المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: خبر الآحاد - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٢

[ابن النجار الفتوحي]

الفصل: ‌فصل: خبر الآحاد

‌فصل: خبر الآحاد

"فَصْلٌ""وَمِنْ الْخَبَرِ آحَادٌ"

وَمِنْ الْخَبَرِ آحَادٌ جَمْعُ أَحَدٍ. كَأَبْطَالٍ جَمْعُ بَطَلٍ، وَهَمْزَةُ أَحَدٍ: مُبْدَلَةٌ مِنْ الْوَاوِ1، وَأَصْلُ آحَادٍ أَأْحَادٌ بِهَمْزَتَيْنِ، أُبْدِلَتْ الثَّانِيَةُ أَلِفًا كَآدَمَ2.

"وَهُوَ" أَيْ خَبَرُ الآحَادِ فِي الاصْطِلاحِ "مَا عَدَا الْمُتَوَاتِرَ3" عِنْدَ ابْنِ الْبَنَّاءِ، وَالْمُوَفَّقِ وَالطُّوفِيِّ وَجَمْعٍ كَثِيرٍ، فَلا وَاسِطَةَ بَيْنَ التَّوَاتُرِ وَالآحَادِ4. "فَدَخَلَ" فِي الآحَادِ مِنْ الأَحَادِيثِ مَا عُرِفَ بِأَنَّهُ مُسْتَفِيضٌ مَشْهُورٌ5،

1 في ب: الواحد. وفي ض: واو.

2 انظر: القاموس المحيط 1/ 283، المصباح المنير 1/ 13، 2/ 1007.

3 انظر تعريف خبر الآحاد في "التعريفات للجرجاني ص 101، الكفاية للخطيب ص 16، الكافية في الجدل ص 56، شرح تنقيح الفصول ص 356، المحلي على جمع الجوامع 2/ 129، المستصفى 1/ 145، نهاية السول 2/ 281، مناهج العقول 2/ 279، شرح نخبة الفكر ص 51، الإحكام للآمدي 2/ 31، مختصر ابن الحاجب 2/ 55، شرح الورقات ص 184، فواتح الرحموت 2/ 110، تيسير التحرير 3/ 37، كشف الأسرار 2/ 370، غاية الوصول ص 97، إرشاد الفحول ص 48، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91".

4 انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 97، شرح الورقات ص 184، الروضة ص 46، 48، اللمع ص 40، مختصر الطوفي ص 53، إرشاد الفحول ص 48.

5 يرى الجمهور أن خبر الآحاد أقسام، منها خبر الواحد، ومنها الخبر المستفيض الذي عرفه المؤلف، ومنها المشهور، وهو ما اشتهر ولو في القرن الثاني أو الثالث، وكان رواته في الطبقة الأولى واحداً فأكثر، وجعل الجصاص الحنفي الحديث المشهور قسماً من المتواتر ووافقه بعض الحنفية. وذهب جمهور الحنفية إلى أن المشهور قسيمٌ للمتواتر. وقال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي:"وقد يسمى المستفيض مشهوراً". وقسم القرافي الأخبار إلى متواتر وآحاد وما ليس بمتواتر ولا آحاد.

"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 349، غاية الوصول ص 97، الإحكام للآمدي 2/ 31، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/ 129 وما بعدها، شرح نخبة الفكر ص 31 كشف الأسرار 2/ 368، 3/ 59، نهاية السول 2/ 281، تيسير التحرير 3/ 37، أصول السرخسي 1/ 291 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/ 111، إرشاد الفحول ص 49، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91 وما بعدها".

ص: 345

وَهُوَ مَا زَادَ نَقْلَتُهُ عَلَى ثَلاثَةٍ" عُدُولٍ. فَلا بُدَّ أَنْ يَكُونُوا أَرْبَعَةً فَصَاعِدًا فِي الأَصَحِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَجَمْعٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ حَمْدَانَ فِي "الْمُقْنِعِ"1. وَقِيلَ: مَا زَادَ نَقَلَتُهُ عَلَى الاثْنَيْنِ2.

وَقِيلَ: مَا زَادَ نَقَلَتُهُ عَلَى وَاحِدٍ. فَلا بُدَّ أَنْ يَكُونُوا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ3 وَأَبُو حَاتِمٍ4 الْقَزْوِينِيُّ5.

1 وهو قول الأصوليين.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 31، نهاية السول 2/ 281، مختصر ابن الحاجب 2/ 55، غاية الوصول ص 97، تدريب الراوي 2/ 173، إرشاد الفحول ص 49".

2 وهو قول المحدثين.

"انظر: تدريب الراوي 2/ 173، شرح نخبة الفكر ص 30، تيسير التحرير 3/ 37، غاية الوصول ص 97".

3 هو الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الذي قال في "التنبيه": أقل ما ثبت به الاستفاضة اثنان، وتبعه الشيخ زكريا الأنصاري، ولعل المقصود أبو إسحاق الإسفراييني.

"انظر: غاية الوصول ص 97، إرشاد الفحول ص 49، المحلي على جمع الجوامع 2/ 129، التنبيه ص 162".

4 هو محمود بن الحسن بن محمد الطبري، المعروف بالقزويني، أبو حاتم، ينتهي نسبه إلى أنس بن مالك رضي الله عنه. وهو شيخ أبي إسحاق الشيرازي، تفقه على الشيخ أبي حامد ببغداد، وأخذ الأصول عن أبي بكر الباقلاني. وكان حافظاً للمذهب والخلاف، صنف كتباً كثيرة في المذهب والخلاف والأصول والجدل، منها:"تجريد التجريد" الذي ألفه رفيقه المحاملي. توفي سنة 414هـ وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 5/ 312، تهذيب الأسماء 2/ 207، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 130، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 145، تبيين كذب المفتري ص 260".

5 في ز ش: القزوينيين.

ص: 346

وَقِيلَ: هُوَ الشَّائِعُ عَنْ أَصْلٍ1. قَالَهُ فِي "جَمْعِ الْجَوَامِعِ" وَغَيْرِهِ2.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ بْنُ الْجَوْزِيِّ: هُوَ مَا ارْتَفَعَ عَنْ ضَعْفِ الآحَادِ، وَلَمْ يَلْتَحِقْ بِقُوَّةِ التَّوَاتُرِ3.

"وَيُفِيدُ" الْحَدِيثُ الْمُسْتَفِيضُ الْمَشْهُورُ "عِلْمًا نَظَرِيًّا".

نَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ عَنْ الأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنِ فُورَكٍ4.

وَقِيلَ: يُفِيدُ الْقَطْعَ5.

1 في ض: أصله.

2 انظر: جمع الجوامع 2/ 129، غاية الوصول ص 97، إرشاد الفحول ص 49.

3 الفرق بين الخبر المتواتر والخبر المشهور أن جاحد الخبر المتواتر كافر باتفاق، وجاحد الخبر المشهور مختلف فيه. فقال الجرجاني يكفر، وهو ما نقله الكمال بن الهمام عن الجصاص، بينما نقل ابن عبد الشكور وصدر الشريعة عنه أنه لا يكفر. وقال ابن عبد الشكور:"والاتفاق على أن جاحده لا يكفر، بل يضلل". وهو ما جاء فيه "كشف الأسرار" أيضاً، وأساس الاختلاف هو اختلافهم في المشهور هل يفيد علم يقين أم علم طمأنينة؟ على قولين. أما جاحد خبر الآحاد فلا يكفر عند الأكثرين، كما سيذكره المصنف صفحة 352.

وقد ذكر علماء الحديث وأصول الفقه تعريفات كثيرة للخبر المستفيض والمشهور.

"انظر: الكافية في الجدل ص 55، أصول السرخسي 1/ 292، 293، فواتح الرحموت 2/ 111، تيسير التحرير 3/ 37- 38، تدريب الراوي 2/ 173، حاشية البناني على جمع الجوامع 2/ 129، التعريفات للجرجاني ص 102، 229، أصول البزدوي وكشف الأسرار 2/ 367، 368، 369، شرح نخبة الفكر ص 47، جامع بيان العلم 2/ 42، المسودة ص 245، 248".

4 وهو قول أبي بكر الجصاص.

"انظر: تيسير التحرير 3/ 38، فواتح الرحموت 2/ 111، جمع الجوامع 2/ 130، المسودة ص 240، غاية الوصول ص 97".

5 قال ابن عبد الشكور: "ويوجب ظنًَّا كأنه اليقين". وقال الأنصاري شارح "مسلم الثبوت": "ويسمى هذا الظن علم الطمأنينة". "مسلم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت 2/ 112".

وانظر: كشف الأسرار 2/ 368، تيسير التحرير 3/ 38.

ص: 347

"وَغَيْرُهُ" أَيْ وَغَيْرُ الْمُسْتَفِيضِ مِنْ الأَحَادِيثِ "يُفِيدُ الظَّنَّ فَقَطْ وَلَوْ مَعَ قَرِينَةٍ" عِنْدَ الأَكْثَرِ لاحْتِمَالِ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى مَا دُونَ عَدَدِ رُوَاةِ الْمُسْتَفِيضِ لِقُرْبِ احْتِمَالِ السَّهْوِ وَالْخَطَإِ عَلَى عَدَدِهِمْ الْقَلِيلِ1.

وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَابْنُ حَمْدَانَ وَالطُّوفِيُّ وَجَمْعٌ: إنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِالْقَرَائِنِ2.

قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَهَذَا أَظْهَرُ وَأَصَحُّ3.

1 ذكر الآمدي حجج هذا القول وناقشها وردها. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 32 وما بعدها.

وانظر: كشف الأسرار 2/ 370، فواتح الرحموت 2/ 121، العضد على ابن الحاجب 2/ 56، المحلي على جمع الجوامع 2/ 130، توضيح الأفكار 1/ 25، المسودة ص 240، 244، مناهج العقول 2/ 279، المستصفى 1/ 145، شرح تنقيح الفصول ص 356، الروضة ص 52، اللمع ص 40، غاية الوصول ص 97، مختصر الطوفي ص 53، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91.

2 وهو قول إمام الحرمين والغزالي والآمدي والنظام والرازي وابن الحاجب والبيضاوي والسبكي، وأيده شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، واحتج له الآمدي بحجج كثيرة، وشرح هذه الحجج أبو الحسين البصري.

قال الشوكاني: "وقيل لا يفيده، وهذا خلاف لفظي؛ لأن القرائن إن كانت قوية بحيث يحصل لكل عاقل عندها العلم كان من المعلوم صدقه. إرشاد الفحول ص 50".

انظر: المستصفى 2/ 136، نهاية السول 2/ 262، المعتمد 2/ 566، تيسير التحرير 3/ 76، المحصول 1/ 285، المسودة ص 240، 243، اللمع ص 40، الورقات وشرحها ص 184، شرح تنقيح الفصول ص 354، 357، الإحكام للآمدي 2/ 32، 37، فواتح الرحموت 2/ 121، مناهج العقول 2/ 279، توضيح الأفكار 1/ 26، مختصر ابن الحاجب 2/ 55، جمع الجوامع 2/ 130، غاية الوصول ص 97، الروضة ص 52، مختصر الطوفي ص 51، المدخل إلى مذهب أحمد ص 90.

3 قال الشوكاني: "وقال أحمد بن حنبل: إن خبر الواحد يفيد بنفسه العلم، وحكاه ابن حزم في "الإحكام" عن داود الظاهري والحسين بن علي الكرابيسي والحارث المحاسبي، وقال: وبه نقول. وحكاه ابن خواز منداد عن مالك بن أنس، واختاره، وأطال في تقريره، ونقل عن القفال أنه يوجب العلم الظاهر". "إرشاد الفحول ص 48". واستدلوا على القول بأنه يفيد العلم مطلقاً أنه يجب العمل به. وبين صاحب "كشف الأسرار" أن الإمام أحمد قال: إن خبر الآحاد يفيد العلم ضرورة. وقال داود: إنه يفيد العلم استدلالاً". "كشف الأسرار 2/ 371".........=

ص: 348

لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْقَرَائِنُ لا يُمْكِنُ أَنْ تُضْبَطَ بِعَادَةٍ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: يُمْكِنُ أَنْ تُضْبَطَ بِمَا تَسْكُنُ إلَيْهِ النَّفْسُ، كَسُكُونِهَا إلَى الْمُتَوَاتِرِ 1أَوْ قَرِيبٍ1 مِنْهُ بِحَيْثُ لا يَبْقَى فِيهَا احْتِمَالٌ عِنْدَهُ.

"إلَاّ إذَا نَقَلَهُ" أَيْ نَقَلَ غَيْرَ الْمُسْتَفِيضِ "آحَادُ الأَئِمَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِمْ" أَيْ عَلَى إمَامَتِهِمْ "مِنْ طُرُقٍ مُتَسَاوِيَةٍ وَتُلُقِّيَ" الْمَنْقُولُ "بِالْقَبُولِ فَالْعِلْمُ" أَيْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ "فِي قَوْلٍ2".

قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: هَذَا الْمَذْهَبُ.

قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هَذَا ظَاهِرُ كَلامِ أَصْحَابِنَا. وَاخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

وَقَالَ: الَّذِي عَلَيْهِ الأُصُولِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ3 أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا لَهُ4، وَعَمَلاً بِهِ

= وانظر: أصول السرخسي 1/ 321، 329، الإحكام لابن حزم 1/ 107- 125، الإحكام للآمدي 2/ 32، المسودة ص 240، 244 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/ 121، 122 وما بعدها، تيسير التحرير 3/ 76، مناهج العقول 2/ 279، المعتمد 2/ 566، 570، توضيح الأفكار 1/ 25، العضد على ابن الحاجب 2/ 56، جمع الجوامع 2/ 130، الكفاية للخطيب البغدادي ص 25- 26، غاية الوصول ص 97.

وقال ابن بدران: "إنه يفيد العلم في قول لأحمد، وحمله بعض العلماء على أخبار مخصوصة". المدخل إلى مذهب أحمد ص 91".

1 في ز ش: وقربت.

2 وهو قول الخطيب البغدادي، ورجحه الشوكاني.

"انظر: الكفاية للخطيب البغدادي ص 17، إرشاد الفحول ص 49، المعتمد 2/ 547، توضيح الأفكار 1/ 96، 121، المسودة ص 240، 243، غاية الوصول ص 97، الروضة ص 52، مختصر الطوفي ص 53، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91".

3 في ض: وابن حمد.

4 ساقطة من ب ع ض.

ص: 349

يُوجِبُ الْعِلْمَ إلَاّ فِرْقَةً قَلِيلَةً اتَّبَعُوا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ1.

وَالأَوَّلُ: ذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالسَّرَخْسِيُّ2 وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ3 وَالسَّلَفُ وَأَكْثَرُ الأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ4. اهـ.

قَالَ ابْنُ5 الصَّلاحِ: مَا أَسْنَدَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ: "الْعِلْمُ الْيَقِينِيُّ النَّظَرِيُّ6 وَاقِعٌ بِهِ7، خِلافًا لِقَوْلِ مَنْ نَفَى ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لا يُفِيدُ فِي

1 قسم أبو إسحاق الشيرازي خبر الواحد إلى قسمين: الأول: يوجب العلم، ومنه خبر الله عز وجل وخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يحكي الرجل بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ويدعي علمه فلا ينكره عليه، فيقطع به على صدقه. ومنها خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول، فيقطع بصدقه سواء عمل الكل به، أو عمل البعض، ثم قال: فهذه الأخبار توجب العمل، ويقع العلم بها استدلالاً. والقسم الثاني: ما يوجب العمل ولا يوجب العلم

"اللمع ص 40".

وانظر: النووي على مسلم 1/ 19، المسودة ص 240.

2 هو محمد بن أحمد بن أبي سهل، المعروف بشمس الأئمة، السرخسي، الفقيه الأصولي، نسبة إلى سَرَخس من بلاد خراسان. تتلمذ على الحلواني وتخرج عليه، وذاع صيته، واشتهر اسمه، وصار إماماً من أئمة الحنفية، وكان حجة ثبتاً، متكلماً متحدثاً، مناظراً أصوليًّا، مجتهداً. له مصنفات كثيرة، منها:"المبسوط" في الفقه، أملى خمسة عشر جزءاًَ منه وهو في السجن. وأملى "شرح السير الكبير لمحمد بن الحسن". وله "شرح مختصر الطحاوي"، و"شرح كتب محمد"، و"أصول السرخسي". توفي سنة 483هـ، وقيل في حدود سنة 490هـ.

انظر ترجمته في "الجواهر المضية 2/ 28، الفوائد البهية ص 158، تاج التراجم ص 52، الفتح المبين 1/ 264".

3 في ض: السنة.

4 انظر: المسودة ص 240، اللمع ص 40، الروضة ص 52، مختصر الطوفي ص 53، إرشاد الفحول ص 49.

5 في ض: أبو.

6 في ب: والنظري.

7 وهو ما رجحه الشوكاني في "إرشاد الفحول ص 49".

انظر مناقشة ذلك في فواتح الرحموت 2/ 123، تيسير التحرير 3/ 76 وما بعدها، توضيح الأفكار 1/ 121-124، تدريب الراوي 1/ 132، شرح ألفية العراقي 1/ 69، شرح النووي على مسلم 1/ 19.

ص: 350

أَصْلِهِ إلَاّ الظَّنَّ. وَإِنَّمَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ لأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْعَمَلُ بِالظَّنِّ، وَالظَّنُّ قَدْ يُخْطِئُ1.

قَالَ: "وَقَدْ كُنْت أَمِيلُ إلَى هَذَا، وَأَحْسِبُهُ قَوِيًّا، ثُمَّ بَانَ لِي أَنَّ الْمَذْهَبَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ2 أَوَّلاً هُوَ الصَّحِيحُ؛ لأَنَّ ظَنَّ مَنْ هُوَ مَعْصُومٌ مِنْ الْخَطَإِ لا يُخْطِئُ، وَالأُمَّةُ 3فِي إجْمَاعِهَا8 مَعْصُومَةٌ مِنْ الْخَطَإِ4".

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: "خَالَفَ ابْنَ الصَّلاحِ الْمُحَقِّقُونَ وَالأَكْثَرُونَ، وَقَالُوا5: يُفِيدُ الظَّنَّ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ6. اهـ.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالْقَاضِي أَبُو7 بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَاّنِيِّ وَأَبُو حَامِدٍ وَابْنُ بُرْهَانٍ وَالْفَخْرُ الرَّازِيّ وَالآمِدِيُّ وَغَيْرُهُمْ: لا8 يُفِيدُ الْعِلْمَ مَا نَقَلَهُ آحَادُ الأُمَّةِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِمْ إذَا تُلُقِّيَ بِالْقَبُولِ9.

1 مقدمة ابن الصلاح ص 14.

2 في ض: اخترنا.

3 في ش: إجماعاً.

4 مقدمة ابن الصلاح ص 14.

5 في "التقريب" للنووي: فقالوا.

6 تدريب الراوي شرح تقريب النواوي 1/ 132، شرح النووي على مسلم 1/ 20.

وانظر: توضيح الأفكار 1/ 124.

7 في ش: وأبو بكر.

8 ساقطة من ش.

9 وهو قول الغزالي أيضاً وابن عبد الشكور.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 41، المستصفى 1/ 142، فواتح الرحموت 2/ 123، توضيح الأفكار 1/ 96، 124".

ص: 351

وَقَالَ الأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الإسْفَرايِينِيّ: يُفِيدُهُ1 عَمَلاً لا قَوْلاً.

"وَيُعْمَلُ بِآحَادِ الأَحَادِيثِ فِي أُصُولِ" الدِّيَانَاتِ. وَحَكَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا2.

قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: لا نَتَعَدَّى3 الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: يُعْمَلُ بِهِ فِيهَا فِيمَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، وَلِهَذَا قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: قَدْ تَلَقَّتْهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ.

وَ4قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ أَخْبَارَ الآحَادِ الْمُتَلَقَّاةَ بِالْقَبُولِ تَصْلُحُ5 لإِثْبَاتِ أُصُولِ الدِّيَانَاتِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي مُقَدِّمَةِ الْمُجَرَّدِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينُ فِي عَقِيدَتِهِ6. اهـ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا7: لا يُعْمَلُ بِهِ فِيهَا8."وَلا يُكَفَّرُ مُنْكِرُهُ" أَيْ مُنْكِرُ خَبَرِ الآحَادِ فِي الأَصَحِّ. حَكَى ابْنُ حَامِدٍ الْوَجْهَيْنِ عَنْ الأَصْحَابِ9.

1 في ز ش: يفيد.

2 انظر: المسودة ص 245.

3 في ب: يتعدى.

4 ساقطة من ب ض.

5 في ض: يصلح.

6 انظر: المسودة ص 247، 248.

7 في ض: وغيره.

8 وهو رأي الجمهور.

انظر تفصيل ذلك في "شرح تنقيح الفصول ص 372، كشف الأسرار 3/ 27، المعتمد 2/ 577، الكفاية ص 432".

9 انظر: المسودة ص 245. وانظر: الهامش رقم 3 صفحة 347 من هذا المجلد.

ص: 352

وَنُقِلَ تَكْفِيرُهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ1.

وَالْخِلافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوْ لا فَإِنْ قُلْنَا: يُفِيدُ الْعِلْمَ، كُفِّرَ 2مُنْكِرُهُ، وَإِلَاّ فَلا3. ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ3.

لَكِنَّ التَّكْفِيرَ بِمُخَالَفَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، كَمَا سَبَقَ4 آخِرَ الإِجْمَاعِ. إذْ لا يَلْزَمُ مِنْ الْقَطْعِ أَنْ يُكَفَّرَ مُنْكِرُهُ5. "وَمَنْ أَخْبَرَ" عَنْ شَيْءٍ "بِحَضْرَتِهِ" أَيْ حَضْرَةِ النَّبِيِّ "صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُنْكِرْ" ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "أَوْ" أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ "جَمْعٍ عَظِيمٍ وَلَمْ يُكَذِّبُوهُ" فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ "دَلَّ عَلَى صِدْقِهِ ظَنًّا". هَاهُنَا مَسْأَلَتَانِ.

الأُولَى: إذَا أَخْبَرَ مُخْبِرٌ بِشَيْءٍ بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُنْكِرْهُ. فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ ظَنًّا لا قَطْعًا فِي ظَاهِرِ كَلامِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ. لِتَطَرُّقِ الاحْتِمَالِ بِعَدَمِ سَمَاعِهِ أَوْ إلْقَاءِ بَالِهِ، أَوْ أَنَّهُ مَا فَهِمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ لأَمْرٍ يَعْلَمُهُ، أَوْ بَيَّنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِوَقْتٍ6 وَنَحْوِهِ7.

1 انظر: جامع بيان العلم 2/ 230-236، المسودة ص 245.

2 ساقطة من ض.

3 انظر: المسودة ص 245.

4 في ض: سبق العلم.

5 صفحة 262-263 من هذا المجلد.

6 في ع: الوقت. وساقطة من ض.

7 وهو ما أيده الآمدي وابن الحاجب.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 39، فواتح الرحموت 2/ 125، تيسير التحرير 3/ 71، نهاية السول 2/ 262، المعتمد 2/ 547، 554، مختصر ابن الحاجب 2/ 57، المحلي على جمع الجوامع 2/ 127، المسودة 243".

ص: 353

وَقِيلَ: بَلْ قَطْعًا؛ لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم 1لا يُقِرُّ عَلَى9 الْبَاطِلِ2.

وَقِيلَ: إنْ كَانَ الأَمْرُ دِينِيًّا دَلَّ عَلَى صِدْقِهِ؛ لأَنَّهُ بُعِثَ شَارِعًا لِلأَحْكَامِ، فَلا يَسْكُتُ عَمَّا يُخَالِفُ الشَّرْعَ، بِخِلافِ الدُّنْيَوِيِّ. فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُبْعَثْ لِبَيَانِ الدُّنْيَوِيَّاتِ3.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا أَخْبَرَ مُخْبِرٌ بِشَيْءٍ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ عَظِيمٍ، وَسَكَتُوا عَنْ تَكْذِيبِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ. فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ ظَنًّا لا قَطْعًا. اخْتَارَهُ الآمِدِيُّ وَالرَّازِيُّ؛ إذْ رُبَّمَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ حَالُ ذَلِكَ الْمُخْبِرِ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ خَفَاؤُهُ لا يُفِيدُ الْقَطْعَ، وَقَدَّمَ ذَلِكَ ابْنُ مُفْلِحٍ وَنَصَرَهُ4.

وَقِيلَ: إنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا لَكَذَّبُوهُ5، وَلا دَاعِيَ إلَى السُّكُوتِ عُلِمَ صِدْقُهُ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي "مُخْتَصَرِهِ" وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ6.

1 في ع: لا يقرر. وفي ض: لا يقر.

2 وهو ما أيده الشيخ أبو إسحاق الشيرازي كما سبق، والسبكي وغيرهما.

"انظر: اللمع ص 40، المستصفى 1/ 141، جمع الجوامع 2/ 127، المسودة ص 243، الإحكام للآمدي 2/ 39، نهاية السول 2/ 262، غاية الوصول ص 97، إرشاد الفحول ص 50".

3 وهو قول الغزالي.

"انظر: المستصفى 1/ 141، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/ 128، غاية الوصول ص 97".

4 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 40، نهاية السول 2/ 262، العضد على ابن الحاجب 2/ 57، المسودة ص 243، تيسير التحرير 3/ 80، فواتح الرحموت 2/ 125، المعتمد 2/ 547، 554، غاية الوصول ص 97.

5 في ش: ما كذبوه.

6 منهم أبو إسحاق الشيرازي والسبكي وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الذي قيد الجمع العظيم بعدد التواتر، ومنهم الغزالي وابن عبد الشكور والكمال بن الهمام.

"انظر: اللمع ص 40، غاية الوصول ص 97، المستصفى 1/ 141، مختصر ابن الحاجب 2/ 57، المحلي على جمع الجوامع 2/ 127، المسودة ص 243، 244، فواتح الرحموت 2/ 125، تيسير التحرير 3/ 80، نهاية السول 2/ 262، إرشاد الفحول ص 50".

ص: 354

وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ إلَاّ وَاحِدٌ أَوْ1 اثْنَانِ. وَالْعَادَةُ لا تُحِيلُ سُكُوتَهُمَا، ثُمَّ يُحْتَمَلُ مَانِعٌ2.

"وَكَذَا مَا" أَيْ: وَ3كَالْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ فِي الدَّلالَةِ عَلَى صِدْقِ الْخَبَرِ ظَنًّا خَبَرٌ "تَلَقَّاهُ" النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْقَبُولِ4، كَإِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم "عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ5".

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَمِنْهُ مَا تَلَقَّاهُ صلى الله عليه وسلم بِالْقَبُولِ كَإِخْبَارِهِ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ فِي قِصَّةِ الْجَسَّاسَةِ6.

وَهِيَ7 فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ"، فَإِنَّهُ صَدَّقَهُ وَوَافَقَ مَا كَانَ يُخْبِرُ بِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الدَّجَّالِ8.

1 في ب: و.

2 انظر المراجع السابقة في هامش 4 صفحة 354.

3 ساقطة من ش.

4 ساقطة من ض.

5 هو الصحابي تميم بن أوس بن خارجة الداري، أبو رقية، كني بابنته رقية، لأنه لم يولد له غيرها. كان نصرانيًّا ثم أسلم سنة تسع من الهجرة، وروي له تسعة عشر حديثاً. وكان بالمدينة ثم انتقل إلى بيت المقدس بعد مقتل عثمان، وكان كثير التهجد، وهو أول من قص على الناس، استأذن عمر رضي الله عنه فأذن له، وهو أول من أسرج في المسجد، وكان له هيئة خاصة ولباس خاص. وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم قصة الجساسة والدجال فحدث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. قال الخزرجي:"وناهيك بهذه المنقبة الشريفة". وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في فلسطين بيت عينون. مات في فلسطين سنة 40هـ.

انظر ترجمته في "الإصابة 1/ 183، الاستيعاب 1/ 184، تهذيب الأسماء 1/ 138، الخلاصة ص 55".

6 المسودة ص 243.

7 في ب ض: وهو.

8 هذا الحديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وأبو داود الطيالسي في حديث الدجال

"انظر: صحيح مسلم 4/ 2262، سنن أبي داود 2/ 432، تحفة الأحوذي 6/ 502، سنن ابن ماجه 2/ 1354، مسند أحمد 6/ 373، 413، منحة المعبود 2/ 218".

ص: 355

"و"َ كَذَا "إخْبَارُ شَخْصَيْنِ عَنْ قَضِيَّةٍ يَتَعَذَّرُ عَادَةً تَوَاطُؤُهُمَا عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى كَذِبٍ وَخَطَإٍ". قَالَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "أُصُولِهِ" مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خِلافٍ. قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ1، فَإِنَّهُ عَقَّبَهُ2 كَلامَهُ3، وَلَمْ نَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ4. اهـ.

"وَلَوْ انْفَرَدَ مُخْبِرٌ فِيمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، وَقَدْ شَارَكَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَكَاذِبٌ قَطْعًا" خِلافًا لِلشِّيعَةِ5. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: لَوْ انْفَرَدَ مُخْبِرٌ بِأَنَّ مَلِكَ الْمَدِينَةِ قُتِلَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلْجُمُعَةِ وَسَطَ الْجَامِعِ، أَوْ أَنَّ خَطِيبَهَا قُتِلَ عَلَى الْمِنْبَرِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ

1 في ع: تقي الدين رحمه الله تعالى.

2 في ش: عقب.

3 في ب ع ض: لكلامه.

4 وعبارة الشيخ تقي الدين بعد خبر تميم الداري، ونصها:"ومنه إخبار شخصين عن قضية، يعلم أنهما لم يتوطآ عليها، ويتعذر في العادة الاتفاق على الكذب فيها أو الخطأ". "المسودة 344".

5 ويشمل هذا القسم ما يجب على الكافة علمه، وما جرت العادة أن ينقله أهل التواتر.

"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 355، الإحكام للآمدي 1/ 41، المستصفى 1/ 142، 171، فواتح الرحموت 2/ 126، تيسير التحرير 3/ 115، نهاية السول 2/ 277، مناهج العقول 2/ 274، المعتمد 2/ 547، مختصر ابن الحاجب 2/ 57، المحلي على جمع الجوامع 2/ 118، التمهيد للباقلاني ص 165، المسودة ص 268، غاية الوصول ص 95، اللمع ص 46".

ص: 356

بِكَذِبِهِ عِنْدَ الْجَمِيعِ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ الْمُعْتَبَرِينَ1.

لَنَا عَلَى الشِّيعَةِ: الْقَطْعُ عَادَةً بِكَذِبٍ مِثْلِ هَذَا، 2فَإِنَّهَا تُحِيلُ3 السُّكُوتَ عَنْهُ. وَلَوْ جَازَ كِتْمَانُهُ لَجَازَ الإِخْبَارُ عَنْهُ بِالْكَذِبِ، وَلَجَازَ كِتْمَانُ مِثْلِ مَكَّةَ وَبَغْدَادَ.

وَبِمِثْلِهِ يُقْطَعُ3 بِكَذِبِ مُدَّعِي مُعَارَضَةِ الْقُرْآنِ. وَالنَّصِّ عَلَى إمَامَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، كَمَا تَدَّعِيهِ4 الشِّيعَةُ. وَلَمْ تُنْقَلْ شَرَائِعُ الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ5 عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ6 لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَنُقِلَتْ شَرِيعَةُ7 مُوسَى وَعِيسَى لِتَمَسُّكِ قَوْمٍ بِهِمَا، وَلَمْ يُنْقَلْ كَلامُ الْمَسِيحِ فِي الْمَهْدِ، لأَنَّهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَاتِّبَاعِهِ8. وَأَمَّا مُعْجِزَاتُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ9 صلى الله عليه وسلم فَمَا كَانَ مِنْهَا بِحَضْرَةِ خَلْقٍ كَثِيرٍ

1 انظر: فواتح الرحموت 2/ 127، شرح تنقيح الفصول ص 355، المستصفى 1/ 142 وما بعدها، نهاية السول 2/ 277، المعتمد 2/ 548، العضد على ابن الحاجب 2/ 57، المحلي على جمع الجوامع 2/ 118، غاية الوصول ص 95.

2 في د ض: فإنه يستحيل.

3 في ع: نقطع.

4 في ض: يَدَّعيه.

5 ساقطة من ش ز.

6 ساقطة من ب ع ض.

7 في ز: شرعية.

8 هذه الجمل رد على اعتراضات الشيعة وحججهم فيما يدعونه بصحة انفراد شخص فيما تتوفر الداواعي على نقله.

"انظر: المعتمد 2/ 548، العضد على ابن الحاجب 2/ 58، تيسير التحرير 3/ 115، فواتح الرحموت 2/ 126، الإحكام للآمدي 2/ 41، اللمع ص 46، نهاية السول 2/ 277".

9 غير موجودة في ض.

ص: 357

تَوَاتَرَ. وَلَمْ يَسْتَمِرَّ اسْتِغْنَاءً بِالْقُرْآنِ، وَإِلَاّ فَلا يَلْزَمُ1؛ لأَنَّهُ نَقَلَهُ مَنْ رَآهُ2.

"وَيُعْمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي فَتْوَى 3وَ" فِي 4 "حُكْمٍ وَ" فِي "شَهَادَةٍ" إجْمَاعًا "وَ" فِي "4أُمُورٍ دِينِيَّةٍ، وَ" فِي5 "أُمُورٍ دُنْيَوِيَّةٍ" عَلَى الصَّحِيحِ5.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: يُعْمَلُ بِهِ بِالإِجْمَاعِ فِي ثَلاثَةِ أَمَاكِنَ: فِي الْفَتْوَى، وَفِي الْحُكْمِ؛ لأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى فَتْوَى وَزِيَادَةُ التَّنْفِيذِ بِشُرُوطِهِ الْمَعْرُوفَةِ. وَ6فِي الشَّهَادَةِ سَوَاءٌ شُرِطَ الْعَدَدُ أَوْ لا، لأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ7 الآحَادِ، وَفِي الرِّوَايَةِ فِي الأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَالْمُعَامَلاتِ وَنَحْوِهَا اهـ.

لَكِنْ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي "التَّمْهِيدِ": مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِمَّنْ قَالَ لا يُقْبَلُ خَبَرُ الْوَاحِدِ لا يَلْزَمُهُ8 قَبُولُ قَوْلِ مُفْتٍ وَاحِدٍ.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الثَّلاثَةَ الأُوَلَ مَحِلُّ وِفَاقٍ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ، وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ9 وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ.

1 في ب: يلزمه.

2 انظر أدلة الجمهور بشكل وافٍ مع مناقشة أدلة الشيعة في "العضد على ابن الحاجب 2/ 57، الإحكام للآمدي 2/ 42، 43، نهاية السول 2/ 277، مناهج العقول 2/ 275، المحلي على جمع الجوامع 2/ 118، فواتح الرحموت 2/ 127، تيسير التحرير 3/ 116".

3 ساقطة من ش.

4 ساقطة من ش ز. وفي ب ض: أمور دنيوية وفي "أمور دينية".

5 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 358، أصول السرخسي 1/ 321، الكفاية للخطيب البغدادي ص 432، نهاية السول 2/ 282، المحلي على جمع الجوامع 2/ 131، غاية الوصول ص 98.

6 ساقطة من ب ع.

7 في ش: من.

8 في ز ش ب ع: يلزم.

9 هو عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد، أبو المحاسن الروياني، الإمام الجليل، أحد أئمة المذهب الشافعي، وكان يلقب فخر الإسلام. قال الجرجاني فيه:"نادرة العصر، إمام في الفقه". وقال غيره: شافعي عصره. ولي قضاء طبرستان ورُويان من قراها. صنف في الأصول والخلاف، ومن تصانيفه:"البحر"، و"الحلية" في الفقه، و"الفروق" و"التجربة" و"حقيقة القولين" و"مناصيص الشافعي"، و"الكافي" و"المبتدأ". قال أبو عمرو بن الصلاح:"هو في "البحر" كثير النقل قليل التصرف

وفعل في "الحلية" ضد ذلك، فإنه أمعن النظر في الاختيار، حتى اختار كثيراً من مذهب العلماء غير الشافعي". وكتاب "البحر" عبارة عن "الحاوي" للماوردي. قتله الباطنية الملاحدة حسداً بجامع آمل سنة 502هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 7/ 197، وفيات الأعيان 2/ 369، شذرات الذهب 4/ 4، تهذيب الأسماء 2/ 277، طبقات ابن هداية 190، البداية والنهاية 12/ 170".

ص: 358

"وَالْعَمَلُ بِهِ" أَيْ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ "جَائِزٌ عَقْلاً" عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ1.وَخَالَفَ فِيهِ قَوْمٌ مِنْهُمْ الْجُبَّائِيُّ، وَأَكْثَرُ الْقَدَرِيَّةِ، وَبَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ2. وَلَنَا أَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْهُ مُحَالٌ، وَلَيْسَ احْتِمَالُ الْكَذِبِ وَالْخَطَإِ بِمَانِعٍ، وَإِلَاّ لَمُنِعَ فِي الشَّاهِدِ وَالْمُفْتِي3، وَلا يَلْزَمُ الْوُصُولُ لِمَا سَبَقَ فِي إفَادَتِهِ الْعِلْمَ،

1 قال الإسنوي: "اتفق الكل على وجوب العمل بخبر الواحد في الفتوى والشهادة والأمور الدنيوية"، كما مر في كلام المصنف. واختلفوا في الأمور الدينية، لكن البدخشي نبه إلى أن الرازي أشار إلى الاتفاق على الجواز لا على الوجوب.

"انظر: نهاية السول 2/ 281، مناهج العقول 2/ 279، المحلي على جمع الجوامع 2/ 132، المسودة ص 237، الرسالة ص 369، المستصفى 1/ 146، الإحكام للآمدي 2/ 45، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 58، المعتمد 2/ 573، فواتح الرحموت 2/ 131، تيسير التحرير 3/ 81، الروضة ص 53، مختصر الطوفي ص 54، إرشاد الفحول ص 49، غاية الوصول ص 98، المدخل إلى مذهب أحمد ص 92".

2 انظر أدلة هذا الرأي ومناقشتها في "كشف الأسرار 2/ 370، المعتمد 2/ 549، فواتح الرحموت 2/ 121، تيسير التحرير 3/ 81، نهاية السول 2/ 281، 282، مناهج العقول 2/ 279، 281، العضد على ابن الحاجب 2/ 58، المحلي على جمع الجوامع 2/ 133، المسودة ص 237، الإحكام للآمدي 2/ 45، اللمع ص 40، الروضة ص 53، إرشاد الفحول ص 49".

3 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 45، المستصفى 1/ 147، فواتح الرحموت 2/ 131، تيسير التحرير 3/ 81، العضد على ابن الحاجب 2/ 58.

ص: 359

وَإِلَاّ1 نُقِلَ، لِقَضَاءِ2 الْعَادَةِ فِيهِ بِالتَّوَاتُرِ، وَلا التَّعَبُّدُ فِي الإِخْبَارِ عَنْ اللَّهِ بِلا مُعْجِزَةٍ؛ لأَنَّ الْعَادَةَ تُحِيلُ صِدْقَهُ بِدُونِهَا، وَلا التَّنَاقُضُ بِالتَّعَارُضِ؛ لأَنَّهُ يَنْدَفِعُ بِالتَّرْجِيحِ أَوْ التَّخْيِيرِ أَوْ الْوَقْفِ؛ وَلأَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ دَفْعُ ضَرَرٍ مَظْنُونٍ فَوَجَبَ أَخْذًا بِالاحْتِيَاطِ، وَقَوَاطِعُ الشَّرْعِ نَادِرَةٌ فَاعْتِبَارُهَا يُعَطِّلُ أَكْثَرَ الأَحْكَامِ، وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مَبْعُوثٌ إلَى الْكَافَّةِ3. وَمُشَافَهَتُهُمْ وَإِبْلاغُهُمْ بِالتَّوَاتُرِ مُتَعَذِّرٌ، فَتَعَيَّنَتْ الآحَادُ4.

وَالْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ5 نَصْبَ الشَّارِعِ عِلْمًا ظَنِّيًّا عَلَى وُجُوبِ فِعْلٍ تَكْلِيفِيٍّ جَائِزٌ بِالضَّرُورَةِ، ثُمَّ إنَّ الْمُنْكِرَ لِذَلِكَ إنْ أَقَرَّ بِالشَّرْعِ وَعَرَفَ قَوَاعِدَهُ وَمَبَانِيَهُ وَافَقَ6، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 في ب ع ض: ولا.

2 في ب: بقضاء.

3 وهذا ثابت بالأدلة القطعية في القرآن الكريم. قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} . سبأ/ 28. وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} . الأنبياء/ 107. والأحاديث في ذلك كثيرة، منها ما رواه مسلم والترمذي وأحمد وأبو يعلى وغيرهم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضلت على الأنبياء بست

ومنها: وأرسلت إلى الخلق كافة". انظر: صحيح مسلم 1/ 371، فيض القدير 4/ 438، تحفة الأحوذي 5/ 160، مسند أحمد 2/ 412.

4 هذه الأدلة تتضمن الرد على المانعين.

"انظر: المحلي على جمع الجوامع 2/ 132، المعتمد 2/ 575، العضد على ابن الحاجب 2/ 58، مناهج العقول 2/ 279، المستصفى 1/ 146، 147، فواتح الرحموت 2/ 131، تيسير التحرير 3/ 82، الإحكام للآمدي 2/ 46، الروضة ص 53، مختصر الطوفي ص 54، إرشاد الفحول ص 49".

5 ساقطة من ض.

6 ساقطة من ض.

وانظر: مختصر الطوفي ص 55، اللمع ص 40، الإحكام للآمدي 2/ 48، المستصفى 1/ 146، الروضة ص 53.

ص: 360

وَالْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ "وَاجِبٌ سَمْعًا" فِي الأُمُورِ الدِّينِيَّةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ1.

قَالَ2 الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: يَجِبُ عِنْدَنَا سَمْعًا. وَقَالَهُ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ3. قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ4: لا خِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْفِقْهِ5 فِي قَبُولِ خَبَرِ الآحَادِ.

1 انظر: المسودة ص 238، 240، الكفاية ص 18، مناهج العقول 2/ 280، المعتمد 2/ 549، 583، العضد على ابن الحاجب 2/ 59، المحلي على جمع الجوامع 2/ 131، المستصفى 1/ 146، 148، فواتح الرحموت 2/ 131، تيسير التحرير 3/ 82، الإحكام لابن حزم 1/ 94، نهاية السول 2/ 281، اللمع ص 40، شرح تنقيح الفصول ص 357، شرح الورقات ص 184، غاية الوصول ص 98، مختصر الطوفي ص 55، الروضة ص 53، إرشاد الفحول ص 48، المدخل إلى مذهب أحمد ص 92.

2 في ش: فقال.

3 قال أبو الحسين البصري من المعتزلة والقفال وابن سريج من الشافعية: إن العمل بخبر الواحد واجب سمعاً وواجب عقلاً أيضاً، وهو منقول عن الإمام أحمد أيضاً، واختاره أبو الخطاب من الحنابلة، والقاضي أبو يعلى في "الكفاية".

انظر أقوالهم وأدلتهم مع مناقشتها في "فواتح الرحموت 2/ 132، 135، المستصفى 1/ 147، نهاية السول 2/ 281، مناهج العقول 2/ 279، 280، مختصر ابن الحاجب 2/ 58، المحلي على جمع الجوامع 2/ 131، 132، المسودة ص 237، الرسالة ص 390".

4 هو أحمد بن أبي أحمد، المعروف بابن القاص الطبري، أبو العباس. كان إمام وقته في طبرستان. صنف كتباً كثيرة في الفقه والأصول، منها:"التلخيص"، و"أدب القضاء"، و"والمواقيت"، و"المفتاح" وغيرها. تصانيفه صغيرة الحجم، كثيرة الفائدة، سافر حتى وصل إلى طرسوس، وقيل: إنه تولى القضاء بها، وكان كثير المواعظ. ومات مغشيًّا عليه عند الوعظ وذكر الله تعالى سنة 335 هـ، وقيل 336 بطرسوس.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 59، وفيات الأعيان 1/ 51، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 111، البداية والنهاية 11/ 219، شذرات الذهب 2/ 339، طبقات الفقهاء الشافعية للعبادي ص 73".

وفي ع: ابن القاضي.

5 في ض: اللغة.

ص: 361

فَأَصْحَابُ1 هَذَا الْقَوْلِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الدَّلِيلَ السَّمْعِيَّ: دَلَّ عَلَيْهِ، مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَعَمَلِ الصَّحَابَةِ وَرُجُوعِهِمْ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالتَّوَاتُرِ2.

لَكِنَّ الْجُبَّائِيَّ اعْتَبَرَ لِقَبُولِهِ شَرْعًا أَنْ يَرْوِيَهُ اثْنَانِ فِي جَمِيعِ طَبَقَاتِهِ، أَوْ يُعْضَدَ بِدَلِيلٍ آخَرَ. كَظُهُورِهِ وَانْتِشَارِهِ فِي الصَّحَابَةِ، أَوْ عَمِلَ بَعْضُهُمْ بِهِ. كَحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ فِي تَوْرِيثِ الْجَدَّةِ لأَنَّهُ رَدَّ خَبَرَ الْمُغِيرَةِ3 فِيهِ4: حَتَّى شَهِدَ مَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ5، وَكَذَلِكَ عُمَرُ رَدَّ قَوْلَ6

1 في ع: وأصحاب.

2 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 368، اللمع ص 40، إرشاد الفحول ص 49، المدخل إلى مذهب أحمد ص 96.

3 هو الصحابي المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، أبو عبد الله، وقيل أبو عيسى، الكوفي. أسلم عام الخندق، وكان موصوفاً بالدهاء والحلم، وشهد الحديبية، وولاه عمر بن الخطاب على البصرة مدة، ثم نقله إلى الكوفة والياً، وأقره عثمان عليها ثم عزله. شهد اليمامة وفتح الشام، وذهبت عينه يوم اليرموك، وشهد القادسية، وفتح نهاوند، واعتزل الفتنة بعد قتل عثمان، ثم استعمله معاوية على الكوفة حتى توفي فيها سنة 50 هـ، وقيل 51 هـ، وهو أول من وضع ديوان البصرة.

انظر ترجمته في "الإصابة 3/ 453، الاستيعاب 3/ 388، تهذيب الأسماء 2/ 109، الخلاصة ص 385".

4 سيأتي الحديث كاملاً مع تخريجه صفحة 369.

5 هو الصحابي محمد بن مسلمة بن سلمة الأوسي الأنصاري الحارثي، أبو عبد الرحمن المدني، وهو ممن سُمِّيَ في الجاهلية محمداً. ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة. أسلم على يد مصعب بن عمير. وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد بدراً وما بعدها إلا تبوك، فإنه تخلف بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان من فضلاء الصحابة، كثير العبادة والخلوة. واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة في بعض غزواته، واعتزل الفتن فلم يشهد الجمل وصفين، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم له. وتولى مهمات كثيرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن عمر، وسكن الربذة بعد قتل عثمان، ثم مات بالمدينة سنة 46 هـ، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "الإصابة 3/ 383، الاستيعاب 3/ 336، تهذيب الأسماء 1/ 92، مشاهير علماء الأمصار ص 22، الخلاصة ص 359".

6 في ش: وقول.

ص: 362

أَبِي مُوسَى1 فِي الاسْتِئْذَانِ2، حَتَّى وَافَقَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ3.

1 هو الصحابي عبد الله بن قيس بن سليم، أبو موسى الأشعري. أسلم قبل الهجرة وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة بعد خيبر. واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض اليمن وعدن، واستعمله عمر على البصرة بعد المغيرة. وافتتح الأهواز ثم أصبهان. واستعمله عثمان على الكوفة، وكان أحد الحكمين بصفين، ثم اعتزل الفريقين. كان حسن الصوت بالقرآن. وفي الصحيح أنه أوتي مزماراً من مزامير آل داود، وهو أحد القضاة المشهورين. سكن الكوفة، وتفقه أهلها به. مات سنة 42 هـ، وقيل 44هـ.

انظر ترجمته في "الإصابة 2/ 359، تهذيب الأسماء 2/ 268، شذرات الذهب 1/ 53، مشاهير علماء الأمصار ص 37، حلية الأولياء 1/ 256، الخلاصة ص 210".

2 روى البخاري ومسلم ومالك وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي والطبراني عن أبي موسى وأبي سعيد معاً، أن أبا سعيد قال: كنت جالساً بالمدينة في مجلس الأنصار، فأتانا أبو موسى فزعاً مذعوراً، فقلت: ما شأنك؟ قال: إن عمر أرسل إليَّ أن آتيه، فأتيت بابه فسلمت ثلاثاً فلم يرد، فرجعت، فقال: ما منعك أن تأتينا؟ فقلت: أتيت فسلمت على بابك ثلاثاً فلم ترد، فرجعت، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع"، فقال عمر: أقم عليه البينة، وإلا أوجعتك؟! فقال أبي بن كعب: لا يقوم معه إلا أصغر القوم، قال أبو سعيد: قلت: أنا أصغرهم، قال: فاذهب به، فذهبت إلى عمر فشهدت.

"انظر: صحيح البخاري 4/ 88، صحيح مسلم 3/ 1694، الموطأ 2/ 964، مسند أحمد 3/ 6، 19، 4/ 393، سنن أبي داود 2/ 637، تحفة الأحوذي 7/ 464، سنن ابن ماجه 2/ 1220، سنن الدارمي 2/ 274، فيض القدير 1/ 273".

3 انظر: أصول السرخسي 1/ 321، 331، فواتح الرحموت 2/ 133، 144، كشف الأسرار 3/ 28، توضيح الأفكار 1/ 19، تدريب الراوي 1/ 72 وما بعدها، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، المحلي على جمع الجوامع 2/ 137، المسودة ص 238، مناهج العقول 2/ 307، الإحكام للآمدي 2/ 94، المستصفى 1/ 155، نهاية السول 2/ 309، مناهج العقول 2/ 307، شرح تنقيح الفصول ص 357، 368، اللمع ص 40، الروضة ص 56، مختصر الطوفي ص 57، المعتمد 2/ 622، 623.

ص: 363

وَالْجَوَابُ: أَنَّهُمَا فَعَلا ذَلِكَ تَثَبُّتًا فِي قَضِيَّةٍ خَاصَّةٍ. وَلِذَلِكَ حَكَمَا1 فِي وَقَائِعَ كَثِيرَةٍ بِأَخْبَارِ الآحَادِ2.

وَاخْتَارَ عَبْدُ الْجَبَّارِ الْمُعْتَزِلِيُّ، وَحُكِيَ عَنْ الْجُبَّائِيِّ: أَنَّهُ لا يُحَدُّ بِخَبَرٍ دَالٍّ عَلَى حَدِّ الزِّنَا إلَاّ أَنْ يَرْوِيَهُ أَرْبَعَةٌ، قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ3. وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا قِيَاسٌ4 مَعَ الْفَارِقِ، إذْ بَابُ الشَّهَادَةِ أَحْوَطُ. وَلِذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِيهِ5.

1 في ز: حكمنا.

2 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 59، 68، أصول السرخسي 1/ 331 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/ 134، كشف الأسرار 3/ 28، مناهج العقول 2/ 307، 308، المعتمد 2/ 622، تدريب الراوي 1/ 73، نهاية السول 2/ 310، المحلي على جمع الجوامع 2/ 137، المستصفى 1/ 155، اللمع ص 40، الروضة ص 56، إرشاد الفحول ص 49، مختصر الطوفي ص 55، 56، 57.

3 وكذا ما يوجب الحدّ، وما يندرئ بالشبهة عند الكرخي وأكثر الحنفية كما جاء في "التحرير" و"مسلم الثبوت"، وهو قول أبي عبد الله البصري وغيره، فلا يثبت ذلك بخبر الآحاد عندهم، إلا إذا رواه أربعة فما فوق.

"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 357، أصول السرخسي 1/ 321، 333 وما بعدها، تيسير التحرير 3/ 88، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 2/ 136-137، 144، كشف الأسرار 3/ 28، المسودة ص 239، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، 72، المحلي على جمع الجوامع 2/ 133، 137، المعتمد 2/ 622، الإحكام للآمدي 2/ 94، 117، المستصفى 1/ 155، نهاية السول 2/ 309، مناهج العقول 2/ 307".

4 في ض: قياساً.

5 انظر: المسودة ص 239، تيسير التحرير 3/ 88، كشف الأسرار 3/ 29، المعتمد 2/ 624، فواتح الرحموت 2/ 137، 144، العضد على ابن الحاجب 2/ 72، المحلي على جمع الجوامع 2/ 133، المستصفى 1/ 155، الروضة ص 56، 66، إرشاد الفحول ص 56، المدخل إلى مذهب أحمد ص 96.

ص: 364

وَمَنَعَ قَوْمٌ مِنْ قَبُولِ أَخْبَارِ1 الآحَادِ مُطْلَقًا، مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي2 دَاوُد3 وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ وَبَعْضُ الْقَدَرِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةُ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ4.

وَ5نَاقَضُوا فَأَثْبَتُوا تَصَدُّقَ عَلِيٍّ بِخَاتَمِهِ فِي الصَّلاةِ وَنِكَاحَ الْمُتْعَةِ6

1 في ز ش: خبر.

2 ساقطة من ب ع ض.

3 كذا في جميع النسخ، ولعله تصحيف عن أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي انظر: شذرات الذهب 2/ 93؛ لأن ابن أبي داود إمام من أئمة الحديث، وهو محدث ابن محدث، فكيف يمنع قبول خبر الآحاد؟؟!.

وهو عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث، أبو بكر السجستاني، الحافظ، ومن أكابر الحفاظ ببغداد، متفق على إمامته، وهو إمام ابن إمام. شارك أباه في شيوخه بمصر والشام، وسمع ببغداد. كان زاهداً ناسكاً. جمع وصنف، وكان يقعد على المنبر بعد ما عمي فيسرد من حفظه. ومن مصنفاته:"المصابيح"، و"المسند"، و"السنن"، و"التفسير"، و"القراءات"، و"الناسخ والمنسوخ" وغيرها. توفي سنة 316 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 2/ 51، المنهج الأحمد 2/ 11، طبقات المفسرين 1/ 229، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 307، طبقات الحفاظ ص 322، تذكرة الحفاظ 2/ 767، طبقات الفقهاء الشافعية للعبادي ص 60، ميزان الاعتدال 2/ 433، شذرات الذهب 2/ 168، 273، طبقات القراء 1/ 420، الفهرست ص 324".

4 انظر آراءهم وأدلتهم مع المناقشة في "أصول السرخسي 1/ 321، فواتح الرحموت 2/ 131، تيسير التحرير 3/ 82، كشف الأسرار 2/ 370، المعتمد 2/ 603 وما بعدها، العضد على ابن الحاجب 2/ 59، شرح تنقيح الفصول ص 357، المسودة ص 238، الروضة ص 53، مختصر الطوفي ص 55، إرشاد الفحول ص 48".

5 ساقطة من ع.

6 كان نكاح المتعة مباحاً في أول الإسلام، ثم حرّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد روى البخاري ومسلم ومالك والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي عن علي رضي الله عنه مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نهى عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر". وروى أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه والدارمي عن سبرة الجهني أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس، إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرّم..........=

ص: 365

وَالنَّقْضَ بِأَكْلِ لَحْمِ1 الإِبِلِ2. وَكُلُّهَا إنَّمَا ثَبَتَتْ بِالآحَادِ3.

قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: وَإِنَّمَا دَفَعَ بَعْضُ أَهْلِ الْكَلامِ خَبَرَ الآحَادِ لِعَجْزِهِ عَنْ السُّنَنِ رَغْمَ4 أَنَّهُ لا يَقْبَلُ مِنْهَا إلَاّ مَا تَوَاتَرَ بِخَبَرِ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالنِّسْيَانُ. وَهَذَا ذَرِيعَةٌ إلَى إبْطَالِ السُّنَنِ. فَإِنَّ مَا شَرَطَهُ لا يَكَادُ يُوجَدُ إلَيْهِ سَبِيلٌ اهـ.

= ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخْلِ سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".

وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارمي عن سبرة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نهى عن نكاح المتعة".

"انظر: صحيح البخاري 3/ 52، 246، صحيح مسلم 2/ 1025، سنن أبي داود 1/ 478، تحفة الأحوذي 4/ 267، سنن النسائي 6/ 102، 179، سنن ابن ماجه 1/ 631، الموطأ 2/ 542، مسند أحمد 3/ 405، 4/ 55، 1/ 103، 2/ 95، سنن الدارمي 2/ 86، 140، تخريج أحاديث البزدوي ص 343، نيل الأوطار 6/ 152، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص 60".

1 ساقطة من ب. وفي ض: لحوم.

2 روى الإمام أحمد ومسلم عن جابر بن سمرة أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال:"إن شئت توضأ، وإن شئت فلا تتوضأ"، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم، توضأ من لحوم الإبل

". وروى ابن ماجه نحوه عن ابن عباس. وكذلك رواه أبو داود والترمذي. وروى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان وابن الجارود وابن خزيمة في صحيحه عن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء عن لحوم الإبل؟ فقال: "توضؤوا منها".

"انظر: مسند أحمد 5/ 86، 88، صحيح مسلم 1/ 275، سنن أبي داود 1/ 41، تحفة الأحوذي 1/ 263، سنن ابن ماجه 1/ 166، موارد الظمآن ص 78، نيل الأوطار 1/ 237، 239".

3 لقد رد الإمام الشافعي على هذه الفئة في "الرسالة ص 458 وما بعدها".

وانظر: فواتح الرحموت 2/ 136، المستصفى 1/ 148، "كشف الأسرار 2/ 370".222

4 في ب ز ع ض: زعم.

ص: 366

وَمَنَعَهُ الْمَالِكِيَّةُ إذَا خَالَفَهُ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ1. وَمَنَعَهُ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، أَوْ خَالَفَهُ رَاوِيهِ2، أَوْ عَارَضَ الْقِيَاسَ3؛ لأَنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى - كَحَدِيثِ مَسِّ الذَّكَرِ4 - تَقْتَضِي الْعَادَةُ تَوَاتُرَهُ، وَلأَنَّ مَا خَالَفَهُ رَاوِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا خَالَفَهُ لِدَلِيلٍ أَقْوَى. وَلِذَلِكَ5 لَمْ يُوجِبُوا التَّسْبِيعَ فِي وُلُوغِ

1 انظر تفصيل هذا الموضوع في "عمل أهل المدينة ص 308، 320".

2 يشترط السرخسي والبزدوي في هذه الحالة أن يُعلَم أن تاريخ المخالفة كانت بعد رواية الحديث. أما إذا كانت قبله أو جهل التاريخ فيقدم الخبر. انظر: "أصول السرخي 2/5، كشف الأسرار 3/ 63".

3 يفرق السرخسي بين حالتين: الأولى: إذا كان الراوي من الصحابة معروفاً بالفقه والرأي والاجتهاد، فإن خبره حجة موجبة للعلم، وموجبة للعمل به، سواء كان الخبر موافقاً للقياس أو مخالفاً له، فيترك القياس، ويعمل بالخبر، ويرد على الإمام مالك في تقديم القياس على الخبر مطلقاً. والثاني: إذا كان الصحابي معروفاً بالعدالة وحسن الضبط والحفظ ولكنه قليل الفقه، فيقدم القياس على الخبر، ويضرب أمثلة لذلك

لكنه يعترف لأبي هريرة بالحفظ والضبط والعدالة، ثم يقول عنه إنه غير فقيه، وأنه نقل الحديث بالمعنى فلم يدرك كلام الرسول صلى الله عليه وسلم؟! انظر:"أصول السرخسي 1/ 338 وما بعدها، 341".

بينما يقسم الكمال بن الهمام الصحابة إلى مجتهد وعدل ضابط ومجهول العين والحال ويقول: إن هذا التقسيم عند الحنفية للراوي صحابياً كان أم غيره. انظر: "تيسير التحرير 3/ 52-54".

وانظر: كشف الأسرار 2/ 377، 384، 390، مناهج العقول 2/ 308، المسودة ص 239.

4 روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك والشافعي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الجارود والدارمي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مسّ أحدكم ذكره فليتوضأ". وهذا لفظ ابن ماجه. وروي مثله عن جابر وأبي أيوب وأم حبيبة وبسرة.

"انظر: مسند أحمد 2/ 223، سنن أبي داود 1/ 41، تحفة الأحوذي 1/ 270، سنن النسائي 1/ 84، سنن ابن ماجه 1/ 161، الموطأ 1/ 184، بدائع المنن 1/ 34، المستدرك 1/ 136، سنن الدارمي 1/ 184، موارد الظمآن ص 78، نيل الأوطار 1/ 233، كشف الخفا 1/ 100، تخريج أحاديث البزدوي ص 165".

5 في ز ش: وكذلك.

ص: 367

الْكَلْبِ لِمُخَالَفَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِرِوَايَتِهِ1، وَلأَنَّ مُخَالَفَةَ الْقِيَاسِ تَدُلُّ عَلَى رُجْحَانِ كَذِبِهِ. وَلِهَذَا رَدُّوا خَبَرَ الْمُصَرَّاةِ2 لِمُخَالَفَتِهِ لِقِيَاسِ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ3.

1 روى البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً، أولاهن، وفي رواية إحداهن، وفي رواية أخراهن بالتراب". ورواه الدارمي وابن ماجه عن عبد الله بن مغفل، وفيه:"والثامنة عفروه في التراب".

"انظر: صحيح البخاري 1/ 44، صحيح مسلم 1/ 235، مسند أحمد 2/ 245، سنن أبي داود 1/ 17، تحفة الأحوذي 1/ 300، سنن النسائي 1/ 46، سنن ابن ماجه 1/ 130، الموطأ 1/ 34، سنن الدارمي 1/ 188، نيل الأوطار 1/ 49، المستدرك 1/ 160، سنن الدارقطني 1/ 63".

2 روى البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحبلها، إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر".

"انظر: صحيح البخاري 2/ 17 وما بعدها، صحيح مسلم 3/ 1155 وما بعدها، مسند أحمد 2/ 242، سنن أبي داود 2/ 242، تحفة الأحوذي 4/ 459، سنن النسائي 7/ 223، سنن ابن ماجه 2/ 753، نيل الأوطار 5/ 241، تخريج أحاديث البزدوي ص 159، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص 76، سنن الدارمي 2/ 251".

والمصراة هي الناقة أو الشاة التي يترك صاحبها حلبها ليتجمع لبنها في ضرعها ليوهم المشتري بكثرة لبنها.

3 انظر أدلة الحنفية ومناقشتها في "الإحكام لابن حزم 1/ 104، 143 وما بعدها، الإحكام للآمدي 2/ 94، 112، المستصفى 1/ 171 وما بعدها، نهاية السول 2/ 313، كشف الأسرار 2/ 381 وما بعدها، 390 وما بعدها، 3/ 11، 16، 64، المسودة ص 238، 239، المعتمد 2/ 548 وما بعدها، 653 وما بعدها، 659، 670، قواعد التحديث ص 91، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، 72، المحلي على جمع الجوامع 2/ 135، تخريج الفروع على الأصول ص 15، شرح تنقيح الفصول ص 372، أصول السرخسي 1/ 340، 341، 368، 2/ 5، فواتح الرحموت 2/ 128 وما بعدها، تيسير التحرير 2/ 73، 113 وما بعدها، مختصر الطوفي ص 69، 70، اللمع ص 40، الروضة ص 65، إرشاد الفحول ص 56".

وسوف يذكر المؤلف بعضها فيما بعد ص 565 وما بعدها.

ص: 368

وَاسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ عَلَى قَبُولِهِ بِأَنَّهُ قَدْ كَثُرَ جِدًّا قَبُولُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَمَلاً شَائِعًا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ يَحْصُلُ بِهِ إجْمَاعُهُمْ عَلَيْهِ عَادَةً قَطْعًا1. فَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، لَمَّا جَاءَتْهُ الْجَدَّةُ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مَا لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ. وَمَا عَلِمْت لَك فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا. فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ. فَسَأَلَ النَّاسَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: حَضَرْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا السُّدُسَ. فَقَالَ: هَلْ مَعَك غَيْرُك؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مِثْلَهُ. فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ. رَوَاهُ 2أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد1 وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ3. وَاسْتَشَارَ عُمَرُ النَّاسَ فِي الْجَنِينِ. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ قَضَى فِيهِ رَسُولُ

1 انظر: مناهج العقول 2/ 282 وما بعدها، شرح الورقات ص 185، الرسالة للشافعي ص 401 وما بعدها، 435 وما بعدها، 452 وما بعدها، أصول السرخسي 1/ 322 وما بعدها، الإحكام لابن حزم 1/ 98 وما بعدها، الإحكام للآمدي 2/ 56 وما بعدها، 112 وما بعدها، المستصفى 1/ 148، فواتح الرحموت 2/ 132، تيسير التحرير 3/ 82، 113، نهاية السول 2/ 287، تخريج الفروع على الأصول ص 15، شرح تنقيح الفصول ص 358، 368، 372، كشف الأسرار 2/ 371، 378، 3/ 28، المعتمد 2/ 583 وما بعدها، 622 وما بعدها، 655، جامع بيان العلم 2/ 42، العضد على ابن الحاجب 2/ 59، 68، المحلي على جمع الجوامع 2/ 135 وما بعدها، الكفاية ص 26 وما بعدها، غاية الوصول ص 98، اللمع ص 46، الروضة ص 53، 65، مختصر الطوفي ص 55، 70، إرشاد الفحول ص 49، 56، المدخل إلى مذهب أحمد ص 92، 96.

2 ساقطة من ز ش.

3 قال الشوكاني: "رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي"، ولم يروِ النسائي هذا الحديث، ولعل المصنف رآه في السنن الكبرى للنسائي التي لم تطبع بعد، والحديث رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والدارمي عن قبيصة بن ذؤيب.

"انظر: مسند أحمد 5/ 327، الموطأ 2/ 513، سنن أبي داود 2/ 109، تحفة الأحوذي 6/ 278، سنن ابن ماجه 2/ 910، سنن الدارمي 2/ 359، موارد الظمآن ص 300، نيل الأوطار 6/ 67".

ص: 369

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. فَقَالَ: لَتَأْتِيَنَّ بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَك. فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1.

وَلأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه لَوْ لَمْ نَسْمَعْ هَذَا2 لَقَضَيْنَا بِغَيْرِهِ3. وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدٌ4 مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ أَنَّهُ سَأَلَ5 عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ6: "إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ7"، وَقَوْلُ عُمَرَ ذَلِكَ

1 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة. ورواه البخاري ومسلم وابن ماجه وأحمد والدارمي عن المغيرة بن شعبة عن عمر، ورواه ابن حبان وغيره عن ابن عباس. ورواه مالك مرسلاً.

"انظر: صحيح البخاري 4/ 193، صحيح مسلم 3/ 1309، 1311، سنن أبي داود 2/ 497، تحفة الأحوذي 4/ 666، سنن النسائي 8/ 42، سنن ابن ماجه 2/ 882، نيل الأوطار 7/ 78، 80، الموطأ 2/ 855، سنن الدارمي 2/ 196، مسند أحمد 4/ 244، 253، موارد الظمآن ص 366، المنتقى للباجي 7/ 79".

2 ساقطة من ز ش.

3 في ش: بغرة.

وانظر: سنن أبي داود 2/ 498، بدائع المنن 2/ 268، الأم 6/ 107.

4 هو سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني، الحافظ، أبو عثمان، أحد الأعلام، الثقة. قال أحمد عنه: من أهل الفضل والصدق. وقال أبو حاتم: من المتقنين الأثبات، ممن جمع وصنف، وهو صاحب كتاب "السنن والزهد". توفي بمكة سنة 227 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 179، تذكرة الحفاظ 2/ 416، الخلاصة ص 43، شذرات الذهب 2/ 62، ميزان الاعتدال 2/ 159، العقد الثمين 4/ 586".

5 في ز ش: سئل.

6 هو الصحابي حمل بن مالك بن النابغة الهذلي، أبو نضلة، نزل البصرة، وله فيها دار. جاء ذكره في حديث أبي هريرة في الصحيح وغيره في قصة الجنين، مما يدل على أنه عاش إلى خلافة عمر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على صدقات هذيل.

انظر ترجمته في الإصابة 1/ 355، 3/ 27، الاستيعاب 1/ 366، تهذيب الأسماء 1/ 169، الخلاصة ص 94.

7 رواه الشافعي وأبو داود والدارمي وابن حبان عن ابن عباس: أن عمر نشد الناس قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين؟ فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين امرأتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة، وأن تقتل بها. وعند ابن حبان:"بغرة، عبد أو أمة".

"انظر: الرسالة ص 427 تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، سنن أبي داود 2/ 498، سنن الدارمي 2/ 196، موارد الظمآن ص 367، بدائع المنن 2/ 268، الأم للشافعي 6/ 107".

ص: 370

وَطَاوُسٌ لَمْ يُدْرِكْهُ.

وَأَخَذَ عُمَرُ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ1 فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمَجُوسِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2. وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه لا يُوَرِّثُ الْمَرْأَةَ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا حَتَّى أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ3: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ

1 هو الصحابي عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف، أبو محمد، القرشي الزهري المدني. كان اسمه في الجاهلية: عبد عمرو، وقيل: عبد الكعبة. وأمه الشفاء، أسلم قديماً، وهو أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر رضي الله عنهم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أهل الشورى الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، هاجر الهجرتين، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، شهد بدراً وبيعة الرضوان وسائر المشاهد، وكان كثير الإنفاق في سبيل الله. جرح يوم أحد إحدى وعشرين جراحة، ومناقبه كثيرة. توفي سنة 32 هـ، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "الإصابة 2/ 416، الاستيعاب 2/ 393، تهذيب الأسماء 1/ 301، الخلاصة ص 232، حلية الأولياء 1/ 97".

2 الحديث رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي والشافعي ومالك عن عبد الرحمن بن عوف وغيره.

"انظر: صحيح البخاري 2/ 200، مسند أحمد 1/ 191، سنن أبي داود 2/ 150، تحفة الأحوذي 5/ 211، الموطأ 1/ 278، نيل الأوطار 8/ 63، تخريج أحاديث البزدوي ص 156، بدائع المنن 2/ 126".

3 هو الصحابي الضحاك بن سفيان بن كعب العامري الكلابي، أبو سعيد، كان من الشجعان الأبطال، يعد بمائة فارس، وكان يقوم على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشحاً بسيفه، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية إلى بني كلاب، وكان على صدقات قومه، وهو معدود في أهل المدينة، وكان ينزل باديتها.

انظر ترجمته في "الإصابة 2/ 206، الاستيعاب 2/ 206، تهذيب الأسماء 1/ 249، الخلاصة ص 176".

ص: 371

أَشْيَمَ1 مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا. رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ2.

وَرَوَى هَؤُلاءِ "أَنَّ عُثْمَانَ أَخَذَ. بِخَبَرِ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ3 أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ4".

وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ أَنَّ "النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. فَسَأَلَ ابْنُ عُمَرَ أَبَاهُ عَنْهُ. فَقَالَ: نَعَمْ5، إذَا حَدَّثَك سَعْدٌ عَنْ

1 هو أشيم الضِّبابي –بكسر المعجمة الأولى-، قتل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم خطأ، وهو صحابي مسلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحاك بن سفيان أن يورث امرأته من ديته.

"انظر: الإصابة 1/ 52، الاستيعاب 1/ 115، تهذيب الأسماء 1/ 123".

2 ورواه أيضاً ابن ماجه وأبو يعلى.

"انظر: الموطأ 2/ 866، مسند أحمد 3/ 452، سنن أبي داود 2/ 117، تحفة الأحوذي 4/ 674، سنن ابن ماجه 2/ 883، نيل الأوطار 6/ 84، 85، سنن الدارمي 2/ 377".

3 هي الصحابية فُريعة بنت مالك بن سنان الخُدرية، ويقال لها: الفارعة، أنصارية، وهي أخت أبي سعيد الخدري، شهدت بيعة الرضوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها، فقال لها:"امكثي حتى يبلغ الكتاب أجله"، فلما كان عثمان بن عفان أرسل إليها يسألها، فأخبرته به فاتبعه وقضى به.

"انظر: الإصابة 4/ 386، الاستيعاب 4/ 387، تهذيب الأسماء 2/ 353، الخلاصة ص 495".

4 رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والشافعي والطبراني وابن حبان والدارمي والحاكم وصححه.

"انظر: الموطأ 2/ 591، مسند أحمد 6/ 413، سنن أبي داود 1/ 536، تحفة الأحوذي 4/ 378، سنن النسائي 6/ 166، سنن ابن ماجه 1/ 654، نيل الأوطار 6/ 335، تخريج أحاديث البزدوي ص 156، موارد الظمآن ص 323، سنن الدارمي 2/ 169، بدائع المنن 2/ 409".

5 ساقطة من ض.

ص: 372

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ"1.

وَرَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فِي تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ. رَوَاهُ الأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ. وَرَوَى سَعِيدٌ مِنْ طُرُقٍ عَدَمَ رُجُوعِهِ2. وَتَحَوَّلَ أَهْلِ قُبَاءَ إلَى الْقِبْلَةِ وَهُمْ فِي الصَّلاةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ3. وَمَعْنَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ4.

1 صحيح البخاري 1/ 49. ومر تخريج حديث المسح على الخفين مفصلاً ص 332

2 قال الشوكاني: "التصريح بتحريم ربا الفضل هو مذهب الجمهور، للأحاديث الكثيرة في الباب، وروي عن ابن عمر أنه يجوز ربا الفضل، ثم رجع عنه. وكذلك روي عن ابن عباس، واختلف في رجوعه".

وهذا مارواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.

"انظر: صحيح البخاري 2/ 21، صحيح مسلم 3/ 1209، مسند أحمد 2/ 262، 5/ 200، تحفة الأحوذي 4/ 442، سنن النسائي 7/ 247، سنن ابن ماجه 2/ 758، نيل الأوطار 5/ 216، تخريج أحاديث البزدوي ص 172".

3 ورواه أحمد ومسلم وأبو داود عن أنس أيضاً. قال الشوكاني: وفي الباب عن البراء عن الجماعة إلا أبا داود. وعن ابن عباس عند أحمد والبزار والطبراني، وإسناده صحيح كما قال العراقي. وعن عمارة بن أوس عند أبي يعلى في المسند والطبراني في الكبير. وعن عمرو بن عوف المزني عند البزار والطبراني أيضاً. وعن سعد بن أبي وقاص عند البيهقي بإسناد صحيح. وعن سهل بن سعد عند الطبراني والدارقطني. وعن عثمان بن حنيف عند الطبراني

وغيرهم". "نيل الأوطار 2/ 186".

"وانظر: صحيح مسلم 1/ 375، مسند أحمد 2/ 113، سنن أبي داود 1/ 240، تحفة الأحوذي 8/ 299، الموطأ 1/ 196، شرح السنة للبغوي 2/ 323، تخريج أحاديث البزدوي ص 244، سنن النسائي 1/ 196، 2/ 47".

4 روى البخاري ومسلم ومالك والدارمي عن ابن عمر رضي الله عنه قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آتٍ فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة.

"انظر: صحيح البخاري 1/ 82، صحيح مسلم 1/ 375، الموطأ 1/ 195، سنن الدارمي 1/ 281".

ص: 373

1وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ2: "مَا كُنَّا نَرَى بِالْمُزَارَعَةِ بَأْسًا، حَتَّى سَمِعْت رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ2 يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَتَرَكْتُهَا3 مِنْ أَجْلِهِ4".

وَلِلشَّافِعِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ "كُنَّا نُخَابِرُ فَلا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فَزَعَمَ رَافِعٌ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ، فَتَرَكْنَاهُ مِنْ أَجْلِهِ5".

1 ساقطة من ب. وفي ع: وقال.

2 هو الصحابي رافع بن خديج بن رافع الأنصاري الأوسي الحارثي المدني. أبو عبد الله، وقيل غير ذلك. استصغره رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فرده، وأجازه يوم أحد، فشهد أحداً والخندق وأكثر المشاهد، أصابه سهم يوم أحد فنزعه وبقي نصله إلى أن مات، وانتقضت جراحته، فتوفي بالمدينة سنة 74 هـ. وقيل غير ذلك. قال البخاري: مات زمن معاوية. وقال ابن حجر: وهو المعتمد، وما عداه واهٍ، وأرخه سنة 59هـ. وكان عريف قومه، وشهد صفين مع علي رضي الله عنهم.

انظر ترجمته في "الإصابة 1/ 495، الاستيعاب 1/ 495، تهذيب الأسماء 1/ 187، الخلاصة ص 113".

3 في ش وهامش ز: فتركناه.

4 رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه ومالك.

"انظر: صحيح البخاري 2/ 46، صحيح مسلم 3/ 1180-1184، سنن أبي داود 2/ 234، الموطأ 2/ 711، تحفة الأحوذي 4/ 542، سنن النسائي 7/ 31، 32، سنن ابن ماجه 2/ 819، نيل الأوطار 5/ 312 وما بعدها".

وعبارة "من أجله" ساقطة من ب ض.

5 رواه الشافعي ومسلم والنسائي وأحمد.

"انظر: صحيح مسلم 3/ 1178، 1179، سنن النسائي 7/ 36، مسند أحمد 3/ 463، بدائع المنن 2/ 170".

وانظر معنى الحديث في النهي عن المخابرة في "صحيح البخاري 2/ 46، سنن الدارمي 2/ 270، موارد الظمآن ص 277، الموطأ 2/ 711".

والمخابرة هي مزرعة الأرض بجزء مما يخرج كالثلث والربع، أو بجزء معين من الخارج. وفيها خلاف بين الفقهاء. "انظر: الرسالة للشافعي ص 445، المنتقى للباجي 5/ 142".

ص: 374

وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَرَى أَنْ لا تَصْدُرَ الْحَائِضُ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: "سَلْ1 فُلانَةَ الأَنْصَارِيَّةَ، هَلْ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ؟ فَأَخْبَرَتْهُ. فَرَجَعَ زَيْدٌ، وَهُوَ يَضْحَكُ. فَقَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَاك إلَاّ صَدَقْت" رَوَاهُ مُسْلِمٌ2، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ3.

لا يُقَالُ: إنَّهَا أَخْبَارُ آحَادٍ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ؛ لأَنَّا نَقُولُ: بَلْ هِيَ مُتَوَاتِرَةٌ كَمَا سَبَقَ فِي أَخْبَارِ الإِجْمَاعِ4.

وَأَيْضًا: تَوَاتَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ5 كَانَ يَبْعَثُ 6الآحَادَ إلَى6 النَّوَاحِي لِتَبْلِيغِ الأَحْكَامِ، مَعَ الْعِلْمِ بِتَكْلِيفِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِمْ الْعَمَلَ بِذَلِكَ7.

1 ساقطة من ش.

2 صحيح مسلم 2/ 964.

وروى البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والدارمي عن عائشة وعمر وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أن الحائض تقضي المناسك كلها إلا الطواف، وأن الحائض تنفر قبل أن تودع.

"انظر: صحيح البخاري 1/ 303، صحيح مسلم 2/ 964، سنن أبي داود 1/ 462، تحفة الأحوذي 4/ 13، سنن النسائي 1/ 160، سنن ابن ماجه 2/ 21، نيل الأوطار 5/ 52، مسند أحمد 6/ 177، سنن الدارمي 2/ 72، موارد الظمآن ص 251".

3 انظر: المستصفى 1/ 148 وما بعدها، الروضة ص 54.

4 انظر: أصول السرخسي 1/ 328، المستصفى 1/ 148، تيسير التحرير 3/ 82، العضد على ابن الحاجب 2/ 59.

5 في ب ع ض: وأتم السلام.

6 في ش: الآحاء في. وفي ز: الآحاد في.

7 ولقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوْا أَنْ تُصِيْبُوْا قَوْماً بِجَهَالَةٍ} الحجرات/ 6، وقوله تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوْا فِي الدِّيْنِ وَلِيُنْذِرُوْا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوْا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُوْنَ} التوبة/ 122.

"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 358، أصول السرخسي 1/ 323 وما بعدها، فواتح.....=

ص: 375

لا يُقَالُ: هَذَا مِنْ الْفُتْيَا لِلْعَامِّيِّ؛ لأَنَّ الاعْتِمَادَ عَلَى كُتُبِهِ مَعَ الآحَادِ إلَى الأَطْرَافِ، وَمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ قَبْضِ زَكَاةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَمِلَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَتَأَسَّوْا بِهِ، وَذَلِكَ مَقْطُوعٌ بِهِ1. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَهَلْ يُعْمَلُ بِهِ مُطْلَقًا، أَوْ حَيْثُ لا طَرِيقَ إلَى الْعِلْمِ غَيْرُهُ2؟ فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ لِلأَصْحَابِ3.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي "الْمُسَوَّدَةِ" قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْحُكْمُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ الرَّسُولِ4 صلى الله عليه وسلم لِمَنْ يُمْكِنُهُ سُؤَالُهُ، مِثْلُ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ 5وَاخْتِيَارِهِ. يَعْنِي: أَنَّهُ لا يَجُوزُ5. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ بَقِيَّةُ6 أَصْحَابِنَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: جَوَازُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِمَنْ يُمْكِنُهُ سُؤَالُهُ، أَوْ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إلَى التَّوَاتُرِ، مُحْتَجِّينَ بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ إجْمَاعٌ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: إنَّهُ لا يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ مَعَ إمْكَانِ

1 يقول ابن حزم –بعد ذكر الأدلة على قبول خبر الواحد-: "فصح بهذا إجماع الأمة كلها على قبول خبر الواحد الثقة عن النبي صلى الله عليه وسلم". "الإحكام 1/ 102".

وانظر: تيسير التحرير 3/ 84، كشف الأسرار 2/ 374.

2 ساقطة من ب ز ع ض.

3 انظر: مختصر الطوفي ص 49، المسودة ص 291.

4 في ع: رسول الله.

5 في ض: و"المسودة": واختيارُه أنه لا يجوز.

6 في ز ش: بعض. والأعلى من ب ع، وهو الموافق للمسودة.

ص: 376

الْعِلْمِ بِالْوَقْتِ. وَهَذَا الْقَوْلُ خِلافُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ. وَخِلافُ مَا شَهِدَتْ بِهِ النُّصُوصُ. وَذَكَرَ فِي1 مَسْأَلَةِ مَنْعِ التَّقْلِيدِ: أَنَّ الْمُتَمَكِّنَ مِنْ الْعِلْمِ لا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إلَى الظَّنِّ، وَجَعَلَهُ مَحِلَّ وِفَاقٍ وَ2احْتَجَّ بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ3. اهـ.

1 في ش ز: من.

2 ساقطة من ب ع ض.

3 المسودة ص 239.

ص: 377