الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ
[57 و] وِمَنْ أَكَلَ، أوْ شَرِبَ، أَوِ اسْتَعَطَ، أَوِ احْتَقَنَ، أَوْ دَاوَى الْجَائِفةَ بِمَا يَصِلُ إِلَى جَوْفِهِ، أَوِ اكْتَحَلَ بِمَا يَصِلُ إِلَى حَلْقِهِ، أوْ دَاوَى الْمَأمُومَةَ، أوْ قَطَرَ في أُذُنِهِ مَا يَصِلُ إِلَى دِمَاغِهِ، أَوْ أَدْخَلَ إِلَى جَوْفِهِ شَيْئًا مِنْ أىِّ مَوْضِعٍ كَانَ، أوِ اسْتَقَاءَ، أوِ اسْتَمْنَى،
ــ
بابُ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ ويُوجِبُ الكفَّارةَ
قوله: أو اسْتَعَطَ. سواءٌ كان بدُهْنٍ أو غيرِه، فوصَل إلى حَلْقِه أو دِماغِه، فسَد صَوْمُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ في «الكافِى»: إنْ وصَل إلى خَياشِيمِه أفْطَرَ؛ لنَهْيهِ، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، الصَّائمَ عنِ المُبالغَةِ في الاسْتِنْشاقِ.
قوله: أو احْتَقَنَ، أو دَاوَى الجائِفَةَ بما يَصِلُ إلى جَوْفِه. فسَد صوْمُه، وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، واختارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ عدَمَ الإِفْطارِ بمُداوَاةِ
أوْ قَبَّلَ أوْ لَمَسَ فَأَمْنَى أوْ أَمْذَى، أوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَلَ، أَوْ حَجَمَ، أَو احْتَجَمَ عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ، فَسَدَ صَوْمُهُ، وَإنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا، لَمْ يَفْسُدْ.
ــ
جائفَةٍ ومَأْمُومَةٍ، وبحُقْنَةٍ.
فائدتان؛ إحداهما، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو أدْخَلَ شيئًا إلى مُجَوَّفٍ فيه قُوَّةٌ تُحِيلُ الغِذاءَ أو الدَّواءَ مِن أىِّ مَوْضِعٍ كان، ولو كان خَيْطًا ابْتلَعَه كلَّه أو بعضَه، أو طعَن نفْسَه، أو طعَنَه غيرُه بإذْنِه بشيءٍ في جَوْفِه، فغَابَ كلُّه أو بعضُه فيه. الثَّانيةُ، يُعْتَبرُ العِلْمُ بالواصِلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع المَجْدُ في «شَرْحِه» بأنَّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَكْفِى الظَّنُّ. قال في «الفُروعِ» : كذا قال.
قوله: أو اكْتَحَلَ بما يَصِلُ إلى حَلْقِه. فسَد صوْمُه، وسَواءٌ كان بكُحْلٍ، أو صَبِرٍ، أو قَطُورٍ، أو ذَرُورٍ، أو إثْمِدٍ مُطيَّبٍ. وهذا المذهبُ في ذلك كلَّه، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ أبى مُوسَى: الاكْتِحالُ بما يجِدُ طَعْمَه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كصَبِرٍ، يُفَطِّرُ. ولا يُفَطِّرُ الِإثْمِدُ غيرُ المُطِّيبِ إذا كان يَسِيرًا. نصَّ عليه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه لا يُفْطِرُ بذلك كلِّه. وقال ابنُ عَقيلٍ: يُفْطِرُ بالكُحْلِ الحادِّ دُونَ غيرِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: قوْلُه: بما يَصِلُ إلى حَلْقِه. يعْنِى، يتَحقَّقُ الوصُولَ إليه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزمَ المَجْدُ في «شَرْحِه» ، إنْ وصَك يَقِينًا أو ظاهِرًا أفْطَرَ، كالوَاصِلِ منَ الأنْفِ، كما تقدَّم عنه فيما إذا احْتقَنَ أو دَاوَى الجائِفَةَ.
قوله: أو دَاوى المأمُومَةَ. فسَد صوْمُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا الشَّيْخَ تَقِىَّ الدينِ؛ فإنَّه قال: لا يُفْطِرُ بذلك. كما تقدَّم عنه قرِيبًا.
قوله: أو اسْتَقَاءَ. يعْنِى، فَقاءَ، فسَد صَوْمُه. وهذا المذهبُ، سواءٌ كان قلِيلًا أو كثيرًا، وعليه أكثرُ الأصحاب. قال المُصَنِّف وغيرُه: هذا ظاهِرُ المذهبِ، [وعليه الأصحابُ](3). قال المَجْدُ [في «شَرْحِه»](1)، وغيرُه: هذا أصحُّ الرِّواياتِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وجزمَ به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُرُوعِ» وغيرِه. وقال في «الفُرُوعِ» : ويتَوَجَّهُ أنْ لا يُفْطِرَ به. وعنه، لا يُفْطِرُ إلَّا بمِلْءِ الفَمِ. اخْتارَه ابنُ عَقيلٍ. وعنه، بمِلْئِه أو نِصْفِه، كنَقْضِ الوضُوءِ. قال ابنُ عَقيلٍ في «الفُصُولِ»: ولا وَجْهَ لهذه الرِّوايَةِ عندِى. وعنه، إنْ فَحُشَ أفْطَرَ،
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإلَّا فلا. وقالَه القاضِى. وذكَر ابنُ هُبَيْرَةَ أنَّها الأشْهَرُ. قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» : واستقاؤه ناقِضٌ. واحْتَجَّ القاضِى بأنَّه لو تجَشَّأَ لم يُفْطِرْ، وإنْ كان لا يَخْلُو أنْ يَخْرُجَ معه أجْزاءٌ نَجِسَةٌ؛ لأنَّه يَسِيرٌ. كذا ههنا. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: ويتَوجَّهُ ظاهِرُ كلامِ غيرِه، إنْ خرَج معه نَجَسٌ، فإن قصَد به القَئ، فقد اسْتَقاءَ، فيُفْطِرُ، وإنْ لم يَقْصِدْ لم يَسْتَقِئْ، فلم يُفْطِرْ، وإنْ نُقِضَ الوضُوءُ. وذكَر ابنُ عقِيلٍ في «مُفْرَداتِه» ، أنَّه إذا قاءَ بنَظَرِه إلى ما يُغْثِيه، يُفْطِرُ؛ كالنَّظَرِ والفِكْرِ.
قوله: أو اسْتَمْنَى. فسَد صوْمُه، يعْنِى، إذا اسْتَمْنَى فأَمْنَى. وهذا المذهبُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيلَ: لا يَفْسُدُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: أو قَبَّلَ أو لمس فأمْنَى. فسَد صوْمُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» احْتِمالًا، بأنَّه لا يُفْطِرُ. ومالَ إليه، ورَدَّ ما احْتَجَّ به المُصَنِّفُ، والمَجْدُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحداهما، لو نامَ نَهارًا فاحْتَلَم، لم يَفْسُدْ صَوْمُه. وكذا لو أمْنَى مِن وَطْءِ لَيْلٍ، أو أمْنَى ليْلًا مِن مُباشَرَةٍ نَهارًا. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو وَطِئَ قُرْبَ الفَجْرِ، ويُشْبِهُه مَنِ اكتحَلَ إذَنْ. الثَّانيةُ، لو هاجَتْ شَهْوَتُه فأمْنَى أو أمْذَى (3)، ولم يَمسَّ ذكَرَه، لم يُفْطِرْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وخُرَّجَ، بلَى.
قوله: أو أمْذَى (3). يعْنِى، إذا قبَّلَ أو لمَس فأَمْذَى (1)، فسَد صَوْمُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يُفْطِرُ. اخْتارَه الآجُرِّىُّ،
(1) في الأصل: «مذى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأبو محمدٍ الجَوْزىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. نقَلَه عنه في «الاخْتِيَاراتِ». قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. واخْتارَ في «الفائقِ» ، أنَّ المَذْى عن لَمسٍ لا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وجزمَ به في «نِهَايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «نَظْمِها» . ويأتِى في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخرِ البابِ، إذا جامَعَ دُونَ الفَرْجِ فأَنْزَلَ أو لم يُنْزِلْ، وما يتَعَلَّقُ به.
قوله: أو كرَّر النَّظَرَ فأنْزَلَ. فسَد صَوْمُه، وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال الآجُرِّىُّ: لا يَفْسُدُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: أو كرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَلَ. أنَّه لو كرَّرَ النَّظَر فأَمْذَى، لا يُفْطِرُ. وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا الصَّحيحُ. وقال في «الفُروعِ» : القَوْلُ بالفِطْرِ أقْيَسُ على المذهبِ؛ كاللَّمْسِ، ورُوِىَ عن أبى بَكْرٍ عَبْدِ العَزِيزِ. ومفْهومُ كلامِه أيضًا، أنَّه إذا لم يُكَرِّرِ النَّظَرَ لا يُفْطِرُ. وهو صَحِيحٌ، وسَواءٌ أَمْنَى أو أَمْذَى. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ لعَدَمِ إمْكانِ التَّحَرُّزِ. وقيلَ: يُفْطِرُ بهما. ونصَّ الإمامُ أحمدُ، يُفْطِرُ بالمَنِىَّ لا بالمَذْىِ. وقطَع به القاضِى. ويأْتِى قرِيبًا، إذا فكرَ فأَنْزَلَ، وكذا إذا فكَّرَ فأَمذَى. ويأتى بعدَ ذلك، هل تجِبُ الكفَّارَةُ بالقُبْلَةِ واللَّمْسِ وتَكْرَارِ النَّظَرِ؟.
قوله: أو حجَم أو احْتَجَم. فسَد صوْمُه. هذا المذهبُ فيهما، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، إنْ عَلِمَا النَّهْىَ أفطَرا، وإلَّا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلا. واختارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، إنْ مَصَّ الحاجِمُ القارُورَةَ أفْطَرَ، وإلَّا فلا، ويُفْطِرُ المَحْجُومُ عندَه إنْ خرَج الدَّمُ، وإلَّا فلا. وقال الخِرَقِىُّ: أو احْتَجَم. فظاهِرُه، أنَّ الحاجِمَ لا يُفْطِرُ. ولا نعلمُ أحدًا مِنَ الأصحابِ فرَّقَ في الفِطْرِ وعدَمِه بينَ الحاجمِ والمَحْجُومِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: ولعَلَّ مُرادَه ما اخْتارَه شيْخُنا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ الحاجِمَ يُفْطِرُ إذا مَصَّ القارُورَةَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: كان مِن حَقِّه أنْ يذْكُرَ الحاجِمَ أيضًا.
فائدتان؛ إحداهما، قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ والأصحابِ، أنَّه لا فِطْرَ إنْ يَظْهَر دَمٌ. قال: وهو مُتَوَجَّهٌ، واخْتارَه شيْخُنا، وضَعَّفَ خِلافَه. انتهى. قلتُ: قال في «الفائقِ» : ولو احْتجَمَ فلم يَسِلْ دَمٌ، يُفْطِرْ في أصحِّ الوَجْهَيْن. وجزمَ بالفِطرِ، ولو لم يَظْهَرْ دَمٌ، في «الفُصُولِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «الزَّرْكَشىِّ» ، فقال: لا يُشْترَطُ خُروجُ الدَّمِ، بل يُناطُ الحُكْمُ بالشَّرْطِ. الثَّانيةُ، لو جرَح نفْسَه لغيرِ التَّداوِى بدَلَ الحِجامَةِ، لم يُفْطِرْ.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُفْطِرُ بغيرِ الحِجامَةِ، فلا يُفْطِرُ بالفَصْدِ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، والصَّحيحُ منهما. قال في «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ»: لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُفْطِرُ بالفَصْدِ على أصحِّ الوَجْهَيْن. وصحَّحَه الزَّرْكَشِىُّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وجزمَ به القاضِى في «التَّعْلِيقِ» ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» فيه، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّانى، يُفْطِرُ به. جزمَ به ابنُ هُبَيْرَةَ عنِ الإمامِ أحمدَ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن، واخْتارَه هو، وصاحِبُ «الفائقِ» ، وأطْلقَهما في «الحاوِيَيْن». وقال في «الرِّعايتَيْن»: الأوْلَى إفْطارُ المَفْصُودِ دُونَ الفاصِدِ. قال فى «الفَائقِ» : ولا فِطْرَ على فاصِدٍ في أصحَّ الوَجْهَيْن. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. فعلى القَوْلِ بالفِطْرِ، هل يُفْطِرُ بالتَّشْرِيطِ؟ قال في «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وقال: الأولَى إفْطارُ المَشْرُوطِ دُونَ الشَّارِطِ. واخْتارَه الشَّيْخ تَقِىُّ الدِّينِ. وصحَّحَه فى «الفائقِ» . وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لا يُفْطِرُ بإخْراجِ دَمِه برُعَافٍ وغيرِه، وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ الإِفْطارَ بذلك.
قوله: عامِدًا ذاكِرًا لصَوْمِه، فسَد صَوْمُه، وانْ فعَلَه ناسيًا أو مُكْرَهًا، لم يَفْسُدْ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يعْنِى، أنَّه إذا فعَل ما تقدَّم ذِكْرُه عامِدًا، ذاكِرًا لصَوْمِه مُخْتارًا، يَفْسُدُ صَوْمُه، وإنْ فعَلَه ناسِيًا أو مُكْرَهًا، سَواء أُكْرِهَ على الفِطْرِ حتى فعَلَه، أو فُعِلَ به، لم يَفْسُدْ. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه. ونقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. ونقَلَه الفَضْلُ فى الحِجَامَةِ. وذكَرَه ابنُ عَقيلٍ في مُقَدِّماتِ الجِمَاعِ. وذكَرَه الخِرَقِىُّ في الإِمْنَاءِ بقُبْلَةٍ، أو تَكْرارِ نَظَر. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: المُساحَقَةُ كالوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ. وكذا مَنِ اسْتَمْنَى فأنْزَلَ المَنِىَّ. وذكَر أبو الخطَّابِ، أنَّه كالأَكْلِ في النِّسْيانِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: إنْ فعَل بعضَ ذلك جاهِلًا أو مُكْرَهًا، فلا قَضاءَ فى الأصحِّ. وعنه، يُفْطِرُ بحجامَةٍ ناسٍ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» ؛ لظاهرِ الخَبَرِ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ أيضًا، الفِطْرَ بالاسْتِمْناءِ ناسِيًا. وقيل: يُفْطِرُ باسْتِمْناءٍ ناسٍ. قال في «الفُروعِ» : والمُرادُ، ومُقَدِّماتِ الجماعِ. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» ، الفِطْرَ إنْ أمْنَى بغيرِ مُباشَرَةٍ مُطْلَقًا. وقيل: عامِدًا. أوَ أمْذَى بغيرِ المُباشَرَةِ عامِدًا. وقيل: أو ساهِيًا. وقال في المُكْرَهِ: لا قَضاءَ في الأصحِّ. وقيل: يُفْطِرُ إنْ فعَل بنَفْسِه كالمَريضِ، ولا يُفْطِرُ إنْ فعَلَه غيرُه به، بأنْ صَبَّ في حَلْقِه الماءَ مُكْرَهًا، أو نائِمًا، أو دخَل في فِيهِ ماءُ المَطَرِ.
فوائد؛ إحداها، لو أُوجِرَ (1) المُغْمَى عليه لأجْلِ علاجِه، لم يُفْطِرْ. على
(1) أوجر المريضَ: صب الدواء في حلقه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقيل: يُفْطِرُ. الثَّانيةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الجاهِلَ بالتَّحْريمِ يُفْطِرُ بفِعْلِ المُفْطراتِ، ونصَّ عليه في الحِجامَةِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ: هو قَوْلُ غيرِ أبى الخَطَّابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الحَاوِى الصَّغِيرِ» ، و «المُحَرَّرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هو اخْتِيارُ الشَّيْخَيْن. وقيلْ: لا يُفْطِرُ كالمُكْرَهِ والنَّاسِى. وجزمَ به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «التَّبصِرَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، واقْتصَرَ على كلامِ أبى الخَطَّابِ في «الحَاوِى الكَبيرِ» ، وصحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه» ؛ لأنَّه لم يتَعَمَّدِ المُفْسِدَ؛ كالنَّاسِى. الثَّالثةُ، لو أرادَ مَن وجَب عليه الصَّوْمُ أنْ يأْكُلَ، أو يَشْرَبَ فى رَمَضانَ، ناسِيًا أو جاهِلًا، فهل يجِبُ إعْلامُه على مَن رَآه؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ» ، و «الرعايَةِ الكُبْرَى» ؛ أحدُهما، يَلْزَمُه الإعْلامُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وهو في الجاهِلِ آكَدُ؛ لفِطْرِه به على المَنْصُوصِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَلْزَمُه إعْلامُه. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» وَجْهًا ثالِثًا، بوجُوبِ إعْلامِ الجاهِلِ، لا النَّاسِى. قال: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه إعْلامُ مُصَلًّ أتَى بمُنافٍ لا يُبْطِلُ وهو ناسٍ أو جاهِلٌ. انتهى. قلتُ: ولهذه المَسْأَلةِ نَظائِرُ. منها، لو عَلِمَ نَجاسَةَ ماءٍ، فأرادَ جاهِلٌ به اسْتِعْمالَه، هل يَلْزَمُه إعْلامُه؟ قدَّمه في «الرِّعايَةِ» ، أوْ لا؟ أو يَلْزَمُه إنْ قيلَ: إزالَتُها شَرْطٌ؟ أقْوالٌ. ومنها، لو دخَل وَقْتُ صَلاةٍ على نائمٍ، هل يجِبُ إعْلامُه، أوْ لا؟ أو يجِبُ إنْ ضاقَ الوَقْتُ؟ جزمَ به في «التَّمْهِيدِ» . وهو الصَّوابُ. أقْوالٌ؛ لأن النائمَ كالنَّاسِى. ومنها، لو أصابَه ماءُ مِيزَابٍ، هل يَلْزَمُ الجَوابُ للمَسْئُولِ، أوْ لا؟ أو يَلْزَمُ إنْ كان نَجِسًا؟ اخْتارَه الأزَجِىُّ، وهو الصَّوابُ. أقْوالٌ. وتقدَّم ذلك في كتابِ الطَّهارَةِ والصَّلاةِ. وسبَق أيضًا، أنَّه يجِبُ على المأمُومِ تَنْبِيهُ الإِمام فيما يُبْطِلُ؛ لِئَلَّا يكونَ مُفْسِدًا لصلَاِته مع قُدْرَتِه. الرَّابعةُ، لو أكَل ناسِيًا، فظَنَّ أنَّه قد أفْطَرَ فأكَل عَمْدًا، فقال في «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ أنَّها مَسْأَلةُ الجاهِلِ بالحُكْمِ، فيه الخِلافُ السَّابِقُ. وقال في «الرَّعايَةِ»: يصِحُّ صَوْمُه، ويَحْتَمِلُ عدَمُه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. انتهى. قلتُ: ويُشْبِهُ ذلك لو اعْتقَدَ البَيْنُونَةَ في الخُلْعِ لأجْلِ عدَمِ عَوْدِ الصِّفَةِ، ثم فعل ما حلَف عليه، على ما يأْتِى في آخرِ بابِ الخُلْعِ.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا كفَّارَةَ عليه فيما تقدَّم مِنَ المَسائلِ، حيثُ قُلْنا: يَفْسُدُ صَوْمُه. وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، سِوَى المُباشَرَةِ بقُبْلَةٍ، أو لَمْسٍ، أو تَكْرارِ نَظَر وفِكْرٍ، على خِلافٍ وتَفْصِيلٍ، يأتى قرِيبًا إنْ شاءَ الله تعالَى. ونقَل حَنْبَلٌ، يَقْضِى ويُكَفِّرُ للحُقْنَةِ. ونقَل محمدُ بنُ
وَإِنْ طَارَ إِلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ أوْ غُبَارٌ، أوْ قَطَرَ في إِحْلِيلِهِ، أوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ، أو احْتَلَمَ، أوْ ذَرَعَهُ الْقَئُ، أوْ أصْبَحَ وَفِى فِيهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ، أوِ اغْتَسَلَ، أوْ تَمَضْمَضَ، أوِ اسْتَنْشقَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ، لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ. وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أو بَاِلَغَ فِيهِمَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
عَبْدَك (1)، يَقْضِى ويُكَفِّرُ مَنِ احْتَجَمَ في رَمَضانَ وقد بلَغَه الخَبَرُ، وإنْ لم يَبْلُغْه، قَضَى فقط. قال المَجْدُ: فالمُفْطِراتُ المُجْمَعُ عليها أوْلَى. وقال: قال ابنُ البَنَّا، على هذه الرِّوايَةِ: يُكَفِّرُ بكُلِّ ما فطَّرَه بفِعْله؛ كبَلْعِ حَصاةٍ وقَىْءٍ ورِدَّةٍ وغير ذلك. وقال في «الرِّعايَةِ» ، بعدَ رِوايَةِ محمدِ بنِ عَبْدَك: وعنه، يُكَفِّرُ مَن أفْطَرَ بأَكْلٍ أو شُرْبٍ أوِ اسْتِمْناءٍ. فاقْتَصرَ على هذه الثَّلَاثةِ. وقال فى «الحَاوِيَيْن»: وفى الاسْتِمْناءِ سَهْوًا وَجْهان. وخصَّ الحَلْوانِىُّ رِوايَةَ الحِجامَةِ بالمَحْجُومِ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِىِّ، على رِوايَةِ الحِجامَةِ، كما ذكَره ابنُ البَنَّا، لأنَّه أتَى بمَحْظُورِ الصَّوْمِ؛ كالجِماعِ. وهو ظاهِرُ اخْتِيارِ أبى بَكْرٍ الآجُرِّىِّ، وصرَّح في أكْلٍ وشُرْبٍ.
تنبيه: حيثُ قُلْنا: يُكَفِّرُ هنا. فهي ككَفَّارَةِ الجِماعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. وقيل: يُكَفِّرُ للحِجامَةِ ككَفَّارَةِ الحامِلِ والمُرْضِعِ، على ما تقدَّم. وأطْلقَهما في «الفَائقِ» ، و «الزَّرْكَشىِّ» .
قوله: وإنْ طارَ إلى حَلْقِه ذُبابٌ أو غُبَارٌ. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، هذا المذهبُ، وعليه
(1) محمد بن عبدك بن سالم القزاز. روى عن الإمام أحمد وغيره، وكان ثقة. توفى سنة ست وسبعين ومائتين. تاريخ بغداد 2/ 384.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابُ. وحكَى في «الرِّعايَةِ» قَوْلًا، أنَّه يُفْطِرُ مَن طارَ إلى حَلْقِه غُبارٌ إذا كان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غيرَ ماشٍ، أو غيرَ نَخَّالٍ أو وَقَّادٍ. وهو ضَعِيفٌ جدًّا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: أو قطَر في إحْلِيلِه. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطعَ به أكثرُهم. وقيلَ: يُفْطِرُ إنْ وصَل إلى مَثانَتِه؛ وهو العُضْوُ الذي يَجْتَمِعُ فيه البَوْلُ داخِلَ الجَوْفِ.
قوله: أو فكَّرَ فأنْزَلَ. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، وكذا لو فكَّرَ فأمْذَى، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ فيهما، وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «الفُروعِ» : وهو أشْهَرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. وقال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ: يُفْطِرُ بالإنْزالِ والمَذْىِ إذا حصَل بفِكْرِه. وقيل: يُفْطِرُ بهما إنِ اسْتَدْعاهُما، وإلَّا فلا.
قوله: أو احْتَلَمَ. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، بلا نِزاعٍ.
قوله: أو ذرَعَه القَىْءُ. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، بلا نِزاعٍ، وكذا لو عادَ إلى جَوْفِه بغيرِ اخْتِيارِه، فأما إنْ أعادَه باخْتِيارِه، أو قاءَ ما لَا يُفْطِرُ به، ثم أعادَه باخْتِيارِه، أفْطَرَ.
قوله: أو أصْبَحَ وفى فِيهِ طَعامٌ فلفَظَه. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، بلا نِزاعٍ، وكذا لو شَقَّ لَفْظُه فبَلَعَه مع رِيقِه بغيرِ قَصْدٍ، أو جرَى رِيقُه ببَقِيَّةِ طعَامٍ تعَذَّرَ رَمْيُه، أو بلَع رِيقَه عادَةً، لم يُفْطِرْ. وإنْ أمْكَنَه لَفْظُه، بأنْ تمَيَّزَ عن رِيقِه، فبَلَعَه باخْتِيارِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أفْطَرَ. نصَّ عليه. قال أحمدُ، في مَن تنَخَّعَ دَمًا كثِيرًا في رَمَضانَ: أجبُنُ عنه، ومِن غيرِ الجَوْفِ أهْوَنُ. وإنْ بصَق نُخامَةً بلا قَصْدٍ مِن مَخْرَجِ الحاءِ المُهْمَلَةِ، ففي فِطْرِه وَجْهان، مع أنَّه في حُكْمِ الظَّاهِرِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قيلَ. وجزمَ به في «الرِّعايَةِ» . قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الفِطْرِ.
قوله: أو اغْتَسَل. يعْنِى، إذا أصْبَحَ، لم يَفْسُدْ صَوْمُه. لو أخَّرَ الغُسْلَ إلى بعدِ طُلوعِ الفَجْرِ واغْتَسَلَ، صحَّ صَوْمُه، بلا نِزاعٍ. وكذا على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لو أخَّرَه يَوْمًا كامِلًا، صحَّ صَوْمُه، ولكنْ يأْثَمُ. وهذا المذهبُ، مِن حيثُ الجُمْلَةُ، ومِن حيثُ التَّفْصِيلُ، يَبْطُلُ صَوْمُه، حيثُ كفَّرْناه بالتَّرْكِ بشَرْطِه، وحيثُ لم نُكَفِّرْه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالتَّرْكِ، لم يَبْطُلْ، ولكنْ يأْثَمُ. وهذا المذهبُ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: يَجِئُ على الرِّوايَةِ التي تقولُ: يَكْفُرُ بتَرْكِ الصَّلاةِ إذا تَضايَقَ وَقْتُ التي بعدَها. أنْ يَبْطُلَ الصَّوْمُ إذا تضَايَقَ وَقْتُ الظُّهْرِ قبلَ أنْ يَغْتَسِلَ ويُصَلِّىَ الفَجْرَ. قال في «الفُروعِ» : كذا قال. قال: ومُرادُه ما قالَه في «الرِّعايَةِ» ، كما قدَّمْناه مِنَ التَّفْصيلِ. انتهى. قلتُ: وإنَّما لم يَرْتَضِ صاحِبُ «الفُروعِ» كلامَه في «المُسْتَوْعِبِ» ؛ لأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنْ لا يَكْفُرَ بمُجَرَّدِ تَرْكِ الصَّلاةِ، ولو ترَك صَلَواتٍ كثيرةً، بل لا بُدَّ مِن دُعائِه إلى فِعْلِها. كما تقدَّم ذلك في كتابِ الصَّلاةِ.
فائدتان؛ إحداهما، حُكْمُ الحائضِ، تُؤَخِّرُ الغسْلَ إلى بعدِ طُلوعِ الفَجْرِ، حُكْمُ الجُنُبِ، على ما تقدَّم، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَل صالِحٌ، في الحائضِ تُؤَخِّرُ الغُسْلَ بعدَ الفَجْرِ، تَقْضِى. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ للجُنُبِ والحائضِ إذا طَهُرَتْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ليْلًا، الغُسْلُ قبلَ الفَجْرِ.
قوله: وإنْ زَادَ على الثَّلاثِ، أو بالَغَ فيهما، فعلى وَجْهَيْن. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «الكَافِى» ، و «الهَادِى» ، و «المُغْنِى» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «شَرْحِ المَجْدِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحَاوِيَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ؛ أحدُهما، لا يُفْطِرُ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحِيحِ». قال في «العُمْدَةِ»: لو تمَضْمَضَ أو اسْتَنْشَقَ، فوصَل إلى حَلْقِه ماءٌ، لم يَفْسُدْ صَوْمُه، وجزمَ به في «الإفادَاتِ» ، وناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، وهو منها. ويأْتِى كلامُه في «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . والوَجْهُ الثَّانى، يُفْطِرُ. صحَّحَه في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وجزمَ في «الفُصُولِ» بالفِطْرِ بالمُبالَغَةِ. وقال به إذا زادَ على الثَّلاثِ. وقيلَ: يَبْطُلُ بالمُبالَغَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
دُونَ الزِّيادَةِ. اخْتارَه المَجْدُ. قال في «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ»: لو دخَل حَلْقَه ماءُ طَهارَةٍ، ولو بمُبالَغَةٍ، لم يُفْطِرْ. وظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، إبْطالُ الصَّوْمِ بالمُجاوَزَةِ على الثَّلاثِ، فإنَّه قال: إذا جاوَزَ الثَّلاثَ، فسبَق الماءُ إلى حلْقِه، يُعْجِبُنِى أنْ يُعِيدَ الصَّوْمَ. قالَه ابنُ عَقِيلٍ، والمَجْدُ في «شَرْحِه» .
فائدتان؛ إحداهما، لو تَمضْمَضَ أو اسْتَنْشَقَ لغيرِ طَهارَةٍ، فإنْ كان لنجَاسَةٍ ونحوِها، فحُكْمُها حُكْمُ الوضُوءِ، وإنْ كان عبَثًا أو لحَرٍّ أو عَطَشٍ، كُرِهَ. نصَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه. وفى الفِطْرِ به، الخِلافُ المُتقَدِّمُ في الزَّائدِ على الثَّلاثِ. وكذا الحُكْمُ إنْ غاصَ في الماءِ في غيرِ غُسْلٍ مَشْرُوعٍ، أو أسْرَفَ في الغُسْلِ المَشْرُوعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: إنْ فعَلَه لغَرَضٍ صَحِيحٍ، فكَالْمَضْمَضَةِ المَشْرُوعَةِ، وإنْ كان عبَثًا، فكَمُجاوَزَةِ الثَّلاثِ. ونقَل صالِحٌ، يتَمَضْمَضُ إذا أُجْهِدَ. الثَّانيةُ، لا يُكْرَهُ للصَّائِمِ الغُسْلُ. واخْتارَ المَجْدُ، أن غَوْصَه في الماءِ كصَبِّه عليه. ونقَل حَنْبَلٌ، لا بَأْسَ به إذا لم يخَفْ أنْ يَدْخُلَ الماءُ حَلْقَه أو مَسامِعه. وجزمَ به بعضُهم. وقال في «الرِّعايَةِ»: يُكْرَهُ في الأصحِّ. فإنْ دخَل حَلْقَه، ففي فِطْرِه وَجْهان. وقيل: له ذلك ولا يُفْطِرُ. انتهى. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، وأبو داوُدَ، وغيرُهما، يدْخُلُ الحَمَّامَ ما لم يخَفْ ضَعْفًا.
وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا في طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
ــ
فائدتان؛ إحداهما، قوله: ومَن أكَل شاكًّا في طُلُوعِ الفَجْرِ، فلا قَضاءَ عليه. يعْنِى، إذا دامَ شَكُّه، وهذا بلا نِزاعٍ، مع أنَّه لا يُكْرَهُ الأكْلُ والشُّرْبُ مع الشَّكِّ في طُلوعِه، ويُكْرَهُ الجِماعُ مع الشَّكِّ. نصَّ عليهما. الثَّانيةُ، لو أكَلَ يَظُنُّ طُلوعَ الفَجْرِ، فَبانَ ليْلًا، ولم يُجَدِّدْ نِيَّةَ صَوْمِه الواجِبِ، قضَى. قال فى «الفُروعِ»: كذا جزمَ به بعضُهم، وما سبَق، مِن أنَّ له الأكْلَ حتى يَتَيَقَّنَ طُلوعَه، يدُلُّ على أنَّه لا يَمْنَعُ نِيَّةَ الصَّوْمِ، وقَصْدُه غيرُ اليَقِينِ، والمُرادُ، والله أعلمُ، اعْتقادُ طُلوعِه.
وَإنْ أَكلَ شَاكًّا في غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
ــ
انتهى.
قوله: وإنْ أكَل شاكًّا في غُروبِ الشَّمْسِ، فعليه القَضاءُ. يعْنِى، إذا دامَ شَكُّه، وهذا إجْماعٌ. وكذا لو أكَلَ يظُنُّ بَقاءَ النَّهارِ إجْماعًا، فلو بانَ ليْلًا فيهما، لم يَقْضِ. وعِبارَةُ بعضِهم، صحَّ صَوْمُه.
فائدة: قال في «الفُروعِ» : وإنْ أكَلَ يظُنُّ الغُروبَ، ثم شَكَّ ودامَ شَكُّه، لم يَقْضِ. وجزمَ به. وقال في «القاعدَةِ التَّاسِعَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ»: يجوزُ الفِطْرُ مِنَ الصِّيامِ بغَلبَةِ ظَنِّ غُروبِ الشمْسِ، في ظاهِرِ المذهبِ. ومِنَ الأصحابِ مَن قال: لا يجوزُ الفِطرُ إلَّا مع تيَقُّنِ الغُروب. وبه جزمَ صاحِبُ «التَّلْخِيصِ» . والأوَّلُ أصحُّ. انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: لو أكَلَ ظانًّا أنَّ الفَجْرَ لم يَطْلُعْ، أو أنَّ الشَّمْسَ قد غَرَبَتْ، ولم يتَبَيَّنْ له شئٌ، فلا قَضاءَ عليه، ولو ترَدَّدَ بعدُ. قالَه أبو محمدٍ. وأوْجَبَ صاحِبُ «التَّلْخِيصِ» القَضاءَ في ظَنِّ الغُروبِ، ومِن هنا قال: يجوزُ الأَكْلُ بالاجْتِهادِ في أوَّلِ اليَوْمِ دُونَ آخِرِه، وأبو محمدٍ يُجَوِّزُه بالاجْتِهادِ فيهما.
(1) في الأصل: «تعيين» .
وَإنْ أَكَلَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْلٌ فَبَانَ نَهَارًا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
ــ
قوله: وإنْ أكلَ مُعْتَقِدًا أنَّه لَيْلٌ فَبانَ نَهارًا، فعليه القَضاءُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وحكَى في «الرَّعايَةِ» رِوايَةً، لا قَضاءَ على مَن جامعَ يعْتقِدُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ليْلًا، فبانَ نَهارًا. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه لا قَضاءَ عليه. واخْتارَ صاحِبُ الرِّعايَةِ، إنْ أكلَ يظُنُّ بَقاءَ اللَّيْلِ فأخْطأَ، لم يَقْضِ لجَهْلِه، وإنْ ظَنَّ دخُولَه فأَخْطَأَ، قَضَى. وتقدَّم إذا أكَل ناسِيًا، فَظَنَّ أنه أفْطَرَ، فأَكَل مُتَعَمِّدًا.
فَصْلٌ: وَإذَا جَامَعَ في نَهَارِ رَمَضَانَ في الْفَرْجِ، قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا، [57 ظ] فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، عَامِدًا كَانَ أو سَاهِيًا. وَعَنْهُ، لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مَعَ الإِكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ.
ــ
قوله: وإذا جامَعَ في نَهارِ رَمَضانَ في الفَرجِ، قُبُلًا كان أو دُبُرًا - يعنى، بفَرْجٍ أصْلِىٍّ في فرْجٍ أصْلِىٍّ - فعليه القَضاءُ والكَفارَةُ، عامِدًا كان أو ساهِيًا. لا خِلافَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في وجُوبِ القَضاءِ والكفَّارةِ على العامِدِ، والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ النَّاسِىَ كالعامِدِ في القَضاءِ والكفَّارَةِ. نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المَشْهورُ عنه، والمُخْتارُ لعامَّةِ أصحابِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يُكَفَّرُ. اخْتارَها ابنُ بَطَّةَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولعَلَّه مَبْنِىٌّ على أنَّ الكفَّارَةَ ماحِيَةٌ، ومع النِّسْيانِ، لا إثْمَ يَنْمَحِى. وعنه، ولا يَقْضى أيضًا. اخْتارَه الآجُرِّىُّ، وأبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ» .
تنبيهات؛ الأوَّلُ، قوْلُه: قُبُلًا كان أو دُبُرًا. هو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» تخْريجًا مِنَ الغُسْلِ والحَدِّ، لا يَقْضِى، ولا يُكَفَّرُ إذا جامَعَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في الدُّبُرِ، لكنْ إنْ أنْزَلَ فسَد صَوْمُه. وقد قاسَ جماعَةٌ عليهما. الثَّانِى، شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى، الحَىَّ والمَيِّتَ مِنَ الآدَمِىِّ. وهو الصَّحيحُ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ أوْلَجَ في آدَمِىًّ مَيِّتٍ، ففى الكفَّارَةِ وَجْهان. وأطْلقَهما في «الرِّعايَةِ لصُّغْرَى» ، و «الحَاوِيَيْن» . ويأْتِى حُكْمُ وَطْءِ البَهِيمَةِ المَيِّتةِ. الثَّالثُ، شمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ أيضًا، المُكْرَهَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وسَواء أُكْرِهَ حتى فعَلَه، أو فُعِلَ به؛ مِن نائمٍ وغيرِه. وعنه، لا كفَّارةَ عليه مع الإِكْراهِ والنِّسْيانِ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّه لا كفَّارَةَ على مَن فُعِلَ به مِن نائمٍ ونحوِه. وعنه، كلُّ أمْرٍ غُلِبَ عليه الصَّائمُ، فليس عليه قَضاءٌ ولا غيرُه. قال أكثرُ الأصحابِ كما قال المُصَنِّفُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا يدُلُّ على إسْقاطِ القَضاءِ والكفَّارَةِ مع الإِكراهِ والنِّسْيانِ. قال ابنُ عَقيلٍ في «مُفْرَداتِه» : الصَّحيحُ في الأكْلِ والوَطْءِ، إذا غُلِبَ عليهما لا يُفْسِدان. قال: فأنا أُخَرِّج في الوَطْءِ رِوايَةً مِنَ الأَكْلِ، وفى الأَكْلِ رِوايةً مِنَ الوَطْءِ. ونفَى القاضى في «تَعْلِيقِه» هذه الرِّوايةَ، وقال: يجبُ القَضاءُ رِوايَةً واحِدَةً. وكذا قال الشِّيرَازِىُّ وغيرُه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أَنَّه لا قَضاءَ مع الإِكْراهِ، واخْتارَه في «الفَائقِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقيل: يَقْضِى مَن فعَل بنَفْسِه، لا مَن فُعِلَ به مِن نائمٍ وغيرِه. وقيل: لا قَضاءَ مع النَّوْمِ فقط. وذكَر بعضُهم نصَّ أحمدَ، لعدَمِ حُصولِ مَقْصُودِه.
فوائد؛ الأُولَى، حيثُ فسَد الصَّوْمُ بالإِكراهِ، فهو في الكفَّارَةِ كالنَّاسِى، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يرْجِعُ بالكفَّارَةِ على مَن أكْرَهَه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: يُكَفَّرُ مَن فعَل بالوَعيدِ دُونَ غيرِه. الثَّانيةُ، لو جامَعَ يعْتَقِدُه ليْلًا، فَبانَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَهارًا، وجَب القَضاءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: جزمَ به الأكثرُ. وذكَر في «الرِّعايَةِ» رِوايةً، أنَّه لا يَقْضِى. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُكَفِّرُ. اخْتارَه الأصحابُ. قالَه المَجْدُ، وأنَّه قياسُ من أوجَبَها على النَّاسِى وَأَوْلَى. انتهى. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يُكَفِّرُ. وأْطلقَهما في «الفُروعِ» . فعلى الثَّانيةِ، إنْ علِمَ في الجِماعِ أنَّه نَهارًا، ودامَ عالِمًا بالتَّحْريمِ، لَزِمَتْه الكفَّارَةُ بِناءً على مَن وَطِئَ بعدَ فَسادِ صَوْمِه. الثَّالثةُ، لو أَكَل
وَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأةَ كَفَّارَةٌ مَعَ الْعُذْرِ. وَهَل يَلْزَمُهَا مَعَ عَدَمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ.
ــ
ناسِيًا، أو اعْتقَدَ الفِطْرِيَّةَ، ثم جامَعَ، فَحُكْمُه حُكْمُ النَّاسِى والمُخْطِئ، إلَّا أنْ يعْتَقِدَ وجُوبَ الإمْساكِ، فيُكَفِّرَ، على الصَّحيحِ، على ما يأْتِى.
قوله: ولا يَلْزَمُ المَرأةَ كَفارَةٌ معَ العُذْر. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحاب. وذكَر القاضي رِوايَةً، تُكفِّرُ. وذكَر أيضًا، أنَّها مُخَرَّجَةٌ مِنَ الحَجِّ. وعنه، تُكفِّرُ، وتزْجِعُ بها على الزَّوْجِ. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ. قالَه في «التَّلْخِيصِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «الرِّعايتَيْن» : وعنه، لا تَسْقُطُ، فيُكَفَّرُ عنها. وقال ابنُ عَقِيل: إنْ أُكْرِهَت حتى مَكَّنتْ، لَزِمَتْها الكفَّارَةُ، وإنْ غُصِبَتْ أو أُتِيَتْ نائمةً، فلا كفَّارَةَ عليها.
فائدتان؛ إحداهما، الصّحيحُ مِنَ المذهب، فَسادُ صَوْمِ المُكْرَهَةِ على الوَطْءِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وعنه، لا يَفْسُدُ. اخْتارَه في «الرَّوْضَةِ». وأطْلقَهما في «مَسْبُوكِ الذَّهبِ». وقيل: يَفْسُدُ انْ قَبِلَتْ، لاْ المَقْهُورَةُ والنَّائمةُ. وأفْسَدَ أبنُ أبى مُوسى صوْمَ غيرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّائمةِ. الثَّانيةُ، لو جُومِعَتِ المرأةُ ناسِيَةً، فلا كفَّارَةَ عليها، وإنْ أوْجَبْناها على النَّاسِى. قال في «الفُروعِ»: وهو أشْهَرُ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وجماعةٌ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقيل: حُكْمُها حُكْمُ الرَّجُلِ النَّاسِى، على ما تقدَّم. ذكَرَه القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال فى «الفُروعِ»: ويتخرَّجُ أنْ لا يَفْسُدَ صوْمُها مع النِّسْيانِ، وإنْ فسَد صوْمُه؛ لأنَّه مُفْسِدٌ لا يُوجِبُ كفَّارةً. انتهى. وكذا الخِلافُ والحكمُ، إذا جُومِعَتْ جاهِلَةً ونحوها. وعنه، يُكَفَّرُ عنِ المَعْذُورَةِ بإكْراهٍ، أو نسْيانٍ، أو جَهْلٍ، ونحوِه، كأمِّ ولَدِه إذا أكْرَهَها وقُلْنا: يَلْزَمُها الكفارَةُ.
قوله: وهل يَلْزَمُها معَ عَدمِه؟ على رِوايتَيْن. يعْنِى إذا طاوَعَتْه. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ» ، و «المُسْتوْعِبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «الهَادِى» ، و «الكَافِى» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحَاوِى الكَبِيرِ» ، و «الفَائقِ» ، و «الشَّرْحِ» ؛ إحْداهما، يَلْزَمُها. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وجزمَ به في «المُنَوِّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه في «الفُصُولِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ،
وَعَنْهُ، كُلُّ أمْرٍ غُلِبَ عَلَيْهِ الصَّائِمُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِسْقَاطِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ مَعَ الإكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ.
