المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ العَاقِدُ جَائِزَ التَّصَرُّفِ؛ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ، ــ وقال - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١١

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ العَاقِدُ جَائِزَ التَّصَرُّفِ؛ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ، ــ وقال

‌فَصْلٌ:

الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ العَاقِدُ جَائِزَ التَّصَرُّفِ؛ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ،

ــ

وقال فى «الانْتِصارِ» : يُقْبَلُ منه بقَرِينَةٍ. الخامسةُ، مَن قال لآخَرَ: اشْتَرِنِى مِن زَيْدٍ، فإنِّى عبْدُه. فاشْتَراه، فبانَ حُرًّا، لم يَلْزَمْه العُهْدَةُ، حضَر البائِعُ أو غابَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعةُ. كقَوْلِه: اشْتَرِ منه عَبْدَه هذا. ويُؤَدَّبُ هو وبائعُه، لكنْ ما أخَذ المُقِرُّ غَرِمَه. نصَّ عليهما. وسألَه ابنُ الحَكَمِ عن رَجُلٍ يُفِرُّ بالعُبودِيَّةِ حتىِ يُباعَ؟ قال: يُؤْخَذُ البائِعُ والمُقِرُّ بالثَّمَنِ، فإنْ ماتَ أحدُهما أو غابَ، أُخِذَ الآخَرُ بالثَّمَنِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال فى «الفُروعِ» : ويتَوجَّهُ هذا فى كلِّ غارٍّ. وما هو ببَعِيدٍ. ولو كان الغارُّ أُنْثَى، حُدَّتْ ولا مَهْرَ، نصَّ عليه، ويَلْحَقُه الوَلَدُ. السَّادسةُ، لو أقرَّ أنَّه عبْدُه، فرَهَنَه، قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ كبَيْعٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ولم يُنْقَلْ عن أحمدَ فيه إلَّا رِوايَةُ ابنِ الحَكَمِ المُتقَدِّمةُ، وقال بها أبو بَكْرٍ.

قوله: الثَّانِى، أنْ يكونَ العاقِدُ جائِزَ التَّصَرُّفِ؛ وهو المُكَلَّفُ الرَّشِيدُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب، اشْتِراطُ التَّكْليفِ والرُّشْدِ فى صحَّةِ البَيْعِ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. وعنه، يصِحُّ تصَرُّفُ المُمَيِّز، ويقِفُ على إجازَةِ وَلِيِّه. وعنه، يصِحُّ مُطْلقًا. ذكَرَها الفَخْرُ إسْماعِيلُ البَغْدَادِىُّ (1). وقال فى «الانْتِصارِ» ،

(1) إسماعيل بن على بن حسين البغدادى، الأزجى، فخر الدين، أبو عمد. اشتهر بغلام ابن المنى. فقيه، أصولى، متكلم، له تصانيف مثلًا «المفردات» ، «التعليقة المشهورة» . توفى سنة عشر وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 66 - 68.

ص: 18

إِلَّا الصَّبِىَّ الْمُميِّزَ، وَالسَّفِيهَ؛ فَإنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمَا بِإذْنِ وَلِيِّهِمَا، فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، إِلَّا فى الشَّىْءِ الْيَسِيرِ.

ــ

و «عُيونِ المَسائلِ» : ذكَر أبو بَكْرٍ صحَّةَ بَيْعِه ونِكاحِه.

قوله: إِلَّا الصَّبِىَّ المُمَيِّزَ والسَّفِيهَ، فإنَّه يصِحُّ تَصَرُّفُهما بإذْنِ وَلِيِّهما فى إحْدَى الرِّوايَتين. وهى المذهبُ، وعليه الأصحابُ. والرِّوايَةُ الأُخْرَى، لا يصِحُّ

ص: 19

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تصَرُّفُهما إلَّا فى الشَّئِ اليَسِيرِ. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وأطْلَقَ وَجْهَيْن فى «الكافِى» ، و «التَّلْخيصِ» . وأطْلَقَهما فى السَّفِيهِ، فى بابِ الحَجْرِ، فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» .

تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن محَلِّ الخِلافِ، عَدمُ وَقْفِ تصَرُّفِ السَّفِيهِ. قال فى «الفُروعِ»: والسَّفِيهُ مثْلُ المُمَيِّزِ إلَّا فى عدَمِ وَقْفِه. يعْنِى، أنَّ لنا رِوايَةً فى المُمَيَّزِ بصِحَّةِ تَصَرُّفِه، ووُقوفِه على إجازَةِ الوَلىِّ، بخِلافِ السَّفِيهِ. ويُسْتَثْنَى أيضًا مِنَ الخِلافِ فى المُمَيَّزِ والمُراهِقِ، تصَرُّفُه للاخْتِبارِ، فإنَّه يصِحُّ، قوْلًا واحدًا. جزَم به فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرِهما. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، إجْراءُ الخِلافِ فيه.

ص: 20

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، عدَمُ صحَّةِ تصَرُّفِ غيرِ المُمَيِّزِ مُطْلَقًا: أمَّا فى الكَثِيرِ، فلا يصِحُّ، قوْلًا واحدًا، ولو أَذِنَ فيه الوَلِىُّ. وأمَّا اليَسيرُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ تصَرُّفِه. وهو الصَّوابُ. قطَع به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقيلَ: لا يصِحُّ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» . وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» .

فائدة: يصِحُّ تصَرُّفُ العَبْدِ والأمَةِ بغيرِ إذْنِ السَّيِّدِ، فيما يصِحُّ فيه تصَرُّفُ الصَّغيرِ بغيرِ إذْنِ وَلِيِّه. قالَه الأصحابُ.

تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رحمه الله، أن تصَرُّفَ الصَّبِىِّ والسَّفيهِ، لا يصِحُّ بغيرِ إذْنِ وَلِيِّهما، إلَّا فى الشَّئِ اليَسِيرِ، كما قال المُصَنِّفُ. وهو صحيحٌ فى الجُمْلَةِ، وهو المذهبُ، وعليه الأكثرُ. ونقَل حَنْبَلٌ، إنْ تزَوَّجَ الصَّغِيرُ، فبلَغ أبَاه، فأجازَه، جازَ. قال جماعةٌ: ولو أجازَه هو بعدَ رُشْدِه، لم يَجُزْ. ونقَل أبو طالِبٍ، وأبو الحارِثِ، وابنُ مُشَيْشٍ، صحَّةَ عِتْقِه إذا عقَلَه. وكذا قال فى «عُيونِ المَسائلِ»: يصِحُّ عِتْقُه، وأنَّ أحمدَ قالَه. [وقدَّم فى «التَّبْصِرَةِ» صحَّةَ عِتْقِ المُمَيِّزِ](1). وذكَر فى «المُبْهِجِ» ، و «التَّرْغِيبِ» ، فى صحَّةِ عِتْقِ المَحْجُورِ عليه، وابنِ عَشرٍ، وابنَةِ تِسْعٍ، رِوايتَيْن. وقال فى «المُوجَزِ»: فى صحَّةِ عِتْقِ المُمَيِّزِ رِوايَتان.

(1) زيادة من: ش.

ص: 21

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال فى «الانْتِصارِ» ، و «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، والمُصَنِّفُ فى هذا الكتابِ فى بابِ الحَجْرِ، وغيرُهم: فى صحَّةِ عِتْقِ السَّفِيهِ روِايَتان. ويأتِى بعضُ ذلك فى أوَّلِ كتابِ العِتْقِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الصَّحيحُ عن أحمدَ، عدَمُ صحَّةِ عقُودِه، وأنَّ شيْخَه القاضى قال: الصَّحيحُ عندِى، فى عقودِه كلِّها رِوايَتان. وقدَّم فى «التَّبْصِرَةِ» صِحَّةَ عِتْقِ مُمَيِّزٍ وسَفِيهٍ ومُفْلِسٍ. ونقَل حَنْبَلٌ، إذا بلَغ عشْرًا، تزَوَّج، وَزوَّج، وطَلَّق. وفى طريقَةِ بعضِ أصحابِنا، فى صحَّةِ تصَرُّفِ مُمَيِّز ونُفوذِه، بلا إذْنِ وَلِىٍّ، وإبْرائِه وإعْتاقِه وطَلاقِه، رِوايَتان. انتهى. وشِراءُ السَّفِيهِ فى ذِمَّتِه واقْتِراضُه، لا يصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ. ويأْتِى أحْكامُ السَّفِيهِ فى بابِ الحَجْرِ. وأمَّا الصَّبِىُّ، فله أحْكامٌ كثِيرَةٌ مُتفَرِّقَةٌ فى الفِقْهِ، ذُكِرَ أكثرُها فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ، ويأْتِى بعضُها فى كلامِ المُصَنِّفِ فى وَصِيَّتِه، وتَزْوِيجِه، وطَلاقِه، وظِهارِه، وإيلائِه، وإسْلامِه، ورِدَّتِه، وشَهادَتِه، وإقْرارِه، وغيرِ ذلك. وفى قَبُولِ المُمَيِّزِ والسَّفِيهِ، وكذا العَبْدُ، هِبَةً ووَصِيَّةً بدُونِ إذْنٍ، ثَلَاثةُ أوْجُهٍ؛ ثالِثُها، يصِحُّ مِنَ العَبْدِ دُونَ غيرِه. نصَّ عليه. قالَه فى «الفُروعِ» . وذكَر فى «المُغْنِى» ، أنَّه يصِحُّ قَبُولُ المُمَيِّزِ، وكذا قبْضُه، واخْتارَه أيضًا الشَّارِحُ، والحَارِثِىُّ. وفيه احْتِمالٌ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، فى السَّفِيهِ والمُمَيِّزِ. وأطْلقَهما فى «الفائقِ» ، فى المُمَيِّزِ (1). قلتُ: الصَّوابُ الصِّحَّةُ فى الجميعِ، ويُقْبَلُ مِن مُمَيَّزٍ. قال أبو الفَرَجِ: ودُونَه هَدِيَّةٌ أرْسَلَ بها، وإذْنهُ فى دُخولِ الدَّارِ ونحوِها. وفى «جامِعِ القاضى» ، ومِن فاسِقٍ وكافِرٍ. وذكَرَه القُرْطُبِىُّ إجْماعًا. وقال القاضى فى مَوْضِعٍ: يَقْبَلُه منه إنْ ظَنَّ صِدْقَه بقرِينَةٍ، وإلَّا فلا. قال فى «الفُروعِ»: وهذا مُتَّجَهٌ.

(1) فى الأصل، أ:«الصغير» .

ص: 22