الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ عَنِ الْحَوْلِ إِذَا كَمَلَ النِّصَابُ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ.
ــ
نِزاعٍ، لكِنْ قال أبو المعَالِى ابنُ مُنَجَّى: الوَسْمُ بالحِنَّاءِ أو بالقِيرِ (1) أفْضَلُ. انتهى. ويأْتِى متى يَمْلِكُ الزَّكاةَ والصَّدقَةَ، فى أوَاخِرِ البابِ الذى بعدَه.
قوله: ويَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكاةِ عن الحَولِ إذا كمَل النِّصَابُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعوا به، كالدَّيْنِ ودِيَةِ الخَطَأَ. نقَل الجَماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، لا بَأْسَ به. زادَ الأَثْرَمُ، هو مِثْلُ الكَفَّارَةِ قبلَ الحِنْثِ، والظِّهارُ أصْلُه. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه، أنَّهما على حَدٍّ واحِدٍ، فيهما الخِلافُ فى الجَوازِ والفَضِيلَةِ.
فائدتان؛ إحْداهما، تَرْكُ التَّعْجِيلِ أفْضَلُ. قال فى «الفُروعِ»: هذا ظاهِرُ
(1) القير لغة فى القار. اللسان (ق ى ر).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كلامِ الأصحابِ. قال: ويَتوَجَّهُ احْتِمالٌ، تُعْتَبرُ المَصْلَحَةُ. قلتُ: وهو تَوْجِيهٌ حَسَنٌ. وتقَدَّم نقْلُ الأَثْرَمِ. الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ»: فى كلامِ القاضى، وصاحِبِ «المُحَرَّرِ» وغيرِهما أنَّ النِّصابَ والحَوْلَ سبَبان، فقُدِّمَ الإِخْراجُ على أحَدِهما. قلتُ: صرَّح بذلك المَجْدُ فى «شَرْحِه» . وقال فى «المُحَرَّرِ» : والحَوْلُ شَرْطٌ فى زَكاةِ الماشِيَةِ والنَّقْدَيْن وعُروضِ التِّجارَةِ. قال فى «الفُروعِ» : وفى كلامِ الشَّيْخِ وغيرِه أنَّهما شَرْطان. قلتُ: صرَّح بذلك فى «المُقْنِعِ» ، فقال فى أوَّل كتابِ الزَّكاةِ: الشَّرْطُ الثَّالِثُ، مِلْكُ نِصَابٍ. وقال بعدَ ذلك: الخامِسُ، مُضِىُّ الحَوْلِ شَرْطٌ. وصرَّح به فى «المُبْهِجِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الكافِى» . قال فى «الفُروعِ» : وفى كلامِ بعضِهم، أنَّهما سبَبٌ وشَرْطٌ. قلتُ: وهو أيضًا فى كلامِ المَجْدِ فى «شَرْحِه» . وقال فى «الوَجِيزِ» : ومِلْكُ النِّصابِ شَرْطٌ. وسكَت عنِ الحَوْلِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، جَوازُ تَعْجِيلِ زَكاةِ مالِ المَحْجُورِ عليه. وهو
وَفِى تَعْجِيلِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ حَوْلٍ رِوَايَتَانِ.
ــ
ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، وكثير مِنَ الأصحابِ، وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» . والوَجْهُ الثَّانِى، لا يجوزُ تَعْجِيلُها. قلتُ: وهو الأُولَى. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» .
قوله: وفى تَعْجِيلها لأكثَرَ مِن حَوْلٍ رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «مُنْتَهَى الغايَةِ» له، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّركَشِىِّ» ، و «الشَّارِح» ؛ إحْداهما، يجوزُ تَعْجِيلُها لحَوْلَيْن فقط. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الرِّعايَتيْن» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاوِيَيْن» ، و «التَّصْحِيحِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . ومالَ إليه فى «الشَّرْحِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ لأكْثَرَ مِن حَوْلٍ؛ لأنَّ الحَوْلَ الثَّانى لم يَنْعَقِدْ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «التَّسْهِيلَ» . قال فى «الإِفادَاتِ» ، و «المُنْتَخَبِ»: ويجوزُ لِحَوْلٍ. وصحَّحَه فى «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» ، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «الرِّعايَتيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» . وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» ، و «ابنِ تَميمٍ» . فعلى المذهبِ، لا يجوزُ تَعْجِيلُها لثَلَاثَةِ أعْوامٍ فأَكْثَرَ. قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»: لا تخْتَلِفُ الرِّوايَةُ فيه، اقْتِصَارًا على ما ورَد. قال ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ»: رِوايَةً واحِدَةً. وجزَم به فى «الشَّرْحِ» ، وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وعنه، يجوزُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّعْجيلُ لثَلاثَةِ أعْوامٍ فأكثرَ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وهو تاجٌ لصاحِبِ «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» فيهما، وهكذا فى «التَّلْخيصِ». لكنْ وُجِدَ فى بعضِ نُسَخِ «المُقْنِعِ»: وفى تَعْجِيلِها لحَوْلَيْن رِوايَتان. والنُّسْخَةُ الأُولَى مَقْرُوءَةٌ على المُصَنِّفِ. قال صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ» : يجوزُ أعْوامًا. نقَلَه عنه ابنُ تَميمٍ. وقال فى «الرَّوْضَةِ» : يجوزُ لأعْوامٍ. نقَلَه عنه فى «الفائقِ» . وقال فى «الرِّعايَةِ» : وقيلَ: أو عن ثَلاثَةِ أحْوالٍ، أو عن أكْثَرَ.
فائدة: إذا قُلْنا: يجوزُ التَّعْجِيلُ لعامَيْن. فعَجَّلَ عن أرْبَعِين شاةً شاتَيْن مِن غيرِها، جازَ، ومنها لا يجوزُ عنهما، ويَنْقَطِعُ الحَوْلُ. وكذا لو عَجَّلَ شاةً واحِدَةً عنِ الحَوْلِ الثَّانى وحدَه؛ لأنَّ ما عَجَّلهَ منه للحَوْلِ الثَّانِى زالَ مِلْكُه عنه. ولو قُلْنا: يرْتجِعُ ما عَجَّلَه؛ لأنَّه تجْدِيدُ مِلْكٍ. فإنْ ملَك شَاةً، اسْتَأْنَف الحَوْلَ مِنَ الكَمالِ. وقيلَ: إنْ عجَّلَ شاتَيْنِ (1) مِنَ الأَرْبَعِين، أَجْزَأَ عنِ الحَوْلِ الأَوَّلِ، إنْ قُلْنَا: يَرْجعُ. وإنْ عَجَّلَ واحِدَةً مِنَ الأرْبَعِين، وأُخْرَى مِن غيرِها، جازَ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» . وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ أخْرَجَ شاةً منه، وشاةً مِن غيرِه، أجْزَأ عنِ الحَوْلِ الأوَّلِ ولم يُجْزِئُ عنِ الثَّانِى؛ لأنَّ النِّصابَ نقَص، وإنْ تَكَمَّلَ بعدَ ذلك، صارَ إخْراجُ زَكاتِه وتَعْجِيلُه لها قبلَ
(1) فى الأصل، أ:«شاة» .
وَإنْ عَجَّلَهَا عَنِ النِّصَابِ وَمَا يَسْتَفِيدُهُ، أجْزَأَ عَنِ النِّصَابِ دُونَ الزِّيَادَةِ.
ــ
كَمالِ نِصابِها.
قوله: فإنْ عَجَّلَها عنِ النِّصابِ وما يَسْتَفِيدُه، أجْزَأ عنِ النِّصابِ دونَ الزِّيادَةِ. وكذا لو عجَّلَ زكاةَ نِصابَيْن مَن ملَك نِصابًا. وهذا المذهبُ فيهما. نصَّ عليه. وعنه، تُجْزِئُ عنِ الزِّيادةِ أيضًا؛ لوُجوب سبَبِها فى الجُمْلةِ. حكَاها ابنُ عَقِيلٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ مِن هذه الرِّوايةِ احْتِمالُ تَخْريجٍ بضَمِّه إلى الأصْلِ فى حوْلِ الوُجوبِ، فكذا فى التَّعْجِيلِ، ولهذا اخْتارَ فى «الانْتِصارِ» ، يُجْزِئُ عنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُسْتَفادِ مِنَ النِّصابِ فقط، وقيلَ به إنْ لم يبْلُغِ المُسْتَفادُ نِصابًا؛ لأنَّه يتْبَعُه فى الوُجوبِ والحوْلِ كمَوْجودٍ، فإذا بلَغَه اسْتَقَلَّ (1) بالوُجوب فى الجُمْلةِ، لو لم يُوجَدِ الأصْلُ. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ» ، وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» فى الثَّانيةِ. وقيلَ: يُجْزِئُ عنِ النَّماءِ إنْ ظهَر، وإلَّا فلا. ذكَرَه فى «الرِّعايَتيْن». وقال فى «القاعِدَةِ العِشْرِين»: لو عجَّلِ الزَّكاةَ عن نَماءِ النِّصابِ قبلَ وُجودِه، فهل يُجْزِئُه؟ فيه ثَلاثةُ أوجُهٍ؛ ثَالِثُها، يُفَرَّقُ بينَ أنْ يكونَ النَّماءُ نِصابًا، فلا يجوزُ، وبينَ أنْ يكونَ دُونه، فيَجوزُ. قال: ويتَخَرَّجُ وَجْهٌ رابعٌ بالفَرْقِ بينَ أنْ يكونَ النَّماءُ نتاجَ ماشِيَةٍ، أو رِبْحَ تجارةٍ؛ فيجوزُ فى الأوَّلَ دُون الثَّانى.
فوائد؛ إحْداها، لو عجَّل عن خَمْس عَشْرَةَ مِنَ الإِبِلِ، وعن نِتاجِها بِنْتَ مَخاضٍ فنتِجتْ مِثْلَها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تُجْزِئُه، وَيلْزَمُه بِنْتُ مَخاضٍ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وقيلَ: يُجْزِئُه. وأطْلقَهما ابن تَميمٍ، وابنُ حَمْدَانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . فعلى المذهبِ، هل له أنْ يرْتَجِعَ المُعجَّلَةَ؟ على وَجْهَيْن. وأطقهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ،
(1) فى أ: «استقبل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «ابنِ تَميمٍ» . قلتُ: الأُوْلَى، جوازُ الارْتِجاعِ. فإنْ جازَ الارْتِجاعُ فأخَذَها، ثم دفَعَها إلى الفَقيرِ، جازَ، وإنِ اعْتَدَّ بها قبل أخْذِها، لم يَجُزْ؛ لأنَّها على مِلْكِ الفَقيرِ. الثَّانيةُ، لو عجَّل مُسِنَّةً عن ثَلاثِين بَقرَةً ونِتاجِها، فَنُتِجَتْ عَشْرًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّها لا تُجْزِئُه عَنِ الجميعِ، بل عَنِ الثَّلاثِين. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأَشْهَرُ. وقيلَ: تُجْزِئُه عَنِ الجميعِ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . فعلى المذهبِ، ليس له ارْتجاعُها، ويُخْرِجُ للعَشْر رُبْعَ مُسِنَّةٍ. وعلى قوْلِ ابنِ حامِدٍ، يُخَيَّرُ بينَ ذلك، وبينَ ارْتِجاعِ المُسِنَّةِ، ويُخْرِجُها أو غيرَها عنِ الجميعِ. الثَّالثةُ: لو عجَّل عن أرْبَعِين شاةً شاةً، ثم أبْدَلَها بمِثْلِها، أوْ نُتِجَتْ أرْبَعِين سَخْلَةً، ثم ماتَت الأُمَّاتُ، أجزأَ المُعَجَّلُ عَنِ البدَلِ والسِّخالِ؛ لأنَّها تُجْزِئُ مع بَقاءِ الأُمَّاتِ عَنِ الكُلِّ، فعَن أحَدِهما أوْلَى. وهذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «ابنِ تَميمٍ». وقال: قطَع به بعضُ أصحابِنا وذكَر أبو الفَرَج ابنُ أبى الفَهمِ وَجْهًا، لا تُجْزِئُ؛ لأنَّ التَّعْجيلَ كان لغيرِها. وأطلَقهما فى «الحاوِيَيْن» . فعلى المذهبِ، لو عجَّل شاةً عن مِائَةِ شاةٍ، أو تَبِيعًا عن ثَلاِثِين بقَرَةً، ثم نُتِجَتِ الأُمَّاتُ مِثْلَها وماتَتْ، أجْزأَ المُعَجَّلُ عَنِ النِّتاجِ؛ لأنَّه يتْبَعُ فى الحوْل. وهذا الصَّحيِحُ منَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يُجْزِئُ؛ [لأنَّه لا يُجْزِئُ](1) مع بقَاءِ الأُمَّاتِ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «ابنِ تَميمٍ» . وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . فعلى الأوَّلِ، لو نُتِجَتْ نِصْفُ الشِّياهِ مِثْلَها، ثم ماتَتْ أمَّاتُ الأوْلادِ، أجْزأ المُعَجَّلُ عنها. وعلى الثَّانى، يجِبُ مِثْلُه. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ؛ لأنَّه نِصابٌ لمُ يزَكِّه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وجزَم المَجْدُ فى «شَرْحِه» بنِصْفِ شاةٍ؛ لأنَّه قِسْطُ السِّخالِ مِن واجِبِ المَجْموعِ، ولم يصِحَّ التَّعْجيلُ عنها. وقال أبو الفَرَجِ: لا يِجبُ شئٌ. قال ابنُ تَميمٍ: وهو أشْبَهُ بالمذهبِ. وأطْلَقهُنَّ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» . ولو نُتِجَتْ نِصْفُ البَقَرِ مِثْلَها، ثم ماتَتِ الأُمَّاتُ، أجْزأ المُعَجَّلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» ؛ لأنَّ الزَّكاةَ وجبَتْ فى العُجولِ تَبعًا. وجزَم
(1) سقط من: أ. وفى ط: «فإنه لا يجزئ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَجدُ فى «شَرْحِه» على الثَّانِى بنِصْفِ تَبِيعٍ بقَدْرِ قِيمَتِها، قِسْطُها مِنَ الواجِبِ. الرَّابعةُ، لو عجَّلَ عن أحَدِ نصِابَيْه وتَلِفَ، لم يَصْرِفْه إلى الآخَرِ، كما لو عجَّلَ شاةً عن خَمْسٍ مِنَ الإِبلِ، فتَلِفَتْ وله أرْبَعون شاةً، لم يُجْزئْه عنها. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى فى تَخْرِيجِه: مَن له ذهَبٌ وفِضَّة وعُروضٌ، فعجَّلَ عن جِنْسٍ منها ثم تَلِفَ، صرَفَه إلى الآخَرِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. الخامسةُ، لو كان له ألْفُ دِرْهَمٍ، وقُلْنا: يجوزُ التَّعْجيلُ لعامَيْن، وعنِ الزِّيادةِ قبلَ حُصولِها. فعجَّلَ خَمْسِين. وقال: إنْ رَبِحْتُ ألْفًا قبلَ الحَوْل، فهى عنها، وإلَّا كانتْ للحَوْل الثَّانى، جازَ. السَّادسةُ، لو عجَّلَ عن ألْفٍ يَظُنُّها له، فبانَتْ خَمْسَمِائَةٍ، أجْزأَ عن عامَيْن.
وَإنْ عَجَّلَ عُشْرَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الطَّلْعِ وَالْحِصْرِمِ، لَمْ يُجْزِئْهُ.
ــ
قوله: وإنْ عجَّلَ عُشْرَ الثَّمَرَةِ قبلَ طُلُوعِ الطلْعِ والحِصْرِمِ، لم يُجْزِئْه. وكذا لو عجَّلَ عُشْرَ الزَّرْعِ قبلَ ظُهورِه، والماشِيَةَ قبلَ سَوْمِها. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يجوزُ بعدَ مِلْكِ الشَّجَرِ، ووَضْعِ البِذْرِ فى الأرْضِ؛ لأنَّه لم يَبْقَ للوُجوبِ إلَّا مُضِىُّ الوَقْتِ عادةً، كالنِّصابِ الحَوْلِىِّ. [وأطلْقَهما فى «المُحَرَّرِ»](1). ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، وصالِحٌ، للمالِكِ أنْ يَحْتَسِبَ فى العُشْرِ بما زاد عليه السَّاعِى لسَنَةٍ أُخْرَى.
تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: قبلَ طُلوعِ الطَّلْعِ والحِصْرِم. جوازُ التَّعْجيلِ بعدَ طُلوعِ ذلك وظُهورِه. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ؛ لأنَّ ظُهورَ ذلك كالنِّصابِ، والإِدْراكُ كالحَوْلِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الوَجيزِ» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغةِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وقيل: لا يجوزُ حتى يشْتَدَّ الحَبُّ ويَبْدُوَ
(1) زيادة من: أ.
وَإِنْ عَجَّل زَكَاةَ النِّصَابِ، فتَمّ الْحَوْلُ وَهُوَ ناقِصٌ قدرَ مَا عَجَّلَهُ، جَازَ.
ــ
صلاحُ الثَّمرَةِ؛ لأنَّه السَّبَبُ. جزَم به فى «المُبْهِجِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» . وأطْلقَهما فى «المحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: وكذا يُخرَّجُ الخِلافُ إنْ أَسامَها دُونَ أكثرِ السَّنَةِ. [وقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ» : لا يجوزُ تَعْجيلُ العُشْرِ؛ لأنَّه يجِبُ بسَبَبٍ واحدٍ، وهو بُدُوُّ الصلاحِ. وجوَّزَه أبو الخَطَّابِ، إذا ظَهَرتِ الثَّمَرَةُ وطَلْعُ الزَّرْعِ. انتهى.
فائدة: لا يصِحُّ تَعْجيلُ زَكاةِ المَعْدِنِ والرِّكازِ بحالٍ، بسَبَبِ أنَّ وجُوبَها يُلازِمُ وُجودَها. ذكَرَه فى «الكافِى» وغيرِه] (1).
قوله: وإنْ عجَّلَ زَكاةَ النِّصَابِ، فتَمَّ الحَولُ وهو نَاقِصٌ قَدْرَ ما عجّلَه، جازَ.
(1) زيادة من: أ.
وإنْ عَجَّلَ زَكَاةَ الْمِائَتَيْنِ، فَنُتِجَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ سَخْلَةً، لَزِمَتْهُ شَاةٌ ثَالِثَةٌ،
ــ
وكان حُكْمُ ما عجَّله كالمَوْجودِ فى مِلْكِه، يتِمُّ به النِّصابُ؛ لأنَّه كمَوْجودٍ فى مِلْكِه وَقْتَ الحوْلِ فى إجْزائِه عن مالِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال أبو حَكِيمٍ: لا يُجْزِئُ، ويكونُ نَفْلًا، ويكونُ كَتَالِفٍ. فعلى المذهبِ، لو ملَك مِائَةً وعِشْرِين شاةً، فعَجَّل شاةً، ثم نُتِجَت قبلَ الحْولِ واحِدَةً لَزِمَه شاةٌ ثانِيَةٌ. وعلى الثَّانى، لا يَلْزَمُه.
قوله: وإنْ عجَّلَ زَكاةَ المِائَتَيْن، فنُتِجَتْ عندَ الحولِ سَخْلَةً، لزمَتْه شاةٌ ثالِثَةٌ. بِناءً على المذهب فى المسْأَلَةِ التى قبلَها. وعلى قوْلِ أبى حَكيمٍ، لا يَلْزَمُه. ومِن فوائدِ الخِلافِ أيضًا؛ لو عجَّل عن ثَلاثمائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَ دراهِمَ، ثم حالَ الحوْلُ، لَزِمَه زكاةُ مِائَةٍ، دِرْهَمان ونِصْفٌ. ونقَلَه مُهَنَّا. وعلى الثَّانى، يَلْزَمُه زكاةُ خَمْسٍ وتِسْعِين دِرْهمًا. وقال المَجدُ فى «شَرْحِه» ، وتَبِعَه فى «الفُروعِ» ، على الثَّانى:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَلْزَمُه زَكاةُ اثْنَيْن وتِسْعِين ونِصْفُ دِرْهمٍ. وهذا، واللَّه أعلمُ، سَهْوٌ؛ لأنَّ الباقِىَ فى مِلْكِه، بعدَ إخْراجِ الخَمْسَةِ المُعَجَّلَةِ، مِائَتان وخَمْسَة وتِسْعُون، فَالخَمْسَةُ الْمُخرجَةُ أجْزأَتْ عن مِائَتَيْن، وهى كالتَّالِفَةِ على قوْلِ أبى حَكِيمٍ، فلا تجِبُ فيها زكاةٌ، وإنَّما الزَّكاةُ على الباقِى، وهو خَمْسَةٌ وتِسْعُون. ومِن فوائدِ الخِلافِ أيضًا، لو عجَّل عن ألْفٍ خَمْسًا وعِشْرِين منها، ثم رَبِحَتْ خَمْسَةً وعِشْرِين، لَزِمَه زكاتُها، على المذهبِ. وعلى الثّانِى، لا يَلْزَمُه شئٌ. ومنها، لو تَغَيَّرَ بالمُعَجَّلِ قَدْرُ الفَرْضِ، قُدِّرَ كذلك على المذهبِ. وعلى الثَّانِى، لا.
فائدتان؛ إحداهما، لو نتَج المالُ ما يَتَغَيَّرُ به الفَرْضُ، كما لو عجَّل تَبِيعًا عن ثَلاِثين مِنَ البَقَرِ، فَنُتِجتْ عَشْرًا، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يُجْزِئُه المُعَجَّلُ عن شئٍ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . والوَجْهُ الثَّانِى، يُجْزِئُه عمَّا عجَّلَه، ويَلْزَمُه للنِّتاجِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» . فعلى الأوَّل، هل له ارْتجاعُ المُعَجَّلِ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». قلتُ: إنْ كان المُعَجَّلُ موْجودًا، ساغَ ارْتجاعُه. الثَّانيةُ، لو أخَذ السَّاعِى فوقَ حقِّه مِن ربِّ المالِ، اعتدَّ بالزِّيادةِ مِن سَنةٍ ثانيةٍ. نصَّ عليه. وقال الإِمامُ أحمدُ أيضًا: يُحْسَبُ ما أهْداه للعاملِ مِنَ الزَّكاةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أيضًا. وعنه، لا يُعْتَدُّ بذلك. وجمَع المُصَنِّفُ بينَ الرِّوايتَيْن، فقال: إنْ نَوَى المالِكُ التَّعْجيلَ، اعْتُدَّ به، وإلَّا فلا. وحَمَلَها على ذلك. وحمَل المَجْدُ رِوايةَ الجَوازِ على أنَّ السَّاعِىَ أخَذ الزِّيادَة بنيَّةِ الزَّكاةِ إذا نَوَى التَعْجيلَ. قال: وإنْ عَلِمَ أنَّها ليستْ عليه وأخذَها، لم يُعْتَد بها. على الأصحِّ؛ لأنَّه أخَذَها غَصْبًا. قال: ولَنا رِوايةٌ، أنَّ مَن ظُلِمَ فى خَراجِه، يحْتسبُه مِنَ العُشْرِ، أو مِن خَراجٍ آخَرَ. فهذا أوْلَى. ونقَل عنه حَرْبٌ، فى أرْضِ صُلْحٍ يأْخُذُ السُّلْطانُ منها نِصْف الغَلَّةِ، ليس له ذلك. قيل له: فيُزَكِّى المالِكُ عمَّا بَقِىَ فى يَدِه؟ قال: يُجْزِئُ ما أخَذَه السُّلْطانُ عنِ الزَّكاةَ. يعْنِى إذا نوَى به المالِكُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: إنْ زادَ فى الخَرْصِ، هل يُحْتَسَبُ بالزِّيادةِ مِنَ الزَّكاةِ؟ فيه رِوايَتان. قال: وحمَل القاضى المسْأَلةَ على أنَّه يحْتَسبُ بنيَّةِ المالِكِ وَقْتَ الأخْذِ، وإلَّا لم يُجْزِئْه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ما أخَذَه باسْمِ الزَّكاةَ، ولو فوقَ الواجِبِ، بلا تأْوِيلٍ، اعتدَّ به، وإلَّا فلا. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُعْتَدُّ بما أخذَه. وعنه، بوَجْهٍ سائغٍ. وعنه، لا. وكذا ذكَرَه ابنُ تَميمٍ فى آخِرِ فصْلِ شِراءِ الذِّمِّىِّ لأرْضٍ عُشْرِيَّةٍ. وقدَّم أنَّه لا يُعْتدُّ به.
وَإنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّهَا، فَمَاتَ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ اسْتَغْنَى، أَجْزَأَتْ عَنْهُ.
ــ
قوله: وإنْ عجَّلَها فدفَعَها إلى مستَحِقِّها، فماتَ أو ارْتَدَّ أو اسْتَغْنَى. يعْنِى مَن دُفِعَتْ إليه مِن هؤلاءِ، أجْزَأَتْ عنه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ
وَإنْ دَفَعَهَا إِلَى غَنِىٍّ، فَافتَقَرَ عِنْدَ الْوُجُوبِ، لَمْ تُجْزِئْهُ،
ــ
وقيل: لا تُجْزِئُه. وهو وَجْهٌ، ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ.
تنبيه: مُرادُه بقَوْلهِ: وإنْ دفَعَها إلى غَنِىٍّ، فافْتَقَرَ عندَ الوُجوبِ، لم تجْزِئْه. إذا عَلِمَ أنَّه غَنِىٌّ حالةَ الدَّفْعِ، وهذا بلا نِزاعٍ، وأمَّا إذا دَفَعها إليه ظانًّا أنَّه فقِيرٌ، وهو
وَإنْ عَجَّلَها ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمِسكِينِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ الدَّافِعُ السَّاعِىَ، أوْ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ، رَجَعَ عَلَيْهِ.
ــ
فى الباطِنَ غَنىٌّ، فَيَأْتِى فِى كلامَ المُصنِّفِ فى آخِرِ البابِ الذى بعدَه، عندَ قوْلِه: وإنْ دفَعَها إلى مَن لا يَسْتَحِقُّها وهو لا يعْلَمُ، ثم عَلِمَ.
فائدة: أفادَنا المُصَنِّفُ، رحمه الله، بقَوْلِه: وإنْ عجَّلَها ثم هلَك المالُ قبلَ الحَوْلِ، لم يَرْجِعْ على المِسْكِينِ. أنَّ الزَّكاةَ إذا عجَّلَها ثم هلَك المالُ قبلَ الحَوْلِ، أنَّه لا زَكاةَ عليه. وهو صَحيحٌ، لأنَّا تَبيَّنَّا أنَّ المُخْرَجَ غيرُ زكاةٍ. وكذا الحُكْمُ لو ارْتَدَّ المالِكُ أو نَقص النِّصابُ. وكذا لو ماتَ المالِكُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: إنْ ماتَ بعدَ أنْ عجَّل، وَقعتِ المَوْقعَ، وأجْزأَتْ عَنِ الوَارِثِ.
قوله: لم يَرْجِعْ على المِسْكِينِ. اعلمْ، أنَّه إذا بانَ أن المُخْرَجَ غيرُ زكاتِه، فالصَّحيحُ، أنَّه لا يَمْلِكُ الرُّجوعَ فيما أخْرجَه مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. قال القاضى وغيرُه: هذا المذهبُ؛ لوُقوعِه نَفْلًا، بدَليلِ مِلْكِ الفَقيرِ لها. قال المَجْدُ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «الرِّعايَةِ» : لم يرْجِعْ فى الأصحِّ. وقيلَ: يَمْلِكُ الرُّجوعَ فيه. قال القاضى فى «الخِلَافِ» : أَوْمَأَ إليه فى رِوايَةِ مُهَنَّا، فى مَن دَفع إلى رجُلٍ زكاةَ مالِه، ثم عَلِمَ غِنَاه، يأْخُذُها منه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ شِهَابٍ، وأبو الخَطَّابِ. قالَه فى «الفُروعِ» . وقال غيرُ واحد؛ منهم ابنُ تَميمٍ، على هذا القَولِ: إنْ كان الدَّافِعُ وَلِىَّ ربِّ المالِ، رجَع مُطْلَقًا. وإنْ كان ربَّ المالِ ودفَع إلى السَّاعِى مُطْلَقًا، رجَع فيها، ما لم يدْفَعْها إلى الفَقيرِ، وإن دفَعَها إليه فهو كما لو دفَعَها ربُّ المالِ. قال فى «الفُروعِ»: وجزَم غيرُ واحِدٍ عنِ ابنِ حامِدٍ، إن كان الدَّافِعُ لها السَّاعِىَ، رجَع مُطْلَقًا. قلتُ: منهم المُصَنِّفُ هنا. وأطْلقَ الوَجْهَيْن فى أصْلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المسْأَلةِ فى «الفُروعِ» ، وأكثرُ الأصحابِ على أنَّ الخِلافَ وَجْهان، وحَكَاه أبو الحُسَيْنِ رِوايتَيْن، وحكَى فى «الوَسِيلَةِ» ، أنَّ مِلْكَه للرُّجوعِ رِوايَةٌ. وتقدَّم قوْلُ القاضى فيه.
فائدة: لو أعلَمَ ربُّ المالِ السَّاعِىَ، أنَّ هذه زكاةٌ مُعَجَّلَة، ودفَعَها السَّاعِى إلى الفَقيرِ، رجَع عليه، أعْلَمَه السَّاعِى بذلك أم لم يُعْلِمْه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «مُخْتَصرِ ابنِ تَميمٍ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقيلَ: لا يرْجِعُ عليه إذا لم يُعْلِمْه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، كما قال المُصَنِّفُ وغيرُه. وهى داخِلَةٌ فى كلامِ المُصَنِّفِ. وإنْ دفَعَها ربُّ المالِ إلى الفَقيرِ وأعْلَمه أنَّها زكاةٌ مُعَجَّلةٌ، رجَع عليه، وإلَّا فلا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ ما اخْتارَه ابنُ حامِدٍ هنا. وقيل: يرْجِعُ، وإنْ لم يُعْلِمْه. وقيل: وإنْ عَلِمَ الفَقيرُ أنَّها زكاةٌ مُعَجَّلةٌ، رجَع عليه، وإلَّا فلا. قال ابنُ تَميمٍ: جزَم به بعضُهم. وقال: وإِذا لم يعْلَمْ فأوْجُهٌ؛ الثَّالثُ، يرْجِعُ إنْ أعْلَمَه، وإلا فلا. انتهى. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا؛ أنَّه لا يرْجعُ عليه مُطْقًا على المُقَدَّمِ عندَه. وقال فى «الفُروعِ»: وقيلَ: فى الوَلِىِّ أوْجُهٌ؛ الثَّالثُ، يرْجِعُ إنْ أعْلَمَه. قال: وكذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَن دفَع إلى السَّاعِى. وقيل: يرْجِعُ إنْ أعْلَمه، وكانت بيَدِه.
فائدة: متى كان ربُّ المال صادِقًا، فله الرُّجوعُ باطِنًا، أعْلَمه بالتَّعْجيلِ أوْلا، لا ظاهِرًا، مع الإطْلاقِ؛ لأنَّه خِلافُ الظَّاهِرِ. وإنِ اخْتلَفا فى ذِكْرِ التَّعْجيلِ، صُدِّقَ الآخِذُ، عَملًا بالأصْلِ، ويحْلِفُ له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والمَجدُ فى «شَرْحِه» ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقيلَ: لا يحْلِفُ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وحيثُ قُلْنا: له الرُّجوعُ. ورجَع، فإنْ كانتِ العَيْنُ باقِيَةً، أخَذَها بزِيادَتِها المُتَّصِلَةِ لا المُنْفَصِلَةِ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّمانِين»: وهو الأظهَرُ؛ لحُدُوثِها فى مِلْك الفَقيرِ كنَظائرِه. وأشارَ أبو المَعالِى إلى ترَدُّدِ الأمْرِ بينَ الزَّكاةِ والقَرْضِ (1)؛ فإذا تَبَيَّنَّا أنَّها ليستْ بزكاةٍ، بَقِىَ كوْنُها قَرْضًا (2). وقيلَ: يرْجِعُ بالمُنْفَصِلَةِ أيضًا، كرُجوعِ بائعِ المُفْلِسِ المُسْتَردِّ عيْنَ مالِه بها. ذكَرَه القاضى. قال فى «القَواعِدِ»: اخْتارَه القاضى فى «خِلَافِه» . وإنْ نقَصَتْ عندَه، ضَمِنَ نقْصَها كجُمْلَتِها وأبْعاضِها، كمَبِيعٍ ومَهْرٍ. وهذا المذهبُ. جزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: لا يضْمَنُ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه ابنُ تَميمٍ. قال: وأطْلقَ بعضُهم الوَجْهَيْن، يعْنِى فى ضَمانِ النَّقْصِ، ولو كان جُزْءًا منها. وإنْ كانتْ تالِفَةً ضمنَ مِثْلَها أو قِيمَتَها يوْمَ التَّعْجيلِ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ ما قالَه صاحِبُ «المُحَرر» : يومَ التَّلَفِ على صِفَتِها يومَ
(1) فى أ: «الفرض» .
(2)
فى أ: «فرضًا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّعْجيلِ، لأنَ ما زادَ بعدَ القَبْضِ حدَث فى مِلْكِ الفَقيرِ، ولا يَضْمَنُه، وما نقَص يَضْمَنُه. انتهى. وأمَّا ابنُ تَميمٍ، فقال: ضَمِنَها يَوْمَ التَّعْجِيلِ. وقال شيْخُنا، يعْنِى به المَجْدَ: يوْمَ التَّلَفِ على صِفَتِها يومَ التَّعْجيلِ. فصاحِبُ «الفُروعِ» فسَّرَ مُرادَ الأصحابِ بما قالَه المَجْدُ، وابنُ تَميمٍ جعَلَه قوْلًا ثانِيًا فى المسْألَةِ، وتَفْسيرُ صاحِبِ «الفُروعِ» أوْلَى وأقْعَدُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويَغْرَمُ نقْصَها يومَ رَدِّها، أو قِيمتَها، إنْ تَلِفَتْ، أو مِثْلَها يوْمَ عُجِّلَتْ. وقيلَ: بل يوْمَ التَّلَفِ. فصِفَتُها يوْمَ عُجِّلَتْ. وقيل: يضْمَنُ المِثْلِىَّ بمِثْلِه، وغيرَه بقِيمَتِه يوْمَ عُجِّلَ، ولا يضْمَنُ نَقْصَه.
فوائد؛ منها، لو اسْتَسْلَفَ السَّاعِى الزَّكاةَ، فتَلِفَتْ فى يَدِه مِن غيرِ تَفْريطٍ، لم يَضْمَنْها، وكانتْ مِن ضَمانِ الفُقراءِ. سواء سأله الفُقراءُ ذلك أو ربُّ المالِ، أو لم يسْأَلْه أحَدٌ. هذا الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن». وقيل: إنْ تَلِفتْ بيَدِ السَّاعِى، ضُمِنَتْ مِن مالِ الزَّكاةِ. قدمه ابنُ تَميمٍ، وجزَم به فى «الحاوِيَيْن». وقيلَ: لا. وذكَر ابنُ حامِدٍ، أنَّ الإِمامَ يدْفَعُ إلى الفَقيرِ عِوَضَها مِن مالِ الصَّدَقاتِ. ومنها، لو تعمَّدَ المالِكُ إتلافَ النِّصابِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو بعضِه بعدَ التَّعْجيلِ، غيرَ قاصِدٍ الفِرارَ منها، فحُكْمُه حُكْمُ التَّالِفِ بغيرِ فِعْلِه فى الرُّجوعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما لو سأَلَه الفُقَراءُ قبْضَها، أو قبَضَها لحاجَةِ صِغارِهم، وكما بعدَ الوُجوبِ. وقيل: لا يرْجِعُ. وقيل: لا يرْجِعُ فيما إذا أَتْلَفَ (1) دُونَ الزَّكاةِ؛ للتُّهْمَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ» : وهل إتْلافُه مالَهَ عمْدًا بعدَ التَّعْجيلِ كتَلَفِه بآفةٍ سَماوِيَّةٍ، أو كإتْلافِ أجْنَبِىٍّ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. انتهى. ومنها، لو أخْرَجَ زَكاتَه فتَلِفَتْ قبلَ أنْ يقْبِضَها الفَقيرُ لَزِمَه بدَلُها. ومنها، يُشْتَرَطُ لِملْك الفَقيرِ لها، وإجْزائِها عن ربِّها، قَبْضُه، فلا يُجْزئ غَداءُ الفُقراءِ ولا عَشاؤُهم. جزَم به ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. ولا يصِحُّ تَصَرُّفُ الفَقيرِ فيها (2) قبلَ قَبْضِها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وخرَّجَ المَجْدُ فى المُعَينَّةَ المَقْبولَةِ كالمَقْبُوضَةِ، كالهِبَةِ وصدَقَةِ التَّطَوُّعِ والرَّهْنِ. قال: والأوَّلُ أصحُّ. انتهى. وقال فى «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: وإنْ عيَّنَ زَكاتَه، فقَبِلَها الفَقِيرُ، فتَلِفَتْ قبلَ قَبْضِه، لم يُجْزِئْه فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأرْبَعِين»: فى الزَّكاةِ والصَّدقَةِ والقَرْضِ وغيرِها طَرِيقَان، أحدُهما، لا يمْلِكُ إلَّا بالقَبْضِ، رِوايةً واحدَةً. وهى طرِيقَةُ القاضى فى «المُجَرّدِ» ، والشِّيرَازِىِّ فى «المُبْهِجِ» . ونصَّ عليه فى مَواضِعَ. والطَّريقُ الثَّانى، لا يمْلِكُ فى المُبْهَمِ بدُونِ القَبْضِ، وفى
(1) فى أ: «أتلفت» .
(2)
زيادة من: أ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُعَين يمْلِكُ بالعَقْدِ. وهى طرِيقَةُ القاضى فى «خِلَافِه» ، وابنِ عقِيلٍ فى «مُفْرَداتِه» ، والحَلْوَانِىِّ وابنهِ (1)، إلَّا أنَّهما حكَيَا فى المُعَيَّنِ رِوايتَيْن كالهِبَةِ. انتهى. فإِذا قُلْنا: تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ القَبُولِ. فهل يجوزُ بَيْعُها؟ قال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والخَمْسِين» : نصَّ أحمدُ على جوازِ التَّوْكيلِ. قال: وهو نَوْعُ تصَرُّفٍ، فَقِياسُه سائرُ التَّصَرُّفاتِ، وتكونُ حِينَئِذٍ كالهِبَةِ المَمْلوكةِ بالعَقْدِ. ولو قال الفَقيرُ لربِّ المالِ: اشْتَرِ لى بها ثوْبًا. ولم يَقْبِضْها منه، لم يُجْزِئْه، ولو اشْتَراه كان للمالِكِ، ولو تَلِفَ كان مِن ضَمانِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ تخْريجٌ مِن إذْنِه لغَريمِه فى الصَّدقَةِ بدَيْنِه عنه، أو صَرْفِه، أو المُضارَبَةِ به. قلتُ: والنَّفْسُ تميلُ إلى ذلك. ويأتى فى البابِ الذى بعدَه، إذا أبرَأ الغَريمُ غريمَه، أو أحالَ الفَقيرَ بالزَّكاةِ، هل تسقطُ الزَّكاةُ عنه؟ عندَ قولِه: ويجوزُ دفْعُ الزَّكاةِ إلى مُكاتَبِه وإلى غَريمِه.
(1) هو عبد الرحمن بن محمد بن على بن محمد الحلوانى، أبو محمد، الفقيه الإمام، تفقه على أبيه، وبرع فى الفقه وأصوله، وصنف كتاب «التبصرة» فى الفقه، و «الهداية» فى أصول الفقه. توفى سنة ست وأربعين وخمسائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 221.