المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من صلى وحده ثم أدرك جماعة يصليها معهم - شرح السنة للبغوي - جـ ٣

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرِ الافْتِتَاحِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالارْتِفَاعِ عَنْهُ وَالْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ مَا يَسْتَفْتِحُ بِهِ الصَّلاةَ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌بَابُ التَّعَوُّذِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ بِالْفَاتِحَةِ وَتَرْكِ الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ

- ‌بَابُ الْجَهْرِ بِالتَّأْمِينِ فِي صَلاةِ الْجَهْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّأْمِينِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌بَابُ الإِسْرَارِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ خَلْفٍ الإِمَامُ وَمَنْ قَالَ: لَا يَقْرَأُ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ

- ‌بَابُ مَا يُجْزِئُ الأُمِّيَّ وَالْعَجَمِيَّ مِنَ الْقِرَاءَةِ

- ‌بَابُ هَيْئَةِ الرُّكُوعِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَوُجُوبِ الطَّمَأْنِينَةِ فِي الاعْتِدَالِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌بَابُ الاعْتِدَالِ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ الاعْتِدَالِ عَنِ الرُّكُوعِ

- ‌بَابُ الْقُنُوتِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ فِي الْقُنُوتِ

- ‌بَابُالسُّجُودِعَلَىسَبْعَةِأَعْضَاءٍ

- ‌بَابُ هَيْئَةِ السُّجُودِ

- ‌بَابُ فَضْلِ السُّجُودِ

- ‌بَابُ الْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌بَابُ الْجُلُوسِ عَقِيبَ السَّجْدَتَيْنِ فِي الأُولَى وَالثَّالِثَةِ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ النُّهُوضِ

- ‌بَابُ تَخْفِيفِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدَيْنِ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّشَهُّدَيْنِ

- ‌بَابُ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ

- ‌بَابُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلامِ

- ‌بَابُ التَّسْلِيمِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الانْصِرَافِ عَنِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌بَابُ مَكْثِ الإِمَامِ بِالْمُصَلَّى حَتَّى يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ

- ‌بَابُ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْكَلامِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ التَّثَاؤُبِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الْبُكَاءِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الالْتِفَاتِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ حَمْلِ الصَّبِيِّ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ لَا يُبْطِلُ الصَّلاةَ

- ‌بَابُ التَّسْبِيحِ إِذَا نَابَهُ شَيْءٌ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ مَنْ شَكَّ فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى بَنَى عَلَى الْيَقِينِ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا

- ‌بَابُ مَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ

- ‌بَابُ مَنْ سَلَّمَ عَنْ رَكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ السَّجْدَةِ فِي الْحَجِّ

- ‌بَابُ السُّجُودِ فِي ص

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلاوَةِ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ السُّجُودِ بِسُجُودِ الْقَارِئِ

- ‌بَابُ مَنْ تَرَكَ سُجُودَ التِّلاوَةِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ التِّلاوَةِ

- ‌بَابُ سُجُودِ الشُّكْرِ

- ‌بَابُ الأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلاةِ فِيهَا

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلاةِ وَقْتَ الزَّوَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلاةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ بِمَكَّةَ حَرَسَهَا اللَّهُ

- ‌بَابُ مَا يُصَلَّى فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ مِنَ الْفَوَائِتِ

- ‌بَابُ مُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ التَّشْدِيدِ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ عِنْدَ الْمَطَرِ وَالْعُذْرِ

- ‌بَابُ الْبَدَاءَةِ بِالطَّعَامِ إِذَا حَضَرَ وَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ

- ‌بَابُ لَا يُصَلِّي وَهُوَ حَاقِنٌ

- ‌بَابُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا صَلاةَ إِلا الْمَكْتُوبَةُ

- ‌بَابُ تَسْوِيَةِ الصَّفِ وَإِتْمَامِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ مِنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ

- ‌بَابُ إِذَا كَانَ مَعَ الإِمَامِ رَجُلٌ وَاحِدٌ يَقُومُ عَلَى يَمِينِهِ

- ‌بَابُ إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً تَقَدَّمَ الإِمَامُ، وَوَقَفَ الآخَرَانِ خَلْفَهُ صَفًّا، وَالْمَرْأَةُ تَقِفُ خَلْفَ الرِّجَالِ وَحْدَهَا

- ‌بَابُ إِذَا وَقَفَ الإِمَامُ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ

- ‌بَابُ مِنْ هُوَ أَوْلَى بِالإِمَامَةِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

- ‌بَابُ مَا عَلَى الإِمَامِ مِنَ إِتْمَامِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الإِمَامِ يُخَفِّفُ الصَّلاةَ

- ‌بَابُ التَّخْفِيفِ لأَمْرٍ يَحْدُثُ

- ‌بَابُ وُجُوبِ مُتَابَعَةِ الإِمَامِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌بَابٌ إِذَا صَلَّى الإِمَامُ قَاعِدًا

- ‌بَابُ الْجُنُبِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَهُوَ نَاسٍ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى مَرَّةً ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا فِي تِلْكَ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ

- ‌أَبْوَابُ النَّوَافِلِ

- ‌بَابُ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ

- ‌بَابُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَفَضْلِهِمَا

- ‌بَابُ تَخْفِيفِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَمَا يُقْرَأُ فِيهِمَا

- ‌بَابُ الضَّجْعَةِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا

- ‌بَابُ فِي الأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَبَيَانِ صَلاةِ النَّهَارِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

- ‌بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ

الفصل: ‌باب من صلى وحده ثم أدرك جماعة يصليها معهم

‌بَابُ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ

856 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ لَهُ: بُسْرُ بْنُ مِحْجَنٍ، عَنْ أَبِيهِ مِحْجَنٍ، أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأُذِّنَ بِالصَّلاةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ، فَصَلَّى وَرَجَعَ، وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا مَنَعَكَ أَنَّ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ،» أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ "؟، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنِّي قَدْ كُنْتُ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتَ صَلَّيْتَ» .

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ

وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا: إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ،

ص: 430

ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ تِلْكَ الصَّلاةَ، فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ، أَيِّ صَلاةٍ كَانَتْ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.

وَقَالَ قَوْمٌ: يُعِيدُ، إِلا الْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

وَقَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ: يُعِيدُ، إِلا الْمَغْرِبَ، فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، فَإِذَا أَعَادَهَا صَارَتْ شَفْعًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ، لأَنَّ الصَّلاةَ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ، وَلا يُتَنَفَّلُ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبُ وِتْرُ النَّهَارِ، فَيَصِيرُ شَفْعًا.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُعِيدُ، إِلا الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ.

وَاحْتَجَّ هَؤُلاءِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ» .

وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ عَلَى إِنْشَاءِ تَطَوُّعٍ لَا سَبَبَ لَهُ، وَهَهُنَا لَهُ غَرَضٌ فِي إِعَادَةِ الصَّلاةِ، وَهُوَ حِيَازَةُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، فَلا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ.

وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «لَا تُصَلُّوا

ص: 431

صَلاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ».

وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَرَّتَيْنِ اخْتِيَارًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَغَرَضٍ.

ثُمَّ إِذَا صَلاهَا بِالْجَمَاعَةِ بَعْدَمَا صَلَّى وَحْدَهُ، فَالأَوْلَى فَرْضُهُ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ، وَالثَّانِيَةُ نَافِلَةٌ، لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حجَّتَهُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ، وَانْحَرَفَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي آخِرِ الْقَوْمِ، وَلَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، قَالَ:«عَلَيَّ بِهِمَا» فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، قَالَ:«مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا» ؟ فَقَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، قَالَ:«فَلا تَفْعَلا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ، فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهُمَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» .

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: الأُولَى نَافِلَةٌ، وَمَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ فَرْضٌ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ: «إِذَا جِئْتَ

ص: 432

الصَّلاةَ، فَوَجَدْتَ النَّاسَ يُصَلُّونَ، فَصَلِّ مَعَهُمْ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ تَكُنْ نَافِلَةً لَكَ، وَهَذِهِ مَكْتُوبَةٌ».

وَذَهَبَ بَعْضُ مَنْ قَالَ بِالأَوَّلِ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «وَهَذِهِ مَكْتُوبَةٌ» يَعْنِي: وَتِلْكَ مَكْتُوبَةٌ، وَيُرِيدُ الأُولَى.

وَسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي، ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلاةَ مَعَ الإِمَامِ أَيَّتُهُمَا أَجْعَلُ صَلاتِي؟ فَقَالَ: أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ؟! إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ، يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ.

وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ لِسَائِلٍ سَأَلَهُ: الأُولَى صَلاتُهُ، وَذَهَبَ بَعْضُ مَنْ يَجْعَلُ الثَّانِيَةَ نَفْلا إِلَى أَنَّهُ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ وَحْدَهُ، ثُمَّ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ، وَيَشْفَعُ بِرَكْعَةٍ، لأَنَّ التَّطَوُّعَ شَفْعٌ.

قَالَ صِلَةُ بْنُ زُفَرَ: «دَخَلْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ مَسْجِدًا، فَأُقِيمَتِ الظُّهْرُ، فَصَلَّى مَعَهُمْ وَقَدْ كَانَ صَلَّى، وَدَخَلْتُ مَعَهُ مَسْجِدًا، فَأُقِيمَتْ فِيهِ صَلاةُ الْعَصْرِ، فَصَلَّى مَعَهُمْ وَقَدْ كَانَ صَلَّى، وَدَخَلْتُ مَعَهُ مَسْجِدًا، فَأُقِيمَتِ فِيهِ صَلاةُ الْمَغْرِبِ، فَصَلَّى مَعَهُمْ وَقَدْ كَانَ صَلَّى، ثُمَّ قَامَ فَشَفَعَ بِرَكْعَةٍ» .

ص: 433