: جزَم به فى «العُمْدَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِى» . واخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال الشَّارِحُ: الأوْلَى جَوازُه. قال فى «الفائقِ» : صحَّ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «العُمْدَةِ» . وقدَّمه فى «الكافِى» . وقال القاضى: لا يصِحُّ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : وهو الأشْهَرُ. قال النَّاظِمُ: وهو الأقْوَى. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «إِدْراكِ الغايَةِ». وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن». قلتُ: وهذا المذهبُ. وقد وافَقَ على ذلك فى «الهادِى» . وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وإنْ شرَط أنَّه يجِئُ مِن مَسافَةٍ مَعْلُومَةٍ، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا الصِّحَّةَ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ». قال الشَّارِحُ: وهو أوْلَى. قال فى «الفائقِ» : صحَّ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ، والمُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «الكافِى». وقال القاضى: لا يصِحُّ. وصحَّحه فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: أشْهَرُهما بُطْلانُه. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحالِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . فتَلَخَّصَ فى المَسْألتَيْن طُرُق؛ يصِحُّ الشَّرْطُ فيهما، لا يصِح فيهما، لا يصِحُّ فى الأُولَى، وفى الثَّانيةِ الخِلافُ، لا يصِح فى الأُولَى، ويصِحُّ فى الثَّانيةِ. وهو المذهبُ، والصَّحيحُ.
فائدتان؛ إحداهما، لو شرَط الطَّائرَ يبِيضُ، أو يُوقِظُه للصَّلاةِ، أو الأمَةَ حامِلًا، فحُكْمُهُنَّ كالمَسْألتَيْنِ المُتقَدِّمتَيْن عندَ صاحب «الفُروعِ» . أمَّا إذا شرَط الطَّائرَ يَبِيْضُ، فقال المُصَنِّف فى «المُغْنِى» (1): الأَوْلَى الصِّحَّةُ. قلتُ: وهو الأُوْلَى. وقيل: لا يصِحُّ. وإنْ شرَط أنَّه يُوقِظُه للصَّلاةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ. قال فى «الفائقِ»: بطَل فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : الأشْهَرُ البُطْلانُ. وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن» . وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ،
(1) انظر: المغنى 6/ 241.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ. ونسَبَه فى «الحاوِيَيْن» إلى اخْتِيارِ المُصَنِّفِ. وقدْ قدَّم فى «الكافِى» ، أنَّه إذا شرَط أنَّه يصِيحُ فى وَقْتٍ مِنَ اللَّيْلِ، أنَّه يصِحُّ، وأمَّا إذا شرَط أنَّه يصِيحُ فى أوْقاتٍ مَعْلُومَةٍ، فإنَّه يَجْرِى مَجْرَى التَّصْويتِ فى القُمْرِىِّ ونحوِه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وإنْ شرَط الأمَةَ حامِلًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الصِّحَّةُ. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: وهو أوْلَى. وقال القاضى: قِياسُ المذهبِ، لا يصِحُّ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ» فيه. وصحَّحَه الأَزْجِىُّ فِي «نِهايَتِه» . وقدَّمه فى «التَّلْخيصِ» . وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، كما تَقَدَّمَ. وأمَّا إذا شرَط الدَّابَّةَ حامِلًا، فقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: أشْهَرُ الوَجْهَيْن البُطْلانُ. وقيل: يصِحُّ الشَّرْطُ. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . الثَّانيةُ، لو شرَط أنَّها لا تحْمِلُ، ففَاسِدٌ، وإنْ شرَطَها حائلًا فبانَتْ حامِلًا، فله الفَسْخُ فى الأمَةِ، بلا نِزاعٍ، ولا
الثَّالِثُ، أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ نَفْعًا مَعْلُومًا فى الْمَبِيعِ؛ كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا، وحُمْلَانِ الْبَعِيرِ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ، أَوْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِى نَفْعَ الْبَائِعِ فى الْمَبِيعِ؛ كَحَمْلِ الْحَطَبِ، وَتَكْسِيرِهِ، وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَتَفْصِيلهِ، فَيَصِحُّ.
ــ
فَسْخَ له فى غيرِها مِنَ البَهائمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى، كالأمَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ» ، و «الحاوِى»: ليس بعَيْبٍ فى البَهائمِ، إنْ لم يضُرَّ اللَّحْمَ. ويأْتِى ذلك فى العُيوبِ، فى البابِ الَّذى بعدَ هذا.
قوله: الثَّالثُ، أَنْ يشْتَرِطَ البائعُ نَفْعًا مَعْلُومًا فى المَبِيعِ، كسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا، وحُمْلانِ البَعِيرِ إلى مَوْضِع مَعْلُوم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وهو المَعْمولُ به فى المذهبِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ، وكَحَبْسِه على ثَمَنِه، والانْتِفاعِ به، والأشْهَرُ، لا يَنْتَفِعُ. وقيل: يَلْزَمُ تَسلِيمُه، ثم يَرُدُّه لبائعِه؛ ليَسْتَوْفِىَ المنْفَعةَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وعنه، لا يصِحُّ. قال فى «القَواعِدِ»: وحُكِىَ عنه رِوايَةٌ، لا يصِحُّ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، مِمَّن أطلَقَ، اشْتِراطُ وَطْءِ الأمَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ودَواعِيه، فإنَّه لا يصِحُّ، قَوْلًا واحِدًا. صرَّح به الأصحابُ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه.
فائدة: يجوزُ للبائِعِ إجارَةُ ما اسْتَثْنَاه وإعارَتُه مُدَّةَ اسْتِثْنائِه، كالعَيْنِ المُؤْجَرَةَ إذا بِيعَتْ، وإن تَلِفَتِ العَيْنُ، فإنْ كان بفِعْلِ المُشْتَرِى، فعليه أُجْرَةُ مثْلِه، وإنْ كان بتَفْريطِه، فهو كتَلَفِها بفِعْلِه. نصَّ عليه. وقال: يرْجِعُ على المُبْتاعِ بأُجْرَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المِثْلِ. قال القاضى: مَعْناه عندِى، يضْمَنُه بالقَدْرِ الَّذى نقَصَه البائعُ لأجْلِ الشَّرْطِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وإنْ كان التَّلَفُ بغيرِ فِعْلِه وتَفْرِيطِه، لم يَضْمَنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» . واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقوَّاه النَّاظِمُ. وهو احْتِمالٌ فى «الرِّعايَةِ». وقال القاضى: يضْمَنُ. وجزَم به فى «الفائِق» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وقالوا: نصَّ عليه. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. فعلى قوْلِ القاضى، يضْمَنُه بما نقَص. جزَم به فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ تَلِفَ بلا تَفْريطِه ولا فِعْلِه، ضَمِنَ نَفْعَه المذْكُورَ بأُجْرَةِ مِثْلِه. نصَّ عليه، فَيُقَوَّمُ المَبِيعُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بنَفْعِه وبدُونِه، فما نقَص مِن قِيمَتِه، أُخِذ مِن ثَمَنِه بنِسْبَتِه. وقيل: بل ما نقَصَه البائعُ بالشَّرْطِ. انتهى.
فائدة: لو أرادَ المُشْتَرِى أَنْ يُعْطِىَ البائعَ ما يقُومُ مَقامَ المَبِيعِ فى المَنْفعَةِ، أو يُعَوِّضُه عنها، لم يَلزَمْه قَبُولُه، فإنْ تَراضَيا على ذلك، جازَ.
قوله: أو يشْتَرِطَ المُشْتَرِى نَفْعَ البائعِ فى المَبيعِ، كحَمْلِ الحَطَبِ وتَكْسِيرِه، وخِياطَةِ الثَّوْبِ وتَفْصِييه. الواوُ هنا بمَعْنَى «أو» تقْديرُه، كحَمْلِ الحطَبِ أو تكْسِيرِه، وخِياطَةِ الثَّوْبِ أو تَفْصِيلِه، بدَليلِ قَوْلِه: وإنْ جمَع بينَ شَرْطَيْن، لم يصِحَّ. فلو جعَلْنا الواوَ على بابِها كان جَمْعًا بينَ شَرْطَيْن، ولا يصِحُّ ذلك. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ اشْتِراطِ المُشْتَرِى نَفْعَ البائعِ فى المَبِيعِ، وعليه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ: المذهبُ جَوازُه. وسَواءٌ كان حَصادًا، أو جَزَّ رَطْبَةٍ أو غيرَهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المُخْتارُ للأكْثَرِين. قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفائقِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. نصَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه. وكذا قال فى «القَواعِدِ الفِقْهيَّةِ» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ، فى غيرِ شَرْطِ الحَصادِ. قال القاضى: لم أجِدْ بما قال الخِرَقِىُّ رِوايةً فى المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. وصحَّحَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يصِحُّ. صَحَّحَها فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وأطْلَقَهما فى التَّلخيصِ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: حكَى كثيرٌ مِنَ الأصحابِ فيما إذا اشْتَرطَ المُشْتَرِى نَفعَ البائعِ فى المَبِيعِ الرِّوايتَيْن، وقطَعوا بصِحَّة شَرْطِ البائعِ نفْعًا معْلُومًا فى المَبِيع، وفرَّقُوا بينَهما بأنَّ فى اشْتِراطِ نَفْعِ البائعِ جَمْعًا بينَ بَيْعٍ وإجارَةٍ، فقد جَمَع بينَ بَيْعَتَيْن فى بَيْعَةٍ، وهو مَنْهِىٌّ عنه. وأمَّا اشْتِراطُ مَنْفَعَةِ المَبِيعِ، فهو اسْتِثْناءُ بعض أعْيانِ المَبِيعِ، وكما لو باعَ أمَةً مُزَوَّجَةً؛ أو شجَرَةً عليها ثَمَرَةٌ قد بدَا صَلاحُها.
وَذَكَرَ الْخِرَقِىُّ فى جَزِّ الرَّطْبَةِ، إِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْبَائِعِ، لَمْ يَصِحَّ. فيُخَرَّجُ ههنَا مِثْلُهُ.
ــ
تنبيه: فعلَى الصِّحَّةِ، لابُدَّ مِن مَعْرفَةِ النَّفْعِ؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ الإِجارَةِ، فلو شرَط الحَمْلَ إلى مَنْزِلِه، وهو لا يعْرِفُه، لم يصِحَّ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه.
قوله: وذكَر الخِرَقِىُّ فى جَزِّ الرَّطْبَةِ، إنْ شرَطَه على البائِعِ، لم يصِحَّ. وجعَلَه ابنُ أبى مُوسى المذهبَ، وقدَّمه فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». قال المُصَنِّفُ: فيُخَرَّجُ ههنا مِثلُه. وخرَّجه قبلَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ الجَوْزِىُّ، وجماعةٌ. واعلمْ أنَّه اختُلِفَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى كلامِ الخِرَقِىِّ؛ فقيلَ: يُقاسُ عليه ما أشبَهَه مِن اشْتِراطِ مَنْفَعَةِ البائعِ. وهو الَّذى ذكَرَه المُصَنِّفُ، وهؤلاءِ الجماعَةُ، وهو الصَّوابُ؛ فإنَّه نُقِلَ عنَ الإِمامَ أحمدَ رِوايَةٌ تُوافِقُ مَن خرَّج. ذكَرَها صاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم. واخْتارَها فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، كما تقدَّم، وإليه مَيْلُ الزَّرْكَشِىِّ وغيرِه. وقيل: تخْتَصُّ مسْأَلةُ الخِرَقِىُّ بما يُفْضِى الشَّرْطُ فيه إلى التَّنازُعِ لا غيرُ. قال المُصَنِّفُ، والشُّارِحُ: وهو أوْلَى لوَجْهَيْن؛ أحدُهما، أنَّه قال فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَوْضِعٍ آخَرَ: ولا يَبْطِلُ البَيْعَ شَرْطٌ واحدٌ. والثَّانِى، أنَّ المذهبَ صِحَّةُ اشْتِراطِ مَنْفعَةِ البائعِ فى المَبِيعِ. وأطْلَقَ هذَيْن القَوْلَيْن عن كلامِ الخِرَقِىِّ فى «الكافِى». قال فى «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»: وقيلَ: لا يصحُّ شَرْطُ جَزِّ الرَّطْبَةِ عليه. فَيُخَرَّجُ هنا مِثْلُه، وليس بشئٍ. وتَبِعَه فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وناظِمِ «النِّهايَةِ». قال ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: هذا التَّخْريجُ ضَعِيفٌ بعيدٌ، يُخالِفُ القَواعِدَ والأُصُولَ. وخرَّج ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه» ، صِحَّةَ الشَّرْطِ فى النِّكاحِ. قال: وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ المُتَأَخِّرِين، ولذلك اسْتَشْكَلُوا مَسْأَلَةَ الخِرَقِىِّ فى حَصادِ الزَّرْعِ. انتهى. فعلى المذهبِ فى أصْلِ المَسْأْلَةُ، يَلْزَمُ البائِعَ فِعْلُ ما وقَع عليه الشَّرْطُ، وله
وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ.
