الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
الضَّرْبُ الثَّانِى فَاسِدٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ عَقْدًا آخَرَ؛ كَسَلَفٍ، أَوْ قَرْض، أو بَيْعٍ، أَوْ إِجَارَةٍ، أَوْ صَرْفٍ لِلثَّمَنِ، أَوْ غَيْرِهِ. فَهَذَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ الشَّرْطُ وَحْدَهُ.
ــ
قوله، فى الشُّرُوطِ الفاسِدَةِ: أحَدُها، أَنْ يشْتَرِطَ أحَدُهما على صاحِبهِ عَقْدًا آخَرَ، كسَلَفٍ، أو قَرْضٍ، أو بَيْعٍ، أو إجارَةٍ. أو صَرْفٍ للثَّمَنِ، أو غيرِه. فهذا يَبْطِلُ البَيْعَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. قال فى «الفُروعِ» : لم يصِحَّ على الأصحِّ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» : هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الكافِى» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . ويحْتَمِلُ أَنْ يبْطُلَ الشرْطُ وحدَه. وهو رِوايَة عن أحمدَ، وهو ظاهِرُ كلَامِ ابنِ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وأطْلَقهما، فى «المُذْهَبِ» ، و «المُحَرِّرِ» ، و «الفائقِ» .
فائدة: هذه المَسْأَلَةُ هى، مَسْألةُ بَيْعتَيْن فى بَيْعَةٍ، المَنْهِىُّ عنها. قالَه الإِمامُ أحمدُ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وقدَّمَه فى «الفُروعِ» . وعنه، البَيْعَتانِ فى بَيْعَةٍ؛ إذا باعَه بعَشَرَةٍ نَقْدًا، أو بعِشْرِين (1) نَسِيئَةً. جزَم به فى «الإِرْشادِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، وغيرِهم. وعنه، بل هذا
(1) فى أ: «وبعشرين» .
الثَّانِى، شَرْطُ مَا يُنَافِى مُقْتَضَى الْبَيْعِ، نَحْوَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا خَسَارَةَ عَلَيْهِ، أَوْ مَتَى نَفَقَ الْمَبِيعُ، وَإِلَّا رَدَّهُ، أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَ، وَلَا يَهَبَ، وَلَا يَعْتِقَ، أَوْ إِنْ أَعْتَقَ، فَالْوَلَاءُ لَهُ، أَوْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، فَهَذَا بَاطِلٌ فى نَفْسِهِ. وَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
شَرْطان فى بَيْعٍ. وقال فى «العُمْدَةِ» : البَيْعتان فى البَيْعَةِ؛ أَنْ يقولَ: بِعْتُك هذا بعَشَرَةٍ صِحاحٍ، أو عِشْرِين مُكَسَّرَةٍ. أو يقولَ: بِعْتُك هذا على أَنْ تبِيعَنِى هذا أو تشْتَرِىَ مِنِّى هذا. النهى. فجَمَع فيها بين الرِّوايتَيْن. ونقَل أبو داودَ، إنِ اشْتَراه بكذا إلى شَهْرٍ، كلَّ جُمُعَةٍ دِرْهَمان. قال: هذا بَيْعان فى بَيْعٍ. ورُبَّما قال: بَيْعَتان فى بَيْعَةٍ.
قوله: الثَّانى، شَرْطُ. ما يُنافِى مُقْتَضَى البَيْعِ؛ نحوَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لا خَسارَةَ عليه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو متى نفَق المَبيعُ وإلَّا رَدَّه، أو أَنْ لا يَبيعَ، ولا يهَبَ، ولا يعْتِقَ، أو إنْ أعْتَقَ فالوَلاءُ له، أو يَشْتَرِطَ أَنْ يفْعَلَ ذلك، فهذا باطِلٌ فى نَفْسِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، إلَّا ما اسْتَثْنَى، وعليه الأصحابُ. وتأْتِى الرِّوايَةُ فى ذلك، والكلامُ عليها. وهل يبْطُلُ البَيْعُ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «الإِيضَاحِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرِّر» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يبْطُلُ البَيْعُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهما. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِهما. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال القاضى: المَنْصُوصُ عن أحمدَ، أنَّ البَيْعَ صَحيحٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّلاثِين»: لو شرَط أَنْ لا يَبيعَ ولا يَهَبَ، وَإِنْ باعَها فالمُشْتَرِى أحَقُّ بها، فنَصَّ أحمدُ على الصِّحَّةِ، وقال: ونُصوصُه صَرِيحَة بصِحَّةِ هذا البَيْعِ والشَّرْطِ، ومَنْعِ الوَطْءِ. وذكَر نُصُوصًا محميرة. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يبْطُلُ البَيْعُ. قال فى «الفُروعِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اخْتارَه القاضى، وأصحابُه، وصحَّحَه فى «الخُلاصَةِ» . فعلى المذهبِ، للَّذى فاتَ غرَضُه الفَسْخُ، أو أَرْشُ ما نقَص مِنَ الثَّمَنِ بإِلْغائِه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» (1)، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يخْتَصُّ ذلك بالجاهِلِ بفَسادِ الشَّرْطِ دونَ العالِمِ. جزَم به فى «الفائقِ» . وقيل:
(1) فى حاشية ط: «الذى جزم به فى «المحرر» هو القول الثانى لا الأول، فنسبة الأول إليه سهو».
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا أرْشَ له، بل يثْبُتُ له الخِيارُ بينَ الفَسْخِ والإِمْضاءِ لا غيرُ. وهو احْتِمالٌ فى
إِلَّا إِذَا شَرَطَ الْعِتْقَ، فَفِى صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، يَصِحُّ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إِنْ أَبَاهُ.
ــ
«المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا ظاهِرُ المذهبِ.
قوله: إلَّا إذا شرَط العِتْقَ، ففى صِحَّتِه رِوايَتان. وأطْلَقَهمَا فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الزَّرْكَشِىّ» ؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. صحَّحَها فى «التَّصْحيحِ» ، و «الفائقِ» ، و «القَواعدِ الفِقْهِيَّةِ». قال فى «النَّظْمِ»: وهو الأقْوَى. قال الزَّرْكَشِىُّ فى الكفَّاراتِ: المذهب مِنَ الرِّوايتَين عندَ الأصحابِ، جَوازُ ذلك وصِحَّتُه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه فى «المُحَرِّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ. قدَّمه فى «إدْراكِ الغايَةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ فى الكفَّاراتِ: وهو ظاهِرُ كلامِ صاحبِ «الوَجيزِ» . فعلى هذه الرِّوايَةِ، لا يبْطُلُ البَيْعُ عندَ المُصَنِّفِ وغيرِه، ويبْطُلُ عندَ أبى الخَطَّابِ فى «خِلافِه» وغيرِه. فعلى المذهبِ، يُجْبَرُ عليه إنْ أَبَاه، كما قال المُصَنِّفُ؛ لأنَّه حَقٌّ للَّهِ كالنَّذْرِ. وهو الصَّحيحُ. قال النَّاظِمُ: هو الأقْوَى. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايتَيْن» . قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ. وقيل: هو حَقٌّ للبائِع. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وحكَى بعضُهُم الخِلافَ رِوايتَيْن؛ فيثْبُتُ له خِيارُ الفَسْخِ، وله إسْقاطُه مَجَّانًا، وله الأرْشُ إنْ ماتَ العَبْدُ ولم يَعْتِقه. نقَلَ الأَثْرَمُ، إنْ أَبَى عِتْقَه، فله أَنْ يَسْتَرِدَّه، وإنْ أمْضَى، فلا أرْشَ فى الأصحِّ. قالَ فى «الفُروعِ» . وأطْلقَ الخِلافَ فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . فعلى المذهبِ، لوِ امْتَنعَ مِنَ العِتْقِ، وأصَرَّ، فقال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: توجَّه أَنْ يَعْتِقَه الحاكِمُ عليه، فلو بادَرَ
وَعَنْهُ، فى مَنْ بَاعَ جَارِيَةً، وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرى، إِنْ بَاعَهَا، فهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثّمَنِ، أنَّ البَيْعَ جَائِزٌ. وَمَعْنَاهُ -وَاللَّهُ أَعْلمُ- أنَّهُ جَائِزٌ مَعَ فَسَادِ الشَّرْطِ.
ــ
المُشْتَرِى وباعَه بشَرْطِ العِتْقِ أيضًا، لم يصِحَّ. قدَّمه فى «نِهايَةِ أبِى المَعالِى» للتَّسَلْسُلِ. وصحَّحَه الأَزَجِىُّ فى «نِهايَتهِ». وقيل: يصِحُّ. وأطْلَقَهما فى «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والعِشْرِين» . وقال: وعندِى أنَّ هذا الخِلافَ مُرَتب على أنَّ الحَقَّ هل هو للَّه، ويُجْبَرُ عليه إنْ أبَى، أو للبائعِ؟ فعلى الأوَّلِ، هو كالمَنْذُورِ عِتْقُه. وعلى الثَّانِى، يسْقُطُ الفَسْخُ لزَوالِ المِلْكِ، وللبائعِ الرُّجوعُ بالأَرْشِ، فإنَّ هذا الشَّرْطَ ينقُصُ به الثَّمَنُ عادة. ويحْتَمِلُ أَنْ يثْبُتَ له الفَسْخ؛ لسَبْقِ حَقِّه. انتهى.
تنبيه: قوْلُ المُصَنِّفِ: وعنه، فى مَن باعَ جارِيَةً، وشرَط على المشْتَرِى إنْ باعَها فهو أحَقُّ، بها بالثَّمَنِ، أنَّ البَيْعَ جائِزٌ. ومعْناه، واللَّهُ أعْلَمُ، أنَّه جائِزٌ مع فَسادِ الشَّرْطِ. يعْنِى، أنَّ ظاهِرَ هذه الرِّوايَةِ، صحَّةُ الشَّرْطِ؛ لسُكوتِه عن فَسادِه، فبَيَّنَ المُصَنِّفُ، رحمه الله، معْناه. روَى المَرُّوذِىُّ عنه، أنَّه قال: هو فى مَعْنَى حديثِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا شَرْطَان فى بَيْعٍ» يعْنِى، أنَّه فاسِدٌ. وروَى عنه إسْماعِيلُ أنَّه قال: البَيْعُ صَحيحٌ. واتَّفقَ عمرُ وابنُ مَسْعُودٍ على صِحَّتِهْ. قال المُصَنِّفُ: يحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ كلامُ أحمدَ، فى رِوايَةِ المَرُّوذِىِّ، على فَسادِ الشَّرْطِ، وفى رِوايَةِ إسْماعِيلَ، على جَوازِ البَيْعِ؛ فيكونُ البَيْعُ صَحِيحًا، والشرْطُ فاسِدًا، وهو مُوافِقٌ لأَكثرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: نقَل على بنُ سَعِيدٍ -فى مَن باعَ شيئًا، وشرَط عليه إنْ باعَه، فهو أحَقُّ به بالثَّمَنِ- جَوازَ البَيْعِ والشَّرْطِ. وسألَه أبو طالِبٍ عن مَن اشْتَرى أمَةً بشَرْطِ أَنْ يتسَرَّى بها لا للخِدْمَةِ؟ قال: لا بأْسَ به. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: رُوِى عنه نحوُ عِشرِين نصًّا على صِحَّةِ هذا الشَّرْطِ. قال: وهذا، مِن أحمدَ، يقْتَضِى أنَّه إذا شرَط على البائعِ فِعْلًا، أو تَرْكًا فى البَيْعِ، ممَّا هو مَقْصودُ البائع أو للمَبِيعِ نفْسِه، صحَّ البَيْعُ والشَّرْطُ كاشْتِراطِ العِتْقِ. فاخْتار الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، صِحَّةَ هذا الشَّرْطِ، بل اخْتارَ صِحَّةَ العَقْدِ والشَّرْطِ فى كلِّ عَقْدٍ، وكلِّ شَرْطٍ لم يُخالِفِ الشَّرْعَ؛ لأنَّ إطْلاقَ الاسْمِ يتَناوَلُ المُنْجَزَ والمُعَلَّقَ، والصَّرِيحَ والكِنايَةَ، كالنَّذْر، وكما يتَناوَلُه بالعَرَبِيَّةِ والعَجَميَّةِ. انتهى. وأطْلقَ ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه فى صحةِ هذا الشَّرْطِ ولُزومِه رِوايتَيْن. ونقَل حَرْبٌ ما نقَلَه الجماعَةُ، لا بَأْسَ بشَرْطٍ واحدٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، لو شرَط على المُشْتَرِى وَقْفَ المَبِيعِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه مُلْحَقٌ بالشُّروطِ المُنافِيَةِ لمُقْتَضَى البَيْعِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحاب. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ العِتْقِ إذا شرَطَه على المُشْتَرِى، كما تقدَّم. الثَّانيةُ، محَلُّ هذه الشُّروطِ، أَنْ تقَعَ مُقارِنَةً للعَقْدِ. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ شرَط ما يُنافِى مُقْتَضاه، قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: فى العَقْدِ. وقال بعدَ ذلك بأَسْطُرٍ: ويُعْتَبرُ مُقارَنَةُ الشَّرْطِ. ذكَره فى «الانْتِصارِ» ، ويتَوجَّهُ أنَّه كالنِّكاحِ. ويأْتِى كلامُ الشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ وغيرِه، فيما إذا شرَط عندَ عَقْدِ النِّكاحِ شَرْطًا، فى أوَّلِ بابِ الشُّروطِ فى النِّكاحِ.
وَإِنْ شَرَطَ رَهْنًا فَاسِدًا وَنَحْوَهُ، فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
قوله: وِإنْ شرَط رَهْنًا فاسِدًا ونحوَه. مِثْلَ أَنْ يشْتَرِطَ خِيارًا أو أجَلًا مَجْهُولَيْن، أو نَفْعَ بائعٍ ومَبِيعٍ إنْ لم يصِحَّا، أو تأْخِيرَ تَسْلِيمِه بلا انْتفِاع. وكذا فِناءُ الدَّارِ لا بحَقِّ طرِيقِها، فهل يبْطُلُ البَيْعُ؟ على وَجْهَيْن. بناءً على الرِّوايتَيْن فى شَرْطِ ما يُنافِى مُقْتَضَى العَقْدِ، خِلافًا ومذهبًا، وقد عَلِمْتَ أَنَّ المذهبَ عدَمُ (1) البُطْلانِ.
فائدة: لو علَّق عِتْقَ عَبْدِه على بَيْعِه فباعَه، عتَق وانْفَسخَ البَيْعُ. نَصَّ عليه فى رِوايَةِ الجماعةِ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: ولم يُنْقَلْ عنه فى ذلك خِلافٌ. انتهى. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. قال فى «المُذْهَبِ»
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِه: عتَق العَبْدُ على قَوْلِ أصحابِنا. وترَدَّدَ فيه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى مَوْضِعٍ، وله فيه طَرِيقَة أُخْرَى تأْتِى. قال العَلَّامَةُ ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه»: اخْتلَفَ الأصحابُ فى تَخْريجِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ على طُرُقٍ؛ أحدُها، أنَّه مَبْنِىٌّ على القَوْلِ بأنَّ المِلْكَ لم يُنْقَلْ عن البائعِ فى مُدَّةِ الخِيارِ، فأمَّا على القَوْلِ بالانْتِقالِ، وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّحيحُ، فلا يَعْتِقُ. وهى طَرِيقَةُ أبى الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه» . واخْتارَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، وهو احْتِمالٌ فى «الحاوِى» وغيرِه. قال ابنُ رَجَبٍ: وفى هذه الطَّريقَةِ ضَعْفٌ. وبيَّنَهَ. الثانى، أنَّ عِتْقَه على البائعِ، لثُبوتِ الخِيارِ له، فلم تنْقَطِعْ عُلْقَتُه عن المَبِيعِ بعدُ. وهى طَرِيقَةُ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ، وأبى الخَطَّابِ. الثَّالثُ، أنَّه يَعْتِقُ على البائعِ عَقِبَ إيجابِه، وقبلَ قَبُولِ المُشْتَرِى. وهى طرِيقَةُ ابنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبى مُوسى، وصاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ» ، والمُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» ، والشَّارحِ. وصاحِبِ «التَّلْخيصِ» ، وغيرِهم؛ لأنَّه علَّقَه على بَيْعِه، وبَيْعُه الصَّادِرُ منه هو الإِيجابُ فقط، ولهذا سُمِّىَ بائعًا. قال ابنُ رَجَبٍ: وفيه نظَرٌ. وهو كما قال. الرَّابعُ، أنه يعْتِقُ على البائِعِ فى حالَةِ انْتِقالِ المِلْكِ إلى المُشْتَرِى، حيثُ يتَرتَّبُ على الإِيجابِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والقَبُولِ انْتِقالُ المِلْكِ، وثُبوتُ العِتْقِ، فيتدَافَعان، وينْفُذُ العِتْقُ لقُوَّتِه وسِرايَتِه، دُونَ انْتِقالِ المِلْكِ. وهى طَريقَةُ أبى الخَطَّابِ فى «رُءوسِ المَسائلِ». قال ابنُ رَجَبٍ: ويَشْهَدُ لها تَشْبِيهُ أحمدَ بالمُدَبَّرِ والوَصِيَّةِ. الخامسُ، أنَّه يعتِقُ بعدَ انْعِقادِ البَيْعِ وصِحَّتِه، وانْتِقالِ المَبِيعِ إلى المُشْتَرِى، ثم يَنْفَسِخُ البَيْعُ بالعِتْقِ على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
البائِعِ. وصرَّح بذلك القاضى فى «خِلافِه» ، وابنُ عَقِيلٍ فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ» ، والمَجْدُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، وتَشْبِيهِه بالوَصِيَّةِ. وسلَك الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ طريقًا سادِسًا، فقال: إنْ كان المُعَلِّقُ للعِتْقِ قصْدُه اليَمِينُ دُونَ التَّبرُّرِ بعِتْقِه، أجْزأه كفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لأنَّه إذا باعَه خرَج عن مِلْكِه، فَبَقِىَ كنَذْرِه أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَ غيرِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فتُجْزِئُه الكَفَّارَةُ، وإنْ قصَد به التَّقَرُّبَ، صارَ عِتْقُه مُسْتَحَقًّا كالنَّذْرِ، فلا يصِحُّ بَيْعُه، ويكونُ العِتْقُ مُعَلَّقا على صُورَةِ البَيْعِ كما لو قال، لِمَا لا يحِلُّ بَيْعُه: إذا بِعْتُه فعلىَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ. أو قال لأُمِّ وَلَدِه: إنْ بِعْتُكِ فأنتِ حُرَّةٌ. انتهى كلامُ ابنِ رَجَبٍ. فلَقد أجادَ، وله على هذه الطُّرُقِ اعْتِراضاتٌ ومُؤَاخَذاتٌ، لا يَلِيقُ ذِكْرُها هنا، وذلك فى «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والخَمْسِين». ويأْتِى فى أوَاخِرِ بابِ الإِقْرارِ بالمُجْمَلِ لو قال لعَبْدِه: إنْ أقْرَرْتُ بك لزَيْدٍ، فأنتَ حُرٌّ. أو: فأنتَ حُرٌّ ساعَةَ إقْرارِى.
الثَّالِثُ، أن يَشْتَرِطَ شَرْطًا يُعَلِّقُ الْبَيْعَ، كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ إِنْ جِئْتَنِى بِكَذَا. أو: إِنْ رَضِىَ فُلَانٌ. أو يَقُولَ لِلْمُرْتَهِنِ: إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ فى مَحِلِّهِ، وَإلَّا فَالرَّهْنُ لَكَ. فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ، إِلَّا بَيْعَ الْعُرْبُونِ؛ وَهُوَ أن يَشْتَرِىَ شَيْئًا، وَيُعْطِىَ الْبَائِعَ دِرْهَمًا، وَيَقُولَ: إِن أَخَذْتُهُ، وَإلَّا فَالدِّرْهَمُ لَكَ. فَقَالَ أحْمَدُ، رَضِىَ اللَّه عَنْهُ: يَصِحُّ؛ لأَنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَلَهُ. وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ، لَا يَصِحُّ.
ــ
قوله: الثَّالِثُ، أَنْ يشْتَرِطَ شَرْطًا يُعَلِّقُ البَيْعَ، كَقَوْلِه: بِعْتُك إنْ جِئْتَنِى بكذا. أو: إنْ رَضِىَ فُلان. فلا يَصِحُّ البَيْعُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفائقِ»: ففاسِدٌ، قالَه أصحابُنا؛ لكَوْنِه عَقْدَ مُعاوَضَةٍ. ثم قال: ونُقِلَ عن الإِمامِ أحمدَ تَعْليقُه فِعْلًا منه. قال شيْخُنا: هو صحيحٌ، وهو المُخْتارُ. انتهى.
قوله: أو يقُولَ للْمُرْتَهِنِ: إنْ جِئْتُك بحقِّك، وإلَّا فالرَّهْنُ لك -يعْنِى، مَبِيعًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بمالك عندِى مِنَ الحَقِّ- فلا يصِحُّ البَيْعُ. ولا الشَّرْطُ فى الرَّهْنِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وغيرِهم، وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم، ونصَّ عليه ببُطْلانِ الشَّرْطِ. وهذا مَعْنَى قوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ:«لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ» (1). وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يبْطُلُ الثَّانى، وإنْ لم يَأْتِه صارَ له، وفعَلَه الإِمامُ. قالَه فى «الفائقِ». وقال: قلتُ: فعليه، غَلْقُ الرَّهْنِ، اسْتِحْقاقُ المُرْتَهِنِ له بوَضْعِ العَقْدِ، لا بالشَّرْطِ، كما لو باعَه منه. ذكَرَه فى بابِ الرَّهْنِ. وأمَّا صِحَّةُ الرَّهْنِ، ففيه رِوايَتان، يأْتِيان مع الشَّرْطِ فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الرَّهْنِ فى آخِرِ الفَصْلَ الأوَّلِ.
فائدتان؛ إحْداهما، لو قَبِلَ المُرْتَهِنُ ذلك، فهو أمانَةٌ عندَه إلى ذلك الوَقْتِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم يصِيرُ مَضْمُونًا، لأَنَّ قبْضَه صارَ بعَقْدٍ فاسِدٍ. ذكَرَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. وقال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: والمَنْصُوصُ عن أحمدَ فى رِوايَةِ محمدِ بنِ الحَسَنِ ابنِ هَارُونَ (1)، أنَّه لا يضْمَنُه بحالٍ. ذكَرَه القاضى فى «الخِلافِ» ، لأَنَّ الشَّرْطَ يفْسُدُ، فيَصِيرُ وُجودُه كعَدَمِه. الثَّانيةُ، يصِحُّ شَرْطُ رَهْنِ المَبِيعِ على ثَمَنِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، فيقولُ: بِعْتُك على أَنْ تَرْهَنَه بثَمَنِه. وقيل: لا يصِحُّ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضى. ولو قال: إنْ، أو إذا رَهَنْتَنِيه، فقد بِعْتُك. فبيْعٌ مُعَلَّقٌ بشَرْطٍ. وأجابَ أبو الخَطَّابِ، وأبو الوَفاءِ، إن قال: بِعْتُك على أَنْ تَرْهَنَنِى. لم يصِحَّ وإنْ قال: إذا رَهَنْتَنِيه على ثَمَنِه وهو كذا، فقد بِعْتُك، فقال: اشْتَريْتُ ورَهَنْتُها عندَك على الثَّمَنِ. صحُّ الشِّراءُ والرَّهْنُ.
قوله: إلَّا بَيْعَ العُرْبُونِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ بَيْعَ العُرْبُونِ صَحيحٌ، وعليه
(1) محمد بن الحسن بن هارون بن بدينا الموصلى، أبو جعفر، سكن بغداد، وحدث بها عن الإمام أحمد. توفى سنة ثلاث وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 1/ 288 - 290.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعندَ أبى الخَطَّابِ، لا يصِحُّ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. قال المُصَنِّفُ: وهو القِياسُ. وأطْلَقَهما فى «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ». لكِنْ قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: المَنْصُوصُ، الصِّحَّةُ فى العَقْدِ والشَّرْطِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: وهو أَنْ يشْتَرِىَ شَيْئًا، ويُعْطِىَ البائِعَ دِرْهمًا، ويقُولَ: إنْ أخَذْتُه وإلَّا فالدِّرْهَمُ لك. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ هذه صِفَةُ بَيعِ العُرْبُونِ. ذكَرَه الأصحابُ، وسواءٌ وقَّت أو لم يُوَقِّتْ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: العُرْبُونُ أَنْ يقولَ: إنْ أخَذْتُ المَبِيعَ، وجِئْتُ بالباقِى وَقْتَ كذا، وإلَّا فهو لك. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» .
فائدة: إِجارَةُ العُرْبُونِ كبَيْعِ العُرْبُونِ. قالَه الأصحابُ.
تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أن الدِّرْهَمَ للبائعِ أو للمُؤْجِرِ إنْ لم يأْخُذِ السِّلْعَةَ أو يسْتَأْجِرْها. وصرَّح بذلك. النَّاظِمُ، وناظِمُ «المُفْرَدات» ، وهو ظاهِرُ
وَإِنْ قَالَ: بِعْتُكَ عَلَى أَنْ تَنْقُدَنِى الثَّمَنَ إِلَى ثَلَاثٍ، وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا. فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. نَصَّ عَلَيْهِ.
ــ
كلامِ الشَّارِحِ، وقالَه شيْخُنا فى «حَواشِى الفُروعِ». وقال فى «المُطْلِعِ»: يكونُ للمُشْتَرِى مَرْدُودًا إليه إنْ لم يَتِمَّ البَيْعُ، وللبائِع مَحْسُوبًا مِنَ الثَّمَنِ إنْ تَمَّ البَيْعُ. ولم أرَ مَن وافَقَه.
قوله: وإنْ قال: بِعْتُك على أَنْ تَنْقُدَنِى الثَّمَنَ إلى ثَلاثٍ، وإِلَّا فلا بيْعَ بينَنا. فالبَيْعُ صَحِيحٌ. نصَّ عليه. وهو المذهب، وعليه الأصحابُ. يعْنِى، أنَّ البَيْعَ والشَّرْطَ صَحِيحان. فإنْ مضَى الزَّمَنُ الذى وَقَّتَه له، ولم يَنْقُدْه الثَّمَنَ، انْفَسَخَ العَقْدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يبْطُلُ البَيْعُ بفَواتِه.
وَإِنْ بَاعَهَ، وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، لَمْ يَبْرَأْ. وَعَنْهُ، يَبْرَأُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ عَلِمَ الْعَيْبَ، فَكَتَمَهُ.
ــ
قوله: وإنْ باعَه وشرَط البَراءَةَ مِن كُلِّ عَيْبٍ، لم يبْرَأْ. وكذا لو باعَه، وشرَط البَراءةَ مِن عَيْبِ كذا إنْ كان. وهذا المذهبُ فى ذلك بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال أبو الخَطَّابِ وجماعَةٌ: لأنَّه خِيارٌ يثْبُتُ بعدَ البَيْعِ فلا يَسْقُطُ، كالشُّفْعَةِ. واعْتَمدَ عليه فى «عُيونِ المَسائلِ» . وعنه، يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يكونَ البائعُ عَلِمَ العَيْبَ فكتَمَه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ونَقل ابنُ هانِئٍ، إنْ عينَّهَ صحَّ. ومَعْناه، نَقْلُ ابنِ القاسِمِ وغيرِه، لا يبْرَأُ إلَّا أَنْ يُخْبِرَه بالعُيوبِ كلِّها؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه مُرْفَقٌ فى البَيْعِ، كالأَجَلِ والخِيارِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: الأَشْبَهُ بأُصولِنا نَصْرُ الصِّحَّةِ، كالبَراءَةِ مِنَ المَجْهول. وذكَرَه هو وغيرُه رِوايَةً، وذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» قوْلًا. وهو تخْريجٌ فى «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: خرَّج أصحابُنا الصِّحَّةَ مِنَ البَراءَةِ مِنَ المَجْهولِ واخْتارَه فى «الفائقِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِ المُصَنِّفِ: لم يَبْرَأْ. أنَّ هذا الشَّرْطَ لا تأْثِيرَ له فى البَيْعِ، وأنَّه صَحيحٌ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقيل: يفْسُدُ البَيْعُ به. وهو تخْرِيجٌ لأبى الخَطَّابِ، وصاحِبِ «الكافِى» ، و «المُحَرَّرِ». قال الشَّارِحُ وغيرُه: وعن الإِمامِ أحمدَ فى الشُّروطِ الفاسِدَةِ رِوايَتان؛ إحْداهما، يفْسُدُ بها العَقْدُ. فيدْخُلُ فيها هذا البَيْعُ. النهى. الثَّانى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