المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: وَعَلَى السَّيِّدِ الإِنْفَاقُ عَلَى رَقِيقِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ، وَكُسْوَتُهُمْ، ــ قوله: وعلى - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٤

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: وَعَلَى السَّيِّدِ الإِنْفَاقُ عَلَى رَقِيقِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ، وَكُسْوَتُهُمْ، ــ قوله: وعلى

‌فَصْلٌ:

وَعَلَى السَّيِّدِ الإِنْفَاقُ عَلَى رَقِيقِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ، وَكُسْوَتُهُمْ،

ــ

قوله: وعلى السَّيِّدِ الإنْفاقُ على رَقِيقِه قدْرَ كِفايَتِهِم، وكُسْوَتُهُمْ. بلا نِزاعٍ. ولو كان آبِقًا، أو كانتْ ناشِزًا. ذكَره جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ» . واخْتلَفَ كلامُ أبى يَعْلَى فى المُكاتَبِ.

ص: 434

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: تَلْزَمُه نَفَقَةُ وَلَدِ أمَتِه دُونَ زَوْجِها. وتَلْزَمُ الحُرَّةَ نفَقَةُ وَلَدِها مِن عَبْدٍ. نصَّ على ذلك. وتَلْزَمُ المُكاتَبَةَ نفَقَةُ وَلَدِها، وكَسْبُه لها. ويُنْفِقُ على مَن بعْضُه حُرٌّ

ص: 435

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بقَدْرِ رِقِّه، وبَقِيَّتُه على نفْسِه.

ص: 436

وَتَزْوِيجُهُمْ إِذَا طَلَبُوا ذَلِك،

ــ

قوله: وتَزْوِيجُهم إذا طَلَبُوا ذلك، إلَّا الأمَةَ إذا كانَ يَسْتَمْتِعُ بها. بلا نِزاعٍ فيهما. لكِنْ لو قالتْ: إنَّه ما يَطَأُ. صُدِّقَتْ للأَصْلِ. قالَه فى «الفُروعِ» . قال

ص: 437

إِلَّا الأَمَةَ إذَا كَانَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا، وَلَا يُكَلِّفُهُم مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَيُرِيحُهُمْ وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ وَالنَّوْمِ وَأَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ،

ــ

فى «التَّرْغيبِ» : صُدِّقَتْ على الأصحِّ. ووُجوبُ تزْوِيجِ العَبْدِ إذا طَلَبَه لأجْلِ

ص: 438

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإِعْفافِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وكذا وُجوبُ بَيْعِه إذا لم يُعِفَّه مِن المُفْرَداتِ.

فائدة: قال القاضى: لو كان السَّيِّدُ غائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً، وطَلَبَتْ أَمَتُه التَّزْوِيجَ، أو كانَ سيِّدُها صَبِيًّا أو مَجْنونًا، احْتَمَلَ أَنْ يُزَوِّجَها الحاكِمُ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهذا المَعْنى لا فَرْقَ فيه بينَ أُمَّهاتِ الأوْلادِ وغيرِهنَّ؛ للاشْتِراكِ فى وُجوبِ الإعْفافِ. وكذا ذكَر القاضى فى «خِلافِه» ، أن سيِّدَ الأمَةِ إذا غابَ غَيْبَةً منْقَطِعَةً، وطَلَبَتْ أمتُه التَّزْوِيجَ، زوَّجَها الحاكِمُ، وقال: هذا قِياسُ المذهبِ. ولم يذْكُرْ فيه خِلافًا، ونقَله عنه المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، ولم يعْتَرِضْ عليه بشئٍ. وكذا ذكَر أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ» ، أنَّ السَّيِّدَ إذا غابَ، زوَّج أمَتَه مَنْ يَلِى مالَه. وقال: أَوْمَأَ إليه فى رِوايةِ بَكْرِ بنِ محمدٍ. انْتهى. ذكَره ابنُ رَجَبٍ.

تنبيه: ظاهرُ كلامِه، أنَّه لو شرَطَ وَطْءَ المُكاتَبَةِ، وطَلَبَتِ التَّزْوِيجَ، لا يَلْزَمُ السَّيِّدَ إذا كان يطَأُ. وهو صحيحٌ. وهو ظاهرُ كلامِ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ؛ لِمَا فيه مِن إسْقاطِ حقِّ السَّيِّدِ وإلْغاءِ الشَّرْط. وقال ابنُ البَنَّا: يَلْزَمُه تزْوِيجُها بطَلَبِها ولو كان يطَؤُها، وأُبِيحَ بالشَّرْط. ذكَره فى «المُسْتَوْعِبِ» ، واقْتَصَرَ عليه. قال فى «الفُروعِ»: وكأنَّ وجْهَه، لِمَا فيه مِن اكْتِسابِ المَهْرِ، فَمَلَكَتْه كأَنْواعِ التَّكَسُّبِ. قلتُ: الذى يَظْهَرُ أنَّ وَجْهَه أعَمُّ مِن ذلك؛ فإن المُتَرَتِّبَ لها على الزَّوْجِ أكثرُ مِن ذلك. فعلى هذا الوَجْهِ، يُعايَى بها.

