المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

"‌ ‌فَصْلٌ: "الرِّوَايَةُ " الرِّوَايَةُ فِي اصْطِلاحِ الْعُلَمَاءِ "إخْبَارٌ" يُحْتَرَزُ بِهِ "عَنْ" الإِنْشَاءِ - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٢

[ابن النجار الفتوحي]

الفصل: "‌ ‌فَصْلٌ: "الرِّوَايَةُ " الرِّوَايَةُ فِي اصْطِلاحِ الْعُلَمَاءِ "إخْبَارٌ" يُحْتَرَزُ بِهِ "عَنْ" الإِنْشَاءِ

"‌

‌فَصْلٌ: "الرِّوَايَةُ

"

الرِّوَايَةُ فِي اصْطِلاحِ الْعُلَمَاءِ "إخْبَارٌ" يُحْتَرَزُ بِهِ "عَنْ" الإِنْشَاءِ عَنْ أَمْرٍ "عَامٍّ" مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ "لا يَخْتَصُّ" وَاحِدٌ مِنْهُمَا "بِ" شَخْصٍ "مُعَيَّنٍ" مِنْ الأُمَّةِ1.

"وَ" مِنْ صِفَةِ هَذَا الإِخْبَارِ: أَنَّهُ "لا تَرَافُعَ2 فِيهِ مُمْكِنٌ عِنْدَ الْحُكَّامِ".

"وَعَكْسُهُ" أَيْ وَعَكْسُ هَذَا الْمَذْكُورِ "الشَّهَادَةُ" فَإِنَّهَا إخْبَارٌ بِلَفْظٍ خَاصٍّ 3عَنْ خَاصٍّ3 عِلْمُهُ مُخْتَصٌّ بِمُعَيَّنٍ 4يُمْكِنُ التَّرَافُعُ4 فِيهِ عِنْدَ الْحُكَّامِ5.

1 انظر: الفروق للقرافي 1/ 5، فقد حكى هذا التعريف حرفيًّا عن المازري.

2 في ش: تدافع.

3 مشطوب عليها في ع.

4 في ش: ممكن التدافع.

5 انظر الفرق بين الرواية والشهادة في "الرسالة للشافعي ص 372 وما بعدها، أصول السرخسي 1/ 353 وما بعدها، الإحكام لابن حزم 1/ 118، الإحكام للآمدي 2/ 46، المستصفى 1/ 161، كشف الأسرار 2/ 402، المعتمد 2/ 574، تدريب الراوي 1/ 331، الرفع والتكميل ص 50 وما بعدها، الكفاية ص 94، جمع الجوامع 2/ 161، الفروق للقرافي / 4 وما بعدها، شرح النووي على مسلم 1/ 72".

ص: 378

"وَمِنْ شُرُوطِ رَاوٍ1: عَقْلٌ" إجْمَاعًا؛ إذْ لا وَازِعَ2 لِغَيْرِ3 عَاقِلٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَذِبِ، وَلا عِبَارَةَ4 أَيْضًا، كَالطِّفْلِ5.

"وَ" مِنْهَا "إسْلامٌ" إجْمَاعًا لِتُهْمَةِ عَدَاوَةِ الْكَافِرِ لِلرَّسُولِ6 صلى الله عليه وسلم وَلِشَرْعِهِ7.

"وَ" مِنْهَا "بُلُوغٌ" عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ 8مِنْ الأَئِمَّةِ8،

1 المقصود هنا شروط الراوي عند الأداء، وهي تختلف في جملتها عن شروط الراوي عند التحمل.

"انظر: الرسالة للشافعي ص 370 وما بعدها، تيسير التحرير 3/ 39، توضيح الأفكار 2/ 114، أصول الحديث ص 229".

2 في هامش ز ش: "لا مانع. والوازع هو الكافّ، يقال: وزعه يزعه وزعاً، إذا كفّه"، وفي نهاية العبارة في ز:"طوفي".

3 في ب: بغير.

4 في ع: عبادة. وكذا في "مختصر الطوفي" ص 58، وفي "المدخل إلى مذهب أحمد" ص 93: ولا عبادة لهما "أي للصبي والمجنون".

5 انظر: فواتح الرحموت 2/ 138، نهاية السول 2/ 294، مناهج العقول 2/ 292، كشف الأسرار 2/ 392، الإحكام للآمدي 2/ 71، المستصفى 1/ 156، أصول السرخسي 1/ 345، جمع الجوامع 2/ 146، الكفاية ص 76، توضيح الأفكار 2/ 114، تدريب الراوي 1/ 300، مقدمة ابن الصلاح ص 50، غاية الوصول ص 99، الروضة ص 57، مختصر الطوفي ص 58، إرشاد الفحول ص 50، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.

6 في ع: لرسوله.

7 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 358، أصول السرخسي 1/ 346، الإحكام للآمدي 2/ 73، المستصفى 1/ 156، فواتح الرحموت 2/ 139، تيسير التحرير 3/ 41، 47، المعتمد 2/ 618، نهاية السول 2/ 295، مناهج العقول 2/ 293، كشف الأسرار 2/ 392، مقدمة ابن الصلاح ص 50، معرفة علوم الحديث ص 53، أصول الحديث ص 230، توضيح الأفكار 2/ 115، تدريب الراوي 1/ 300، العضد على ابن الحاجب 2/ 62، جمع الجوامع 2/ 146، الكفاية ص 77، غاية الوصول ص 99، الروضة ص 56، مختصر الطوفي ص 57، المدخل إلى مذهب أحمد ص 92، إرشاد الفحول ص 57.

8 ساقطة من ش.

ص: 379

لاحْتِمَالِ كَذِبِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، كَالْفَاسِقِ بَلْ أَوْلَى؛ لأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَلا يَخَافُ

الْعِقَابَ1.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَتَخَرَّجُ فِي رِوَايَتِهِ رِوَايَتَانِ، كَشَهَادَتِهِ2.

وَرُوِيَ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه: أَنَّ شَهَادَةَ الْمُمَيِّزِ3 تُقْبَلُ.

وَعَنْهُ ابْنُ عَشْرٍ. وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ4.

"وَ" مِنْهَا "ضَبْطٌ" لِئَلَاّ يُغَيِّرَ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى فَلا يُوثَقُ بِهِ5.

1 انظر: التمهيد ص 135، غاية الوصول ص 99، شرح تنقيح الفصول ص 359، أصول السرخسي 1/ 372، الإحكام للآمدي 2/ 71، المستصفى 1/ 156، فواتح الرحموت 2/ 139، تيسير التحرير 3/ 39، المسودة ص 258، نهاية السول 2/ 294، مناهج العقول 2/ 292، كشف الأسرار 2/ 395، مقدمة ابن الصلاح ص 50، الكفاية ص 77، المعتمد 2/ 620، أصول الحديث ص 230، توضيح الأفكار 2/ 115، تدريب الراوي 1/ 300، العضد على ابن الحاجب 2/ 61، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 146، الروضة ص 57، مختصر الطوفي ص 58، إرشاد الفحول ص 50، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93، النووي على صحيح مسلم 1/ 61.

2 قال الإسنوي عن خبر الصبي: فيه خلاف بين الأصوليين، وكذلك عند المحدثين والفقهاء، والأصح عند الجميع عدم القبول. "التمهيد ص 135".

وانظر: نهاية السول 2/ 295، مناهج العقول 2/ 292، توضيح الأفكار 2/ 124، المسودة ص 258، غاية الوصول ص 99، تيسير 3/ 40، المجموع شرح المهذب للنووي 3/ 100، والمراجع السابقة في الهامش السابق.

3 في ب: الكبير.

4 انظر: المغني 10/ 144، المسودة ص 290، تدريب الراوي 2/ 6.

5 انظر: أصول السرخسي 1/ 345، فواتح الرحموت 2/ 142، تيسير التحرير 3/ 44، كشف الأسرار 2/ 392، مقدمة ابن الصلاح ص 50، أصول الحديث ص 232، توضيح الأفكار 2/ 116، تدريب الراوي 1/ 300، الإحكام للآمدي 2/ 75، المستصفى 1/ 156، الروضة ص 57، اللمع ص 42، مختصر الطوفي ص 58، إرشاد الفحول ص 54، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93، نهاية السول 2/ 308، مناهج العقول 2/ 306.

ص: 380

قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: لا يَنْبَغِي لِمَنْ لا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ أَنْ

يُحَدِّثَ بِهِ.

وَالشَّرْطُ غَلَبَةُ ضَبْطِهِ وَذِكْرِهِ عَلَى سَهْوِهِ لِحُصُولِ الظَّنِّ إذًا. ذَكَرَهُ الآمِدِيُّ

وَجَمَاعَةٌ1.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. وَفِي الْوَاضِحِ لابْنِ عَقِيلٍ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَقِيلَ لَهُ: مَتَى تَتْرُكُ2 حَدِيثَ الرَّجُلِ.؟ قَالَ: إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَطَأُ، وَلأَنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ تَرَكُوا رِوَايَةَ3 كَثِيرٍ4 مِمَّنْ ضَعُفَ ضَبْطُهُ مِمَّنْ سَمِعَ كَثِيرًا5 ضَابِطًا.

فَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ. فَذَكَرَ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرُهُ: أَنَّهَا6 لا تُقْبَلُ7؛ لأَنَّهُ لا غَالِبَ لِحَالِ الرُّوَاةِ8.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مَا قَالَ الآمِدِيُّ: مِنْ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى غَالِبِ9 حَالِ10 الرُّوَاةِ. فَإِنْ جُهِلَ حَالُهُمْ: اُعْتُبِرَ حَالُهُ. فَإِنْ قِيلَ:

1 انظر في تعريف الضبط كتاب "التعريفات للجرجاني ص 142، أصول السرخسي 1/ 348، الإحكام لابن حزم 1/ 132، تيسير التحرير 3/ 44، مناهج العقول 2/ 306، كشف الأسرار 2/ 396 وما بعدها، مقدمة ابن الصلاح ص 50، المعتمد 2/ 619، توضيح الأفكار 1/ 8، تدريب الراوي 1/ 304، مختصر ابن الحاجب 2/ 63، الكفاية ص 158، الإحكام للآمدي 2/ 75".

2 في ب ع ض: يترك.

3 ساقطة من ض.

4 في ض: كثيراً.

5 في ش ز: كبيراً.

6 في ض: أنه.

7 في ب ع ض: يقبل.

8 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 75، الروضة ص 57، إرشاد الفحول ص 54.

9 في ع: الغالب.

10 ساقطة من ش.

ص: 381

ظَاهِرُ حَالِ الْعَدْلِ أَلَاّ يَرْوِيَ إلَاّ مَا يَضْبِطُهُ. وَقَدْ أُنْكِرَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ الإِكْثَارُ1.

وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّبْطِ، بَلْ خِيفَ 2ذَلِكَ لإِكْثَارِهِ2.

فَإِنْ قِيلَ: الْخَبَرُ دَلِيلٌ. وَالأَصْلُ صِحَّتُهُ فَلا يُتْرَكُ3 بِاحْتِمَالٍ، كَاحْتِمَالِ حَدَثٍ بَعْدَ طَهَارَةٍ4.

رُدَّ إنَّمَا هُوَ دَلِيلٌ مَعَ الظَّنِّ، وَلا ظَنَّ مَعَ تَسَاوِي الْمُعَارِضِ وَاحْتِمَالُ الْحَدَثِ وَرَدَ عَلَى يَقِينِ الطُّهْرِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ5.

"وَ" مِنْهَا "عَدَالَةٌ" إجْمَاعًا لِمَا سَبَقَ مِنْ الأَدِلَّةِ "ظَاهِرًا وَبَاطِنًا" عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا6. وَذَكَرَهُ الآمِدِيُّ عَنِ الأَكْثَرِ7.

1 انظر: فواتح الرحموت 2/ 142-143، الإحكام 2/ 75.

2 في ش: من ذلك الإكثار.

وانظر: الإحكام للآمدي 2/ 76، فواتح الرحموت 2/ 143.

3 في ب ع ض: نتركه. وصححت على هامش ع كما أثبتناه أعلاه.

4 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 76.

5 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 76، الأشباه والنظائر للسيوطي ص 50 وما بعدها، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 56 وما بعدها.

6 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 360، المستصفى 1/ 157، نهاية السول 2/ 303، مناهج العقول 2/ 296، جمع الجوامع 2/ 148، الكفاية ص 34، 77، المسودة ص 257، تدريب الراوي 1/ 300، مختصر ابن الحاجب 2/ 63، توضيح الأفكار 2/ 116، صحيح مسلم بشرح النووي 1/ 61، مقدمة ابن الصلاح ص 50، معرفة علوم الحديث ص 53، المعتمد 2/ 620، كشف الأسرار 2/ 392، تيسير التحرير 3/ 44، فواتح الرحموت 2/ 143، أصول السرخسي 1/ 345، أصول الحديث ص 231، غاية الوصول ص 99، اللمع ص 42، 43، الروضة ص 57، التمهيد ص 136، مختصر الطوفي ص 57، إرشاد الفحول ص 51، المدخل إلى مذهب أحمد ص 92.

7 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 76.

ص: 382

وَعِنْدَ الْقَاضِي وَابْنِ الْبَنَّاءِ، وَغَيْرِهِمَا: تَكْفِي الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا لِلْمَشَقَّةِ. كَمَا قُلْنَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ. وَصَاحِبُ "رَوْضَةِ الْفِقْهِ" مِنْ أَصْحَابِنَا1.

"وَمَنْ رَوَى" حَالَ كَوْنِهِ "بَالِغًا مُسْلِمًا عَدْلاً وَقَدْ تَحَمَّلَ"2 حَالَ كَوْنِهِ "صَغِيرًا ضَابِطًا3، أَوْ" حَالَ كَوْنِهِ "كَافِرًا" ضَابِطًا "أَوْ" حَالَ كَوْنِهِ "فَاسِقًا" ضَابِطًا "قُبِلَ" مَا رَوَاهُ، لاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ فِيهِ حَالَ رِوَايَتِهِ4.

"وَهِيَ" أَيْ الْعَدَالَةُ فِي اللُّغَةِ: التَّوَسُّطُ فِي الأَمْرِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلا نُقْصَانٍ5.

1 وهو قول بعض الشافعية في الاكتفاء بالعدالة الظاهرة لقبول الرواية.

انظر: اللمع ص 43، فواتح الرحموت 2/ 146-147.

2 في ز: يحتمل.

3 يشترط في الراوي في حال السماع أن يكون مميزاً ضابطاً، فلو سمع المجنون حال جنونه، ثم أفاق فلا يصح ذلك، لأنه وقت الجنون غير ضابط.

انظر: اللمع ص 41، المستصفى 1/ 156، فواتح الرحموت 2/ 138 وما بعدها، الإلماع للقاضي عياض ص 62، أصول الحديث ص 227، إرشاد الفحول ص 50، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.

4 ذهب أكثر العلماء إلى جواز تحمل الصبي المميز للرواية على أن يؤديها بعد البلوغ، ويقاس عليه غيره ممن ذكر أعلاه، لكنهم في تحديث سن الصبي لصحة سماعه وتحمله.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 72، المستصفى 1/ 156، نهاية السول 2/ 295، مناهج العقول 2/ 293، كشف الأسرار 2/ 395، المسودة ص 258، 290، الكفاية ص 54، 76، مقدمة ابن الصلاح ص 60، المعتمد 2/ 620، تدريب الراوي 2/ 4، العضد على ابن الحاجب 2/ 61، جمع الجوامع 2/ 147، تيسير التحرير 3/ 39، شرح تنقيح الفصول ص 359، غاية الوصول ص 99، الروضة ص 57، مختصر الطوفي ص 58، إرشاد الفحول ص 50، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93، شرح النووي على مسلم 1/ 61".

5 انظر: المصباح المنير 2/ 604، القاموس المحيط 4/ 13.

ص: 383

وَهِيَ فِي اصْطِلاحِ أَهْلِ الشَّرْعِ "صِفَةٌ" أَيْ كَيْفِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ، وَتُسَمَّى قَبْلَ رُسُوخِهَا حَالاً "رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ" أَيْ نَفْسِ الْمُتَّصِفِ بِهَا تَحْمِلُهُ عَلَى مُلازَمَةِ التَّقْوَى وَالْمُرُوءَةِ، وَتَحْمِلُهُ أَيْضًا عَلَى "تَرْكِ الْكَبَائِرِ1"

"وَمِنْهَا" أَيْ مِنْ الْكَبَائِرِ: غِيبَةٌ وَنَمِيمَةٌ.

قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": اُخْتُلِفَ فِي الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ. هَلْ هُمَا مِنْ الصَّغَائِرِ أَوْ مِنْ الْكَبَائِرِ؟ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا مِنْ الْكَبَائِرِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "أُصُولِهِ"، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي "فُرُوعِهِ".

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: "لا خِلافَ أَنَّ الْغِيبَةَ مِنْ الْكَبَائِرِ2".اهـ.

وَقِيلَ: إنَّهُمَا مِنْ الصَّغَائِرِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ "الْفُصُولِ3""وَالْغُنْيَةِ4" وَالْمُسْتَوْعِبِ5".

1 انظر: المغني 10/ 148، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، إرشاد الفحول ص 51.

2 تفسير القرطبي 16/ 337.

3 كتاب "الفصول" لعلي بن عقيل بن محمد البغدادي الفقيه الأصولي المجتهد، المتوفى سنة 513 هـ، ومرت ترجمته في المجلد الأول.

"انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 209".

4 كتاب "الغنية" للشيخ عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكي دوست الجيلي البغدادي.

"انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 208".

5 كتاب "المستوعب" للعلامة محمد بن عبد الله بن الحسين بن محمد السامري، المتوفى سنة 610هـ، وهو كتاب مختصر، جمع فيه مؤلفه بين عدد من المختصرات في المذهب الحنبلي. قال ابن بدران:"وبالجملة فهو أحسن متن صنف في مذهب الإمام أحمد وأجمعه". ثم قال: "وقد حذا حذوه الشيخ موسى الحجاوي في كتابه "الإقناع"، وجعله مادة كتابه. "المدخل إلى مذهب أحمد ص 210، 217".

ص: 384

"وَ" تَحْمِلُهُ أَيْضًا عَلَى تَرْكِ "الرَّذَائِلِ" الْمُبَاحَةِ. كَالأَكْلِ فِي السُّوقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

فَلا يَأْتِي بِكَبِيرَةٍ لِلآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي الْقَاذِفِ1. وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي مِنْ الْكَبَائِرِ2.

وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ "بِلا بِدْعَةٍ مُغَلَّظَةٍ" وَسَيَأْتِي الْكَلامُ عَلَيْهَا3.

"وَتُقْبَلُ4 رِوَايَةُ" مَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ5، وَلَوْ أَنَّهُ "قَاذِفٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ".

قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ: إنْ قَذَفَ6 بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ قُبِلَتْ رِوَايَتُهُ؛ لأَنَّ7 نَقْصَ الْعَدَدِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ8.

1 وهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} . الآية 4 من النور.

2 انظر في تعريف العدالة: "التعريفات للجرجاني ص 152، اللمع ص 42، المعتمد 2/ 616، توضيح الأفكار 2/ 117، مختصر ابن الحاجب 2/ 63، المغني 10/ 148، شرح تنقيح الفصول ص 361، أصول السرخسي 1/ 350 وما بعدها، الكفاية ص 78، الإحكام للآمدي 2/ 77، المستصفى 1/ 157، فواتح الرحموت 2/ 143، تيسير التحرير 3/ 44، جمع الجوامع 2/ 148، نهاية السول 2/ 303، مناهج العقول 2/ 296، كشف الأسرار 2/ 399، 400، شرح نخبة الفكر ص 52، غاية الوصول ص 99، المدخل إلى مذهب أحمد ص 92، إرشاد الفحول ص 51، 52، شرح منح الجليل 4/ 218".

3 صفحة 402.

4 في ع: ويقبل.

5 أي تقبل رواية من اتصف بهذه الشروط السابقة في الراوي.

6 في ب: القذف.

7 في ب: لأنه.

8 قال الحنفية بقبول رواية المحدود في القذف مطلقاً، سواء كان محدوداً بشهادة أم.....=

ص: 385

زَادَ الْقَاضِي فِي "الْعُدَّةِ1": وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْقَذْفِ. وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْحَدِّ، وَيَسُوغُ فِيهِ الاجْتِهَادُ، وَلا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِمَا يَسُوغُ فِيهِ الاجْتِهَادُ2. وَكَذَا زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ.

قَالَ الشِّيرَازِيُّ فِي "اللُّمَعِ": "وَأَبُو بَكْرَةَ3 وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمْ؛ لأَنَّهُمْ أَخْرَجُوا أَلْفَاظَهُمْ مَخْرَجَ الإِخْبَارِ، لا مَخْرَجَ الْقَذْفِ. وَجَلَدَهُمْ عُمَرُ بِاجْتِهَادِهِ4".

1 في ز ش: العمدة. وهو تصحيف.

2 لا ترد الرواية بما يسوغ فيه الاجتهاد، كاللعب بالشطرنج وشرب النبيذ ونحوه لقول بعض المجتهدين به.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 90، فواتح الرحموت 2/ 148، تيسير التحرير 3/ 43، 46، 55، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 151، 165، المسودة ص 258، 265، 266".

3 هو الصحابي نفيع بن الحارث بن كلدة، ويقال: نفيع بن مسروح، الثقفي، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من عبيد الحارث بن كلدة بن عمرو الثقفي فاستلحقه، وهو مشهور بكنيته. وكان من فضلاء الصحابة، سكن البصرة، وأنجب أولاداً لهم شهرة في العلم والمال والولايات. وكان تدلى إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف ببكرة، فاشتهر بأبي بكرة، وكان ممن اعتزل الفتنة يوم الجمل. وكان ممن شهد على المغيرة بن شعبة بالزنا، فلم تتم الشهادة، فجلده عمر، ثم سأله الانصراف والرجوع عن ذلك فلم يفعل وأبى، فلم يقبل له شهادة، ولم يزل على كثرة العبادة حتى توفي سنة 51 هـ بالبصرة.

انظر ترجمته في "الإصابة 3/ 572، الاستيعاب 3/ 567، تهذيب الأسماء 2/ 198، الخلاصة ص 404".

4 اللمع ص 43.

وانظر شرح تنقيح الفصول ص 360، كشف الأسرار 2/ 404، المسودة ص 258.

ص: 386

"وَيُحَدُّ" الْقَاذِفُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ مَعَ قَبُولِ رِوَايَتِهِ1.

قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِير"ِ: وَاتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ2. وَالْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ يُحَدُّ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لا يُحَدُّ.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: فَيُتَوَجَّهُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَقَاءُ عَدَالَتِهِ. وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ مَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ الآمِدِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْجَرْحِ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْقَذْفِ3.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: صَرَّحَ الْقَاضِي فِي قِيَاسِ الشَّبَهِ مِنْ الْعَدَالَةِ بِعَدَالَةِ مَنْ أَتَى بِكَبِيرَةٍ45أَيْ وَاحِدَةً1، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ6} 7.

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ أَكَلَ الرِّبَا: إنْ أَكْثَرَ لَمْ يُصَلَّ خَلَفَهُ.

قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: فَاعْتَبَرَ الْكَثْرَةَ.

وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي "الْمُغْنِي": "إنْ أَخَذَ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ، رُدَّتْ رِوَايَتُهُ8".

1 انظر: الروضة ص 60، مختصر الطوفي ص 61.

2 قال الخزرجي عن أبي بكرة رضي الله عنه: "له مائة واثنان وثلاثون حديثاً اتفقا "أي البخاري ومسلم" على ثمانية، وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بآخر. روى عنه أولاده عبد الرحمن وعبد العزيز وعبيد الله ومسلم وجماعة. "الخلاصة ص 404".

3 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 89.

4 في ب ع ض: كبيرة.

5 ساقطة من ش ب ز، وفي ع: بواحدة.

6 في ب ز ض: الآية.

7 الآية 102 من المؤمنون. وفي ع: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} الآية القارعة/.

8 المغني 10/ 164 "مع التصرف".

ص: 387

"وَالصَّغَائِرُ" وَهِيَ كُلُّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ لا حَدَّ فِيهِ فِي الدُّنْيَا وَلا وَعِيدَ فِي الآخِرَةِ وَهُنَّ مَعَ كَثْرَةِ صُوَرِهِنَّ "سَوَاءٌ1 حُكْمًا" أَيْ فِي الْحُكْمِ.

قَالَ فِي "التَّحْرِير"ِ: وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ فِي الصَّغَائِرِ، بَلْ أَطْلَقُوا. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لا فَرْقَ.

"إنْ لَمْ تَتَكَرَّرْ تَكَرُّرًا يُخِلُّ بِالثِّقَةِ2 بِصِدْقِهِ3" أَيْ صِدْقِ الرَّاوِي لَمْ تَقْدَحْ4 فِي صِحَّةِ رِوَايَتِهِ "لِتَكْفِيرِهَا" أَيْ تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ "بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَمَصَائِبِ الدُّنْيَا" عَلَى الأَصَحِّ فِي كَوْنِ الذُّنُوبِ تَنْقَسِمُ إلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ5.

وَقَالَ الأُسْتَاذُ6 وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَاّنِيِّ وَابْنُ فُورَكٍ وَالْقُشَيْرِيُّ7 وَالسُّبْكِيُّ8. وَحُكِيَ عَنْ الأَشْعَرِيَّةِ: إنَّ جَمِيعَ الذُّنُوبِ كَبَائِرُ9.

1 ساقطة من ش.

2 في ع ز: الثقة.

3 انظر: فواتح الرحموت 2/ 143، مناهج العقول 2/ 297، المحلي على جمع الجوامع 2/ 160، إرشاد الفحول ص 53.

4 في ش ع ز: يقدح.

5 انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/ 3، إرشاد الفحول ص 52، الفروق للقرافي 1/ 121.

6 هو الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، كما هو معروف في مصطلح الفقه الشافعي، وهو ما نص عليه ابن حجر الهيتمي في الزواجر 1/ 3.

7 في الزواجر 1/ 3: ابن القشيري في "المرشد".

8 هو تقي الدين السبكي، والد تاج الدين صاحب جمع الجوامع. انظر:"جمع الجوامع" 2/ 152، إرشاد الفحول ص 52.

9 انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/ 3، جمع الجوامع 2/ 152، إرشاد الفحول ص 52.

ص: 388

قَالَ الْقَرَافِيُّ: كَأَنَّهُمْ1 كَرِهُوا تَسْمِيَةَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى صَغِيرَةً إجْلالاً لَهُ، مَعَ مُوَافَقَتِهِمْ فِي الْجَرْحِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقِ الْمَعْصِيَةِ، بَلْ مِنْهُ مَا يَقْدَحُ، وَمِنْهُ مَا لا يَقْدَحُ. وَإِنَّمَا الْخِلافُ فِي التَّسْمِيَةِ2.اهـ.

اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} – الآيَةَ3، وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم، فِي تَكْفِيرِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ مَا بَيْنَهُمَا إذَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ4؛ إذْ لَوْ كَانَ الْكُلُّ كَبَائِرَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُكَفَّرُ بِمَا ذُكِرَ. وَفِي5 الْحَدِيثِ:"الْكَبَائِرُ سَبْعٌ" 6، وَفِي رِوَايَةٍ "تِسْعٌ".

1 في ش: كأنما. وفي الفروق: وكأنهم.

2 الفروق للقرافي 1/ 121. وانظر: شرح تنقيح الفصول ص 361.

3 الآية 31 من النساء.

4 روى مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه، واللفظ لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". وهو عنوان عند البخاري: "باب الصلوات الخمس كفارة"، وساق حديث أبي هريرة مرفوعاً: "أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم

".

"انظر: صحيح مسلم 1/ 209، مسند أحمد 2/ 229، تحفة الأحوذي 1/ 627، سنن ابن ماجه 1/ 196، صحيح البخاري 1/ 102، فيض القدير 4/ 243، مرعاة المفاتيح 2/ 1".

5 في ش ب: وفي هذا.

6 روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".

"انظر: صحيح مسلم 1/ 92، صحيح البخاري 2/ 131، فيض القدير 1/ 153".

وروى النسائي عن عمير: "أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ قال: "هنّ سبع، أعظمهن الإشراك وقتل النفس والفرار"

الحديث. سنن النسائي 7/ 72".

وروى الطبراني في "الأوسط" عن أبي سعيد مرفوعاً: "الكبائر سبع: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والرجوع إلى الأعرابية بعد الهجرة". قال السيوطي: صحيح، لكن تعقبه المناوي وضعفه. "انظر: فيض القدير 5/ 61". ورواه الخطيب في "الكفاية ص 103".

ص: 389

وَعَدَّهَا"1. فَلَوْ كَانَتْ الذُّنُوبُ كُلُّهَا كَبَائِرَ لَمَا سَاغَ ذَلِكَ2.

وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ الْكُورَانِيُّ فِي "شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ": إنْ أَرَادُوا إسْقَاطَ الْعَدَالَةِ فَقَدْ خَالَفُوا الإِجْمَاعَ. وَإِنْ أَرَادُوا قُبْحَ الْمَعْصِيَةِ نَظَرًا إلَى كِبْرِيَائِهِ تَعَالَى، وَأَنَّ3 مُخَالَفَتَهُ لا تُعَدُّ4 أَمْرًا صَغِيرًا، فَنِعْمَ الْقَوْلُ5.اهـ.

وَعَلَى الأَصَحِّ فِي كَوْنِ الصَّغَائِرِ سَوَاءً حُكْمًا. وَقَالَ الآمِدِيُّ، وَمَنْ وَافَقَهُ: إنَّ مِثْلَ سَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِحَبَّةٍ، وَاشْتِرَاطِ أَخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى إسْمَاعِ6 الْحَدِيثِ يُعْتَبَرُ تَرْكُهُ7 كَالْكَبَائِرِ8. وَقَدْ قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ

1 روى أبو داود والنسائي والحاكم عن عمير مرفوعاً: "الكبائر تسع، أعظمهن الإشراك بالله، وقتل النفس بغير حق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، والفرار يوم الزحف، وعقوق الوالدين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتاً".

"انظر: المستدرك 1/ 59، الفتح الكبير 2/ 337".

2 انظر: فواتح الرحموت 2/ 144، إرشاد الفحول ص 52، تفسير الطبري 5/ 36 وما بعدها، الفروق للقرافي 1/ 121.

3 في ش ز: فإن.

4 في ب: يُعد.

5 انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/ 3، الفروق للقرافي 1/ 121.

6 في ب: سماع.

7 ساقطة من ش. أي يعتبر ترك هذه الصغائر في صفات العدل وشروطه لقبول الرواية.

8 قال الآمدي: "وذلك "أي تعريف العدالة" إنما يتحقق باجتناب الكبائر وبعض الصغائر وبعض المباحات. أما الكبائر

وأما بعض الصغائر فما يدل فعله على نقص الدين، وعدم الترفع عن الكذب، وذلك كسرقة لقمة، والتطفيف بحبة، واشتراط أخذ الأجرة على إسماع الحديث، ونحو ذلك. وأما بعض المباح فما يدل على نقص المروءة ودناءة الهمة كالأكل في السوق، والبول في الشوارع، وصحبة الأراذل، والإفراط في المزح، ونحو ذلك مما يدل على سرعة الإقدام على الكذب، وعدم الاكتراث به. "الإحكام للآمدي 2/ 77".

"وانظر: المستصفى 1/ 157، فواتح الرحموت 2/ 144، تيسير التحرير 3/ 45، مناهج العقول 2/ 297، مقدمة ابن الصلاح ص 56".

ص: 390

اللَّهُ عَنْهُ فِي اشْتِرَاطِ أَخْذِ الأُجْرَةِ: لا يُكْتَبُ عَنْهُ الْحَدِيثُ وَلا كَرَامَةَ1. وَقَالَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبُو حَاتِمٍ2.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيُعْتَبَرُ تَرْكُ3 مَا فِيهِ دَنَاءَةٌ وَتَرْكُ مُرُوءَةٍ كَأَكْلِهِ فِي السُّوقِ بَيْنَ النَّاسِ الْكَثِيرِ. وَمَدِّ رِجْلَيْهِ وَ4كَشْفِ رَأْسِهِ بَيْنَهُمْ وَالْبَوْلِ فِي الشَّوَارِعِ وَاللَّعِبِ بِالْحَمَامِ وَصُحْبَةِ5 الأَرَاذِلِ6 وَالإِفْرَاطِ فِي الْمَزْحِ7، لِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ "إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت" رَوَاهُ

1 رواه الخطيب في "الكفاية" عن الإمام أحمد. "انظر الكفاية ص 153".

وانظر حكم أخذ الأجرة على الرواية في "توضيح الأفكار 2/ 251، تدريب الراوي 1/ 337، العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 63، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 148-149، الكفاية ص 153، المسودة ص 266، فواتح الرحموت 2/ 144، طبقات الحنابلة 1/ 170".

2 هو محمد بن إدريس بن المنذر بن مِهْران، الغطفاني الحنظلي، أبو حاتم الرازي، أحد الأعلام، حافظ المشرق، كان بارع الحفظ، واسع الرحلة، من أوعية العلم. قال الخطيب: كان أحد الأئمة الحفاظ الأثبات، مشهوراً بالعلم، مذكوراً بالفضل. جمع أحاديث الزهري وصنفها ورتبها، وكان المرجع في معرفة رجال الحديث. توفي سنة 277 هـ، وقيل 275هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 207، شذرات الذهب 2/ 171، طبقات القراء 2/ 970، طبقات الحفاظ ص 255، تذكرة الحفاظ 2/ 567، تاريخ بغداد 3/ 73، المنهج الأحمد 1/ 183، طبقات الحنابلة 1/ 284".

3 في ض: تركه.

4 في ب ز ض: أو.

5 في ع: وصحبته.

6 في ز ش ب: الأرذال.

7 قال ابن الحاجب: وتتحقق "العدالة" باجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر، وبعض الصغائر، وبعض المباح. "مختصر ابن الحاجب 2/ 63". وهو معنى ما نقلناه عن الآمدي في "الإحكام 2/ 77".

ص: 391

الْبُخَارِيُّ1، يَعْنِي: إذَا2 صَنَعَ مَا شَاءَ فَلا يُوثَقُ بِهِ3.اهـ.

وَعَلَى الأَصَحِّ فِي كَوْنِ الصَّغَائِرِ إنْ لَمْ تَتَكَرَّرْ مِنْهُ4 تَكَرُّرًا يُخِلُّ الثِّقَةَ بِصِدْقِ الرَّاوِي لَمْ يُقْدَحْ فِي رِوَايَتِهِ.

قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ فِي "أُصُولِهِ": حَدُّ الإِصْرَارِ5 الْمَانِعِ فِي الصَّغَائِرِ: أَنْ تَتَكَرَّرَ مِنْهُ تَكَرُّرًا يُخِلُّ الثِّقَةَ بِصِدْقِهِ6.اهـ.

وَقِيلَ: يَقْدَحُ تَكْرَارُهَا فِي الْجُمْلَةِ.

وَقِيلَ: ثَلاثًا. قَالَهُ7 ابْنُ حَمْدَانَ فِي "الْمُقْنِعِ" وَ"آدَابِ الْمُفْتِي8".

1 رواه البخاري وأحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن مسعود. ورواه بعضهم عن حذيفة. ورواه أحمد عن أبي مسعود الأنصاري وعن حذيفة. ورواه ابن ماجه عن عقبة بن عمرو، ولفظه:"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة؛ إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت". ورواه مالك مرسلاً.

"انظر: صحيح البخاري 4/ 68، مسند أحمد 4/ 121، 5/ 383، سنن ابن ماجه 2/ 1400، سنن أبي داود 2/ 552، الموطأ 1/ 158، كشف الخفا 1/ 98، فيض القدير 2/ 540".

2 في ب: أي إن من. وفي ع: أي من. وفي ض: أي.

3 انظر: المستصفى 1/ 157، الإحكام للآمدي 2/ 77، تيسير التحرير 3/ 45، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 149، المغني 10/ 149.

4 ساقطة من ش ب ز.

5 في ش: الاحتراز.

6 قال الشوكاني: "وقد قيل: إن الإصرار على الصغيرة حكمه حكم مرتكب الكبيرة، وليس على هذا دليل يصلح للتمسك به، وإنما هي مقالة لبعض الصوفية، فإنه قال: لا صغيرة مع إصرار. وقد روى بعض من لا يعرف علم الرواية هذا اللفظ، وجعله حديثاً، ولا يصح ذلك، بل الحق أن الإصرار حكمه حكم ما أصر عليه، فالإصرار على الصغيرة صغيرة، والإصرار على الكبيرة كبيرة". "إرشاد الفحول ص 53".

وانظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 63.

7 في ب: قال.

8 قال ابن حمدان: وبالجملة كل ما يأثم بفعله مرة يفسق بفعله ثلاثاً. "صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ص 13".

وانظر: شرح تنقيح الفصول ص 361.

ص: 392

وَقَالَ فِي "التَّرْغِيبِ" وَغَيْرِهِ: تَقْدَحُ كَثْرَةُ الصَّغَائِرِ وَإِدْمَانُ وَاحِدَةٍ.

وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي "الْمُقْنِعِ": "لا يُدْمِنُ عَلَى صَغِيرَةٍ1".

وَهُوَ مُرَادُ الأَوَّلِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأَصْحَابِ فَالإِدْمَانُ هُنَا كَمَا قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ فِي "أُصُولِهِ" كَمَا تَقَدَّمَ.

وَعَلَى الأَصَحِّ فِي كَوْنِ الصَّغَائِرِ تُكَفَّرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَبِمَصَائِب الدُّنْيَا لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} 2. وَلِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مِنْ تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ بِمَصَائِبِ الدُّنْيَا. وَاخْتَارَ ذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضِيِّ. وَحَكَاهُ عَنْ الْجُمْهُورِ3.

"وَيُرَدُّ كَاذِبٌ وَلَوْ تَدَيَّنَ" أَيْ تَحَرَّزَ عَنْ الْكَذِبِ "فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ" أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ الإِمَامَانِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا؛ لأَنَّهُ لا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْذِبَ فِيهِ.

وَعَنْهُ: وَلَوْ بِكَذْبَةٍ وَاحِدَةٍ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي "الْوَاضِحِ" وَغَيْرُهُ4.

1 وعبارة ابن قدامة: ويعتبر لها "للعدالة" شيئان: الصلاح في الدين، وهو أداء الفرائض واجتناب المحارم، وهو أن لا يرتكب كبيرة، ولا يدمن على "صغيرة. المقنع 3/ 690".

2 الآية 31 من النساء. وتتمة الآية: {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيْماً} .

3 انظر: منهاج السنة النبوية 3/ 31 وما بعدها، 35 وما بعدها، تفسير الطبري 5/ 44، تفسير غريب القرآن ص 125، الكبائر للذهبي ص 7.

4 قال المجد ابن تيمية: "وقد روي عن أحمد أن الكذبة الواحدة لا تردّ بها الشهادة، فالرواية أولى""المسودة ص 262". وهذه الرواية هي الراجحة عند الإمام أحمد، كما يفهم من عبارة المصنف بلفظ:"وعنه". وهو ما صرح به المصنف أيضاً بعد عدة أسطر، ونص عليها غيره.

"انظر: المسودة ص 262، 266، المحلي على جمع الجوامع 2/ 149، الكفاية ص 101، توضيح الأفكار 2/ 237 وما بعدها، إرشاد الفحول ص 51، كشف الأسرار 2/ 404".

ص: 393

وَاحْتَجَّ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم "رَدَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ فِي كَذْبَةٍ1". وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ. رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ2 وَالْخَلَاّلُ وَجَعَلَهُ فِي التَّمْهِيدِ إنْ صَحَّ لِلزَّجْرِ. وَفِيهِ وَعِيدٌ فِي مَنَامِهِ34صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ6 فِي الصَّحِيحِ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: الزَّجْرُ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَأَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ5.

1 انظر: المغني 10/ 149.

2 هو إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي. قال ابن أبي يعلى: "كان إماماً في العلم، رأساً في الزهد، عارفاً بالفقه، بصيراًَ بالأحكام، حافظاً للحديث". وهو أحد الناقلين لمذهب أحمد. صنف كتباً كثيرة، منها:"غريب الحديث"، و"دلائل النبوة"، و"كتاب الحمام"، و"سجود القرآن"، و"ذم الغيبة"، و"النهي عن الكذب"، و"المناسك". توفي سنة 285 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 1/ 86، المنهج الأحمد 1/ 196، شذرات الذهب 2/ 190، طبقات الحفاظ ص 259، تذكرة الحفاظ 2/ 584، المدخل إلى مذهب أحمد ص 206".

3 كذا في جميع النسخ. ولعل الصواب: عقابه أو عتابه.

4 في ض ب ع: عليه أفضل الصلاة والسلام.

5 روى البخاري ومسلم والترمذي وأحمد والبيهقي عن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ - ثلاثاً- قلنا: نعم يا رسول الله، قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" - وكان متكئاً فجلس - فقال:"ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور"، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت".

"انظر: صحيح البخاري 2/ 102، صحيح مسلم 1/ 91، تحفة الأحوذي 6/ 584، مسند أحمد 5/ 36، السنن الكبرى 10/ 121".

وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد والبيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله"- ثلاث مرات، ثم قرأ:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ. حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} . الحج/ 30-31.

"انظر: سنن أبي داود 2/ 274، تحفة الأحوذي 6/ 585، سنن ابن ماجه 2/ 794، السنن الكبرى 10/ 121، التلخيص الحبير 2/ 404، مسند أحمد 4/ 178".

وروى البخاري والترمذي والنسائي عن أنس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر؟ فقال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور".

"انظر: صحيح البخاري 2/ 12، تحفة الأحوذي 8/ 372، 6/ 584، سنن النسائي 7/ 81، مسند أحمد 3/ 131، 5/ 37".

ص: 394

وَذَكَرَ فِي "الْفُصُولِ" فِي الشَّهَادَةِ: أَنَّ بَعْضَهُمْ اخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. وَقَاسَ عَلَيْهَا بَقِيَّةَ الصَّغَائِرِ.

وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْكَذْبَةَ الْوَاحِدَةَ لا تَقْدَحُ لِلْمَشَقَّةِ وَعَدَمِ دَلِيلِهِ1.

وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ "الْفُصُولِ": أَنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ. وَقِيَاسُ بَقِيَّةِ الصَّغَائِرِ عَلَيْهَا بَعِيدٌ، لأَنَّ الْكَذِبَ مَعْصِيَةٌ فِيمَا تَحْصُلُ بِهِ الشَّهَادَةُ، وَهُوَ الْخَبَرُ الْعَامُّ2.اهـ.

"وَتَقْدَحُ كَذْبَةٌ" وَاحِدَةٌ "فِيهِ" أَيْ فِي الْحَدِيثِ "وَلَوْ تَابَ مِنْهَا". نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه. وَقَالَ: لا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ3 مُطْلَقًا4. وَقَالَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ5، قَالَ: لأَنَّهُ زِنْدِيقٌ. فَتُخَرَّجُ تَوْبَتُهُ عَلَى تَوْبَتِهِ وَفَارَقَ الشَّهَادَةَ؛ لأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ فِيهَا لِرِشْوَةٍ إلَى أَرْبَابِ الدُّنْيَا.

1 "انظر: المسودة ص 262، شرح تنقيح الفصول ص 361 وما بعدها.

2 ساقطة من ز ش ب ع ض.

3 ساقطة من ش ب ز ع.

4 نقل الخطيب البغدادي بإسناده، والمجد بن تيمية عن الإمام أحمد أنه سئل عن محدث كذب في حديث واحد ثم تاب ورجع، فقال:"توبته فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يكتب حديثه أبداً".

"انظر: الكفاية ص 117، المسودة ص 261، 262".

"وانظر: توضيح الأفكار 2/ 237، تدريب الراوي 1/ 239 وما بعدها".

5 يقول عبد العزيز البخاري: "ثم التائب من أسباب الفسق والكذب تقبل روايته، إلا التائب من الكذب متعمداً في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا تقبل روايته أبداً، وإن حسنت توبته على ما ذكر عن غير واحد من أهل العلم، منهم أحمد بن حنبل وأبو بكر الحميدي شيخ..........=

ص: 395

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا فَرْقٌ بَعِيدٌ؛ لأَنَّ الرَّغْبَةَ إلَيْهِمْ بِأَخْبَارِ الرَّجَاءِ1، أَوْ2 الْوَعِيدِ غَايَةُ3 الْفِسْقِ.

وَظَاهِرُ كَلامِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّ تَوْبَتَهُ تُقْبَلُ. وَقَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، لَكِنْ فِي غَيْرِ مَا كَذَبَ فِيهِ. كَتَوْبَتِهِ فِيمَا أَقَرَّ بِتَزْوِيرِهِ4.

وَقَبِلَهَا الدَّامَغَانِيُّ الْحَنَفِيُّ5 فِيهِ أَيْضًا. قَالَ: لأَنَّ رَدَّهَا لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَرَدُّ الشَّهَادَةِ حُكْمٌ.

= البخاري. ثم نقل مثل ذلك عن أبي بكر الصيرفي في شرحه لـ"رسالة الشافعي" وعن أبي المظفر السمعاني، وأبي عمرو بن الصلاح. "انظر: كشف الأسرار 2/ 404".

وانظر: مقدمة ابن الصلاح ص 55، توضيح الأفكار 2/ 237 وما بعدها، 241، الكفاية ص 117، المسودة ص 262.

لكن النووي رحمه الله قال: "قلت: هذا كله مخالف لقاعدة مذهبنا ومذهب غيرنا، ولا يتقوى الفرق بينه وبين الشهادة""تدريب الراوي شرح تقريب النواوي 1/ 330".

وانظر: توضيح الأفكار 2/ 240، 242.

1 في ض: الرجال.

2 في ز ش: و.

3 في د ع: غايته.

4 وهذا ما رجحه النووي وقطع به، وقال:"المختار القطع بصحة توبته وقبول روايته". شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 70.

وانظر: تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 1/ 330.

5 هو محمد بن علي بن الحسين بن عبد الملك، أبو عبد الله الدامغاني، قاضي القضاة ببغداد، سمع الحديث، وبرع بالفقه، وانتهت إليه رئاسة الفقهاء. وكان ذا عقل واسع، وتواضع جم، وكان كثير العبادة، وبقي في القضاء ثلاثين سنة. توفي سنة 478 هـ، ولم يتفق له الحج، وله "شرح مختصر الحاكم".

انظر ترجمته في "الجواهر المضية 2/ 96، الفوائد البهية ص 182، شذرات الذهب 4/ 362، تاريخ بغداد 3/ 109، البداية والنهاية 12/ 129".

ص: 396

قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: سَأَلْت أَبَا بَكْرٍ الشَّاشِيَّ1 عَنْهُ. فَقَالَ: لا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِيمَا رُدَّ، وَيُقْبَلُ2 فِي غَيْرِهِ اعْتِبَارًا بِالشَّهَادَةِ. قَالَ: وَسَأَلْت قَاضِي الْقُضَاةِ الدَّامَغَانِيَّ. فَقَالَ: يُقْبَلُ حَدِيثُهُ الْمَرْدُودُ وَغَيْرُهُ، بِخِلافِ شَهَادَتِهِ إذَا رُدَّتْ ثُمَّ تَابَ لَمْ تُقْبَلْ تِلْكَ خَاصَّةً. قَالَ: لأَنَّ هُنَاكَ حُكْمًا مِنْ الْحَاكِمِ بِرَدِّهَا. فَلا يُنْقَضُ، وَرَدُّ الْخَبَرِ مِمَّنْ رُوِيَ لَهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ3.اهـ.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهَذَا يَتَوَجَّهُ لَوْ رَدَدْنَا الْحَدِيثَ لِفِسْقِهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَذْهَبُ. فَأَمَّا إذَا عَلِمْنَا كَذِبَهُ فِيهِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ الشَّهَادَةِ؟ فَنَظِيرُهُ أَنْ يَتُوبَ مِنْ شَهَادَةِ زُورٍ 4وَيُقِرَّ فِيهَا5 بِالتَّزْوِيرِ5.

"وَالْكَبِيرَةُ" عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا "مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ" فِيهِ "وَعِيدٌ" خَاصٌّ "فِي الآخِرَةِ. وَزِيدَ" أَيْ وَزَادَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَتْبَاعُهُ أَوْ مَا فِيهِ "لَعْنَةٌ أَوْ غَضَبٌ 6أَوْ نَفْيُ إيمَانٍ 7"

1 كذا في جميع النسخ. وقد يرد على الذهن أن المقصود هو محمد بن علي بن إسماعيل القفال، أبو بكر الشاشي، الذي مرت ترجمته ص 154، وهو غير صحيح، لأن أبا بكر الشاشي توفي قبل ولادة أبي يعلى بنصف قرن تقريباً.

وفي المسودة: أبا بكر الشامي.

2 في ز ش ب: وتقبل.

3 انظر: المسودة ص 262.

4 في ش: ويقرنها.

5 المسودة ص 262.

6 ساقطة من ش. وفي د: أو نفي إيمان أو غضب.

7 وهذا ما قاله الواحدي في تفسيره. "انظر: الوجيز للواحدي 1/ 148، فواتح الرحموت 2/ 144، العضد على ابن الحاجب 2/ 63".

ص: 397

1اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْكَبِيرَةِ، هَلْ لَهَا ضَابِطٌ تُعْرَفُ بِهِ أَوْ لا؟

فَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهَا لا يُعْرَفُ ضَابِطُهَا2.

قَالَ2 الْقَاضِي فِي الْمُعْتَمَدِ: مَعْنَى الْكَبِيرَةِ أَنَّ عِقَابَهَا أَعْظَمُ وَالصَّغِيرَةُ أَقَلُّ، وَلا يُعْلَمَانِ إلَاّ بِتَوْقِيفٍ.

قَالَ الْوَاحِدِيُّ3: الصَّحِيحُ أَنَّ الْكَبَائِرَ لَيْسَ لَهَا حَدٌّ تُعْرَفُ بِهِ، وَإِلَاّ لاقْتَحَمَ النَّاسُ الصَّغَائِرَ وَاسْتَبَاحُوهَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْفَى ذَلِكَ عَنْ الْعِبَادِ لِيَجْتَهِدُوا فِي اجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، رَجَاءَ أَنْ تُجْتَنَبَ4 الْكَبَائِرُ. نَظِيرُهُ إخْفَاءُ الصَّلاةِ الْوُسْطَى وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَسَاعَةِ الإِجَابَةِ 5فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ6 وَقِيَامِ السَّاعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ6.

1 ساقطة من ش. وانظر: إرشاد الفحول ص 52، الوجيز في تفسير القرآن العزيز للواحدي 1/ 148.

2 في د ض: وقال.

3 هو علي بن أحمد بن محمد، أبو الحسين الواحدي، النيسابوري، المفسر، كان أستاذ عصره في علم النحو والتفسير، ودأب في العلوم، وأخذ اللغة، وتصدر للتدريس والإفادة مدة طويلة، وكان شاعراً، وله مصنفات كثيرة، منها: التفاسير الثلاثة: "البسيط"، و"الوسيط"، و"الوجيز"، وله "أسباب النزول"، و"الإغراب في الإعراب"، و"التحبير" في شرح الأسماء الحسنى"، و"شرح ديوان المتنبي"، و"نفي التحريف عن القرآن الشريف". توفي سنة 468 هـ بنيسابور.

انظر ترجمته في "طبقات القراء 1/ 523، طبقات المفسرين 1/ 387، وفيات الأعيان 2/ 464، إنباه الرواة 2/ 464، بغية الوعاة 2/ 145، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 240، شذرات الذهب 3/ 330، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 168، البداية والنهاية 12/ 114".

4 في ش ب ز: يجتنبوا.

5 ساقطة من ش. وفي ب ع ض: في الجمعة.

6 قال ابن حجر الهيثمي: "قاله الواحدي في بسيطه""الزواجر 1/ 5". وانظر: الوجيز للواحدي 1/ 148.

ص: 398

وَذَهَبَ الأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّ لَهَا1 ضَابِطًا مَعْرُوفًا2، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الضَّابِطِ عَلَى أَقْوَالٍ.

الأَوَّلُ - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ - أَنَّ الْكَبِيرَةَ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ وَعِيدٌ فِي الآخِرَةِ، لِوَعْدِ3 اللَّهِ مُجْتَنِبَهَا4 بِتَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ5.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَلأَنَّهُ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ مَا فِيهِ لَعْنَةٌ أَوْ غَضَبٌ أَوْ نَفْيُ إيمَانٍ؛ لأَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ نَفْيُ الإِيمَانِ لأَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ، بَلْ لِكَمَالٍ وَاجِبٍ6.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ كَلامَ أَحْمَدَ إلَاّ عَلَى مَعْنًى يُبَيِّنُ مِنْ كَلامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُهُ، لا عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ مِنْ كَلامِ كُلِّ أَحَدٍ.

الْقَوْلُ7 الثَّانِي - وَهُوَ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ -:أَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى صَغِيرَةٌ، وَمَا تَعَلَّقَ بِحَقِّ الآدَمِيِّ كَبِيرَةٌ.

1 في ش: لهما.

2 وضع العز بن عبد السلام ضابطاً لتمييز الصغائر من الكبائر فقال: "إذا أردت معرفة الفرق بين الصغائر والكبائر، فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها، فإن نقصت عن أقل مفاسد الكبائر فهي من الصغائر، وإن ساوت أدنى مفاسد الكبائر أو أربت عليها فهي من الكبائر

". ثم ذكر أمثلة. "انظر: قواعد الأحكام 1/ 23".

وانظر: تفسير الطبري 5/ 37 وما بعدها، الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/ 5، الفروق للقرافي 1/ 121، إرشاد الفحول ص 52.

3 في ش: كوعد.

4 في ش: لمن يجتنبها. وفي د ع: مجتنبيها.

5 انظر: فواتح الرحموت 2/ 144، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، تفسير الطبري 5/ 40، الفروق للقرافي 1/ 121.

6 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 361، فواتح الرحموت 2/ 144.

7 في ع ض: والقول.

ص: 399

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ - وَنُسِبَ إلَى الأَكْثَرِ -: أَنَّ الْكَبِيرَةَ مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ1.

الرَّابِعُ: مَا أَوْجَبَ حَدًّا فَهُوَ كَبِيرَةٌ وَغَيْرُهُ صَغِيرَةٌ، وَهُوَ لِجَمَاعَةٍ2.

الْخَامِسُ - وَهُوَ لِلْهَرَوِيِّ3 -: أَنَّ الْكَبِيرَةَ 4كُلُّ مَعْصِيَةٍ9 يَجِبُ فِي جِنْسِهَا حَدٌّ مِنْ قَتْلٍ وَ5غَيْرِهِ. وَتَرْكُ كُلِّ فَرِيضَةٍ6 مَأْمُورٍ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَالْكَذِبُ فِي الشَّهَادَةِ وَ7الرِّوَايَةِ وَفِي الْيَمِينِ.

1 انظر: الزواجر 1/ 4، جمع الجوامع 2/ 152، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، غاية الوصول ص 100، إرشاد الفحول ص 52.

2 وهو تعريف البغوي وغيره.

"انظر: الزواجر 1/ 4، جمع الجوامع 2/ 152، شرح تنقيح الفصول ص 361، غاية الوصول ص 100".

