الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ الْكَلامِ فِي الصَّلاةِ
722 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ:" كُنَّا نَتَكَلَّمُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ إِلَى جَنْبِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [الْبَقَرَة: 238] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلامِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ هُشَيْمٍ، كِلاهُمَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ
قِيلَ: لِلْقُنُوتِ أَرْبَعَةُ مَعَانٍ: الصَّلاةُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} [الزمر: 9].
وَيَكُونُ بِمَعْنَى طُولِ الْقِيَامِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «أَفْضَلُ الصَّلاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» .
وَيَكُونُ بِمَعْنَى الطَّاعَةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{أُمَّةً قَانِتًا} [النَّحْل: 120] أَيْ: مُطِيعًا لِلَّهِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى السُّكُوتِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [الْبَقَرَة: 238]، وَقِيلَ: الْقَانِتُ: الذَّاكِرُ، وَلَيْسَ السُّكُوتُ تَفْسِيرًا لِلْقُنُوتِ، فَيَكُونُ السَّاكِتُ قَانِتًا، وَلَكِنْ أُمِرُوا بِالذِّكْرِ وَتَرْكِ الْكَلامِ، فَقِيلَ: أُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ.
وَذَكَرَ مَعْنَاهُ الْخَطَّابِيُّ.
723 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلاةِ قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا وَهُوَ فِي الصَّلاةِ، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ أَتَيْتُهُ لأُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، فَجَلَسْتُ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلاتَهُ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ
اللَّهُ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلاةِ»
وَيُرْوَى «فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ» .
قَوْلُهُ: «فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ» ، وَيُرْوَى:«مَا قَدُمَ وَمَا حدث» ، تَقُولُ الْعَرَبُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لِلرَّجُلِ إِذَا أَقْلَقَهُ الشَّيْءُ وَأَزْعَجَهُ وَغَمَّهُ، وَتَقُولُ أَيْضًا: أَخَذَهُ الْمُقِيمُ وَالْمُقْعِدُ، كَأَنَّهُ يَهْتَمُّ لِمَا نَأَى مِنْ أَمْرِهِ وَلِمَا دَنَا، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ: الْحُزْنُ، وَالْكَآبَةُ، يُرِيدُ: أَنَّهُ قَدْ عَاوَدَهُ قَدِيمُ الأَحْزَانِ، وَاتَّصَلَ بِحَدِيثِهَا.
724 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُرَيْمٍ وَهُوَ ابْنُ سُفْيَانَ الْبَجَلِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ أُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا، فَلَمْ يَرُدُّ، فَقِيلَ لَهُ: فَقَالَ: «إِنَّ فِي الصَّلاةِ لَشُغْلا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ
ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ السَّلُولِيِّ
قَلْتُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَدِّ السَّلامِ فِي الصَّلاةِ، رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ، رَدَّهُ حَتَّى يُسْمِعَ، وَعَنْ جَابِرٍ نَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا.
وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرُدُّ، فَلَوْ رَدَّ بِاللِّسَانِ بَطَلَ صَلاتُهُ، وَيُشِيرُ بِيَدِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ:«مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ إِلَيَّ إِشَارَةً بِأَصْبُعِهِ» .
725 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، نَا وَكِيعٌ، نَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِبِلالٍ: " كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ؟ قَالَ:
كَانَ يُشِيرُ بِيَدِهِ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ:«إِنَّهُ يَرُدُّ إِشَارَةً» ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَرُدُّ السَّلامَ وَلا يُشِيرُ.
وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلاةِ رَدَّ السَّلامَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَرَدُّ السَّلامِ بَعْدَ الْخُرُوجِ سُنَّةٌ، وَقَدْ رَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلاتِهِ، السَّلامَ، وَالإِشَارَةُ حَسَنَةٌ.
