الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعْرِفَةُ الصَّحابَةِ
…
رَائي النَّبِيِّ مُسْلِماً ذُو صُحْبَةِ
…
وقِيْلَ: إنْ طَالَتْ وَلَمْ يُثَبَّتِ
787.
... وقِيلَ مَنْ أقَامَ عَاماً أو غَزَا
…
مَعْهُ وذَا لابْنِ المُسَيِّبِ عَزَا
ألَّفَ العلماءُ في مَعْرِفَةِ الصحابةِ كتباً كثيرةً
منها معرفةُ الصحابةِ لأبي حاتمِ بنِ حبَّانَ البُستيِّ، مختصرٌ في مجلدةٍ، ومنها كتابُ معرفةِ الصحابةِ لأبي عبدِ اللهِ بن مندَه، وهو كتابٌ كبيرٌ جليلٌ، وقد ذَيَّلَ عليهِ الحافظُ أبو موسى المدينيُّ بذيلٍ كبيرٍ، ومنها الصحابةُ لأبي نُعَيْمٍ الأصبهانيِّ كتابٌ جليلٌ، ومنها كتابُ الاستيعابِ لابنِ عبدِ البرِّ، وهو كثيرُ الفوائدِ وذَيَّلَ عليهِ ابنُ فتحونَ بذيلٍ في مجلدةٍ ومنها
معرفةُ الصحابةِ للعسكريِّ وهو على غيرِ ترتيبِ الحروفِ، وصنَّفَ معاجمَ الصحابةِ جماعةٌ منهم أبو القاسمِ البغويُّ، وابنُ قانعٍ، والطبرانيُّ، إلَاّ أنَّ مَنْ صنَّفَ المعاجمَ لا يوردُ غالباً إلَاّ مَنْ لهُ رِوايةٌ، وإنْ ذكروا مَنْ لا روايةَ لهُ أيضاً
وقد صنَّفَ أبو الحسنِ عليُّ بنُ محمدِ بنِ الأثيرِ الجَزَرِيُّ كتاباً كبيراً سمَّاهُ أُسْد الغابةِ جمَعَ فيهِ بينَ كتابِ ابنِ منده، وذيْلِ أبي موسى عليهِ، وكتاب أبي نُعَيْمٍ، والاستيعاب، وزادَ مِنْ غيرِها أسماءَ ولم يقعْ له ذيلُ ابنِ فتحونَ؛ لكنَّهُ يكررُ أسماءَ الصحابةِ باعتبارِ أسمائِهِم وكناهُم، وباعتبارِ الاختلافِ في أسمائهم، أو كناهُم واختصرهُ جماعةٌ منهم الحافظُ أبو عبدِ اللهِ الذهبيُّ، في مختصرٍ لطيفٍ وقد ذيَّلْتُ عليهِ بعدةِ أسماءٍ لم تقعْ لهُ وقد اخْتُلِفَ في
حدِّ الصحابيِّ
مَنْ هو؟ على أقوالٍ
أحدُها وهو المعروفُ المشهورُ بينَ أهلِ الحديثِ أنَّهُ مَنْ رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في حالِ إسلامهِ هكذا أطلقهُ كثيرٌ من أهلِ الحديثِ ومرادُهُم بذلكَ مَعَ زوالِ المانعِ منَ الرؤيةِ، كالعمى، وإلَاّ فمَنْ صحبَهُ صلى الله عليه وسلم ولم يرَهُ لعارضٍ بنظرهِ كابن أُمِّ مكتومٍ ونحوهِ معدودٌ في الصحابةِ بلا خلافٍ قالَ أحمدُ بنُ حنبلٍ مَنْ صحبَهُ سنةً، أو شهراً، أو يوماً، أو ساعةً، أو رآهُ؛ فهو من الصحابةِ وقالَ البخاريُّ في صحيحهِ مَنْ صَحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، أو رآهُ من المسلمينَ فهوَ من أصحابهِ وفي دخولِ الأعمى الذي جاءَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم مسلماً، ولم يصحبْهُ، ولم يجالسْهُ؛ في عبارةِ البخاريِّ نظَرٌ ولو قيلَ في النَّظْمِ لاقى النبيَّ كانَ أولى؛ ولكنْ تَبِعْتُ فيهِ عبارةَ ابنِ الصلاحِ فالعبارةُ السالمةُ مِنَ الاعتراضِ أنْ يقالَ الصحابيُّ مَنْ لقيَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مسلماً ثمَّ ماتَ على الإسلامِ؛ ليخرجَ مَنِ ارتدَّ وماتَ كافراً، كابنِ خَطَلٍ، وربيعةَ بنِ أميةَ، ومِقْيَسِ بنِ صُبَابَةَ، ونحوهم وفي دخولِ مَنْ لقيهُ مسلماً ثمَّ ارتدَّ ثمَّ أسلمَ بعدَ وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الصحابة نظرٌ كبيرٌ، فإنَّ الرِّدَّةَ مُحبِطةٌ للعملِ عندَ أبي حنيفةَ، ونصَّ عليهِ الشافعيُّ في الأمِّ، وإنْ كانَ الرافعيُّ قدْ حكى عنهُ أنَّها إنَّما تُحْبَطُ بشرطِ اتصالها بالموتِ، وحينئذٍ فالظاهرُ أنَّها محبطةٌ للصُّحْبَةِ المتقدمةِ، كقُرَّةَ بنِ هُبَيْرةَ، وكالأشعثِ بنِ قيسٍ أما مَنْ رَجَعَ إلى الإسلامِ في حياتِهِ، كعبدِ اللهِ بنِ أبي سَرْحٍ، فلا مانعَ من دخولِهِ في الصُّحبةِ بدخولهِ الثاني في الإسلامِ، واللهُ أعلمُ
فقولي رائي، اسمُ فاعلٍ مِنْ رأى، والنبيُّ مضافٌ إليهِ ومسلماً حال مِنِ اسمِ الفاعلِ، وذو صحبةٍ خبرُ المبتدأ، والمرادُ برؤية النبيِّ صلى الله عليه وسلم، رؤيتُهُ في حالِ حياتِهِ، وإلَاّ فلو رآهُ بعدَ موتِهِ قبلَ الدفنِ، أو بعدهُ، فليسَ بصحابيٍّ على المشهورِ، بلْ إنْ كانَ عاصَرَهُ ففيهِ الخلافُ الآتي ذِكْرُهُ وإنْ كانَ وُلِدَ بعدَ موتِهِ فليستْ لهُ صحبةٌ بلا خلافٍ
واحترزتُ بقولي مسلماً عمَّا لو رآهُ وهوَ كافرٌ ثم أسلمَ بعدَ وفاتِهِ صلى الله عليه وسلم، فإنهُ ليسَ بصحابيٍّ على المشهورِ، كرسولِ قيصرَ، وقدْ خَرَّجَهُ أحمدُ في المسندِ، وكعبدِ اللهِ بنِ صَيَّادٍ، إنْ لَمْ يكنْ هو الدَّجالُ وقد عدَّهُ في الصحابةِ، كذلكَ أبو بكرِ بنُ فتحونَ في ذيلِهِ على الاستيعابِ وحُكيَ أنَّ الطبريَّ، وغيرهُ ترجمَ بهِ هكذا
وقولهم مَنْ رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، هلْ المرادُ رآهُ في حالِ نبوَّتِهِ، أو أعمُّ مِنْ ذلكَ؟ حتَّى يدخلَ مَنْ رآهُ قبلَ النبوةِ، وماتَ قبلَ النبوةِ على دينِ الحنيفية كزيدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ فقد قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّهُ يُبْعَثُ أمَّةً وحدَهُ وقد ذكرَهُ في الصحابةِ أبو
عبدِ اللهِ بنُ منده وكذلكَ لو رآهُ قبلَ النبوَّةِ ثمَّ غابَ عنهُ، وعاشَ إلى بعدِ زمنِ البعثةِ، وأسلمَ ثمَّ ماتَ، ولمْ يرهُ ولمْ أرَ مَنْ تَعرَّضَ لذلكَ، ويدلُّ على أنَّ المرادَ مَنْ رآهُ بَعْدَ نبوَّتِهِ أنَّهم ترجموا في الصحابةِ لمنْ وُلِدَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بعدَ النبوةِ، كإبراهيمَ، وعبد اللهِ، ولم يترجموا لمنْ ولِدَ قبلَ النبوةِ وماتَ قبلها كالقاسمِ وكذلكَ أيضاً ما المرادُ بقولهم مَنْ رآهُ؟ هلِ المرادُ رؤيتُهُ لهُ معَ تمييزهِ، وعقلهِ؟ حتى لا يدخلَ الأطفالُ الذينَ حَنَّكَهُمْ ولمْ يروهُ بعدَ التمييزِ، ولا مَنْ رآهُ وهو لا يعقلُ، أو المرادُ أعمُّ مِنْ ذلكَ؟ ويدلُّ على اعتبارِ التمييزِ معَ الرؤيةِ ما قالَهُ شيخُنا الحافظُ أبو سعيدٍ بنُ العلائي في كتابِ المراسيل في ترجمةِ عبدِ اللهِ بنِ الحارثِ بنِ نوفلٍ حنَّكهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ودعا لهُ ولا صحبةَ لهُ بلْ ولا رؤيةَ أيضاً، وحديثهُ مرسلٌ قطعاً وكذلكَ قالَ في ترجمةِ عبدِ اللهِ بنِ أبي طلحةَ الأنصاريِّ حنَّكهُ ودعا لهُ، ولا تُعرفُ لهُ رؤيةٌ، بلْ هوَ تابِعيُّ وحديثُهُ مرسلٌ
والقول الثاني أنَّهُ مَنْ طالتْ صحبتُهُ لهُ، وكثرتْ مجالستُهُ على طريقِ التَّبَعِ لهُ والأخذِ عنهُ حكاهُ أبو المُظَفَّرِ السَّمْعَانيُّ، عنِ الأصوليينَ، وقالَ إنَّ اسمَ الصحابيِّ يقعُ على ذلكَ مِنْ حيثُ اللغةُ والظاهرُ، قال وأصحابُ الحديثِ يطلِقونَ اسمَ الصحبةِ على كلِّ مَنْ روى عنهُ حديثاً، أو كلمةً، ويتوسَّعُونَ حتَّى يَعدُّونَ مَنْ رآهُ رؤيةً مِنَ
الصحابةِ، قال وهذا لِشَرَفِ منزلةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أَعطوا كلَّ مَنْ رآهُ حكمَ الصحبةِ هكذا حكاهُ أبو المُظَفَّرِ السَّمْعَانيُّ عن الأصوليينَ، وهوَ قولٌ لبعضهمْ، حكاهُ الآمديُّ وابنُ الحاجبِ، وغيرُهما وبه جزمَ ابنُ الصبَّاغِ في العدَّةِ فقالَ الصحابيُّ هوَ الذي لقِيَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وأقامَ عندَهُ، واتَّبَعَهُ، فأمَّا مَنْ وَفِدَ عليهِ وانصرفَ عنهُ منْ غيرِ مصاحبةٍ، ومتابعةٍ، فلا ينصرفُ إليهِ هذا الاسمُ وقالَ القاضي أبو بكرِ بنُ الطيبِ الباقلانيُّ لا خلافَ بينَ أهلِ اللغةِ أنَّ الصحابيَّ مشتقٌ منَ الصحبةِ، وأنَّهُ ليسَ بمشتقٍ مِن قدرٍ منها مخصوصٍ، بلْ هوَ جارٍ على كلِّ مَنْ صَحِبَ غيرَهُ قليلاً كانَ، أو كثيراً، يقالُ صحِبْتُ فلاناً حولاً ودهراً وسنةً وشهراً ويوماً وساعةً، قالَ وذلكَ يوجبُ في حكمِ اللغةِ إجراءها على مَنْ صحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ساعةً مِن نهارٍ هذا هوَ الأصلُ في اشتقاقِ الاسمِ ومعَ ذلكَ فقد تقررَ للأئمةِ عرفٌ في أنَّهُمْ لا يستعملونَ هذهِ التسميةَ إلَاّ فيمَنْ كَثُرَتْ صحبتُهُ، واتَّصَلَ لقاؤُهُ ولا يُجْرُونَ ذلكَ على مَنْ لقِيَ المرءَ ساعةً،
ومشى معهُ خُطًى وسمعَ منهُ حديثاً فوجبَ لذلكَ ألَاّ يجريَ هذا الاسمُ في عرفِ الاستعمالِ إلا على مَنْ هذهِ حالهُ وقالَ الآمديُّ الأشبهُ أنَّ الصحابيَّ مَنْ رآهُ
وحكاهُ عنْ أحمدَ بنِ حنبلٍ، وأكثرِ أصحابنا، واختارهُ ابنُ الحاجبِ أيضاً؛ لأنَّ الصحبةَ تعمُّ القليلَ والكثيرَ، نَعَم في كلامِ أبي زُرْعَةَ الرازيِّ، وأبي داودَ ما يقتضي أنَّ الصحبةَ أخصُّ منَ الرؤيةِ، فإنهما قالا في طارقِ بنِ شهابٍ لهُ رؤيةٌ، وليستْ لهُ صحبةٌ وكذلك ما رويناه عن عاصمٍ الأحولِ قال قدْ رأى عبدُ اللهِ بنُ سَرْجِسَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غيرَ أنَّهُ لم تكنْ لهُ صحبةٌ، ويدلُّ على ذلكَ أيضاً ما رواهُ محمدُ بنُ سعدٍ في الطبقاتِ عن عليِّ بنِ محمدٍ عن شعبةَ، عن موسى السيلانيِّ، قال أتيتُ أنسَ بنَ مالكٍ، فقلتُ أنتَ آخرُ مَنْ بقيَ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالَ قدْ بقيَ قومٌ مِنَ الأعرابِ، فأمَّا مِنْ أصحابهِ فأنا آخرُ مَنْ بقيَ انتهى قال ابنُ الصلاحِ إسنادُهُ جيِّدٌ حدَّثَ بهِ مسلمٌ بحضرةِ أبي زُرْعَةَ والجوابُ عن ذلكَ أنَّهُ أرادَ إثباتَ صحبةٍ خاصةٍ ليستْ لتلكَ الأعرابِ، وكذا أرادَ أبو زُرْعَةَ وأبو داودَ نفيَ الصحبةِ الخاصةِ دونَ العامةِ
وقولي ولم يثبتْ أي وليسَ هو الثبتُ الذي عليهِ العملُ عندَ أهلِ الحديثِ والأصولِ
والقولُ الثالثُ وهوَ ما رويَ عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ أنَّهُ كانَ لا يعدُّ الصحابيَّ إلَاّ مَنْ أقامَ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سنةً أو سنتينِ، وغزا معهُ غَزْوةً أو غزوتينِ، قالَ ابنُ الصلاحِ وكأنَّ المرادَ بهذا إنْ صحَّ عنهُ راجعٌ إلى المحكيِّ عنِ الأصوليينَ؛ ولكنْ في عبارتِهِ ضيقٌ يوجبُ ألَاّ يُعَدَّ مِنَ الصحابةِ جريرُ بنُ عبدِ اللهِ البَجَليُّ ومَنْ شارَكَهُ في فَقْدِ ظاهرِ ما اشترَطَهُ فيهم، ممَّنْ لا نعلمُ خلافاً في عدِّهِ من الصحابةِ قلتُ ولا يصحُّ هذا عن ابن المسيِّبِ ففي الإسنادِ إليهِ محمدُ بنُ عمرَ الواقديُّ ضعيفٌ في الحديثِ
والقولُ الرابعُ أنَّهُ يُشترطُ مع طولِ الصحبةِ الأخذُ عنهُ حكاهُ الآمديُّ عن عمرِو بنِ يحيى، فقال ذهبَ إلى أنَّ هذا الاسم إنَّما يسمى بهِ مَنْ طالتْ صحبتُهُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأخذَ عنهُ العلمَ وحكاهُ ابنُ الحاجبِ أيضاً قولاً، ولم يعزهُ لعمرِو بنِ يحيى؛ ولكنْ أبدلَ الروايةَ بالأخذِ عنهُ، وبينهما فرقٌ وعمرٌو هذا الظاهِرُ أنَّهُ الجاحظُ، فقدْ ذكرَ الشيخُ أبو إسحاقَ في اللمع أنّ أباهُ اسمُهُ يحيى، وذلكَ وهمٌ، وإنَّما هو عمرُو بنُ بحرٍ أبو عثمانَ الجاحظُ من أئمةِ المعتزلةِ، قالَ فيهِ ثعلبٌ إنَّهُ غيرُ ثقةٍ، ولا مأمونٍ،
ولم أرَ هذا القولَ لغيرِ عمرٍو هذا وكأنَّ ابنَ الحاجبِ أخذَ هذا القولَ مِن كلامِ الآمديِّ، ولذلكَ أسقطتُهُ منَ الخلافِ في حدِّ الصحابيِّ تبعاً لابنِ الصلاحِ
والقولُ الخامسُ أنَّهُ مَنْ رآهُ مسلماً بالغاً عاقلاً حكاهُ الواقديُّ عن أهلِ العلمِ فقالَ رأيتُ أهلَ العلمِ يقولونَ كلُّ مَنْ رأى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقدْ أدركَ الحلمَ، فأسلمَ، وعقلَ أمرَ الدينِ ورضيهُ فهوَ عندنا ممَّنْ صحبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ولوْ ساعةً من نهارٍ، انتهى والتقييدُ بالبلوغِ شاذٌّ
والقول السادس أنَّه مَنْ أدركَ زمنَهُ صلى الله عليه وسلم، وهو مسلمٌ، وإنْ لم يرَهُ وهو
قولُ يحيى بنِ عثمانَ بنِ صالحٍ المصريِّ فإنَّهُ قال وممَّنْ دُفِنَ، أي بمصرَ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ممَّن أدركهُ ولمْ يسمعْ منهُ أبو تميمٍ الجيشانيُّ، واسمهُ عبدُ اللهِ بنُ مالكٍ انتهى وإنَّما هاجرَ أبو تميمٍ إلى المدينةِ في خلافَةِ عمرَ باتفاقِ أهلِ السِّيَرِ وممَّنْ حكى هذا القولَ منَ الأصوليينَ القرافيُّ في شرح التنقيح وكذلكَ إن كانَ صغيراً محكوماً بإسلامهِ تبعاً لأحدِ أبويهِ، وعلى هذا عملَ ابنُ عبدِ البرِّ في الاستيعاب وابنُ منده في
معرفةِ الصحابةِ، وقدْ بيَّنَ ابنُ عبدِ البرِّ في ترجمةِ الأحنفِ بنِ قيسٍ أنَّ ذلكَ شرطُهُ وقالَ ابنُ عبدِ البرِّ في مقدمةِ كتابهِ وبهذا كلِّهِ يستكملُ القَرْنُ الذي أشارَ إليهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على ما قالهُ عبدُ اللهِ بنُ أبي أوفى صاحبُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يريدُ بذلِكَ تفسيرَ القَرْنِ، قلتُ وإنَّما هوَ قولُ زُرَارةَ بنِ أوفى من التابعينَ القَرْنُ مائةٌ وعشرونَ سنةً، وهكذا رواهُ هوَ قبلَ ذلكَ بأربعِ ورقاتٍ، كلُّ ذلكَ في مقدمةِ الاستيعابِ
وقد اختلفَ أهلُ اللغةِ في مُدَّةِ القَرْنِ، فقالَ الجوهريُّ هوَ ثمانونَ سنةً، قالَ ويقالُ ثلاثونَ وحكى صاحبُ المحكمِ فيهِ ستةَ أقوالٍ قيلَ عشرُ سنينَ، وقيلَ عشرونَ، وقيلَ ثلاثونَ، وقيلَ ستونَ، وقيلَ سبعونَ، وقيلَ أربعونَ، قالَ وهوَ مقدارُ أهلِ التوسطِ في أعمارِ أهلِ الزمانِ، فالقرنُ في كلِّ قومٍ على مقدارِ أعمارهم
فعلى هذا يكونُ ما بينَ الستينَ والسبعينَ، كما رواهُ الترمذيُّ في الحديثِ المرفوعِ أعمارُ أمتي ما بينَ الستينَ والسبعينَ وأما ابتداءُ قرنِهِ صلى الله عليه وسلم فالظاهرُ أنَّهُ من حينِ البعثةِ، أو من حينِ فُشُوِّ الإسلامِ فعلى قولِ زرارةَ بنِ أوفى قد استوعبَ القرنُ جميعَ مَن رآهُ، وقد روى ابنُ مَنْدَهْ في الصحابةِ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ مرفوعاً القرنُ مائةُ سنةٍ
…
وَتُعْرَفُ الصُّحْبَةُ باشْتِهَارٍ أو
…
تَوَاتُرٍ أو قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَوْ
789.
... قَدِ ادَّعَاهَا وَهْوَ عَدْلٌ قُبَلا
…
وَهُمْ عُدُولٌ قِيلَ لا مَنْ دَخَلا
…
في فِتْنَةٍ، والمُكْثِرُونَ سِتَّةُ
…
أَنَسٌ، وابنُ عُمَرَ، والصِّدِّيقَةُ