الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
661 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْكُرْكَانِيُّ الطُّوسِيُّ بِهَا، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الأَصْفهَانِيُّ، أَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا إِسْرَائِيلُ، نَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلِيُّ، أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، وَأَكْرَهُ لَكَ مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي، لَا تَقْرَأْ وَأَنْتَ رَاكِعٌ، وَلا وَأَنْتَ سَاجِدٌ، وَلا تُصَلِّ وَأَنْتَ عَاقِصٌ شَعْرَكَ، فَإِنَّهُ كِفْلُ الشَّيْطَانِ، وَلا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَلا تَعْبَثْ بِالْحَصَا، وَلا تَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْكَ، وَلا تَفْتَحْ عَلَى الإِمَامِ، وَلا تَخَتَّمْ بِالذَّهَبِ، وَلا تَلْبَسِ الْقَسِّيَّ، وَلا تَرْكَبْ عَلَى الْمَيَاثِرِ» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: قَدْ ضَعَّفَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْحَارِثَ الأَعْوَرَ
قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ فَوَائِدُ، مِنْهَا النَّهْيُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَأَنْ لَا يُصَلِّيَ عَاقِصَ الشَّعْرِ، بَلْ يُرْسِلُهُ حَتَّى يَسْقُطَ عَلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، كَمَا رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَكْفِتَ مِنْهُ الشَّعْرَ وَالثِّيَابَ» .
وَمِنْهَا كَرَاهِيَةُ الإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، وَالإِقْعَاءِ» .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ جُلُوسُ الإِنْسَانِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ، وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالأَرْضِ مِثْلَ إِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَالسَّبْعِ، وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ مِنَ الإِقْعَاءِ، وَتَفْسِيرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ وَفِي الإِقْعَاءِ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَيَقْعُدُ مُسْتَوْفِزًا غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ إِلَى الأَرْضِ،
وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى الإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، قَالَ طَاوُسٌ: قُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ فِي الإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ؟ قَالَ: «هِيَ السُّنَّةُ» .
قَالَ طَاوُسٌ: رَأَيْتُ الْعَبَادِلَةَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيهِ: لَا تَقْتَدُوا بِي فِي الإِقْعَاءِ، فَإِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا حِينَ كَبِرْتُ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُقْعِي فِي الصَّلاةِ وَيُثَرِّي، مَعْنَاهُ: أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَيْهِ بِالأَرْضِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَلا يُفَارِقَانِ الأَرْضَ حَتَّى يُعِيدَ السُّجُودَ، وَهَكَذَا يَفْعَلُ مَنْ أَقْعَى، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ كَبِرَتْ سِنُّهُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ الإِقْعَاءِ مَنْسُوخًا.
وَالأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ فِي صِفَةِ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، وَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: أَنَّهُ قَعَدَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مُفْتَرِشًا قَدَمَهُ الْيُسْرَى، وَقَدْ رُوِيَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِي الإِقْعَاءِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قُلْتُ: وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ كَرَاهِيَةُ مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلاةِ.
662 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ،
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ، فَلا يَمْسَحِ الْحَصَى، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ»
663 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُظَفَّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمِيمِيُّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، 5 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ اسْتَقْبَلَتْهُ الرَّحْمَةُ، فَلا يَمْسَحِ الْحَصَاةَ، وَلا يُحَرِّكْهَا» .
وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَكَرِهَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَسْحَ الْحَصَاةِ فِي الصَّلاةِ، وَقَدْ جَاءَتِ الرُّخْصَةُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ تَسْوِيَةً لِمَكَانِ سُجُودِهِ، وَرَخَّصَ فِيهِ مَالِكٌ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ.
664 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ، " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ، قَالَ: إِنْ كَانَ فَاعِلا فَوَاحِدَةً ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: «لَا تَفْتَحْ عَلَى الإِمَامِ» وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْفَتْحِ عَلَى الإِمَامِ، فَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، لِمَا
665 -
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ،
أَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، أَنا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلاةً فَقَرَأَ فِيهَا، فَلُبَّسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ لِأُبَيٍّ: أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟ قَال: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ؟ "
وَمَعْقُولٌ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَيَّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَجْوَدُ إِسْنَادًا مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ نَفْسِهِ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا اسْتَطْعَمَكُمُ الإِمَامُ فَأَطْعِمُوهُ» .
يُرِيدُ: إِنْ تَعَايَا فِي الْقِرَاءَةِ فَلَقِّنُوهُ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْكَرَاهِيَةُ فِي الْفَتْحِ عَلَى الإِمَامِ، وَكَرِهَ الشَّعْبِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ.
وَلُبْسُ خَاتَمِ الذَّهَبِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ، وَالْقَسِّيُّ: ثِيَابٌ حَرِيرٌ يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ، وَلُبْسُ الْحَرِيرِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ، وَالْمَيَاثِرُ: جَمْعُ الْمِيثَرَةِ، سُمِّيَ بِهَا لِوَثَارَتِهَا وَلِينِهَا، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ دِيبَاجٍ،
فَيَكُونُ حَرَامًا، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ.
وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا أَرْكَبُ الأُرْجُوانَ» .
وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الزِّينَةِ، وَهُنَّ مِنْ مَرَاكِبِ الْعَجَمِ.
666 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، نَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ مَحْمُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَلاثٍ: عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَلا
يُوطِنُ الرَّجُلُ الْمَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ كَمَا يُوطِنُ الْبَعِيرُ "
قَوْلُهُ: «نَقْرَةِ الْغُرَابِ» هِيَ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنَ السُّجُودِ، وَلا يَطْمَئِنَّ فِيهِ، بَلْ يَمَسُّ بِأَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ الأَرْضَ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ كَنَقْرَةِ الطَّائِرَةِ.
«وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ» : أَنْ يَمُدَّ ذِرَاعَيْهِ عَلَى الأَرْضِ، فَلا يَرْفَعُهُمَا.
وَأَمَّا «إِيطَانُ الْبَعِيرِ» ، فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْلَفَ الرَّجُلُ مَكَانًا مَعْلُومًا مِنَ الْمَسْجِدِ لَا يُصَلِّي إِلا فِيهِ، كَالْبَعِيرِ لَا يَأْوِي مِنْ عَطَنِهِ إِلا إِلَى مَبْرَكٍ دَمِثٍ قَدْ أَوْطَنَهُ.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ يَبْرُكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِذَا أَرَادَ السُّجُودَ بُرُوكَ الْبَعِيرِ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَوْطَنَهُ، وَلا يَهْوِي، فَيُثَنِّي رُكْبَتَيْهِ حَتَّى يَضَعَهُمَا بِالأَرْضِ عَلَى سُكُونٍ وَمَهَلٍ.