ــ
أَنْ يُقِيمَ غيرَه بعَمَلِه، فهو كالأَجِيرِ، فإنْ ماتَ أو تَلِفَ، أو اسْتُحِقَّ، فللمُشْتَرِى عِوَضُ ذلك. نص عليه، ولو أرادَ البائعُ بَذْلَ العِوَضِ عنه، لم يَلْزَمِ المُشْتَرِى قَبُولُه، وإنْ أرادَ المُشْتَرِى أخْذَ العِوَضِ عنه، لم يلْزَمِ البَائِعَ شرِاءٌ، فلو رَضِيا بعِوَضِ النَّفْعِ، ففى جَوازِه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يجوزُ. جزَم به فى «الرِّعايَةِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قلت: وهو الصَّوابُ. والثَّانى: لا يجوزُ.
قوله: وإنْ جمَع بينَ شَرْطَيْن، لم يصِحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قالَه فى «الفَائقِ» .
تنبيه: محلُّ الخِلافِ إذا لم يَكُونا مِن مَصْلحَةِ العَقْدِ؛ فأمَّا إنْ كانَا مِن مَصْلحَتِه، فإنه يصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى فى «شَرْحِه» ، و «المُصَنِّفُ» ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، و «المَجْدُ» ، و «الشَّارِحُ» ، وغيرُهم، ورَدُّوا غيرَه. وعنه، لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«التَّذْكِرَةِ» قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاوِيَيْن»: لا يجوزُ شَرْطان فى بَيْعٍ، فإن فعَل بطَل العَقْدُ، سَواءٌ كانا مِنَ الشُّروطِ الفاسِدَةِ أوِ الصَّحِيحَةِ. وقدَّماه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: لو شرَطا شَرْطَيْن فاسِدَيْن، أو صَحِيحَيْن، لوِ انْفرَدا، بطَل العَقْدُ، ويحْتَمِلُ صِحَّتُه دونَ شُروطِه المذْكُورَةِ. وقال فى «الصُّغْرى»: وإنْ جمَع فى عَقْدٍ شَرطَيْن يُنافِيانه، بطَل. فظاهِرُه، أنَّهما إذا كانا مِن مَصْلَحَتهِ لا يبْطُلُ كالأوَّلِ، وأمَّا إذا كان الشَّرْطان فأكْثرُ مِن مُقْتَضاه، فإنَّه يصِحُّ، قوْلًا واحدًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم: يصِحُّ بلا خِلافٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، رُوِى عن أحمدَ، رحمه الله، أنَّه فسَّر الشَّرْطَيْن المَنْهِىَّ عنهما بشَرْطَيْن فاسِدَيْن، وكذا فسَّره به بعضُ الأصحابِ. ورَدَّه فى «التَّلْخيصِ» بأنَّ الواحِدَ يُؤَثِّرُ (1) فى العَقْدِ، فلا حاجَةَ إلى التَّعدُّدِ. ويُجابُ بأنَّ الواحِدَ فى تأْثيرِه خِلافٌ، والاثْنان لا خِلافَ فى تَأْثيرِهما. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه فسَّرَهماِ بشَرْطَيْن صَحِيحَيْن ليْسا مِن مَصْلَحةِ العَقْدِ ولا مُقْتَضاه. وهذا المذهبُ،
(1) فى الأصل: لا يؤثر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على ما تقدَّم. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ» : هما شَرْطان مُطْلَقًا. يعْنِى، سَواءً كانا صَحِيحَيْن أو فاسِدَيْن، أو مِن غيرِ مَصْلَحةٍ. وقال: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وكذا قال ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ» ، على ما تقدَّم قرِيبًا. الثَّانيةُ، يصِحُّ تَعْليقُ الفَسْخِ بشَرْطٍ. على المذهبِ. اخْتارَه القاضى فى «التَّعْليقِ» ، وصاحِبُ «المُبْهِجِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وقال أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ: لا يصِحُّ. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» ، إذا أجَر هذه الدَّارَ كلَّ شَهرٍ بدِرْهَمٍ، فإذا مضَى شَهْرٌ، فقد فسَخْتُها، أنَّه يصِحُّ، كتَعْليقِ الخُلْعِ، وهو فسْخٌ على الأصحِّ. قال فى «الفُصولِ» ، و «المُغْنِى» فى الإِقْرارِ: لو قالَ: بِعْتُكَ إنْ شِئتَ. فشاءَ وقَبِلَ، صحَّ. ويأْتِى فى الخُلْعِ تَعْليقُه على شئٍ.