الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأسٌ، وقالَ حمَّادُ بنُ سَلَمَةَ لعفانَ وبهزٍ، لما جَعَلا يُغيِّرانِ النبيَّ من رسولِ اللهِ: أمَّا أنتُما فَلَا تَفْقَهانِ أبداً. قلتُ: وقولُ ابنِ الصلاحِ: أنَّ ((المعنى في هَذَا مختلفٌ)) لا يمنعُ جوازَ ذلكَ؛ لأَنَّهُ وإنِ اختلفَ معنى النبيِّ والرسولِ، فإنَّهُ لا يختلفُ المعنى في نسبةِ ذلكَ القولِ لقائلهِ بايِّ وصفِ وصفَهُ، إذا كانَ يُعَرِّفُ بهِ. وأمَّا ما استدلَّ بهِ بعضُهُم على المنعِ بحديثِ البراءِ بنِ عازبٍ في الصحيحِ في الدُّعاءِ عندَ النومِ، وفيهِ: ونبيِّكَ الذي أرسلتَ. فقالَ يستذكِرُهُنَّ: وبرسولِكَ الذي أرسلتَ، فقالَ:((لا وبنَبِيِّكَ الذي أرسلتَ)) فليسَ فيهِ دليلٌ؛ لأنَّ ألفاظَ الأذكارِ توقيفيَّةٌ، وربَّمَا كانَ في اللَّفْظِ سِرٌّ لا يحصلُ بغيرِهِ، ولعلَّهُ أرادَ أنْ يجمعَ بينَ اللَّفظينِ في موضعٍ واحدٍ. وقالَ النوويُّ:((الصوابُ - واللهُ أعلمُ - جوازُهُ؛ لأنَّهُ لا يختلفُ بهِ هُنَا مَعْنًى)) .
السَّمَاْعُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الوَهْنِ، أَوْ عَنْ رَجُلَيْنِ
678.
... ثُمَّ عَلَى السَّامِعِ بِالْمُذَاكَرَهْ
…
بَيَانُهُ كَنَوْعِ وَهْنٍ خَامَرَهْ
إذا سمعَ مِنَ الشيخِ مِنْ حفظِهِ في حالةِ المذاكرةِ، فعليهِ بيانُ ذلكَ بقولِهِ: حَدَّثَنَا مذاكرةً، أو في المذاكرةِ، ونحوِ ذلكَ؛ لأنهم يتساهلونَ في المذاكرةِ. والحِفْظُ خَوَّانٌ، ولهذا كانَ أحمدُ يمتنعُ من روايةِ ما يحفظُهُ إلَاّ من كتابِهِ، وقد منعَ عبدُ الرحمنِ بنُ
مهديٍّ وابنُ المباركِ وأبو زُرْعَةَ الرازيُّ أَنْ يُحَملَ عنهم في المذاكرةِ شيءٌ. هكذا قالَ ابنُ الصلاحِ: إنَّ عليهِ بيانَ ما فيهِ بعضُ الوَهْنِ. وجعلَ من أمثلتِهِ ما سمِعَهُ في المذاكرةِ فتبعتُهُ في ذلكَ. وفي كلامِ الخطيبِ: إنَّهُ ليسَ بحتمٍ، فإنَّهُ قالَ:((وأستَحِبُ أَنْ يقولَ: حدثنَاهُ في المذاكرةِ)) .
وقولي: (كنَوْعِ وَهْنٍ خَامَرَهْ) أي: كما إذا كانَ في سماعِهِ نوعٌ من الوَهْنِ، فإنَّ عليهِ بيانَهُ، كأنْ يسمَعَ من غيرِ أصلٍ، أَو كانَ هو، أو شيخُهُ يتحدَّثُ في وقتِ القراءةِ عليهِ، أَوْ يَنْسَخُ، أو يَنْعَسُ، أو كانَ سماعُ شيخِهِ، أو سماعُهُ هو بقراءةِ مُصَحِّفٍ، أو لَحَّانٍ، أَو كُتَّابَةِ التَّسْمِيعِ بخطِّ مَنْ فيهِ نَظَرٌ، ونحوِ ذلكَ، فإنَّ في إغفالِ ذلكَ وَتَرْكِ البيانِ نوعاً من التَّدْلِيْسِ.
