المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: وَالْوَاجِبُ فى الْفِطْرَةِ صَاعٌ مِنَ الْبُرِّ أَوِ الشَّعِيرِ وَدَقِيقِهِمَا - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٧

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: وَالْوَاجِبُ فى الْفِطْرَةِ صَاعٌ مِنَ الْبُرِّ أَوِ الشَّعِيرِ وَدَقِيقِهِمَا

‌فَصْلٌ:

وَالْوَاجِبُ فى الْفِطْرَةِ صَاعٌ مِنَ الْبُرِّ أَوِ الشَّعِيرِ وَدَقِيقِهِمَا وَسَوِيقِهِمَا، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَمِنَ الْأَقِطِ فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.

ــ

الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» . وهذا القَوْلُ مِنَ المُفْرَداتِ. قال فى «الرِّعايَةِ» ، عنِ القَوْلِ بأنَّه قَضاءٌ: وهو بعيدٌ.

تنبيه: يَحْتَمِلُ قَوْلُ المُصَنِّفِ: ويجوزُ فى سائرِ اليَوْمِ. الجَوازَ مِن غيرِ كَراهَةٍ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه القاضى. ويَحْتَمِلُ إرادَتَه الجَوازَ مع الكَراهَةِ. وهو الوَجْهُ الثَّانى، وهو الصَّحيحُ. قال فى «الكافِى» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»: وكانَ تارِكًا للاخْتِيارِ. قال فى «الفُروعِ» : القَوْلُ بالكَراهَةِ أظْهَرُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» .

قوله: فإنْ أخَّرَها عنه أثِمَ، وعليه القَضاءُ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يَأْثَمُ. نقَل الأثْرَمُ، أرْجُو أنْ لا بأْسَ. وقيلَ له، فى رِوايَةِ الكَحَّالِ: فإنْ أخَّرَها؟ قال: إذا أعَدَّها لقَوْمٍ.

قوله: والواجِبُ فى الفِطْرةِ، صَاعٌ مِنَ البُرِّ (1). هذا الصَّحيحُ مِنَ

(1) بعده فى أ: «والشعير» .

ص: 119

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، إجْزاءَ نِصْفِ صَاعٍ مِنَ البُرِّ. قال: وهو قِياسُ المذهبِ فى الكَفَّارَةِ، وأنَّه

ص: 120

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَقتَضِيه ما نَقَله الأثْرَمُ. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال. واختارَ ما اختارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، صاحِبُ «الفائقِ» .

ص: 121

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: الصَّاعُ قَدْرٌ معْلومٌ. وقد تقدَّم قَدْرُه فى آخِرِ بابِ الغُسْل، فيُؤْخَذُ صاعٌ مِنَ البُرِّ، ومِثْلُ مَكيلِ ذلك مِن غيرِه. وتقدَّم ذِكْرُ ذلك مُسْتَوْفًى فى أوَّلِ بابِ زَكاةِ الخِارِجِ مِنَ الأرْضِ. ولا عِبْرَةَ بوَزْنِ التَّمْرِ. وقطَع به الجُمْهُورُ.

ص: 122

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : ولا عِبْرَةَ بوَزْنِ التَّمْرِ. قلتُ: وكذا غيرُه ممَّا

ص: 123

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُخْرِجُه سِوَى البُرِّ. وقيلَ: يُعْتَبرُ الصَّاعُ بالعَدَسِ كالبُرِّ. وقلتُ: بلْ بالماءِ كما سبَق. انتهى. ويحْتاطُ فى الثَّقيلِ؛ ليَسْقُطَ الفَرْضُ بِيَقينٍ.

ص: 124

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: ودَقِيقُهما وسَوِيقُهما. يعْنِى، دَقِيقَ البُرِّ والشَّعيرِ وسَوِيقَهما، فيُجْزِئُ إخْراجُ أحَدِهما. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» . وعنه، لا يُجْزِئُ ذلك. وقيل: لا يُجْزِئُ السَّويقُ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» . فعلى المذهب، يُشْتَرطُ أنْ يكونَ صَاعُ ذلك بوَزْنِ حَبِّه. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. ونصَّ عليه؛ لأَنَّه لو أخْرَجَ الدَّقيقَ بالكَيْلِ لَنقَصَ عنِ الحَبِّ؛ لِتَفَرُّقِ الأجْزاءِ بالطَّحْنِ.

ص: 125

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، الإِجْزاءُ وإنْ لم يُنْخَلْ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُصُولِ» ، و «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، و «الرِّعايَتيْن» ، وغيرِهم. وقيلَ: لا يُجْزِء إخْراجُه إلَّا مَنْخُولًا. وأطْلَقَهما فى «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» .

قوله: ومِنَ الأقِطِ، فى إحْدَى الرِّوايَتيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «الفُصُولِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ؛ إحداهما، الإجْزاءُ مُطْلَقًا. وهو المذهبُ. نَقَله الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. انتهى. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى، والقاضى، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهِما» ، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ، وابنُ البَنَّا، والشِّيرَازِىُّ،

ص: 126

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرُهم. وجزَم به فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ» ، و «المُبْهِجِ» ، و «العُقُودِ» لابِن البَنَا، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «الإِفادَاتِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، و «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «إدْرَاكِ الغَايَةِ» ، وغيرِهمِ. وصحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» ، والنَّاظِمُ. قال فى «تجْرِيدِ العِنايَةِ»: ويُجْزِئُ صَاعُ أقِطٍ على الأَظهَرِ. وعنه، يُجْزئُ لِمن يَقْتاتُه دُونَ غيرِه. اخْتارَه الخِرَقِىُّ. وقدَّمه فى «المُذْهَبِ» ، نقَلَه المَجْدُ وغيرُه. وقال أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ» ، وجماعَةٌ: وعنه، لا يُجْزِئُ إلَّا عندَ عَدمِ الأرْبَعَةِ. فاخْتلَفَ نقْلُهم فى مَحل الرِّوايَةِ. وعنه، لا يُجْزِئُ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «التَّسْهِيلِ». قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قلتُ: قال فى «الهِدايَةِ» : فأمَّا الأَقِطُ، فعنه، أنَّه لا يُخْرَجُ مع وُجودِ هذه الأصْنافِ، وعنه، أنَّه يُخْرَجُ على الإِطْلاقِ، وهو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ. فحكَى اخْتِيارَ أبى بَكْرٍ جَوازَ الإِخْراجِ مُطْلَقًا. وحكَى فى «الفُروعِ» اخْتِيارَه عَدَمَ الجَوازِ مُطْلَقًا. فلَعلَّ أنْ يكونَ له فى المَسْألةِ اخْتِيَاران. فعلى المذهبِ، هل يُجْزِئُ اللَّبَنُ غيرُ المَخِيضِ والجُبْنُ، أو لا يُجْزِئان؟ أو يُجْزِئُ اللَّبَنُ دُونَ الجُبْنِ، أو عَكْسُه؟ أو يُجْزِئان عندَ عدَمِ الأقِطِ؟ فيه أقْوالٌ. وأطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» . وأطْلقَ الثَّلَاثَةَ الأُوَلَ فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» . وأطْلقَ الأُولَيَيْن الزَّرْكَشِىُّ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، إِجْزاءُ

ص: 127

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللَّبَنِ، دُونَ الجُبْنِ. قال فى «الفُروعِ»: والذي وُجِدَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه قال: يُرْوَى عنِ الحَسَنِ صَاعُ لَبَنٍ؛ لأنَ الأقِطَ رُبَّما ضاقَ، فلم يَتعرَّضْ لِلْجُبْنِ. انتهى. قلتُ: الجُبْنُ أوْلَى مِنَ اللَّبَنِ. والقَوْلُ الرَّابعُ، احْتِمالٌ فى «الرِّعايَةِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، و «الفُروعِ» . وقال فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: إذا قُلْنا: يجوزُ إخْراجُ الأقِطِ مُطْلَقًا. فإذا عَدِمَه أخْرَجَ عنه اللَّبَنَ. قال القاضى: إذا عَدِمَ الأقِطَ، وقُلْنا: له إخْراجُه. جازَ إخْراجُ اللَّبَنِ. قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ» : إذا لم يَجِدِ الأقِطَ، على الرِّوايَةِ التى تقولُ: يُجْزِئُ. وأخْرَجَ عنه اللّبَنَ، أجْزَأَه؛ لأنَّ الأقِطَ مِنَ اللَّبَنِ؛ لأنَّه لَبَنٌ (1) مُجَمّدٌ مُجَفَّفٌ بالمَصْلِ. وجزَم به ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». وقال: لأنَّه أكمَلُ منه.

(1) زيادة من: أ.

ص: 128

وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَعْدَمَهُ، فَيُخْرِجَ مِمَّا يَقْتَاتُ عِنْدَ ابْن حَامِدٍ. وَعِنْدَ أَبِى بَكْرٍ يُخْرِجُ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَنْصُوصِ.

ــ

وقال المُصنِّفُ: ظاهِرُ كلامِ الخِرَقىِّ أنَّه لا يُجْزِء اللَّبَنُ بحَالٍ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» : وإذا قُلْنا: يجوزُ إخْراجُ الأَقطِ. لم يَجُزْ إِخْراجُ اللَّبَنِ مع وُجودِه، ويُجْزِئُ مع عدَمِه. ذكَرَه القاضى. وذكَر ابنُ أبى مُوسى، لا يُجْزِئُ.

قوله: ولا يُجْزِئُ غيرُ ذلك. يعْنِى، إذا وُجِدَ شئٌ مِن هذه الأجْناسِ التى ذكَرَها، لم يُجْزِئْه غيرُها، وإنْ كان يَقْتاتُه. وهو الصَّحيحُ (1)، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ويأْتى كلامُ الشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ قَرِيبًا. وظاهِرُ كلامِه إجْزاءُ أحَدِ الأجْناسِ المُتَقَدِّمَةِ، وإنْ كان يَقْتاتُ غيرَه. وهو صَحيحٌ، لا أعْلَمُ فيه خِلافًا، وصرَّح به الأصحابُ.

تنبيه: دخَل فى كلامِ المُصَنِّفِ، وهو قوْلُه: ولا يُجْزِئُ غيرُ ذلك. القِيمَةُ.

(1) فى الأصل، ط:«صحيح» .

ص: 129

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تُجْزِئُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وعنه، رِوايَةٌ مُخَرَّجةٌ، يُجْزِئُ إخْراجُها. وقيلَ: يُجْزِئُ كلُّ مَكِيلٍ مَطْعُومٍ. قال ابنُ تَمِيمٍ: وقد أَوْمَأَ إليه الإِمامُ أحمدُ واختارَ الشَّيْخُ، يُجْزِئُه مِن قُوتِ بَلدِه مِثْلُ الأُرْزِ وغيرِه، ولو قدَر على الأصْنافِ المذْكورَةِ فى الحديِثِ. وذكَرَه رِوايَةً، وأنَّه قوْلُ أكثر العُلَماءِ. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ، وحكَاه فى «الرِّعايَةِ» قَوْلًا.

قوله: إلَّا أنْ يَعْدَمَه، فيُخْرِجَ مِمَّا يَقتاتُ، عندَ ابنِ حَامِدٍ. سَواءٌ كان مَكِيلًا أو غيرَه، كالذُّرةِ والدُّخْنِ واللَّحْمِ واللَّبَنِ، وسائِرِ ما يَقْتاتُ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ». قال فى «التَّلْخيصِ»: هذا المذهبُ. وقيل: لا يعْدِلُ عنِ اللَّحْمِ واللَّبَنِ. وعندَ أبى بَكْرٍ، يُخْرِجُ ما يَقُومُ مَقَامَ المنْصُوصِ؛ مِن حَبٍّ وتَمْرٍ يُقْتاتُ. فلا بُدَّ أنْ يكونَ مَكِيلًا مُقْتاتًا يقومُ مَقامَ المَنْصُوصِ. وهذا المذهبُ. قال المَجْدُ: هذا أشبَهُ بكلامِ أحمدَ. نقَل حَنْبَلٌ، ما يقومُ مَقامَها صَاعٌ. وهو قوْلُ الخِرَقِىِّ، ومَعْناه قَوْلُ أبى بَكْرٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «الإِفاداتِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكافِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، و «الفائقِ» ، و «الحاوِيَيْنٍ» . زادَ فى «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، و «ابنِ حَمْدانَ» ، ممَّا

ص: 130

وَلا يُخْرِجُ حَبًّا مَعِيبًا، وَلَا خُبْزًا،

ــ

يقْتاتُ غالِبًا. وقيلَ: يُجْزِئُ ما يقُومُ مَقَامَها، وإنْ لم يكُنْ مَكِيلًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولأبى الحَسَنِ ابنِ عَبْدُوسٍ احْتِمالٌ، لا يُجْزِئُ غيرُ الخَمْسَةِ المَنْصُوصِ عليها، وتَبْقَى عندَ عدَمِ هذه الخَمْسَةِ فى ذِمَّتِه، حتَّى يَقْدِرَ على أحَدِها (1).

قوله: ولا يُخْرِجُ حَبًّا مَعِيبًا. كَحبٍّ مُسَوَّسٍ ومَبْلولٍ، وقَدِيمٍ تَغيَّرَ طَعْمُه ونحوِه. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: إن عَدِمَ غيرَه، أجْزَأ، وإلَّا فلا.

فائدتان؛ إحداهما، لو خَالَطَ الذى يُجْزِئُ ما لَا يُجْزِئُ، فإنْ كان كثيرًا لم يُجْزِئْه، وإنْ كان يسيرًا زادَ بقَدْرِ ما يكونُ المُصَفَّى صَاعًا؛ لأنَّه ليس عَيْبًا، لقِلَّةِ مشَقَّةِ تَنْقيَتِه. قالَه فى «الفُروعِ». قلتُ: لو قيلَ بالإجْزاءِ، ولو كان مالا يُجْزِئُ كثيرًا، إذا زادَ بقَدْرِه لكان قَويًّا. الثَّانيةُ، نصَّ الإِمامُ أحمدُ على تنْقيَةِ الطَّعامِ الذى يُخْرِجُه.

(1) فى الأصل، ط:«أخذها» .

ص: 131

وَيُجْزِئُ إِخْرَاجُ صَاعٍ مِنْ أجْنَاسٍ.

ــ

قوله: ولا خُبْزًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا ابنَ عَقِيلٍ، فإنَّه قال: يُجْزِئُ. وحكَاه فى «الرِّعايَةِ» ، وغيرِها قَولًا. وقال الزَّرْكَشِىُّ، فى كتابِ الكَفّاراتِ: لو قيلَ بإجْزاءِ الخُبْزِ فى الفِطْرَةِ، لكان مُتَوجَّهًا. وكأنَّه لم يطَّلِعْ على كلامِ ابنَ عقِيلٍ.

قوله: ويجزِئُ إخْراجُ صاعٍ من أجْنَاسٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ؛ لتَفاوتِ مَقْصودِها، أو اتِّحادِه. وقاسَه المُصَنِّفُ على فِطْرَةِ العَبْدِ المُشْتَركِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقلتُ: لا يُخْرِجُ فِطْرَةَ عَبْدِه مِن جِنْسَيْن، وإنْ كان لاثْنَين، احْتَمَل وَجْهَيْن. وقال فى «الفُروِع»: ويتَوَجَّهُ تَخْريجٌ واحْتِمالٌ مِنَ الكَفَّارَةِ، لا يُجْزِئُ؛ لظاهِرِ الأخْبارِ، إلَّا أنْ تُعَدَّ (1) بالقيمَةِ. وخرَّجَ فى «القَواعِدِ» وَجْهًا بعَدَمِ الإِجْزاءِ.

(1) فى ط: «يقول» . وهى غير واضحة بالأصل.

ص: 132

وَأفْضلُ الْمُخْرَجِ التَّمْرُ، ثُمَّ مَا هُوَ أنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ بَعْدَهُ،

ــ

قوله: وأفْضلُ المُخْرَجِ التَّمْرُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ؛ اتِّباعًا للسُّنَّةِ، ولفعْلِ الصَّحابَةِ والتَّابِعين، ولأنَّه قُوتٌ وحَلاوَةٌ، وأقْرَبُ تناوُلًا، وأقلُّ كُلْفَةً. قلتُ: والزَّبيبُ يُساويه فى ذلك كلِّه لوْلا الأثَرُ. وقال فى «الحاوِيَيْن» : وعندى الأفْضَلُ أَعْلى الأجْناسِ قيمَةً وأنْفَعُ. فظاهِرُه، أنَّه لو وُجِدَ ذلك لكان أفْضَلَ مِنَ التَّمْرِ، ويحتَمِلُ أنَّه أَرادَ غيرَ التَّمْرِ. وقال الشَّارِحُ، وابنُ رَزينٍ: ويحتَمِلُ أنْ يكونَ أفْضَلُها أغْلَاها ثَمَنًا، كما أن أفْضَلَ الرِّقابِ أغْلاها ثَمَنًا.

قوله: ثم ما هو أنْفَعُ للفُقراءِ. هذا أحَدُ الوُجوهِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ هنا. وجزَم

ص: 133

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

به فى «التَّسْهيلِ» . وقدمه فى «النَّظْمِ» . وقيلَ: الأفْضَلُ بعدَ التَّمْرِ الزَّبيبُ. [وهو المذْهبُ](1). جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «النِّهايَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرّرِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تذْكِرَتِه». قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: والأفْضَلُ عندَ الأصحابِ، بعدَ التَّمْرِ، الزَّبيبُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قوْلُ الأكْثرين. وأطْلقَهُما المَجْدُ فى «شَرْحِه» . وقيلَ: الأفْضَلُ بعدَ التَّمْرِ البُرُّ. جزَم به فى «الكَافِى» ، و «الوَجِيزِ» . وقدَّمه

(1) زيادة من: ش.

ص: 134

وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِىَ الْجَمَاعَةَ مَا يَلْزَمُ الْوَاحِدَ، وَالْوَاحِدَ مَا يَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ.

ــ

فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وحمَل ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» كلامَ المُصَنِّفِ هنا عليه، وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» . وعنه، الأقِطُ أفْضَلُ لأهْلِ الباديَةِ إنْ كان قُوتَهم. وقيلَ: الأَفْضَلُ ما كان قُوتَ بَلَدِه غالِبًا وَقْتَ الوُجوبِ. قلتُ: وهو قَوِىٌّ. قال «الرِّعايَةِ» : قلتُ: الأفْضَلُ ما كان قُوتَ بَلَدِه غالِبًا وَقْتَ الوُجوبِ، لا قُوتَه هو وحدَه. انتهى. وأيُّهما، أعْنى الزَّبيبَ والبُرَّ، كان أفْضَلَ، بعدَه فى الأفْضَليَّةِ الآخَرُ، ثم الشَّعِيرُ بعدَهما، ثم دَقِيقُهما، ثم سَوِيقُهما. قالَه فى «الرِّعايَةِ» .

قوله: ويَجوزُ أنْ يُعْطِىَ الجَماعَةَ ما يَلزَمُ الواحِدَ، والواحِدَ ما يَلزَمُ الجَماعَةَ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، على ما يَأْتى فى اسْتِيعابِ الأصْنافِ، فى بابِ ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ، لكنِ الأفْضَلُ، أنْ لا ينْقُصَ الواحِدَ عن مُدِّ بُرٍّ، أو نِصْفِ صَاعٍ مِن غيرِه. على الصَّحيِح مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . وعنه، الأفْضَلُ، تَفْرِقَةُ الصَّاعِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ ما جزَم به جماعةٌ؛ للخُروجِ مِنَ

ص: 135

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخِلافِ. وعنه، الأفْضَلُ، أنْ لا ينْقُصَ الواحِدُ عنِ الصَّاعِ. قال فى «الفُروِع»: وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ؛ للمَشَقَّةِ، وعَدَمِ نَقْلِه وعمَلِه. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: لو فَرَّقَ فِطْرَةَ رَجُلٍ واحدٍ على جَماعةٍ، لم يُجْزِئْه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال.

فوائد؛ الأُولَى، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ تَفْريقَ (1) الفِطْرَةِ بنَفْسِه أفْضَلُ. وعنه، دَفْعُها إلى الإِمامِ العادِلِ أفْضَلُ. نقَلَه المَرُّوذِىُّ. ويأْتى مَزيدُ بَيانٍ على ذلك فى البابِ الذى بعدَه. الثَّانيةُ، لو أعْطَى الفَقيرَ فِطْرَةً، فرَدَّها الفقيرُ إليه عن نَفْسِه، جازَ عند القاضى. قال فى «التَّلْخيصِ»: جازَ فى أصحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه فى «الفائقِ» . قلتُ: وهو الصَّوابُ إنْ لم يحْصُلْ حِيلَةٌ فى ذلك. وقال أبو بَكْرٍ: مذهبُ أحمدَ، لا يجوزُ، كشِرائِها. وأطْلَقَهُما فى «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . ولو حُصِّلَتْ عندَ الإِمامِ، فقَسَّمها على مُسْتَحِقيها، فعادَ إلى إنْسانٍ فِطْرَتُه، جازَ عندَ القاضى أَيضًا. وهو المذهبُ. قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، ونصَرَه، وغيرُه. وقال أبو بَكْر: مذهبُ أحمدَ، لا يجوزُ كشِرائِها. وظاهِرُ «الفُروعِ» ، و «ابنِ رَزِينٍ» ، إطْلاقُ الخِلافِ فيهما، فإنَّهما قَالَا: جائزٌ عندَ القاضى، وعندَ أبى بَكْرٍ لا يجوزُ. وأطْلَقَهُما فى «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائِق». قال فى «الرِّعايَتيْن»: الخِلافُ فى الإجْزاءِ.

(1) فى ط: «تفرقة» .

ص: 136

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: فى التَّحْريمِ. انتهى. وتقَدَّمَتِ المَسْألةُ بأعَمَّ مِن ذلك فى الرِّكازِ، فَلْتُعَاوَدْ. ولو عادَتْ إليه بمِيراثٍ، جازَ. قَوْلًا واحِدًا. الثَّالثةُ، مَصْرِفُ الفِطْرَةِ مَصْرِفُ الزَّكاةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، فلا يجوزُ دَفْعُها لغيرِهم. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ» ، عن بعضِ الأصحابِ: تُدْفَعُ إلى مَن لا يجِدُ ما يَلْزَمُه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يجوزُ دَفْعُها إلَّا لمَن يستَحِقُّ الكَفَّارَةَ، وهو مَن يأْخُذُ لحاجَتِه، ولا تُصْرَفُ فى المُؤَلَّفَةِ والرِّقابِ وغيرِ ذلك. الرَّابعةُ، قال الإِمامُ أحمدُ، فى رِوايَةِ الفَضْلِ بنِ زِيادٍ: ما أحْسَنَ ما كان عطاءٌ يَفْعَلُ، يُعْطِى عن

ص: 137

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أبوَيْه صَدَقَةَ الفِطْرِ حتَّى ماتَ، وهذا تَبَرُّعٌ.

ص: 138