الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طرقِ أحاديثِ عَمْرِو بنِ تغلبَ؛ فلذلكَ مثلتُ بهِ، ومثَّلَ ابنُ الصَّلَاحِ بأمثلةٍ في الصحيحِ، عليهِ فيها مؤاخذاتٌ فتركتُها.
مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدةٍ
858.
... وَاعْنِ بِأَنْ تَعْرِفَ مَا يَلْتَبِسُ
…
مِنْ خَلَّةٍ يُعْنَى بِهَا المُدَلِّسُ
859.
... مِنْ نَعْتِ رَاوٍ بِنُعُوتٍ نَحْوَ مَا
…
فُعِلَ في الكَلْبِيِّ حَتَّى أُبْهِمَا
860.
... مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ العَلَاّمَهْ
…
سَمَّاهُ حَمَّاداً أبُو أُسَامَهْ
861.
... وَبِأَبِي النَّضْرِ بنِ إِسْحَاقَ ذَكَرْ
…
وبِأَبي سَعِيدٍ العَوْفِيْ شَهَرْ
هذا النوعُ لبيانِ مَنْ ذُكِرَ منَ الرواةِ بأنواعٍ منَ التعريفاتِ منَ الأسماءِ، أو الكُنى، أو الألقابِ، أو الأنسابِ: أما مِنْ جماعةٍ مِنَ الرواةِ عنهُ يعرفهُ كلُّ واحدٍ بغيرِ ما عرفَهُ الآخرُ، أو مِنْ راوٍ واحدٍ عنهُ، فيعرِّفُهُ مرةً بهذا، ومرةً بذاكَ، فيلتبسُ ذلكَ على مَنْ لا معرفةَ عندهُ، بلْ على كثيرٍ منْ أهلِ المعرفةِ والحفظِ، وإنَّما يفعلُ ذلكَ كثيراً المدلِّسونَ.
وقدْ تقدَّم عندَ ذكرِ التدليسِ أنَّ هذا أحدُ أنواعِ التدليسِ ويسمى: " تدليسَ الشيوخِ "، وقدْ صَنَّفَ في ذلكَ الحافظُ عبدُ الغنيِّ بنُ سعيدٍ الأزديِّ كتاباً نافعاً سمَّاهُ " إيضاح الإشكالِ " عندي بهِ نسخةٌ. وصنَّفَ فيهِ الخطيبُ البغداديُّ كتاباً كبيراً
سمَّاهُ: " المُوضِح لأوهامِ الجمعِ والتَّفريقِ "، بدأَ فيهِ بأوهامِ البخاريِّ في ذلكَ، وهوَ عندي بخطِّ الخطيبِ.
فمنْ أمثلةِ ذلكَ: ما فعلهُ الرواةُ عنِ محمَّدِ بنِ السَّائبِ الكَلْبيِّ العلَاّمةِ في الأنسابِ، أحدِ الضعفاء، فقدْ روى عنهُ: أبو أسامةَ حمادُ بنُ أسامةَ فَسمَّاهُ: حمَّادَ بنَ السائبِ وروى عنهُ: محمدُ بنُ إسحاقَ بنِ يسارٍ فسمَّاهُ مرةً، وكنَّاهُ مرةً: بأبي النضرِ، ولم يسمِّهِ. وروى عنهُ: عَطِيَّةُ العَوْفيُّ فكنَّاهُ: بأبي سعيدٍ، ولمْ يسمِّهِ. فأما روايةُ أبي أسامةَ عنهُ، فرواها عبدُ الغنيِّ بنُ سعيدٍ عنْ حمزةَ بنِ محمدٍ، هوَ الكنانيُّ الحافظُ، بسندهِ إلى أبي أسامةَ، عنْ حَمَّادِ بنِ السائبِ، قالَ: حدثنا إسحاقُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ الحارثِ، عنِ ابنِ عباسٍ مرفوعاً:((ذكاةُ كلِّ مَسْكٍ دِبَاغُهُ)) . ثمَّ قالَ: ((قالَ لنا حمزةُ بنُ محمدٍ: لا أعلمُ أحداً روى هذا الحديثَ عنْ حمادِ بنِ السائبِ غيرَ أبي أسامةَ، وحمادٌ هذا ثقةٌ كوفيٌّ، ولهُ حديثٌ آخرُ عنْ أبي إسحاقَ عن أبي الأحوصِ، عنْ عبدِ اللهِ في التشهدِ)) ، قالَ عبدُ الغنيِّ: ثمَّ قدمَ علينا الدارقطنيُّ، فسألتهُ عن هذا الحديثِ، وعنْ حمادِ بنِ السائبِ، فقالَ لي: الذي روى عنهُ أبو أسامةَ، هوَ محمدُ بنُ السائبِ الكلبيُّ إلَاّ أنَّ أبا أسامةَ كانَ يُسمِّهِ حماداً. قالَ عبدُ الغنيِّ: فَتَبَيَّنَ لي أنَّ حمزةَ قدْ وَهِمَ من وجهينِ:
أحدهما: أنْ جعلَ الرجلينِ واحداً.
والآخر: أنْ وثَّقَ مَنْ ليسَ بثقةٍ؛ لأنَّ الكلبيَّ عندَ العلماءِ غيرُ ثقةٍ، قالَ عبدُ الغنيِّ: ثمَّ إنِّي نظرتُ في كتابِ " الكنى " لأبي عبدِ الرحمنِ النَّسَوِيِّ، فوجدتُهُ قدْ وَهِمَ فيهِ وَهَمَاً أقبحَ مِنْ
وَهَمِ حمزةَ، رأيتُهُ قدْ أخرجَ هذا الحديثِ عنْ أحمدَ بنِ عليٍّ، عنْ أبي مَعْمَر، عنْ أبي أسامةَ حمادِ بنِ السائبِ، وإنما هوَ عنْ حمَّادِ ابنِ السائبِ، فأسقطَ قولَهُ: عنْ، وخفيَ عليهِ أنَّ الصوابَ عنْ أبي أسامةَ حمَّادِ ابنِ أسامةَ، وأنَّ حمادَ بنَ السائبِ هوَ الكلبيُّ، قالَ عبدُ الغنيِّ: والدليلُ على صحةِ قولِ الدارقطنيِّ: أنَّ عيسى بنَ يونسَ رواهُ عنِ الكلبيِّ مصرِّحاً بهِ غيرَ مخفيهِ. انتهى. وأما روايةُ ابنِ إسحاقَ عنهُ، فقالَ البخاريُّ في " التاريخ الكبير ":((روى محمدُ بنُ إسحاقَ عن أبي النَّضْرِ، وهوَ الكلبيُّ)) ، قالَ الخطيبُ - فيما قرأتُ بخطِّهِ -: وهذا القولُ صحيحٌ. - قالَ -: فأمَّا روايةُ ابنِ إسحاقَ، عنِ الكلبيِّ التي كنَّاهُ فيها، ولمْ يسمِّهِ ثمَّ رواها بإسنادِهِ إلى محمدِ بنِ إسحاقَ، عنْ أبي النَّضْرِ، عنْ بَاذَانَ عنِ ابنِ عباسٍ، عنْ تميمٍ الدَّاريِّ في هذهِ الآيةِ:{يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا شَهَدَةُ بَيْنِكُمُ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ} وقِصَّةِ جَامِ الفِضَّةِ.
وأما روايةُ عطيةَ العوفيِّ عنهُ، فروى الخطيبُ - فيما قرأتُ بخطِّهِ - في كتابِ
" الموضح " قالَ: أخبرنا أبو سعيدٍ الصيرفيُّ، قالَ: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ يعقوبَ الأصمُّ، قالَ: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ حنبلٍ، قالَ: حدثنا: أبي، قالَ: بلغني أنَّ عطيةَ كانَ يأتي الكلبيَّ، فيأخذُ عنهُ التفسيرَ، قالَ: وكانَ يُكَنِّيْهِ بأبي سعيدٍ، فيقولُ: قالَ أبو سعيدٍ، وكانَ هُشَيْمٌ يضعِّفُ حديثَ عطيةَ، وقالَ عبدُ اللهِ: حَدَّثَنِي أبي، قالَ: حدثنا أبو أحمدَ الزُّبَيْرِيُّ، قالَ: سمعتُ سُفْيَانَ الثوريَّ، قالَ: سمعتُ الكلبيَّ، قالَ كنَّاني عطيةُ أبا سعيدٍ، قالَ الخطيبُ: إنما فعلَ ذلكَ ليوهمَ الناسَ أنَّهُ إنما يروي عن أبي سعيدٍ الخدريِّ. انتهى.
قلتُ: وممَّا دُلِّسَ بهِ الكلبيُّ ممَّا لم يذكرهُ ابنُ الصَّلَاحِ تكنيتُهُ بأبي هِشَامٍ، وقد بَيَّنَهُ الخطيبُ فقالَ - فيما قرأتُ بخطِّهِ -: وهوَ أبو هشامٍ الذي روى عنهُ القاسمُ بنُ الوليدِ الهمدانيُّ، وكانَ للكلبيِّ ابنٌ يسمَّى هشاماً، فكنَّاهُ القاسمُ بهِ في روايتهِ عنهُ ثمَّ روى بإسنادِهِ إلى القاسمِ بنِ الوليدِ، عنْ أبي هشامٍ، عنْ أبي صالحٍ عنِ ابنِ عباسٍ، قالَ: لمَّا نزلتْ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً} فذكرَ الحديثَ. ثمَّ روى وِجَادةً إلى ابنِ أبي حاتمٍ أنَّهُ سألَ أباهُ عن هذا الحديثِ، فقالَ: أبو هِشَامٍ هوَ الكلبيُّ، وكانَ كنيتُهُ أبو النضرِ، وكانَ لهُ ابنٌ يقالُ لهُ: هشامُ بنُ الكلبيِّ، صاحبُ نحوٍ وعربيةٍ، فكنَّاهُ بهِ. قالَ: وهوَ محمدُ بنُ السائبِ بنِ بِشْرٍ الذي روى عنهُ ابنُ إسحاقَ. وقدْ