الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صِفَةِ الصَّلاةِ
552 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، نَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَعَلَيْكَ السَّلامُ ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ، فَقَالَ:«وَعَلَيْكَ السَّلامُ ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا: عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ، فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ
حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا».
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَا أَبُو أُسَامَةَ، نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَالَ:«وَعَلَيْكَ، ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: فَأَعْلِمْنِي، وَقَالَ بَعْدَ السُّجُودِ الأَخِيرِ:«ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ
قَوْلُهُ: «بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ» أَرَادَ بِهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ إِذَا كَانَ يُحْسِنُهَا بِبَيَانِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْهَدْيِ:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [الْبَقَرَة: 196] وَالْمُرَادُ مِنْهُ: شَاةٌ بِبَيَانِ السُّنَّةِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الطَّمَأْنِينَةِ فِي الأَرْكَانِ، لأَنَّ أَمْرَهُ لِلْوُجُوبِ.
وَفِي قَوْلِهِ: «ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا» دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا، كَمَا يَجِبُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ.
قُلْتُ: أَرْكَانُ الصَّلاةِ سِتَّةَ عَشْرَةَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى: النِّيَّةُ فِي أَوَّلِهَا، وَالتَّكْبِيرَةُ الأُولَى، وَالْقِيَامُ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَالرُّكُوعُ، وَالطَّمَأْنِينَةُ فِيهِ، وَالاعْتِدَالُ عَنْهُ قَائِمًا، وَالطَّمَأْنِينَةُ فِيهِ، وَالسُّجُودُ الأَوَّلُ، وَالطَّمَأْنِينَةُ فِيهِ، وَالاعْتِدَالُ عَنْهُ جَالِسًا، وَالطَّمَأْنِينَةُ فِيهِ، وَالسُّجُودُ الثَّانِي، وَالطَّمَأْنِينَةُ فِيهِ، وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالاةُ.
وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رُكْنًا، هَذِهِ الأَرْكَانُ سِوَى النِّيَّةِ، وَالتَّكْبِيرِ.
وَفِي الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ الأَخِيرِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: الْقُعُودُ، وَقِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ، وَالصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالتَّسْلِيمَةُ الأُولَى.
فَكُلُّ صَلاةٍ هِيَ ذَاتُ رَكْعَتَيْنِ فِيهَا أَرْبَعَةٌ وَثَلاثُونَ رُكْنًا، وَفِي الْمَغْرِبِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ رُكْنًا، وَفِي ذَاتِ الأَرْبَعِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ رُكْنًا، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا، فَزَادُوا وَنَقَصُوا عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فِي مَوَاضِعِهَا.
ثُمَّ الْوَقْتُ، وَالطَّهَارَةُ عَنِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ مِنْ شَرَائِطِهَا.
553 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ،
عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا، قَالَ رِفَاعَةُ: وَنَحْنُ مَعَهُ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ كَالْبَدَوِيِّ، فَصَلَّى وَأَخَفَّ صَلاتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَعَلَيْكَ، فَارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«وَعَلَيْكَ، ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فَفَعَلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَعَلَيْكَ، فَارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فَعَافَ النَّاسُ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونَ مَنْ أَخَفَّ صَلاتَهُ لَمْ يُصَلِّ، فَقَالَ الرَّجُلُ فِي آخِرِ ذَلِكَ: فَأَرِنِي وَعَلِّمْنِي، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ، فَقَالَ: «أَجَلْ، إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ، فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تَشَهَّدْ، وَأَقِمْ، فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ، وَإِلا فَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ، ثُمَّ ارْكَعْ فَاطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ اعْتَدِلْ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ وَاعْتَدِلْ سَاجِدًا، ثُمَّ اجْلِسْ فَاطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ قُمْ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلاتُكَ، فَإِنِ انْتَقَصْتَ مِنْهُ
شَيْئًا، انْتَقَصْتَ مِنْ صَلاتِكَ»، قَالَ: فَكَانَ هَذَا أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ مِنَ الأُولَى، أَنَّهُ مَنِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا انْتَقَصَ مِنْ صَلاتِهِ، وَلَمْ تَذْهَبْ كُلُّهَا.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ رِفَاعَةَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَقَدْ صَحَّ مِثْلُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاةِ، فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ، يَجِبُ قِرَاءَتُهَا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْفَاتِحَةَ، وَيُحْسِنُ شَيْئًا غَيْرَهَا مِنَ الْقُرْآنِ، يَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ
سَبْعَ آيَاتٍ مِنْ حَيْثُ يُحْسِنُ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ، يُسَبِّحِ اللَّهَ، وَيَحْمَدْهُ، وَيُهَلِّلْهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا، فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي، قَالَ:" قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لِلَّهِ، فَمَا لِي؟ قَالَ:" قُلِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي "، وَلَوْ صَلَّى فَنَسِيَ الْقِرَاءَةَ أَعَادَ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ، فَلَمْ يَقْرَأْ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قِيلَ لَهُ: مَا قَرَأْتَ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ؟ فَقَالُوا: حَسَنًّا، فَقَالَ: لَا بَأْسَ إِذًا.
