الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ
وَأَفْضَلُهُ صِيَامُ دَاوُدَ، عليه السلام، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا.
ــ
بابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ
قوله: وأَفْضَلُه صَوْمُ داوُدَ، عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفْطِرُ يومًا. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، وكان أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ، مِنَ الأصحابِ، يَسْرُدُ الصَّوْمَ. فظاهِرُ حالِه، أنَّ سَرْدَ الصَّوْمِ أفْضَلُ.
فائدتان؛ إحداهما، يَحْرُمُ صوْمُ الدَّهْرِ إذا أدخَل فيه يَوْمَىِ العِيدَيْن، وأيَّامَ
وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ أَيَّامِ الْبِيضِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَوْمُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ.
ــ
التَّشْريقِ. ذكَرَه القاضى وأصحابُه، بل عليه الأصحابُ. وعبَّر القاضى وأصحابُه بالكَراهَةِ، ومُرادُهما، كراهَةُ تحْريمٍ. ذكَرَه المُصَنِّفُ والمَجْدُ وغيرُهما، وهو واضِحٌ. وإنْ أفْطَر أيَّامَ النَّهْىِ، جازَ صَوْمُه، ولم يُكْرَهْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. نقَل صالِحٌ، إذا أفْطَرَها رَجَوْتُ أنْ لا بأْسَ به. واخْتارَ الكَراهةَ المُصَنِّفُ. وهو رِوايَةُ الأَثْرَمِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: الصَّوابُ قوْلُ مَن جعَلَه تَرْكًا للأوْلَى أو كَرِهَه. الثَّانيةُ، قوله: ويُسْتَحَبُّ صِيامُ أَيَّامِ البِيضِ مِن كُلِّ شَهْرٍ. هذا بلا نِزاعٍ. واعلمْ أنَّه يُسْتحَبُّ صِيامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شَهْرٍ، والأفْضَلُ أنْ تكونَ أيَّامَ البِيضِ، نصَّ عليه، فإنَّها أفْضَلُ. نصَّ عليه. وسُمِّيَتْ بَيْضاءَ لِابْيِضاضِها ليْلًا بالقَمَرِ ونَهارًا بالشَّمْسِ. وهذا الصَّحيحُ. وذكَر أبو الحَسَنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّمِيمِىُّ فى كِتابِه «اللّطِيفُ الذى لا يسَعُ جَهْلُه» ، إنَّما سُمِّيَتْ بيْضاءَ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى تابَ فيها على آدَمَ، وبيَّضَ صحِيفَتَه. وهى؛ الثَّالِثَ عشَرَ، والرَّابعَ عشَرَ، والخامِسَ عشَرَ.
وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ، [59 و] وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ.
ــ
تنبيه: ظاهر قوله: ومَن صامَ رَمَضانَ، وأَتْبَعَه بسِتٍّ من شَوَّالٍ، فكأَنَّما صامَ الدَّهْرَ. أنَّ الأَوْلَى، مُتابعَةُ السِّتِّ؛ إذِ المُتابعَةُ ظاهِرُها التَّوالِى. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وجاعةٍ كثيرةٍ مِنَ الأصحابِ. وصرَّح بعضُ الأصحابِ بذلك. وجزَم به فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» . والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، حصُولُ فَضِيلَتِها بصَوْمِها مُتَتابِعَةً ومُتفَرِّقَةً. ذكَرَه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدَايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الفَائقِ» ، وغيرُهم. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الخُلَاصَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّلْخِيصِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «الحَاوِيَيْن» ، وغيرِهم؛ لإِطْلاقِهم صَوْمَها. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ فرَّقَها جازَ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، وقال: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ في أوَّلِ الشَّهْرِ وآخرِه. قال في «اللَّطائِفِ» : هذا قوْلٌ أحْمَدُه. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. واسْتحَبَّ بعضُ الأصحابِ التَّتابُعَ، وأنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكونَ عَقِيبَ العيدِ. قال في «الفُروعِ» : وهذا أظْهَرُ، ولَعَلَّه مُرادُ أحمدَ والأصحابِ، لِمَا فيه مِنَ المُسارَعَةِ إلى الخَيْرِ، وإنْ حصَلَتِ الفضِيلَةُ بغيرِه.
فائدتان؛ إحداهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الفَضِيلَةَ لا تَحْصُلُ بصِيامِ السِّتَّةِ في غيرِ شَوَّالٍ. وهو صَحيحٌ، وصرَّح به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ، تحْصُلُ الفَضِيلَةُ بصَوْمِها في غيرِ شَوَّالٍ. وقال في «الفَائقِ»: ولو كانت مِن غيرِ شوَّالٍ، ففيه نظَرٌ. قلتُ: وهذا ضعيفٌ مُخالِفٌ للحديثِ، وإنَّما أُلْحِقَ بفَضِيلَةِ رَمَضانَ لكَوْنِه حَرِيمَه، لا لكَوْنِ الحسَنةِ بعَشْرِ أمْثالِها، ولأنَّ الصَّوْمَ فيه يُساوِى رَمَضانَ في فَضيلَةِ الواجِبِ. قال في «الفُروعِ»:
وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ. وَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ.
ــ
ويتَوجَّهُ تَحْصيلُ فَضِيلَتِها لمَن صامَها، وقَضَى رَمَضانَ، وقد أفْطَره لعُذْرٍ. قال: ولعَلَّه مُرادُ الأصحابِ، وما ظاهِرُه خِلافُه، خرَج على الغالِبِ المُعْتادِ. انتهى. قلتُ: وهو حسنٌ. الثَّانيةُ، قوله: وصِيامُ يومِ عاشوراءَ كفَّارَةُ سَنَةٍ، ويومِ عَرَفَةَ كفَّارَةُ سَنَتَيْن. وهذا بلا نِزاعٍ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: أمَّا كوْنُ صَوْمِ يومِ عرَفَةَ بسَنَتيْن، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لمَّا كان يوْمُ عرَفَةَ في شَهْرٍ حَرام بينَ شَهْرَيْن حَرامَيْن، كفَّر سَنَةً قبلَه وسَنَةً بعدَه. والثَّانى، إنَّما كان لهذه الأُمَّةِ، وقد وُعِدَتْ في العَملِ بأَجْرَيْن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإنَّما كفَّر عاشُوراءُ السَّنَةَ الماضِيَةَ، لأنَّه تَبِعَها وجاءَ بعدَها، والتَّكْفيرُ بالصَّوْمِ إنَّما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكونُ لِمَا مضَى لا لِما يأْتِى.
قوله: ولا يُسْتَحَبُّ لمَن كان بعَرَفَةَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وفِطْرُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أفْضَلُ. واخْتارَ الآجُرِّىُّ، أنَّه يُسْتَحَبُّ لمَن كان بعرَفَةَ إلَّا لمَن يُضْعِفُه. وحكَى الخَطَّابِىُّ عن أحمدَ مِثْلَه. وقيل: يُكْرَهُ صِيامُه. اخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. فعلى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبِ، يُسْتَثْنَى مِن ذلك إذا عَدِمَ المُتَمَتِّعُ والقارِنُ الهَدْىَ، فإنَّه يصُومُ عَشَرَةَ أيَّامٍ؛ ثَلَاثَةً في الحَجِّ، ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ آخِرُها يومَ عرَفَةَ، عندَ الأصحابِ، وهو المَشْهورُ عن أحمدَ. على ما يأْتِى في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الفِدْيَةِ.
تنبيه: عدَمُ اسْتِحْبابِ صَوْمِه؛ لتَقَوِّيه على الدُّعاءِ. قالَه الخِرَقِىُّ وغيرُه. وعن الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، لأنَّه يَوْمُ عيدٍ.
فائدتان؛ الأُولَى، سُمِّىَ يوْمَ عرَفَةَ للوُقُوفِ بعرَفَةَ فيه. وقيلَ: لأنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ
وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِى الْحِجَّةِ،
ــ
بإِبْراهِيمَ عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ، فلمَّا أتَى عرَفَةَ، قال: عرَفْتَ؟ قال: عرَفْتُ. وقيل: لتَعارُفِ حوَّاءَ وآدَمَ بها. الثَّانيةُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وأكثرِ الأصحابِ، أنَّ يوْمَ التَّرْوِيَةِ في حقِّ الحاجِّ ليس كيَوْمِ عَرَفَةَ في عدمِ الصَّوْمِ. وجزَم في «الرِّعايَةِ» بما ذكَرَه بعضُهم، أنَّ الأفْضَلَ للحاجِّ الفِطْرُ يومَ التَّرْوِيَةِ ويَوْمَ عرَفَةَ بهما. انتهى. وسُمِّىَ يوْمَ التَّرْوِيَةِ؛ لأنَّ عرَفَةَ لم يكُنْ بها ماءٌ، وكانوا يَتَرَوَّوْنَ مِنَ الماءِ إليها. وقيل: لأنَّ إبْراهيمَ، عليه الصلاة والسلام، رأَى ليْلَةَ التَّرْوِيَةِ الأمْرَ بذَبْحِ ابنِه، فأصْبَحَ يتَرَوَّى، هل هو مِنَ اللهِ، أو حُلْمٌ؟ فلمَّا رَآه اللَّيْلَةَ الثَّانيةَ، عرَف أنَّه مِنَ اللهِ.
قوله: ويُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذى الحِجَّةِ. بلا نِزاعٍ، وأفْضَلُه يَوْمُ التَّاسِعِ
وهو يَوْمُ عرَفَةَ، ثمَّ يوْمُ الثَّامِنِ، وهو يومُ التَّرْوِيَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ.
وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ.
ــ
وقال في «الرِّعايتَيْن» ، و «الفَائقِ»: وآكَدُ العَشْرِ، الثَّامِنُ، ثمَّ التَّاسِعُ. قلتُ: وهو خَطَأٌ. وقال في «الفُروعِ» : ولا وَجْهَ لقَوْلِ بعضِهم: آكَدُه الثَّامِنُ ثمَّ التَّاسِعُ. ولعلَّه أخَذَه مِن قوْلِه في «الهِدَايَةِ» : آكَدُه يومُ التَّرْوِيَةِ وعَرَفَةَ.
قوله: وأفْضَلُ الصِّيامِ بعدَ شَهْرِ رَمَضانَ شَهْرُ الله المُحرَّمُ. قال عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «أَفْضَلُ الصَّلاةِ بعدَ المَكْتُوبَةِ، جَوْفُ اللَّيْلِ، وأَفْضَلُ الصِّيامِ بعدَ شَهْرِ رَمَضانَ، شَهْرُ الله المُحَرَّمُ» . روَاه مُسْلِمٌ. فحمَلَه صاحِبُ «الفُروعِ» على ظاهرِه. وقال: لعَلَّه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، لم يُكْثِرِ (1) الصَّوْمَ فيه لعُذْرٍ، أو لم يعْلَمْ فضْلَه إلَّا أخِيرًا. انتهى. وحمَلَه ابنُ رَجَبٍ في «لَطَائفِه» على أنَّ صِيامَه
(1) في ا: «يلتزم» ، وانظر الفروع 3/ 111.
وَيُكْرَهُ إِفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ،
ــ
أفْضَلُ مِنَ التَّطوُّعِ المُطْلَقِ بالصِّيامِ؛ بدَليلِ قوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «أفْضَلُ الصَّلَاةِ بعْدَ المَكْتُوبَةِ، جَوْفُ اللَّيْلِ» . قال: ولا شَكَّ أنَّ الرَّواتِبَ أفْضَلُ. فمُرادُه بالأفْضَلِيَّةِ، في الصَّلاةِ والصَّوْمِ والتَّطوُّعِ، المُطْلَقُ. وقال: صوْمُ شَعْبانَ أفْضَلُ مِن صَوْمِ المُحَرَّمِ؛ لأنَّه كالرَّاتِبَةِ مع الفَرائضِ. قال: فظَهرَ أنَّ فَضْلَ التَّطَوُّعِ ما كان قرِيبًا مِن رَمَضانَ، قبلَه أو بعدَه، وذلك مُلْتَحِقٌ بِصيامِ رَمَضانَ؛ لقُرْبِه منه. وهو أظْهَرُ. انتهى.
فوائد؛ الأُولَى، أفْضَلُ المُحَرَّمِ اليَوْمُ العاشِرُ؛ وهو عاشُوراءُ، ثمَّ التَّاسِعُ؛ وهو تاسُوعاءُ، ثمَّ العشْرُ الأُوَلُ. الثَّانيةُ، لا يُكْرَهُ إفْرادُ العاشِرِ بالصِّيامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقد أمَر الإِمامُ أحمدُ بصَوْمِهما، ووَافقَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أنَّه لا يُكْرَه، وقال: مُقْتَضَى كلامِ أحمدَ، أنَّه يُكْرَهُ. الثَّالثةُ، لم يجبْ صَوْمُ يوْمِ عاشُوراءَ قبلَ فَرْضِ رَمَضانَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال: اخْتارَه الأكثرُ، منهم القاضى. قال المَجْدُ: هو الأصحُّ مِن قوْلِ أصحابِنا. وعنه، أنَّه كان واجِبًا، ثمَّ نُسِخَ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، ومالَ إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.
قوله: ويُكْرَهُ إِفْرَادُ رَجَبٍ بالصَّوْمِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وحكَى الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ في تحْريمِ إفْرادِه وَجْهَيْن. قال في «الفُروعِ» : ولعَلَّه أخَذَه مِن كراهَةِ أحمدَ.
تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُكْرَهُ إِفْرادُ غيرِ رجَبٍ بالصَّوْمِ، وهو صحيحٌ لا نِزاعَ فيه. قال المَجْدُ: لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا.
فائدتان؛ إحداهما، تزُولُ الكراهَةُ بالفِطْرِ مِن رَجَبٍ، ولو يَوْمًا، أو بصَوْمِ شَهْرٍ آخرَ مِنَ السَّنَةِ. قال المَجْدُ: وإنْ لم يَلِهِ. الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: لم يذْكُرْ أكثرُ الأصحابِ اسْتِحْبابَ صوْمِ رَجَبٍ وشَعْبانَ. واسْتَحَبَّه (1) ابنُ أبي مُوسَى
(1) في ا: «واستحسنه» ، وانظر الفروع 3/ 119.
وَإِفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمِ السَّبْتِ، وَيَوْمِ الشَّكِّ، وَيَوْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ، إِلَّا أَنْ يُوافِقَ عَادَةً.
ــ
في «الإِرْشَادِ» . قال ابنُ الجَوْزِىِّ، في كتابِ «أَسْبَابِ الهِدَايَةِ»: يُسْتَحَبُّ صوْمُ الأشْهُرِ الحُرُمِ وشَعْبانَ كلِّه. وهو ظاهرُ ما ذكَرَه المَجْدُ في الأشْهُرِ الحُرُمِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، وقال: آكدُ شَعْبانَ يَوْمُ النِّصْفِ. واسْتَحَبَّ الآجُرِّىُّ صوْمَ شَعْبانَ، ولم يذْكُرْ غيرَه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: في مذهَبِ أحمدَ وغيرِه نِزاعٌ؛ قيل: يُسْتَحَبُّ صَوْمُ رجَبٍ وشَعْبانَ. وقيل: يُكْرَهُ، فيُفْطِرُ ناذِرُهما بعضَ رَجَبٍ.
قوله: وإِفْرَادُ يَوْمِ الجُمُعَةِ. يعْنِي، يُكْرَهُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال المَجْدُ: لا نعلمُ فيه خِلافًا. وقال الآجُرِّىُّ: يَحْرُمُ صَوْمُه. ونقَل حَنْبَلٌ، لا أُحِبُّ أنْ يَتَعَمَّدَه (1). قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يجوزُ صَوْمُ
(1) في ا: «يتعهده» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يوْمِ الجُمُعَةِ. وحكَاه في «الرِّعايَةِ» وَجْهًا.
قوله: ويَوْمِ السَّبْتِ. يعْنِي، يُكْرَهُ إفْرادُ يوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه لا يُكْرَهُ صِيامُه مُفْرَدًا، وأنَّه قوْلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أكثرِ العُلَماءِ، وأنَّه الذي فَهِمَه الأَثْرَمُ مِن رِوايَتِه، وأنَّ الحَدِيثَ شاذٌّ أو مَنْسُوخٌ. وقال: هذه طرِيقَةُ قُدَماءِ أصحابِ الإِمامِ أحمدَ الذين صَحِبُوه؛ كالأَثْرَمِ، وأبى داوُدَ، وأنَّ أكثرَ أصحابِنا فَهِمَ مِن كلامِ الإمامِ أحمدَ الأخْذَ بالحدِيثِ. انتهى. ولم يذْكُرِ الآجُرِّىُّ كراهةَ غيرِ صَوْمِ يوْمِ الجُمُعَةِ، فظاهِرُه، لا يُكْرَهُ غيرُه.
قوله: ويَوْمِ الشَّكِّ. يعْنِي، أنَّه يُكْرَهُ صَوْمُه. واعلمْ أنَّه إذا أرادَ أنْ يصُومَ يومَ الشَّكَّ؛ فَتارَةً يصُومُه لكَوْنِه وافَق عادَتَه، وتارَةً يصُومُه موْصُولاً قبلَه، وتارةً يصُومُه عن قَضاءِ فَرْضٍ، وتَارَةً يصُومُه عن نَذْرٍ مُعَيَّنٍ أو مُطْلَقٍ، وتارةً يصُومُه بِنيَّةِ الرَّمَضانيَّةِ احْتِياطًا، وتارةً يصُومُه تطَوُّعًا مِن غيرِ سبَبٍ، فهذه سِتُّ مَسائِلَ؛ إحْداها، إذا وافَق صَوْمُ يوْمِ الشَّكِّ عادَتَه، فهذا لا يُكْرَهُ صَوْمُه، وقد اسْتَثْناه المُصَنِّفُ في كلامِه بعدَ ذلك. الثَّانيةُ، إذا صامَه موْصُولاً بما قبلَه مِنَ الصَّوْمِ، فإنْ كان موْصُولاً بما قبلَ النِّصْفِ، فلا يُكْرَهُ، قوْلاً واحدًا، وإنْ وَصَلَه بما بعدَ النِّصْفِ، لم يُكْرَهْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: يُكْرَهُ. ومَبْناهما على جَوازِ التَّطَوُّعِ بعدَ نِصْفِ شَعْبانَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُكْرَهُ، ونصَّ عليه، وإنَّما يُكْرَهُ تقَدُّمُ رَمَضانَ بيَوْمٍ أو يَوْمَيْن. وقيل: يُكْرَهُ بعدَ النِّصْفِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن» . وأطْلقَهما في «الحاوِيَيْن» . ومالَ صاحِبُ «الفُروعِ» إلى تحْريمِ تقَدُّمِ رَمَضانَ بيَوْمٍ أو يَوْمَيْن. الثَّالثةُ، إذا صامَه عن قَضاءِ فَرْضٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُكْرَهُ. وعنه، يُكْرَهُ صَوْمُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَضاءً. جزَم به الشِّيرَازِىُّ في «الإيضَاحِ» ، وابنُ هُبَيْرَةَ فى «الإِفْصَاحِ» ، وصاحِبُ «الوَسِيلَةِ» فيها. قال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ طَرْدُه في كلِّ واجِبٍ للشَّكِّ في بَزاءَةِ الذِّمَّةِ. الرَّابعةُ، إذا وافَق نَذْرٌ مُعَيَّنٌ يوْمَ الشَّكِّ، أو كان النَّذْرُ مُطْلَقًا، لم يُكْرَهْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَوْمُه، قوْلًا واحدًا. الخامسةُ، إذا صامَه بنِيَّةِ الرَّمَضانِيَّةِ احْتِياطًا، كُرِهَ صَوْمُه. ذكَرَه المَجْدُ وغيرُه، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ» . السَّادسةُ، إذا صامَه تَطوُّعًا مِن غيرِ سبَبٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، يُكْرَهُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، كما قطَع به المُصَنِّفُ هنا. قال في «الكَافِى»: قالَه أصحابُنا. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قوْلُ القاضى، وأبى الخَطَّابِ، والأكْثَرِين. قال المَجْدُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ رحمه الله. وقيل: يَحْرُمُ صَوْمُه، فلا يصِحُّ. وهو احْتِمالٌ في «الكَافِى» ، ومالَ إليه فيه. واخْتارَه ابنُ البَنَّا، وأبو الخَطَّابِ في «عِباداتِه الخَمْسِ» ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وجزَم به ابنُ الزَّاغُونِىِّ وغيرُه. ومالَ إليه في «الفُروعِ» . وهما رِوايَتان في «الرِّعايَةِ» . وعنه، لا يُكْرَهُ صَوْمُه. حكَاه الخَطَّابِىُّ عنِ الإِمامِ أحمدَ. السَّابعةُ، يوْمُ الشَّكِّ هو يَوْمُ الثَّلاثِين مِن شَعْبانَ، إذا لم يكُنْ في السَّماءِ عِلَّةٌ ليْلَةَ الثَّلاثِين، ولم يتَراءَ النَّاسُ الهِلالَ. قدَّمه في «الفُروعِ» . وقال القاضى، وأكثرُ الأصحابِ: أو شَهِدَ به مَن رُدَّتْ شَهادَتُه. قال القاضى: أو كان في السَّماءِ عِلَّةٌ، وقلنا: لا يجِبُ صَوْمُه.
قوله: ويَوْمِ النَّيْرُوزِ والمِهْرَجانِ. يعْنِي، يُكْرَهُ صَوْمُهما. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. واخْتارَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَجْدُ أنَّه لا يُكْرَهُ؛ لأنَّهم لا يُعَظِّمُونَهما بالصَّوْمِ.
فوائد؛ منها، قال المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، ومَن تَبِعَهما: وعلى قياسِ كَراهَةِ صَوْمِهما كُلُّ عيدٍ للكُفَّارِ، أو يوْمٍ يُفْرِدُونَه بالتَّعْظيمِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يجوزُ تَخْصِيصُ صَوْمِ أعْيادِهم. ومنها، النَّيْروزُ والمِهْرَجانُ، عِيدان للكُفَّارِ. قال الزَّمَخْشَرِىُّ (1): النَّيْرَوزُ؛ الشَّهْرُ الثَّالثُ مِن شُهُورِ الرَّبيعِ، والمِهْرَجانُ؛ اليومُ السَّابعُ مِنَ الخَريفِ. ومنها، يُكْرَهُ الوِصَالُ؛ وهو أنْ لا يُفْطِرَ بينَ اليَوْمَيْن فأكثرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يَحْرُمُ. واخْتارَه ابنُ البَنَّا. قال الإمامُ أحمدُ: لا يُعْجِبُنِي.
(1) محمود بن عمر بن محمَّد الزمخشرى، أبو القاسم، العلامة، كبير المعتزلة صاحب «الكشاف» . توفى سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. سير أعلام النبلاء 20/ 151 - 156.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأوْمَأَ إلى إباحَتِه لمَن يُطِيقُه. وتزُولُ الكراهَةُ بأَكْلِ تَمْرَةٍ ونحوِها، وكذا بمُجَرَّدِ الشُّرْبِ، على ظاهرِ ما رَواه المَرُّوذِىُّ عنه. ولا يُكْرَهُ الوِصالُ إلى السَّحَرِ. نصَّ عليه، ولكنْ ترَك الأوْلَى، وهو تَعْجِيلُه الفِطْرَ. ومنها، هل يجوزُ لمَن عليه صَوْمُ فَرْضٍ أنْ يتَطَوَّعَ بالصَّوْمِ قبلَه؟ فيه رِوايَتان. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ» ، و «المُغْنِي» ، والمَجْدُ في «شَرْحِه» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفَائقِ» ؛ إحداهما، لا يجوزُ، ولا يصِحُّ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ. وقال في «الحاوِيَيْن»: لم يصِحَّ في أصحِّ الرِّوايتَيْن. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الإفادَاتِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ، ويصِحُّ. قدَّمه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «النَّظْمِ» . قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةَ عَشرَةَ» : جازَ على الأصَحِّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فعلى المذهبِ، وهو عدمُ الجَوازِ، فهل يُكْرَهُ القَضاءُ في عَشْرِ ذِى الحِجَّةِ، أم لا يُكْرَهُ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ المَجْدِ» ، و «الفَائقِ» ، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الكَراهَةِ. وهذه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الطَّريقَةُ هى الصَّحيحَةُ، وهى طريقةُ المَجْدِ في «شَرْحِه» ، وتابعَه في «الفُروعِ». وقال: هذه الطَّريقةُ هى الصَّحيحَةُ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» : وهذا أقْوَى عندِى. قال في «الفُروعِ» : لأنَّا إذا حرَّمْنا التَّطَوُّعَ قبلَ الفَرْضِ، كان أبْلَغَ مِنَ الكراهَةِ، فلا يَصِحُّ تَفْرِيعُها (1) عليه. انتهى. ولنا طريقةٌ أُخْرَى، قالَها بعضُ الأصحابِ، وهي إنْ قُلْنا بعَدَمِ جَوازِ التَّطَوُّعِ قبلَ صَوْمِ الفَرْضِ، لم يُكْرَهِ القَضاءُ في عَشْرِ ذِى الحِجَّةِ، بل يُسْتَحَبُّ؛ لِئَلَّا يخْلُوَ مِنَ العِبادَةِ بالكُلَّيَّةِ. وإنْ قُلْنا بالجَوازِ، كُرِهَ القَضاءُ فيها؛ لتَوْفيرِها على التَّطَوُّعِ؛ لبيانِ (2) فَضْلِه فيها مع فَضْلِ القَضاءِ. قال في «المُغْنِى»: قالَه بعضُ أصحابنا. وقال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: ويُباحُ
(1) في ا: «تفريعًا» ، وانظر الفروع 3/ 132.
(2)
كذا بالنسخ، ولعل الصواب:«لينال» . وانظر: المغنى 4/ 403. والفروع 3/ 131.
وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمَىِ الْعِيدَيْنِ عَنْ فَرْضٍ وَلَا تَطَوُّعٍ،
ــ
قَضاءُ رَمَضانَ في عَشْرِ ذِى الحِجَّةِ. وعنه، يُكْرَهُ. وقال في «الكُبْرَى» أيضًا: ويَحْرُمُ نفْلُ الصَّوْمِ قبلَ قَضاءِ فَرْضِه لحُرْمَتِه. نصَّ عليه. وعنه، يجوزُ.
فائدة: لو اجْتَمعَ ما فُرِضَ شَرْعًا ونَذْرٌ، بُدِئَ بالمَفْروضِ شَرْعًا، إنْ كان لا يخافُ فَوْتَ المَنْذورِ، وإنْ خِيفَ فَوْتُه، بُدِئَ به، ويَبْدَأُ بالقَضاءِ أيضًا إنْ كان النَّذْرُ مُطْلَقًا.
قوله: ولا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمَىِ العِيدَيْن عن فَرْضٍ ولا تطَوُّعٍ، وإنْ قصدَ صِيامَهما
وَإِنْ قَصَدَ صِيَامَهُمَا كَانَ عَاصِيًا، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ فَرْضٍ.
ــ
كان عاصِيًا، ولم يُجزِئْه عن فَرْضٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ صوْمُ يَوْمَىِ العِيدَيْن عن فَرْضٍ، ولا نَفْلٍ، وعليه الأصحابُ. وحكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. وعنه، يصِحُّ عن فَرْضٍ. نقَلَه مُهَنَّا في قَضاءِ رَمَضانَ. وفي «الوَاضِحِ» رِوايَةٌ،
وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا، وَفِي صِيَامِهَا عَنِ الفَرْضِ رِوَايَتَانِ.
ــ
يصِحُّ عن نَذْرِه المُعَيَّنِ.
قوله: ولا يَجُوزُ صِيامُ أيَّامِ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا - بلا نِزاعٍ - وفي صَوْمِها عنِ الفَرْضِ رِوَايَتان. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «الكَافِى» ، و «المُغْنِي» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «شَرْحِ المَجْدِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» هنا، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ؛ إحداهما، لا يجوزُ. اخْتارَه ابنُ أبي مُوسَى، والقاضى. قال في «المُبْهِجِ»: وهي الصَّحيحَةُ. وقدَّمه الخِرَقِىُّ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهي التي ذهَب إليها أحمدُ أخِيرًا. وجزَم به في «الوَجِيزِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ. صحَّحَه في «التَّصْحِيحِ» ، و «النَّظْمِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «المُحرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، في بابِ صَوْمِ النَّذْرِ والتَّطَوُّعِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وذكَر التِّرْمِذِىُّ عن أحمدَ جوازَ صَوْمِها عن دمِ المُتْعَةِ خاصَّةً. قال الزَّرْكَشِىُّ: خَصَّ ابنُ أبي موسَى الخِلافَ بدَمِ المُتْعَةِ. وكذا ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ، تخْصِيصُ الرِّوايَةِ بصَوْمِ المُتْعَةِ. وهو ظاهِرُ «العُمْدَةِ»؛ فإنَّه قال: ونهَى عن صِيامِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، إلَّا أنَّه أرْخَصَ في صَوْمِها للمُتَمَتِّعِ إذا
وَمَنْ دَخَلَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، اسْتُحِبَّ لَهُ إِتْمَامُهُ، وَلَمْ يَجِبْ، فَإِنْ أَفْسَدَهُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
ــ
لم يَجِدْ هَدْيًا. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه» . قلتُ: وقدَّم المُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في بابِ الفِدْيَةِ، أنَّها تُصامُ عن دَم المُتْعَةِ إذا عُدِمَ. وجزَم به في «الإِفادَاتِ» . وصحَّحَه في «الفَائقِ» ، في بابِ أقْسامِ النُّسُكِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» في آخرِ بابِ الإِحْرامِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» ، في بابِ الفِدْيَةِ: هذا المذهبُ. وقدَّمه الشَّارِحُ هناك، والنَّاظِمُ.
قوله: ومَن دخَل في صَوْمٍ أو صلاةٍ تَطَوُّعًا، اسْتُحِبَّ له إتْمَامُه، ولم يَجِبْ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعن أحمدَ، يجِبُ إتْمامُ الصَّوْمِ، ويَلْزَمُه القَضاءُ. ذكَرَه ابنُ البَنَّا، والمُصَنِّفُ في «الكَافِى» . ونقَل حَنْبَلٌ في الصَّوْمِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنْ أوْجَبَه على نفْسِه، فأَفْطَرَ بلا عُذْرٍ، أعادَ. قال القاضى: أيْ، نَذْرَه. وخالَفَه ابنُ عَقِيلٍ، وذكَرَه أبو بَكْرٍ في النَّفْلِ، وقال: تفرَّدَ به حَنْبَلٌ. وجميعُ الأصحابِ نقَلُوا عنه، لا يَقْضِى. وفي «الرِّعايَةِ» وغيرِها رِوايَةٌ في الصَّوْمِ، لا يقْضِى المَعْذُورُ. وعنه، يَلْزَمُ إتْمامُ الصَّلاةِ، بخِلافِ الصَّوْمِ. قال المُصَنِّفُ في «الكَافِى» ، والمَجْدُ: مالَ إلى ذلك أبو إسْحاقَ الجُوزْجَانِىُّ، وقال: الصَّلاةُ ذاتُ إحْرامٍ وإحْلالٍ كالحَجِّ. قال المَجْدُ: والرِّوايَةُ التي حكَاها ابنُ البَنَّا في الصَّوْمِ، تدُلُّ على عَكْسِ هذا القَوْلِ؛ لأنَّه خصَّه بالذِّكْرِ. وعلَّلَ رِوايَةَ لُزُومِه بأنَّه عِبادَةٌ تجِبُ بإفْسادِها الكفَّارَةُ العُظْمَى، فلَزِمَتْ بالشُّروعِ، كالحَجِّ. قال: والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، التَّسْوِيَةُ.
قوله: وإنْ أَفْسَدَه، فلا قَضاءَ عليه. هذا مَبْنِىٌّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما تقدَّم، ولكنْ يُكْرَهُ خُروجُه منه بلا عُذْرٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»:[وعلى المذهبِ، يُكْرَهُ خُروجُه. يتَوَجَّهُ لا يُكْرَهُ إلَّا لعُذْرٍ](1)، وإلَّا كُرِهَ في الأصحِّ.
(1) كذا بالنسخ، وفي الفروع:«وعلى المذهب، هل يكره خروجه؟ يتوجه، لا يكره لعذر» . الفروع 3/ 134.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ الأُولَى، هل يُفْطِرُ لضَيْفِه؟ قال في «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ أنَّه كصائمٍ دُعِىَ. يعْنِي إلى وَلِيمَةٍ. وقد صرَّح الأصحابُ في الاعْتِكافِ، يُكْرَهُ تَرْكُه بلا عُذْرٍ. الثَّانيةُ، لم يذْكُرْ أكثرُ الأصحابِ سِوَى الصَّوْمِ والصَّلاةِ. وقال فى «الكَافِى»: وسائرُ التَّطَوُّعاتِ، مِنَ الصَّلاةِ والاعْتِكافِ وغيرِهما، كالصَّوْمِ، إلَّا (1) الحجَّ والعُمْرةَ. وقيل: الاعْتِكافُ كالصَّوْمِ على الخِلافِ. يعْنِي، إذا دخَل في الاعْتِكافِ وقد نوَاه
(1) في الأصل، ا:«و» . انظر الكافي 1/ 365.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُدَّةً، لَزِمَتْه ويقْضِيها. وذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا. ورَدَّ المُصَنِّفُ، والمَجْدُ كلامَ ابنِ عَبْدِ البَرِّ فى ادِّعائِه الإجْماعَ. الثَّالثةُ، لو نوَى الصَّدقَةَ بمالٍ مُقَدَّرٍ، وشرَع فى الصَّدقَةِ به، فأَخْرَجَ بعضَه، لم تَلْزَمْه الصَّدقَةُ بباقِيه إجْماعًا. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. ولو شرَع فى صلاةِ تَطَوُّعٍ قائمًا، لم يَلْزَمْه إتْمامُها قائمًا، بلا خِلافٍ فى المذهبِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذكَر القاضى وجماعَةٌ، أنَّ الطَّوافَ كالصَّلاةِ في الأحْكامِ، إلَّا فيما خصَّه الدَّليلُ. قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُه أنَّه كالصَّلاةِ هنا. قال: ويتَوَجَّهُ على كلِّ حالٍ، [أنَّ في طَوافِ شَوْطٍ أو شَوْطَين، أَجْرًا](1)، وليس مِن شَرْطِه تَمامُ الأُسْبوعِ، كالصَّلاةِ. الرَّابعةُ، لا تَلْزَمُ الصَّدقَةُ والقِراءَةُ والأذْكارُ بالشُّروعِ. وأمَّا نفْلُ الحَجِّ والعُمْرَةِ، فَيأْتِى حُكْمُه في آخرِ بابِ الفِدْيَةِ، عندَ قوْلِه: ومَن رفَض إحْرامَه، ثمَّ فعَل مَحْظُورًا، فعليه فِداؤُه. الخامسةُ، لو دخَل في واجِبٍ مُوَسَّعٍ، كقَضاءِ رَمَضانَ كلِّه قبلَ
(1) في ا: «إن نوى طواف شوط أو شوطين، أجزأ» ، وانظر الفروع 3/ 136.
وَتُطْلَبُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَيَالِى الْوِتْرِ آكَدُهَا.
ــ
رَمَضانَ، والمَكْتُوبَةِ في أوَّلِ وَقْتِها، وغيرِ ذلك، كنَذْرٍ مُطْلَقٍ، وكفَّارَةٍ - إنْ قُلْنا: يجوزُ تأْخِيرُهما - حَرُمَ خُروجُه منه بلا عُذْرٍ. قال المُصَنِّفُ: بغيرِ خِلافٍ. قال المَجْدُ: لا نعلمُ فيه خِلافًا، فلو خالفَ وخرَج، فلا شئَ عليه غيرَ ما كان عليه قبلَ شرُوعِه. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: يُكَفِّرُ إنْ أفْسَدَ قَضاءَ رَمَضانَ.
قوله: وتُطْلَبُ لَيْلَةُ القَدْرِ في العَشْرِ الأَخِيرِ مِن رَمَضانَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، منهم المُصَنِّفُ في «العُمْدَةِ» ، و «الهَادِى» . وقال في «الكَافِى» ، و «المُغْنِي»: تُطْلَبُ في جميعِ رَمَضانَ. قال الشَّارِحُ: يُسْتَحَبُّ طَلَبُها في جميعِ لَيالِى رَمَضانَ، وفي العَشْرِ الأَخيرِ آكَدُ، وفي لَيالِى الوِتْرِ آكَدُ. انتهى. قلتُ: يَحْتَمِلُ أنْ تُطْلَبَ في النِّصْفِ الأخيرِ منه؛ لأحادِيثَ ورَدَتْ في ذلك. وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مذهبُ جماعَةٍ مِنَ الصَّحابةِ، خُصوصًا ليْلَةَ سَبْعَةَ عشَرَ، لا سِيَّما إذا كانتْ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ.
قوله: ولَيالِى الوِتْرِ آكَدُ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. واخْتارَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَجْدُ، أنَّ كُلَّ العَشْرِ سَواءٌ.
فائدة: قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: الوِتْرُ يكونُ باعْتِبارِ الماضِى، فتُطْلَبُ ليْلَةُ القَدْرِ ليْلَةَ إحْدَى وعِشْرِين، وليْلَةَ ثَلاثٍ وعِشْرِين، إلى آخرِه، ويكونُ باعْتِبارِ الباقِى؛
وَأَرْجَاهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ،
ــ
لقَوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لِتاسِعَةٍ تَبْقَى» . فإذا كان الشَّهْرُ ثَلاثِين، يكونُ ذلك لَيالِىَ الأشفاعِ؛ فلَيْلَةُ الثَّانيةِ، تاسِعَةٌ تَبْقَى، وليْلَةُ الرَّابعَةِ، سابِعَةٌ تَبْقَى، كما فسَّره أبو سَعِيدٍ الخُدْرِىُّ. وإنْ كانَ الشَّهْرُ ناقِصًا، كان التَّارِيخُ بالباقِى كالتَّاريخِ بالماضِى.
قوله: وأَرْجاهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِين. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال المُصَنِّفُ في «الكَافِى» : وأرْجاها الوِتْرُ مِن لَيالِى العَشْرِ. قال في «الفُروعِ» : كذا قال. وقيل: أرْجَاها ليْلَةُ ثَلاثٍ وعِشْرِين. وقال في «الكَافِى» أيضًا: والأحادِيثُ تدُلُّ على أنَّها تَنْتَقِلُ في لَيالِى الوِتْرِ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ فى «الإِفْصَاحِ» : الصَّحيحُ عندِى أنَّها تَنْتَقِلُ في أفْرادِ العَشْرِ، فإذا اتَّفقَتْ لَيالِى الجمعِ في الأفرادِ، فأَجْدَرُ وأخْلَقُ أنْ تكونَ فيها. وقال غيرُه: تَنْتَقِلُ في العَشْرِ الأخيرِ. وحكَاه ابنُ عَبْدِ البَرِّ عنِ الإِمامِ أحمدَ. قلتُ: وهو الصَّوابُ الذي لا شَكَّ فيه. وقال المَجْدُ: ظاهِرُ رِوايَةِ حَنْبَلٍ، أنَّها ليْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ. فعلى هذا، لو قال: أنتِ طالِقٌ ليْلَةَ القَدْرِ. قبلَ مُضِىِّ ليْلَةِ أوَّلِ العَشْرِ، وقَع الطَّلاقُ فى اللَّيْلَةِ الأخيرَةِ، وإنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مضَى منه ليْلَةٌ، وقَع الطَّلاقُ في السَّنَةِ الثَّانيةِ، في ليْلَةِ حَلِفِه فيها. وعلى قوْلِنا: إنَّها تَنْتَقِلُ في العَشْرِ. إنْ كان قبلَ مُضِىِّ ليْلَةٍ منه، وقَع الطَّلاقُ في اللَّيْلَةِ الأخِيرَةِ، وإنْ كان مضَى منه ليْلَةٌ، وقَع الطَّلاقُ في اللَّيْلَةِ الأخيرةِ مِنَ العامِ المُقْبِلِ. واخْتارَه المَجْدُ. قال في «الفُروعِ»: وهو أطْهَرُ. قال المَجْدُ: ويتَخَرَّجُ حُكْمُ العِتْقِ واليَمِينِ على مَسْألَةِ الطَّلاقِ. قلتُ: هو الصَّوابُ. قلتُ: تلَخَّصَ لنا في المذهبِ عِدَّةُ أقْوالٍ. وقد ذكَر الشَّيْخُ الحافِظُ النَّاقِدُ شِهابُ الدِّينِ أحمدُ بنُ حَجَرٍ العَسْقَلَانِىُّ، في «شَرْحِ البُخَارِىِّ» ، أنَّ في ليْلَةِ القَدْرِ للعُلَماءِ خَمْسَةً وأرْبَعِين قوْلًا، وذكَر أدِلَّةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كلِّ قوْلٍ (1)، أحْبَبْتُ أنْ أذْكُرَها هنا مُلَخَّصَةً، فأقُولُ: قيلَ: وَقعَتْ خاصَّةً بسَنَةٍ واحدَةٍ. وقَعَتْ في زَمَنِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. خاصَّةٌ بهذه الأُمَّةِ. مُمْكِنَةٌ في جميعِ السَّنَةِ. تَنْتَقِلُ في جميعِ السَّنَةِ. ليْلَةُ النِّصْفِ مِن شَعْبانَ. مُخْتَصَّةٌ برَمَضانَ مُمْكِنَةٌ في جميعِ لَيالِيه. أوَّلُ لَيْلَةٍ منه. لَيْلَةُ النِّصْفِ منه. لَيْلَةُ سَبْعَةَ عشَرَ. قلتُ: أو إنْ كانتْ ليْلَةَ جُمُعَةٍ. ذكَرَه في «اللَّطائفِ» . ثَمانِ عشرَةَ. تِسْعَ عشرَةَ. حادِى عِشْرِين. ثَانِي عِشْرِين. ثَالثِ عِشْرِين. رَابعِ عِشْرِين. خامِسِ عِشْرِين. سَادِسِ عِشْرِين. سابعِ عِشْرِين. ثامِنِ عِشْرِين. تاسِعِ عِشْرِين. ثَلاثِين. أرْجاهَا ليْلَةُ إحْدَى وعِشْرِين. ثَلاثٍ وعِشْرِين. سَبْعٍ وعِشْرِين. تَنْتَقِلُ في جميعِ رَمَضانَ. في النِّصْفِ الأخيرِ. في العَشْرِ الأخيرِ كلِّه. في أوْتارِ العَشْرِ الأخيرِ. مِثْلُه
(1) انظر فتح البارى 4/ 262 - 266.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بزيادَةِ اللَّيْلَةِ الأخيرةِ. في السَّبْعِ الأَواخِرِ. وهل هى اللَّيالِى السَّبْعُ مِن آخِرِ الشَّهْرِ، أو في آخِرِ سَبْعٍ مِنَ الشَّهْرِ؟ مُنْحَصِرةٌ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ منه. في أشْفاعِ العَشْرِ الأَوْسَطِ، والعَشْرِ الأخِيرِ. مُبْهَمَةٌ في العَشْرِ الأوْسَطِ. أوَّلُ ليْلَةٍ، أو آخِرُ ليْلَةٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أوَّلُ ليْلَةٍ، أو تاسِعُ ليْلَةٍ، أو سابعَ عشرَةَ، أو إحْدَى وعِشْرِين، أو آخِرُ ليْلَةٍ. في سَبْعٍ، أو ثَمانٍ مِن أوَّلِ النِّصْفِ الثَّانى. ليْلَةُ سِتَّ عشرَةَ، أو سَبْعَ عشرَةَ. ليْلَةُ سَبْعَ عشرَةَ، أو تِسْعَ عَشرَةَ، أو إحْدَى وعِشْرِين. ليْلَةُ تِسْعَ عشرَةَ، أو إحْدَى وعِشْرِين، أو ثَلاثٍ وعِشْرِين. ليْلَةُ إحْدَى وعِشْرِين، أو ثَلاثٍ وعِشْرِين، أو خَمْسٍ وعِشْرِين. ليْلَةُ اثْنَتَيْن وعِشْرِين، أو ثَلاثٍ وعِشْرِين. ليْلَةُ ثَلاثٍ وعِشْرِين، أو سَبْعٍ وعِشْرِين. الثَّالثةُ مِنَ العَشْرِ الأخيرِ، أو الخامِسَةُ منه. وزِدْنا قوْلًا على ذلك.
فوائد؛ إحداها، لو نذَر قِيامَ ليْلَةِ القَدْرِ، قامَ العَشْرَ كلَّه، وإنْ كان نَذْرُه في أثْناءِ العَشْرِ، فحُكْمُه حُكْمُ الطَّلاقِ، على ما تقدَّم. ذكَرَه القاضى في «التَّعْليقِ» ، في النُّذُورِ. الثَّانيةُ، قال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ: يُسَنُّ أنْ يَنامَ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا إلى شئٍ. نصَّ عليه. الثَّالثةُ، ليْلَةُ القَدْرِ أفْضَلُ اللَّيالِى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وحَكَاه الخَطَّابِىُّ إجْماعًا. وعنه، ليْلَةُ الجُمُعَةِ أفْضَلُ. ذكَرها ابنُ عَقِيلٍ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهذه الرِّوايَةُ اخْتِيارُ ابنِ بَطَّةَ، وأبى الحَسَنِ الجَزَرِىِّ، وأبى حَفْصٍ البَرْمَكِىِّ؛ لأنَّها تابِعَةٌ لأفْضَلِ الأيَّامِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ليْلَةُ الإِسْراءِ أفْضَلُ فى حَقِّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، مِن ليْلَةِ القَدْرِ. وقال الشَّيْخُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا: يوْمُ الجُمُعَةِ أفْضَلُ أيَّامِ الأُسْبوعِ إجْماعًا. وقال: يوْمُ النَّحْرِ أفْضَلُ أيَّامِ العامِ. وكذا ذكَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه» في صَلاةِ العيدِ. قال في «الفُروعِ» : وظاهِرُ ما ذكَرَه أَبو حَكِيمٍ، أنَّ يَوْمَ عرَفَةَ أفْضَلُ. قال: وظهَرَ ممَّا سبقَ، أنَّ هذه الأيَّامَ أفْضَلُ مِن غيرِها، ويتَوَجَّهُ على اخْتِيارِ شيْخِنا بعدَ يَوْمِ النَّحْرِ، يَوْمُ القَرِّ الذي يَلِيه. وقال في «الغُنْيَةِ»: إن اللهَ اخْتارَ مِنَ الأَيَّامِ أرْبَعَةً؛ الفِطْرَ، والأضْحَى، وعَرَفَةَ، ويوْمَ عاشُورَاءَ، واخْتارَ منها يوْمَ عرَفَةَ. وقال أيضًا: إنَّ اللهَ اخْتارَ للحُسَيْنِ الشَّهادَةَ في أشْرَفِ الأيَّامِ، وأعْظَمِها وأجَلِّها، وأرْفَعِها عندَ الله مَنْزِلَةً. الرَّابعةُ، قال في «الفُروعِ»: عَشْرُ ذِى الحِجَّةِ أَفْضَلُ، على ظاهرِ ما في «العُمْدَةِ» وغيرِها، وسبَق كلامُ شيْخِنا في صَلاةِ التَّطوُّعِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا: قد يُقالُ ذلك، وقد يُقالُ: لَيالِى عَشْرِ رَمَضانَ الأخيرِ وأيَّامُ ذلك أفْضَلُ. قال: والأوَّلُ أظْهَرُ؛ لوُجُوهٍ. وذكَرَها. الخامسةُ، رَمَضانُ أفْضَلُ الشُّهورِ. ذكَرَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وذكَرَه ابنُ شِهَابٍ في مَن زالَ عُذْرُه. وذكَرُوا أنَّ الصَّدقَةَ فيه أفْضَلُ. وقال في «الغُنْيَةِ»: إنَّ اللهَ اخْتارَ مِنَ الشُّهورِ أرْبَعةً؛ رَجَبًا، وشعبانَ،
وَيَدْعُو فِيهَا بِمَا رُوِىَ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِىَ اللهُ عَنْهَا، [59 ظ] أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ وَافَقْتُهَا فَبِمَ أَدْعُو؟ قَالَ:«قُولِى: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّى» .
ــ
ورمضانَ، والمُحَرَّمَ، واخْتارَ منها شَعبانَ وجعَلَه شَهْرَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فكَما أنَّه أفْضَلُ الأنْبِياءِ، فشَهْرُه أفْضَلُ الشُّهورِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: قال القاضى في قوْلِه تَعالَى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (1). إنَّما سمَّاها حُرُمًا لتَحْريمِ القِتالِ فيها، ولتَعْظيمِ انْتِهاكِ المَحارِمِ فيها أشَدَّ مِن تَعْظيمِه في غيرِها، كذلك تعْظِيمُ الطَّاعاتِ. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ مَعْناه.
(1) سورة التوبة 36.