ــ
و «الحَاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . [وصحَّحَه في «المُحَرَّرِ»](1). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَلْزَمُها كفّارَةٌ. جزمَ به في «الوَجِيزِ» . وعنه، يَلْزَمُ الزَّوْجَ كفَّارَةٌ واحِدَةٌ عنهما. خرَّجَها أبو الخَطَّابِ مِنَ الحَجِّ، وضعَّفَه غيرُ واحدٍ؛ لأنَّ الأصْل عدَمُ التَّداخُلِ.
فائدتان؛ إحْداهما، لو طاوَعَتْ أمُّ ولَدِه على الوَطْءِ، كفَّرَتْ بالصَّوْمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُكَفِّرُ عنها سيِّدُها. الثَّانيةُ، لو أكْرَهَ الرَّجُلُ الزَّوْجَةَ على الوَطْءِ، دَفَعَتْه بالأسْهَلِ فالأسْهَلِ، ولو أفْضَى ذلك إلى ذهَابِ نَفْسِه، كالمارِّ
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بينَ يدَىِ المُصَلِّى. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، واقْتصَرَ عليه فى «الفُروعِ» .
وَإنْ جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ فَأنْزَلَ، أو وَطِئَ بَهِيمَةً في الْفَرْجِ، أَفْطَرَ.
ــ
قوله: وإنْ جامَعَ دُونَ الفَرجِ فأنْزَلَ، أَفْطَرَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» احْتِمالًا، لا يُفْطِرُ بالإنْزالِ إذا باشَرَ دُونَ الفَرْجِ. ومال إليه.
وَفِى الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ.
ــ
فائدة: لو أمْذَى بالمُباشَرَةِ دُونَ الفَرْجِ، أفْطرَ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَ الآجُرِّىُّ، وأبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه لا يُفْطِرُ بذلك. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتقدَّم نَظِيرُ ذلك إذا قبَّلَ أو لمَس فأَمْنَى أو أمْذَى أوَّلَ البابِ، فإنَّ المَسْألَةَ واحدَةٌ.
تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُفْطِرُ أيضًا إذا كان ناسِيًا. وجزمَ به الخِرَقِىُّ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقال: ومَن جامَعَ دُونَ الفَرْجِ، فأَنْزَلَ عامِدًا أو ساهِيًا، فعليه القَضاءُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ عنه، والمُخْتارُ لعامَّةِ أصحابِه، والقاضى، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» . وجزمَ به في «الوَجِيزِ» . والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُفْطِرُ إذا كان ناسِيًا، سَواءٌ أمْنَى أو أمذَى. ونقَلَه الجماعَةُ عنِ الِإمامِ أحمدَ. وقدَّمه في «الفُروعِ» .
قوله: أو وَطِئَ بَهِيمَةً في الفَرْجِ، أَفْطَرَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الإيلاجَ في البَهيمَةِ كالإِيلاجِ في الآدَمِىِّ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقيل عنه: لا تجِبُ الكفَّارَةُ بوَطْءِ البَهِيمَةِ. ومَبْنَى الخِلافِ، عندَ الشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ، على وجُوب الحَدِّ بوَطْئِها وعدَمِه. انتهى. قال في «الفُروعِ»: وخرَّج أبو الخَطَّابِ في الكفًّارةِ وَجْهَيْن. بِناءً على الحَدِّ. وكذا خرَّجه القاضي رِوايَةً، بِناءً على الحَدِّ. انتهى. وقال ابنُ شِهَابٍ: لا يجِبُ بمُجَرَّدِ الإيلاجِ فيه غُسْلٌ ولا فِطْرٌ ولا كفَّارَةٌ. قال في «الفُروعِ» : كذا قال.
فائدة: الإيلاجُ في البَهِيمَةِ المَيِّتَةِ كالإِيلاجِ في البَهِيمَةِ الحَيَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: الحكْمُ مخْصُوصٌ بالحَىِّ فقط. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . قال في «الفُروعِ» : كذا قيل.
قوله: وفى الكَفَّارَةِ وجْهان. وهما رِوايَتان في المُجامِعِ دُونَ الفَرجِ؛ يعْنِى، إذا جامَعِ دُونَ الفَرْجِ فأنْزَلَ، أو وَطِئَ بهِيمَةً في الفَرْجِ، وقُلْنا: يُفْطِرُ. فأطْلقَ الخِلاف فيما إذا جامعَ دُونَ الفَرْجِ فأنْزَلَ، وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الكَافِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحَاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ؛ إحداهما، لا تجِبُ الكفَّارَةُ. وهي المذهبُ، اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «النَّصِيحَةِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. قال ابنُ رَزِينٍ: وهي أصحُّ. وقدَّمه في «النَّظْمِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، تجِبُ الكفَّارةُ. اخْتارَها الأكثرُ؛ منهم الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسَى، والقاضى. قال الزَّرْكَشِىُّ: هي المَشْهورةُ مِنَ الرِّوايتَيْن، حتى إنَّ القاضِىَ في «التَّعْلِيقِ» لم يذْكُرْ غيرَها. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَها الأكثرُ. وجزمَ به في «الِإفادَاتِ» ، و «الوَجِيزِ» . وقدَّمه في «الفَائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . فعلى الأُولَى، لا كفَّارةَ على النَّاسِى أيضًا بطريقٍ أوْلَى. وعلى الثَّانيةِ، يَجِبُ عليه أيضًا، كالعامِدِ، على الصَّحِيحِ. جزمَ به الخِرَقِىُّ، و «الوَجِيزِ» ، وصاحِبُ «التَّبْصِرَةِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هي المَشْهورَةُ عنه، والمُخْتارةُ لعامَّةِ أصحابِه، والقاضى وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ» ، وغيرُهما: لا كفَّارَةَ على النَّاسِى.
فائدة: لو أنْزَلَ المَجْبُوبُ بالمُساحَقَةِ، فحُكْمُه حُكمُ الواطِئِ دُونَ الفَرْجِ إذا أنْزَلَ. قالَه الأصحابُ. وكذلك إذا تَساحَقَتِ امْرأَتان فأنْزَلَتا، [إنْ قُلْنا: يَلْزَمُ المُطاوِعَةَ كفَّارَةٌ. وإلَّا فلا كفَّارَةَ. قالَه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «المُغْنِى» (1): إذَا تَساحَقَتا فأنْزَلَتا] (2)، فهل حُكْمُهما حكمُ المُجامِعِ في الفَرْجِ، أو لا كفَّارَةَ
(1) 4/ 367.
(2)
زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليهما بحالٍ؟ فيه وَجْهان، مَبْنِيَّان على أنَّ الجِماعَ مِنَ المَرْأةِ، هل يُوجِبُ الكفَّارَةَ؟ على رِوايتَيْن. وأصَحُّ الوَجْهَيْن، لا كفَّارَةَ عليهما؛ لأنَّه ليس بمَنْصُوص عليه، ولا في مَعْنَى المَنْصُوصِ عليه، فيَبْقَى على الأصْلِ. انتهى. وكذلك الاسْتِمْناءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي في «التَّعْلِيقِ»: لا كفَّارةَ بالاسْتِمْناءِ. مُعْتَمِدًا على نصِّ أحمدَ، وبالفَرْقِ.
فائدتان؛ إحْداهما، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ القُبْلَةَ واللَّمْسَ ونحوَهما، إذا أنْزَلَ أو أمْذَى به، لا تجِبُ به الكفَّارَةُ، ولو أوْجَبْناها بالمُجامَعَةِ دُونَ الفَرْجِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَها الأصحابُ. وعنه، حُكْمُ ذلك حُكْمُ الوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ. اخْتارَها القاضي. وجزمَ به فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الإفادَاتِ» . وأطْلقَهما في «الفُروعِ» . ونصُّ أحمَدَ، إنْ قَبَّلَ فأمْذَى لا يكَفِّرُ. الثَّانيةُ، لو كرَّرَ النَّظَرَ
وَإنْ جَامَعَ في يَوْمٍ رَأى الْهِلَالَ في لَيْلَتِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.
