المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من شك في صلاته فلم يدر كم صلى بنى على اليقين - شرح السنة للبغوي - جـ ٣

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرِ الافْتِتَاحِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالارْتِفَاعِ عَنْهُ وَالْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ مَا يَسْتَفْتِحُ بِهِ الصَّلاةَ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌بَابُ التَّعَوُّذِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ بِالْفَاتِحَةِ وَتَرْكِ الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ

- ‌بَابُ الْجَهْرِ بِالتَّأْمِينِ فِي صَلاةِ الْجَهْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّأْمِينِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌بَابُ الإِسْرَارِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ خَلْفٍ الإِمَامُ وَمَنْ قَالَ: لَا يَقْرَأُ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ

- ‌بَابُ مَا يُجْزِئُ الأُمِّيَّ وَالْعَجَمِيَّ مِنَ الْقِرَاءَةِ

- ‌بَابُ هَيْئَةِ الرُّكُوعِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَوُجُوبِ الطَّمَأْنِينَةِ فِي الاعْتِدَالِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌بَابُ الاعْتِدَالِ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ الاعْتِدَالِ عَنِ الرُّكُوعِ

- ‌بَابُ الْقُنُوتِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ فِي الْقُنُوتِ

- ‌بَابُالسُّجُودِعَلَىسَبْعَةِأَعْضَاءٍ

- ‌بَابُ هَيْئَةِ السُّجُودِ

- ‌بَابُ فَضْلِ السُّجُودِ

- ‌بَابُ الْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌بَابُ الْجُلُوسِ عَقِيبَ السَّجْدَتَيْنِ فِي الأُولَى وَالثَّالِثَةِ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ النُّهُوضِ

- ‌بَابُ تَخْفِيفِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدَيْنِ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّشَهُّدَيْنِ

- ‌بَابُ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ

- ‌بَابُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلامِ

- ‌بَابُ التَّسْلِيمِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الانْصِرَافِ عَنِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌بَابُ مَكْثِ الإِمَامِ بِالْمُصَلَّى حَتَّى يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ

- ‌بَابُ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْكَلامِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ التَّثَاؤُبِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الْبُكَاءِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الالْتِفَاتِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ حَمْلِ الصَّبِيِّ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ لَا يُبْطِلُ الصَّلاةَ

- ‌بَابُ التَّسْبِيحِ إِذَا نَابَهُ شَيْءٌ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ مَنْ شَكَّ فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى بَنَى عَلَى الْيَقِينِ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا

- ‌بَابُ مَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ

- ‌بَابُ مَنْ سَلَّمَ عَنْ رَكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ السَّجْدَةِ فِي الْحَجِّ

- ‌بَابُ السُّجُودِ فِي ص

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلاوَةِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ السُّجُودِ بِسُجُودِ الْقَارِئِ

- ‌بَابُ مَنْ تَرَكَ سُجُودَ التِّلاوَةِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ التِّلاوَةِ

- ‌بَابُ سُجُودِ الشُّكْرِ

- ‌بَابُ الأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلاةِ فِيهَا

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلاةِ وَقْتَ الزَّوَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلاةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ بِمَكَّةَ حَرَسَهَا اللَّهُ

- ‌بَابُ مَا يُصَلَّى فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ مِنَ الْفَوَائِتِ

- ‌بَابُ مُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ التَّشْدِيدِ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ عِنْدَ الْمَطَرِ وَالْعُذْرِ

- ‌بَابُ الْبَدَاءَةِ بِالطَّعَامِ إِذَا حَضَرَ وَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ

- ‌بَابُ لَا يُصَلِّي وَهُوَ حَاقِنٌ

- ‌بَابُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا صَلاةَ إِلا الْمَكْتُوبَةُ

- ‌بَابُ تَسْوِيَةِ الصَّفِ وَإِتْمَامِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ مِنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ

- ‌بَابُ إِذَا كَانَ مَعَ الإِمَامِ رَجُلٌ وَاحِدٌ يَقُومُ عَلَى يَمِينِهِ

- ‌بَابُ إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً تَقَدَّمَ الإِمَامُ، وَوَقَفَ الآخَرَانِ خَلْفَهُ صَفًّا، وَالْمَرْأَةُ تَقِفُ خَلْفَ الرِّجَالِ وَحْدَهَا

- ‌بَابُ إِذَا وَقَفَ الإِمَامُ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ

- ‌بَابُ مِنْ هُوَ أَوْلَى بِالإِمَامَةِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

- ‌بَابُ مَا عَلَى الإِمَامِ مِنَ إِتْمَامِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الإِمَامِ يُخَفِّفُ الصَّلاةَ

- ‌بَابُ التَّخْفِيفِ لأَمْرٍ يَحْدُثُ

- ‌بَابُ وُجُوبِ مُتَابَعَةِ الإِمَامِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌بَابٌ إِذَا صَلَّى الإِمَامُ قَاعِدًا

- ‌بَابُ الْجُنُبِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَهُوَ نَاسٍ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى مَرَّةً ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا فِي تِلْكَ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ

- ‌أَبْوَابُ النَّوَافِلِ

- ‌بَابُ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ

- ‌بَابُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَفَضْلِهِمَا

- ‌بَابُ تَخْفِيفِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَمَا يُقْرَأُ فِيهِمَا

- ‌بَابُ الضَّجْعَةِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا

- ‌بَابُ فِي الأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَبَيَانِ صَلاةِ النَّهَارِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

- ‌بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ

الفصل: ‌باب من شك في صلاته فلم يدر كم صلى بنى على اليقين

‌بَابُ مَنْ شَكَّ فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى بَنَى عَلَى الْيَقِينِ

754 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ، فَلا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، أَثَلاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً، وَلِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّى خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً، فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ» .

هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلا، وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، وَابْنُ عَجْلانَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ

ص: 281

755 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ وَاحِدَةً صَلَّى أَوْ ثِنْتَيْنِ، فَلْيَبْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثِنْتَيْنِ صَلَّى أَوْ ثَلاثًا، فَلْيَبْنِ عَلَى ثِنْتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثَلاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا، فَلْيَبْنِ عَلَى ثَلاثٍ، وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» .

ص: 282

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى حُكْمَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِذَا شَكَّ فِي صَلاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى، يَأْخُذُ بِالأَقَلِّ، وَالثَّانِي: أَنَّ مَحَلَّ سُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلامِ.

أَمَّا الأَوَّلُ، فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الأَقَلِّ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّهُ يَتَحَرَّى، وَيَأْخُذُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا ثَالِثَتُهُ أَضَافَ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، وَإِنْ كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ أَنَّهَا رَابِعَتُهُ، فَيَأْخُذُ بِهِ، هَذَا إِذَا كَانَ يَعْتَرِيهِ الشَّكُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَرَّةٍ سَهَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الصَّلاةَ عِنْدَهُمْ، وَاحْتَجُّوا فِي التَّحَرِّي بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُسَلِّمْ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

ص: 283

وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ قَالَ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مُفَسَّرٌ يُصَرِّحُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ، فَالأَخْذُ بِهِ أَوْلَى.

وَمَعْنَى التَّحَرِّي الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: هُوَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ عَلَى مَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، لأَنَّ حَقِيقَةَ التَّحَرِّي: هُوَ طَلَبُ أَحْرَى الأَمْرَيْنِ، وَأَوْلاهُمَا بِالصَّوَابِ، وَأَحْرَاهُمَا هُوَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الأَخْذِ بِالاحْتِيَاطِ فِي إِكْمَالِ الصَّلاةِ.

وَقَدْ يَكُونُ التَّحَرِّي بِمَعْنَى الْيَقِينِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الْجِنّ: 14].

وَأَمَّا مَحَلُّ سُجُودِ السَّهْوِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الإِخْبَارُ فِيهِ، فَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ قَبْلَ السَّلامِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ السَّلامِ.

وَعَنْ هَذَا الاخْتِلافِ تَشَعَّبَتْ مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُ

ص: 284

فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ مِثْلُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَرَبِيعَةَ، وَغَيْرِهِمَا إِلَى أَنَّهُ يَسْجُدُهُمَا قَبْلَ السَّلامِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَجَعَلُوا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ بُحَيْنَةَ نَاسِخًا لِغَيْرِهِ.

رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُلٌّ قَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِلا أَنَّ تَقْدِيمَ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلامِ آخِرُ الأَمْرَيْنِ.

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا السَّائِبِ الْقَارِئَ كَانَا يَسْجُدَانِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلامِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلامِ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ سَهْوُهُ بِزِيَادَةٍ زَادَهَا فِي الصَّلاةِ، سَجَدَ بَعْدَ السَّلامِ، لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ بِنُقْصَانٍ، سَجَدَ قَبْلَ السَّلامِ، لِحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَقَالَ: كُلُّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، يُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِهِ، فَإِنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ سَجَدَ قَبْلَ السَّلامِ، لِحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلامِ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَذَلِكَ إِنْ سَلَّمَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلامِ، لِحَدِيثِ

ص: 285

أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ.

أَمَّا كُلُّ سَهْوٍ لَيْسَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذِكْرٌ، فَعِنْدَ أَحْمَدَ: يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلامِ، وَعِنْدَ إِسْحَاقَ: إِنْ كَانَ زِيَادَةً، فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلامِ، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا فَقَبْلَ السَّلامِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ شَكَّ لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟ يَتْرُكُ الشَّكَّ.

وَتَرْكُ الشَّكِّ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِلَى الْيَقِينِ، وَالآخَرُ: إِلَى التَّحَرِّي، فَمَنْ رَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ، وَطَرَحَ الشَّكَّ، سَجَدَ قَبْلَ السَّلامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَإِذَا رَجَعَ إِلَى التَّحَرِّي، سَجَدَ بَعْدَ السَّلامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

ص: 286