الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مِنْ هُوَ أَوْلَى بِالإِمَامَةِ
832 -
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبِرْتِيُّ، نَا أَبُو حُذَيْفَةَ، نَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَحَقُّ الْقَوْمِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا، وَلا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلا يُقْعَدُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلا بِإِذْنِهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ،
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الأَشَجِّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ، عَنِ الأَعْمَشِ هَكَذَا، وَأَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ، وَقَالَ:«فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمَهُمْ سِلْمًا»
833 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، نَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالا: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، سَمِعْتُ أَوْسَ بْنَ ضَمْعَجٍ، سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ وَاحِدَةً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانَتِ السُّنَّةُ وَاحِدَةً، فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانَتِ الْهِجْرَةُ وَاحِدَةً، فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا، وَلا يَؤُمَنَّ رَجُلٌ رَجُلا فِي بَيْتِهِ، وَلا يَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلا بِإِذْنِهِ»
قُلْتُ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الْقِرَاءَةَ وَالْفِقْهَ يُقَدَّمَانِ عَلَى قِدَمِ الْهِجْرَةِ، وَتَقَدُّمِ الإِسْلامِ، وَكِبَرِ السِّنِّ فِي الإِمَامَةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْفِقْهِ مَعَ الْقِرَاءَةِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ
مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْفِقْهِ، لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، فَالأَقْرَأُ أَوْلَى مِنَ الأَعْلَمِ بِالسُّنَّةِ، وَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الْقِرَاءَةِ، فَالأَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ الأَفْقَهُ ، أَوْلَى ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الأَفْقَهَ أَوْلَى إِذَا كَانَ يُحْسِنُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَا تَصِحُّ بِهَا الصَّلاةُ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ: إِنْ قُدِّمَ أَفْقَهُهُمْ إِذَا كَانَ يَقْرَأُ مَا يُكْتَفَى بِهِ لِلصَّلاةِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ قُدِّمَ أَقْرَؤُهُمْ إِذَا عَلِمَ مَا يَلْزَمُهُ فَحَسَنٌ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ هَؤُلاءِ الأَفْقَهَ، لأَنَّ مَا يَجِبُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاةِ مَحْصُورٌ، وَمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الْحَوَادِثِ غَيْرُ مَحْصُورٍ، وَقَدْ يَعْرِضُ لِلْمُصَلِّي فِي صَلاتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ صَلاتِهِ، إِذَا لَمْ يَعْرِفْ حُكْمَهُ.
وَإِنَّمَا قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقِرَاءَةَ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يُسْلِمُونَ كِبَارًا، فَيَفْقَهُونَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَءُوا، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ قَارِئٌ إِلا وَهُوَ فَقِيهٌ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ صِغَارًا قَبْلَ أَنْ يَفْقَهُوا، فَكُلُّ فَقِيهٍ فِيهِمْ قَارِئٌ، وَلَيْسَ كُلُّ قَارِئٍ فَقِيهًا.
فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ:«فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً» فَإِنَّ الْهِجْرَةَ الْيَوْمَ مُنْقَطِعَةً، غَيْرَ أَنَّ فَضِيلَتَهَا مَوْرُوثَةٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَوْلادِ الْمُهَاجِرِينَ، أَوْ كَانَ فِي آبَائِهِ وَأَسْلافِهِ مَنْ لَهُ سَابِقَةٌ فِي الإِسْلامِ وَالْهِجْرَةِ، فَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ لَا سَابِقَةَ لأَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ وَأَسْلافِهِ، فَإِنِ اسْتَوَوْا، فَالأَكْبَرُ
سِنًّا أَوْلَى، لأَنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَ أَصْحَابَهُ فِي السِّنِّ، فَقَدْ تَقَدَّمَهُمْ فِي الإِسْلامِ.
قَوْلُهُ: «وَلا يَؤُمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ» ، قِيلَ: أَرَادَ بِهِ فِي الْجُمُعَاتِ، وَالأَعْيَادِ، السُّلْطَانُ أَوْلَى لِتَعَلُّقِ هَذِهِ الأُمُورِ بِالسَّلاطِينَ، فَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ، فَأَعْلَمُهُمْ أَوْلاهُمْ، وَقِيلَ: السُّلْطَانُ، أَوْ نَائِبُهُ إِذَا كَانَ حَاضِرًا، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِالإِمَامَةِ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَرَى الصَّلاةَ خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ، وَلا يَرَاهَا خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَيُرْوَى:«وَلا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَلا فِي سُلْطَانِهِ» ، وَأَرَادَ بِهِ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيْتِ أَوْلَى بِالإِمَامَةِ، إِذَا أُقِيمَتِ الْجَمَاعَةُ فِي بَيْتِهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْخِصَالُ فِي غَيْرِهِ، إِذَا كَانَ هُوَ يُحْسِنُ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ مَا يُقِيمُ بِهِ الصَّلاةَ.
834 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:«مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ إِلا صَاحِبُ الْبَيْتِ»
قُلْتُ: فَإِنْ أَذِنَ صَاحِبُ الْبَيْتِ لِغَيْرِهِ، فَقْدَ كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ.
835 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا هَنَّادٌ، وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالا: نَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبَانِ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارِ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ يَأْتِينَا فِي مُصَلانَا نَتَحَدَّثُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ يَوْمًا، فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ، فَقَالَ: لِيَتَقَدَّمْ بَعْضُكُمْ حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ لِمَ لَا أَتَقَدَّمُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلا يَؤُمَّهُمْ وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ»
وَكَانَ إِسْحَاقُ يُشَدِّدُ فِي أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدٌ بِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُصَلِّي بِهِمْ إِذَا زَارَهُمْ، بَلْ يُصَلِّي بِهِمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ.
وَقَالَ الآخَرُونَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا أَذِنَ صَاحِبُ الْبَيْتِ، قَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلا يَقْعُدُ فِي
تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلا بِإِذْنِهِ» فَأَرْجُو أَنَّ الإِذْنَ فِي الْكُلِّ.
وَالتَّكْرِمَةُ: مَا أَعَدَّهُ لإِكْرَامِهِ مِنْ وِطَاءٍ، أَوْ فِرَاشٍ، أَوْ سَرِيرٍ، أَوْ نَحْوِهِ، فَلا يَقْعُدُ عَلَيْهِ إِلا بِإِذْنِهِ، لأَنَّهُ رُبَّمَا أَعَدَّهُ لِغَيْرِهِ.
836 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَخْلَدِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، نَا قُتَيْبَةُ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ ثَلاثَةٌ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
837 -
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، نَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْحَنَفِيُّ، نَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ» .
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:«كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا»
وَحَضَرَ ابْنُ عُمَرَ مَسْجِدًا، إِمَامُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ مَوْلًى، فَقَالَ لَهُ الْمَوْلَى: تَقَدَّمْ فَصَلِّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:«أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِكَ» .
قُلْتُ: وَتَجُوزُ إِمَامَةُ الْعَبْدِ، رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْتُونَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَعْلَى الْوَادِي هُوَ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَنَاسٌ كَثِيرٌ، فَيَؤُمُّهُمْ أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ، وَأَبُو عَمْرٍو غُلامُهَا حِينَئِذٍ لَمْ يَعْتِقْ.
وَرُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ، كَانَ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنَ الْمُصْحَفِ،
وَعَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ ذَكْوَانَ أَبَا عَمْرٍو، وَكَانَ عَبْدًا لِعَائِشَةَ ، أَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا يَقُومُ يَقْرَأُ لَهَا فِي رَمَضَانَ.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِمَامَةِ الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ الصَّلاةَ، فَأَجَازَ قَوْمٌ، مِنْهُمُ الْحَسَنُ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَؤُمُّ الصَّبِيُّ إِلا فِي الْجُمُعَةِ.
وَكَرِهَ قَوْمٌ الصَّلاةَ خَلْفَهُ، مِنْهُمُ الشَّعْبِيُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا اضْطَرُّوا إِلَيْهِمْ أَمَّهُمْ.
وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: انْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَعَلَّمَهُمُ الصَّلاةَ، وَقَالَ:«يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ» فَنَظَرُوا، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَ أَحْمَدُ يُضْعِفُ أَمْرَ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ.
قُلْتُ: وَلا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الأَعْمَى، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يَؤُمُّ النَّاسَ وَهُوَ أَعْمَى» .
وَأَجَازُوا إِمَامَةَ وَلَدِ الْبَغِيِّ وَالْمُبْتَدِعِ، قَالَ الْحَسَنُ: صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: إِنَّ رَجُلا كَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ بِالْعَقِيقِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَنَهَاهُ.
قَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا نَهَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ
لَا يُعْرَفُ مَنْ أَبُوهُ.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ لِعُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ: " إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا تَرَى، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ، فَقَالَ: الصَّلاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ ".
قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا نَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ الْمُخَنَّثِ إِلا مِنْ ضَرُورَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا.