الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ وُجُوبِ مُتَابَعَةِ الإِمَامِ
847 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا آدَمُ، نَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، نَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ، قَالَ:" كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ، حَتَّى يَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَبْهَتَهُ عَلَى الأَرْضِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
قَوْلُهُ: «وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ» ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَا يُرِيدُ بِهِ الْبَرَاءَ، لأَنَّهُ لَا يُقَالُ لأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ هَذَا،
وَلَكِنْ يَقُولُ أَبُو إِسْحَاقَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الَّذِي يَرْوِي عَنِ الْبَرَاءِ غَيْرُ كَذُوبٍ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ: «وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ» لَا يُوجِبُ تُهْمَةً فِي الرَّاوِي، وَإِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتُ حَقِيقَةِ الصِّدْقِ لَهُ، وَنَوْعٌ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِشِدَّةِ الْعِنَايَةِ مِنَ الْقَائِلِ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ، كَقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ، يَعْنِي: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَتَّبِعَ الإِمَامَ، فَلا يَرْكَعُ إِلا بَعْدَ رُكُوعِهِ، وَلا يَرْفَعُ إِلا بَعْدَ رَفْعِهِ، رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا تُبَادِرُوا الإِمَامَ، إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: {وَلا الضَّالِّينَ} [الْفَاتِحَة: 7]، فَقُولُوا: آمِينَ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ".
848 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّحَّانُ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ، أَنَا أَبُو عُبَيْدٍ
الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِنَّهُ مَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إِذَا رَكَعْتُ تُدْرِكُونِي إِذَا رَفَعْتُ، وَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إِذَا سَجَدْتُ تُدْرِكُونِي إِذَا رَفَعْتُ، إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ»
قَوْلُهُ: «بَدَّنْتُ» مُشَدَّدَةُ الدَّالِ، مَعْنَاهُ: كِبَرُ السِّنِّ، يُقَالُ: بَدَّنَ الرَّجُلُ تَبْدِينًا: إِذَا أَسَنَّ، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِي: بَدُنْتُ مَضْمُومَةَ الدَّالِ مُخَفَّفَةً، وَمَعْنَاهُ: زِيَادَةُ الْجِسْمِ، وَاحْتِمَالُ اللَّحْمِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، «لِمَا طَعَنَ فِي السِّنِّ احْتَمَلَ بَدَنَهُ اللَّحْمَ» ، وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، لأَنَّ مِنْ نَعْتِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ رَجُلا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ جِسْمُهُ وَلَحْمُهُ، وَالأَوَّلُ أَوْلَى، قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم، «كَانَ يُصَلِّي بَعْضَ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ جَالِسًا بَعْدَ مَا حَطَّمَتْهُ السِّنُّ» .
قَوْلُهُ: «تُدْرِكُونِي إِذَا رَفَعْتُ» يُريِدُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّكُمْ رَفْعُ رَأْسِي، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنْهُ أَدْرَكْتُمُونِي قَائِمًا قَبْلَ أَنْ أَسْجُدَ، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُطَوِّلُ الْقِيَامَ بَعْدَ الرُّكُوعِ.
قُلْتُ: إِذَا تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ عَنِ الإِمَامِ بِعُذْرٍ حَتَّى سَبَقَهُ، كَأَنْ رَكَعَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى، وَلَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودَ حَتَّى سَجَدَ الإِمَامُ، وَقَامَ إِلَى الثَّانِيَةِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ، سَجَدَ، وَتَبِعَ الإِمَامَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودَ حَتَّى رَكَعَ الإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ يَرْكَعُ مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيَسْجُدُ، فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ، قَامَ وَقَضَى رَكْعَةً، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ، وَهُوَ أَصَحُّ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالسُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى وَيُتِمُّهَا، وَيَجْرِي عَلَى أَثَرِ الإِمَامِ.