قُلْتُ: وَلا يَجُوزُ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ فِي الصَّلاةِ، فَمَنْ فَعَلَ، فَهُوَ كَلامٌ تَبْطُلُ بِهِ صَلاتُهُ، فَإِنْ فَعَلَ أَوْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا لِصَلاتِهِ، أَوْ كَانَ جَاهِلا لِحُكْمِهِ، وَهُوَ قَرِيبُ الْعَهْدِ بِالإِسْلامِ، أَوْ كَانَ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ مِثْلُ هَذِهِ الأَحْكَامِ، لَا يُبْطِلُ صَلاتَهُ، لِمَا
726 -
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، نَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمَّاهُ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا ضَرَبَنِي، وَلا كَهَرَنِي، وَلا سَبَّنِي، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لَا يَحِلُّ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِالإِسْلامِ، وَمِنَّا رِجَالٌ يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قَالَ:«فَلا تَأْتِهِمْ» ، قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: «ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدُّهُمْ» ، قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ، قَالَ:«كَانَ نَبِيُّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ» ، قَالَ: قُلْتُ: جَارِيَةٌ لِي كَانَتْ تَرْعَى غُنَيْمَاتٍ قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ، إِذِ اطَّلَعْتُ عَلَيْهَا اطِّلاعَةً، فَإِذَا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْهَا، وَأَنَا مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي
صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَعَظُمَ ذَاكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: أَفَلا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: «ائْتِنِي بِهَا» فَجِئْتُ بِهَا، فَقَالَ:«أَيْنَ اللَّهُ» ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ:«مَنْ أَنَا» ؟، قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ:«أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَجَّاجٍ
شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي الطِّيَرَةِ، وَالْخَطِّ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الطِّبِّ وَالرُّقَى.
وَقَوْلُهُ: مَا كَهَرَنِي، أَيْ: مَا انْتَهَرَنِي، وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَكْهَرْ.
قُلْتُ: فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَلامَ الْجَاهِلِ بِالْحُكْمِ لَا يُبْطِلُ الصَّلاةَ، لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ حُكْمَ الصَّلاةِ، وَتَحْرِيمَ الْكَلامِ فِيهَا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ الصَّلاةِ.
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ كَلامَ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ لَا يُبْطِلُ الصَّلاةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَزَادَ الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ فِي الصَّلاةِ عَامِدًا بِشَيْءٍ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلاةِ، مِثْلَ أَنْ قَامَ الإِمَامُ فِي مَحَلِّ الْقُعُودِ، فَقَالَ لَهُ: اقْعُدْ، أَوْ جَهَرَ فِي مَوْضِعِ السِّرِّ، فَأَخْبَرَهُ، لَا يُبْطِلُ صَلاتَهُ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: كَلامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ يُبْطِلُ الصَّلاةَ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا سَلَّمَ نَاسِيًا لَا يُبْطِلُ صَلاتَهُ.
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ حُجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَرَ كَلامَ النَّاسِي مُبْطِلا لِلصَّلاةِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: وَمَنْ عَطَسَ فِي صَلاتِهِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُخْفِي.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الْفَاتِحَة: 2]، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ.
وَرُوِيَ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَطَسْتُ، فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مُبَارَكًا عَلَيْهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ، فَقَالَ: " مَنِ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَالَ رِفَاعَةُ: أَنَا.
قَالَ: «لَقَدِ ابْتَدَرَهَا
بِضْعَةٌ وَثَلاثُونَ مَلَكًا أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا».
فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ كَانَ فِي التَّطَوُّعِ، أَمَّا فِي الْمَكْتُوبَةِ، فَيَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ.
727 -
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، نَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَطَسَ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ حَتَّى يَرْضَى رَبُّنَا، وَبَعْدَ مَا يَرْضَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «
مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ»؟ قَالَ: فَسَكَتَ الشَّابُّ، ثُمَّ قَالَ:«مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا» ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتُهَا وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلا خَيْرًا، قَالَ:«مَا تَنَاهَتْ دُونَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ» .
قُلْتُ: وَلَوْ أَعْلَمُ رَجُلا بِكَلامٍ يُوَافِقُ نَظْمَ الْقُرْآنِ، وَقَصَدَ بِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، فَجَائِزٌ، رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ، فَنَادَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]، فَأَجَابَهُ عَلِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الرّوم: 60]