679.
... وَالْمَتْنُ عَنْ شَخْصَيْنِ وَاحِدٌ جُرِحْ
…
لَا يَحْسُنُ الْحَذْفُ لَهُ لَكِنْ يَصِحْ
680.
... وَمُسْلِمٌ عَنْهُ كَنَى فَلَمْ يُوَفْ
…
وَالْحَذْفُ حَيْثُ وُثِقَا فَهْوَ أَخَفْ
إذا كانَ الحديثُ عن رجلينِ: أحدُهما مجروحٌ، كحديثٍ لأنَسٍ يرويهِ عنهُ مثلاً ثابتٌ البُنَانيُّ، وأبانُ بن أبي عيَّاشٍ، ونحوُ ذلكَ، لا يحسنُ إسقاطُ المجروحِ - وهو أبانُ - والاقتصارُ على ثابتٍ لجوازِ أَنْ يكونَ فيه شيءٌ عن أبانَ لم يذكرْهُ ثابتٌ؛ وحملُ لفظِ أحدِهما عَلَى الآخَرِ، قالَ نحوَ ذلكَ أحمدُ، والخطيبُ، وقالَ ابنُ الصلاحِ: ((إنَّهُ
لا يمتنعُ ذلكَ امتناعَ تحريمٍ؛ لأنَّ الظاهرَ اتفاقُ الروايتينِ، وما ذُكِرَ من الاحتمالِ نادرٌ بعيدٌ)) . قالَ الخطيبُ: وكانَ مسلمُ بنُ الحجَّاجِ في مثلِ هذا رُبَّمَا أسقطَ المجروحَ من إلاسنَاْدِ ويذكرُ الثقةَ، ثُمَّ يقولُ:((وآخرُ)) كِنَايَةً عن المجروحِ. قالَ: وهذا القولُ لا فائدةَ فيهِ. قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وهكذا ينبغي، إذا كانَ الحديثُ عن ثقتينِ أنْ لا يُسقِطَ أحدَهما منهُ؛ لتطرقِ مثلِ الاحتمالِ المذكورِ إليهِ، وإنْ كانَ محذورُ الإسقاطِ فيهِ أقلَّ، ثُمَّ لا يمتنعُ ذلكَ)) .
681.
... وَإِنْ يَكُنْ عَنْ كُلِّ رَاوٍ قِطْعَهْ
…
أَجِزْ بِلَا مَيْزٍ بِخَلْطِ جَمْعَهْ
682.
... مَعَ الْبَيَانِ كَحَدِيْثِ الإِْفْكِ
…
وَجَرْحُ بَعْضٍ مُقْتَضٍ لِلتَّرْكِ
683.
... وَحَذْفَ وَاحِدٍ مِنَ الإِسْنَادِ
…
فِي الصُّوْرَتَيْنِ امْنَعْ لِلاِزْدِيَادِ
إذا لم يكن سمعَ جميعَ الحديثِ من شيخٍ واحدٍ فأكثرَ، بل سمعَ قطعةً من الحديثِ من شيخٍ، وقطعةً منه من شيخٍ آخرَ، فما زادَ، فإنَّهُ يجوزُ لهُ أنْ يخلطَ الحديثَ ويرويَهُ عنهما، أو عنهم جميعاً، معَ بيانِ أَنَّ عن كُلِّ شيخٍ بعضَ الحديثِ من غيرِ تمييزٍ لما سمعَهُ من كُلِّ شيخٍ من الآخَرِ، كحديثِ الإفْكِ في الصحيحِ من روايةِ الزُّهريِّ، حيثُ قالَ: