المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: وَلَا زَكَاةَ فِى الْحَلْى الْمُبَاحِ الْمُعَدِّ لِلاِسْتِعْمَالِ، فِى ظَاهِرِ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٧

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: وَلَا زَكَاةَ فِى الْحَلْى الْمُبَاحِ الْمُعَدِّ لِلاِسْتِعْمَالِ، فِى ظَاهِرِ

‌فَصْلٌ:

وَلَا زَكَاةَ فِى الْحَلْى الْمُبَاحِ الْمُعَدِّ لِلاِسْتِعْمَالِ، فِى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.

ــ

الذَّهَبِ إلى الفِضَّةِ. قال فى «الفُروعِ» : اعْتَرَفَ المَجْدُ أنَّ الضَّمَّ فى الذَّهَبِ والفِضَّةِ كعُروض التِّجارَةِ، قال: فيَلزَمُ حينَئذٍ التخْريجُ مِن تَسْوِيته بينَهم؛ لأنَّ التَّسْوِيَةَ مقْتَضِيَةٌ لاتِّحادِ الحُكْمِ وعدَمِ الفَرْقِ. قال: وجزَم بعضُهم، أظُنُّه أبا المَعالِى ابنَ مُنَجَّى، بأنَّ ما قُوِّمَ به العُروضُ، كناضٍّ (1) عندَه، ففى ضَمِّه إلى غيرِ ما قُوِّمَ به الخِلافُ السَّابِقُ. وقال ابنُ تَميمٍ: وتُضَمُّ العُروض إلى أحَدِ النَّقْدَيْن، بلَغ كلُّ واحدٍ منهما نِصابًا أولا. وإنْ كان معه ذهَبٌ وفِضَّة، وعُروضٌ، الكُلُّ للتِّجارَةِ، ضَمَّ الجميعَ. وإنْ لم يكُنِ النَقْدُ للتِّجارةِ، ضَمَّ العُروضَ إلى إِحْدَيْهما، وفيه وَجْهٌ، يُضَمُّ إليهما. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ» . وزادَ، بعدَ القوْلِ الثَّانِى، إنْ قُلْنَا بضَمِّ الذَّهبِ إلى الفِضَّةِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال.

قوله: ولا زَكاةَ فى الحَلْى المُبَاحِ المُعَدِّ للاسْتِعمالِ، فى ظَاهِرِ المذهبِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، تجِبُ فى الزَّكاةُ. قال فى «الفائقِ»:

(1) الناضُّ: اسم للدرهم والدينار إذا تحول عينا بعد أن كان متاعا. انظر ما يأتى فى صفحة 55.

ص: 23

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو المُخْتارُ نظَرًا. وعنه، تَجِبُ فيه الزَّكاةُ إذا لم يُعَرْ ولم يُلْبَسْ. وقال القاضى فى «الأَحْكَامِ السُّلْطانِيَّةِ»: نقَل ابنُ هانِئٍ، زَكاتُه عارِيَّتُه. وقال: هو قوْلُ خَمْسَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ. وذكَرَه الأثْرَمُ عن خَمْسَةٍ مِنَ التَّابِعِين. وجزَم به فى «الوَسِيلَةِ» وذَكَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» جَوابًا.

تنبيهان؛ أحدُهما، قوله: ولا زَكاةَ فى الحَلْى المُباحِ. للرَّجُلِ والمرْأةِ إذا أُعِدَّ للّبْسِ المُباحِ أو الإِعارَةِ. وهو صحيحٌ. وكذا لو اتَّخذَه مَن يحْرُمُ عليه، كرَجُلٍ

ص: 24

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يتَّخِذُ حَلْى النِّساءِ لإعارَتِهنَّ، أو امْرأةٍ تتَّخِذُ حَلْى الرِّجالِ لإِعارَتِهم. ذكَرَه جماعةٌ؛ منهم القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيل فى «الفُصولِ» ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وقال بعضُ الأصحابِ: لا زَكاةَ فيه، إلَّا أنْ يقْصِدَ بذلك الفِرارَ مِنَ الزَّكاةِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه مُرادُ غيرِه، وهو أظْهَرُ. ووَجَّهَ احْتِمالًا؛ لا يُعْدَمُ وُجوبُ الزكاةِ ولو قصَد الفِرارَ منها. وحكَى ابنُ تَميمٍ، أنَّ أبا الحَسَنِ التَّمِيمِىَّ قال: إنِ اتَّخذَ رجلٌ حَلْى امْرأةٍ، ففى

ص: 25

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زكاتِه رِوايَتان. وحكَاهما فى «الفائقِ» ، وأطْلَقَهما. الثَّانى، ظاهِرُ كلامِه، أنَّه سواءٌ كان مُعْتَادًا، أو غيرَ مُعْتادٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ. وقيدَ بعضُ الأصحابِ ذلك بأنْ يكونَ مُعْتادًا.

فائدة: لو كان الحَلْىُ ليَتيم لا يَلْبَسُه، فلوَلِيِّه إعارَتُه، فإنْ فعَل، فلا زَكاةَ،

ص: 26

فَأَمَّا الْحَلْىُ الْمُحَرَّمُ، وَالآنِيَةُ، وَمَا أعِدَّ لِلْكِرَاءِ أَوِ النَّفَقَةِ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَ نِصَابًا.

ــ

وإنْ لم يُعِرْه، ففيه الزَّكاةُ. نصَّ أحمدُ على ذلك. ذكَرَه جماعَةٌ. قال فى «الفُروعِ»: ويأتِى فى العارِيةِ، أنه يُعْتَبَرُ كوْنُ المُعيرِ أهْلًا للتَّبَرُّعِ. قال: فهذان قوْلان، أو أنَّ هذا لمَصْلَحَةِ مالِه، ويُقالُ: قد يكونُ هناك كذلك، فإنْ كان لمَصْلَحَةِ الثَّوابِ توَجَّهَ خِلافٌ، كالقَرْضِ. انتهى.

قوله: فأَمَّا الحَلْىُ المُحَرَّمُ -قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وكذلك المَكروهُ. انتهى- والآنِيَةُ، وما أعِدَّ للكِرَاءِ أو النَّفَقَةِ، ففيه الزَّكاةُ. تجِبُ الزَّكاةُ فى الحَلْى المُحَرَّمِ، والآنِيَةِ المُحَرَّمَةِ، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وكذا ما أُعِدَّ للنَّفَقَةِ، أو ما أُعِدَّ للفُقَراءِ، أو

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القُنْيَةِ أو الادِّخارِ، وحَلْى الصَّيارِفِ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وُجوبُ الزَّكاةِ فيه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه فيما أعِدَّ للكِرَاءِ. وقيلَ: ما

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اتَّخَذَه مِن ذلك لسَرَفٍ أو مُباهَاةٍ، كُرِهَ، وزُكِّىَ، وإلَّا فلا. وجزَم به بعضُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: والظَّاهِرُ أنه قوْلُ القاضى، إلَّا فى مَن اتَّخذَ خَواتِيمَ. ومُرادُه، مع نِيَّة لُبْس أو إعارَةٍ. قال: وظاهِرُ كلامِ الأكثرِ، لا زكاةَ.

ص: 29

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإنْ كان مُرادُه اتَّخَذَه لسَرَفٍ أو مُباهَاةٍ فقط، فالمذهبُ، قوْلًا واحدًا، [لا تجِبُ](1) الزَّكاةُ. انتهى. واخْتارَ ابنُ عَقِيل فى «مُفْرَداتِهِ» و «عُمَدِ الأدِلَّةِ» ، أنَّه لا زكاةَ فيما أعِدَّ للكِرَاءِ، وقال صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ»: لا زَكاةَ فى حَلْى مُباحٍ، لم يُعَدَّ للتَّكَسُّبِ به.

فائدة: لو انْكَسَرَ الحَلْىُ وأمْكَنَ لُبْسُه، فهو كالصَّحيحِ، وإنْ لم يُمْكِنْ لُبْسُه، فإنْ لم يَحْتَجْ فى إصْلاحِه إلى سَبْكٍ وتجْديدِ صَنْعَةٍ، فقال القاضى: إنْ نوَى

(1) فى الفروع: «تجب» . انظر: الفروع 2/ 464.

ص: 30

وَالاعْتِبَارُ بِوَزْنِهِ، إِلَّا مَا كانَ مُبَاحَ الصِّنَاعَةِ،

ــ

إصْلاحَه، فلا زَكاةَ فيه، كالصَّحيحِ. وجزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه». ولم يذْكُرْ نِيَّةَ إصْلاحٍ ولا غيرَها. وذكَرَه ابنُ تميم وَجْهًا. فقال: ما لم يَنْوِ كَسْرَه، فيُزَكِّيه. قال فى «الفُروعِ»: والظَّاهِرُ أنَّه مُرادُ غيرِه. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، يُزَكِّيه، ولو نوَى إصْلاحَه. وصحَّحَه فى «المُسْتَوْعِبِ» . وجزَم به المُصَنِّفُ، ولم يذْكُرْ نِيَّةَ إصْلاحٍ ولا غيرَها. وأمَّا إذا احْتاجَ إلى تَجْديدِ صَنْعَةٍ، فإنَّه يُزَكيهِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال ابنُ تَميمٍ: فيه وَجْهان؛ أظْهَرُهما، فيه الزَّكاةُ. وقال فى «المُبْهِجِ»: إنْ كان الكَسْرُ لا يَمْنَعُ مِنَ اللُّبْسِ، لم تجِبْ فيه الزَّكاةُ. وحكَى ابنُ تَميمٍ كلامَ صاحِبِ «المُبْهِجِ». فقال فى «الفُروعِ»: كذا حكَاه ابنُ تَميمٍ. وإنَّما هو قوْلُ القاضى المذْكُورُ، [و «لا» زائِدَةٌ غَلَطٌ] (1). انتهى. قلتُ: إنْ أرادَ أنَّ ابنَ تَميمٍ زادَ «لا» ، فليس كما قال؛ فإنَّ ذلك فى «المُبْهِجِ» فى نُسَخٍ مُعْتَمَدَةٍ، وإنْ أرادَ أنَّ صاحِبَ «المُبْهِجِ» زادَ «لا» غَلَطًا منه، فمِن أينَ له أنَّ ذلك غَلَط؟ بل هو مُوافِقٌ لقَواعدِ المذهبِ، فإنَّ الكَسْرَ إذا لم يَمْنَعْ مِنَ اللُّبْسِ، فهو كالصَّحيحِ، وذلك لا زَكاةَ فيه. فكذا هذا.

(1) قال فى تصحيح الفروع: كذا فى النسخ وصوابه: «ولم زائدة غلطًا» ؛ لأنها فى كلام أبى الفرج. انظر: الفروع 2/ 465.

ص: 31

فَإِنَّ الاعْتِبَارَ فِى النِّصَابِ بِوَزْنِهِ، وَفِى الإِخْرَاجِ بِقِيمَتِهِ.

ــ

قوله: والاعْتِبارُ بوَزْنه. إلَّا ما كان مُباحَ الصِّناعَةِ، فإنَّ الاعْتِبارَ فى النِّصابِ بوَزْنِه، [وفى الإِخْراجِ بقِيمَتِه. الحَلْىُ المُباحُ الصناعَةِ، عنه وعن غيره، الاعْتِبارُ فى النِّصابَ فيه بوَزْنِه](1). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ» : هذا المذهبُ. قال ابنُ رَجَبٍ: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. وحكَاه بعضُ الأصحابِ إجْماعًا. وقيلَ: الاعْتِبارُ بقِيمَتِه. قال ابنُ رَجبٍ: اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ فى مَوْضِع فى «فُصُولِه» . وحُكِىَ رِوايةً، بِناءً على أنَّ المُحَرمَ لا يَحْرُمُ اتِّخاذُه، وتضْمَنُ صنْعَتُه بالكَسْرِ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيص» ، و «البُلْغَةِ». وقيلَ: الاعْتِبارُ بقِيمَتِه إذا كان مُباحًا، وبوَزْنه إذا كان مُحَرَّمًا. واخْتَارَه ابنُ عَقيلٍ أيضًا. فعلى هذا، لو تحلَّى الرَّجُلُ بحَلْىِ المرأةِ، أو بالعَكْس، أوِ اتَّخَذَ أحَدُهما حَلْى

(1) زيادة من: أ.

ص: 32

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الآخَرِ قاصِدًا لُبْسَه، أوِ اتَّخَذَ أحَدُهما ما يُباحُ لما يَحْرُمُ عليه، أو لمَن يَحْرُمُ عليه، فإنَّه يَحْرُمُ، وتُعْتَبَرُ القِيمَةُ؛ لإباحَةِ الصَّنْعَةِ فى الجُمْلَةِ. وجزَم فى «البُلْغَةِ» فى حَلْى الكِراءِ، باعْتِبارِ القِيمَةِ. وذكَر بعضُهم وَجْهَيْن.

تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ فى مُباحِ الصناعَةِ، دُونَ الحَلْى المُباحِ للتِّجارَةِ، فأمَّا المُباحُ للتِّجارةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه تُعْتَبَرُ قِيمَتُه. نصَّ عليه. فعلى هذا، لو كان معه نَقْدٌ مُعَدٌّ للتِّجارةِ، فإنَّه عَرْض يقَوَّمُ بالأجْزاءِ إنْ كان أحَظَّ للفُقَراءِ، أو نقَص عن نِصَابِهِ. وقال بعضُ الأصحابِ: هذا ظاهِرُ نَقْلِ إبْراهِيمَ بنِ الحارِثِ، والأَثْرَمِ. وجزَم به فى «الكافِى» وغيرِه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: ونصَّ فى رِوايَةِ الأَثْرَم على خِلافِ ذلك. قال: فصار فى المَسْأَلَةِ رِوايَتَان. قال فى «الفُروعِ» : وأظُنُّ هذا مِن كلامِ وَلَدِه. وحَمَل القاضى بعضَ المَرْوِىِّ عن أحمدَ على الاسْتِحْبابِ. وجزَم به بعضُهم. وجزَم المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» بالأوَّلِ، إذا كان النَّقْدُ عَرْضًا.

قوله: إلَّا ما كان مُباحَ الصِّناعَةِ، فإنَّ الاعْتِبارَ فى النِّصَابِ بِوَزْنه، وفى الإِخْرَاجِ

ص: 33

وَيباحُ لِلرِّجَالِ مِنَ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ، وَقبِيعَةُ السَّيْفِ.

ــ

بقِيمَتِه. الأشهَرُ فى المذهبِ، أنَّ الاعْتِبارَ فى مُباحِ الصِّناعَةِ فى الإخْراجِ بقِيمَتِه. قالَه فى «الفُروعِ» . واخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال ابنُ تَميمٍ: هذا الأظْهَرُ. قال ابنُ رَجَبٍ: اخْتارَه القاضى وأصحابُه. قال القاضى: هو قِيَاسُ قَوْلِ أحمدَ: إذا أخْرَجَ عن صِحَاح مُكَسَّرَةً، يُعْطِى ما بينَهما. فاعْتَبَرَ الصَّنْعَةَ دُونَ الوَزْنِ؛ كزِيادَةِ القِيمَةِ لنَفَاسَةِ جَوْهَرِه. وقيلَ: تُعْتَبَرُ القِيمَةُ فى الإخْراجِ إنِ اعْتُبِرَتْ فى النِّصابِ، وإنْ لم تُعْتَبَرْ فى النِّصابِ، لم تُعْتَبَرْ فى الإخْراجِ. قال أبو الخَطَّابِ: هذا ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وصحَّحَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِهِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» .

فائدة: إنْ أخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِه مُشاعًا، أو مِثْلَه وَزْنًا مما يُقابِلُ جَودتَه زِيادَةُ الصَّنْعَةِ، جازَ. وإنْ جَبَر زِيادَةَ الصَّنْعَةِ بِزِيادَةٍ فى المُخْرَجِ، فكَمُكَسَّرَةٍ عن صِحَاحٍ، على ما تقدَّم. وإنْ أرادَ كَسْرَه، مُنِعَ لنَقْص قِيمَتِه. وقال ابنُ تَميمٍ: إنْ أخْرَجَ مِن غيرِه بقَدْرِه، جازَ، ولو مِن غيرِ جِنْسِه، وإنْ لم تُعْتَبَرِ القِيمَةُ، لم يُمْنَعْ مِنَ الكَسْرِ ولا يُخْرِجُ مِن غيرِ الجِنْسِ. وكذا حُكْمُ السَّبائكِ. انتهى.

ص: 34

وَفِى حِلْيَةِ الْمِنْطَقَةِ رِوَايَتَانِ. وَعَلَى قِيَاسِهَا الْجَوْشَنُ، وَالْخُوذَةُ، وَالْخُفُّ، وَالرَّأَنُ، وَالْحَمَائِلُ،

ــ

قوله: ويُباحُ للرِّجالِ مِنَ الفِضَّةِ الخَاتَمُ. اتِّخاذُ خاتَمِ الفِضَّةِ للرَّجُلِ مُباحٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ابنُ رَجَبٍ، فى كتابِ «الخَواتِيمِ»: هذا اخْتِيارُ أكثرِ الأصحابِ. انتهى. وجزَم به فى «التَّلْخيص» ،

ص: 35

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى» ، فى بابِ الحَلْى، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، وغيرهما. وقيلَ: يُسْتَحَبُّ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ» ، فى بابِ اللِّباس، وقدَّمه فى «الآدَابِ» . وجزَم به فى «الرِّعايَة الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» ، فى بابِ اللِّباس. وقيلَ: يُكْرَهُ لقَصْدِ الزِّينَةِ. جزَم به ابنُ تَميمٍ. قال ابنُ رَجَب، فى كتابِ «الخَواتِيمِ»: قالَه طائفَةٌ مِنَ الأصحابِ. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: النَّهْىُ عن الخاتَمِ ليَتَمَيزّ اَلسُّلْطانُ بما تَخَتَّمَ به. فظاهِرُه الكَراهَةُ إلَّا للسُّلْطانِ.

ص: 36

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: قدَّم فى «الرِّعايَة الكُبْرَى» ، وجزَم به فى «الرِّعايَة الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» ، فى بابِ اللباسِ، اسْتِحْبابَ التَّخَتُّمِ بخَاتَمِ الفِضَّةِ. وجزَمُوا فى بابِ الحَلْى بإبَاحَتِه. وظاهِرُه التَّناقُضُ، أو يكونُ مُرادُهم فى باب الحَلْى، إخْراجَ الخاتَمِ مِنَ التَّحْريمِ، لا أنَّ مُرادَهم لا يُسْتَحَبُّ. وهذا أوْلَى.

فوائد؛ منها، الأفْضَلُ للابِسهِ جعْلُ فَصِّه ممَّا يلِى كَفَّه؛ لأنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، كان يفْعَلُ ذلك. وهو فى «الصَّحِيحَيْنِ» (1). وكان ابنُ عَبَّاس يَجْعَلُه ممَّا يلِى ظَهْرَ كَفِّه. روَاه أبو داوُد (2). وكذا علىُّ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ جَعْفَرٍ كان يَفْعَلُه. روَاه أبو زرْعَةَ الدِّمَشْقِىُّ. وأكْثَر النَّاسِ يَفْعَلُونَ ذلك. ومنها، جوازُ لُبْسِه فى خِنْصَرِ يَدِهِ اليُمْنَى واليُسْرَى، والأفْضَلُ فى لُبْسِه، فى إحْداهما على الأُخْرَى. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وتابَعَه فى «الفُروعِ» ، و «الآدَابِ الكُبْرَى» ، و «الوُسْطَى» . والصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنَّ التَّخَتُّمَ فى اليَسَارِ أفْضَلُ. نصَّ عليه فى رِوايَة صالِحٍ، والفَضْلِ بنِ زِيَادٍ. وقال الإمامُ أحمد: هو أقْرَبُ وأثْبَتُ، وأحَبُّ إلىَّ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الإِفَاداتِ» ، وغيرِهم. قال ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ، فى «آدَابِهِ المَنْظُومَةِ»: ويَحْسنُ فى اليُسْرَى، كأحمد وصَحْبِه. انتهى. قال ابنُ رَجَبٍ: وقد أشارَ بعضُ أصحابِنا إلى أنَّ التَّخَتُّمَ فى اليُمْنَى مَنْسُوخٌ، وأنَّ التَّخَتُّمَ فى اليَسَارِ آخِرُ الأمْرَيْن. انتهى. قال فى «التَّلخيصِ»: ضَعَّف الإِمامُ أحمدُ حدِيثَ التَّخَتُّمِ فى اليُمْنَى. وهذا مِن غيرِ الأكْثَرِ الذى ذكَرْناه فى الخُطْبَةِ، أنَّ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» هو المذهبُ. وقيلَ: اليُمْنَى أفْضَلُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» . فلِصَاحِب «الرِّعايَةِ» فى هذه المسْأَلَةِ ثَلاثُ اخْتِيَاراتٍ.

(1) انظر تخريج حديث: اتخذ خاتما من ورق. المقدم فى صفحة 35.

(2)

فى: باب ما جاء فى التختم فى اليمين أو اليسار، من كتاب الخاتم. سنن أبى داود 2/ 408.

ص: 37

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنها، يُكْرَهُ لُبْسُه فى السَّبَّابَةِ والوُسْطى للرَّجُلِ. نصَّ عليه؛ للنَّهْى الصَّحيحِ عن ذلك. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: ولم يقَيدْه فى «التَّرْغِيبِ» وغيرِه. انتهى. قلتُ: أكثرُ الأصحابِ لم يُقَيِّدوا الكَراهَةَ فى اللُّبْس بالسَّبَّابَةِ والوُسْطى للرِّجالِ، بل أطْلَقُوا. قال ابنُ رَجَبٍ، فى «كِتَابِه»: وذكَر بعضُ الأصحابِ، أنَّ ذلك خاصٌّ بالرِّجالِ. انتهى. قلتُ: منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعَايَةِ». وقال ابنُ رَجَبٍ أيضًا: وظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، جَوازُ لُبْسِه فى الإبهامِ والبِنْصَرِ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ذلك لا يُكْرَهُ فى غيرِهما، وإنْ كان الخِنْصَرُ أفْضَلَ؛ اقْتِصَارًا على النَّصِّ. وقال أبو المَعالِى: الإِبْهامُ مِثْلُ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى. يعْنِى، فى الكَراهَةِ. قال فى «الفُروعِ» مِن عندِه: فالبِنْصَرُ مِثْلُه، ولا فَرْقَ. قلتُ: لو قيلَ بالفَرْقِ، لكان مُتَّجَهًا؛ لمُجاوَرَتِها لما يُباحُ التَّخَتُّمُ فيها، بخِلافِ الإِبْهامِ لبُعْدِه واسْتِهْجانِه. ومنها، لا بأْسَ بجَعْلِه مِثْقالًا وأكثرَ، ما لم يخْرُجْ عنِ العادَةِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ والأصحابِ. وقال ابنُ حَمْدانَ، فى كُتبه الثَّلَاثةِ: يُسَنُّ جعْلُه دُونَ مِثْقالٍ. وتابعَه فى «الحاوِيَيْن» ، و «الآدَابِ» . قال ابنُ رَجَبٍ، فى «كِتابِه»: قِياسُ قوْلِ مَن مَنَعَ مِن أصحابِنا تحَلِّى النِّساءِ بما زادَ على ألْفِ مِثْقالٍ، أنْ يُمْنَعَ الرَّجُلُ مِن لُبْسِ الخَاتَمِ إذا زادَ على مِثْقالٍ وأوْلَى؛ لوُرودِ النَّصِّ هنا، وثَمَّ ليس فيه حديثٌ مرْفُوعٌ، بل مِن كلامِ بعضِ الأصحابِ. انتهى. ومنها، ما ذَكَرَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه عن القاضى، أنَّه قال: لو اتَّخَذَ لنَفْسِه عِدَّةَ خَواِتيمَ، أو مَناطِقَ، لم تسْقُطِ الزكاةُ فيما خرَجَ عنِ العادَةِ، إلَّا أنْ يتَّخِذَ ذلك لوَلَدِه، أو عَبْدِه. قال ابنُ رَجَبٍ: فهذا قد يدُلُّ على مَنْع لُبْسِ أكثرَ مِن خاتَمٍ واحدٍ؛ لأنَّه مُخالِفٌ للعادَةِ، وهذا قد يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ العَوائدِ. انتهى. قال فى

ص: 38

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفُروعِ» : ولهذا ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ، لا زَكاةَ فى ذلك. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِه: لا زَكاةَ فى كلِّ حَلْى أُعِدَّ لاسْتِعْمالٍ مُباحٍ، قَلَّ أو كَثُرَ، لرَجُلٍ كان أو امْرأةٍ. ثم قال: وعلى هَذَيْن القَوْلَيْن يُخَرَّجُ جوازُ لُبْسِ خاتَمَيْن فأكْثَرَ جميعًا. ومنها، يُسْتَحَبُّ التَّخَتُّمُ بالعَقِيقِ، عندَ صاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» . وقدَّمه فى «الرِّعَايَةِ» ، و «الآدَابِ» . ولم يَسْتَحِبَّه ابنُ الجَوْزِىِّ. قال ابنُ رَجَب، فى «كِتَابِه»: وظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، لا يُسْتَحَبُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، فى رِوايَةِ مُهَنَّا، وقد سأله ما السُّنَّةُ؟ يعْنِى فى التَّخَتُّمِ، فقال: لم تكُنْ خَواتِيمُ القَوْمِ إلَّا فِضَّةً. قال العُقَيْلىُّ (1): لا يصِحُّ فى التَّخَتُّمِ بالعَقِيقِ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم شئٌ. وقد ذَكَرَها كلَّها ابنُ رَجَبٍ، وأعَلَّها فى «كِتَابِه» . ومنها، فَصُّ الخاتَمِ إنْ كان ذَهَبًا، وكان يَسِيرًا، فإنْ قُلْنا بإباحَةِ يَسيرِ الذَّهَبِ، فلا كلامَ، وإنْ قُلْنا بعدَمِ إباحَتِه، فهل يُباحُ هنا؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، التَّحْريمُ أيضًا. وقد نصَّ أحمدُ على مَنْعِ مِسْمارِ الذَّهَبِ فى خاتَمِ الفِضَّةِ، فى رِوايَة الأَثْرَمِ، وإبْراهِيمَ بنِ الحارِثِ. وهذا اخْتِيارُ القاضى، وأبى الخَطَّابِ. والوَجْهُ الثَّانى، الإِباحَةُ. وهو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ عبدِ العَزِيزِ، والمَجْدِ، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ فى العَلَمِ. وإليه مَيْلُ ابنِ رَجَبٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. ومنها، يُكْرَهُ أنْ يُكْتَبَ على الخَاتَمِ ذِكْرُ اللَّهِ؛ قُرآنٌ، أو غيرُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يُكْرَهُ دُخولُ الخَلاءِ بذلك. فلا كَرَاهَةَ هنا. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ فى الكَراهَةِ دَلِيلًا إلَّا قوْلَهم: لدُخولِ الخَلاءِ به. والكَراهَةُ تَفْتَقِرُ إلى دَليلٍ، والأصْلُ عدَمُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقد ورَد عن كثير مِنَ السَّلَفِ، كِتابَةُ ذِكْرِ اللَّهِ على خَواتِيمِهم. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ فى «كِتابِه» .

(1) هو محمد بن عمرو بن موسى، صاحب كتاب «الضعفاء» . توفى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. العبر 2/ 194.

ص: 39

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو ظاهُر قوْلِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، حينَ قال للنَّاس:«إنِّى اتَّخَذْتُ خَاتَمًا، وَنَقَشْتُ فيه، محمدٌ رسُولُ اللَّهِ، فَلَا يَنْقُشْ أحدٌ على نَقْشِى» (1). لأنَّه إنَّما نَهاهم عن نَقْشِهم «محمدٌ رَسُولُ اللَّه» لا عن غيرِه. قال فى «الفُروعِ» : وظاهِرُ ما ورَد، لا يُكْرَهُ غيرُ ذِكْرِ اللَّه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: أو ذِكْر رَسولِه. قال فى «الفُروعِ» : ويَتَوَجَّهُ احْتِمالٌ؛ لا يُكرهُ ذلك. ومنه، لا يجوزُ أنْ يُنْقَشَ على الخَاتَمِ صُورَةُ حَيَوانٍ. بلا نِزاع؛ للنُّصوصِ الثَّابِتَةِ فى ذلك. لكنْ هل يَحْرُمُ لُبْسُه، أو يُكْرَهُ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، يَحْرُمُ. اخْتارَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، فى آخِرِ «الفُصُولِ». وحكَاه أبو حَكِيم النَّهْرَوَانِىُّ عنِ الأصحابِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو مَنْصُوصٌ عن أحمدَ فى الثِّيابِ والخَواتِمِ. وذكَرَ النَّصَّ. وهو المذهبُ. والوَجْهُ الثَّانى، يُكْرَهُ، ولا يَحْرُمُ. وهو الذى ذكَرَه ابنُ أبى مُوسَى. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ أيضًا، فى كتابِ الصَّلاةِ. وصحَّحَه أبو حَكيِمٍ. وإليه مَيْلُ ابن رَجَبٍ. ومنها، يُكْرَهُ للرَّجُلِ والمرْأَة لُبْسُ خاتَمِ حديدٍ وصُفْرٍ ونُحاسٍ ورَصاصٍ. نَصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعةٍ، منهم إسْحاقُ. ونقَل مُهَنَّا، أكْرَهُ خاتَمَ الحَديدِ؛ لأنَّه حِلْيَةُ أهْلِ النَّارِ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المُرادَ بالكَراهَةِ هنا، كراهَةُ تَنْزِيهٍ. قال ابنُ رَجَب: عندَ أكْثَرِ الأصحابِ. وعنه، ما يدُل على التَّحْريمِ. نقَلَه أبو طالِبٍ، والأثْرَمُ. قال ابنُ رَجَبٍ: عندَ أكْثَرِ الأصحابِ. وظاهِرُ كلام ابنِ أبى مُوسَى، تَحْرِيمُه على الرِّجالِ والنِّساءِ. وحُكِىَ عن أبى بَكْرٍ عَبْدِ العَزِيزِ، أنَّه متى صلَّى وفى يَدِه خَاتَمٌ مِن حَديدٍ، أو صُفْرٍ، أعادَ الصَّلاةَ. انْتَهى. وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «فَتاوِيه»: الدُّمْلُوجُ الحَدِيدُ، والخاتَمُ الحديدُ، نَهَى الشَّرْعُ عنهما. وأجابَ أبو الخَطَّابِ عن ذلك، فقال: يجوزُ دُمْلُوجٌ مِن حَديدٍ. قال فى «الفُروعِ» : فيَتَوُجهُ مِثْلُه الخاتَمُ، ونحوُه. ونقَلَ أبو طالِبٍ،

(1) تقدم تخريجه فى صفحة 35.

ص: 40

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرَّصاصُ لا أعلمُ فيه شيئًا وله رائحَةٌ.

قوله: وفى حِلْيَةِ المِنْطَقَةِ رِوَايَتَان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفائقِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» ؛ إحْدَاهما، يُباحُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وصحَّحَه المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «التَّصْحِيحِ». قال فى «الفُروعِ»: تُباحُ حِلْيَةُ المِنْطَقَةِ على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الكافِى» . قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ للأصحابِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُباحُ: ففيها الزَّكاةُ. وحُكِىَ ذلك عنِ ابنِ أبى مُوسَى، وهو مِنَ المُفْرَداتِ.

قوله: وعلى قِياسِها الجَوْشَنُ والخُوذَةُ والخُفُّ والرَّأَنُ والحَمائِلُ. قالَه الأصحابُ. وجزَم فى «الكافِى» بإِباحَةِ الكُلِّ. قالَه فى «الفُروعِ» . قلتُ: قد حُكِىَ فى «الكافِى» عن ابنِ أبى مُوسَى، وُجوبُ الزَّكاةِ فى ذلك. ونصَّ أحمدُ على تَحْريمِ الحَمَائِلِ. ومنَع ابنُ عَقِيلٍ مِنَ الخُفِّ والرَّأنِ، ففِيهما الزَّكاةُ. وكذا الحُكْمُ عندَه فى الكمرانِ والخريطةِ (1). ومَنَع القاضى مِن حَمائِلِ السَّيْفِ، وحكَاه عن أحمدَ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ذلك الاقْتِصَارُ على هذه الأشْياءِ، وقال غيرُ واحدٍ، بعدَ ذِكْرِ ذلك: ونحوُ ذلك. فيُؤْخَذُ منه ما صرَّحَ به بعضُهم، أنَّ الخِلافَ فى المِغْفَرِ والنَّعْلِ ورَأْسِ الرُّمْحِ وشَعِيرَةِ السِّكِّينِ ونحوِ ذلك، وهذا أظْهَرُ لعَدَمِ الفَرْقِ. انتهى. وجزَم ابنُ تَميمٍ، أنه لا يُباحُ تَحْلِيَةُ السِّكِّينِ بالفِضَّةِ. وجزَم فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» بالإِبَاحَةِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» .

(1) الخريطة: وعاء من جلد ونحوه يشد على ما فيه.

ص: 41

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال، عن عَدَمِ الإِبَاحَةِ: وهو بعيدٌ. انتهى. قال فى «الفُرْوعِ» : ويدْخُلُ فى الخِلافِ تركاشُ النَّشَّابِ. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وقال: وكذلك الكَلالِيبُ؛ لأنَّها يَسِيرٌ تابعٌ. وتقدَّم كلامُ أبى الحَسَنِ التَّمِيمِىِّ فى أوَّلِ بابِ الآنِيَةِ.

فائدتان؛ إحْداهُما، لا يُباحُ غيرُ ما تقدّم، فلا يُباحُ تَحْلِيَةُ المَرَاكبِ، ولِباسِ الخَيْلِ؛ كاللُّجْمِ، وقَلائِدِ الكِلَابِ، ونحوِ ذلك. وقد نصَّ الإِمامُ أحمدُ على تَحْرِيمِ حِلْيَةِ الرِّكابِ واللِّجامِ. وقال: ما كان سَرْجٌ ولجامٌ، زُكِّىَ. وكذا تَحْلِيَةُ الدَّواةِ والمِقْلَمَةِ، والكمرانِ، والمِرْآةِ، والمُشْطِ، والمُكْحُلَةِ، والمِيلِ، والمِسْرَجَةِ، والمِرْوَحَةِ، والمَشْرَبَةِ، والمُدْهُنِ، وكذا المِسْعَطِ، والمِجْمَرِ، والقِنْدِيلِ. وقيل: يُكْرَهُ. قال فى «الفُروعِ» : كذا قيلَ، ولا فَرْقَ. ونقَلَ الأَثْرَمُ، أكْرَهُ رَأْسَ المُكْحُلَةِ وحِلْيَةِ المِرْآةِ فِضَّةً. ثم قال: وهذا شئٌ تافِهٌ، فأمَّا الآنِيَةُ، فليس فيها تَحْريمٌ. قال القاضى: ظاهِرُه لا يَحْرُمُ؛ لأنَّه فى حُكْمِ المُضَبَّبِ، فيكونُ الحُكْمُ فى حِلْيَةِ جميع الأوانِى كذلك. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» . وسبَق فى بابِ الآنِيَة ما حكَاه ابنُ عَقِيل فى «الفُصُولِ» عن أبى الحَسَنِ التَّمِيمِىِّ، فى كِتابِه اللَّطيفِ. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ مَسْجِدٍ ومِحْرابٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لو وُقِفَ على مَسْجِدٍ أو نحوِ قنْدِيلُ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ، لم يَصِحَّ، ويَحْرُمُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال المُصَنِّفُ: هو بمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ، فيُكْسَرُ ويُصْرَفُ فى مَصْلَحَةِ المَسْجِدِ وعِمَارَتِه. انتهى. ويَحْرُمُ أيضًا، تَمْوِيهُ سَقْفٍ وحائطٍ بذَهَبٍ أو فِضةٍ؛ لأنَّه سرَف وخُيَلاءُ. قال فى «الفُروعِ»: فَدَلَّ على الخِلافِ السَّابِقِ، فى إباحَتِهِ تَبَعًا.

تنبيهان؛ أحدُهما، حيثُ قُلْنا: يَحْرُمُ. وَجَبَتْ إزالته وزَكَاتُه، وإنِ اسْتُهْلِكَ فلم يَجْتَمِعْ منه شئٌ فله اسْتِدامَتُه، ولا زَكاةَ فيه؛ لعَدَمِ الفائدةِ وذَهابِ المالِيَّةِ.

ص: 42

وَمِنَ الذَّهَبِ قَبِيعَةُ السَّيْفِ، وَمَا دَعَتْ إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ؛ كَالْأَنْفِ، وَمَا رَبَطَ بِهِ أَسْنَانَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُباحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ.

ــ

الثَّانِى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُباحُ مِنَ الفِضَّةِ إلَّا ما اسْتَثْناه الأصحابُ، على ما تقدَّم. وهو صحيح، وعليه الأصحابُ. وقال صاحِبُ «الفُروعِ» فيه: ولا أعْرِفُ على تَحْرِيمِ لُبْس الفِضَّةِ نصًّا عن أحمدَ، وكلامُ شيْخِنا يدُلُّ على إِبَاحَةِ لُبْسِها للرِّجالِ، إلَّا ما دَلَّ الشَّرَعُ على تَحْرِيمِه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا: لُبْسُ الفِضَّةِ إذا لم يَكُنْ فيه لَفْط عامٌ بالتَّحْريمِ، لم يكُنْ لأحَدٍ أنْ يُحَرِّمَ منه إلَّا ما قامَ الدَّليلُ الشَّرَعِىُّ على تَحْرِيمِه، فإذا أباحَتِ السُّنَّةُ خاتَمَ الفِضَّةِ، دلَّ على إباحَةِ ما فى مَعْناه، وما هو أولَى منه بالإِباحَةِ، وما لم يكُنْ كذلك، فيحْتاجُ إلى نَظَرٍ فى تَحْليله وتَحْريمِه، والتَّحْرِيمُ يَفْتَقِرُ إلى دَليلٍ، والأصْلُ عَدَمُه. ونَصَرَه صاحِبُ «الفُروعِ» ، ورَدَّ جميعَ ما اسْتَدَلَّ به الأصحابُ.

قوله: ومِنَ الذَّهَبِ قَبِيعَةُ السيَّفَ. هذا المذهبُ. قال الإِمامُ أحمدُ: كان فى سَيْفِ عُمَرَ سَبائِكُ مِن ذَهَبٍ، وكان فى سَيْفِ عُثْمانَ بنِ حُنَيْفٍ مِسْمَارٌ مِن ذَهَبٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»: جعَل أصحابُنا الجَوازَ مذهب أحمدَ. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَة» : يُباحُ فى الأظْهَرِ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ» ،

ص: 43

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «شرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «النَّظْمِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنتخَبِ الآدَمِىِّ» . وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفائقِ». قال الزَّركَشِىُّ: هذا

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَشْهورُ. وعنه، لا يُباحُ. قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» . وهو ظاهِرُ كلامِه فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» . وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاويَيْن» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .

تنبيه: حكَى بعضُ الأصحابِ عَدَمَ الإِبَاحَةِ احْتِمالًا، وحكَى بعضُهم الخِلافَ وَجْهَيْن، كصاحبِ «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقيَّدَ ابنُ عَقِيل الإباحَةَ باليَسيرِ، مع أنَّه ذكَرَ أنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، ثَمانِيَةُ مَثاقِيلَ. وذكَر بعضُ الأصحابِ الروايتَيْن فى إباحَتِه فى السَّيْفِ.

ص: 45

وَيُبَاحُ للِنِّسَاءِ من الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كُلُّ مَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ بَلَغَ أَلْفَ مِثْقَالٍ حَرُمَ، وَفيهِ الزَّكَاةُ.

ــ

وتقدَّم ما نقَلَه الإِمامُ أحمدُ عن سَيْفِ عُمَرَ وعُثْمَانَ. وقيلَ: يُباحُ الذَّهَبُ فى السِّلاحِ. واخْتارَه الآمِدِىُّ، والشَّيْخُ تَقىُّ الدِّينِ. وقيلَ: كلُّ ما أُبِيحَ تَحْلِيَتُه بفِضَّةٍ، أُبِيحَ تَحْلِيَتُه بذَهَب. وكذا تَحْلِيَةُ خاتَمِ الفِضَّةِ به. وقال أبو بَكْرٍ: يُباحُ يَسيرُ الذَّهَبِ، تَبَعًا لا مُفْرَدًا، كالخاتَمِ ونحوِه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: يباحُ يَسيرُه تَبَعًا لغيرِه. وقيلَ: مُطْلَقًا. وقيلَ: ضَرُورَةً. قلتُ: أو حاجَةً لا ضَرُورَةً. انتهى. وتقدَّم ذلك فى أوائلِ بابِ الآنيَةِ، وتقدَّم هناك كلامُ الشَّيخِ تَقِىُّ الدِّينِ على اخْتِيارِ أبى بَكْرٍ.

قوله: ويُبَاحُ للنِّساءِ مِنَ الذَهَبِ والفِضَّةِ كل ما جَرَتْ عادَتُهُنَّ بلُبْسِه، قَلَّ أو كَثُرُ. كالطَّوْقِ، والخَلْخَالِ، والسِّوارِ، والدُّمْلُوجِ، والقُرْطِ، والعِقْدِ، والمقلَّدَةِ، والخاتَمِ، وما فى المَخَانِقِ مِن حَرائِزَ وَتَعَاوِيذَ، وأكرٍ، ونحوِ ذلك.

حتى قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ،

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرِهم: وتَاجٍ. وهذا المذهبُ فى ذلك كله، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: ويُباحُ للمَرأَةِ التَّحَلِّى بالذهَبِ والفِضَّةِ مُطْلَقًا، فى إحْدَى الروايتَيْنِ. وفى الأُخْرَى، إذا بلَغَ الْفًا، فهو كثير، فيَحْرُمُ للسَّرَفِ. قال فى «الفُروعِ»: ولَعَلَّ مُرادَه عنِ الرِّوايَةِ الثَّانِية، مِنَ الذَّهَبِ، كما صرَّحَ به بعضُهم، واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. انتهى. قال المصَنِّفُ هنا: وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ بَلَغ الْفَ مِثْقَالٍ، حَرُمَ، وفيه الزَّكاةُ. وكذا قال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى» ، وغيرِهم. فظاهِرُه، أنَّه سَواءٌ كان مِن ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ. وعنه أيضًا، ألْفُ مِثْقالٍ كثيرٌ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ. وعنه، عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ كثيرٌ. وأباحَ القاضى ألْفَ مِثْقالٍ فما دُونَ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُباحُ المُعْتادُ،

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لكنْ إِن بلَغ الخَلْخَالُ ونحوُه خَمْسَمِائَةِ دينارٍ، فقد خرَج عنِ العادَةِ. وتقدَّم قوْلُه: ما كان مِن ذلك لسرَفٍ أو مُباهَاةٍ، كُرِهَ وزُكِّى.

تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، جَوازُ تَحْلِيَة المرْأَةِ بدَراهِمَ وَدَنانِيرَ مُعَرَّاةٍ وفى مُرْسَلَةٍ (1). وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، فلا زَكاةَ فيه. والوَجْهُ الثّانى، لا يَجوزُ تَحْلِيَتُها بذلك. فعليها الزَّكاةُ فيه. وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفائقِ» ، و «المُذْهَبِ». قلتُ: قد ذكَر المُصَنِّفُ وغيرُه، فى بابِ جامِع الإيْمَانِ، إذا حَلَفَ لا يَلْبَسُ حَلْيًا، فلبِسَ دَراهِمَ أو دَنَانِيرَ فى مُرْسَلَةٍ، فى حِنْثِه وَجْهَيْن. جزَم فى «الوَجيزِ» بعدَمِ الحِنْثِ، وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» . واخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرتِه» ، الحِنْثَ. فالصَّوابُ فى ذلك؛ أنْ يُرْجَعَ فيه إلى العُرْفِ والعادَةِ، فمَن

(1) المعراة: ذات العروة التى تعلق منها. والمرسلة: زيادة طويلة تقع على الصدر، أو القلادة فيها الخرز وغيره.

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كان عُرْفُهم وعادَتُهم اتِّخاذَ ذلك حَلْيًا، فلا زَكاةَ فيه، ويحْنَثُ فى يَمِينه، وإلَّا فعليه الزَّكاةُ ولا حِنْثَ.

فوائد؛ إحْداها، لا زَكاةَ فى الجَوْهَرِ، واللُّؤلُؤِ، ولو كان فى حَلْى، إلَّا أنْ يكونَ لتجَارَةٍ، فيُقَوَّمُ جَمِيعُه تَبَعًا. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: ولا زَكاةَ فى حَلْى جَوْهَرٍ. وعنه، ولُؤْلُؤٍ. وقال غيرُ واحدٍ: إلَّا أنْ يكونَ لتجَارَةٍ أو سَرَفٍ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» . وهو قوْلٌ فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرَى» . وإنْ كان للكِرَاءِ، فوَجْهان. وأطْلَقَهما فى «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ وُجوبُ الزَّكاةِ. وظاهِرُ كلامِه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، عَدَمُ الوُجوبِ. الثَّانيةُ، يُباحُ للرَّجُلِ والمرْأةِ التَّحَلِّى بالجَوْهَرِ ونحوِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر أبو المَعالِى، يُكْرَهُ ذلك للرَّجُلِ؛ للتَّشَبُّهِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَه غيرُ تَخَتُّمِه بذلك. الثَّالِثَةُ، هذه المسْأَلةُ، وهي تَشَبُّهُ الرَّجُلِ بالمرْأَةِ، والمرْأَةِ بالرَّجُلِ فى اللِّباسِ وغيرِه، يَحْرُمُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المَرُّوذِىُّ: كنتُ عندَ أبى عبدِ اللَّهِ، فمَرَّتْ به جارِيَةٌ عليها قَباءٌ، فتَكَلَّمَ بشئٍ، قلتُ: تَكْرَهُه؟ قال: كيف لا أكْرَهُه جدًا، وقد لَعَن النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم المُتَشَبِّهاتِ مِنَ النِّساءِ بالرِّجالِ (1). قال: وكَرِهَ الإِمامُ أَحمدُ أنْ يَصيرَ للمَرْأةِ مِثْلُ جَيْبِ الرِّجالِ. وجزَم به المُصَنِّفُ. وجزَم به الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «الفُصُولِ» ،

(1) أخرجه البخارى، فى: باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال، من كتاب اللباس. صحيح البخارى 7/ 205. وأبو داود، فى: باب لباس النساء، من كتاب اللباس. سنن أبى داود 2/ 381. والترمذى، فى: باب ما جاء فى المتشبهات بالرجال من النساء، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى 10/ 234. وابن ماجه، فى: باب فى المخنثين، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 614. والإمام أحمد، فى: المسند 1/ 254، 330، 339، 2/ 287، 289.

ص: 49

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «النِّهايَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيْرهم، فى لُبْسِ المرْأَةِ العِمامَةَ. وكذا قال القاضى: يجِبُ إنْكارُ تَشَبُّهِ الرِّجالِ بالنِّساءِ وعَكْسِه. واحْتَجَّ بما نَقَلَه أبو داوُدَ، ولا يُلْبِسُ خادِمَتَه شَيْئًا مِن زِىِّ الرِّجَالِ، لا يُشَبِّهُها بهم. ونقَل المَرُّوذِىُّ، لا يُخاطُ لها ما كان للرجُلِ وعَكْسُه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيص» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، وغيرِهم: يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ، ولا يَحْرُمُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» ، مع جزْمِهم بتَحْريمِ اتِّخاذِ أحَدِهما حَلْى الآخَرِ ليَلْبَسَه، مع أنَّه داخِلٌ فى المسْأَلةِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه الذى عَناه أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ بكَلامِه السَّابقِ، فى الفَصْلِ قبلَه. وقال فى «الفُصُولِ»: تُكْرَهُ صلاةُ أحَدِهما بلِبَاسِ الآخَرِ؛ للتَّشَبُّهِ.

ص: 50