الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: الخبر صدق أو كذب
…
فَصْلٌ: "الْخَبَرُ إنْ طَابَقَ"
مَا فِي الْخَارِجِ "فَ" هُوَ "صِدْقٌ وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ الْوَاقِعَ فِي الْخَارِجِ "فَ" هُوَ "كَذِبٌ" وَلا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ اعْتِقَادِ الْمُطَابَقَةِ مَعَ الصِّدْقِ، أَوْ عَدَمِهَا مَعَ الْكَذِبِ. وَبَيْنَ أَنْ لا يَعْتَقِدَ شَيْئًا أَوْ يَعْتَقِدَ عَدَمَ الْمُطَابَقَةِ مَعَ وُجُودِهَا، أَوْ يَعْتَقِدَ وُجُودَهَا مَعَ عَدَمِهَا. وَإِذَنْ فَلا وَاسِطَةَ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ1.
وَقَالَ الْجَاحِظُ2: الْمُطَابِقُ3 مَعَ اعْتِقَادِ الْمُطَابَقَةِ صِدْقٌ، وَغَيْرُ الْمُطَابِقِ4 مَعَ اعْتِقَادِ5 عَدَمِ الْمُطَابَقَةِ كَذِبٌ. وَغَيْرُهُمَا وَاسِطَةٌ،
1 انظر قول الجماهير مع توجيهه وبيانه في "التمهيد للإسنوي ص 135، الإحكام للآمدي 2/ 10، شرح تنقيح الفصول ص 347، فواتح الرحموت 2/ 107، تيسير التحرير 3/ 28، نهاية السول 2/ 261، الفروق 1/ 25، المعتمد 2/ 544، مختصر ابن الحاجب 2/ 50، المحلي على جمع الجوامع 2/ 110، المسودة ص 232، إرشاد الفحول ص 44، غاية الوصول ص 94".
2 هو عمرو بن بحر بن محبوب، أبو عثمان، المعروف بالجاحظ، الكناني الليثي البصري، العالم المشهور، صاحب التصانيف في كل فن، وله مقالة في أصول الدين، وإليه تنسب الفرقة الجاحظية من المعتزلة، كان بحراً من بحور العلم، رأساً في الكلام والاعتزال. ومن تصانيفه:"الحيوان"، و"البيان والتبيين"، و"العرجان والبرصان والقرعان". وله مصنفات في التوحيد وإثبات النبوة وفي الإمامة وفضائل المعتزلة، وكان مع فضائله وفصاحته مشوه الخلقة، وأصيب في أواخر عمره بالفالج. توفي بالبصرة سنة 255هـ.
انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 3/ 140، بغية الوعاة 2/ 228، شذرات الذهب 2/ 121، روضات الجنات 5/ 324، فرق وطبقات المعتزلة ص 73".
3 في ش ب ز ض: المطابقة. وكذا في أصل ع، لكنها صححت على الهامش كالأعلى.
4 في ش ب ز ض: المطابقة.
5 ساقطة من ش ب ز.
لا1 صِدْقٌ2، وَلا كَذِبٌ. فَيَدْخُلُ فِي الْوَاسِطَةِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ فَتَصِيرُ الأَقْسَامُ عِنْدَهُ سِتَّةٌ: صِدْقٌ وَكَذِبٌ وَ3وَاسِطَةٌ4؛ لأَنَّ الْخَبَرَ إمَّا مُطَابِقٌ أَوْ غَيْرُ مُطَابِقٍ. فَإِنْ كَانَ 5مُطَابِقًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ اعْتِقَادُ الْمُطَابَقَةِ أَوْ لا. وَالثَّانِي: إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ اعْتِقَادُ أَنْ لا5 مُطَابَقَةَ أَوْ لا6.
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَابِقٍ فَإِمَّا7 أَنْ يَكُونَ مَعَهُ اعْتِقَادُ أَنْ لا مُطَابَقَةَ أَوْ لا. وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ اعْتِقَادُ الْمُطَابَقَةِ أَوْ لا8.
وَاسْتُدِلَّ لِقَوْلِ الْجَاحِظِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} 9. وَالْمُرَادُ الْحَصْرُ فِي الافْتِرَاءِ وَالْجُنُونِ، ضَرُورَةَ عَدَمِ اعْتِرَافِهِمْ بِصِدْقِهِ.
1 في ش ز: ولا.
2 في ش ز: صدق فيه.
3 ساقطة من ض.
4 وكذلك قال الراغب الأصبهاني بالواسطة. وقال البناني: "قلت: وكلام السعد في مطوله يشعر بعدم الجزم بنفي الواسطة".
"انظر: البناني على جمع الجوامع 2/ 112، الإحكام للآمدي 2/ 10، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/ 111، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 50، المسودة ص 232، الفروق 1/ 25، فواتح الرحموت 2/ 108، تيسير التحرير 3/ 28، نهاية السول 2/ 260، المعتمد 2/ 544، التمهيد ص 135، إرشاد الفحول ص 44".
5 ساقطة من ض.
6 قال القرافي: "والخلاف لفظي". "شرح تنقيح الفصول ص 347". وكذلك يرى الرازي في "المحصول" أن المسألة لفظية، وهو ما يراه الآمدي أيضاً.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 12، إرشاد الفحول ص 44".
7 في ض: إما.
8 انظر تفصيل قول الجاحظ وتقسيماته في "العضد على ابن الحاجب 2/ 50، فواتح الرحموت 2/ 108، تيسير التحرير 3/ 28، شرح تنقيح الفصول ص 347، غاية الوصول ص 94، إرشاد الفحول ص 44".
9 الآية 8 من سبأ. والآية حكاية عن الكفار في اعتراضهم على قوله صلى الله عليه وسلم لهم: {إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِيْ خَلْقٍ جَدِيْدٍ} . سبأ/ 7.
فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ كَلامُ مَجْنُونٍ لا يَكُونُ صِدْقًا؛ لأَنَّهُمْ لا يَعْتَقِدُونَ صِدْقَهُ وَلا كَذِبَهُ؛ لأَنَّهُ قَسِيمُ الْكَذِبِ1 عَلَى مَا زَعَمُوهُ. فَثَبَتَتْ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ2.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى: أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ لَمْ يَفْتَرِ. فَيَكُونَ مَجْنُونًا؛ لأَنَّ الْمَجْنُونَ لا افْتِرَاءَ لَهُ لِعَدَمِ قَصْدِهِ3.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِنَحْوِ قَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي حَدِيثِ "إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" 4: مَا كَذَبَ، وَلَكِنْ5 وَهِمَ6 ".
1 في ض: للكذب.
2 انظر: فواتح الرحموت 2/ 108، تيسير التحرير 3/ 28، العضد على ابن الحاجب 2/ 50، شرح تنقيح الفصول ص 347، الإحكام للآمدي 2/ 10، الفروق 1/ 26، إرشاد الفحول ص 44.
3 انظر: فواتح الرحموت 2/ 108، تيسير التحرير 3/ 28، العضد على ابن الحاجب 2/ 50، الفروق 1/ 26، شرح تنقيح الفصول ص 347، الإحكام للآمدي 2/ 10، إرشاد الفحول ص 44.
4 رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والشافعي والبغوي عن ابن عمر مرفوعاً.
"انظر: صحيح البخاري 1/ 223، صحيح مسلم 2/ 641، سنن أبي داود 2/ 172، سنن النسائي 4/ 13، سنن ابن ماجه 1/ 508، بدائع المنن 1/ 205، شرح السنة 5/ 240 وما بعدها".
5 في ب ع ض: ولكنه. وهي رواية ثانية عن مالك والشافعي وأحمد.
6 روى كلام عائشة الإمام مسلم بلفظ: "إنكم لتحدثوني غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطئ". والإمام مالك وأحمد بلفظ: "أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ"، والإمام الشافعي بلفظ:"أما إنه لم يكذب ولكنه أخطأ أو نسي".
"انظر: صحيح مسلم 2/ 641، الموطأ 1/ 234، مسند أحمد 6/ 107، بدائع المنن 1/ 205".
ووجه الاستدلال أن الوهم –وهو ما ليس عن اعتقاد، وإن خالف الواقع- ليس بكذب، وقد قبل جماهير الفقهاء والمحدثين حديث ابن عمر. وقال السيوطي: إنه متواتر، وبينوا المقصود منه................=
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا كَذَبَ عَمْدًا، بَلْ وَهِمَ1.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "أُصُولِهِ": الْمُرَادُ مِنْ الآيَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْحَصْرُ فِي كَوْنِهِ خَبَرًا كَذِبًا، أَوْ لَيْسَ بِخَبَرٍ لِجُنُونِهِ. فَلا عِبْرَةَ بِكَلامِهِ2.
وَأَمَّا الْمَدْحُ وَالذَّمُّ فَيَتْبَعَانِ الْقَصْدَ وَيَرْجِعَانِ إلَى الْمُخْبِرِ، لا إلَى الْخَبَرِ. وَمَعْلُومٌ عِنْدَ الأُمَّةِ صِدْقُ الْمُكَذِّبِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} 3 مَعَ عَدَمِ4 اعْتِقَادِهِ، وَكَذِبُهُ فِي نَفْيِ الرِّسَالَةِ مَعَ اعْتِقَادِهِ5.
وَكَثُرَ فِي السُّنَّةِ تَكْذِيبُ مَنْ أَخْبَرَ - يَعْتَقِدُ الْمُطَابَقَةَ - فَلَمْ يَكُنْ، كَقَوْلِهِ6 صلى الله عليه وسلم:"كَذَبَ أَبُو السَّنَابِلِ" 7 اهـ.
1 وَهِمَ يَوْهَم على وزن غلط يَغْلَط وزناً ومعنى، أي إنه نسي أو أخطأ كما جاء في رواية أخرى.
"انظر: المصباح المنير 2/ 1046، فواتح الرحموت 2/ 108 وما بعدها، تيسير التحرير 3/ 29، العضد على ابن الحاجب 2/ 50".
2 يرى الآمدي وغيره أن المسألة لفظية، ويبرهنون على ذلك.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 12، إرشاد الفحول ص 44".
3 لفظ الجلالة غير موجود في ض.
4 ساقطة من ض.
5 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 11، فواتح الرحموت 2/ 108، المعتمد 2/ 545.
6 في ض: قوله.
7 هو الصحابي أبو السنابل بن بَعْكك بن الحجاج بن الحارث، اسمه حَبَّة، أو حَنَّة، وقيل عمرو، وقيل غير ذلك. أسلم يوم فتح مكة، وكان من المؤلفة قلوبهم، وكان شاعراً، وخطب سبيعة الأسلمية. قال البخاري: لا أعلم أنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن سعد: أقام بمكة حتى مات. وقال البغوي: سكن الكوفة. وقال ابن حبان: توفي بالمدينة، ولم يذكر تاريخ وفاته، روي له اثنا عشر حديثاً............=
وَقِيلَ: إنْ اعْتَقَدَ الْمُخْبِرُ الْمُطَابَقَةَ وَكَانَ الأَمْرُ كَمَا اعْتَقَدَ، فَصِدْقٌ وَإِلَاّ فَكَذِبٌ، سَوَاءٌ كَانَ مُطَابِقًا أَوْ لَمْ يَكُنْ1. كَقَوْلِهِ2 تَعَالَى:{إذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاَللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} 3، كَذَّبَهُمُ4 اللَّهُ تَعَالَى لِعَدَمِ5 اعْتِقَادِهِمْ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُمْ مُطَابِقٌ لِلْخَارِجِ6.
=انظر ترجمته في "الإصابة 4/ 95، تهذيب الأسماء 2/ 241، مشاهير علماء الأمصار ص 21، الخلاصة ص 451".
وسبب الحديث أن سبيعة الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها ببضع وعشرين ليلة، فتزينت وتعرضت للتزويج، فقال لها أبو السنابل:"لا سبيل إلى ذلك أي حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشراً فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: "كذب أبو السنابل" أو "ليس كما قال أبو السنابل، وقد حللت فتزوجي". هكذا رواه البغوي والشافعي. والحديث مع القصة وردت بألفاظ مختلفة في البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والشافعي وابن حبان والدارمي وغيرهم.
"انظر: شرح السنة 9/ 304، صحيح البخاري 3/ 204، صحيح مسلم 2/ 1122، تحفة الأحوذي 4/ 373، سنن النسائي 6/ 158، بدائع المنن 2/ 402، موارد الظمآن ص 323، سنن الدارمي 2/ 166، سنن ابن ماجه 1/ 653، فتح الباري 8/ 461، الموطأ 2/ 590، مسند أحمد 6/ 289، الرسالة للشافعي ص 575".
1 هو قول النظام ومن تابعه من أهل الأصول والفقهاء، ودليلهم النقلي الآية الكريمة المذكورة بالأعلى. واستدلوا أيضاً بالعقل. ويرى الشوكاني الجمع بينهما، وأن الصدق ما طابق الواقع والاعتقاد، وأن الكذب ما خالفهما أو خالف أحدهما.
"انظر: إرشاد الفحول ص 44، 45، فواتح الرحموت 2/ 108، تيسير التحرير 3/ 29".
2 في ب ع ض: لقوله.
3 الآية الأولى من سورة المنافقون.
4 في ش ز: وكذبهم.
5 في د ض: في عدم.
6 انظر: فواتح الرحموت 2/ 107، تيسير التحرير 3/ 29، تفسير ابن كثير 4/ 368 ط الحلبي، إرشاد الفحول ص 45.
وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ1 أَكْذَبَهُمْ فِي شَهَادَتِهِمْ؛ لأَنَّ الشَّهَادَةَ الصَّادِقَةَ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمُطَابَقَةِ مُعْتَقِدًا.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْكَاذِبُونَ2 فِي ضَمَائِرِهِمْ3. وَقِيلَ فِي تَمَنِّيهِمْ.
فَالْخَبَرُ عَلَى4 هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ مُنْحَصِرًا فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، لَكِنْ لا5 عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ6.
"وَيَكُونَانِ" أَيْ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ "فِي" زَمَنٍ "مُسْتَقْبَلٍ" كَ مَا يَكُونَانِ7 فِي زَمَنٍ مَاضٍ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه فِيمَنْ قَالَ: "لا آكُلُ" ثُمَّ أَكَلَ: هَذَا كَذِبٌ8، لا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ. وَقِيلَ لَهُ9 أَيْضًا: بِمَ تَعْرِفُ10 الْكَذَّابَ؟ قَالَ بِخُلْفِ الْوَعْدِ. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَالشَّيْخُ مُوَفَّقُ
1 في ض: أن.
2 في ب: لكاذبون.
3 قال محمد نظام الدين الأنصاري: "ولك أن تقرر بأن قولهم: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} كناية عن الإخبار بإيمانهم. فمقصودهم الإخبار بأنهم مؤمنون ثابتون على إيمانهم، وعبروا عنه بما هو ملزوم الإيمان، وهو الشهادة عن صميم القلب، فردَّ الله عليهم بأنهم كاذبون في دعواهم، لما أنهم منافقون، وليس لهم في أصل الأمر تصديق أصلاً". "فواتح الرحموت 2/ 107".
"وانظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 71".
4 في ب: في.
5 ساقطة من ش.
6 انظر: فواتح الرحموت 2/ 107، تيسير التحرير 3/ 29، إرشاد الفحول ص 45.
7 في ض: يكون.
8 في ز ش ب: الكذب.
9 في ش: عنه.
10 في ب ع ض: يعرف.
الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} 1. وقَوْله تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} - إلَى آخِرِ الآيَةِ 2، وقَال3 تَعَالَى: {وَاَللَّهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} 4، وقَوْله تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} 5 فَأَكْذَبَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" فِي *قَوْلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ6 يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ "الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ" فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "كَذَبَ سَعْدٌ"7.
1 الآية 38 من النحل.
2 الآية 11 من الحشر، وتتمة الآية:{وَلَا نُطِيْعُ فِيْكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوْتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُوْنَ} .
3 في ش: وقوله. والأعلى أصح لأنها تكملة الآية السابقة، ومحلُّ الاستشهاد بها.
4 الآية 11 من الحشر.
5 الآية 12 من العنكبوت.
6 هو الصحابي سعد بن عبادة بن دُلَيم الخزرجي الأنصاري، سيد الخزرج، أبو ثابت، وقيل: أبو قيس، كان نقيب بني ساعدة، وصاحب راية الأنصار في المشاهد كلها. وكان سيداً جواداً، وجيهاً في الأنصار، ذا رياسة وسيادة وكرم، وكان شديد الغيرة، وكان أحد النقباء بالعقبة، وشهد بدراً وباقي المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يكتب بالعربية، ويحسن الرمي والعوم. خرج إلى الشام فمات بحوران سنة 15 هـ، وقيل 16 هـ. ويرى ابن عساكر وغيره أن قبره نُقل إلى المزة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاوره مع سعد بن معاذ، ومناقبه كثيرة.
انظر ترجمته في "الإصابة 2/ 30، الاستيعاب 2/ 38، تهذيب الأسماء 1/ 212، الخلاصة ص 134".
7 روى البخاري أن سعد بن عبادة قال يوم الفتح: "يا أبا سفيان، اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة، فقال أبو سفيان: يا عباس، حبذا يوم الذمار
…
فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة سعد قال: "كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويومٌ تكسى فيه الكعبة". صحيح البخاري 3/ 61".
وَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" فِي قَوْلِ1 عَبْدِ حَاطِبٍ2 لَمَّا جَاءَ يَشْكُو حَاطِبًا3 "لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ" فَقَالَ4 صلى الله عليه وسلم: "كَذَبْت، لا يَدْخُلُهَا"5.
وَرَدَّ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ6 عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} 7.
*- 1 ساقطة من ب.
2 هو حاطب بن أبي بلتعة عمرو بن عمير الصحابي، أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله، حليف الزبير بن العوام، شهد بدراً والحديبية، وشهد الله له بالإيمان في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ
…
} الآيتان 1-2 من الممتحنة نزلتا فيه. وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب الإسكندرية سنة ست من الهجرة، وسأله المقوقس عن رسول الله، ثم قال له: أنت حكيم جئت من عند حكيم، وبعث معه هدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، منها مارية القبطية وأختها سيرين. وأرسل معه من يوصله إلى مأمنه. توفي حاطب سنة 30 هـ بالمدينة، وصلى عليه عثمان رضي الله عنهما، وكان عمره خمساً وستين سنة.
انظر ترجمته في "تهذيب الأسماء 1/ 152، شذرات الذهب 1/ 37، مشاهير علماء الأمصار ص 21، الإصابة 1/ 300".
3 في ب ز ع ض: على حاطب.
4 في ض: فقال النبي صلى الله عليه وسلم.
5 روى الإمام أحمد ومسلم عن جابر: "أن عبداً لحاطب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطباً، فقال: يا رسول الله، ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت لا يدخلها، فإنه شهد بدراً والحديبية".
"انظر: صحيح مسلم 4/ 1942، مسند أحمد 3/ 349".
6 هو أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي، يعرف بابن النحاس، أبو جعفر النحوي، المصري، من أهل الفضل الشائع، والعلم الذائع، كان عالماً بالنحو، صادقاً. صنف كتباً كثيرة، منها:"إعراب القرآن"، و"معاني القرآن"، و"الكافي" في العربية، و"المقنع" في اختلاف البصريين والكوفيين، و"وشرح المعلقات"، و"شرح المفضليات". غرق في النيل سنة 338 هـ.
انظر ترجمته في "بغية الوعاة 1/ 362، طبقات المفسرين 1/ 67، شذرات الذهب 2/ 346، حسن المحاضرة 1/ 531، وفيات الأعيان 1/ 82".
7 الآية 27 من الأنعام.
وَقِيلَ: لا يَكُونُ الْكَذِبُ إلَاّ فِي مَاضٍ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَهُوَ قَوْلٌ مَشْهُورٌ، بَلْ هُوَ الْمَفْهُومُ عَنْ الشَّافِعِيِّ. ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْخَبَرَ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ يَقْبَلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ. فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ كَالْوَعْدِ. كَانَ إنْشَاءً. وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ. اهـ.
"وَمَوْرِدُهُمَا" أَيْ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ "النِّسْبَةُ الَّتِي تَضَمَّنَهَا" الْخَبَرُ بِإِيقَاعِ الْمُخْبِرِ1. "وَمِنْهُ" أَيْ وَمِنْ الْخَبَرِ مَا هُوَ "مَعْلُومٌ صِدْقُهُ" وَهُوَ أَنْوَاعٌ.
أَحَدُهَا: مَا يَكُونُ عِلْمُ صِدْقِهِ ضَرُورِيًّا بِنَفْسِ الْخَبَرِ بِتَكَرُّرِ الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ، كَالْخَبَرِ الَّذِي 2بَلَغَتْ رُوَاتُه2 حَدَّ التَّوَاتُرِ، لَفْظِيًّا كَانَ أَوْ مَعْنَوِيًّا3.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يَكُونُ ضَرُورِيًّا بِغَيْرِ نَفْسِ الْخَبَرِ، لِكَوْنِهِ4 مُوَافِقًا لِلضَّرُورِيِّ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مُتَعَلَّقُهُ مَعْلُومًا لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِ كَسْبٍ وَتَكَرُّرٍ.
1 أي إن مورد الصدق والكذب في الخبر هي مجرد النسبة التي تضمنها الخبر فقط دون غيرها، مثال:"قام زيد بن عمرو"، فإن مورد الصدق والكذب في القيام فقط، ولاتشمل بنوته لعمرو، إذ لم يقصد بالخبر الإخبار بالبنوة، وهذا ما يسمى في القضاء، بالحكم الضمني، وقد قال به أكثر الفقهاء إذا كان المشهود عليه غائباً.
"انظر: غاية الوصول ص 94، نظرية الدعوى 2/ 206، 222، المحلي على جمع الجوامع 2/ 115 وما بعدها".
2 في ش: بلغ رواته. وفي د ض: بلغت روايته.
3 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 12، المستصفى 1/ 140، نهاية السول 2/ 261، 262، العضد على ابن الحاجب 2/ 51، الكفاية للخطيب البغدادي ص 17، المعتمد 2/ 547، فواتح الرحموت 2/ 109، تيسير التحرير 3/ 29، إرشاد الفحول ص 45.
4 في ع ض: بل بكونه.
نَحْوُ: الْوَاحِدُ نِصْفُ الاثْنَيْنِ1.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا يَكُونُ "نَظَرِيًّا" 2، كَخَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَخَبَرِ كُلِّ الأُمَّةِ؛ لأَنَّ الإِجْمَاعَ حُجَّةٌ. فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثَةِ عُلِمَ بِالنَّظَرِ وَالاسْتِدْلالِ3.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: مَا يَكُونُ غَيْرَ ضَرُورِيٍّ وَغَيْرَ نَظَرِيٍّ، وَلَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِلنَّظَرِيِّ4، وَهُوَ الْخَبَرُ الَّذِي عُلِمَ مُتَعَلَّقُهُ بِالنَّظَرِ. كَقَوْلِنَا: الْعَالَمُ حَادِثٌ5 "وَ" مِنْ الْخَبَرِ أَيْضًا مَا هُوَ مَعْلُومٌ "كَذِبُهُ6" وَهُوَ أَنْوَاعٌ أَيْضًا.
أَحَدُهَا: مَا عُلِمَ خِلافُهُ بِالضَّرُورَةِ. كَقَوْلِ الْقَائِلِ: النَّارُ بَارِدَةٌ7.
1 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 354، الإحكام للآمدي 2/ 12، نهاية السول 2/ 261، العضد على ابن الحاجب 2/ 51، المعتمد 2/ 546، فواتح الرحموت 2/ 109، تيسير التحرير 3/ 29، إرشاد الفحول ص 45.
2 في جميع النسخ: ضروريًّا.
3 انظر: التمهيد ص 134، الكفاية للخطيب البغدادي ص 17، أصول السرخسي 1/ 374، تيسير التحرير 3/ 29، كشف الأسرار 2/ 360، فواتح الرحموت 2/ 109، شرح تنقيح الفصول ص 354، الإحكام للآمدي 2/ 12، المستصفى 1/ 141، المحلي على جمع الجوامع 2/ 119، المسودة ص 243، العضد على ابن الحاجب 2/ 51، غاية الوصول ص 95، إرشاد الفحول ص 45، المعتمد 2/ 546، 551.
4 في ع: للنظر.
5 ذكر القرافي وغيره أنواعاً أخرى للخبر المعلوم صدقه والمفيد للعلم.
"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 354، فواتح الرحموت 2/ 109، تيسير التحرير 3/ 29، العضد على ابن الحاجب 2/ 51، إرشاد الفحول ص 45".
6 انظر: المسودة ص 233.
7 ونحو: النقيضان يجتمعان أو يرتفعان.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 12، المستصفى 1/ 142، المحلي على جمع الجوامع 2/ 116، مناهج العقول 2/ 274، نهاية السول 2/ 277، شرح تنقيح الفصول ص 355، كشف الأسرار 2/ 360، فواتح الرحموت 2/ 109، غاية الوصول ص 94، إرشاد الفحول ص 46، المعتمد 2/ 547".
النَّوْعُ الثَّانِي: مَا عُلِمَ خِلافُهُ بِالاسْتِدْلالِ. كَقَوْلِ الْفَيْلَسُوفِ1: الْعَالَمُ قَدِيمٌ2.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يُوهِمَ أَمْرًا بَاطِلاً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْبَلَ التَّأْوِيلَ لِمُعَارَضَتِهِ لِلدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ. كَمَا لَوْ اخْتَلَقَ بَعْضُ الزَّنَادِقَةِ حَدِيثًا كَذِبًا عَلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى، أَوْ عَلَى 3رَسُولِ اللَّهِ5 صلى الله عليه وسلم وَيَتَحَقَّقُ أَنَّهُ كَذِبٌ4.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ الرِّسَالَةَ عَنْ اللَّهِ سبحانه وتعالى بِغَيْرِ مُعْجِزَةٍ5.
"وَ" مِنْ الْخَبَرِ أَيْضًا: مَا هُوَ "مُحْتَمِلٌ" لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ6.
1 في ع: الفيلسوفي.
2 انظر: التمهيد للباقلاني ص 161، المحلي على جمع الجوامع 2/ 116، الكفاية للخطيب البغدادي ص 17، المستصفى 1/ 142، مناهج العقول 2/ 274، نهاية السول 2/ 277، المعتمد 2/ 547، شرح تنقيح الفصول ص 355، غاية الوصول ص 94، إرشاد الفحول ص 46، كشف الأسرار 2/ 360.
3 في ب ع ض: رسوله.
4 ومثل ذلك قول الزنادقة أيضاً: إن الله تعالى خلق نفسه، فهذا كذب لإيهامه باطلاً، وهو حدوثه تعالى، وقد دل العقل القاطع على أنه تعالى منزه عن الحدوث. ومثل حديث:"لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نَفْسٌ منفوسة اليومَ". رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً، فحذفوا كلمة "اليوم".
"انظر: المحلي على جمع الجوامع 2/ 116، غاية الوصول ص 95، إرشاد الفحول ص 46، صحيح مسلم 4/ 1967".
5 ذكر القرافي والمحلي وغيرهما أنواعًا أخرى للخبر المعلوم كذبه.
"انظر: التمهيد للإسنوي ص 134، شرح تنقيح الفصول ص 355، المحلي على جمع الجوامع 2/ 11 وما بعدها، المستصفى 1/ 145، أصول السرخسي 1/ 374، غاية الوصول ص 95، إرشاد الفحول ص 46".
6 هذا تقسيم آخر للخبر باعتبار آخر.
"انظر: التمهيد للإسنوي ص 134، العضد على ابن الحاجب 2/ 51، التمهيد للباقلاني ص 162، المسودة ص 233، أصول السرخسي 1/ 374، إرشاد الفحول ص 46".
"فَالأَوَّلُ" وَهُوَ مَا عُلِمَ صِدْقُهُ. قَدْ تَقَدَّمَتْ أَنْوَاعُهُ الَّتِي مِنْهَا مَا هُوَ "ضَرُورِيٌّ بِنَفْسِهِ كَمُتَوَاتِرٍ. وَبِغَيْرِهِ كَمُوَافِقٍ لِضَرُورِيٍّ وَنَظَرِيٍّ، كَخَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ وَالإِجْمَاعِ وَخَبَرِ مَنْ وَافَقَ أَحَدَهَا أَوْ1 ثَبَتَ فِيهِ2 صِدْقُهُ3.
"وَ" الْقِسْمُ "الثَّانِي" مِنْ الْخَبَرِ وَهُوَ الْمَعْلُومُ كَذِبُهُ. قَدْ تَقَدَّمَتْ 4أَنْوَاعُهُ أَيْضًا5. وَمِنْهَا "مَا خَالَفَ مَا عُلِمَ صِدْقُهُ5".
"وَ" أَمَّا الْقِسْمُ "الثَّالِثُ" مِنْ الْخَبَرِ، وَهُوَ الْمُحْتَمِلُ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَثَلاثَةُ أَنْوَاعٍ6.
أَحَدُهَا: "مَا ظُنَّ صِدْقُهُ كَعَدْلٍ" أَيْ كَخَبَرِ الْعَدْلِ، لِرُجْحَانِ صِدْقِهِ عَلَى كَذِبِهِ، وَيَتَفَاوَتُ فِي الظَّنِّ7
"وَ" النَّوْعُ الثَّانِي: مَا ظُنَّ "كَذِبُهُ كَ" خَبَرِ "كَذَّابٍ" لِرُجْحَانِ
1 في ز ش: و.
2 في ع ض: به.
3 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 354، الإحكام للآمدي 2/ 12، المستصفى 1/ 141، فواتح الرحموت 2/ 109، تيسير التحرير 3/ 29، كشف الأسرار 2/ 360، العضد على ابن الحاجب 2/ 51.
4 في ز ع ض: أيضاً أنواعه.
5 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 355، الإحكام للآمدي 2/ 12، المستصفى 1/ 142، نهاية السول 2/ 277، فواتح الرحموت 2/ 109، تيسير التحرير 3/ 29، العضد على ابن الحاجب 2/ 51.
6 ساقطة من ب.
وانظر: كشف الأسرار 2/ 360، الكفاية ص 18، إرشاد الفحول ص 46.
7 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 13، مناهج العقول 2/ 279، المحلي على جمع الجوامع 2/ 129، فواتح الرحموت 2/ 109، تيسير التحرير 3/ 29، نهاية السول 2/ 281، العضد على ابن الحاجب 2/ 51، إرشاد الفحول ص 46، كشف الأسرار 2/ 360.
كَذِبِهِ عَلَى صِدْقِهِ. وَهُوَ مُتَفَاوِتٌ أَيْضًا1.
"وَ" النَّوْعُ الثَّالِثُ: "مَا شُكَّ فِيهِ كَ" خَبَرِ "مَجْهُولِ" الْحَالِ. فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الاحْتِمَالانِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ2.
"وَلَيْسَ كُلُّ خَبَرٍ لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُهُ" يَكُونُ "كَذِبًا"3.
قَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ: "وَقَوْلُ قَوْمٍ: كُلُّ خَبَرٍ لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُهُ كَذِبٌ بَاطِلٌ4. وَاسْتَدَلُّوا لِقَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ5 لَوْ كَانَ صِدْقًا لَنُصِبَ عَلَيْهِ6 دَلِيلٌ، كَخَبَرِ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ. فَإِنَّهُ إذَا كَانَ صِدْقًا7 دَلَّ عَلَيْهِ بِالْمُعْجِزَةِ. وَهَذَا الاسْتِدْلال فَاسِدٌ، لِجَرَيَانِ مِثْلِهِ فِي نَقِيضِ مَا أَخْبَرَ بِهِ إذَا أَخْبَرَ بِهِ آخَرُ. فَيَلْزَمُ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ، وَيُعْلَمُ8 بِالضَّرُورَةِ وُقُوعُ الْخَبَرِ بِهِمَا، أَيْ بِالإِخْبَارِ بِشَيْءٍ وَبِنَقِيضِهِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْعِلْمُ بِكَذِبِ كُلِّ شَاهِدٍ؛ إذْ لا يُعْلَمُ صِدْقُهُ إلَاّ
1 انظر: نهاية السول 2/ 281، الإحكام للآمدي 2/ 13، الكفاية للخطيب البغدادي ص 101، العضد على ابن الحاجب 2/ 51، فواتح الرحموت 2/ 109، تيسير التحرير 3/ 29، كشف الأسرار 2/ 360، إرشاد الفحول ص 46.
2 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 13، نهاية السول 2/ 281، العضد على ابن الحاجب 2/ 51، فواتح الرحموت 2/ 109، تيسير التحرير 3/ 29، كشف الأسرار 2/ 360، إرشاد الفحول ص 46.
3 وهذا رد على بعض الظاهرية القائلين بأن كل خبر لم يعلم صدقه فهو كذب، لأنه لو كان صدقاً لما تركنا الله تعالى بدون دليل يدل عليه.
"انظر: فواتح الرحموت 2/ 109، الإحكام للآمدي 2/ 13، تيسير التحرير 3/ 30، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 51".
4 ساقطة من ب.
5 في ع: بأن.
6 في ز: على.
7 في ب: صادقاً.
8 في شرح العضد: ونعلم.
بِدَلِيلٍ، وَالْعِلْمُ1 بِكَذِبِ كُلِّ مُسْلِمٍ فِي دَعْوَى إسْلامِهِ؛ 2إذْ لا10 دَلِيلَ عَلَى مَا فِي بَاطِنِهِ. وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالإِجْمَاعِ3.
"وَمَدْلُولُهُ" أَيْ الْخَبَرُ هُوَ "الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لا ثُبُوتُهَا" أَيْ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ النِّسْبَةِ لا نَفْسُ الثُّبُوتِ. فَإِذَا قُلْت: زَيْدٌ قَائِمٌ. فَمَدْلُولُهُ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ قِيَامِهِ 4لا نَفْسِ ثُبُوتِ قِيَامِهِ1؛ إذْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ ثُبُوتُ قِيَامِ زَيْدٍ، لَزِمَ مِنْهُ أَنْ لا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا، بَلْ يَكُونُ كُلُّهُ صِدْقًا. قَالَهُ الرَّازِيّ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ5.
وَخَالَفَ الْقَرَافِيُّ فَقَالَ: إنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَضَعْ الْخَبَرَ إلَاّ لِلصِّدْقِ، لاتِّفَاقِ اللُّغَوِيِّينَ وَالنَّحْوِيِّينَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى "قَامَ زَيْدٌ": حُصُولُ الْقِيَامِ مِنْهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي. وَاحْتِمَالُهُ الْكَذِبَ لَيْسَ مِنْ الْوَضْعِ، بَلْ مِنْ جِهَةِ الْمُتَكَلِّمِ6. اهـ.
1 أي ويلزم العلم.
2 في ب: أو لا يعلم.
3 العضد على ابن الحاجب 1/ 51.
وانظر: الإحكام للآمدي 2/ 13، فواتح الرحموت 2/ 109 وما بعدها، تيسير التحرير 3/ 30.
4 ساقطة من ش.
5 اختلف العلماء في مدلول الخبر على قولين: الأول: ما ذكره المصنف وهو الحكم بالنسبة، وهو قول الرازي ومن وافقه. والقول الثاني: أن مدلول الخبر ثبوت النسبة في الخارج، وهو ما رجحه السعد التفتازاني وغيره.
"انظر: المحصول 1/ 322، تيسير التحرير 3/ 26، المحلي على جمع الجوامع 2/ 113-114، غاية الوصول ص 94".
6 قاله القرافي في كتابه: "نفائس الأصول في شرح المحصول" وهو مخطوط. وذكر معناه في كتابيه الفروق 1/ 24، شرح تنقيح الفصول ص 346.
"وانظر: المحلي على جمع الجوامع 2/ 113، غاية الوصول ص 94، إرشاد الفحول ص 44".
قَالَ الْكُورَانِيُّ: وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ هُوَ أَنَّ الْخَبَرَ فِي1 مِثْلِ: "زَيْدٌ قَائِمٌ"، إذَا صَدَرَ عَنْ الْمُتَكَلِّمِ بِالْقَصْدِ، يَدُلُّ عَلَى الإِيقَاعِ، وَهُوَ الْحُكْمُ الَّذِي صَدَرَ عَنْ الْمُتَكَلِّمِ. وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى الْوُقُوعِ. فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى حُكْمًا، فَاحْتِمَالُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَصِدْقُ الْخَبَرِ وَكَذِبُهُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ، إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الإِيقَاعِ؛ لأَنَّهُ الْمُتَّصِفُ2 بِذَلِكَ الْوُقُوعِ3، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ إفَادَةِ الْمُخَاطَبِ فَالْحُكْمُ هُوَ الْوُقُوعُ4؛ لأَنَّك إذَا قُلْت "زَيْدٌ قَائِمٌ" إنَّمَا يُفِيدُ الْمُخَاطَبَ وُقُوعَ الْقِيَامِ، لا أَنَّك أَوْقَعْت الْقِيَامَ عَلَى زَيْدٍ. فَإِنَّهُ لا يُعَدُّ فَائِدَةً.
"وَمِنْهُ" أَيْ وَ5مِنَ الْخَبَرِ "تَوَاتُرٌ" يَعْنِي أَنَّ الْخَبَرَ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ، تَوَاتُرًا وَآحَادًا.
"وَهُوَ" أَيْ التَّوَاتُرُ "لُغَةً تَتَابُعُ" شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ "بِمُهْلَةٍ" أَيْ6 وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ مِنْ الْوَتْرِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} 7 أَصْلُهَا وَتْرًا أُبْدِلَتْ التَّاءُ مِنْ الْوَاوِ8. قَالَهُ9 ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ. ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ: قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ10: مِنْ
1 ساقطة من ش ب ز ع.
2 في ش: المتصف بالكلام.
3 في ب ز ض: لا الوقوع.
4 في د: لا الوقوع.
5 ساقطة من ع ض.
6 في ب: أو.
7 الآية 44 من المؤمنون.
8 انظر: القاموس المحيط 2/ 156، المصباح المنير 2/ 1002، المغرب للمطرزي ص 475.
9 في ز: وقاله.
10 هو موهوب بن أحمد بن محمد، أبو منصور الجوالقي، شيخ أهل اللغة في عصره
قال ابن السمعاني: "إمام في اللغة والأدب، وهو من مفاخر بغداد، وهو متدين ثقة ورع، غزير الفضل، كامل العقل، مليح الخط، كثير الضبط، صنف التصانيف، واشتهرت عنه". وكان يصلي بالمقتفي بالله الخليفة. ومن تصانيفه: "شرح أدب الكاتب" و"المعرب"، و"تتمة درة الغوّاص للحريري" وسماه "التكملة فيما يلحن به العامة". توفي سنة 540 ببغداد.
انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 4/ 426، شذرات الذهب 4/ 127، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 204، بغية الوعاة 2/ 308، إنباه الرواة 3/ 335".
غَلَطِ الْعَامَّةِ قَوْلُهُمْ: تَوَاتَرَتْ كُتُبُك إلَيَّ. أَيْ اتَّصَلَتْ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعٍ. وَإِنَّمَا التَّوَاتُرُ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ بَيْنَهُمَا انْقِطَاعٌ. وَهُوَ تَفَاعُلٌ مِنْ الْوَتْرِ، وَهُوَ الْعَوْدُ اهـ.
"و"َ التَّوَاتُرُ "اصْطِلاحًا" أَيْ فِي اصْطِلاحِ الْعُلَمَاءِ "خَبَرُ عَدَدٍ يَمْتَنِعُ مَعَهُ" أَيْ مَعَ هَذَا الْعَدَدِ "لِكَثْرَتِهِ" أَيْ مِنْ أَجْلِ كَثْرَتِهِ "تَوَاطُؤٌ" فَاعِلُ يَمْتَنِعُ "عَلَى كَذِبٍ" مُتَعَلِّقٌ بِتَوَاطُؤٍ عَنْ مَحْسُوسٍ مُتَعَلِّقٍ بِخَبَرٍ، أَيْ بِخَبَرِ عَدَدٍ1 "عَنْ مَحْسُوسٍ""أَوْ خَبَرُ" عَدَدٍ "عَنْ عَدَدٍ كَذَلِكَ" أَيْ يَمْتَنِعُ مَعَهُ لِكَثْرَتِهِ تَوَاطُؤٌ عَلَى كَذِبٍ إلَى "أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَحْسُوسٍ" أَيْ مَعْلُومٍ بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ. كَمُشَاهَدَةٍ أَوْ سَمَاعٍ2.
فَقَوْلُهُ: "خَبَرٌ" جِنْسٌ يَشْمَلُ الْمُتَوَاتِرَ وَغَيْرَهُ. وَبِإِضَافَتِهِ إلَى عَدَدٍ يَخْرُجُ خَبَرُ الْوَاحِدِ.
وَبِقَوْلِهِ: "يَمْتَنِعُ مَعَهُ3
…
إلَى آخِرِهِ": يَخْرُجُ بِهِ خَبَرُ عَدَدٍ لَمْ يَتَّصِفْ ذَلِكَ الْعَدَدُ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ.
1 ساقطة من ش. وفي ب ز ع ض: خبر.
2 اعتبر الطوفي وغيره هذا القيد شرطاً في التواتر، فقالوا: وشرط التواتر إسناده إلى عيان محسوس، وليس عن اجتهاد، وهو قول الجويني وابن برهان والمقدسي وغيرهم.
"انظر: المسودة ص 234، المعتمد 2/ 563، مختصر الطوفي ص 51، شرح الورقات ص 183، المحلي على جمع الجوامع 2/ 123، الروضة ص 50، غاية الوصول ص 96".
3 ساقطة من ش ب ز.
وَخَرَجَ بِقَيْدِ "الْمَحْسُوسِ" مَا كَانَ عَنْ مَعْلُومٍ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ كَإِخْبَارِ أَهْلِ السُّنَّةِ دَهْرِيًّا بِحُدُوثِ1 الْعَالَمِ لِتَجْوِيزِهِ غَلَطَهُمْ فِي الاعْتِقَادِ2.
"مُفِيدٌ" صِفَةٌ لِتَوَاتُرٍ، أَيْ وَمِنْ الْخَبَرِ تَوَاتُرٌ مُفِيدٌ "لِلْعِلْمِ بِنَفْسِهِ3".فَخَرَجَ بِذَلِكَ الْخَبَرُ الَّذِي صِدْقُ الْمُخْبِرِينَ فِيهِ بِسَبَبِ الْقَرَائِنِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا لا يَنْفَكُّ عَنْ الْمُتَوَاتِرِ عَادَةً وَغَيْرِهَا؛ لأَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مُفِيدٌ لِلْعِلْمِ لا بِنَفْسِهِ، بَلْ بِسَبَبِ مَا احْتَفَّ بِهِ مِنْ الْقَرَائِنِ4.
ثُمَّ الْقَرَائِنُ الْمُفِيدَةُ لِلْعِلْمِ قَدْ تَكُونُ عَادِيَّةً كَالْقَرَائِنِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى مَنْ يُخْبِرُ بِمَوْتِ وَلَدِهِ مِنْ شَقِّ الْجُيُوبِ وَالتَّفَجُّعِ. وَقَدْ تَكُونُ عَقْلِيَّةً، كَخَبَرِ جَمَاعَةٍ
1 في ب ز ع: بحدث.
2 انظر في تعريف التواتر التعريفات للجرجاني ص 102، 210، 74، الحدود للباجي ص 61، المغرب ص 475، الكافية في الجدل ص 179، 181، مقدمة ابن الصلاح ص 135، الإحكام لابن حزم 1/ 93، شرح الورقات ص 179، 181، شرح تنقيح الفصول ص 349، أصول السرخسي 1/ 282، فواتح الرحموت 2/ 110، تيسير التحرير 3/ 30، نهاية السول 2/ 262، مختصر الطوفي ص 49، اللمع ص 39، غاية الوصول ص 95، المدخل إلى مذهب أحمد ص 90، الإحكام للآمدي 2/ 14، إرشاد الفحول ص 46.
3 انظر: المسودة ص 233، شرح الورقات ص 179، الإحكام لابن حزم 1/ 93، المعتمد 2/ 551، الكفاية للخطيب البغدادي ص 16، شرح نخبة الفكر ص 24، جامع بيان العلم 2/ 41، العضد على ابن الحاجب 2/ 52، المحلي على جمع الجوامع 2/ 119، كشف الأسرار 2/ 360، فواتح الرحموت 2/ 110، الإحكام للآمدي 2/ 14، الروضة ص 48، المدخل إلى مذهب أحمد ص 90.
4 أما القرائن اللازمة للخبر من أحوال المخبِر والمخبَر والمخبَر عنه، فلا تضر في إفادة العلم من المتواتر، بل لها تأثير في ذلك.
"انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 52، شرح الورقات ص 179، مناهج العقول 2/ 260، كشف الأسرار 2/ 360، تيسير التحرير 3/ 30، فواتح الرحموت 2/ 110، الروضة ص 48، إرشاد الفحول ص 46".
تَقْتَضِي الْبَدِيهَةُ1 أَوْ2 الاسْتِدْلال صِدْقَهُ. وَقَدْ تَكُونُ حِسِّيَّةً3 كَالْقَرَائِنِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى مَنْ يُخْبِرُ بِعَطَشِهِ.
وَكَوْنُ خَبَرِ التَّوَاتُرِ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ هُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ4.
"وَ" الْعِلْمُ "الْحَاصِلُ" بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ "ضَرُورِيٌّ" عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالأَكْثَرِ، إذْ لَوْ كَانَ نَظَرِيًّا لافْتَقَرَ إلَى تَوَسُّطِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ، وَلَمَا حَصَلَ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَلَسَاغَ الْخِلافُ فِيهِ عَقْلاً، كَسَائِرِ النَّظَرِيَّاتِ، وَلأَنَّ الضَّرُورِيَّ مَا اُضْطُرَّ الْعَقْلُ إلَى التَّصْدِيقِ بِهِ. وَهَذَا كَذَلِكَ5.
1 في ش: البديهي.
2 في ز ش: و.
3 ساقطة من ش.
4 وخالف في ذلك السمنية، وهم من عبدة الأصنام، والبراهمة، وهم من منكري الرسالة، فإنهم حصروا مدارك العلم في الحواس الخمسة فقط. وفرق بعضهم بين الحاضر والماضي، فقالوا: يفيد العلم في الحاضر، لأنه معضود بالحس، فيبعد تطرق الخطأ إليه، أما الماضي فإنه بعيد عن الحس، فيتطرق إليه احتمال الخطأ والنسيان. وقال جماعة بأنه يفيد علم طمأنينة لا يقين. وقد بين الآمدي وصاحب "فواتح الرحموت" أدلة هذه الآراء مع مناقشتها والرد عليها.
"انظر: كشف الأسرار 2/ 262 وما بعدها، المعتمد 2/ 551، العضد على ابن الحاجب 2/ 52، المسودة ص 233، مناهج العقول 2/ 262، فواتح الرحموت 2/ 113، الإحكام للآمدي 2/ 15، المستصفى 1/ 132، شرح تنقيح الفصول ص 349، 350، أصول السرخسي 1/ 283، شرح الورقات ص 179، نهاية السول 2/ 265، الروضة ص 48، مختصر الطوفي ص 49، إرشاد الفحول ص 47، تيسير التحرير 3/ 31".
5 انظر: الحدود للباجي ص 62، أصول السرخسي 1/ 283، 292، كشف الأسرار 2/ 262، فواتح الرحموت 2/ 114، تيسير التحرير 3/ 32، نهاية السول 2/ 265، مناهج العقول 2/ 264، المستصفى 1/ 133، شرح تنقيح الفصول ص 351، المحلي على جمع الجوامع 2/ 122، المسودة ص 234، التمهيد للباقلاني ص 162، شرح نخبة الفكر ص 26، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 53، الإحكام للآمدي 2/ 18، 19، غاية الوصول ص 96، المعتمد 2/ 552 وما بعدها، مختصر الطوفي ص 50، اللمع ص 39، الروضة ص 49، إرشاد الفحول ص 46، المدخل إلى مذهب أحمد ص 90.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمْعٌ: إنَّهُ نَظَرِيٌّ؛ إذْ لَوْ كَانَ ضَرُورِيًّا 1لَمَا افْتَقَرَ6 إلَى النَّظَرِ فِي الْمُقَدِّمَتَيْنِ. وَهُمَا اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الإِخْبَارِ وَامْتِنَاعُ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ. فَصُورَةُ التَّرْتِيبِ مُمْكِنَةٌ2. رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ ضَرُورِيٍّ3.
وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَالْخِلافُ لَفْظِيٌّ؛ إذْ مُرَادُ الأَوَّلِ بِالضَّرُورِيِّ: مَا اُضْطُرَّ الْعَقْلُ إلَى تَصْدِيقِهِ. وَالثَّانِي: الْبَدِيهِيُّ الْكَافِي فِي حُصُولِ الْجَزْمِ بِهِ تَصَوُّرُ طَرَفَيْهِ. وَالضَّرُورِيُّ يَنْقَسِمُ إلَيْهِمَا. فَدَعْوَى كُلٍّ غَيْرُ دَعْوَى الآخَرِ، وَالْجَزْمُ حَاصِلٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ4.
1 في ض: لافتقر.
2 وهو قول الكعبي وأبي الحسين البصري من المعتزلة، وإمام الحرمين والدقاق من الشافعية.
"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 351، العضد على ابن الحاجب 2/ 53، المحلي على جمع الجوامع 2/ 122، المسودة ص 234، شرح نخبة الفكر ص 27، فواتح الرحموت 2/ 114، 115، تيسير التحرير 3/ 32، أصول السرخسي 1/ 291، المعتمد 2/ 552، نهاية السول 2/ 265، مناهج العقول 2/ 264، الإحكام للآمدي 2/ 18، 20، المستصفى 1/ 132، غاية الوصول ص 96، الروضة ص 49، مختصر الطوفي ص 50، إرشاد الفحول ص 46، المدخل إلى مذهب أحمد ص 90".
3 قال العضد: "إن العلم بالصدق ضروري يحصل بالعادة لا بالمقدمتين، فاستغني عن الترتيب، ولا ينافي صورة الترتيب، فإن وجوده لا يوجب الاحتياج إليها، فإنها ممكنة في كل ضروريّ. العضد على ابن الحاجب 2/ 53".
وانظر: كشف الأسرار 2/ 367، 368، نهاية السول 2/ 266، مناهج العقول 2/ 264، شرح تنقيح الفصول ص 351، أصول السرخسي 1/ 291، فواتح الرحموت 2/ 115، تيسير التحرير 3/ 32، الروضة ص 49.
4 مختصر الطوفي ص 50.
وهذا الرأي هو ما أيده شيخ الإسلام زكريا الأنصاري وابن بدران والمحلي. وقال الغزالي: إنه قسم ثالث ليس ضرورياً ولا نظرياً، بل من نوع القضايا التي قياساتها معها، وقال المرتضى والآمدي بالوقف، وهناك أقوال كثيرة
"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 18، 23، المستصفى 1/ 133، المحلي على جمع الجوامع 2/ 122، غاية الوصول ص 96، المدخل إلى مذهب أحمد ص 90، أصول السرخسي 1/ 284، فواتح الرحموت 2/ 114، تيسير التحرير 3/ 32، نهاية السول 2/ 266، مناهج العقول 2/ 264، العضد على ابن الحاجب 2/ 53، إرشاد الفحول ص 46".
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ خَبَرَ التَّوَاتُرِ لا يُوَلِّدُ الْعِلْمَ، بَلْ "يَقَعُ" الْعِلْمُ "عِنْدَهُ" أَيْ عِنْدَ خَبَرِ التَّوَاتُرِ "بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى" عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَخَالَفَ قَوْمٌ1.
لَنَا عَلَى الأَوَّلِ: مَا ثَبَتَ مِنْ الأُصُولِ أَنَّهُ لا مُوجِدَ2 إلَاّ اللَّهُ. وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إجْرَاءِ الْعَادَةِ بِخَلْقِ الْوَلَدِ مِنْ الْمَنِيِّ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِهِ بِدُونِ ذَلِكَ خِلافًا لِمَنْ قَالَ بِالتَّوَلُّدِ3.
قَالَ الْمُخَالِفُ: يُمْكِنُ أَنْ يَخْلُقَهُ اللَّهُ4 وَيُمْكِنُ ضِدُّهُ.
قُلْنَا: هُوَ5 مُمْكِنٌ عَقْلاً وَوَاجِبٌ عَادَةً.
وَاسْتُدِلَّ بِأَنَّهُ لَوْ وُلِّدَ الْعِلْمُ فَإِمَّا مِنْ الأَخِيرِ وَحْدَهُ، 6وَهُوَ مُحَالٌ إذْ كَانَ يَكْفِي مُنْفَرِدًا. أَوْ مِنْهُ وَمِنْ الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ6، وَهُوَ مُحَالٌ أَيْضًا، لِعَدَمِ صُدُورِ
1 وهم البراهمة وغيرهم. وانظر أدلتهم ومناقشتهم والرد عليها في "اللمع ص 39، غاية الوصول ص 95، أصول السرخسي 1/ 283، الإحكام للآمدي 2/ 23، نهاية السول 2/ 273، كشف الأسرار 2/ 361، المسودة ص 235".
2 في ز ش ب: يوجد.
3 في ش: التوالد. والتولد هو إيجاد المخلوق بلا أب ولا أم، مثل: الحيوان المتولد من الماء الراكد في الصف. أما التوالد فهو فعل مشترك بين شخصي الذكر والأنثى.
"انظر: التعريفات للجرجاني ص 72، المسودة ص 235، الإحكام للآمدي 2/ 23، المعتبر في الحكمة 2/ 266".
4 لفظة الجلالة غير موجودة في ع ض.
5 ساقطة من ز ش.
6 ساقطة من ض.
الْمُسَبَّبِ عَنْ سَبَبَيْنِ1 فَصَاعِدًا، أَوْ2 لأَنَّهَا تُعْدَمُ شَيْئًا فَشَيْئًا. وَالْمَعْدُومُ لا يُؤَثِّرُ.
فَقِيلَ: يَجُوزُ تَأْثِيرُ الأَخِيرِ مَشْرُوطًا بِوُجُودِ مَا قَبْلَهُ وَانْعِدَامِهِ أَيْضًا. فَهُوَ وَارِدٌ فِي إفَادَتِهِ التَّوَلُّدَ3.
"وَهُوَ" أَيْ التَّوَاتُرُ قِسْمَانِ:
قِسْمٌ "لَفْظِيٌّ" وَهُوَ مَا اشْتَرَكَ عَدَدُهُ فِي لَفْظٍ بِعَيْنِهِ4. وَذَلِكَ كَحَدِيثِ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ" 5 فَإِنَّهُ قَدْ
1 في ز ش ع: شيئين.
2 في ب: و.
3 انظر مناقشة ذلك في "الإحكام للآمدي 2/ 23 وما بعدها".
وقد اشترط العلماء في خبر التواتر ليفيد العلم شروطاً عدة، منها: أن يكون المخبرون عدداً لا يصح منهم التواطؤ على الكذب، وأن يستوي طرفاه ووسطه، وأن يكون الخبر في الأصل عن مشاهدة أو سماع مباشر، وغير ذلك.
"انظر: فواتح الرحموت 2/ 115، تيسير التحرير 3/ 34، كشف الأسرار 2/ 360، المستصفى 1/ 134، الإحكام للآمدي 2/ 25، شرح تنقيح الفصول ص 353، نهاية السول 2/ 270، مناهج العقول 2/ 266، المحلي على جمع الجوامع 2/ 123، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 53، المعتمد 2/ 558، 561، مقدمة ابن الصلاح ص 135، المسودة ص 235، شرح نخبة الفكر ص 22، اللمع ص 39، الروضة ص 50، إرشاد الفحول ص 47".
4 "انظر: شرح تنقيح الفصول ص 353، تيسير التحرير 3/ 36، نهاية السول 2/ 274، غاية الوصول ص 95.
5 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والحاكم والطبراني والدارمي وغيرهم عن عدد من الصحابة، منهم أنس والزبير وأبو هريرة وعلي وجابر وأبو سعيد وابن مسعود وزيد بن أرقم وخالد بن عرفطة وسلمة بن الأكوع وعقبة بن عامر ومعاوية والسائب بن يزيد وسلمان بن خالد الخزاعي والعشرة المبشرين بالجنة وغيرهم.
"انظر: صحيح البخاري 1/ 31، صحيح مسلم 1/ 10، سنن أبي داود 2/ 287، تحفة الأحوذي 7/ 419، سنن ابن ماجه 1/ 13، مسند أحمد 1/ 70، 4/ 245، سنن الدارمي 1/ 76، فيض القدير 6/ 214، النووي على مسلم 1/ 66، المستدرك 1/ 103".
نَقَلَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ الْجَمُّ الْغَفِيرُ1.
قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ2: "يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثَالاً لِلْمُتَوَاتِرِ مِنْ السُّنَّةِ3". اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّوَاتُرَ4 يَكُونُ فِي الْقُرْآنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقِرَاءاتِ السَّبْعَ مُتَوَاتِرَةٌ. وَ5تَقَدَّمَ الْخِلافُ فِي الْعَشْرِ6.
وَأَمَّا الإِجْمَاعُ: فَالْمُتَوَاتِرُ فِيهِ كَثِيرٌ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَالْمُتَوَاتِرُ فِيهَا قَلِيلٌ، حَتَّى إنَّ بَعْضَهُمْ نَفَاهُ إذَا كَانَ لَفْظِيًّا، لَكِنَّ الأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ مِنْ الْمُتَوَاتِرِ اللَّفْظِيِّ مِنْ السُّنَّةِ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ
1 نص العلماء على تواتر هذا الحديث، وأنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعون رجلاً من الصحابة. وقال ابن الجوزي:"رواه من الصحابة واحد وستون نفساً". وفي قول: اثنان وستون، وفيهم المشهود لهم بالجنة، ولم يجتمع العشرة على رواية حديث غيره، واستمر عدد رواته في ازدياد في الطبقات التالية على التوالي والاستمرار.
"انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 135، فيض القدير 6/ 214، النووي على صحيح مسلم 1/ 68، شرح الورقات ص 183، اللمع ص 39، الموضوعات لابن الجوزي 1/ 56، 65".
2 هو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشَّهْرَزوري الشافعي، أبو عمرو، الإمام الحافظ، شيخ الإسلام، تقي الدين. تفقه وبرع في المذهب الشافعي وأصوله، وفي الحديث وعلومه، وفي التفسير. وكان مشاركاً في عدة علوم، متبحراً في الأصول والفروع. وكان زاهداً جليلاً. وإذا أطلق الشيخ في علم الحديث فالمراد به ابن الصلاح. صنف كتباً كثيرة، منها:"علوم الحديث"، و"شرح مسلم"، و"إشكالات على كتاب الوسيط" في الفقه. توفي بدمشق سنة 643هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 326، طبقات المفسرين 1/ 377، تذكرة الحفاظ 4/ 1430، وفيات الأعيان 2/ 408، طبقات الحفاظ ص 499، البداية والنهاية 13/ 168، شذرات الذهب 5/ 221، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 220".
3 مقدمة ابن الصلاح ص 135.
4 في ش ز ض: المتواتر.
5 في ب ع: وقد.
6 صفحة 127 وما بعدها.
حَدِيثَ ذِكْرِ حَوْضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَإِنَّ الْبَيْهَقِيَّ فِي كِتَابِ "الْبَعْثِ وَالنُّشُور": أَوْرَدَ رِوَايَتَهُ عَنْ أَزْيَدَ مِنْ ثَلاثِينَ صَحَابِيًّا1. وَأَفْرَدَهُ الْمَقْدِسِيُّ بِالْجَمْعِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَحَدِيثُهُ مُتَوَاتِرٌ بِالنَّقْلِ. وَحَدِيثُ الشَّفَاعَةِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: بَلَغَ التَّوَاتُرَ2،
1 حديث الحوض رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك وأحمد والحاكم وابن حبان عن أبي سعيد الخدري وحذيفة وثوبان وأنس وأبي هريرة وعقبة بن عامر وابن مسعود وغيرهم. قال القاضي عياض: أحاديث الحوض صحيحة، والإيمان به فرض، والتصديق به من الإيمان، وهو على ظاهره عند أهل السنة والجماعة، لا يتأول ولا يختلف فيه، ثم قال: وحديثه متواتر النقل، رواه خلائق من الصحابة، وقد جمع ذلك كله الإمام الحافظ البيهقي في كتابه "البعث والنشور" بأسانيده زطرقه المتكاثرات. ثم قال القاضي عياض: وفي بعض هذا ما يقتضي كون الحديث متواتراً. وذكر الزين العراقي أن رواته من الصحابة مائة ونيف، ونقل عن ابن الجوزي في مقدمة "الموضوعات" أن رواته ثمانية وتسعون نفساً".
"انظر: صحيح البخاري 1/ 232، 3/ 20، صحيح مسلم 4/ 1792، سنن أبي داود 2/ 538، تحفة الأحوذي 7/ 133، سنن ابن ماجه 2/ 1438، شرح ألفية العراقي 2/ 277، ذخائر المواريث 2/ 20، الموطأ 1/ 29، المنتقى 1/ 70، مسند أحمد 1/ 257، المستدرك 1/ 75، موارد الظمآن ص 646".
2 روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا. قال: فيأتون آدم
…
الحديث إلى قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيأتوني فأستأذن على ربي فيؤذن لي، فإذا رأيته وقعت ساجداً فيدعني ما شاء، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، قل تسمع، سل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي ثم أشفع
…
الحديث. "صحيح مسلم 1/ 180".ورواه البخاري عن أبي هريرة. "صحيح البخاري 3/ 149".
وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن حبان والحاكم وابن ماجه عن جابر مرفوعاً أن ر سول الله صلى الله عليه وسلم قال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي". "انظر: مسند أحمد 3/ 213، سنن أبي داود 2/ 537، تحفة الأحوذي 7/ 127، سنن ابن ماجه 2/ 1441، المستدرك 1/ 69".
وقد وردت أحاديث الشفاعة وخصوصية الرسول صلى الله عليه وسلم بها، وأنه اختبأ دعوته للشفاعة يوم........=
وَحَدِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ1. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رَوَاهُ نَحْوُ أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا وَاسْتَفَاضَ وَتَوَاتَرَ2.
وَأَمَّا التَّوَاتُرُ الْمَعْنَوِيُّ مِنْ السُّنَّةِ، وَهُوَ بِأَنْ3 يَتَوَاتَرَ مَعْنًى فِي ضِمْنِ أَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ فِيهِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ فَكَثِيرٌ.
"و"َ قِسْمٌ "مَعْنَوِيٌّ، وَهُوَ تَغَايُرُ الأَلْفَاظِ مَعَ الاشْتِرَاكِ فِي مَعْنًى كُلِّيٍّ" وَلَوْ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ4 كَمَا تَقَدَّمَ. وَذَلِكَ "كَحَدِيثِ الْحَوْضِ، وَسَخَاءِ
= القيامة، وأنه صاحب المقام المحمود، في جميع كتب السنة تقريباً بروايات كثيرة، وألفاظ متعددة، وعن عدد كبير من الصحابة، وذكر معظمها القاضي عياض في كتابه القيم "الشفا".
"انظر: الشفا 1/ 216 وما بعدها طبع التجارية، صحيح مسلم 1/ 180 وما بعدها، صحيح البخاري 1/ 115، سنن أبي داود 1/ 126، تحفة الأحوذي 7/ 127، سنن ابن ماجه 2/ 1441، مسند أحمد 2/ 222، 3/ 2، 4/ 437، 5/ 43، المستدرك 1/ 69 وما بعدها، سنن الدارمي 2/ 327، موارد الظمآن ص 642 وما بعدها، فيض القدير 2/ 162، سنن النسائي 2/ 22، النووي على مسلم 3/ 53".
1 رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والطبراني والدارمي وابن حبان وغيرهم عن ابن عمر وسعد وحذيفة والمغيرة وجرير وبلال وصفوان وخزيمة وثوبان وأسامة وعمر بن الخطاب وابن أبي عمارة وغيرهم. قال الزين العراقي: "فقد رواه أكثر من ستين من الصحابة، منهم العشرة". شرح ألفية العراقي 2/ 27".
"انظر: صحيح البخاري 1/ 49، صحيح مسلم 1/ 228، سنن أبي داود 1/ 33، سنن النسائي 1/ 69، تحفة الأحوذي 1/ 313، سنن ابن ماجه 1/ 181، نيل الأوطار 1/ 209، تخريج أحاديث البزدوي ص 152، سنن الدارمي 1/ 181، مسند أحمد 4/ 246، موارد الظمآن ص 71، الموطأ 1/ 38".
2 انظر: شرح ألفية العراقي 2/ 276.
3 في ع: أن.
4 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 353، مختصر ابن الحاجب 2/ 55، مناهج العقول 2/ 270، نهاية السول 2/ 274، المحلي على جمع الجوامع 2/ 119، المسودة ص 235، تيسير التحرير 3/ 36، غاية الوصول ص 95.
حَاتِمٍ1 وَشُجَاعَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَغَيْرِهَا2.
وَذَلِكَ إذَا كَثُرَتْ الأَخْبَارُ فِي الْوَقَائِعِ وَاخْتُلِفَ فِيهَا، لَكِنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنًى مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا بِجِهَةِ التَّضَمُّنِ أَوْ الالْتِزَامِ، حَصَلَ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَهُوَ مَثَلاً الشَّجَاعَةُ أَوْ الْكَرَمُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيُسَمَّى الْمُتَوَاتِرَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَذَلِكَ كَوَقَائِعِ حَاتِمٍ فِيمَا يُحْكَى مِنْ عَطَايَاهُ مِنْ فَرَسٍ وَإِبِلٍ وَعَيْنٍ وَثَوْبٍ وَنَحْوِهَا. فَإِنَّهَا تَتَضَمَّنُ جُودَهُ فَيُعْلَمُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْقَضَايَا بِعَيْنِهِ، وَكَقَضَايَا3 عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي حُرُوبِهِ مِنْ أَنَّهُ هَزَمَ فِي خَيْبَرَ كَذَا4، وَفَعَلَ فِي أُحُدٍ كَذَا، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. فَإِنَّهُ يَدُلُّ بِالالْتِزَامِ عَلَى شُجَاعَتِهِ. وَقَدْ تَوَاتَرَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْجُزْئِيَّاتِ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الْقَطْعِ5.
"وَلا يَنْحَصِرُ" التَّوَاتُرُ "فِي عَدَدٍ" عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْمُحَقِّقِينَ "وَيُعْلَمُ" حُصُولُ الْعَدَدِ "إذَا حَصَلَ الْعِلْمُ" عِنْدَهُ "وَلا دَوْرَ" إذْ حُصُولُ الْعِلْمِ مَعْلُولُ
1 هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشْرج، من طيئ، كان جواداً شاعراً جيد الشعر، وكان حيث ما نزل عرف منزله، وإذا قاتل غلب، وإذا غنم أنهب، وإذا سئل وهب، وإذا ضرب بالقداح سبق، وإذا أسر أطلق، وقسم ماله بضع عشرة مرة.
"انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة 1/ 241 تحقيق أحمد شاكر طبع دار المعارف بمصر 1966، شرح شواهد المغني للسيوطي ص 75، والمراجع التي أشير إليها في هامش الكتابين".
2 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 55، المحلي على جمع الجوامع 2/ 119، الإحكام للآمدي 2/ 30، فواتح الرحموت 2/ 119، تيسير التحرير 3/ 36، شرح الورقات ص 183، اللمع ص 39.
3 في ض: وقضايا.
4 ساقطة من ض.
5 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 30، نهاية السول 2/ 274، مناهج العقول 2/ 271، العضد على ابن الحاجب 2/ 55، المحلي على جمع الجوامع 2/ 119.
الأَخْبَارِ وَدَلِيلُهُ. كَالشِّبَعِ وَالرِّيِّ مَعْلُولُ الْمُشْبِعِ1 وَالْمُرْوِي وَدَلِيلُهُمَا2، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ابْتِدَاءً الْقَدْرُ الْكَافِي مِنْهُمَا3.
وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّقْدِيرَاتِ تَحَكُّمٌ لا دَلِيلَ عَلَيْهِ4.
نَعَمْ، لَوْ أَمْكَنَ الْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَةِ اللَّحْظَةِ الَّتِي يَحْصُلُ لَنَا الْعِلْمُ بِالْمَخْبَرِ عَنْهُ فِيهَا5 أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ أَقَلِّ عَدَدٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِ، لَكِنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ؛ إذْ الظَّنُّ يَتَزَايَدُ بِتَزَايُدِ الْمُخْبِرِينَ تَزَايُدًا خَفِيًّا تَدْرِيجِيًّا. كَتَزَايُدِ النَّبَاتِ وَعَقْلِ الصَّبِيِّ وَنُمُوِّ بَدَنِهِ، وَنُورِ6 الصُّبْحِ وَحَرَكَةِ الْفَيْءِ فَلا يُدْرَكُ7.
1 في ض: الشبع.
2 في ش: ودليلها.
3 في ش: منها.
وانظر: شرح تنقيح الفصول ص 352، أصول السرخسي 1/ 294، نهاية السول 2/ 270، مناهج العقول2/ 266، كشف الأسرار 2/ 361، شرح الورقات ص 181، الروضة ص 50، مختصر الطوفي ص 51-52، إرشاد الفحول ص 47، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91.
4 انظر أقوال العلماء في تحديد العدد ومناقشة ذلك، وأن التواتر غير محصور في عدد عند الجماهير في "المحلي على جمع الجوامع 2/ 120 وما بعدها، المسودة ص 235، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 54، مناهج العقول 2/ 268، نهاية السول 2/ 271، الإحكام للآمدي 2/ 25 وما بعدها، شرح الورقات ص 181، المستصفى 2/ 134، 137، 138، شرح تنقيح الفصول ص 351 وما بعدها، الإحكام لابن حزم 1/ 94، كشف الأسرار 2/ 361، تيسير التحرير 3/ 34، فواتح الرحموت 2/ 110، 116 وما بعدها، شرح نخبة الفكر ص 19 وما بعدها، شرح الورقات ص 181، إرشاد الفحول ص 47، غاية الوصول ص 95، الروضة ص 50، اللمع ص 40، المعتمد 2/ 561، 565".
5 في ض: فيهما.
6 في ب ع ض: وضوء. وكذا في مختصر الطوفي ص 52.
7 مختصر الطوفي ص 52. وانظر: الإحكام للآمدي 2/ 26، المستصفى 1/ 137، العضد على ابن الحاجب 2/ 54، كشف الأسرار 2/ 361، المسودة ص 235، اللمع ص 40، الروضة ص 51.
قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ نَعْلَمُ1 الْعِلْمَ بِالتَّوَاتُرِ مَعَ الْجَهْلِ بِأَقَلِّ عَدَدِهِ؟
قُلْنَا: كَمَا يُعْلَمُ أَنَّ الْخُبْزَ مُشْبِعٌ، وَالْمَاءَ مُرْوٍ، وَإِنْ جَهِلْنَا عَدَدَهُ2. اهـ.
"وَيَخْتَلِفُ" الْعِلْمُ الْحَاصِلُ بِالتَّوَاتُرِ "بِاخْتِلافِ الْقَرَائِنِ" أَيْ قَرَائِنِ التَّعْرِيفِ. مِثْلِ الْهَيْئَاتِ الْمُقَارِنَةِ لِلْخَبَرِ الْمُوجِبَةِ لِتَعْرِيفِ مُتَعَلَّقِهِ، وَلاخْتِلافِ أَحْوَالِ الْمُخْبِرِينَ فِي اطِّلاعِهِمْ عَلَى قَرَائِنِ التَّعْرِيفِ، وَلاخْتِلافِ إدْرَاكِ الْمُسْتَمِعِينَ لِتَفَاوُتِ الأَذْهَانِ وَالْقَرَائِحِ وَلاخْتِلافِ الْوَقَائِعِ عَلَى عِظَمِهَا وَحَقَارَتِهَا3.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ4.
قَالَ فِي "جَمْعِ الْجَوَامِعِ": "وَالصَّحِيحُ ثَالِثُهَا": أَنَّ عِلْمَهُ لِكَثْرَةِ الْعَدَدِ مُتَّفِقٌ، وَلِلْقَرَائِنِ قَدْ يَخْتَلِفُ5. فَيَحْصُلُ لِزَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو6".
وَ7قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: هَلْ يَجِبُ اطِّرَادُ حُصُولِ الْعِلْمِ بِالتَّوَاتُرِ لِكُلِّ مَنْ بَلَغَ، أَوْ يُمْكِنُ حُصُولُ الْعِلْمِ لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ؟ فِيهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ. ثَالِثُهَا - وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ - أَنَّ عِلْمَهُ مُتَّفِقٌ8، أَيْ يَتَّفِقُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي الْعِلْمِ بِهِ،
1 في ب ع ص: يعلم.
2 انظر: المستصفى 1/ 138، الإحكام للآمدي 2/ 26، الروضة ص 51.
3 انظر: المستصفى 1/ 135، العضد على ابن الحاجب 2/ 54، غاية الوصول ص 96، الروضة ص 49.
4 انظر هذه الأقوال في "المحلي على جمع الجوامع 2/ 124، غاية الوصول ص 96".
5 انظر: غاية الوصول ص 96.
6 جمع الجوامع 2/ 124.
7 ساقطة من ب.
8 في د: متفق عليه.
وَلا يَخْتَلِفُونَ وَإِنْ كَانَ لاخْتِلافِ قَرَائِنَ بِهِ اضْطَرَبَتْ1. فَقَدْ يَحْصُلُ لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ وَفِيهِ نَظَرٌ. فَإِنَّ الْخَبَرَ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ فِيهِ إلَاّ بِانْضِمَامِ قَرِينَةٍ إلَى الْخَبَرِ لَيْسَ مِنْ التَّوَاتُرِ، بَلْ2 لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حُصُولُ الْعِلْمِ بِمُجَرَّدِ3 رِوَايَتِهِمْ4. اهـ.
"وَيَتَفَاوَتُ الْمَعْلُومُ" عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُحَقِّقِينَ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالأُرْمَوِيُّ وَالْخُونَجِيُّ5 وَابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ لا.
قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: الأَصَحُّ التَّفَاوُتُ. فَإِنَّا نَجِدُ بِالضَّرُورَةِ الْفَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ "الْوَاحِدِ نِصْفَ الاثْنَيْنِ" وَبَيْنَ مَا عَلِمْنَاهُ مِنْ جِهَةِ التَّوَاتُرِ مَعَ كَوْنِ الْيَقِينِ حَاصِلاً فِيهِمَا.
1 في ش: اضطردت.
2 ساقطة من ض.
3 في ش: لمجرد.
4 يميز العلماء في هذا المجال بين القرائن اللازمة والقرائن المنفصلة، وقد حصروا موضوع المسألة في القرائن اللازمة للخبر من أحواله المتعلقة بالعدد، أو بالمخبر به أو بالمخبر عنه. أما القرائن المنفصلة عن الخبر المفيد للعلم فلا تجعل الحديث متواتراً.
"انظر: غاية الوصول ص 96، مختصر الطوفي ص 51".
5 هو محمد بن ناماوار بن عبد الملك، القاضي أفضل الدين، أبو عبد الله الشافعي، الخونجي، الفيلسوف، بالغ في علوم الأوائل حتى تفرد برئاسة ذلك في زمانه، وكان يفتي ويناظر، وولي قضاء القاهرة بعد عزل الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وصنف "الموجز" في المنطق والجمل، و"كشف الأسرار" في الطبيعيات. وشرح مقالة ابن سينا، وغير ذلك. توفي سنة 646، وقيل غير ذلك، ودفن بسفح المقطم.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 105، حسن المحاضرة 1/ 541، شذرات الذهب 5/ 237".
قَالَ: وَوَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بَيْنَ الشَّيْخِ1 عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ وَبَيْنَ الْخُونَجِيِّ. فَنَفَى ابْنُ عَبْدِ السَّلامِ التَّفَاوُتَ وَأَثْبَتَهُ الْخُونَجِيُّ.
قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ قُلْت: كَيْفَ يَنْفِي التَّفَاوُتَ مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الْمُخْبَرُ 2 كَالْمُعَايِنِ 3" وَكَمَا يُفَرَّقُ4 بَيْنَ عِلْمِ الْيَقِينِ وَعَيْنِ الْيَقِينِ؟ ثُمَّ هُنَا أَمْرٌ آخَرُ. وَهُوَ أَنَّ مَنْ فَسَّرَ الرُّؤْيَةَ فِي الآخِرَةِ بِزِيَادَةِ الْعِلْمِ. وَكَذَلِكَ الْكَلامُ كَيْفَ يُمْكِنُهُ نَفْيُ التَّفَاوُتِ؟ اهـ.
"وَيَمْتَنِعُ اسْتِدْلالٌ بِهِ" أَيْ بِالتَّوَاتُرِ "عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ5 بِهِ عِلْمٌ" يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ التَّوَاتُرُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَحْصُلْ عِنْدَ آخَرِينَ، امْتَنَعَ الاسْتِدْلال بِالتَّوَاتُرِ عِنْدَ مَنْ حَصَلَ لَهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِهِ؛ لأَنَّهُ يَقُولُ: مَا تَدَّعِيهِ مِنْ التَّوَاتُرِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَلا أَسْمَعُهُ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ عِنْدِي6.
"و"َ يَمْتَنِعُ "كِتْمَانُ أَهْلِهِ" أَيْ أَهْلِ التَّوَاتُرِ "مَا" أَيْ شَيْئًا "يُحْتَاجُ إلَى
1 ساقطة من ب.
2 في ش: الخبر. وهو نص رواية ثانية.
3 هذا الحديث رواه أحمد وابن منيع والطبراني والعسكري وابن حبان والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ: "ليس الخبر كالمعاينة"، وله تتمة. ورواه أحمد وابن حبان بلفظ:"ليس المعاين كالمُخْبَر". ورواه البغوي والدارقطني في "الأفراد" والضياء في "المختارة" وابن عدي وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد".
"انظر: فيض القدير 5/ 357، كشف الخفا 2/ 168، مسند أحمد 1/ 271، موارد الظمآن ص 510".
4 في ب ع: نفرق. وفي ض: تفرق
5 ساقطة من ش.
6 عبر المجد ابن تيمية عن هذه المسألة بأسلوب آخر فقال: "ولا يشترط للتواتر أن يُجْمِع الناس كلهم على التصديق به، خلافاً لليهود". "المسودة ص 233".
نَقْلِهِ كَـ" امْتِنَاعِ "كَذِبٍ عَلَى عَدَدِهِمْ" أَيْ عَدَدِ الْحَاصِلِ الْعِلْمُ بِهِمْ فِي التَّوَاتُرِ "عَادَةً" أَيْ فِي الْعَادَةِ1.
وَ2هَاهُنَا مَسْأَلَتَانِ:
الأُولَى: امْتِنَاعُ3 كِتْمَانِ أَهْلِ التَّوَاتُرِ مَا يُحْتَاجُ إلَى نَقْلِهِ، خِلافًا لِلرَّافِضَةِ، حَيْثُ قَالُوا: لا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ4، لاعْتِقَادِهِمْ كِتْمَانَ النَّصِّ عَلَى إمَامَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5. وَهَذَا لا يَعْتَقِدُهُ مُسْلِمٌ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، أَنْ يَكُونَ خَيْرُ الْقُرُونِ الَّذِينَ رضي الله عنهم وَشَهِدَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ6، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى فِي كِتَابِهِ عَنْهُمْ7 بِأَنَّهُ رَضِيَ عَنْهُمْ8، يَعْلَمُونَ أَنَّ الإِمَامَةَ يَسْتَحِقُّهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه، وَيَكْتُمُونَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيُوَلُّونَ غَيْرَهُ. وَهَذَا9 مِنْ أَمْحَلْ الْمُحَالِ الَّذِي لا يَرْتَابُ فِيهِ مُسْلِمٌ. وَلَكِنَّ هَذَا مِنْ بُهْتِ
1 انظر: المسودة ص 235، الروضة ص 51، مختصر الطوفي ص 53.
2 ساقطة من ض.
3 في ش ز ض: في امتناع.
4 في ش ز: على ذلك.
5 انظر: التمهيد للباقلاني ص 165، المسودة ص 235، الروضة ص 51، مختصر الطوفي ص 52، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91.
6 سيأتي نص الحديث في ذلك في "فصل الصحابي" من هذا المجلد ص 465، 474.
7 ساقطة من ب ع ض.
8 وردت آيات كثيرة في الثناء على الصحابة وبيان فضلهم ورضاء الله عليهم، وقد ذكر المصنف بعضها فيما بعد في "فصل الصحابي"، منها قوله تعالى:{وَالسَّابِقُوْنَ الأَوَّلُوْنَ مِنَ الْمُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِيْنَ اتَّبَعُوْهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوْا عَنْهُ} . التوبة/ 100، وقوله تعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِيْنَ إِذْ يُبَايِعُوْنَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} . الفتح/ 18. "وانظر: المسودة ص 259".
9 في ب ز ع ض: هذا.
الرَّافِضَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَسْتَحِقُّونَ1، وَلأَنَّ هَذَا فِي الْقُبْحِ كَتَوَاطُئِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَهُوَ مُحَالٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: امْتِنَاعُ الْكَذِبِ عَلَى عَدَدِ التَّوَاتُرِ عَادَةً، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ لا يُحِيلُهُ الْعَقْلُ. وَهَذَا مَأْخَذُ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي جَوَازِ مَا يُحْتَاجُ إلَى نَقْلِهِ؛ لأَنَّهُ إذَا جَازَ الْكَذِبُ فَالْكِتْمَانُ أَوْلَى. وَالأَصَحُّ عَدَمُ جَوَازِهِ عَادَةً لا لِذَاتِهِ2، وَلا يَلْزَمُ مِنْ فَرْضِ وُقُوعِهِ مُحَالٌ3
"وَلا يُشْتَرَطُ إسْلامُهُمْ" أَيْ4 إسْلامُ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ فِي التَّوَاتُرِ5.
وَاشْتَرَطَ ابْنُ عَبْدَانَ6 مِنْ الشَّافِعِيَّةِ الإِسْلامَ وَالْعَدَالَةَ أَيْضًا. لأَنَّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ عُرْضَةٌ لِلْكَذِبِ وَالتَّحْرِيفِ.
وَأَيْضًا: لَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ، لأَفَادَ إخْبَارَ النَّصَارَى بِقَتْلِ الْمَسِيحِ، وَهُوَ
1 في ب: يستحقونه.
2 ساقطة من د ض.
3 انظر: مختصر الطوفي ص 53، المدخل إلى مدخل مذهب أحمد ص 91.
4 ساقطة من ض.
5 انظر: المستصفى 1/ 140، الإحكام للآمدي 2/ 27، نهاية السول 2/ 261، المحلي على جمع الجوامع 2/ 122، مختصر ابن الحاجب 2/ 55، شرح نخبة الفكر ص 21، كشف الأسرار 2/ 361، تيسير التحرير 3/ 35، غاية الوصول ص 96، اللمع ص 39، الروضة ص 51، شرح الورقات ص 181، مختصر الطوفي ص 52، المسودة ص 234، إرشاد الفحول ص 48، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91.
6 هو عبد الله بن عبدان بن محمد بن عبدان، الفقيه أبو الفضل، شيخ همذان وفقيهها وعالمها، كان ثقة ورعاً جليل القدر، وممن يشار إليه. له كتاب "شرائط الأحكام"، و"شرح العبادات". توفي سنة 433هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 5/ 65، شذرات الذهب 3/ 251، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 143".
بَاطِلٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} 1، وَبِالإِجْمَاعِ2.
وَأُجِيبَ: بِمَنْعِ حُصُولِ شَرْطِ التَّوَاتُرِ لِلاخْتِلالِ3 فِي الطَّبَقَةِ الأُولَى، لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ، وَلأَنَّهُمْ4 رَأَوْهُ مِنْ بَعِيدٍ أَوْ بَعْدَ صَلْبِهِ، فَشُبِّهَ لَهُمْ. وَلِلاخْتِلالِ فِي الْوَسَطِ بِقُصُورِ النَّاقِلِينَ عَنْ عَدَدِ التَّوَاتُرِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِمَّا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّاقِلِينَ إلَيْنَا مِنْ عَدَدِ التَّوَاتُرِ؛ لأَنَّ بُخْتنَصْر5 قَدْ قَتَلَ النَّصَارَى حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلَاّ دُونَ عَدَدِ التَّوَاتُرِ.
وَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ إخْبَارِ الإِمَامِيَّةِ بِالنَّصِّ عَلَى إمَامَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6.
"وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ" بَيْنَ وُقُوعِ الْمُخْبَرِ بِهِ وَبَيْنَ الإِخْبَارِ.
1 الآية 157 من النساء.
2 وكذلك اشترط البزدوي من الحنفية الإسلام في عدد التواتر.
"انظر: كشف الأسرار 2/ 361، فواتح الرحموت 2/ 118، العضد على ابن الحاجب 2/ 55، الإحكام للآمدي 2/ 27، اللمع ص 39، المسودة ص 234".
3 في ش ز: للاخلال.
4 في ض: ولأنه.
5 هو أحد ملوك الأرض، كان كاتباً عند ملك الجزيرة ليقر الذي نذر؛ لئن ظفر ببيت المقدس ليذبحن ابنه للزهرة التي يعبدها، ولكن الله أرسل ريحاً فأهلكته، وأفل هو وجيشه، فقتله ابنه، وغضب بختنصر للأب، فقتل الابن واستلم الحكم، وكان أول ملك، ثم غزا بني إسرائيل وانتصر عليهم، ثم رده الله عنهم، ثم فسقوا فجاءهم وانتصر عليهم، وقتل منهم وصلب وجدع، وباع ذراريهم ونساءهم، ومثل بهم، وأسر منهم الكثير، ثم لحق بأرض بابل.
"انظر: المعارف ص 32، 46، 562".
6 انظر: أصول السرخسي 1/ 285، الإحكام للآمدي 2/ 28، المستصفى 1/ 139، فواتح الرحموت 2/ 118، تيسير التحرير 3/ 36، كشف الأسرار 2/ 366، المعضد على ابن الحاجب 2/ 55.
"وَلا" يُشْتَرَطُ أَيْضًا "أَنْ لا يَحْوِيَهُمْ بَلَدٌ وَلا يُحْصِيَهُمْ عَدَدٌ1".
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَشَرَطَ طَوَائِفُ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنْ لا يَحْوِيَهُمْ بَلَدٌ وَلا يُحْصِيهِمْ عَدَدٌ2، وَهُوَ بَاطِلٌ. لأَنَّ أَهْلَ الْجَامِعِ لَوْ أَخْبَرُوا عَنْ سُقُوطِ الْمُؤَذِّنِ مِنَ3 الْمَنَارَةِ، أَوِ4 الْخَطِيبِ عَنْ الْمِنْبَرِ، لَكَانَ إخْبَارُهُمْ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ فَضْلاً عَنْ أَهْلِ بَلَدٍ5.
"وَلا" يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِيهِمْ "اخْتِلافُ نَسَبٍ6 وَ" لا اخْتِلافُ "دِينٍ وَ" لا اخْتِلافُ "وَطَنٍ 7".
قَالَ8 ابْنُ مُفْلِحٍ: وَشَرَطَ قَوْمٌ اخْتِلافَ النَّسَبِ وَالدِّينِ وَالْوَطَنِ
1 انظر: كشف الأسرار 2/ 361، المحلي على جمع الجوامع 2/ 122، المسودة ص 234، 236، نهاية السول 2/ 271، العضد على ابن الحاجب 2/ 55، فواتح الرحموت 2/ 119، الإحكام للآمدي 2/ 27، المستصفى 1/ 139، الإحكام لابن حزم 1/ 96، غاية الوصول ص 96، مختصر الطوفي ص 52، الروضة ص 51، إرشاد الفحول ص 48، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91.
2 وممن اشترط ذلك البزدي "انظر: كشف الأسرار على أصول البزدوي 2/ 361".
وقد عرف السرخسي خبر التواتر فقال: "أن ينقله قوم لا يتوهم اجتماعهم وتواطؤهم على الكذب لكثرة عددهم وتباين أمكنتهم عن قوم مثلهم هكذا إلى أن يتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم. أصول السرخسي 1/ 282". فاشترط في التعريف تباين الأمكنة.
"وانظر: الإحكام للآمدي 2/ 27، العضد على ابن الحاجب 2/ 55".
3 في ب ع ض: عن.
4 في ب: و.
5 انظر: كشف الأسرار 2/ 361، الإحكام للآمدي 2/ 27، الروضة ص 51، مختصر الطوفي ص 52.
6 انظر: المستصفى 1/ 139، فواتح الرحموت 2/ 119، نهاية السول 2/ 271، غاية الوصول ص 96.
7 انظر: فواتح الرحموت 2/ 119، نهاية السول 2/ 271، الإحكام للآمدي 2/ 27، المستصفى 1/ 139، العضد على ابن الحاجب 2/ 55، مختصر الطوفي ص 52، إرشاد الفحول ص 48، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91.
8 في ض: قاله.
لِتَنْدَفِعَ1 التُّهْمَةُ2، وَهُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ؛ لأَنَّ التُّهْمَةَ لَوْ حَصَلَتْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ، سَوَاءٌ كَانُوا عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، وَمِنْ نَسَبٍ وَاحِدٍ وَفِي3 وَطَنٍ وَاحِدٍ، أَوْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ. وَإِنْ ارْتَفَعَتْ حَصَلَ الْعِلْمُ كَيْفَ كَانُوا.
"وَلا" يُشْتَرَطُ أَيْضًا "إخْبَارُهُمْ طَوْعًا4". قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَشَرَطَ قَوْمٌ إخْبَارَهُمْ طَوْعًا، وَهُوَ بَاطِلٌ. فَإِنَّ الصِّدْقَ لا يَمْتَنِعُ حُصُولُ الْعِلْمِ بِهِ، وَإِلَاّ فَاتَ5 الشَّرْطُ6.
"وَلا" يُشْتَرَطُ أَيْضًا "أَنْ لا يَعْتَقِدَ" الْمُخْبِرُ "خِلافَهُ" أَيْ نَقِيضَ الْمُخْبَرِ بِهِ7.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَشَرَطَ الْمُرْتَضَى مِنْ الشِّيعَةِ - وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُوسَوِيُّ8 - عَدَمَ اعْتِقَادِ نَقِيضِ الْمُخْبَرِ. قَالَ: لأَنَّ اعْتِقَادَ النَّقِيضِ مُحَالٌ
1 في ب: لتدفع.
2 وهو ما اشترطه البزدوي. "انظر: كشف الأسرار 2/ 27، أصول السرخسي 2/ 27".
3 في ش ز ع: في.
4 اشترط الخطيب البغدادي في خبر التواتر أن لا يدخله أسباب القهر والغلبة.
"انظر: الكفاية للخطيب البغدادي ص 16". وانظر: المستصفى 1/ 140، الإحكام للآمدي 2/ 28، إرشاد الفحول ص 48.
5 في ع ض: لفات.
6 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 28.
7 انظر: مختصر الطوفي ص 52، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91.
8 هو علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشريف المرتضى، أبو القاسم، وهو أخو الشريف الرضي. كان أبو القاسم نقيب الطالبيين، وكان إماماً في علم الكلام والأدب والشعر وأصول الفقه، وله تصانيف على مذهب الشيعة، ومقالة في أصول الدين. وله ديوان شعر كبير. واختلف الناس في "نهج البلاغة" هل هو الذي جمعه أم الشريف الرضي؟ والغالب أنه ليس من كلام علي، وإنما هو من كلام من جمعه. ومن مصنفات المرتضى:"الغرر والدرر" في اللغة والنحو، و"الذخيرة" في الأصول، و"الذريعة" في أصول الفقه، و"الشيب والشباب"، وكتاب "النقض على ابن جني"، و"طيف الخيال"، و"ديوان شعر". توفي سنة 436هـ ببغداد.
انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 3/ 3، شذرات الذهب 3/ 256، بغية الوعاة 3/ 256، إنباه الرواة 2/ 249، مرآة الجنان 3/ 55، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص 383، تاريخ بغداد 11/ 402".
وَالطَّارِئُ أَضْعَفُ مِنْ الْمُسْتَقِرِّ، فَلا يَرْفَعُهُ. وَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا، بَلْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ سَوَاءٌ كَانَ السَّامِعُ يَعْتَقِدُ نَقِيضَ الْمُخْبَرِ بِهِ أَوْ لا. فَلا يَتَوَقَّفُ الْعِلْمُ عَلَى ذَلِكَ1.
"وَمَنْ حَصَلَ بِخَبَرِهِ عِلْمٌ بِوَاقِعَةٍ لِشَخْصٍ حَصَلَ2" الْعِلْمُ "بِمِثْلِهِ" أَيْ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْخَبَرِ "بِغَيْرِهَا" أَيْ بِغَيْرِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ "لآخَرَ" أَيْ لِشَخْصٍ آخَرَ3.
قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَقَوْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ4 وَالْبَاقِلَاّنِيّ: مَنْ حَصَلَ بِخَبَرِهِ عِلْمٌ بِوَاقِعَةٍ5 لِشَخْصٍ حَصَلَ بِمِثْلِهِ بِغَيْرِهَا لِشَخْصٍ آخَرَ6 صَحِيحٍ.
1 انظر: مختصر الطوفي ص 52.
2 في ع: حصل له.
3 انظر: المستصفى 1/ 135، الإحكام للآمدي 2/ 29، الروضة ص 49، غاية الوصول ص 96، المدخل إلى مذهب أحمد ص 90.
4 في جميع النسخ: الحسن، وهو خطأ.
وأبو الحسين هو البصري المعتزلي القاضي، صاحب "المعتمد"، وقد نص الآمدي على ذلك فقال:"ذهب القاضي أبو بكر وأبو الحسين البصري إلى أن كل عدد وقع العلم بخبره في واقعة لشخص، لا بد وأن يكون مفيداً للعلم بغير تلك الواقعة لغير ذلك الشخص إذا سمعه". "الإحكام للآمدي 2/ 29".
5 في ب: واقعة.
6 انظر: المعتمد 2/ 561، 563، 564.
ثُمَّ قَالَ: إنْ تَسَاوَيَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. فَلأَجْلِ هَذَا قُلْنَا "مَعَ تَسَاوٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ".
قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ عَادَةً.
وَسَبَقَهُ بِاشْتِرَاطِ التَّسَاوِي ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ1.
1 والتساوي يكون في المخبرين والخبر والمخبَر. وهذا ما صرح به ابن الحاجب والعضد، وهو مضمون كلام الآمدي. واشترط الغزالي تجرد الخبر عن القرائن. أما إذا حفت به القرائن فإن الوقائع والأشخاص تختلف.
"انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 55، الإحكام للآمدي 2/ 29-30، المستصفى 1/ 135، فواتح الرحموت 2/ 117، تيسير التحرير 3/ 35".