الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلاةِ فِيهَا
773 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلا عِنْدَ غُرُوبِهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
774 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَيَّانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
775 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلا صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
776 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا، ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا» ، «وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلاةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ» .
الصُّنَابِحِيُّ لَيْسَ لَهُ سَمَاعٌ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ رَحَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ، وَقَدْ رَوَى أَحَادِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ، ذَكَرَهُ أَبُو عِيسَى
قَوْلُهُ: «وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ» قِيلَ: أَرَادَ بِهِ حِزْبَهُ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [الْأَنْعَام: 6] وَالْمُرَادُ بِالْقَرْنِ هَهُنَا: عَبَدَةُ الشَّمْسِ، فَإِنَّهُمْ يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ، وَقِيلَ: قَرْنُ الشَّيْطَانِ أَيْ: قُوَّتُهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلانٌ مُقْرِنٌ لِهَذَا الأَمْرِ، أَيْ: مُطِيقٌ لَهُ، وَهُوَ مَثَلٌ يُرِيدُ بِهِ التَّسَلُّطَ، وَذَلِكَ
لأَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يَقْوَى أَمْرُهُ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ، لأَنَّهُ يُسَوِّلُ لِعَبَدَةِ الشَّمْسِ أَنْ يَسْجُدُوا لَهَا فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ الثَّلاثَةِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ الشَّيْطَانَ يُدْنِي رَأْسَهُ مِنَ الشَّمْسِ فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ حَتَّى يَكُونَ طُلُوعُهَا وَغُرُوبُهَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ، وَهُمَا جَانِبَا رَأْسِهِ مِنَ الشَّمْسِ، فَيَنْقَلِبُ سُجُودُ عَبَدَةِ الشَّمْسِ لِلشَّمْسِ عِبَادَةً لِلشَّيْطَانِ.
777 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَفَّافُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى الْبَزَّازُ، نَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، نَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، نَا شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَمَّارٍ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: يَا عَمْرُو بْنَ عَبَسَةَ لِصَاحِبِ الْعَقْلِ، رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، بِأَيِّ شَيْءٍ تَدَّعِي أَنَّكَ رُبْعُ الإِسْلامِ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَرَى النَّاسَ عَلَى ضَلالَةٍ، وَلا أَرَى الأَدْيَانَ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُ عَنْ رَجُلٍ يخبر أَخْبَارًا بِمَكَّةَ، وَيُحَدِّثُ أَحَادِيثَ، فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى أَقْدَمَ مَكَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْفِيًا، وَإِذَا قَوْمُهُ عَلَيْهِ جُرَآءُ، فَتَلَطَّفْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: «أَنَا نَبِيٌّ» ، فَقُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: «
رَسُولُ اللَّهِ»، قُلْتُ: آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: «بِأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ وَلا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، وَكَسْرِ الأَوْثَانِ، وَصِلَةِ الأَرْحَامِ» فَقُلْتُ: مَنْ تَبِعَكَ عَلَى هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: «حُرٌّ وَعَبْدٌ» وَإِذَا مَعَهُ بِلالٌ وَأَبُو بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي مُتَّبِعُكَ، قَالَ:«إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ يَوْمَكَ هَذَا، وَلَكِنِ ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ، فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ ظَهَرْتُ فَالْحَقْ بِي» فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَدْ أَسْلَمْتُ، فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّرُ الأَخْبَارَ حَتَّى جَاءَ رَكْبٌ مِنْ يَثْرِبَ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الْمَكِّيُّ الَّذِي أَتَاكُمْ؟ قَالُوا: أَرَادَ قَوْمُهُ قَتْلَهُ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا ذَلِكَ، وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَتَرَكْنَا النَّاسَ إِلَيْهِ سِرَاعًا، فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ:«نَعَمْ، أَلَسْتَ الَّذِي أَتَيْتَنِي بِمَكَّةَ» ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَجْهَلُ، قَالَ: «إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَأَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتْ فَلا تُصَلِّ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا
تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ قَيْدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ، فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الرُّمْحُ بِالظِّلِّ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ، فَإِنَّهَا تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا فَاءَ الْفَيْءُ، فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، فَأَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ حِينَ تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ؟ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ، ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ فَيَمُجُّ، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ وَيَسْتَنْثِرُ، إِلا جَرَتْ خَطَايَا فِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، إِلا جَرَتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، إِلا جَرَتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَطْرَافِ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، إِلا جَرَتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعَرِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، إِلا جَرَتْ خَطَايَا قَدَمَيْهِ مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ،
وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ أَهْلٌ، ثُمَّ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ لَهُ إِلا انْصَرَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: يَا عَمْرُو بْنَ عَبَسَةَ، انْظُرْ مَاذَا تَقُولُ؟ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيُعْطَى الرَّجُلُ هَذَا كُلَّهُ فِي مَقَامِهِ؟! قَالَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةِ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، لَقَدْ كَبِرَ سِنِّي، وَرَقَّ عَظْمِي، وَاقْتَرَبَ أَجَلِي، وَمَا بِي حَاجَةٌ إِلَى أَنْ أَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاثًا، لَقَدْ سَمِعْتُهُ سَبْعًا، أَوْ ثَمَانِيًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيِّ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، وَقَالَ:«فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ إِلا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَةِ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»
قُلْتُ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا صَلَّى الصُّبْحَ أَنْ يَبْتَدِئَ نَافِلَةً مِنَ الصَّلاةِ لَا سَبَبَ لَهَا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قَيْدَ رُمْحٍ،
وَلا بَعْدَمَا صَلَّى الْعَصْرَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِمَا قَضَاءَ الْفَرَائِضِ، فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصُّبْحِ أَوْ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَقَضَى فَرْضًا، أَوْ صَلَّى تَطَوُّعًا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضَ الْوَقْتِ، فَجَائِزٌ بِالاتِّفَاقِ.
وَأَمَّا حَالَةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَحَالَةُ الاسْتِوَاءِ، وَحَالَةُ الْغُرُوبِ، فَاخْتَلَفُوا فِي قَضَاءِ الْفَرَائِضِ فِيهَا، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى جَوَازِهِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَحَمَّادٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالُوا: النَّهْيُ عَنْ تَطَوُّعٍ يَبْتَدِئُهُ الإِنْسَانُ مُخْتَارًا، وَكَذَلِكَ جَوَّزَ الشَّافِعِيُّ فِيهَا كُلَّ تَطَوُّعٍ لَهُ سَبَبٌ مِنْ قَضَاءِ سُنَّةٍ، أَوْ وِرْدٍ، أَوْ تَحِيَّةِ مَسْجِدٍ إِنِ اتَّفَقَ دُخُولُهُ، أَوْ صَلاةِ خُسُوفٍ إِنْ وُجِدَ فِيهَا.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ الثَّلاثَةِ فَرْضًا وَلا غَيْرَهُ إِلا حَالَةَ الْغُرُوبِ يَجُوزُ عَصْرُ يَوْمِهِ فَحَسْبُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ نَامَ عَنْ صَلاةِ الْعَصْرِ، فَاسْتَيْقَظَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَالأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي صَلاةِ الْجِنَازَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ الثَّلاثَةِ، فَأَجَازَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ «كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ إِذَا صُلِّيَتَا لِوَقْتِهِمَا، وَلا يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلا غُرُوبِهَا» .
رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ صَلُّوا الصُّبْحَ» ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى كَرَاهِيَتِهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ لِمَا
778 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الميربندكشائِيُّ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِرَاجٍ الطَّحَّانُ الشِّنْجِيُّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَرَوذِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ، أَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهَا، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا: «إِذَا طَلَعَتِ
الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ بَازِغَةً، وَإِذَا تَضَيَّفَتْ لِلْغُرُوبِ، وَنِصْفُ النَّهَارِ».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ:" ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسَ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ "
قَوْلُهُ: «نَقْبُرُ فِيهَا مَوْتَانَا» أَيْ: نَدْفِنَ، يُقَالُ: قَبَرَهُ: إِذَا دَفَنَهُ، وَأَقْبَرَهُ: إِذَا جَعَلَ لَهُ قَبْرًا يُوَارَى فِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] أَيْ: جَعَلَ لِلإِنْسَانِ قَبْرًا يُوَارَى فِيهِ، وَسَائِرُ الأَشْيَاءِ يُلْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ.
وَقَوْلُهُ: «تَضَيَّفَتْ لِلْغُرُوبِ» أَيْ: مَالَتِ الشَّمْسُ لِلْمَغِيبِ، وَيُقَالُ مِنْهُ: ضَافَتْ فَهِيَ تَضِيفُ ضَيْفًا.
أَيْ: مَالَتْ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الضَّيْفُ، يُقَالُ: ضِفْتَ فُلانًا: إِذَا مِلْتَ إِلَيْهِ، وَنَزَلْتَ بِهِ، وَأَضَفْتُهُ: إِذَا أَمَلْتَهُ إِلَيْكَ، وَأَنْزَلْتَهُ عَلَيْكَ.
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَعْنَى قَوْلِهِ: «أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا» يَعْنِي: الصَّلاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ.