الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ
وَهمْ ثَمَانِيَة أَصْنَافٍ؛
ــ
بابُ ذِكْرِ أهلِ الزَّكاةِ
قوله: وهم ثَمانيَةُ أصْنافٍ؛ الفقراءُ؛ وهمُ الذين لا يَجِدون ما يقَعُ مَوقِعًا مِن كِفايَتِهم. والثَّانى، المساكينُ؛ وهمُ الذين يجِدون مُعْظَمَ الكِفايَةِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الفَقيرَ أسْوَأُ حالًا مِنَ المِسْكينِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، عَكْسُه. اخْتارَه ثَعْلَبٌ اللُّغَوِىُّ، وهو مِنَ الأصحابِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقال الشَّيْخُ تَقىُّ الدِّينِ: الفَقْرُ والمَسْكَنَةُ صِفَتان لمَوصوفٍ واحدٍ.
الْفُقَرَاءُ، وَهُمُ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِمْ. وَالثَّانِى، الْمَسَاكِينُ، وَهُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَ مُعْظَمَ الْكِفَايَةِ.
ــ
تنبيهات؛ أحدُها، قولُ المُصَنِّفِ عن المَساكينِ: هم الذين يجدون مُعْظَمَ الكِفايَةِ. وكذا قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الهَادى» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» وقال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الإِفاداتِ» ، و «الحاويَيْن» ، و «الوجيزِ» ، و «الفائقِ» ، وجماعةٌ: همُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذين لهم أكْثَرُ الكِفايَةِ. وقال النَّاظِمُ: همُ الذين يَجِدون جُلَّ الكِفايَةِ. وقال فى «الكافِى» : هم الذين لهم ما يقَعُ مَوقِعًا مِن كِفايَتِهم. وقال فى «المُبْهِجِ» ، و «الإِيضاحِ» ، و «العُمْدَةِ»: هم الذين لهم ما يقَعُ مَوقِعًا مِن كِفايَتِهم، ولا يَجدون تَمامَ الكِفايَةِ. وهو مُرادُه فى «الكافِى» . وقال ابنُ عَقيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ» ، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «إِدْراكِ الغايَةِ»: همُ الذين يقْدِرون على بعضِ كِفايتهم. وقال ابنُ رَزينٍ: المِسْكينُ؛ مَن لم يَجِدْ أكْثَرَ كِفايَتهِ. فلعَلَّه مَن يَجِدُ بإسْقاطِ لم، أو أرادَ نِصْفَ الكِفايَةِ فقط. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ؛ همُ الذين لهم أكْثَرُ كِفايَتِهم؛ وهو مُعظمُها، أو ما يقَعُ موقِعًا منها،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كنِصْفِها. وقال ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: والمِسْكينُ مَن وجَد أكْثَرَها أو نِصْفَها. فتَلخَّصَ مِن عِباراتِهم، أنَّ المِسْكينَ مَن يجدُ مُعْظَمَ الكِفايَةِ. ومَعناه، واللَّه أعلمُ، أكثرُها. وكذا جُلُّها. وقد فسَّرَ فى «الرِّعايَةِ» أكْثرَها بمُعْظَمِها، لكنَّ أعْظَمَها وجُلَّها فى النَّظَرِ أخَصُّ مِن أكْثَرِها، فإنَّه يُطْلَقُ على أكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ ولو بيَسيرٍ، بخِلافِ جُلِّها، وقرِيبٌ منه مُعْظَمُها. وفى عِباراتِهم، مَن يَقْدِرُ على بعضِها ونِصْفِها. فيُمْكِنُ حمْلُ مَن ذكَر بعضَها على نِصْفِها، ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ أقلَّ مِنَ النِّصْفِ، وأنَّها أقوالٌ. وأمَّا الفُقراءُ فهم الذين لا يَجِدون ما يقَعُ موقِعًا مِن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كِفايَتِهم، أو لا يَجِدون شيئًا ألْبَتَّةَ. وقال فى «المُبْهِجِ» و «الإِيضَاحِ»: هم الذينَ لا صَنْعَةَ لهم. والمَساكينُ؛ هم الذِين لهم صَنْعَةٌ ولا تُقِيمُ بهم. وقال الخِرَقىُّ: الفُقَراءُ؛ الزَّمْنَى والمَكافيفُ. ولعَلَّهم أرَادوا، فى الغالِبِ، وإلَّا حيثُ وُجِدَ مَن ليس معه شئٌ، أو معه ولكن لا يقَعُ موقِعًا مِن كِفايته، فهو فَقيرٌ، وإنْ كان له صَنْعَةٌ، أو غيرَ زَمِنٍ ولا ضَريرٍ. الثَّانى، قوْلُه: وهم ثَمانيَةُ أصْنَافٍ. حصَر مَن يَسْتَحِقُّ الزَّكاةَ فى هذه الأصْنافِ الثَّمانيةِ. وهو حَصْرُ المُبتَدَأ فى الخَبَرِ، فلا يجوزُ لغيرِهم الأخْذُ منها مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، جوازَ الأخْذِ مِنَ الزَّكاةِ لشِراءِ كُتُبٍ يَشْتَغِلُ فيها مِمَّا يحْتاجُ إليه، مِن كُتُبِ العِلْم التى لابُدَّ منها لمَصْلَحَةِ دِينه ودُنْيَاه. انتهى. وهو الصَّوابُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو قدَرَ على الكَسْبِ، ولكنْ أرادَ الاشْتِغالَ بالعِبادَةِ، لم يُعْطَ مِنَ الزَّكاةِ. قوْلًا واحِدًا. قلتُ: والاشْتِغالُ بالكَسْبِ، والحالَةُ هذه، أفْضَلُ مِنَ العِبادَةِ. ولو أرادَ الاشْتِغالَ بالعِلْمِ، وهو قادِر على الكَسْبِ، وتعَذَّرَ الجمعُ بينَهما، فقال فى «التَّلْخيصِ»: لا أعلمُ لأصحابِنا فيها قوْلًا، والذى أرَاه جوازَ الدَّفْعِ إليه. انتهى. قلت: الجوازُ قطَع به النَّاظِمُ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتِه». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وَقيلَ: لا يُعْطى إلَّا إذا كان الاشْتِغالُ بالعِلْمِ يَلْزَمُ. الثَّالثُ: شَمِلَ قوْلُه: الفُقراءُ والمَساكِينُ. الذَّكَرَ والأُنْثَى، والكَبِيرَ والصَّغِيرَ. وهو صحيحٌ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالذَّكرُ والأُنْثَى الكَبيرُ لا خِلافَ فى جَوازِ الدَّفْعِ إليه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ إعْطاءِ الصَّغيرِ مُطْلَقًا، وعليه معْظمُ الأصحابِ. وعنه، يُشْتَرطُ فيه أنْ يأْكُلَ الطَّعامَ. ذكَرَها المَجْدُ، ونَقَلها صالِحٌ وغيرُه، وهى قوْلٌ فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وقال القاضى: لا يجوزُ دَفْعُها إلى صَبِىٍّ لم يأْكُلِ الطَّعامَ. وقدَّمه ناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، ذكَرَه فى بابِ الظِّهارِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وحيثُ جازَ الأخْذُ، فإنَّها تُصْرَفُ فى أُجْرَةِ رَضاعِه وكُسْوتِه، وما لَابُدَّ منه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالذى يَقْبَلُ ويقْبِضُ له الزَّكاةَ والهِبَةَ والكفَّارةَ، مَن يلِى مالَه؛ وهو وَلِيُّه مِن أبٍ، ووَصِىٍّ، وحاكمٍ، وأمينِه، ووَكِيلِ الوَلِىِّ الأَمِينِ. قال ابنُ مَنْصُور: قلتُ لأحمدَ: قال سُفْيانُ: لا يَقْبِضُ للصَّبِىِّ إلَّا الأبُ أو وَصِىٌّ أو قاضٍ. قال أحمدُ: جَيِّدٌ. وقيلَ له فى رِوايَة صالحٍ: قبَضَتِ الأُمُّ وأَبُوه حاضِرٌ؟ فقال: لا أعْرِفُ للأُمِّ قبْضًا، ولا يكونُ إِلَّا الأبُ. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن أحمدَ تصْريحًا بأنَّه لا يصحُّ قَبْضُ غيرِ الوَلِىِّ مع عدَمِه، مع أنَّه المشْهورُ فى المذهبِ. وذكَر الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، أنَّه لا يعْلَمُ فيه خِلافًا، ثم ذكَر أنَّه يَحْتَمِلُ أنَّه يصِحُّ قبْضُ مَن يلِيه، مِن أُمٍّ أو قَريبٍ وغيرِهما، عندَ عدَمِ الوَلِىِّ؛ لأنَّ حِفْظَه مِنَ الضَّياعِ والهَلاكِ أوْلَى مِن مُراعاةِ الوِلايةِ. انتهى. وذكَر المَجْدُ، أنَّ هذا مَنْصوصُ أحمدَ. نقَل هارُونُ الحَمَّالُ فى الصِّغارِ، يُعْطَى أوْلِياؤُهم. قلت: ليس لهم وَلِىٌّ؟ قال: يُعْطَى مَن يُعْنَى بأمْرِهم. ونَقَل مُهَنَّا، فى الصَّبِىِّ، والمَجْنونِ، يَقْبِضُ له وَلِيُّه. قلتُ: ليس له وَلِىٌّ؟ قال: يُعْطَى الذى يقومُ عليه. وذكَر المَجْدُ نصًّا ثالِثًا بصِحَّةِ القَبْضِ مُطْلَقًا. قال بَكْرُ بنُ محمدٍ: يُعْطِى مِنَ الزَّكاةِ الصَّبِىَّ الصَّغيرَ؟ قال: نعم، يُعْطِى أَبَاه أو مَن يقومُ بشَأْنِه. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» هذه الرِّوايَةَ، ثم قال: قلتُ: إنْ تعَذَّرَ، وإلَّا فلا.
فائدة: يصِحُّ مِنَ المُمَيِّزِ قبْضُ الزَّكاةِ والهِبَةِ والكفَّارَةِ ونحوِها. قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وقال: على ظاهرِ كلامِه. قال المَرُّوذِىُّ: قلتُ لأحمدَ: يُعْطِى غُلامًا شِيئًا مِنَ الزَّكاةِ؟ قال: نعم، يدْفَعُها إلى الغُلامِ. قلتُ: فإنِّى أخافُ أنْ يُضَيِّعَه. قال: يدْفَعُه إلى مَن يقومُ بأمْرِه. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ والحارِثِىِّ. قال فى «الفُروعِ» : والمُمَيِّزُ كغيرِه. وعنه، ليس أهْلًا لقَبْضِ ذلك. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا، المَنْعُ مِن ذلك، وأنَّه لا يصِحُّ قبْضُه بحالٍ. قال: وقد صرَّح به القاضى فى «تَعْليقِه» ، فى كتابِ المُكاتَبِ. قال: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ فى رِوايَةِ صالحٍ، وابنِ مَنْصُور. انتهى. قال فى «القَواعدِ الأُصُوليَّةِ»: فى المَسْألَةِ رِوايَتان؛ أشْهَرُها، ليس هو أهْلًا. نصَّ عليه فى رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ، وأبْدَى فى «المُغْنِى» احْتِمالًا، أنَّ صِحَّةَ قبْضِه تقِفُ على إذْنِ الوَلِىِّ دونَ القَبولِ.
وَمَنْ مَلَكَ مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ مَا لَا يَقُومُ بِكِفَايَتهِ، فَلَيْسَ بِغَنِىٍّ وَإنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ.
ــ
قوله: ومَن ملَك مِن غيرِ الأثمانِ ما لا يَقومُ بكفايَتِه، فليس بغَنِىٍّ وإنْ كَثُرَتْ قِيمَتُه. وهذا بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. قال الإِمامُ أحمدُ: إذا كان له عَقارٌ أو ضَيْعَةٌ يَسْتَغِلُّها عَشَرَةُ آلافٍ أو أكْثَرُ لا تُقِيمُه، يعْنِى لا تكْفِيه، يأخُذُ مِنَ الزَّكاةِ. وقيلَ له: يكونُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
له الزَّرْعُ القائمُ، وليس عندَه ما يحْصُدُه، أيأْخُذُ مِنَ الزَّكاةِ؟ قال: نعم، يأْخُذُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وفى مَعْناه ما يحْتاجُ إليه لإقامَةِ مُؤْنَتِه.
تنبيه: تقدَّم فى أوَّلِ زَكاةِ الفِطْرِ، عندَ قوْلهِ: إذا فضَل عن قُوتِه وقُوتِ عِيالهِ. لو كان عندَه كُتُبٌ، ونحوُها يحْتاجُها، هل يجوزُ له أخْذُ الزَّكاةِ أم لا؟
وَإنْ كَانَ مِنَ الأَثْمَانِ، فَكَذَلِكَ فِى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالأُخْرَى، إِذَا مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتَهَا مِنَ الذَّهَبِ، فَهُوَ غَنِىٌّ.
ــ
قوله: وإنْ كان مِنَ الأثمانِ، فكذلك فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. نَقَلها مُهَنَّا، واخْتارَها ابنُ شِهَابٍ العُكبَرِىُّ، وأبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الحاوِى» ، وغيرُهم. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هى الصَّحيحَةُ مِنَ الرِّوايتَيْن عند المُصَنِّفِ، وأبى الخَطَّابِ، ولم أجِدْ ذلك صريحًا فى كتُبِ المُصَنِّف. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» . وصحَّحَه فى «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» . وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَةِ. والرِّوايَة الأُخْرَى، إذَا ملَك خَمْسين دِرْهَمًا أو قِيمَتَها مِنَ الذَّهَبِ، فهو غنِىٌّ. فلا يجوزُ الأخْذُ لمَن ملَكَها، وإنْ كان محْتاجًا، ويأْخُذُها مَن لم يَمْلِكْها، وإنْ لم يكُنْ مُحْتاجًا. وهذه الرِّوايَةُ عليها جماهيرُ الأصحابِ، وهى المذهبُ عندَهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ عندَ الأصحابِ، حتى إنَّ عامَّةَ مُتَقَدِّميهم لم يحْكُوا خِلافًا. قال ابنُ منَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال ابنُ شِهَابٍ: اخْتارَها أصحابُنا، ولا وَجْهَ له فى المَعْنَى، وإنما ذهَب إليه أحمدُ لخَبَرِ ابنِ مَسْعُودٍ، ولعَلَّه لمَّا بانَ له ضعْفُه رجَع عنه، أو قال ذلك لقوْمٍ بأعْيانِهم كانوا يتَّجِرون بالخَمْسِينْ، فتَقومُ بكِفايَتِهم، وأجابَ غيرَه بضَعْفِ الخَبرِ. وحمَلَه المُصَنِّفُ وغيرُه على المَسْألةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فتَحْرُمُ المَسْألَةُ، ولا يَحْرُمُ الأخْذُ. وحمَلَه المَجْدُ على أنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام، قالَه فى وَقْتٍ كانتِ الكِفايَةُ الغَالِبَةُ بخَمْسِين. وممَّن اخْتارَ هذه الرِّوايَةَ؛ الخِرَقِىِّ، وابنْ أبى مُوسى، والقاضى، وابنُ عَقِيلٍ، فقَطَعوا بذلك، ونصَرَه فى «المُغْنِى» (1)، وقال: هذا الظَّاهِرُ مِن مذهبِه. قال فى «الهَادِى» : هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَيْن. وهى مِنَ المُفْرَداتِ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاويَيْن» ، و «ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم. ونقَلَها الجماعَة عن أحمدَ. قلتُ: نَقَلها الأثْرَمُ، وابنُ مَنْصُورٍ، وإسْحاقُ بنُ إبْراهيمَ،
(1) انظر: المغنى 4/ 118.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأحمدُ بنُ هَاشِمٍ الأَنْطَاكِىُّ، وأحمدُ بنُ الحَسَنِ، وبِشْرُ بنُ مُوسَى، وبَكْرُ بنُ محمدٍ، وأبو جَعْفَرِ ابنِ الحَكَمِ، وجَعْفرُ بنُ محمدٍ، وحَنْبَلٌ، وحَرْبٌ، والحَسَنُ ابنُ محمدٍ، وأبو حامِدِ ابنُ أبِى حَسَّانَ، وحَمْدانُ بنُ الوَرَّاقِ، وأبو طالِبٍ، وابناهُ؛ صالِحٌ وعَبْدُ اللَّهِ، والمَرُّوذِىُّ، والمَيْمُونِىُّ، ومحمدُ بنُ داوُدَ، ومحمدُ بنُ مُوسَى، ومحمدُ بنُ يَحْيَى، وأبو محمدٍ مَسْعُودٌ، ويُوسُفُ بنُ مُوسَى، والفَضْلُ ابنُ زِيَادٍ. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ» . وعنه، الخَمْسُون تَمْنَعُ المَسْأْلَة لا الأَخْذَ، ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. وتقدَّم أنَّ المُصَنِّفَ حمَل الخَبَرَ على ذلك، وأطْلقَهما فى «التَّلْخيصِ» . ونصَّ الإِمامُ أحمدُ، فى مَن معه خَمْسُمِائَةٍ وعليه ألْفٌ، لا يأْخُذُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ الزَّكاةِ. وحُمِلَ على أنَّه مُؤجِّلٌ، أو على ما نقَلَه الجماعَةُ.
تنبيه: قوْلُه فى الرِّوايةِ الثَّانيةِ: أو قِيمَتَها مِنَ الذَّهَبِ. هل يُعْتَبرُ الذَّهبُ بقِيمَةِ الوقْتِ، لأنَّ الشَّرْعَ لم يحُدَّه، أو يُقَدَّرُ بخَمْسَةِ دَنانِيرَ، لتعَلُّقِها بالزَّكاةِ؟ فيه وَجْهان. وأَطْلقَهما فى «الفُروعِ» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وقال: ذكَرهما القاضى فيما وَجدْتُه بخَطِّه على «تَعْليقهِ» ، واخْتارَ فى «الأحْكام السُّلْطانِيَّةِ» الوَجْهَ الثَّانِى. قلتُ: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، الأوَّلُ، وهو الصَّوابُ. ويأتى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى البابِ قدْرُ ما يأْخُذُ الفَقيرُ والمِسْكينُ وغيرُهما، ويأْتِى بعدَه إذا كان له عِيالٌ.
فائدة: مَن أُبِيحَ له أخْذُ شئٍ، أُبيحَ له سُؤالُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَحْرُمُ السُّؤالُ، لا الأخْذُ، على مَن له قُوتُ يوم؛ غداءٌ وعَشاءٌ. قال ابنُ عَقِيلٍ: اخْتارَه جماعةٌ. وعنه، يَحْرُمُ ذلك على مَن له قوتُ يومٍ؛ غَداءٌ وعَشاءٌ. ذكَر هذه الرِّوايَةَ الخَلَّالُ. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المِنْهاجِ» ، إنْ عَلِم أنَّه يَجِدُ مَن يسألُه كلَّ يومٍ، لم يَجُزْ أنْ يسْألَ أكثرَ مِن
الثَّالِثُ، الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا، وَهُمُ الْجُبَاةُ لَهَا، وَالْحَافِظُونَ لَهَا.
ــ
قُوتِ يوم وليْلَةٍ، وإنْ خافَ أنْ لا يجِدَ مَن يُعْطِيه، أو خافَ أنْ يعْجِزَ عنِ السُّؤالِ، أُبِيحَ له السُّؤالُ أكْثَرَ مِن ذلك. وأمَّا سُؤالُ الشَّئِ اليَسيرِ؛ كشِسْعِ النَّعْلِ، أو الحِذاءِ، فهل هو كغيرِه فى المَنْعِ، أو يُرَخَّصُ فيه؟ فيه رِوايَتان، وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الأُوْلَى الرُّخْصَةُ فى ذلك؛ لأنَّ العادةَ جارِيَةٌ به.
فائدتان؛ إحْداهما، قوله: والعامِلُون عليها؛ وهمُ الجُبَاةُ لها، والحافِظُون لها. العامِلُ على الزَّكاةِ؛ هو الجابِى لها، والحافِظُ، والكاتِبُ، والقاسِمُ، والحاشِرُ، والكَيَّالُ، والوَزَّانُ، والعَدَّادُ، والسَّاعِى، والرَّاعِى، والسَّائِقُ، والحَمَّالُ، والجَمَّالُ، ومَن يُحْتاجُ إليه فيها، غيرُ قاضٍ ووَالٍ. وقيلَ لأحمدَ، فى رِوايَةِ المَرُّوذِىِّ، الكَتَبَةُ مِنَ العامِلين؟ قال: ما سمعْتُ. الثَّانيةُ، أُجْرَةُ كَيْلِ الزَّكاةِ ووَزْنِها ومُونَةُ دَفعِها على المالِكِ. وقد تقدم التَّنْبِيهُ على ذلك.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ مُسْلِمًا أَمِينًا، مِنْ غَيْرِ ذَوِى الْقُرْبَى، وَلَا يُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ وَلَا فَقْرُهُ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَا يُشْتَرَطُ إِسْلَامُهُ، وَلَا كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ ذَوِى الْقُرْبَى.
ــ
قوله: ويُشْتَرطُ أنْ يكونَ العامِلُ مُسْلِمًا أمينًا مِن غَيْرِ ذَوِى القُرْبَى. يُشْترَطُ أنْ يكونَ العامِلُ مُسْلِمًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى، قالَه فى «الهِدايَةِ» -قال الزَّرْكَشِىُّ: وأظُنُّه فى «المُجَرَّدِ» - والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والنَّاظِمُ. ونَصَره الشَّارِحُ، وقدَّمه المُصَنِّفُ هنا، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، وجزَم به فى «الوَجيرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «الإِفاداتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنتخَبِ». وقال القاضى: لا يُشْتَرطُ إسْلامُه. اخْتارَه فى «التَّعْلِيقِ» ، و «الجامِعِ الصَّغِيرِ» . وهى رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَها أكثرُ الأصحابِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وتَبِعَه فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الفُصولِ» ، و «التَّذْكِرَةِ» ، و «المُبْهِجِ» ، و «العُقودِ» لابنِ البَنَّا. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «نَظْمِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُفْرَداتِ»، وهو منها. وظاهرُ «الفُروعِ» ، الإطْلاقُ، فإنَّه قال: يُشْتَرطُ إسْلامُه فى رِوايَةٍ. وعنه، لا يُشْترَطُ إسْلامُه. وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «شَرْحِ المَجْدِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» . وقال فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الرِّعايَةِ» : وفى الكافِرِ -وقيل: وفى الذِّمِّىِّ- رِوايَتان. وقال القاضى، فى «الأحْكام السُّلْطانيَّةِ»: يجوزُ أنْ يكونَ الكافِرُ عامِلًا فى زكاةٍ خاصةٍ عُرِفَ قدْرُها، وإلَّا، فلا
فائدتان؛ إحداهما، بنَى بعضُ الأصحابِ الخِلافَ هنا على ما يأخُذُه العامِلُ، فإنْ قُلْنا: ما يأخُذُه أُجْرَةٌ. لم يُشْتَرطْ إسْلامُه، وإنْ قُلْنا: هو زكاةٌ. اشْتُرِطَ إسْلامُه. ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ ما يأخُذُه العامِلُ أُجرَةٌ فى المَنْصُوصِ. الثَّانيةُ، قال الأصحابُ: إذا عَمِل الإِمامُ أو نائبُه على الزَّكاةِ، لم يكُنْ له أخْذُ شئٍ؛ لأنَّه يأَخُذُ رزْقه مِن بيْتِ المالِ. قال ابنُ تَميمٍ: ونَقل صالِحٌ عن أبِيه، العامِلُ هو السُّلْطانُ الذَى جعَل اللَّه له الثُّمْنَ فى كِتابِه. ونَقل عبدُ اللَّهِ نحوَه. قال فى «الفُروعِ»: كذا ذكَرَا، ومُرادُ أحمدَ، إذا لم يأْخُذْ مِن بَيْتِ المالِ شيئًا، فلا اخْتِلافَ، أو أنَّه على ظاهرِه. انتهى. قلتُ: فيُعايَى بها. ويأْتِى نظِيرُها فى رَدِّ الآبِقِ، فى آخرِ الجَعالَةِ. وأمَّا اشتِراطُ كوْنِ العامِلِ مِن غيرِ ذَوِى القُرْبَى، فهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحدُ الوَجْهَيْن، وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَةِ. قدَّمه المُصَنِّفُ هنا، وقدَّمه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدَ، والشَّارِحُ، والناظِمُ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأظهَرُ. وقال القاضى: لا يُشْترَطُ كوْنُه مِن غيرِ ذَوِى القُرْبَى. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ لجُمْهورِ الأصحابِ. قال فى «المُغْنِى» (1): هو قوْلُ أكثرِ أصحابِنا. قال الشَّارِحُ: وقال أصحابُنا: لا يُشْتَرطُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه» : هذا ظاهرُ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ» : هذا الأشْهَرُ. قال فى «تجْريدِ العِنايَةِ» : هذا الأظْهَرُ. وجزم به فى «الهِدَايَةِ» ، و «عُقودِ ابنِ البَنَّا» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،
(1) 4/ 112.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الإِفادَاتِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «ابنِ رَزِينٍ» ؛ لعدَم ذكْرِهم له فى الشُّروطِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . و «نَظْمِ المُفْرَداتِ» ، وهو منها. وأطلقَهما فى «الفُروعِ» ، و «الفائِق» . وبَناهُما فى «الفُصُول» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم، على ما يأْخُذُه العامِلُ؛ هل هو أُجْرَةٌ أو زكاةٌ؟ وظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ عَدمُ البِنَاءِ. وقيلَ: إنْ مُنِعَ مِنَ الخُمْسِ، جازَ، وإلَّا فلا. وقال المُصَنِّفُ: إنْ أخَذ أُجْرَتَه مِن غيرِ الزَّكاةِ، جازَ، وإلَّا فلا. وتابَعه ابنُ تَميمٍ. وأمَّا اشْتِراطُ كوْنِه أمِينًا، فهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ مِن جَوازِ كوْنِه كافِرًا، كوْنُه فاسِقًا مع الأمانَةِ. قال: ولعَلَّه مُرادُهم، وإلَّا فلا يَتَوجَّه اعْتِبارُ العَدَالَةِ مع الأمانَةِ دونَ الإسْلام. قال: والظَّاهِرُ، واللَّه أعلمُ، أنَّ مُرادَهم بالأمانَةِ العَدالَةُ. وذكَر الشَّيْخُ وغيرُه، أنَّ الوَكِيلَ لا يُوَكِّلُ إلَّا أمِينًا، وأنَّ الفِسْقَ يُنافِى ذلك. انتهى.
قوله: ولا يشتْرَطُ حُرِّيَّتُه ولا فَقْرُه: هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وذكَرَه المَجْدُ إجْماعًا فى عدَم اشْتِراطِ فَقْرِه. وقيلَ: يُشْتَرطان. ذكَر الوَجْهَ باشْتِراطِ حُرِّيَّتِه أبو الخَطَّابِ، وأَبو حَكِيمٍ، وذكَر الوَجْهَ باشْتِراطِ فَقْرِه ابنُ حامِدٍ. وقيلَ: يُشْتَرطُ إسْلامُه وحُرِّيته فى عِمالَةِ تَفْويضٍ لا تَنْفيذٍ. وجَوازُ كوْنِ العَبْدِ عامِلًا مِن مُفْردَاتِ المذهبِ.
فوائد؛ الأُولَى، قال القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: يُشْتَرطُ عِلْمُه بأحْكامِ الزَّكاةِ، إنْ كان مِن عُمالِ التَّفْويضِ، وإنْ كان فيه مُنَفِّذًا، ققد عيَّن الإِمامُ ما يأْخُذُه، فيَجوزُ أنْ لا يكونَ عالِمًا. قال فى «الفُروعِ»: وأطْلقَ غيرُه أنْ لا يُشْتَرطَ إذا كتَب له ما يأْخُذُه، كسُعاةِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وذكَر أبو المَعالِى، أنَّه يُشْتَرطُ
وَإنْ تَلِفَتِ الزَّكَاةُ فى يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، اُعْطِىَ أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
ــ
كوْنُه كافِيًا. قال فى «الفُروعِ» : وهو مُرادُ غيرِه. قال: وظاهِرُ ما سبَق لا يُشْتَرطُ ذُكُورِيَّتُه. وهذا مُتَوجَّهٌ. انتهى. قلتُ: لو قيلَ باشْتِراطِ ذُكُورِيَّتِه، لَكانَ له وَجْهٌ؛ فإنه لم يُنْقَلْ أنَّ امْرأةً وَلِيَتْ عِمالَةَ زَكاةٍ ألْبَتَّةَ، وَترْكُهم ذلك قدِيمًا وحدِيثًا يدُلُّ على عدَمِ جَوازِه. وأيضًا ظاهِرُ قوْلِه تعالَى:{والْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} لا يَشْمَلُها. الثَّانيةُ، يجوزُ أنْ يكونَ حمَّالُ الزَّكاةِ ورَاعِيها، ونحوُهما كافِرًا وعَبْدًا ومِن ذَوِى القُرْبَى وغيرِهم، بلا خِلافٍ أعْلَمُه؛ لأنَّ ما يأْخُذُه أُجْرَةٌ لعَملِه لا لعِمالَتِه. الثَّالثةُ لم يُشْتَرطُ فى العامِلِ أنْ يكونَ مُكَلِّفًا بالِغًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ.
وقال فى «الفُروعِ» : ويتَوجَّهُ فى المُمَيِّزِ العاقِلِ الأمِينِ تَخْريجٌ. يعْنِى، بجوَازِ كوْنِه عامِلًا. الرَّابعَةُ، لو وكَّل غيرَه فى تَفْرِقَةِ زَكاتِه، لم يدْفَعْ إِليه مِن سَهْمِ العامِلِ.
قوله: وإنْ تَلِفَتِ الزكاةُ فى يدهِ مِن غيرِ تَفْرِيطٍ، أُعطِىَ أُجْرَتَه مِن بيتِ المالِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ: يُعْطَى أُجْرَتَه مِن بَيْتِ المالِ، عندَ أصحابِنا. وفيه وَجْهٌ لا يُعْطَى شيئًا. قال فى «الفُروعِ»: قال ابنُ تَميمٍ: واخْتارَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ» . ولقد اطَّلَعْتُ على نُسَخٍ كثيرةٍ «لمُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» ، فلم أجدْ فيه: اخْتارَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ» . بل يحْكِى الوَجْهَ مِن غيرِ زِيادَةٍ، فلعَلَّ الشَيْخَ اطَّلَع على نُسْخَةٍ فيها ذلك، والذي قالَه المَجْدُ فى «شَرْحِهِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والأقْوَى عندِى التَّفْصِيلُ، وهو أنَّه إنْ كان شرَط له جُعْلًا على عمَلِه، فلا شئَ له؛ لأَنَّه لم يُكْمِلِ العمَلَ؛ فى سائرِ أنْواعِ الجَعالاتِ، وإنِ اسْتَاجَره إجارَةً صَحِيحَةً بأُجْرةٍ؛ مُسَمَّاةٍ منها، فكذلك؛ لأنَّ حقَّه مُخْتَصٌّ بالتَّالِفِ، فيَذْهَبُ مِنَ الجميعِ. وإنِ اسْتَأْجرَه إجارَةً صحيحةً بأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ، ولم يُقَيِّدْها بها، أو بعَثَه ولم يُسَمِّ له شيئًا، فلَه الأُجْرَةُ مِن بيْتِ المالِ؛ لأنَّ دَفْعَ العِمالَةِ مِن بَيْتِ المالِ مع بقَائِه جائزٌ للإِمامِ. ولم يُوجَدْ فى هاتَيْن الصُّورَتَيْن ما يُعَيِّنُها مِنَ الزَّكاةِ، فلذلك
الرَّابِعُ، الْمُؤلَّفَةُ قُلُوبُهُم؛ وَهُمُ السَّادَةُ الْمُطَاعُونَ فى عَشَائِرِهِمْ مِمَّنْ يُرْجَى إِسْلَامُهُ، أَوْ يُخْشى شَرُّهُ، أَوْ يُرْجى بِعَطِيَّتِهِ قُوَّةُ إِيمَانِهِ، أَو إِسْلَامُ نَظِيرِهِ، أو جِبَايَةُ الزَّكَاةِ مِمَّنْ لَا يُعْطِيهَا، أَوِ الدَّفْعُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ. وَعَنْهُ،
ــ
تعَيَّنتْ فيه عندَ التَّلَفِ. انتهى. وهذا لَفْظُه. قال ابنُ تَميمٍ: وهو الأصحُّ. والظاهِرُ أنَّ هذا المَكانَ مِنَ «الفُروعِ» غيرُ مُحَررٍ.
فائدة: يخَيَّرُ الإِمامُ، إنْ شاءَ أرْسَلَ العامِلَ مِن غيرِ عَقْدٍ ولا تَسْمِيَةِ شئٍ، وإنْ شاءَ عقَد له إجارَة، ثم إنْ شاءَ جعَل له أخْذَ الزَّكاةِ وتَفريقَها، وإنْ شاءَ جعَل إليه أخْذَها فقط، فإنْ أذِنَ له فى تَفْريقِها، أو أطْلَقَ، فله ذلك، وإلَّا فلا.
قوله: الرَّابِعُ، الْمُؤلَّفَةُ قُلُوبُهُم؛ وَهُمُ السَّادَةُ الْمُطَاعُونَ فى عَشَائِرِهِمْ مِمَّنْ يُرْجَى
أَنَّ حُكْمَهُمُ انْقَطَعَ.
ــ
إسْلامُه، أو يُخْشَى شَرُّه، أو يُرْجَى بعَطيَّتِه قُوَّةُ إيمانِه، أو إسْلامُ نَظِيرِه، أو جِبايَةُ الزَّكاةِ مِمَّن لا يُعْطِيها، أو الدَّفْعُ عنِ المُسْلِمين. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَ المُؤلَّفَةِ باقٍ، وعليه الأصحابُ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، أنَّ حُكْمَهم انْقطَعَ مُطْلَقا. قال فى «الإِرْشادِ»: وقد عُدِمَ فى هذا الوَقْتِ المُؤلَّفَةُ. وعنه، أنَّ حُكْمَ الكُفَّارِ منهمُ انْقطَعَ. واخْتارَ فى «المُبْهجِ» ، أن المُؤَلَّفَةَ مَخْصُوصٌ بالمُسْلِمين. وظاهِرُ الخِرَقِىِّ، أنَّه مَخْصُوصٌ بالمُشْرِكين. وصاحِبُ «الهِدايَةِ»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، وجماعَةٌ، حكَوُا الخِلافَ فى الانْقِطاعِ فى الكُفَّارِ، وقطَعوا ببَقاءِ حُكْمِهم فى المُسْلِمين. فعلى رِوايَةِ الانْقِطاعِ، يُرَدُّ، سَهْمُهم على بَقِيَّةِ الأصْنافِ، أو يُصْرَفُ فى مَصالِح المُسْلِمين. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقالَ فى «الفُروعِ»: وظاهر كلامِ جماعةٍ، يُرَدُّ على بَقِيَّةِ الأصْنافِ فقط. قلتُ: قدَّمه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى «الرِّعايَةِ» . قال المَجْدُ: يُرَدُّ على بَقِيَّةِ الأصْنافِ، لا أعَلمُ فيه خلافًا إلَّا ما رَواه حَنْبَلٌ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: فَيُرَدُّ سَهْمُهم فى بَقِيَّةِ الأصْنافِ. وعنه، فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَصالِح. وما حَكَى الخِيَرَةَ. ولعَلَّه، وعنه، وفى المَصالحِ. بزِيادَةِ واوٍ.
فائدتان؛ إحداهما، قال فى «الفُروعِ»: هل يَحِلُّ للمُؤَلَّفِ ما يأْخُذُه؟ يتَوجَّهُ، إِنْ أُعْطِىَ المُسْلِمْ ليَكُفَّ ظُلْمَه، لم يَحِلَّ، كقَوْلِنا فى الهَدِيَّةِ للعامِلِ ليَكُفَّ ظُلْمَه، وإِلَّا حَلَّ. واللَّهُ أعلَمُ. الثَّانيةُ، يُقْبَلُ قوْلُه فى ضَعْفِ إسْلامِه، ولا يُقْبَلُ قوْلُه، أنَّه مُطاعٌ، إِلَّا ببَيِّنَةٍ.
الْخَامِسُ، الرِّقَابُ؛ وَهُمُ الْمُكَاتَبُونَ.
ــ
قوله: الخامسُ، الرِّقابُ؛ وهمُ المُكاتَبُون. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّ المُكاتَبِين مِنَ الرِّقابِ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: لا يخْتَلِفُ المذهبُ فى ذلك. وعنه، الرِّقابُ عَبِيدٌ يُشْتَرَوْن ويُعْتَقُون مِنَ الزَّكاةِ لا غيرُ. فلا تُصْرَفُ إلى مُكاتَبٍ، ولا يُفَكُّ بها أسِير ولا غيرُه، سِوَى ما ذكَر.
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: الرِّقابُ؛ وهمُ المُكَاتَبُون. أنَّه لا يجوزُ دَفْعُها إلى مَن عُلِّقَ عِتْقُه بمَجئِ المالِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» . وقال جماعَةٌ: هم كالمُكاتَبِين فيُعْطَوْن. وجزَم به فى «المُبْهِجِ» ، و «الإيضاحِ» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» . وظاهِرُ كلامِه أيضًا، جَوازُ أخْذِ المُكاتَبِ قبلَ حُلولِ نجْمٍ. وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أشْهَر القَوْلَيْن. [وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» وغيرِهم](1). وقيلَ: لا يأْخُذُ إلَّا إذا
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَلَّ نَجْمٌ. وأطْلَقَ بعضُهم وَجْهَيْن فى المُؤَجَّلِ.
فوائد؛ إحداها، لو دفَع إلى المُكاتَبِ ما يقْضِى به دَيْنَه، لم يَجُزْ أنْ يَصْرِفَه فى غيرِه. الثَّانيةُ، لو عتَق المُكاتَبُ تَبَرُّعًا، مِن سيِّدهِ أو غيرِه، فما معه منها له. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقيل: مع فَقْرِه. وقيل: بل للمُعْطِى. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى. قالَه فى «الحاوِيَيْن» . وقدَّمه فى «المُحرَّرِ» . [وظاهِرُ «الفُروعِ»، إطْلاقُ الخِلافِ](1). وقيلَ: بل هو للمُكاتَبِين. ولو عجَز أو ماتَ وبيَدِه وَفاءٌ، ولم يَعْتِقْ (2) بمِلْكِه الوَفاءَ، فما بيَدِه لسَيِّدهِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ»: وهو أصحُّ. زادَ فى «الكُبْرَى» ، وأشْهَرُ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقالَه الخِرَقىُّ فيما إذا عجَز. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» . وقدَّم فى «المُحَرَّرِ» ، أنَّها تُسْتَرَدُّ إذا عجَز. وعنه، يُرَدُّ للمُكاتَبِين. نقَلَها حَنْبَلٌ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وجزَم به فى «المُذْهَبِ» فيما إذا عجَز، حتَّى ولو كان سيِّدُه قبَضَها. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» بعنه وعنه. وقيلَ: هو للمُعْطِى. حتَّى قال أبو بَكْرٍ،
(1) زيادة من: ش.
(2)
فى الأصل، ط:«نعتقه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والقاضى: ولو كان دفَعَها إلى سيِّدِه. وقيلَ: لا تُؤْخَذُ مِن سيِّدِه، كما لو قبَضَها منه ثم أعْتَقَه. قطَع به الزَّرْكَشِىُّ. وإنِ اشْترَى بالزَّكاةِ شيئًا ثم عجَز، والعَرْضُ بيَدهِ، فهو لسيِّدِه على الأُولَى وعلى الثَّانيةِ، فيه وَجْهان. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه فى الرِّقابِ. ويأتِى قرِيبًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا فضَل مع المُكاتَبِ شئٌ بعدَ حاجَتِه، [ولو أُعْتِقَ بالأَداءِ والإِبْراءِ، فما فضَل معه فهو له. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، كما لو فضَل معه مِن صدَقَةِ التَّطوعِ. وقيلَ: بل هو للمُعْطِى، كما لو أعْطَى شيئًا لفَكِّ رَقَبَةٍ. صحَّحَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيلَ: الخِلافُ رِوايَتان. وقيلَ: هو للمُكاتَبين أيضًا](1).
تنبيه: هذه الَأحْكامُ فى الزَّكاةِ. أمَّا الصَّدَقةُ المفْروضَةُ، فكلامُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» يقْتَضِى جَرَيانَ الخِلافِ فيه. وكذا كلامُه فى «الفُروعِ» . وظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ» اخْتِصاصُه بالزكاةِ. ويأْتِى فى أوَائلِ الكِتابَةِ فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا ماتَ المُكاتَبُ قبلَ الأداءِ، هل يكونُ ما فى يَدِه لسيدِه أو الفاضِلُ لورَثَتِه؟ الثَّالثةُ، يجوزُ الدَّفْعُ إلى سيِّدِ المُكاتَبِ بلا إذْنِه. قال الأصحابُ: وهو أوْلَى كما يجوزُ ذلك للإمام، فإنْ رَقَّ لعَجْزِه، أُخِذَتْ مِن سيِّدهِ. هذا الصَّحيحُ. وقال المَجْدُ: إنما يجوزُ بلا إذْنِه إنْ جازَ العِتْقُ منها؛ لأنَّه
(1) زيادة من: أ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَفْدِىَ بِهَا أَسِيرًا مُسلِمًا. نَصَّ عَلَيْهِ.
ــ
لم يدْفَعْ إليه ولا إلى نائبِه، كقَضاءِ دَيْنَ الغَريمَ بلا إذْنِه. ويأْتِى فى كلامَ المُصَنِّفِ قبلَ الفَصْلِ، جَوازُ دَفْعِ السيدِ زَكاتَه إلى مُكاتَبِه، ويأتِى أيضًا إذا فضَل مع المُكاتَبِ شئٌ بعدَ العِتْقِ. الرَّابعةُ، لو تَلِفَتِ الزَّكاةُ بيَدِ المُكاتَبِ، أجْزَأتْ، ولم يَغْرَمْها، عتَق أو رُدَّ رقِيقًا. الخامسةُ، مِن شَرْطِ صِحَّةِ الدَّفْعِ إلى المُكاتَبِ مِنَ الزَّكاةِ، أنْ يكونَ مُسْلِمًا لا يجِدُ وَفاءً.
قوله: ويَجُوزُ أنْ يفْدِىَ بها أسيرًا مُسْلمًا. نصَّ عليه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «العُمْدَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الإفادَاتِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفائقِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . واخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِهِ» وابنُ عَبْدُوس فى «تَذْكِرَتِهِ» ، والقاضى فى «التَّعْليقِ» وغيرِه. وصحَّحَه النَّاظِم، وقدَّمه فى «شَرْحِ ابنَ رَزِينٍ» ، و «الفُروعِ» ، وقال: اخْتارَه جماعةٌ، وجزَم به آخَرُون. وعنه، لا يجوزُ. قدَّمه فى «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . واخْتارَه الخَلَّالُ. وأطْلقَهما فى «التَّلْخيصِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» . وأطْلَقَ بعضُ الأصحابِ الرِّوايتَيْن مِن غيرِ تَقيِيدٍ.
فائدة: قال أبو المَعالِى: مثْلُ الأسِيرِ المُسْلمِ، لو دفَع إلى فَقيرٍ مُسْلِمٍ، غرَّمه
وَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْتَرِىَ مِنْهَا رَقَبَةً يُعْتِقُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
سُلْطانٌ مالًا ليَدْفَعَ جَوْرَه.
قوله: وهل يَجُوزُ أنْ يَشْترِىَ مِنها رَقَبَةً يُعْتِقُها؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ؛ إحداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ، جزَم به فى «المُبْهِجِ» ، و «العُمْدَةِ» ، و «الإفادَاتِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «نَظْمِ نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» . وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . واخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، والشَّارِحُ، والقاضى فى «التَّعْليقِ» وغيرُهم. والثَّانيةُ، لا يجوزُ. قدَّمه فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». واخْتارَه الخَلَّالُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: رجَع أحمدُ عنِ القوْلِ بالعِتْقِ. حكَاه مِن رِوايَةِ صالحٍ، ومحمدِ بنِ مُوسَى، والقاسِمِ، وسِنْدِيّ. [وَرَدَّه المُصَنفُ فى «المُغْنِى» وغيرِه](1). وعنه، لا يُعْتِقُ مِن زكاتِه رَقَبَةً، لكن يُعِينُ فى ثَمَنِها. قال أبو بَكْرٍ: لا يُعْتِقُ رَقَبَةً كامِلَةً. قال فى «الرِّعايَةِ» : وعنه، لا يُعْتِقُ منها رَقَبَةً تامَّةً. وعنه، ولا بعضَها، بل يُعِينُ فى ثَمَنِها.
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: يُؤْخَذُ مِن قوْلِ المُصَنِّفِ: يُعْتِقُها. أنَّه لو اشْترَى ذا رَحِمِه، لا يجوزُ؛ لأنَّه يُعْتَقُ بمُجَرَّدِ الشِّراءِ مِن غيرِ أنْ يعْتِقَه هو. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. فعلى المذهبِ فى أصْلِ المسْألَةِ، لو أعتقَ عبْدَه أو مُكاتَبَه عن زكاتِه، ففى الجَوازِ وَجْهان. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفائِق» ؛ أحدُهما، عدَمُ الجَوازِ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . والوَجْهُ الثَّانِى، الجَوازُ. اخْتارَه القاضى.
فائدتان؛ إحداهما، حيثُ جوَّزْنا العِتْقَ مِنَ الزَّكاةِ، غير المُكاتَبِ إذا ماتَ وخلَّفَ شيئًا، رُدَّ ما رجَع مِن وَلائِه فى عِتْقِ مِثْلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: وفى الصَّدَقاتِ أيضًا. قدَّمه ابنُ تَميمٍ. وهل يعْقِلُ عنه؟ فيه رِوايَتان، وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ العَقْلِ. ثم وجَدْتُه فى «المُغْنِى» قُبَيْلَ كتابِ النِّكاحِ، قدَّمه ونَصَره. وعنه، وَلاؤُه لمَن أعْتقَه. وما أعْتقَه السَّاعِى مِنَ الزَّكاةِ، فوَلاؤُه للمُسْلِمين. وأمَّا المُكاتَبُ، فوَلاؤُه لسيِّدهِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وحكَى بعضُهم وَجْهًا، أنَّ حُكْمَهم حُكْمُ
السَّادِسُ، الْغَارِمُونَ؛ وَهُمُ الْمَدِينُونَ، وَهُمْ ضَرْبَانِ؛ ضَرْبٌ غَرِمَ لإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَضَرْبٌ غَرِمَ لإِصْلَاحِ نَفْسِهِ فى مُبَاحٍ.
ــ
غيرِهم، على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ. وقدَّمه فى «الفائِق» . الثَّانيةُ، لا يُعْطَى المُكاتَبُ لفَقْرِه. ذكَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرُهم، واقْتصرَ عليه فى «الفُروعِ» ؛ لأنَّه عَبْدٌ.
قوله: السَّادِسُ، الغارِمُون؛ وهم المَدينُون، وهم ضَرْبان؛ ضَرْبٌ غَرِمَ لاصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ. يُعْطَى مَن غَرِم لاصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، بلا نِزاعٍ فيه، لكنْ شرَط المُصَنِّفُ فى «العُمْدَةِ» ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، كوْنَه مُسْلِمًا. ويأْتِى ذلك عندَ قوْلِه: ولا يجوزُ دَفْعُها إلى كافرٍ. بأتَمَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن هذا.
تنبيه: قوله: وضَرْبٌ غَرِمَ لإصْلاحِ نَفْسِه فى مُباحٍ. وكذا مَن اشتَرى نفْسَه مِنَ الكُفّارِ، جازَ له الأخْذُ مِنَ الزَّكاةِ.
فوائد؛ [منها، لو كان غارِمًا، وهو قَوىٌّ مُكْتَسِبٌ، جازَ له الأخْذُ للغُرْمِ. قالَه القاضى فى «خِلَافهِ»، وابنُ عَقِيل فى «عُمَدِه» فى الزُّكاةِ، وذكَرَه أيضًا فى «المُجَرُّدِ»، و «الفُصولِ» فى بابِ الكِتابَةِ، وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وقيلَ](1):
(1) زيادة من: أ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[لا يجوزُ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه». وأطْلَقهما فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثِين بعدَ المِائَةِ»، وقال: هذا الخِلافُ راجعٌ إلى الخِلافِ فى إجْبارِه على التَّكسُّبِ لوَفاءِ دَيْنِه. قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ الإجْبارُ، على ما يأْتِى فى بابِ الحَجْرِ](1). ومنها، لو دفع إلى غارِمٍ ما يقْضِى به دَيْنَه، لم يَجُزْ صَرْفُه فى غيرِه، وإنْ كان فقِيرًا، ولو دفَع إليه لفَقْرِه، جازَ أنْ يَقْضِىَ به دَيْنَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وِحكَى فى «الرِّعايَةِ» وَجْهًا، لا يجوزُ. ومنها، لو تحَمَّلَ بسَبَبٍ إتْلافِ مالٍ أو نهْبٍ، جازَ له الأخْذُ مِنَ الزَّكاةِ، وكذا إنْ ضَمِنَ عن غيرِه مالًا، وهما مُعْسِران، جازَ الدَّفْعُ إلى كُل منهما، وإنْ كانا مُوسِرَيْن أو أحَدُهما، لم يَجُزْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يجوزُ إنْ كان الأصِيلُ مُعْسِرًا، والحَمِيلُ مُوسِرًا. وهو احْتِمالٌ فى «التَّلْخيصِ». وقال فى «التَّرْغِيبِ»: يجوزُ إنْ ضَمِنَ مُعْسِرٌ مُوسِرًا بلا أمْرِه. ومنها، يَجُوزُ الأخْذُ للغارِمِ لذاتِ البَيْنِ قبلَ حُلولِ دَيْنِه، وفى الغارِمِ لنَفْسِه
(1) زيادة من: أ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَجْهان. قالَه فى «الفُروعِ» . ومنها، يجوزُ الأخْذُ، لقَضاءِ دَيْنِ اللَّهِ تعالَى. ومنها، لو وكَّل الغَريمُ مَن عليه زكاةٌ، قبلَ قَبْضِها منه لنَفْسِه أو بوَكيلِه، فى دَفْعِها عنه إلى مَن له عليه دَيْنٌ عن دَيْنِه، جازَ. نصَّ عليه، وهو المذهبُ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ ضِدُّه. وقال فى «الفُروعِ» : فإنْ قيلَ: قد وكَّل المالكَ. قيلَ: فلو قال: اشْتَرِ لى بها شيئًا. ولم يقْبضْها منه، فقد وكَّلَه أيضًا، ولا يُجْزئُ؛ لعَدمِ قَبْضِها، ولا فرْقَ. قال: فيتوَجَّهُ فيهما التَّسْوِيَةُ وتخْرِيجُهما على قوله لغَريمِه: تصَدَّقْ بدَيْنِى عليك، أو ضارِبْ به. لا يصحُّ لعدَمِ قَبْضِه. وفيه تخْريجٌ، يصِحُّ، بِناءً على أنَّه، هل يصِحُّ قَبْضُه (1) لمُوَكِّلِه؟ وفيه رِوايَتان. انتهى. وتأْتِى هاتَان الرِّوايَتان فى آخِر بابِ السَّلَمَ. ومنها، لو دفَع المالِكُ إلى الغَريمِ بلا إذْنِ الفَقيرِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يصِحُّ. قال فى «الفُروعِ»: صحَّحَها غيرُ واحدٍ، كدَفْعِها إلى الفَقِيرِ، والفَرْقُ واضِحٌ. انتهى. قال فى «الرِّعايتَيْن» (2)، و «الحاوِيَيْن»: جازَ على الأصحِّ. وكلامُ الشيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ يَقْتضِيه. وعنه، لا يصِحُّ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» . وأمَّا إذا دفَعَها الإِمامُ فى قَضاءِ الدَّيْنِ، فإنَّه يَصِحُّ، قوْلَّا وَاحدًا، لوِلَايَتِه عليه فى إيفَائِه، ولهذا يُجْبِرُه عليه إذا امْتنَعَ. ومنها، يُشْترَطُ فى إخْراجِ الزَّكاةِ تَمْليكُ المُعْطَى كما تقدَّم فى آخِرِ البابِ الَّذي قبلَه، فلا يجوزُ أنْ يُغَدِّىَ الفُقراءَ ولا يُعَشِّيَهم، ولا يقْضِىَ منها دَيْنَ مَيِّتٍ غَرِم لمَصْلحَةِ نفْسِه أو غيرِه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين الجَوازَ، وذكرَه إحْدَى الرِّوايتَيْن عن أحمدَ، لأنَّ الغارِمَ لا يُشْتَرطُ تَمْلِيكُه، لأنَّ اللَّهَ تعالى قال:{وَالْغَارِمِينَ} . ولم يقُلْ: وللْغارِمين. ويأْتِى بَقِيَّةُ أحْكامِ الغارِمِ، عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: ويجوزُ دَفْعُ زَكاتِه إلى مُكاتَبِه وإلى غَريمِه. ويأْتِى أيضًا إذا غَرِم فى مَعْصِيَةٍ.
(1) فى ش: «قبل قبضه» .
(2)
فى الأصل، ط:«الرعاية» .
السَّابِعُ، فى سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ.
ــ
قوله: السَّابِعُ، فى سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ. فلَهم الأخْذُ منها بلا نِزاعٍ، لكِنْ لا يصْرِفُون ما يأْخُذُون إلَّا لجِهَةٍ واحدَةٍ. كما تقدَّم فى المُكاتَبِ والغارِمَ.
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وهمُ الذين لا دِيوانَ لهم. أنَّه لو كان يأْخُذُ مِنَ الدِّيوانِ، لا يُعْطَى منها. وهو صَحيحٌ، لكِنْ بشَرْطِ أنْ يكونَ فيه ما يَكْفِيه، فإنْ لم يكُنْ فيه ما يكْفِيه، فله الأخْذُ، تَمامَ ما يَكْفِيه. قالَه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها.
وَلَا يُعْطَى مِنْهَا فى الْحَجِّ. وَعَنْهُ، يُعْطى الْفَقِيرُ مَا يَحُجُّ بِهِ الْفَرْضَ أوْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِيهِ.
ــ
فائدة: لا يجوزُ للمُزَكِّى أنْ يَشْتَرِىَ له الدَّوابَّ والسِّلاحَ ونحوَهما. على الصَّحيِح مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. فيَجِبُ أنْ يدْفَعَ إليه المالَ. قال فى «الفُروعِ» : الأشْهَرُ المَنْعُ مِن شِراءِ ربِّ، المالِ ما يحْتاجُ إليه الغَّازِى، ثم صَرْفُه إليه. اخْتارَه القاضى وغيرُه. ونقَلَه حيث صالِحٌ وعبدُ اللَّهِ، وكذا نقَلَه ابنُ الحَكَمِ، ونقَل أيضًا، يجوزُ. وقال: ذكَر أبو حَفْصٍ فى جَوازِه رِوايتَيْن.
قوله: ولا يُعْطَى مِنها فى الحَجِّ. هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشَّارِحُ، وقالَا: هى أصحُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وعنه، يُعْطَى الفَقيرُ ما يَحُجُّ به الفرْضَ، أو يَسْتَعِينُ به فيه. وهى المذهبُ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ عَبْدِ اللَّه، والمَرُّوذىُّ، والمَيْمُونِىِّ. قال فى «الفُروعِ»: والحَجُّ مِنَ السَّبيلِ. نصَّ عليه، وهو المذهبُ عندَ الأصحابِ. انتهى. قال «الفُصولِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم: الحَجُّ مِنَ السَّبيلِ على الأصحِّ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» : على الأظْهَرِ وجزَم به فى «المُبْهِجِ» ، و «الإيضَاحِ» ، و «الخِرَقِىِّ» ، و «الإفادَاتِ» و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى فى «التَّعْليقِ» . وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ» ، وهو منها. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» . فعلى المذهبِ، لا يأْخُذُ إلَّا الفَقيرُ، كما صرَّح به المُصَنِّفُ فى الرِّوايَةِ، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جمهورُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وابنُ عَبْدوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، وصاحِبُ «الحاويَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يأْخُذُ الغَنِيُّ أيضًا. وهما احتمالان فى «التَّلْخيصِ» . قال أبو المَعالِى: كما لو أوْصَى بثُلُثِه فى السَّبِيلِ. وعلى المذهبِ أيضًا، لا يأْخُذُ إلَّا لحَجِّ الفَرْضِ، أو يَسْتَعِينُ به فيه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: جزَم به غيرُ واحدٍ. قلت: منهم صاحِبُ «الإِفاداتِ» فيها، والمُصَنِّفُ هنا. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو أوْلَى. وعنه، يأْخُذُ لحَجِّ النَّفْلِ أيضًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وابن الجَوْزِىِّ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» . وجزَم به فى «المُذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «نِهايَتهِ» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ولم يَشْتَرِطِ الفَرْضَ الأَكْثَرُون؛ الخِرَقِىُّ، والقاضى، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، وأبو البَرَكاتِ، وغيرُهم. قال فى «الفُروعِ»: وصحَّحَه بعضُهم. قال القاضى:
الثَّامِنُ، ابْنُ السَّبِيلِ، وَهُوَ الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ بِهِ، دُونَ الْمُنْشِئ لِلسَّفَرِ مِنْ بَلَدِهِ، فَيُعْطَى قَدْرَ مَا يَصِلُ بِهِ إلَى بَلَدِهِ.
ــ
وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وأطْلَقهما المَجْدُ فى «شَرْحهِ» ، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» .
فائدة: العُمْرَةُ كالحَجِّ فى ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. نقَل جَعْفَرٌ، العُمْرَةُ فى سَبِيلِ اللَّهِ. وعنه، هى سُنَّةٌ.
قوله: الثَّامنُ، ابنُ السَّبِيلِ؛ وهو المسافِرُ المنْقَطِعُ بِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ الشِّيرَازِىُّ قدَّم فى «المُبْهِجِ» ، و «الإيضاحِ» ، أنَّ ابنَ السَّبيلِ هم السُّؤَّالُ. واعلمْ أنَّه إذا كان السَّفرُ فى الطَّاعَةِ، أُعْطِىَ بلا نِزاعٍ بشَرْطِه، وإنْ كان مُباحًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُعْطَى أيضًا. وقيلَ: لابُدَّ أنْ يكونَ سفَرَ طاعَةٍ، فلا يُعْطَى فى سفَر مُباحٍ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وجزَم به أيضًا فى «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وإنْ كان سفَرَ نُزْهَةٍ، ففى جَوازِ إعْطائِه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ؛ أحدُهما، يجوزُ الأخْذُ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: فيُعْطَىِ بشَرْطِ أنْ لا يكونَ سفَرَ مَعْصِيَةٍ. قال فى «الرِّعايَةِ» : وهو مَن انْقطَعَ به فى سفر مُباحٍ. قال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ» : الأصحُّ، يُعْطَى؛ لأنَّه مِن أقْسامِ المُباحِ فى الأصحِّ، كما تقدَّم فى صَلاةِ المُسافرِ. والوَجْهُ الثَّانِى، لا يجوزُ الأخْذُ، ولا يُجْزِىُ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . [قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، بعدَ أنْ أطْلقَ الوَجْهَيْن: والصَّحيحُ، الجَوَازُ فى سفَرِ التَّجارَةِ دُونَ التَّنَّزُّهِ](1). وأمَّا السَّفَرُ
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَكْروهُ، فظاهرُ كلامِ جماعَةٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُعْطَى، منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ» . وظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، أنَّه يُعْطَى. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «التَّلْخيصِ». كما تقدَّم. وقالِ فى «الفُروعِ»: وعلَّلَه غيرُ واحدٍ بأنَّه ليس بمَعْصِيَةٍ، فدَلَّ أنَّه يُعْطَى فى سفَر مَكْرُوهٍ. قال: وهو نظِيرُ إباحَةِ التَّرخُّصِ فيه. انتهى. وأمَّا سفَرُ المَعْصِيَةِ، فإنَّه لا يُعْطَى فيه. وقطَع به الأكثرُ. وظاهِرُ ما قالَه فى «الفُروعِ» ، أنَّه نظِيرُ إباحَةِ التَّرَخُّصِ فيه، جَريَانُ خِلافٍ هنا، فإنَّ الشَّيْخَ تَقِىُّ الدِّينِ اختارَ هناك جَوازَ التَّرَخُّصِ فى سفَرِ المَعْصِيَةِ، ورَجَّحَه ابنُ عَقِيلٍ فى بعضِ المَواضِعِ كما تقدَّم. قال فى «إدْراكِ الغايَةِ»: وابنُ السَّبِيلِ الآيِبُ إلى بلَدِه، ولو مِن فُرْجَةٍ أو مُحَرَّم، فى وَجْهٍ. ويأْتِى قرِيبًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا تابَ مِنَ المَعْصِيَةِ.
قوله: دونَ المُنْشِىئُ للسَّفَرِ مِن بَلَده. يعْنِى أنَّه لا يُعْطَى. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المَذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُعْطَى أيضًا.
فائدتان؛ إحداهما، يُعْطَى ابنُ السَّبيلِ قَدْرَ ما يُوصِّلُه إلى بلَدهِ، ولو مع غِناهُ فى بلَدِه، ويُعْطَى أيضًا ما يُوصِّلُه إلى مُنْتهَى مَقْصِدِه، ولو اجْتازَ عن وَطَنِه. على
وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ مَا يُغْنِيهِ،
ــ
الصَّحيح مِنَ المذهب. وهو مَرْوِىٌّ عنِ الإمام أحمدَ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: اخْتارَه أصحابُنا؛ لأنَّ الظَّاهِرَ إنَّما فارَقَ وطَنَه لِمَقْصِدٍ صَحِيحٍ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قوْلُ عامَّةِ الأصحابِ. واخْتار المُصَنِّفُ، أنَّه لا يُعْطَى. وذكَرَه المَجْدُ ظاهِرَ رِوايَةِ صالحٍ وغيره، وظاهِرَ كلامِ أبى الخَطَّاب. الثَّانيةُ، لو قدَر ابنُ السَّبِيلِ على الاقْتِراضِ، فأَفْتَى المَجْدُ بعدَمِ الأَخْذِ مِنَ الزَّكاةِ، وأفْتَى الشَّارِحُ بجوَازِ الأخْذِ. وقال: لم يَشْتَرِطْ أصحابُنا عدَمَ. قُدْرَتِه على القَرْضِ، ولأنَّ كلامَ اللَّهِ على إطْلاقِه. وهو كما قال، وهو الصَّوابُ.
قوله: ويُعْطَى الفَقِيرُ والمِسْكينُ ما يُغْنِيه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ كلَّ واحدٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ الفَقيرِ والمِسْكينِ يأْخُذُ تَمامَ كِفايَتِه سَنةً. قال النَّاظِمُ: وهو أوْلَى. قال فى «الحاوِيَيْن» : هذا أصحُّ عندِى. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» : ويُعْطَيان كِفايَتَهما لتَمام سنَةٍ، لا أكْثَرَ، على الأشْهَرِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الإِفادَاتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ». قال ناظِمُ المُفْرَداتِ:
ولا يَجوزُ الدَّفْعُ للفَقِيرِ
…
أَكْثرَ مِن غِناهُ فى التَّقْديرِ
وعنه، يأْخُذُ تَمامَ كِفايَتهِ دائمًا بمَتْجَرٍ أو آلَةِ صَنْعَةٍ، ونحوِ ذلك. اخْتارَه فى «الفائقِ» . وهى قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ» . وعنه، لا يأْخُذُ أكْثَر مِن خَمْسِين دِرْهمًا حتَّى تَفْرَغَ، ولو أخَذَها فى السَّنَةِ مِرارًا، وإنْ كَثُرَ. نصَّ عليه، وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . واخْتارَ الآجُرِّىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الْدِّينِ، جَوازَ الأخْذِ مِنَ الزَّكاةِ جُمْلةً واحدَةً، ما يصِيرُ به غَنِيًّا وإنْ كَثُرَ. والمذهبُ، لا يجوزُ ذلك. وتقدَّم آخِرَ بابِ إخْراجِ الزَّكاةِ اشْتِراطُ قَبْضِ الفَقيرِ للزَّكاةِ وما يتَعلَّقُ به، وتقدَّم أيضًا ذلك قرِيبًا.
وَالْعَامِلُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ، وَالْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ مَا يَقضِيَان بِهِ دَيْنَهُمَا، وَالْمُؤلَّفُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّأْلِيفُ،
ــ
قوله: والعامِلُ قَدْرَ أُجْرَتِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ ما يأْخُذُه العامِلُ أُجْرَةٌ. نصَّ عليه، وعليه أَكْثرُ الأصحابِ. وذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا. وقيلَ: ما يأْخُذُه زَكاةٌ. فعلى المذهبِ، يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ المِثْلِ، جاوَزَ الثَّمُنَ أو لم يُجاوِزْه. نصَّ عليه، وهو الصَّحيحُ. وعنه، له ثُمُنُ ما يَجْبِيه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: فعلى هذه الرِّوايَةِ، إنْ جاوَزتْ أُجْرَتُه ذلك، أُعْطِه مِنَ المَصالحِ. انتهى. هذا الحُكْمُ إذا لم يسْتَأْجِرْه الإِمامُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يسْتَحِقُّ ذلك بالشَّرْعِ، ونصَّ عليه، وعليه أكْثرُ الأصحابِ. وقال القاضى، فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: قِياسُ المذهبِ، أنَّه لا يسْتَحِقُّ إذا لم يُشْرَطْ له جُعْلٌ، إلَّا أنْ يكونَ معْروفًا بأخْذِ الأُجْرَةِ على عمَلِه. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الرَّابعةِ والسَّبْعِين» . فأمَّا إنِ اسْتَأْجرَه، فتقدَّم آخِرَ فَصْلِ العاملِ.
فائدة: يُقَدَّمُ العامِلُ بأُجْرتِه على غيرِه مِن أهْلِ الزَّكاةِ، وإنْ نوَى التَّطوُّعَ بعَمَلِه، فلَه الأخْذُ. قالَه الأصحابُ. وتقدَّم أنَّ الإِمام ونائبَه فى الزَّكاةِ لا يأْخُذُ شيئًا عندَ اشْتِراطِ إسْلامِه.
قوله: والمولَّفُ ما يَحْصُلُ بِه التَّأْليفُ. هكذا قال أكثَرُ الأصحابِ. وقال
وَالغَازِى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِغَزْوِهِ وَإنْ كَثُرَ،
ــ
بعضُهم: يُعْطَى الغَنِىُّ، ما يرَى الإِمامُ. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه ما ذكَرَه جماعةٌ، ما يحْصُلُ به التَّأْليفُ؛ لأنَّه المَقْصودُ، ولا يُزادُ عليه؛ لعدَمِ الحاجةِ.
فائدة: قوله: والغَازِى ما يحْتاجُ إليه لغَزْوهِ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ لا يشْتَرى ربُّ المالِ ما يحْتاجُ إليه الغازِى ثم يدْفَعُه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه قِيمَةٌ. قال فى «الفُروعِ»: فيه رِوايَتان، ذكَرَهما أبو حَفْصٍ؛ الأشْهَرُ المَنْعُ. ونقَلَه صالِح، وعَبْدُ اللَّهِ، وابنُ الحَكَمِ، واخْتارَه القاضى وغيرُه. وعنه، يجوزُ. ونقَلَه ابنُ الحَكَمِ أيضًا، وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، فقال: ويجوزُ أنْ يشْتَرِىَ كلُّ واحِدٍ مِن زَكاتِه خيْلًا وسِلاحًا، ويجْعَلَه فى سَبيلِ اللَّهِ تعالى. وعنه، المَنْعُ منه. انتهى. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقال: ولا يجوزُ أنْ يشتَرِى مِنَ الزَّكاةِ فرَسًا يصيرُ حَبِيسًا فى الجِهادِ، ولا دارًا، ولا ضيْعَةً للرِّباطِ، أو يَقِفَها على الغُزاةِ، ولا غَزْوُه على فَرَسٍ أخْرجَه مِن زَكاتِه. نصَّ على ذلك كلِّه، لأنَّه لم يُعْطِها لأحَدٍ، ويجْعَلْ نفْسَه مَصْرِفًا، ولا يُغْزَى بها عنه، وكذا لا يَحُجُّ بها، ولا يُحَجُّ بها عنه. وأمَّا إذا اشْتَرى الإِمامُ فرَسًا بزكاةِ رجُلٍ، فلَه دفْعُها إليه يغْزُو عليها، كما له أن يَرُدَّ
وَلَا يُزَادُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَمَنْ كَانَ ذَا عِيَالٍ أخَذَ مَا يَكْفِيهِمْ. وَلَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُمْ مَعَ الْغِنَى، إلَّا أَرْبَعَةٌ؛ الْعَامِلُ، وَالْمُؤَلَّفُ، وَالْغَارِمُ لإصْلَاحِ ذَاتِ البَيْنِ، وَالْغَازِى.
ــ
عليه زَكاتَه لفَقْرِه أو غُرْمِه.
قوله: ومَن كان ذا عِيالٍ أخَذ ما يكْفِيهم. تقدَّم قرِيبًا فى قوْلِه: ويُعْطَى الفَقيرُ والمِسْكينُ ما يُغْنِيه. أن الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه يأْخُذُ تَمامَ كِفايَتِه سنَةً. وتقدَّم رِوايَةٌ، أنَّه لا يأْخُذُ أكْثرَ مِن خَمْسِين دِرْهَمًا. فعلى المذهبِ، يأْخُذُ له ولعِيالِه قَدْرَ كِفايِتِهم سنَةً. وعلى الرِّوايَةِ الأُخْرَى، يأْخُذُ له ولكُلِّ واحدٍ مِن عِيالِه خَمْسِين خَمْسِين.
قوله: ولا يُعْطَى أحَدٌ منهم مع الغِنَى، إلَّا أرْبَعَةٌ؛ العامِلُ، والمؤلَّفُ، والغارِمُ لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، والغازِى. أمَّا العامِلُ، فلا يُشْتَرطُ فَقْرُه، بل يُعْطَى مع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الغِنَى. على الصَّحيِح مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وذكَرَه المَجْدُ إجْماعًا. وذكَر ابنُ حامِدٍ وَجْهًا باشْتِراط فَقرِه. وتقدَّم ذلك عندَ قوْلِه: ولا يُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُه ولا فَقْرُه. وأمَّا المُؤَلَّفُ، فيُعْطَى مع غِناه. لا أعلمُ فيه خِلافًا. وأمَّا الغارِمُ لإصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، فيأْخُذُ مع غِناه. على الصَّحيِح مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يأْخُذُ مع الغِنَى. [ومحَلُّ هذا إذا لم يدْفَعْها مِن مالِه، فإنْ دفَعَها لم يَجُزْ له الأَخْذُ، على ما يأْتِى قريبًا](1). وأمَّا الغازِى، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، جوازُ أخْذِه مع غِناه. ونقَل صالِحٌ، إذا وصَّى بفَرَسٍ يُدْفَعُ إلى مَن ليس له فَرَسٌ، أحَبُّ إلَىَّ إذا كان ثِقَةً.
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: صرَّح المُصَنِّفُ أنَّ بقِيَّةَ الأصْنافِ لا يُدْفَعُ إليهم مِنَ الزَّكاةِ مع غِناهم. وهو صَحيحٌ. أما الفَقيرُ والمِسْكينُ، فواضِحٌ، وكذا ابنُ السَّبيل. وأمَّا المُكاتَبُ، فلا يُعْطَى لفَقْرِه. قال فى «الفُروعِ»: ذكَرَه جماعةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ، وابن حَمْدانَ، وغيرُهم. واقْتَصر عليه فى «الفُروعِ» ؛ لأنَّه عَبْدٌ، وتقدَّم ذلك. وأمَّا الغارمُ لنَفْسِه فى مُباحٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُعْطَى إِلَّا مع فَقْرِه، وعليه أكثَرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيلَ: يُعْطَى مع غِناه أيضًا. ونقلَه محمدُ بنُ الحَكَمِ، وتأوَّلَه القاضى على أنَّه بقَدْرِ كِفايَتهِ. قال فى «الرِّعايَةِ» ، عن هذا القَوْل: وهو بعيدٌ. فعلى المذهبِ، لو كان فَقيرًا ولكِنَّه قَوىٌّ مُكْتَسِبٌ؛، جازَ له الأَخْذُ أيضًا. قالَه القاضى فى «خِلافهِ» ، وابنُ عَقِيلٍ فى «عُمَدِه» ، فى الزَّكاةِ، وذكَرَاه أيضًا فى «المُجَرَّدِ» ، و «الفُصُولِ» ، فى بابِ الكِتابَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقيلَ: لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يجوزُ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه» . قلتُ: هذا المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ كَثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وأطْلقَهما فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثِين بعدَ المِائَةِ» ، وقال: هذا الخِلافُ راجِعٌ إلى الخِلافِ فى إجْبارِه على التَّكَسُّبِ لوَفاء دَيْنِه. انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الإجْبارُ، على ما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الحَجْرِ.
فائدة: لو غَرِم لضَمانٍ، أو كَفالَةٍ، فهو كمَن غَرِم لنَفْسِه فى مُباحٍ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيلَ: هو كمَن غَرِم لاصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، فيَأْخُذُ مع غِناه بشَرْطِ أنْ يكونَ الأصِيلُ مُعْسِرًا. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ وغيره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: إذا قُلْنا: الغَنِىُّ مَن مَلك خَمْسِين دِرْهمًا. وملَكها، لم يَمْنَعْ ذلك مِنَ الأخْذِ بالغُرْمِ. على الصَّحيِحِ مِنَ المذهبِ، والرِّوايتَيْن. وعنه، يَمْنَعُ. فعلى المذهبِ، مَنْ له مِائَةٌ وعليه مِثْلُها، أُعْطِىَ خَمْسِين، وإنْ كان عليه أكثرُ مِن مِائَةٍ تُرِكَ له ممَّا معه خَمْسُون، وأُعْطِىَ تمامَ دَيْنهِ. وعلِى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ؛ لا يُعْطَى شيئًا حتَّى يصْرِفَ جميعَ ما فى يَدِه، فيُعْطَى ولا يُزادَ على خمْسِين، فإذا صرَفَها فى دَيْنهِ، أُعْطِىَ مِثْلَها مرَّةً بعدَ أُخْرَى، حتَّى يقضِىَ دَيْنَه.
وَإِنْ فَضَلَ مَعَ الْغَارِمِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْغَازِى وَابْنِ السَّبِيلِ شَىْءٌ بَعْدَ حَاجَتِهِمْ، لَزِمَهُمْ رَدُّهُ، وَالْبَاقُونَ يَأْخُذُونَ أَخْذًا مُسْتَقِرًّا، فَلَا يَرُدُّونَ شَيْئًا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِىِّ فى الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ يَأْخُذُ أيْضًا أخْذًا مُسْتَقِرًّا.
ــ
قوله: وإنْ فضَل مع الغارمِ والمُكاتَبِ والغازِى وابنِ السَّبِيل شَئٌ بعدَ حاجَتِهم، لَزِمَهم رَدُّه. إذا فضَل مع الغارمِ شئٌ بعدَ قَضاءِ دَيْنهِ، لزِمَه ردُّه، بلا خِلافٍ أعْلَمُه، لكنْ لو أُبْرِئ الغَرِيمُ ممَّا عليه، أو قُضِىَ دَيْنُه مِن غيرِ الزَّكاةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه يرُدُّ ما معه. قال فى «الفُروعِ»: اسْتُرِدَّ منه على الأصحِّ. ذكَرَه جماعةَ، وجزَم به آخَرُون، وذكَرَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ظاهِرَ المذهبِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». قال فى «الرِّعايتَيْن»: ردَّه فى الأصَحِّ. وجزم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وعنه، لا يُسْتَردُّ منه، وأطْلقَهما فى «الحاوِيَيْن». قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: قال القاضى فى «تَعْليقهِ» : هو على الرِّوايَتَيْن فى المُكاتَبِ؛ فإذا قُلْنا: أخْذُه هناك مُسْتَقِرٌّ. فكذا هنا. قال ابنُ تَميمٍ: فإنْ كان فقِيرًا، فله إمْساكُها،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا تُوخَذُ منه. ذكَرَه القاضى. وقال القاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»: إذا اجْتَمعَ الغُرْمُ والفَقْرُ فى مَوْضِعٍ واحدٍ، أخَذ بهما، فإنْ أُعْطِىَ للفَقْرِ، فله صَرْفُه فى الدِّينِ، وإنْ أُعْطِىَ للغُرْمِ، لم يَصْرِفْه فى غيرِه. وقاعِدَةُ المذهبِ فى ذلك، أنَّ مَن أخَذ بسَبَبٍ يَسْتَقِرُّ الأخْذُ به، وهو الفَقْرُ، والمَسْكنَةُ، والعِمالَةُ، والتَّأْليفُ، صرَفَه فيما شاءَ كسائِر مالِه، وإنْ كان بسَبَبٍ لا يَسْتَقِرُّ الأخْذُ به، لم يَصْرِفْه إلَّا فيما أخَذَه له خاصَّةً؛ لعدَمِ ثُبوتِ مِلْكِه عليه مِن كلِّ وَجْهٍ، ولهذا يُسْتَردُّ منه إذا أُبْرِئ، أو لم يَغْزُ. قالَه المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وتَبِعَه صاحِبُ «الفُروعِ» . وأمَّا إذا فضَل مع المُكاتَبِ شئٌ، فجزَم المُصَنِّفُ، أنَّه يرُدُّه، وهو المذهبُ، جزَم به فى «الكافِى» ، و «الوَجيزِ» ، و «الإفادَاتِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «إدْراكِ الغايَة» ، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ، وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «النَّظْمِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وصحَّحَه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» . والوَجْهُ الثَّانِى، يأْخذُون أخْذًا مُسْتَقِرًّا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ كما قال المُصَنِّفُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» . وأطْلَقهما فى «شَرْحِ المَجْدِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». والخِلاف وَجْهان على الصَّحيح. وقيل: رِوايَتان. وقيل: ما فضَل للمُكاتَبِين غيرُه. وكذا الحُكْمُ لو عتَق بإبْراءٍ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وتقدَّم فى أحْكامِ المُكاتَبِ إذا عتَق تَبَرُّعًا مِن سيِّدِه أو غيرِه، أو عجَز أو ماتَ، وبيَدِه وفاءٌ.
فائدة: لو اسْتَدانَ ما عَتق به، وبيَدِه مِنَ الزَّكاةِ قَدْرُ الدَّيْنِ، فلما صرْفه؛ لبَقاءِ حاجَتِه إليه بسَبَبِ الكِتابَةِ. وأمَّا الغازِى إذا فضَل معه فَضْلٌ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يَلْزَمُه ردُّه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الكافِى» أيضًا، و «المُذْهَبِ» لابنِ الجَوْزِىِّ. وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحهِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الإفادَاتِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» للآدَمىِّ، وغيرِهم. [وصحَّحَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»](1).
(1) زيادة من: ش.
وَإذَا ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ عُرِفَ بِالْغِنَى،
ــ
قال فى «الفُروعِ» : جزَم به جماعةٌ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» ، و «الشَّرْحِ» والوَجْهُ الثَّانِى، لا يرُدُّه. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» ، وصحَّحَه النَّاظِمُ. قال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والسَّبْعِين»: قال الخِرَقِىِّ والأكْثَرون: لا تُستَرَدُّ. انتهى. وحمَل الزَّرْكَشِىُّ كلامَ الخِرَقِىِّ الَّذى فى الجِهادِ على غيرِ الزَّكاةِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «المحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقال أيضًا فى «القَواعِدِ»: إذا أخَذ مِنَ الزَّكاةِ ليَحُجَّ، على القوْلِ بالجَوازِ، وفضَل منه فضْلَةٌ، الأظْهَرُ أنَّه يسْتَردُّه؛ كالوصِيَّةِ وأوْلَى. وقِياسُ قوْلِ الأصحابِ فى الغازِى، أنَّه لا يُسْتَرَدُّ. وظاهِرُ كلامِ أحمدَ فى رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ، أن الدَّابَّةَ لا تُسْتَرَدُّ، ولا يلْزَمُ مِثْلُه فى النَّفَقَةِ. وأمَّا ابنُ السَّبِيلِ إذا فضَل معه شئٌ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يرُدُّ الفاضِلَ بعدَ وُصولِه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعوا به. وعنه، لا يرُدُّه، بل هو له، فيكونُ أخْذُه مُسْتَقِرًّا. وأطْلَقهما فى «الحاوِيَيْن». وقال الآجُرِّىُّ: يلْزَمُه صَرْفُه للمَساكِين. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال، ولَعلَّ مُرادَه، مع جَهْلِ أرْبابِه.
قوله: والباقُون يأْخُذون أخْذًا مُسْتَقِرًّا، فلا يرُدُّون شَيْئًا. بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ.
قوله: وإذا ادَّعى الفَقْرَ مَن عُرِفَ بالغِنَى. لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ، وهذا بلا نِزاعٍ. والبَيِّنَةُ هنا ثلَاثةُ شُهودٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ
أَوِ ادَّعَى إِنسَانٌ أَنَّهُ مُكاتَبٌ أوْ غارِمٌ أَوِ ابْنُ سَبِيلٍ، لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ.
ــ
الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيلَ: يكْفى اثْنان، كدَيْنِ الآدَمىِّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقىِّ، وحماعةٍ فى كتابِ الشَّهاداتِ. وتأْتِى بَيِّنَةُ الإِعْسارِ فى أوائلِ بابِ الحَجْرِ.
قوله: أو ادَّعى إنْسَانٌ أنَّهُ مُكاتَبٌ أو غارِمٌ أو ابنُ سَبيلٍ، لم يُقْبَل إِلَّا ببَيِّنَةٍ. إذا ادَّعَى أنَّه مُكاتَبٌ، أو غارِمٌ لنَفْسِه، لم يُقْبَلْ إِلَّا ببَيِّنةٍ. بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وإنِ ادَّعَى أنَّه غارِمٌ لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، فالظَّاهِرُ يُغْنِى عن إقامَةِ البَيِّنةِ، فإنْ خَفِىَ لم يُقْبَلْ إِلَّا ببَيِّنةٍ. قالَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، وتَبِعَه الشَّارِحُ. وأطْلقَ بعضُ
وَإنْ صَدَّقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ، أوِ الْغَارِمَ غَرِيمُهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
الأصحابِ البيِّنَةَ، وبعضُهم قيَّدَ بالغارِمِ لنَفْسِه. وقال فى «الفُروعِ»: ولا يُقْبَلُ قَوْلُه إنَّه غارِمٌ بلا بَيِّنَةٍ. وإنِ ادَّعَى أنَّه ابنُ سَبِيلٍ؛ فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّه لا يُقْبَلُ إلَّا ببَيِّنَةٍ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «شَرْحِ المَجْدِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال فى «الفُروعِ»: قدَّمه جماعة، وجزَم به آخَرُون؛ منهم أبو الخَطَّابِ، والشَّيْخُ. وقيلَ: يُقْبَلُ قوْلُه بلا بَيِّنةٍ. جزَم به فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغةِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاويَيْن» .
فائدتان؛ إحداهما، لو ادَّعَى ابنُ السَّبيلِ أنَّه فَقيرٌ، لم يدْفَعْ إليه إلَّا ببَيِّنَةٍ إنْ عُرِفَ بمالٍ، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، لو ادَّعَى أنَّه يريدُ السَّفَرَ، قُبِلَ قوْلُه بلا يَمينٍ.
تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لوِ ادَّعَى الغَزْوَ، قُبِلَ قوْلُه. وهو صَحيحٌ، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، والزَّرْكَشِىُّ. قال فى «الفائقِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاويَيْن»: يُقْبَلُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» ، وغيرِه. وقيلَ: لا يُقْبَلُ [إلَّا ببَيِّنةٍ](1). وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» .
قوله: فإنْ صدَّق المُكاتَبَ سَيِّدُه، أو الغَارِمَ غَرِيمُه، فعلى وَجْهَيْن. إذا صدَّق المُكاتَبَ سيدُه؛ فأطْلَق المُصَنِّفُ الوَجْهَيْن فى أنَّه، هل يُقْبَلُ قوْلُه بمُجرَّدِ تَصْديقِه،
(1) زيادة من: ش.
وَإنِ ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْغِنَى، قُبِلَ قَوْلُهُ.
ــ
أم لابدَّ مِنَ البَيِّنَةِ؟ وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاويَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفائقِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، أحدُّهما، لا يُقْبَلُ تصْديقُه للتُّهْمَةِ، فلابُدَّ مِنَ البَيِّنَةِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، ولم أرَ مَنْ تابعَه على ذلك. قال فى «إدْراكِ الغايَةِ»: وفى تَصْدِيقِ غَريمهِ والسَّيِّدِ وَجْه. والوَجْهُ الثَّانِى، يُقْبَلُ قوْلُه بمُجرَّدِ تصْديقِ سيِّدِه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهو الأصحُّ. وجزَم به فى «الإِفاداتِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». قلتُ: وهو المذهبُ. وإذا صدَّق الغَريمَ غرِيمُه، فأطْلقَ المُصَنِّفُ فيه وجْهَيْن، وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبُ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنى» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ؛ أحدُهما، يُقْبَلُ. وهو المذهبُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: الصَّحيحُ القَبُولُ. قال فى «الفُروعِ» : ويُقْبَلُ إنْ صدَّقه غرِيمٌ فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» . والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقْبَلُ.
وَإنْ رَآهُ جَلْدًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا كَسْبَ لَهُ، أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، بَعْدَ أَنْ يُخبِرَه أنَّهُ لا حَظَّ فِيهَا لِغَنىٍّ وَلا لِقَوِىٍّ مُكتَسِبٍ.
ــ
قوله: وإن رَآه جَلْدًا، أو ذكَر أنَّه لا كَسْبَ له، أعْطاه مِن غيرِ يَمينٍ. بلا نِزاعٍ، وذلك بعدَ أنْ يُخْبِرَه أنَّه لا حَظَّ فيها لغَنِىٍّ ولا لقَوِىٍّ مُكْتَسِبٍ. بلا نِزاعٍ، لكِنْ إخْبارُه بذلك هل هو واجِبٌ أم لا؟ قال فى «الفُروعِ»: يتوَجَّهُ وُجوبُه. وهو ظاهِرُ كلامِهم: أعْطاه بعدَ أنْ يخبِرَه. وقوْلِهم: أخْبرَه وأعْطاه. انتهى. وتقدَّم
وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا، قُلِّدَ وَأُعْطِىَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ ذَلِكَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَمَنْ غَرِمَ أَوْ سَافَرَ فى مَعْصِيَةٍ، لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهِ، فَإِنْ تَابَ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
أوَّلَ البابِ، لو اشْتغَل بالعِلْمِ قادرٌ على الكَسْبِ، وتعذَّر الجمْعُ بينَهما.
قوله: وإنِ إدَّعَى أنَّ له عِيَالًا، قُلِّدَ وأُعْطِىَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه القاضى والأكثرُ. ويحتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ ذلك إلَّا ببَيَّنةٍ، واخْتارَه ابنُ عَقيلٍ.
قوله: وَمَن غَرِم أو سافَر فى مَعْصيَةٍ، لم يُدْفَعْ إليه. إذا غَرِم فى معْصيَةٍ، لم يُدْفَعْ إليه مِنَ الزَّكاةِ، بلا نِزاعٍ، وإذا سافَر فى معْصيَةٍ، لم يُدْفَعْ إليه أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأكْثَرون. وقد حكَى فى «إدْراكِ الغايَةِ» وَجْهًا بجَوازِ الأخْذِ للرَّاجِعِ مِن سَفَرِ المَعْصيَة. وتقدَّم ذلك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: فإنْ تابَ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «شَرْحِ المَجْدِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، وأطْلَقهما فى الغارِمِ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، أحدُهما، يُدْفَعُ إليهما. وهو المذهبُ. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن»: دفَع إليه فى أصحِّ الوجْهَيْن. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به فى «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وجزَم به فى «الهِدايَةِ» (1)، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «المنَوِّرِ» ، [فى الغارِمِ](1)، ولم يذْكُروا المُسافِرَ إذا تابَ، وهو مِثْلُه. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيل فى الغارمِ. وصحَّحَه ابنُ تَميمٍ فى الغارِمِ. قال فى «الفُروعِ» فى الغارِمِ: فإنْ تابَ دُفِعَ إليه فى الأصحِّ.
(1) زيادة من: أ.
وَيُسْتَحَبُّ صَرْفُهَا فى الْأَصْنَافِ كُلِّها. فَإنِ اقْتَصَرَ عَلَى إنْسَانٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا ثَلَاثَة مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، إِلَّا الْعَامِلَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ وَاحِدًا.
ــ
قال الزَّرْكَشِىُّ فى الغارِمِ: المذهبُ الجَوازُ. اخْتارَه القاضى، وابنُ عَقيلٍ، وأبو البَرَكاتِ، وصاحبُ «التَّلْخيصِ» ، وغيرُهم. انتهى. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، فى المُسافِرِ. والوَجْهُ الثَّانِى، لا يُدْفَعُ إليهما. وقدَّم ابنُ رَزينٍ عدَمَ جَوازِ الدَّفْعِ إلى الغارِمِ إذا تابَ، وجَوازَ الذَفْعِ للمُسافرِ إذا تابَ.
قوله: ويُسْتَحَبُّ صَرْفُها فى الأصْنافِ كلِّها. لكُلِّ صِنْفٍ ثُمْنُها إنْ وُجِدَ، حيث وجَب الإِخْراجُ، فإن اقْتصَر على إنْسانٍ واحدٍ، أجْزأه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الخِرَقِىُّ، والقاضى،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والأصحابُ، وهو المذهبُ، كما لو فرَّقَها السَّاعِى، وذكرَه المَجْدُ فيه إجْماعًا. وعنه، يجِبُ اسْتيعابُ الأصْنافِ كلِّها. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، وأبو الخَطَّابِ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يجبُ الدَّفْعُ إلى ثَلَاثَةٍ مِن كل صِنْفٍ، على الصَّحيحِ، إلَّا العاملَ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا فى الرِّوايَةِ. وعنه، يُجْزِئُ واحدٌ مِن كل صِنْفٍ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» ؛ لأنَّه لمَّا لم يمْكِن الاسْتِغْراقُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حمَل على الجنْس، وكالعاملِ، مع أنَّه فى الآيةِ بلَفْظِ الجَمْع:{وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ الْسَّبِيلِ} . لا جَمْعَ فيه. وعلى هذه الرِّوايَةِ أيضًا، لو دَفَع إلى اثْنَيْن، ضَمِن نصِيبَ الثَّالثِ، وهل يَضْمَنُ الثُّلُثَ، أو ما يقَعُ عليه الاسْمُ؟ خرَّج المَجْدُ فى «شَرْحِه» وَجْهَيْن مِنَ الأُضْحيَةِ. على ما يأْتِى إنْ شاءَ اللَّه تعالى. وحكَاهما ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه» مِن غيرِ تخْريجٍ. والصَّحيحُ هناك، أنَّه يضْمَنُ أقلَّ ما يقَعُ عليه الاسْمُ، على ما يأْتِى. وقوْلُه فى الرِّوايةِ الثانِيةِ: إلَّا العاملَ، فإنَّه يجوزُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنْ يكونَ واحِدًا. هذا الصَّحيحُ على هذه الرِّوايَةِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، أنَّه إنْ قُلْنا: ما يأْخُذُه أُجْرَةٌ. أجْزأ عامِلٌ واحِدٌ، وإِلَّا فلا يجْزئُ واحِدٌ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ أيضًا، إنْ حَرُمَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نقْلُ الزَّكاةِ، كفَى الموْجودُ مِنَ الأصْنافِ الذى ببَلَدِه، على الصَّحيحِ، فتُقيَّدُ الرِّوايةُ بذلك. وقيلَ: لا يكْفِى. وعليها أيضًا، لا تجِبُ التَّسْوِيَةُ بينَ الأصْنافِ، كتَفْضيلِ بعضِ صِنْفٍ على بعض، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه الأصحابُ. وقال المَجْدُ: وظاهِرُ كلامِ أبى بَكْرٍ -بإعْطاءِ العاملِ الثُّمْنَ، وقد نصَّ عليه أحمدُ- وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ بينَهم.
فوائد؛ إحداها، يسْقُطُ العامِلُ إنْ فرَّقها ربُّها بنَفْسِه. الثَّانيةُ، مَن فيه سبَبان، مِثْلَ إنْ كان فِقيرًا غارِمًا أو غازيًا، ونحوَ ذلك، جازَ أنْ يُعْطَى بهما، وعليه الأصحابُ. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: جازَ أنْ يُعْطَى بهما، على الرِّوايتَيْن؛ يعْنِى فى الاسْتِيعابِ، وعدَمِه. ولا يجوزُ أنْ يُعْطَى بأحَدِهما لا بعَيْنهِ، لاخْتِلافِ أحْكامِهما فى الاسْتِقْرارِ وعدَمِه، وقد يتَعذَّرُ الاسْتِيعابُ، فلا يُعْلَمُ المُجْمَعُ عليه
وَيُسْتَحَبُّ صَرْفُهَا إِلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ، وَتَفْرِيقُهَا فِيهِمْ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ.
ــ
مِنَ المُخْتَلَفِ فيه، وإنْ أُعْطِىَ بهما وعُيِّنَ لكلِّ سَبَبٍ قَدْرٌ، فذَاك، وإنْ لم يعَيَّن، كان بينَهما نِصْفَيْن، وتظْهرُ فائدَتُه لو وُجدَ ما يُوجِبُ الرَّدَّ. الثَّالثةُ، قوله: ويُسْتَحَبُّ صَرْفُها الى أقارِبِه الذين لا تَلْزَمُه مُؤْنَتُهم وتَفْريقُها فيهم على قَدْرِ حاجَتِهم. وهذا بلا نِزاعٍ. [وقد حكَاه المَجْدُ إجماعًا، وصاحِبُ «الفُروعِ» وِفاقًا](1)، لكِنْ يُسْتحَبُّ تَقْديمُ الأقْرَبِ والأحْوَجِ، وإنْ كان الأجْنَبِىُّ أحْوَجَ أُعْطِى الكُلَّ، ولم يُحابِ بها قَريبَه. والجارُ أوْلَى مِن غيرِه، والقَريبُ أوْلَى مِنَ الجارِ. نصَّ عليه.
(1) زيادة من: ش.
وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إِلَى مُكَاتَبِهِ، وَإِلَى غَرِيمِهِ.
ــ
ويُقدَّم العالِمُ والدَّيِّنُ على ضِدِّهما. وإذا دفَع ربُّ المالِ زكاتَه إلى العاملِ، وأحْضَر مِن أهْلِه مَن لا تَلْزَمُه نفَقَتُه، ليدْفَعَ إليهم زكاتَه، دفَعَها إليهم قبلَ خَلْطِها بغيرِها، وإنْ خلَطَها بغيرِها، ففم كغيرِهم، ولا يُخْرِجُهم منها؛ لأن فيها ما هم به أخَصُّ. ذكَرَه القاضى، واقْتَصر عليه فى «الفُروعِ» وغيرِه.
قوله: ويجوزُ للسَّيِّدِ دَفْعُ زَكاتِه إلى مُكاتَبِه، وإلى غَريمهِ. يجوزُ دفعُ زَكاتِه إلى مُكاتَبِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ، وصحَّحُوه. قال المَجْدُ: هذا أشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجيز» وغيرِه، وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يجوزُ. اخْتارَها القاضى فى «التَّعْليقِ» ، و «التَّخْريجِ». قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا أقْيَسُ. وأطْلقَهما فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفائقِ» . ويجوزُ دفْعُ زَكاتِه إلى غَريمهِ؛ ليَقْضِىَ به ديْنَه إذا كان غيرَ حِيلَةٍ، سواءٌ دفَعَها إليه ابْتِداءً أو اسْتَوْفى حقَّه، ثم دفَع إليه ليَقْضِىَ ديْنَ المُقْرِضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ إذا لم يكُنْ حِيلَةً. قال الإِمامُ أحمدُ: إنْ أرادَ إحْياءَ مالِه، لم يَجُزْ. وقال أيضًا: إذا كان حِيلَةً فلا يُعْجِبُنِى. وقال أيضًا: أخافُ أنْ يكونَ حِيلَةً، فلا أرَاه. ونَقل ابنُ القاسِمِ، إنْ أرادَ حِيلَةً، لم يصْلُحْ، ولا يجوزُ. قال القاضى وغيرُه: يعْنِى بالحِيلَةِ، أنْ يعْطِه بشَرْطِ أنْ يرُدَّها عليه مِن دَيْنِه، فلا يُجْزِئُه. وذكَر المُصَنِّفُ، أنَّه حصَل مِن كلامِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه إذا قصَد بالدَّفْع إحْياءَ مالِه أو اسْتِيفاءَ دَيْنهِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّها للَّهِ، فلا يَصْرِفُها إلى نَفْعِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: إنْ قَضاه بلا شَرْطٍ، صحَّ، كما لو قَضَى دَيْنَه بشئٍ، ثم دفَعَه إليه زكاةً، ويُكْرَهُ حِيلَةً. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وتَبعَ صاحِبَ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» فى «الحاوى الصَّغِيرِ» . وذكَر أبو المَعالِى الصِّحَّةَ وِفاقًا إلَّا بشَرْطِ تمْليكٍ. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال. واخْتارَ الأَزَجِىُّ فى «النِّهايَةِ» الإجْزاءَ؛ لأنَّ اشْتِراطَ الرَّدِّ لا يَمْنعُ التَّمْليكَ التَّامَّ؛ لأنَّ له الرَّدَّ مِن غيرِه، فليس مُسْتَحَقًّا. قال: وكذا الكلامُ إنْ أبْرَأ المَدِينَ مُحْتَسِبًا مِنَ الزَّكاةِ. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال. وقال ابنُ تَميمٍ: ويجوزُ دفْعُ الزَّكاةِ إلى الغَريمِ. نصَّ عليه، فإنْ شرَط عليه ردَّ الزَّكاةِ وَفاءً فى دَيْنهِ، لم يُجْزِئْه. قالَه القاضى، وغيرُه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال القاضى: وهو مَعْنَى قوْلِ أحمدَ: لا يُعْجِبُنِى إذا كان حِيَلةً. ثم قال ابنُ تَميمٍ: والأصحُّ أنَّه إذا دفَع إليه بجِهَةِ الغُرْمِ، لم يَمْنَعِ الشَّرْطُ الإِجْزاءَ، وإنْ قصَد بدَفْعِه إليه إحْياءَ مالِه، لم يُجْزِئْه. نصَّ عليه. قالَه المُوَفَّقُ. ثم قال: وإنْ ردَّ الغَريمُ إليه ما قبَضَه قَضاءً عن دَيْنهِ، فله أخْذُه. نصَّ عليه. وعنه فى مَن دفَع إلى غَريمهِ عَشَرَةَ دَراهِمَ مِنَ الزَّكاةِ، ثم قبَضَها منه وَفاءً عنَ دَيْنهِ، لا أَرَاه، أخافُ أنْ يكونَ حِيلَةً. انتهى كلامُ ابنِ تَميمٍ.
فائدتان؛ إحداهما، لو أبْرأ ربُّ المالِ غَريمَه مِن دَيْنِه بنِيَّةِ الزَّكاةِ، لم يُجْزِئْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم، سواءٌ كان المُخْرَجُ عنه عيْنًا أو دَيْنًا. واخْتارَ الأَزَجِىُّ فى «النِّهايَةِ» الجوازَ، كما تقدَّم. وهو توْجِيهُ احْتِمالٍ وتخْريجٌ لصاحِبِ «الفُروعِ». وقال: بِناءً على أنَّه