554 -
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بُوَيْهِ الزَّرَّادُ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ، نَا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ، نَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلانِيُّ أَبُو أَحْمَدَ، أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلادٍ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَجُلٌ يُصَلِّي،
فَلَمَّا انْصَرَفَ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَعِدْ صَلاتَكَ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَرَجَعَ فَصَلَّى كَنَحْوٍ مِمَّا صَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَعِدْ صَلاتَكَ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَلِّمْنِي، قَالَ:«إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَمَا تَيَسَّرَ، ثُمَّ ارْكَعْ، فَإِذَا رَكَعْتَ، فَاجْعَلْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، فَامْدُدْ ظَهْرَكَ، وَمَكِّنْ لِرُكُوعِكَ، وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ، فَقُمْ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إِلَى مَفَاصِلِهَا، ثُمَّ اسْجُدْ، فَإِذَا سَجَدْتَ، فَمَكِّنْ لِسُجُودِكَ، فَإِذَا رَفَعْتَ، فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى، ثُمَّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا، كَمَا يَجِبُ الرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا، وَجَوَّزَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ التَّسْبِيحَ فِي
الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ، بَدَلا عَنِ الْقِرَاءَةِ، وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ: يُسَبِّحُ فِي الأُخْرَيَيْنِ، وَلا يَصِحُّ.
55 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالا: نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، نَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَدُهُمْ: أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ يَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: مَا كُنْتَ أَقْدَمَنَا لَهُ صُحْبَةً، وَلا أَكْثَرَنَا لَهُ إِتْيَانًا؟ قَالَ: بَلَى، قَالُوا: فَاعْرِضْ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، " إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَرَكَعَ، ثُمَّ اعْتَدَلَ، فَلَمْ يُصَبِّ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُقْنِعْ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ
لِمَنْ حَمِدَهُ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلا، ثُمَّ هَوَى إِلَى الأَرْضِ سَاجِدًا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ إِبِطَيْهِ، وَفَتَخَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَقَعَدَ عَلَيْهَا، ثُمَّ اعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلا، ثُمَّ هَوَى سَاجِدًا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ، وَقَعَدَ، وَاعْتَدَلَ، حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عُضْوٍ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ نَهَضَ، ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ، كَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، كَمَا صَنَعَ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلاةَ، ثُمَّ صَنَعَ كَذَلِكَ، حَتَّى كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي تَنْقَضِي فِيهَا صَلاتُهُ، أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَقَعَدَ عَلَى شِقِّهِ مُتَوَرِّكًا، ثُمَّ سَلَّمَ.
قَالَ أَبُو عِيسَى: مَعْنَى قَوْلِهِ: «إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ» يَعْنِي: إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ.
قُلْتُ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ نَعْلَمُهُ، أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاتِهِ.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلالُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، نَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِمَعْنَاهُ، وَزَادَ: قَالُوا: صَدَقْتَ، هَكَذَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
قَوْلُهُ: «لَمْ يُصَبِّ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُقْنِعْ» يُقَالُ: صَبَّى الرَّجُلُ رَأْسَهُ يُصَبِّيهِ، إِذَا خَفَضَهُ جِدًّا، أَخَذَ مِنْ صَبَا: إِذَا مَالَ إِلَى الصِّبَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل:{أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} [يُوسُف: 33] أَيْ: أَمِلْ إِلَيْهِنَّ، قَالَ الأَزْهَرِيُّ: الصَّوَابُ فِيهِ يُصَوِّبُ.
وَيُقَالُ: هُوَ يُصَبِّئُ مَهْمُوزٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ: صَبَأَ الرَّجُلُ عَنْ دِينِ
قَوْمِهِ، أَيْ: خَرَجَ فَهُوَ صَابِئٌ.
وَقَوْلُهُ: «وَلَمْ يُقْنِعْ» أَيْ: لَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى يَكُونَ أَعْلى مِنْ جَسَدِهِ، وَالإِقْنَاعُ: رَفْعُ الرَّأْسِ، وَيُقَالُ أَيْضًا لِمَنْ خَفَضَ رَأْسَهُ: قَدْ أَقْنَعَ رَأْسَهُ، وَالْحَرْفُ مِنَ الأَضْدَادِ.
وَقَوْلُهُ: «جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ» أَيْ: بَاعَدَ بِهِمَا، وَالْجَفَاءُ بَيْنَ النَّاسِ: التَّبَاعُدُ.
قَوْلُهُ: «وَفَتَخَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ» أَيْ: لَيَّنَهَا حَتَّى تَنْثَنِيَ فَيُوَجِهَّهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ، وَالْفَتْخُ: لِينٌ وَاسْتِرْسَالٌ فِي جَنَاحِ الطَّائِرِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعُقَابِ: فَتْخَاءُ، لأَنَّهَا إِذَا انْحَطَّتْ كَسَرَتْ جَنَاحَهَا.
557 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ.
ح، وَأَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَيَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْنَا صَلاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، رَأَيْتُهُ «إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ، أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ،
ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ إِلَى مَكَانِهِ، فَإِذَا سَجَدَ، وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلا قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ الْيُمْنَى، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ، قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ الأُخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
قَوْلُهُ: «هَصَرَ ظَهْرَهُ» أَيْ: ثَنَاهُ ثَنْيًا شَدِيدًا فِي اسْتِوَاءٍ بَيْنَ رَقْبَتِهِ وَظَهْرِهِ، وَالْهَصْرُ: مُبَالَغَةُ الثَّنْيِ لِلشَّيْءِ الَّذِي فِيهِ لِينٌ، حَتَّى يَنْثَنِيَ كَالْغُصْنِ الرَّطْبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْلُغَ الْكَسْرَ وَالإِبَانَةَ.
وَقَوْلُهُ: «وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ» يُرِيدُ: لَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ،
بَلْ يَرْفَعُهُمَا عَنِ الأَرْضِ.
وَقَوْلُهُ: «وَلا قَابِضِهِمَا» يُرِيدُ: لَا يَضُمُّ أَصَابِعَهُمَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ: لَا يَضُمُّ الذِّرَاعَيْنِ، وَالْعَضُدَيْنِ إِلَى الْجَنْبَيْنِ، بَلْ يُجَافِيهِمَا عَنِ الْجَنْبَيْنِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:«وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ»