المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فى تفريق الصفقة: - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١١

[المرداوي]

الفصل: ‌فصل فى تفريق الصفقة:

‌فَصْلٌ فِى تَفْريقِ الصَّفْقَةِ:

وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَلَهُ ثَلاثُ صُوَرٍ؛ أَحَدُهَا، بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا، فَلَا يَصِحُّ.

ــ

إذا باعَه برَقْمِه لم يصِحَّ؛ للجَهْلِ به حالَ العَقْدِ، وإنْ عُلِمَ بعدَه. وعلى كِلا التَّعْلِيلَيْن لا يخْرُجُ الثَّمَنُ عن كَوْنِه مَجْهُولًا حالَةَ العَقْدِ، وفارَقَ هذا الإِقْرارَ؛ لأن الإِقْرارَ بالمَجْهُولِ يصِحُّ. قال: وهذا قَوْلٌ مُتَّجِهٌ، لا دَافِعَ له. انتهى. قلتُ: فيما قالَه نَظَرٌ، فإنَّ قَوْلَه: على كلا التَّعْلِيلَيْن لا يخْرُجُ الثَّمَنُ عن كَوْنِه مَجْهُولًا حالَةَ العَقْدِ. غيرُ مُسَلَّمٍ؛ فإن كثيرًا مِن النَّاسِ، بل كلَّهم إلَّا القَليلَ، يعْلَمُ قِيمَةَ الدِّينارِ مِنَ الدَّراهِمِ، فلا تحْصُلُ الجَهالَةُ حالَةَ العَقْدِ لغالِبِ النَّاسِ على التَّعْليلِ الثَّانى.

قوله فى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ: أحَدُها (1)، باعَ مَجْهُولًا ومعْلُومًا، فلا يصحُّ. بلا نزاعٍ، وقد أطْلَقَ كثيرٌ مِنَ الأصحابِ الجَهْلَ. قال فى «الفُروعِ»: يجهَل قِيمَتَه مُطْلَقًا. قال فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ»: مَجْهولًا لا مَطْمَعَ فى مَعْرِفَةِ قِيمَتِه.

(1) فى أ: «أحدهما» .

ص: 151

الثَّانِيَةُ، بَاعَ مُشَاعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ؛ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، أَوْ ما يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِالْأَجْزَاءِ، كَقَفِيزَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ لَهُمَا، فَيَصِحُّ فِى نصِيبِهِ بقِسْطِهِ. فِى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَلِلْمُشْتَرِى الْخِيَارُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا.

ــ

وقال فى «الرِّعايتَيْن» : وإنْ جمَع بينَ مَعْلُومٍ ومَجْهُولٍ، وقيل: يتَعذَّرُ عِلْمُ قِيمَتِه. انتهى. فأمَّا إنْ قال: كُلُّ واحدٍ بكذا. ففيه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيين» ، و «الفائِق». قال فى «التَّلْخيصِ»: أصْلُ الوَجْهَيْن إنْ قُلْنا: العِلَّةُ اتِّحادُ الصَّفْقَةِ. لم يصِحَّ البَيْعُ، وإنْ قُلْنا: العِلَّةُ جهَالَةُ الثَّمَنِ فى الحالِ. صحَّ البَيْعُ. وعلى التَّعليلِ الأوَّلِ، يدْخُلُ الرَّهْنُ، والهِبَةُ، والنِّكاحُ، ونظائِرُها. وذكَر التَّعْلِيلَيْن فى «الفُروعِ». وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» بالصِّحَّةِ فى المَعْلُومِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

فائدة: لو باعَه بمِائَةٍ ورَطْلِ خَمْرٍ، فسَد البَيْعُ. وخرَّج فى «الانْتِصارِ» ، صِحَّتَه على رِوايَةٍ.

قوله: الثَّانيةُ، باعَ مُشاعًا بينَه وبينَ غيرِه، كعَبْدٍ مُشْتَركٍ بينَهما، أو ما ينْقَسِمُ عليه الثَّمَنُ بالأجْزَاءِ، كقَفِيزَيْن مُتساويَيْن لهما، فيصِحُّ فى نَصيبِه بقِسْطِه. فى

ص: 152

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وللمُشْتَرى الخِيارُ إذا لم يكن عالِمًا. هو المذهبُ كما قال، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وصحَّحَه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِهْ. وقدَّمه فى «المَحرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ فى ظاهرِ المذهب. اخْتارَه الأكْثَرُ. وعنه، لا يصِحُّ. وهما وَجْهان فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعايَةِ

ص: 153

الثَّالِثَةُ، بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ عَبْدًا وَحُرًّا، أَوْ خَلًّا وَخَمْرًا، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ أُولَاهُمَا، لَا يَصِحُّ. وَالأُخْرَى، يَصِحُّ فِى عَبْدِه وَفِى الْخَلِّ بِقِسْطِهِ.

ــ

الصُّغْرى»، وغيرِهم. فعلى المذهبِ، له الأَرْشُ إذا لم يَكُنْ عالِمًا، وأمْسَكَ بالقِسْطِ فيما ينْقُصُ بالتَّفْريقِ. ذكَرَه فى «المُغْنِى» فى الضَّمانِ.

قوله: الثَّالثةُ، باعَ عَبْدَه وعَبْدَ غيرِه بغيرِ إذْنِه، أو عَبْدًا وحُرًّا، أو خَلًّا وخَمْرًا، ففيه رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «البُلْغَةِ» ،

ص: 154

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» وغيرِهم؛ أُولاهما، لا يصِحُّ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . والأُخْرى، يصِحُّ فى عَبْدِه، وفى الخَلِّ بقِسْطِه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصحَّحَه فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» ، و «الفُروعِ». وقال: هذا ظاهِرُ المذهبِ. واخْتارَه الأكْثَرُ. واخْتارَ فى «التَّرْغيبِ» ، و «البُلْغَةِ» ، وغيرِهما، أنَّه إنْ عَلِمَ بالخَمْرِ ونحوِه، لم يصِحَّ. قال فى «التَّلْخيصِ»: لم يصِحَّ رِوايَةً واحدَةً. وقال الأَزَجِىُّ: إنْ كان ما لا يجوزُ العَقْدُ عليه غيرَ قابلٍ للمُعاوضَةِ بالكُلِّيَّةِ كالطَّريقِ، بطَل البَيْعُ،

ص: 155

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعلى قِياسِه (1) الخَمْرُ، وإنْ كان قابِلًا للصِّحَّةِ، ففيه الخِلافُ. قال فى أوَاخِرِ «القَواعِدِ» (2): ولا يَثْبُتُ ذلك فى المذهبِ. فعلى المذهبِ يأْخُذُ العَبْدَ والخَلَّ بقِسْطِه. على الصَّحيحِ. قال فى «الفُروعِ» : هذا الأَشْهَرُ. وقيلَ: يأْخُذُه بالثَّمَنِ كلِّه. قال القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ» ، فى بابِ الضَّمانِ: يصِحُّ العَقْدُ بكُلِّ الثمَنِ، أو يُردُّ. قال فى آخرِ «القَواعِدِ» (5): وهذا فى غايَةِ الفَسادِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يخُصَّ هذا بمَن كان عالِمًا بالحالِ، وأنَّ بعضَ المَعْقُودِ عليه لا يصِحُّ العَقْدُ عليه، فيكونَ قد دخَل على بدَلِ الثَّمَنِ فى مُقابلَةِ ما يصِحُّ العَقْدُ عليه خاصَّةً، كما نقولُ فى مَن أوْصَى لحَىٍّ ومَيِّتٍ يعْلَمُ مَوْتَه: إنَّ الوَصِيَّةَ كلَّها للحَىِّ. فعلى الأوَّلِ، يأْخُذُ عَبْدَ البائعِ بقِسْطِه على قَدْرِ قِيمَةِ العَبْدَيْن. وذكَر القاضى،

(1) فى الأصل، ط:«قياس» .

(2)

فى أ، ط:«الفوائد» .

ص: 156

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وابنُ عَقِيلٍ وَجْهًا فى بابِ الشَّرِكَةِ والكِتابَةِ مِنَ «المُجَرَّدِ» ، و «الفُصُولِ» ، أنَّ الثَّمَنِ يُقَسَّطُ على عدَدِ المَبِيعِ، لا القِيَمِ. ذكَرَاه فيما إذا باعَ عَبْدَيْن؛ أحدَهما له والآخرَ لغيرِه، كما لو تزَوَّجَ امْرأَتَيْن. قال فى آخِرِ «القَواعِدِ» (1): وهو بعيدٌ جِدًّا، ولا أظُنه يطَّرِدُ إلَّا فيما إذا كان جِنْسًا واحِدًا، ويأْخُذُ الخَلَّ؛ بأنْ يُقَدِّرَ الخَمْرَ خَلًّا على قوْلٍ، كالحُرِّ يُقَدَّرُ عَبْدًا. جزَم به فى «البُلْغَةِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: بل يَعْتَبِرُ قِيمَةَ الخَمْرِ عندَ أهْلِها. قال ابنُ حَمْدانَ: قلتُ: إنْ قُلْنا: نَضْمَنُ لهم. انتهى. قلتُ: وهذا ضَعِيفٌ. وأطْلَقهما فى «التَّلْخيصِ» ، و «الفُروعِ» .

فائدتان؛ إحْداهما، متى صحَّ البَيْعُ، كان للمُشْتَرِى الخِيارُ، ولا خِيارَ للبائعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يثْبُتُ له الخِيَارُ أيضًا. ذكَرَه

(1) فى أ، ط:«الفوائد» .

ص: 157

وَإِنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ بِثَمَن وَاحِدٍ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ.

ــ

عنه فى «الفائقِ» . الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: والحُكْمُ فى الرَّهْنِ والهِبَةِ وسائرِ العُقودِ، إذا جَمَعَتْ ما يجوزُ وما لا يجوزُ، كالحُكْمِ فى البَيْعِ، إلَّا أنَّ الظَّاهِرَ فيها الصِّحَّةُ؛ لأنَّها ليستْ عقُودَ مُعاوَضَةٍ، فلا تُوجَدُ جَهالةُ العِوَضِ فيها. وقد تقدَّم كلامُه فى «التَّلْخيصِ» .

قوله: وإن باعَ عَبْدَه وعَبْدَ غيرِه بإذْنِه بثَمَن واحدٍ، فهل يصِحُّ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيره. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» . والثَّانى، لا يصِحُّ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، وهو عجِيبٌ منه؛ إذِ المَنْصُوصُ الأوَّلُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: هذا أقْيَسُ.

فوائد؛ منها، مثْلُ هذه المَسْأَلَةِ، خِلافًا ومذهَبًا، لو باعَ عَبْدَيْه لاثْنَيْن بثَمَنٍ واحدٍ، لكُلِّ واحدٍ منهما عَبْدٌ. وكذا لو اشْتَراهُما منهما. لكِنْ قدَّم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى المَسْأَلَةِ الأخِيرَةِ عَدَمَ الصِّحَّةِ؛ لتعدُّدِ العَقْدِ حُكْمًا. ثم قال: وقيل: يصِحُّ إنْ صحَّ تَفْريقُ الصَّفْقَةِ. وهو قِياسُ نصِّ أحمدَ. انتهى. فعلى المذهبِ فى

ص: 158

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَسائلِ الثَّلاثِ، يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على قَدْرِ القِيمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر فى «المُنْتَخَبِ» وَجْهًا فى المَسْأَلةِ الأخيرَةِ؛ يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على قَدْرِ القِيمَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر فى «المُنْتَخَبِ» وَجْهًا فى المسْأَلةِ الأخيرَةِ، يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على عدَدِهما. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ مِثْلُه فى غيرِها. ومنها، لو كان لاثْنَيْن عَبْدان مُفْرَدان؛ لكُلِّ واحدٍ منهما عَبْدٌ، فباعَاهما لرَجُلَيْن صَفْقَة واحدةً؛ لكُلِّ واحدٍ عَبْدًا مُعَيَّنًا بثَمَنٍ واحدٍ، ففى صحَّةِ البَيْعِ وَجْهان؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا يصِحُّ. فعلى المذهبِ، يُقَسِّمان الثَّمَنَ على قَدْرِ قِيمَتَىِ العَبْدَيْن، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر القاضى، وابنُ عَقِيل وَجْهًا، يقْتَسِمانِه على عدَدِ رُءوسِ المَبِيعِ. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الخامِسَةَ عشَرَ بعدَ المِائةِ» . ومنها، الإِجارةُ مِثْلُ ذلك، خِلافًا ومذهَبًا. ومنها، لوِ اشْتَبَه عَبْدُه بعَبْدِ غيرِه، أقْرَعَ بينَهما، ولم يصِحَّ بَيْعُ أحَدِهما قبلَ القُرْعَةِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وهو احْتِمالٌ للقاضى فى «خِلافِه». وقيل: يصِحُّ إنْ أَذِنَ شَرِيكُه. وقيلَ: بل يبِيعُه وَكِيلُهما أو أَحَدُهما بإذْنِ الآخَرِ، أَوْ له، ويُقْسَمُ الثَّمَنُ بينَهما بقِيمَةِ العَبْدَيْن. قال القاضى فى «خِلافِه»: هذا أجْوَدُ ما يُقالُ فيه، كما قُلْنا فى زيْتٍ اخْتلَطَ

ص: 159

وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، أَو بَيْعٍ وَصَرْفٍ، صَحَّ فِيهمَا، وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ عَلَيْهِمَا، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.

ــ

بزَيْتٍ لآخَرَ، وأحدُهما أجْوَدُ مِنَ الآخَرِ.

قوله: وإنْ جمَع بينَ بَيْعٍ وإجارَةٍ، أو بَيْعٍ وصَرْفٍ -يعْنِى، بثَمَنٍ واحدٍ- صحَّ فيهما، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال النَّاظِمُ: وهو الأقْوَى. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ الجَمْعُ بينَ البَيْعِ والإِجارَةِ فى عَقْدٍ واحدٍ، فى أظْهَرِ قوْلِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . والثَّانى، لا يصِحُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الخُلاصَةِ»: لوِ اشْتَرَى ثوْبًا ودَراهِمَ بدِينارٍ، أوِ اشْترَى دارًا وسُكْنَى دارٍ بمِائَةٍ، لم يصحَّ فى الأصَحِّ. وهما رِوايَتان فى «الفُروعِ» وغيرِه. فعلى المذهبِ، يُقَسَّطُ العِوَضُ عليهما، قوْلًا واحدًا، كما قال المُصَنِّف هنا.

ص: 160

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتا إحْداهما، لو جمَع بينَ بَيْعٍ وخُلْعٍ بعِوَضٍ واحدٍ، فالحُكْمُ كما تقدَّم فى الجَمْعِ بينَ البَيْعِ والإِجارَةِ، أو البَيْعِ والصرْفِ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. الثَّانيةُ، لو جَمَعَ بينَ بَيْعٍ ونِكاحٍ بعِوَضٍ واحدٍ، فقال: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِى، وبِعْتُك دارِى بِمائَةٍ. صحَّ فى النِّكاحِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعَايَةِ الصُّغْرى» ، وفى «الكُبْرَى» فى مَوْضِعٍ. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ فى الأصحِّ. وقيل: لا يصِحُّ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى مَوْضِعٍ: وإنْ جمع بينَ بَيْعٍ ونِكاحٍ بطَلا. وقيلَ: يصِحَّان. انتهى. وقال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، وغيرِهم: إذا جمَع بينَ مُخْتَلِفى الحُكْمِ، كالإِجارَةِ والبَيْعِ، والنِّكاحِ والبَيْعِ، فالعَقْدُ صَحيحٌ، على أحَدِ الوَجْهَيْنِ. فجَعَلُوا الجَمْعَ بينَ النِّكاحِ والبَيْعِ، كالجَمْعِ بينَ الإِجارَةِ والبَيْعِ. فعلى المذهبِ،

ص: 161

وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ كِتَابَةٍ وَبَيْعٍ، فَكَاتَبَ عَبْدَهُ وَبَاعَهُ شَيْئًا صَفْقَةً وَاحِدَةً، بَطَلَ الْبَيْعُ، وَفِى الْكِتَابَةِ وَجْهَانِ.

ــ

يصِحُّ البَيْعُ أيضًا، على الصَّحيحِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقيل: لا يصِحُّ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» فى مَوْضِعٍ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى مَوْضِعٍ.

قوله: وإنْ جمَع بينَ كتابَةٍ وبَيْعٍ، فكاتَبَ عَبْدَه وباعَه شَيْئًا صَفْقَةً واحِدَةً، بطَل البَيْعُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفائقِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ فى البُيوعِ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يصِحُّ. وقيل: الصِّحَّةُ مَنْصُوصُ أحمدَ. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ فى النِّكاحِ، وأبو الخَطَّابِ. والأَكْثَرون اكْتَفَوْا باقْتِرانِ البَيْعِ وبشَرْطِه، وهو كوْنُ المُشْتَرِى مُكاتَبًا يصِحُّ مُعاملَتُه للسَّيِّدِ. قالَه فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والخَمْسِين» . وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ» .

ص: 162

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: وفى الكِتابَةِ وَجْهَان. وأطْلَقَهما فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى مَوْضِع. قال الشَّارِحُ: وهل تَبْطُلُ الكِتابَةُ؟ ينْبَنِى على الرِّوايتَيْن فى تَفْريقِ الصَّفْقَةِ؛ إحداهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه فى «المُغْنِى» ، و «الحاوِيَيْن» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، وفى «الكُبْرى» فى مَوْضِعٍ.

فائدة: تتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بتَعدُّدِ البائعِ، أوِ المُشْتَرِى، أو المَبِيعِ، أو بتَفْصِيلِ الثَّمَنِ. على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». قال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «المَبْسُوطِ»: نصَّ أحمدُ أنَّ شِراءَ الاثْنَيْن مِنَ الواحدِ عَقْدان وصَفْقَتان. وقال الحَارِثِىُّ: لو باعَ اثْنان نَصِيبَهما مِنِ اثْنَيْن صَفْقَةً واحدةً، فقال أصحابُنا: هى بمَثابَةِ أرْبَعِ عُقُودٍ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقالا: هى أرْبَعَةُ عُقُودٍ؛ إذْ عَقْدُ الواحدِ مع الاثْنَيْن عَقْدان. انتهيا. وقيل: لا يتَعدَّدُ بحالٍ. وأطْلَقَهما فى «الحَاوِيَيْن» . وقيل: يتَعَدَّدُ بتَعدُّدِ البائعِ فقط. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : وإنِ اتَّحَدَ الوَكِيلُ دُونَ المُوَكِّلِ، أو بالعَكْسِ، فاحْتِمالان، والأظْهَرُ الاعْتِبارُ بالمُوَكِّلِ؛ فإنْ قال لاثْنَيْن: بِعْتُكما هذا. فقَبِلَ أحَدُهما، وقُلْنا: تتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بتَعدُّدِ المُشْتَرِى. ففى الصِّحَّةِ وَجْهان. ويأْتِى ذلك فى بابِ الشُّفْعَةِ مُحَرَّرًا.

ص: 163