الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْقِرَاءَةِ خَلْفٍ الإِمَامُ وَمَنْ قَالَ: لَا يَقْرَأُ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ
606 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، نَا هَنَّادٌ، نَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ:" صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إِنِّي أَرَاكُمْ تَقْرَءُونَ وَرَاءَ إِمَامِكُمْ! قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِي وَاللَّهِ، قَالَ: لَا تَفْعَلُوا إِلا بِأُمِّ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ لَا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» .
وَهَذَا أَصَحُّ.
قُلْتُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ، جَهَرَ الإِمَامُ أَوْ أَسَرَّ
607 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنْ صَلاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أَقُولُ: مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الصَّلاةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَابْنُ أُكَيْمَةَ: اسْمُهُ عُمَارَةُ، وَيُقَالُ: عَمْرُو بْنُ أُكَيْمَةَ، وَرَوَى بَعْضُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ، وَذَكَرُوا هَذَا الْحَرْفَ، قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الإِمَامِ، لأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هُوَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، «مَنْ صَلَّى صَلاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ» ، فَقَالَ لَهُ حَامِلُ الْحَدِيثِ: إِنِّي أَحْيَانًا أَكُونُ وَرَاءَ الإِمَامِ؟ قَالَ: «اقْرَأْهَا فِي نَفْسِكَ» .
قُلْتُ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الإِمَامِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى إِيجَابِهَا سَوَاءً جَهَرَ الإِمَامُ، أَوْ
أَسَرَّ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاذٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَبِهِ قَالَ مَكْحُولٌ، وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي سَكْتَةِ الإِمَامِ، وَإِلا قَرَأَ مَعَهُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيمَا أَسَرَّ الإِمَامُ فِيهِ الْقِرَاءَةَ، وَلا يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ، يُقَالُ: هُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ خَلْفَ الإِمَامِ سَوَاءٌ أَسَرَّ الإِمَامُ أَوْ جَهَرَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَجَابِرٍ.
وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ خَلْفَ الإِمَامِ فَحَسْبُهُ قِرَاءَةُ الإِمَامِ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ «مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» ، قُلْتُ: وَذَلِكَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ عَلَى أَنْ يُجْهَرَ عَلَى الإِمَامِ بِحَيْثُ يُنَازِعُهُ الْقِرَاءَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، " أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَلَمَّا انْفَتَلَ قَالَ: أَيُّكُمْ قَرَأَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الْأَعْلَى: 1]؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَقَالَ: عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا ".
وَالْمُخَالَجَةُ: الْمُجَاذَبَةُ، وَهِيَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ: نَازَعَنِيهَا، وَأَصْلُ الْخَلْجِ: الْجَذْبُ وَالنَّزْعُ، كَأَنَّهُ يَنْزِعُ مِنْ لِسَانِهِ.
608 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ التَّمَّارِ، عَنِ الْبَيَاضِيِّ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ
يُصَلُّونَ، وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ، وَلا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ ".
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ فِي الْقِرَاءَةِ، وَفِي كُلِّ ذِكْرٍ يَأْتِي بِهِ خَلْفَ الإِمَامِ، أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَلا يَغْلِبَ جَارَهُ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ، فَاقْرَأْ قِرَاءَةً تُسْمِعُ أُذُنَيْكَ، وَتُفَقِّهُ قَلْبَكَ، فَإِنَّ الأُذُنَ عَدْلٌ بَيْنَ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