فائدة: لو غابَ عن أُمِّ وَلَدِه واحْتاجَتْ إلى النَّفَقَةِ، زُوِّجَتْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: زُوِّجَتْ فى الأصحِّ. وقيل: لا تُزَوَّجُ. ولو احْتاجَتْ إلى الوَطْء، لم تُزَوَّجْ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، وقال: ويتَوَجَّهُ الجوازُ عندَ

ص: 439

وَيُدَاوِيهِمْ إِذَا مَرِضُوا،

ــ

مَنْ جَعَلَه كنَفَقَةٍ. قلتُ: وهذا عَيْنُ الصَّوابِ، والضَّرَرُ اللَّاحِقُ بذلك أعْظَمُ مِن الضَّرَرِ اللَّاحِقِ بسَبَبِ النَّفَقَةِ. واخْتارَه ابنُ رَجَبٍ فى كتابٍ له سمَّاه:«القَوْلُ الصَّوابُ فى تَزْويجِ أُمَّهاتِ أوْلادِ الغُيَّاب» ، ذكَر فيه أحْكامَ زوَاجِها وزَواجِ الإِماءِ وامْرأَةِ المَفْقودِ، وأطالَ فى ذلك وَأَجادَ، واسْتدَلَّ لصِحَّةِ نِكاحِها بكَلامِ الأصحابِ ونُصوصِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. وقال فى «الانْتِصارِ»: إذا عَجَزَ السَّيِّدُ عنِ النَّفَقَةِ على أُمِّ الوَلَدِ، وعجَزَتْ هى أيضًا، لَزِمَه عِتقُها؛ ليُنْفَقَ عليها مِن بَيتِ المالِ. واللَّهُ أعلمُ.

قوله: ويُداوِيهم إذا مَرِضُوا. يَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مُرادُه الوُجوبَ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ» : ويُداوِيه وُجوبًا، قالَه جماعَةٌ. قال ابنُ شِهَابٍ فى كَفَنِ الزَّوْجَةِ. العَبْدُ لا مالَ له، فالسَّيِّدُ أحقُّ بنَفَقَتِه ومُؤْنَتِه؛ ولهذا النَّفَقَةُ المُخْتَصةُ بالمرَضِ، مِن الدَّواءِ وأُجْرَةِ الطيبِ، تَلْزَمُه بخِلافِ الزَّوْجَةِ. انتهى. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مُرادُه بذلك الاسْتِحْبابَ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ جماعةٍ، يُسْتَحَبُّ، وهو أظْهَرُ. انتهى. قلتُ: المذهبُ أنَّ ترْكَ الدَّواءِ أفْضَلُ. على ما تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الجَنائزِ. ووُجوبُ المُداواةِ قوْلٌ ضعيفٌ.

ص: 440

وَيُرْكِبُهُمْ عُقْبَةً إِذَا سَافَرَ بِهِمْ، وَإِذَا وَلِىَ أَحَدُهُمْ طَعَامَهُ، أَطْعَمَهُ مَعَهُ، فَإِنْ أَبَى، أَطْعَمَهُ مِنْهُ،

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 441

وَلَا يَسْتَرْضِعُ الْأَمَةَ لِغَيْرِ وَلَدِهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ رَيِّهِ. وَلَاَ يُجْبِرُ الْعَبْدَ عَلَى الْمُخَارَجَةِ، وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَيْهَا، جَازَ.

ــ

قوله: ولا يُجْبِرُ العَبْدَ على المُخارَجَةِ -بلا نِزاعٍ- وإنِ اتَّفَقا عليها، جازَ. بلا خِلافٍ، لكِنْ يُشْتَرطُ أَنْ يكونَ بقَدْرِ كَسْبِه فأَقَلَّ بعدَ نَفَقَتِه، وإلَّا لم يَجُزْ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ قدَّرَ خَراجًا بقَدْرِ كَسْبِه، لم يُعارَضْ. قلتُ: ولَعَلَّه أرادَ ما قالَه الأَوَّلُون.

فائدة: قال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: يُؤْخَذُ مِن «المُغْنِى» ، أنَّه يجوزُ للعَبْدِ

ص: 442

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المُخارِجِ هَدِيَّةُ طَعامٍ، وإعارَةُ مَتاعٍ، وعَمَلُ دَعْوَةٍ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ هذا، أنَّه كعَبْدٍ مَأْذُونٍ له فى التَّصَرُّفِ. قال: وظاهرُ كلامِ جماعَةٍ، لا يَمْلِكُ ذلك، وإنَّما فائدةُ المُخارَجَةِ ترْكُ العَمَلِ بعدَ الضَّرِيبَةِ. وقال ابنُ القَيِّمِ، رحمه الله، فى «الهَدْى»: له التَّصَرُّفُ فيما زادَ على خَراجِه، ولو مُنِعَ منه، كان كَسْبُه كلُّه خراجًا ولم يكُنْ لتَقْديرِه فائدَةٌ، بل ما زادَ تَمْلِيكٌ مِن سيِّدِه

ص: 443

وَمَتَى امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، فَطَلَبَ الْعَبْدُ الْبَيْعَ، لَزِمَهُ بَيْعُهُ.

ــ

له يتَصَرَّفُ فيه كما أرادَ. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال.

قوله: ومتى امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِن الواجِبِ عليه، وطَلَبَ الْعَبْدُ الْبَيْعَ، لَزِمَه بَيْعُه. نصَّ عليه، كفُرْقَةِ الزَّوْجَةِ. وقالَه فى «عُيونِ المَسائلِ» وغيرِه، فى أُمِّ الوَلَدِ.

ص: 444

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فال فى «الفُروعِ» : هو ظاهرُ كلامِهم. يعْنِى، فى أمِّ الوَلَدِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: ولو لم تُلاِئمْ أخْلاقُ العَبْدِ أخْلاقَ سيِّدِه، لَزِمَه إخْراجُه عن مِلْكِه. وكذا أطْلَقَ فى «الرَّوْضَةِ» ، يَلْزَمُه بيْعُه بطَلَبِه.

ص: 445

وَلَهُ تَأْدِيبُ رَقِيقِهِ بِمَا يُؤَدِّبُ بِهِ وَلَدَهُ وَامْرأَتَهُ.

ــ

قوله: وله تَأديبُ رَقِيقِه بما يُؤَدِّبُ به وَلَدَه وامْرَأَته. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ» : كذا قالوا. قال: والأَوْلَى ما روَاه الإِمامُ أحمدُ وأبو داودَ، رَحِمَهما اللَّهُ. وذكَر أحادِيثَ تدُلُّ على أنَّ ضَرْبَ الرَّقيقِ أشَدُّ مِن ضَرْبِ المرْأةِ. ونقَل حَرْبٌ، لا يضْرِ بُه إلَّا فى ذَنْبٍ، بعدَ عَفْوِه مَرَّةً أو مرَّتَيْن، ولا يَضْرِبُه ضَرْبًا (1) شديدًا. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يضْرِبُه إلَّا فى ذَنْبٍ عظيمٍ، ويُقَيِّدُه بقَيْدٍ إذا خافَ عليه، ويَضْرِبُه غيرَ مُبَرِّحٍ. ونقَل غيرُه، لا يُقَيِّدُه، ويُباعُ أحَبُّ إلىَّ. ونقَل أبو داودَ، رحمه الله، يُؤَدَّب على فَرائضِه.

فائدة: لا يَشْتُمُ أبوَيْه الكافِرَيْن، لا يُعَوِّدُ لِسانَه الخَنَا والرَّدَى، وإنْ بعثَه لحاجَةٍ فوَجَدَ مسْجِدًا يُصَلَّى فيه، قَضَى حاجَتَه ثم صلَّى، وإنْ صلَّى، فلا بَأْسَ. نقَله

(1) سقط من: الأصل.

ص: 446

وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَقِيلَ: ذَلِكَ يَنْبَنِى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ

ــ

صالِحٌ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، إنْ عَلِمَ أنَّه لا يجِدُ مسْجِدًا يُصَلَّى فيه، صلَّى، وإلَّا قَضاها.

تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ جَوازَ تَأْدِيبِ الوَلَدِ والزَّوْجَةِ. وهو صحيحٌ، وقالَه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِهم، يؤَدَّبُ الوَلَدُ ولو كانَ كبِيرًا مُزَوَّجًا مُنْفَرِدًا فى بَيْتٍ، كفِعْلِ أبى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بعائِشَةَ أمِّ المُؤْمِنِين، رَضِىَ اللَّهُ عنهما (1). قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ»: الوَلَدُ يضْرِبُه (2) ويُعَزِّرُه، وإنَّ مِثْلَه عَبْدٌ وزَوْجَةٌ.

قوله: وللعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بإذْنِ سَيِّدِه. هذا إحْدَى الطَّريقَتَيْن، وهى الصَّحيحةُ

(1) أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند 4/ 271، 272، 275.

(2)

بعده فى أ: «الوالد» .

ص: 447

فِى مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ سَيِّدُهُ أَمَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّسَرِّى بِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ.

ــ

مِن المذهبِ. نصَّ عليها فى رِوايةِ الجماعَةِ. وهى طرِيقَةُ الخِرَقِىِّ، وأبى بَكْرٍ، وابنِ أبى مُوسى، وأبِى إسْحَاقَ ابنِ شَاقْلَا. ذكَرَه عنه فى «الواضِحِ» . ورجَّحَها المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهى أصحُّ؛ فإنَّ نُصوصَ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، لا تخْتَلِفُ فى إباحَةِ التَّسَرِّى له. وصحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ ونَصَرَه. وقيل: يَنْبَنِى على الرِّوايتَيْن فى

ص: 448

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِلْكِ العَبْدِ بالتَّمْلِيكِ. وهى طريقَةُ القاضى والأصحاب بعدَه. قالَه فى «القَواعِدِ» . قال القاضى: يجبُ أَنْ يكونَ فى مذهبِ الإِمامِ أَحمدَ، رحمه الله، فى تسَرِّى العَبْدِ وَجْهانِ مَبْنِيَّان على الرِّوايتَيْن فى ثُبوتِ المِلْكِ بتَمْليكِ سيِّدِه. وقدَّمها فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» . وهى المذهبُ على ما أسْلَفْناه

ص: 449

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى الخُطْبَةِ، وتقدَّم ذلك فى أوَائلِ كتاب الزَّكاةِ. فعلى الأُولَى، لا يجوزُ تَسَرِّيه بدُونِ إذْنِ سيِّدِه، كما قالَه المُصَنِّفُ. ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، فى رِوايةِ جماعَةٍ، كنِكَاحِه. وقدَّمه فى «القَواعِدِ» . ونقَل أبو طالِبٍ، وابنُ هانئٍ، يَتَسَرَّى العَبْدُ فى مالِه، كان ابنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، يَتَسَرَّى عَبِيدُه فى مالِه، فلا يَعِيبُ عليهم. قال القاضى: ظاهِرُ هذا، أنَّه يجوزُ تَسَرِّيه مِن غيرِ إذْنِ سيِّدِه؛ لأنَّه مالِكٌ له. قال فى «القَواعِدِ»: ويُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ نصُّ اشْتِراطِه على التَّسَرِّى مِن مالِ سيِّدِه إذا كانَ مأْذُونًا له، ونصُّه تقدَّمَ على اشْتِراطِ تَسَرِّيه فى مالِ نفْسِه الذى يَمْلِكُه، وقد أَوْمَأَ إلى هذا فى رِوايةِ جماعَةٍ. قال: وهو الأظْهَرُ. وأطالَ الكَلامَ فى ذلك فى فَوائدِ «القَواعِدِ» ، فَلْيُعاوَدْ. وتقدَّم فى المُحَرَّماتِ فى النِّكاحِ، بعدَ قوْلِه: ولا يَحِلُّ للعَبْدِ أَنْ يتزَوَّجَ أكثرَ مِن اثْنَتَيْن. هل يجوزُ له التَّسَرِّى بأكثرَ مِن اثْنَتَيْنَ أمْ لا؟.

فوائد؛ إحْداها، لو أذِنَ له سيِّدُه فى التَّسَرِّى مرَّةً، فتَسَرَّى، لم يَمْلِكْ سَيِّدُه

ص: 450

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرُّجوعَ. نصَّ عليه فى رِوايةِ الجماعَةِ. وهو المذهبُ. وقالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِح، والنَّاظِمُ، والزَّرْكَشِىُّ، وغيرُهم. وقال القاضى: يَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ بالتَّسَرِّى هنا التَّزْوِيجَ، وسمَّاه تَسَرِّيًا مَجازًا، ويكونُ للسَّيِّدِ الرُّجوعُ فيما مَلَّكَ عَبْدَه. ورَدَّه المُصَنِّفُ وغيرُه.

الثَّانيةُ، لو تزَوَّجَ بإذْنِ سيِّدِه، وجَبَتْ نفَقَتُه ونَفَقَةُ الزَّوْجَةِ على السَّيِّدِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقد تقدَّم ذلك فى كتابِ الصَّداقِ.

ص: 451