ــ
فأَمْنَى، فلا كفَّارَةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما لو لم يُكَرِّرْه. وعنه، هو كاللَّمْسِ إذا أمْنَى به. وجزمَ في «الإفادَاتِ» بوجُوبِ الكفَّارَةِ بذلك. واخْتارَه القاضي في «تَعْلِيقِه» . وقدَّمه في «الفَائقِ» . وأطْلَقَ الرِّوايتَيْن في «الهِدَايَةِ» ، و «الفُصُولِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ». وقيل: إنْ أمْنَى بفِكْرِه، أو نَظْرَةٍ واحِدَةٍ عَمْدًا، أفْطَرَ، وفى الكفَّارَةِ وَجْهان. وأمَّا إذا وَطِئَ بهِيمَةً في الفَرْجِ، فأطْلقَ المُصَنِّفُ في وجُوبِ الكفَّارَةِ بذلك، إذا قُلْنا: يُفْطِرُ. وَجْهَيْن. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «الحَاوِى» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ؛ أحدُهما، هو كوَطْءِ الآدَمِيَّةِ، وهو الصَّحيحُ، ونصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزمَ به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّانى، لا تجِبُ الكفَّارَةُ بذلك. خرَّجه أبو الخَطَّابِ مِنَ القَوْلِ بعدَمِ وُجوبِ الحَدِّ بوَطْءِ البهِيمَةِ. وخرَّجه القاضي رِوايَةً، بِناءً على الحَدِّ. وهو احْتِمالٌ في «الكَافِى». وتقدَّم قوْلُ ابنِ شِهَابٍ: لا يجِبُ بمُجَرَّدِ الإِيلاجِ فيه غُسْلٌ ولا فِطْرٌ ولا كفَّارَةٌ.
قوله: وإنْ جامَع فى يَوْمٍ رَأى الهِلالَ في لَيْلَتِه، ورُدَّتْ شَهادَتُه، فعليه القَضاءُ والكَفَّارَةُ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونَقل حَنْبَلٌ: لا يَلْزَمُه الصَّوْمُ.
وَإِنْ جَامَعَ فِى يَوْمَيْنِ وَلَمْ يُكَفِّرْ، فَهَلْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أَوْ كفَّارَتَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، وتبِعَه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يَلْزَمُه شئٌ مِنَ الأحْكامِ الرَّمَضانِيَّةِ، مِنَ الصَّوْمِ وغيرِه. وتقدَّم ذلك عندَ قوْلِه فى كتابِ الصِّيامِ: ومَن رأَى هِلَالَ رَمَضانَ وحدَه، ورُدَّتْ شَهادَتُه.
قوله: وإنْ جامَعَ فى يَوْمَيْن ولم يُكَفِّرْ، فهل تَلْزَمُه كَفَّارةٌ أو كَفَّارَتان؟ على وجْهَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «الفُصُولِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الهَادِى» ، و «الكَافِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ أحدُهما، يَلْزَمُه كفَّارتان. وهو المذهبُ. وحكَاه ابنُ عَبْدِ البَرِّ (1) عنِ الإِمامِ أحمدَ رحمه الله، كيَوْمَيْن فى رَمَضانَيْن. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضى فى «خِلَافِه» ، و «جامِعِه» ، و «رِوَايَتَيْه» ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ
(1) فى: الاستذكار 10/ 110.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «خِلَافَيْهما» ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». ونصَرَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». قال فى «الخُلَاصَةِ»: لَزِمَه كفَّارَتان فى الأصحِّ. قال في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. قال فى «التَّلْخِيصِ» : هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» : لَزِمَه ثِنْتان فى الأظْهَرِ. وجزمَ به فى «الإِيضَاحِ» ، و «الإِفادَاتِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وهو ظاهِرُ «المُنْتَخَبِ» . وقدَّمه فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفَائقِ» . والوَجْهُ الثَّانى، لا يَلْزَمُه إلَّا كفَّارَةٌ واحدَةٌ، كالحُدودِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقىِّ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسَى. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: واخْتارَه القاضى. وقدَّمه هو وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» .
فائدة: قال المَجْدُ فى «شَرْحِه» : فعلى قوْلِنا بالتَّداخُلِ، لو كفَّرَ بالعِتْقِ فى اليَوْمِ الأوَّلِ عنه، ثم فى اليَوْمِ الثَّانِى عنه، ثم استحقَّتِ الرَّقَبَةُ الأُولَى، لم يَلْزَمْه بدَلُها، وأجْزَأَتْه الثَّانِيَةُ عنهما. ولو اسْتحقَّتِ الثَّانيةُ وحدَها، لَزِمَه بدَلُها، ولو استُحِقَّتا جميعًا، أجْزَأَه بدَلُهما رَقَبَةٌ (1) واحِدَةٌ؛ لأنَّ مَحَلَّ التَّداخُلِ وجُودُ السَّبَبِ الثَّانى قبلَ أداءِ مُوجِبِ الأوَّلِ. ونِيَّةُ التَّعْيِينِ لا تُعْتَبرُ، فتَلْغُو وتَصِيرُ كنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ. هذا قِياسُ مذهبِنا. انتهى.
(1) فى ا: «وقيل» .
وَإِنْ جَامَعَ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ فِى يَوْمِهِ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ، إِذَا جَامَعَ.
ــ
قوله: وإن جامَعَ ثم كَفّرَ، ثم جامَعَ فى يَوْمِه، فعليه كَفَّارَةٌ ثانِيَةٌ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وهو مِنَ المذهبِ. وذكَر الحَلْوَانِىُّ رِوايةً، لا كفَّارَةَ عليه. وخرَّجه ابنُ عَقِيلٍ مِن أنَّ الشَّهْرَ عِبادَةٌ واحِدَةٌ. وذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا بما يَقْتَضِى دُخُولَ أحمدَ فيه.
تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو جامَعَ، ثم جامَعَ قبلَ التَّكْفيرِ، أنَّه لا يَلْزَمُه إلَّا كفَّارَةٌ واحِدَةٌ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ: بغيرِ خِلافٍ. انتهى. وعنه، عليه كفَّارَتان. فعلى المذهبِ، تعدَّدَ الواجِبُ وتَداخلَ مُوجِبُه. ذكَرَه صاحِبُ «الفُصُولِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرُهما. وعلى الثَّانى، لم يجِبْ بغيرِ الوَطْءِ الأوَّلِ شئٌ.
قوله: وكذلك كُلُّ مَن لَزِمَه الإِمْساكُ إذا جامَعَ. يعْنِى، عليه الكفَّارَةُ. وهذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ الإِمامُ أحمدُ، فى مُسافِرٍ قَدِمَ مُفْطِرًا، ثم جامعَ، لا كفَّارَةَ عليه. فاخْتارَ المَجْدُ حَمْلَ هذه الرِّوايَةِ على ظاهِرِها. وهو وَجْهٌ، ذكَرَه ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ» . وذكرَ القاضى فى «تَعْلِيقِه» وَجْهًا فى مَن لم يَنْوِ الصَّوْمَ، لا كفَّارَةَ عليه. وحمَل القاضى، وأبو الخَطَّابِ هذه الرِّوايَةَ على أنَّه لا يَلْزَمُه الإِمْساكُ.
فائدة: لو أكَل ثم جامَعَ، ففيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. ذكَرَه فى «الفُروعِ» .
وَلَوْ جَامَعَ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ جُنَّ أَوْ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ، لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ.
ــ
قوله: ولو جامَعَ وهو صَحيحٌ، ثم جُنّ أو مَرِضَ أو سافَرَ، لم تَسْقُطْ عنه. وكذا لو حاضَتْ أو نَفِسَتْ. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، ونصَّ عليه فى المَرَضِ، وعليه الأصحابُ. وذكَر أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصَارِ» وَجْهًا، تَسْقُطُ الكفَّارَةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بحدُوثِ حَيْضٍ ونِفاسٍ؛ لمَنْعِهما الصِّحَّةَ، ومِثْلُهما مَوْتٌ. وكذا جُنونٌ إنْ منَع طَرَآنُه الصِّحَّةَ.
فائدة: - وإنْ كانت كالأجْنَبِيَّةِ - لو ماتَ فى أثْناءِ النَّهارِ، بطَل صَوْمُه. وفائدَةُ
وَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ فِى سَفَرِهِ، ثُمَّ جَامَعَ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
ــ
بُطْلانِ صَوْمِه، أنَّه لو كان نَذْرًا، وجَبَ الإِطْعامُ عنه مِن تَرِكَتِه، وإنْ كان صَوْمَ كفَّارَةِ تَخْيِيرٍ، وجَبَتِ الكفَّارَةُ فى مالِه.
وَعَنْهُ، عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
ــ
قوله: وإنْ نَوَى الصَّوْمَ فى سَفَرِه، ثم جامَعَ، فلا كَفَّارَةَ عليه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزمَ به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضى، وأكثرُ الأصحابِ. قالَه المَجْدُ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: يُفْطِرُ بنِيَّةِ الفِطْرِ، فيقَعُ الجِماعُ بعدَ الفِطْرِ. وذكَر بعضُ الأصحابِ رِوايَةً، عليه الكفَّارَةُ، وجزمَ به على هذا. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وتقدَّم رِوايَةً، عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: ومَن نَوَى الصَّوْمَ فى سفَرِه، فله الفِطْرُ. أنَّه لا يجوزُ الفِطْرُ بالجِماعِ. فعليها، إنْ جامَعَ كفَّرَ، على الصَّحيحِ. وعنه، لا يُكَفِّرُ.
وَلَا تَجِبُ [58 و] الْكَفَّارَةُ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ فِى صِيَامِ رَمَضَانَ.
ــ
قوله: ولا تَجِبُ الكفَّارَةُ بغيرِ الجِماعِ فى صِيامِ رَمَضانَ. يعْنِى، فى نَفْسِ أيَّامِ رَمَضانَ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعْ به أكثرُهم. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» رِوايَةً، يكَفِّرُ إنْ أفْسَدَ قَضاءَ رَمَضانَ.
فائدة: لو طلَع الفَجْرُ وهو مُجامِعٌ، فإنِ اسْتَدامَ، فعليه القَضاءُ والكفَّارَةُ، بلا نِزاعٍ. وإنْ لم يَسْتَدِمْ، بل نزَع فى الحالِ، مع أوَّلِ طُلوعِ الفَجْرِ، فكذلك عندَ ابنِ حامِدٍ، والقاضى. ونصَرَه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ» . وجزمَ به فى «المُبْهِجِ»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه، و «المُنَوِّرِ» ، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ» ، وهو منها. قال فى «الخُلَاصَةِ»: فعليه القَضاءُ والكفَّارَةُ فى الأصحِّ. وقال أبو حَفْصٍ: لا قَضاءَ عليه ولا كفَّارَةَ. قال فى «الفَائقِ» : وهو المُخْتارُ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قالَه فى «القَواعِدِ» . وأطْلقَهما فى «الإِيضَاحِ» ، و «المُبْهِجِ» فى مَوْضِعٍ آخَرَ، و «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الهَادِى» ، و «المُغْنِى» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» . وذكَر القاضى، أنَّ أصْلَ ذلك اخْتِلافُ الرِّوايتَيْن فى جَوازِ وَطْءِ مَن قال لزَوْجَتِه: إنْ وَطِئْتُكِ فأنتِ علىَّ كظَهْرِ أُمِّى. قبلَ كفَّارَةِ الظِّهارِ، فإنْ جازَ فالنَّزْعُ ليس بجِماعٍ، وإلَّا كان جِماعًا. وقال ابنُ أبى مُوسى: يَقْضِى، قوْلًا واحِدًا. وفى الكفَّارَةِ عنه خِلافٌ. قال المَجْدُ: وهذا يَقْتَضِى رِوايتَيْن؛ إحداهما، يَقْضِى. قال: وهو أصحُّ عندِى؛ لحُصُولِه مُجامِعًا أوَّلَ جُزْءٍ مِنَ اليَوْمِ، أُمِرَ بالكَفِّ عنه بسبَبٍ سابقٍ مِنَ اللَّيْلِ.
وَالْكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا.
ــ
واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . قال ابنُ رَجَبٍ فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والخَمْسِين» : المذهبُ أنَّه يُفْطِرُ بذلك، وفى الكفَّارَةِ رِوايَتان. وقال: يَنْبَغِى أنْ يقالَ: إنْ خَشِىَ مُفاجَأَةَ الفَجْرِ، أفْطَرَ، وإلَّا فلا. وتقدَّم فى بابِ الحَيْضِ بعضُ ذلك.
قوله: والكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ، فإنْ لم يَجِدْ فصِيامُ شَهْرَيْن مُتَتابِعَين، فإنْ لم يَسْتَطِعْ فإطْعامُ سِتِّين مِسْكِينًا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّ الكفَّارَةَ هنا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واجِبَةٌ على التَّرْتِيبِ، كما قدَّمه المُصَنِّفُ. وعنه، أنَّ الكفَّارَةَ على التَّخْيِيرِ، فبِأَيِّها كفَّرَ أجْزَأَه. قدَّمه فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» ، و «نَظْمِ نِهَايَةِ ابنِ رَزِينٍ» . ويأْتِى ذلك أيضًا فى أوَّلِ الفَصْلِ الثَّالثِ مِن كتابِ الظِّهارِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحداهما، لو قدَر على العِتْقِ فى الصِّيامِ، لم يَلْزَمْه الانْتِقالُ. نصَّ عليه. ويَلْزَمُه إنْ قدَر عليه قبلَ الشُّروعِ فى الصَّوْمِ. الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ الوَطْءُ هنا قبلَ التَّكْفيرِ، ولا فى لَيالِى صَوْمِ الكفَّارَةِ. قال فى «التَّلْخِيصِ»: وهذه الكفَّارَةُ مُرَتَّبَةٌ، ككَفَّارَةِ الظِّهارِ سَواءٌ، إلَّا فى تَحْريمِ الوَطْءِ قبلَ التَّكْفيرِ، وفى لَيالِى الصَّوْمِ إذا كفَّر به فإنَّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُباحُ. وجزمَ به فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، ككَفَّارَةِ
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَقَطَتْ عَنْهُ. وَعَنْهُ، لَا تَسْقُطُ. وَعَنْهُ، أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى التَّخْيِيرِ، فَبِأَيِّهَا كَفَّرَ أَجْزَأَهُ.
ــ
القَتْلِ. ذكَرَه فيها القاضى وأصحابُه. وذكَر ابنُ الحَنْبَلِىِّ (1) فى كتابه «أسْبَابِ النُّزُولِ» ، أنَّ ذلك يَحْرُمُ عليه عُقُوبَةً. وجزمَ به.
قوله: فإنْ لم يَجِدْ سَقَطَت عنه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ هذه (2) الكفَّارَةَ
(1) هو عبد الوهاب بن عبد الواحد الشيرازى. تقدمت ترجمته فى 4/ 390.
(2)
زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تسْقُطُ عنه بالعَجْزِ عنها. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُهم: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزمَ به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : فإنْ عجَز وَقْتَ الجِمَاعِ عنها بالمالِ - وقيل: والصَّوْمِ - سقَطَتْ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال. وعنه، لا تسْقُطُ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ هذه الرِّوايَةَ أظْهَرُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيره، تَفْريعًا على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ: فلو كفَّر عنه غيرُه بإذْنِه، فله أخْذُها. وجزمَ به فى «المُحَرَّرِ» ، وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن». وقيل: وبدُونِ إذْنِه. وعنه، لا يَأْخُذُها. وأطْلَقَ ابنُ أبى مُوسَى فى أنَّه، هل يجوزُ له أكْلُها، أم كان خاصًّا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بذلك الأعْرابِىِّ؟ على رِوايتَيْن. وقال فى «الفُروعِ» : ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، أنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، رخَّصَ للأعْرابِىِّ فيه لحاجَتِه، ولم يكُنْ كفَّارَةً.
فوائد؛ إحداها، لا تسْقُطُ غيرُ هذه الكفَّارَةِ بالعَجْزِ عنها، ككَفَّارَةِ الظِّهارِ واليَمِينِ، وكفَّاراتِ الحَجِّ، ونحوِ ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ وغيرُه: وعليه أصحابُنا. وعنه، تسْقُطُ. وذكَر غيرُ واحدٍ، تسْقُطُ كَفَّارَةُ (1) وَطْءِ الحائضِ بالعَجْزِ، على الأصحِّ. وعنه، تسْقُطُ كَفَّارَةُ (1) وَطْءِ الحائضِ بالعَجْزِ عنها كلِّها؛ لأنَّه لا بدَلَ فيها. وقال ابنُ حامِدٍ: تسقُطُ مُطْلَقًا كرَمَضانَ. وتقدَّم فى كتابِ الصِّيامِ، بعدَ أحْكامِ الحامِلِ والمُرْضِعِ، هل يسْقُطُ الإِطْعامُ بالعَجْزِ؟ وتقدَّم كَفَّارَةُ (1) وَطْءِ الحائضِ فى بابِه. الثَّانيةُ، حُكْمُ أكْلِه مِنَ الكفَّاراتِ بتَكْفيرِ غيرِه عنه، حكمُ كفَّارَةِ رَمَضانَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، جَوازُ أكْلِه مخْصُوصٌ بكفَّارَةِ رَمَضانَ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وأطْلقَهما فى «المُحَرَّرِ» . الثَّالثةُ، لو مَلَّكَه ما يُكَفِّرُ به، وقُلْنا: له أخْذُه هناك. فله هنا أكْلُه، وإلَّا أخرَجَه عن نَفسِه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: هل له أكْلُه، أو يَلْزَمُه التَّكْفِيرُ به؟ على رِوايتَيْن. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ» . وجزمَ فى «الحاوِيَيْن» ، أنَّه ليس له أخْذُها هنا. ويأْتِى فى كتابِ الظِّهارِ شئٌ مِن أحْكامِ الكفَّارَةِ لرَمَضانَ وغيرِه، مِقْدارُ ما يُطْعِمُ كلَّ مِسْكِينٍ وصِفَتُه.
(1) فى ا: «ككفارة» .