الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْخِيَارِ فى الْبَيْعِ
وَهُوَ عَلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَيَثْبُت فى الْبَيْعِ. وَالصُّلْحُ بِمَعْنَاهُ، وَالإِجَارَةُ. وَيَثْبُت فى الصَّرْفِ، وَالسَّلَمِ. وَعَنْهُ، لَا يَثبُتُ فِيهِمَا. وَلَا يَثْبُتُ فى سَائِرِ الْعُقُودِ، إِلَّا فى الْمُسَاقَاةِ وَالْحَوَالَةِ وَالسَّبْقِ، فى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
ــ
بابُ الخِيارِ فى البَيْعِ
تنبيهات، الأَوَّلُ، يُسْتَثْنَى مِن عُمومِ قولِه: أحدُها، خِيارُ المَجْلِسِ، ويثْبُتُ فى البَيْعِ. الكِتابةُ فإنَّها بَيْعٌ، ولا يثْبُتُ فيها خِيارُ المَجْلِسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وِقطَع به الأكثرُ، وقد ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه مِنَ الأصحابِ فى بابِ الكِتابَةِ، وفيه خِلافٌ يأْتِى فى ذلك البابِ. فالأوْلَى أَنْ يُقالَ: عُمومُ كلامِ المُصَنِّفِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هنا مَخْصوصٌ بكلامِه فى الكِتابَةِ. الثَّانى، يُسْتَثْنَى أيضًا، لو توَلَّى طَرَفَىِ العَقْدِ، فإنَّه لا يَثْبُتُ فيه خِيارُ المَجْلِسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، وغيرِهم. وصحَّحَه فى «الفُروعِ» . وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقيل: يَثْبُتُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . قال الأَزَجِىُّ فى «النِّهايَةِ» : وهو الصَّحيحُ. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. فعلى هذا الوَجْهِ، يَلْزَمُ العَقْدُ بمُفارَقَةِ المَوْضِعِ الذى وقَع العَقْدُ فيه. على الصَّحيحِ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا يَحْصُلُ اللُّزومُ إلَّا بقولِه: اخْتَرْتُ لُزومَ العَقْدِ. ونحوِه. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. الثَّالثُ، وكذلك حُكْمُ الهِبَةِ إذا توَلَّى طَرَفَيْها واحِدٌ. قالَه فى «الفائقِ» وغيرِه. الرَّابعُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لوِ اشْتَرى مَن يَعْتِقُ عليه، ثُبوتُ خِيارِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَجْلِسِ له. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. والوَجْهُ الثَّانى، لا خِيارَ له. قال الأَزَجِىُّ فى «نِهايَتِه»: الظَّاهِرُ فى المذهبِ عدَمُ ثُبوتِ الخِيارِ فى شِراءِ مَن يَعْتِقُ عليه. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، والزَّرْكَشِىُّ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» . الخامِسُ، وكذا الخِلافُ فى حَقِّ البائعِ فى هذه المَسْأَلةِ. وقيل: يثْبُتُ له الخِيارُ، وإنْ منَعْناه مِنَ المُشتَرِى. قالَه فى «الرِّعايَةِ». وقال الزَّرْكَشِىُّ: وفى سُقوطِ حَقِّ صاحبِه وَجْهان.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: ويثْبُتُ فى البَيْعِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، وقطَع به أكثرُهم. وفى طَريقَةِ بعضِ الأصحابِ رِوايَةٌ، لا يثْبُتُ خِيارُ المَجْلِسِ فى بَيْعٍ وعَقْدِ مُعاوَضَةٍ.
تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: ويثْبُتُ فى البَيْعِ. أنَّه سواءٌ كان فيه خِيارُ شَرْطٍ أَوْ لا. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الفُروعِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهما. وقيل: لا يثْبُتُ فيه خِيارُ المَجْلِسِ. ويأْتِى فى خِيارِ الشَرْطِ إنِ ابْتدَأَه مِن حينِ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وأطْلَقهما فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» . وفائدَةُ الوَجْهَيْن، هلِ ابْتِداءُ مُدَّةِ خِيارِ الشَّرْطِ مِن حينِ العَقْدِ، أو التَّفَرُّقِ؟ فعلى الأوَّلِ، يكونُ مِن حين، التَّفَرُّقِ. وعلى الثَّانى، مِن حينِ العَقْدِ. قالَه فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه.
قوله: والإِجارَةِ. يثْبُتُ خِيارُ المَجْلِسِ فى الإِجارَةِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكافِى» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. وقيل: لا يثْبُتُ فى إجارَةٍ تَلِى العَقْدَ. وهو وَجْهٌ فى «الكافِى» . وأطْلَقَهما فى «الحاوِى الكَبِيرِ» . وأطْلقَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» الوَجْهَيْن فى الإِجارَةِ فى الذِّمَّةِ. وجزَم فى «الحاوِى الكَبِيرِ» بثُبوتِ الخِيارِ فيها.
قوله: ويثْبُتُ فى الصَّرْفِ والسَّلَمِ. وهو المَذْهبُ. قال فى «الفُروعِ» : يثْبُتُ على الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: هذا الأُوْلَى. وصحَّحَه المُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» وقدَّمه فى «الكافِى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهما. وعنه، لا يثْبُتُ فيهما. وجزَم به ناظِمُ «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» . وأطلْقَهُما فى «الهِدايَةِ» ، و «الفُصُولِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم. وخصَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضى الخِلافَ فى كتابِ «الرِّوايتَيْن» بالصَّرْفِ، وترَدَّدَ فى السَّلَمِ، هل يلْحَقُ بالصَّرْفِ، أو ببَقِيَّةِ البِياعاتِ؟ على احْتِمالَيْن.
فائدة: قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: ويثْبُتُ فى الصَّرْفِ والسَّلَمِ، وما يُشْتَرطُ فيه القَبْضُ فى المَجْلِسِ، كبَيْعِ مالِ الرِّبا بجِنْسِه. على الصَّحيحِ. وقال فى «الفُروعِ»: وعلى الأصحِّ، وما يُشْتَرَطُ فيه قَبْضٌ، كصَرْفٍ وسَلَمٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفى الصَّرْفِ، والسَّلَمِ. وقيل: وبقِيَّةِ الرِّبَوِىِّ بجِنْسِه، رِوايَتان.
قوله: ولا يثْبُتُ فى سائرِ العُقُودِ إِلَّا فى المُساقاةِ. وكذا المُزارَعَةُ، والحَوالَةُ، والسَّبْقُ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، وأطْلَقَهما فى الحَوالَةِ فى «الحاوِى الكَبِيرِ» ، أحدُهما، لا يثْبُتُ فيهنَّ، وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» . وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» ، وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ فى غيرِ الحَوالَةِ، وقدَّمه فى «الحاوِى الكَبِيرِ» فى المُساقَاةِ والمُزارَعَةِ. والوَجْهُ الثَّانى، يثْبُتُ فيهنَّ الخِيارُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: يثْبُتُ فى الحَوالَةِ، إنْ قيلَ: هى بَيْعٌ. لا إنْ قيلَ: هى إسْقاطٌ أو عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ. انتهى. وعلى هذا الوَجْهِ، لا يَثْبُتُ الخِيارُ إلّا للمُحيلِ لا غيرُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهات؛ الأَوَّلُ، الخِلافُ هنا فى المُساقَاةِ والمُزارَعَةِ مَبْنِىٌّ على الخِلافِ فى كوْنِهما لازِمَيْن، أو جائزَين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وابنُ حَمْدَانَ، وغيرُهم. فإنْ قُلْنا: هما جائِزان، وهو المذهبُ على ما يأْتِى، فلا خِيارَ فيهما، وإنْ قُلْنا: هما لازِمان، دخَلَهما الخِيارُ. وقيلَ: الخِلافُ هنا على القَوْلِ بلُزومِهما. وجزَم به فى «الحاوِى الكَبِيرِ» . وكذا حُكْمُ السَّبْقِ والرَّمْى. وجزَم به فى «الحاوِى الكَبِيرِ» . فعلى القوْلِ بأنَّهما جَعالةٌ، وهو المذهبُ، فلا خِيارَ فيهما، وعلى القَوْلِ بلُزومِهما يدْخُلُهما الخِيارُ. وقيل: الخِلافُ على القَوْلِ بلُزومِهما. وجزَم به فى «الحاوِى الكَبِيرِ» . الثَّانى، شَمِلَ قولُه: ولا يثْبُتُ فى سائرِ العُقُودِ. غيرُ ما اسْتَثْناه، مَسائِلَ؛ منها، الهِبَةُ؛ وهى تارةً تكونُ بعِوَضٍ، وتارَةً تكونُ بغيرِ عِوَضٍ، فإنْ كانتْ بعِوَضٍ، ففى ثُبُوتِ الخِيارِ فيهما رِوايَتان مَبْنِيَّتان على أنَّها، هل تصِيرُ بَيْعًا، أو يغْلِبُ فيها حُكْمُ الهِبَةِ؟ على ما يأْتِى فى أوَّلِ بابِ الهِبَةِ، قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم فى «التَّلْخيصِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، بأنَّ الخِيارَ يثْبُت فيهما. قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهم: فإنْ شرَط فيها عِوَضًا، فهى كالبَيْعِ. فقد يُقالُ: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ الخِيارَ لا يثْبُت فيها. ويحْتَمِلُ أن يُقالَ: لم تدْخُلْ هذه المَسْأَلةُ فى كلامِ المُصَنِّفِ؛ لأنَّها نَوْعٌ مِنَ البَيْعِ. على الصَّحيحِ، وهو أوْلَى. وقال القاضى: المَوْهُوبُ له، يثْبُت له الخِيارُ على التَّأْبِيدِ، بخِلافِ الواهِبِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وفيه نظَرٌ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الواهِبُ بالخِيارِ؛ إنْ شاءَ أقْبَضَ، وإنْ شاءَ منَع، فإذا أقْبَضَ، فلا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خِيارَ له. وكذا قال غيرُه. وإنْ كانتْ بغيرِ عِوَضٍ، فهى كالوَصِيَّةِ، لا يثْبُتُ فيها خِيارٌ، اسْتِغْناءً بجَوازِها. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدَانَ، وصاحبُ «الحاوِى» ، وغيرُهم. ومنها، القِسْمَةُ. وظاهِرُ كلامِه هنا، أنَّه لا يثْبُتُ فيها. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. قال الأَزَجِىُّ فى «نِهايَتِه»: القِسْمَةُ إفْرازُ حَقٍّ. على الصَّحيحِ، فلا يَدْخُلُها خِيارُ المَجْلِسِ، وإنْ كان فيها رَدٌّ، احْتَملَ أَنْ يدْخُلَها خِيارُ المَجْلِسِ. انتهى. والوَجْهُ الثَّانى، يدْخُلُها خِيارُ المَجْلِسِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: وفى الأصحِّ، وفى قِسْمَةٍ. وقطَع القاضى فى «التَّعْليقِ» ، وابنُ الزَّاغُونِىِّ بثُبوتِ الخِيارِ فيها مُطْلَقًا، وقطَع به فى «الرِّعايَةِ» إنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. وكذا الزَّرْكَشِىُّ. قال القاضى فى «المُجَرَّدِ» . ولا يَدْخُلُها خِيارٌ، حيثُ قُلْنا: هى إفْرازٌ. قال فى «الحاوِى الكَبِيرِ» : إنْ كان فيها رَدٌّ، فهى كالبَيْعِ؛ يدْخُلُها الخِياران معًا، وإنْ لم يَكُنْ فيها رَدٌّ، وعُدِّلتِ السِّهَامُ، ووَقَعَتِ القُرْعَةُ، نظَرْتَ؛ فإنْ. كان القاسِمُ الحاكِمَ، فلا خِيارَ؛ لأنَّه حُكْمٌ، وإنْ كان أحَدَ الشَّريكَيْن؛ لم يدْخُلْها خِيارٌ؛ لأنَّها إفْرازُ حَقٍّ، وليستْ ببَيْعٍ. انتهى. وقالَه ابنُ عَقيلٍ أيضًا. ومنها، الإِقالَةُ؛ فلا يثْبُتُ فيها خِيارُ المَجْلِسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّها فَسْخٌ، وإنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. ثبَت. وقال فى «التَّلْخيصِ» : ويحْتَمِلُ عندى أَنْ لا يثْبُتَ، ويأْتِى ذلك فى الإِقالَةِ. ومنها، الأخْذُ بالشُّفْعَةِ، فلا خِيارَ فيها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما هو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والقاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«التَّلْخيصِ» ، وغيرُهم. ذكَرَه الحَارِثِىُّ فى الشُّفْعَةِ. وقيل: فيها الخِيارُ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «القَواعِدِ» . ومنها، سائِرُ العُقُودِ اللَّازِمَةِ، غيرُ ما تقدَّم؛ كالنِّكاحِ، والوَقْفِ، والخُلْعِ، والإبْراءِ، والعِتْقِ على مالٍ، والرَّهْنِ، والضَّمانِ، والإِقالَةِ لراهِنٍ وضامِنٍ وكَفيلٍ. قالَه فى «الرِّعايَةِ» ، فلا يثْبُتُ فى شئٍ مِن ذلك خِيارُ المَجْلِسِ. وذكَر فى «الحاوِى الكَبِيرِ» ، فيما إذا قالتْ: طَلقْنِى بأَلْفٍ. فقال: طَلَّقْتُكِ بها طَلْقَةً. احْتِمالَيْن؛ أحدُهما: عدَمُ الخِيارِ مُطْلَقًا. والثَّانِى: يثْبُتُ له الخِيارُ فى الامْتِناعِ مِن قَبْضِ الأَلْفِ ليكونَ الطلاقُ رَجْعِيًّا. ومنها، جميعُ العُقُودِ الجائزَةِ؛ كالجَعالَةِ، والشَّرِكَةِ، والوَكالَةِ، والمُضارَبَةِ، والعارِيَّةِ، والوَدِيعَةِ، والوَصِيَّةِ قبلَ المَوْتِ، ونحوِ ذلك، فلا يثْبُتُ فيها خِيارُ المَجْلِسِ. التَّنْبِيهُ الثَّالثُ، مُرادُه بقوْلِه: ما لم يتفرَّقا بأبْدَانِهما. التَّفَرُّقُ العُرْفِىُّ. قالَه الأصحابُ. وقد ضبَط ذلك بعُرْفِ كلِّ مَكانٍ بحَسَبه؛ فلو كان فى فَضاءٍ واسِعٍ، أو مَسْجِدٍ كبيرٍ، أو سُوقٍ، فقيلَ: يحْصُلُ التَّفَرُّقُ بأنْ يمْشِىَ أحدُهما مُسْتَدْبِرًا صاحِبَه خُطُواتٍ. جزَم به ابنُ عقِيلٍ. وقدَّمه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «شَرْحٍ ابنِ رَزِينٍ» ، و «الحاوِيَيْن». وقيلَ: بل يبْعُدُ عنه بحيثُ لا يسْمَعُ كلامَه عادةً. جزَم به فى «الكافِى» ، و «النَّظْمِ» . وإنْ كانَا فى سَفِينَةٍ كبيرةٍ، صعَد أحدُهما على أعْلاها، ونَزل الآخَرُ إلى أسْفَلِها، وإنْ كانت صَغِيرةً، خرَج أحدُهما منها ومشَى. وإنْ كانَا فى دارٍ كبيرةٍ، فتَحْصُلُ المُفارَقَةُ بخُروجِه مِن بَيْتٍ إلى بَيْتٍ، أو إلى مَجْلِسٍ، أو صُفَّةٍ، ونحوِ ذلك، بحيث يُعَدُّ مُفارِقًا، وإنْ كانتَ صَغِيرةً، فإنْ صعدَ أحدُهما السَّطْحَ، أو خرَج منها، فقد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فارَقَه. ولو أقامَا فى مَجْلِسٍ، وبُنِىَ بيْنَهما حاجِزٌ مِن حائطٍ أو غيرِه، لم يُعَدَّ تَفرُّقًا. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وصاحِبُ «الحاوِى» ، وغيرِهم. التَّنْبِيهُ الرَّابعُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الفُرْقَةَ تحْصُلُ بالإِكْراهِ، وفيه طَرِيقان؛ أحدُهما، طَرِيقَةُ الأكثرِ، منهم المُصَنِّفُ فى «الكافِى» ، قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أجْوَدُ. وهى أنَّ الخِلافَ جارٍ فى جميعِ مَسائِلِ الإِكْراهِ؛ فقيلَ: يَحْصُلُ بالعُرْفِ (1) مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وجماعَةٍ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وقيلَ: لا يحْصُلُ به مُطْلَقًا. اخْتارَه القاضى. وجزَم به فى «الفُصُولِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاويَيْن» . وصحَّحَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» . وقدَّمه فى «التَّلْخيصِ» . فعليه، يبْقَى الخِيارُ فى مَجْلِس زَالَ عنهما الإِكْراهُ فيه حتى يُفارِقاه. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ» . والوَجْهُ الثَّالِثُ، إنْ أمْكَنه ولم يتَكَلمْ، بطَل خِيارُه، وإلَّا فلا. وهو احْتِمالٌ فى «التَّلْخيصِ» . الطرَّيقُ الثَّانى، إنْ حصَل الإِكْراهُ لهما جميعًا، انْقَطَع خِيارُهما، قوْلًا واحِدًا، وإنْ حصَل لأحَدِهما، فالخِلافُ فيه. وهى طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحِ، وابنِ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» ، وذكَر فى الأُولَى احْتِمالًا. وقال فى «الفُروعِ»: ولكُلٍّ مِنَ البَيِّعَيْن الخِيارُ ما لم يتَفَرَّقا بأبْدانِهما عُرْفًا، ولو كَرِها، وفى بَقاءِ خِيارِ المُكْرَهِ وَجْهان. انتهى.
فائدة: ذكَر ابنُ عَقِيلٍ مِن صُوَرِ الإِكْراهِ، لو رأَيا سَبُعًا أو ظالِمًا خافَاه، فهَرَبا منه، أو حمَلَهما سَيْلٌ أو رِيحٌ وفرَّقَتْ بينَهما. وقدَّم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، أنَّ
(1) فى ط: «تحصل الفرقة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخِيارَ لا يَبْطُلُ فى هذه الصُّوَرِ، وجزَم بما قال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» ، ونصَّ عليه.
فوائد؛ الأُولَى، لو ماتَ أحدُهما فى خِيارِ المَجْلِسِ، انْقطَعَ الخِيارُ. نصَّ عليه. جزَم به فى «التَّلْخيصِ» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقيلَ: لا يبْطُلُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. وقال فى «الرِّعايَةِ» : بطَل الخِيارُ، إنْ قُلْنا: لا يُورَثُ. وإنْ قُلْنا: يُورَثُ. لم يَبْطُلْ. انتهى. ويأْتِى، هل يُورَثُ خِيارُ المَجْلِسِ أم لا؟ عندَ إرْثِ خِيارِ الشَّرْطِ. وأمَّا خِيارُ صاحِبهِ، ففى بُطْلانِه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، فى مَوْضع؛ أحدُهما، لا يَبْطُلُ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» : لا يَبْطُلُ إنْ قُلْنا: يُورَثُ. وإلَّا بطَل. والوَجْهُ الثَّانى، يبْطُلُ. الثَّانيةُ، لو جُنَّ قبلَ المُفارَقَةِ والاخْتِيارِ، فهو على خِيارِه إذا أفاقَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ». وقيل: ووَلِيُّه أيضًا يَلِيه فى حالِ جُنونِه. قالَه فى «الرِّعايَةِ» . وقال الشَارِحُ: إنْ جُنَّ أو أُغْمِىَ عليه، قامَ أَبُّوه أو وَصِيُّه أوِ الحاكِمُ
وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا،
ــ
مَقامَه. وقيلَ: مَن أُغْمِىَ عليه، قامَ الحاكِمُ مَقامَه. الثَّالثةُ، لو خَرِسَ أحدُهما قامَتْ إشارَتُه مَقامَ نُطْقِه، فإنْ لم تُفْهَمْ إشارَتُه، قامَ وَلِيُّه مَقامَه. الرَّابعةُ، خِيارُ الشَّرْطِ كخِيارِ المَجْلسِ، فيما إذا جُنَّ أو أُغْمِىَ عليه أو خَرِسَ. الخامسةُ، لو ألْحَقا بالعَقْدِ خِيارًا، بعدَ لزُومِه، لم يلْحَقْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفائقِ»: ويتَخَرَّجُ لَحاقُه، مِنَ الزِّيادَةِ قبلَه (1)، وهو المُخْتارُ. انتهى. وهو رِوايَةٌ فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. ويأْتِى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ بعدَ المُواضَعَةِ، ويأْتِى نظِيرُها فى الرَّهْنِ والصَّداقِ. السَّادِسةُ، تَحْرُمُ الفُرْقَةُ خَشْيَةَ الاسْتِقالَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: وتَحْرُمُ على الأصحِّ. قال فى «الفائقِ» : لا يحِلُّ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» : وإنْ مشَى أحدُهما. أو فَرَّ ليَلْزَمَ العَقْدُ قبلَ اسْتِقالَةِ الآخَرِ وفَسْخِه ورِضَاه، حَرُمَ وبطَل خِيارُ الآخَرِ، فى الأشْهَرِ فيهما. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ. وجزَم به فى «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» . وعنه، لا يحْرُمُ. قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاوِيَيْن» . وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «القواعِدِ» .
تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: ولكل واحِدٍ مِنَ المُتَبايِعَيْن الخِيارُ ما لم يتَفَرَّقا بأبْدانِهما.
(1) فى الأصل: «وبعده» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّهما إذا تفَرَّقا بأبْدانِهما لَزِمَ البَيْعُ، وبطَل خِيارُهما. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ القاضِىَ قال فى مَوْضِعٍ: ما يَفْتَقِرُ إلى القَبْضِ، لا يَلْزَمُ إلَّا بقَبضِه. ويأْتِى ذلك فى آخِرِ البابِ.
إِلَّا أَنْ يَتَبَايَعَا عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ بَيْنَهُمَا، أَوْ يُسْقِطَا الْخِيَارَ بَعْدَهُ، فَيَسْقُطُ فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَإِنْ أَسْقَطَهُ أحَدُهُمَا، بَقِىَ خِيَارُ صَاحِبِهِ.
ــ
قوله: إلَّا أَنْ يتَبايَعا على أَنْ لا خِيارَ بينهما، أو يُسْقِطَا الخِيَارَ بعدَه، فيَسْقُطَ فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، إحْداهما، يسْقُطُ الخِيارُ فيهما. وهو المذهبُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: يسْقُطُ على الأقْيَسِ. قال فى «الفائقِ» : يسْقُطُ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «نِهايَةِ ابنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَزِينٍ». وقدَّمه فى «الهادِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ أبى مُوسى، والقاضى فى كتابِه «الرِّوايَتَيْن» ، والشِّيرازِىُّ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يسْقُطُ فيهما. وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ. ونصَرَه القاضى، وأصحابُه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» . وعنه رِوايَةٌ ثالثةٌ، لا يسْقُطُ فى الأُولَى، ويسْقُطُ فى الثَّانيةِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «تَجْريدِ