3 إن الفقهاء والمحدثين الذين ينتسبون إلى هراة كثيرون، منهم القاضي أبو عاصم محمد بن أحمد العبادي، الهروي، صاحب "أدب القضاء" المتوفى سنة 458 هـ، ومنهم أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب "كتاب الغريبين"، وإذا أطلق "الهروي" في أبواب القضاء فالمقصود القاضي أبو سعيد محمد بن أحمد بن أبي يوسف الهروي تلميذ القاضي أبي عاصم، وهو قاضي همذان، شرح "أدب القضاء" للعبادي الهروي، وسماه "الإشراف على غوامض الحكومات"، وكان من الأئمة الفقهاء. توفي في حدود سنة 500هـ، وقيل: قتل شهيداً مع ابنه في جامع همذان سنة 498هـ. وهو المقصود هنا، لأن ابن حجر الهيتمي نص عليه فقال:"وهو تعريف الهروي في إشرافه". "الزواجر 1/ 2".

انظر ترجمة أبي سعيد الهروي في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 365، تهذيب الأسماء 2/ 236، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 187، طبقات الشافعية للإسنوي 2/ 519.

وفي هامش ب: الحافظ الحنبلي.

4 ساقطة من ز ش.

5 في ب ع ض: أو.

6 في ض: كبيرة.

7 في ض: وفي.

ص: 400

الْقَوْلُ السَّادِسُ - وَهُوَ لإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ-: أَنَّ الْكَبِيرَةَ كُلُّ جَرِيمَةٍ1 تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ2. وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ3.

وَمَجْمُوعَةُ مَا جَاءَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الأَحَادِيثِ مِنْ الْكَبَائِرِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ4: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالزِّنَا، وَأَفْحَشُهُ بِحَلِيلَةِ الْجَارِ5، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَالسِّحْرُ، 6وَأَكْلُ الرِّبَا10، وَأَكْلُ

1 وفي رواية: جريرة، وهي بمعناها "انظر: الزواجر 1/ 4".

2 قال ابن حجر الهيتمي: "على أنك إذا تأملت كلام الإمام "الجويني" الأول ظهر لك أنه لم يجعل ذلك حدًّا للكبيرة، خلافاً لمن فهم منه ذلك، لأنه يشمل صغائر الخسّة، وليست كبائر، وإنما ضبطه به ما يبطل العدالة، لأن إمام الحرمين قال في آخر التعريف: "ورقة الديانة مبطلة للعدالة" "الزواجر 1/ 4".

3 وهو ما اختاره السبكي وغيره، وانظر تعريف الكبيرة في التعريفات للجرجاني ص 192، إرشاد الفحول ص 52، غاية الوصول ص 100، فواتح الرحموت 2/ 143-144، تيسير التحرير 3/ 45، مناهج العقول 2/ 297، كشف الأسرار 2/ 399 وما بعدها، العضد على ابن الحاجب 2/ 93، جمع الجوامع 2/ 152، الزواجر 1/ 4، تفسير الطبري 5/ 37 وما بعدها، الفروق للقرافي 1/ 121، تفسير مجاهد ص 153، قواعد الأحكام 1/ 26.

4 اختلف العلماء في عدد الكبائر، فقيل هي سبع، وقيل تسع، وقيل عشر، وقيل اثنتا عشرة، وقيل أربع عشرة، وقيل ست وثلاثون، وقيل سبعون، وقيل ثلاث. وأكد الذهبي أن عددها سبعون، وصنف كتاباً فيها "الكبائر"، ولكن الحافظ ابن حجر الهيتمي صنف كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر" وأوصلها إلى سبعمائة معصية. وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال:"هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع". وليس هناك دليل على حصرها في عدد معين. قال الطبري: "والذي نقول به في ذلك كل ما ثبت به الخبر".

"انظر: فواتح الرحموت 2/ 143، كشف الأسرار 2/ 399، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، المحلي على جمع الجوامع 2/ 160 وما بعدها، الزواجر 1/ 9، موسوعة فقه إبراهيم النخعي 2/ 576، تفسير الطبري 5/ 42، إرشاد الفحول ص 52، قواعد الأحكام 1/ 24، الكبائر للذهبي ص 8".

5 في ز ش: الجارة. وفي ع: جاره.

6 ساقطة من ش.

ص: 401

مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَالاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ، وَالنَّمِيمَةُ، وَالسَّرِقَةُ، وَشُرْبُ الْخَمْرِ، وَاسْتِحْلالُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَنَكْثُ الصَّفْقَةِ، وَتَرْكُ السُّنَّةِ، وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ1، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَمَنْعُ ابْنِ السَّبِيلِ مِنْ فَضْلِ الْمَاءِ، وَعَدَمُ التَّنَزُّهِ مِنْ الْبَوْلِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَالتَّسَبُّبُ إلَى شَتْمِهِمَا، وَالإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ2.

"وَيُرَدُّ مُبْتَدِعٌ دَاعِيَةٌ" أَيْ رِوَايَةُ مُبْتَدِعٍ يَدْعُو النَّاسَ 3إلَى بِدْعَتِهِ3. وَ4الْمُبْتَدِعُ وَاحِدُ الْمُبْتَدِعَةِ، وَهُمْ أَهْلُ الأَهْوَاءِ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ5.

وَالْمُرَادُ إذَا كَانَتْ بِدْعَتُهُ غَيْرَ مُكَفِّرَةٍ. كَالْقَوْلِ بِتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ "أَوْ مَعَ بِدْعَةٍ6 مُكَفِّرَةٍ" كَالْقَوْلِ بِإِلاهِيَّتِهِ7 أَوْ غَيْرِهِ8.

1 التعرب: هو الإقامة في البادية مع الأعراب. قال ابن الأثير: "وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يَعدّونه كالمرتد""النهاية في غريب الحديث 3/ 202". وانظر: القاموس المحيط 1/ 107.

2 انظر: جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 153 وما بعدها، مناهج العقول 2/ 297، الإحكام للآمدي 2/ 77، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، الزواجر 1/ 4، فواتح الرحموت 2/ 143، تيسير التحرير 3/ 45، غاية الوصول ص 100، إرشاد الفحول ص 53.

3 ساقطة من ض.

4 ساقطة من ز ش.

5 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 54، معرفة علوم الحديث ص 53، توضيح الأفكار 2/ 198 وما بعدها، 280، جمع الجوامع 2/ 147، المسودة ص 262، 263، 264، أصول السرخسي 1/ 373، فواتح الرحموت 2/ 140، تيسير التحرير 3/ 42-43، اللمع ص 42، غاية الوصول ص 99، إرشاد الفحول ص 50.

6 ساقطة من ز ش ع.

7 في ش ع: بآلهيته.

8 انظر: شرح نخبة الفكر ص 156، توضيح الأفكار 2/ 213، تدريب الراوي 1/ 324، العضد على ابن الحاجب 2/ 62، المسودة ص 263، المعتمد 2/ 617، 618، نهاية السول 2/ 295، فواتح الرحموت 2/ 140، الإحكام للآمدي 2/ 73، غاية الوصول ص 99، الروضة ص 56.

ص: 402

وَعَلَّلَ رَدَّ غَيْرِ الْمُكَفِّرَةِ بِخَوْفِ الْكَذِبِ لِمُوَافَقَةِ هَوَاهُ.

وَنُقِضَ ذَلِكَ بِالدَّاعِيَةِ فِي الْفُرُوعِ.

وَلَمْ يُفَرِّقْ جَمَاعَةٌ بَيْنَ الدَّاعِيَةِ وَغَيْرِهِ. وَقَبِلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ1.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْكَفَاءَةِ مِنْ "الْفُصُولِ": إنْ دَعَا كَفَرَ. وَقَالَ أَيْضًا: وَالصَّحِيحُ لا كُفْرَ؛ لأَنَّ أَحْمَدَ أَجَازَ الرِّوَايَةَ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ2.اهـ.

وَعُلِمَ مِمَّا فِي الْمَتْنِ: أَنَّ الْمُبْتَدِعَ غَيْرَ الدَّاعِيَةِ وَغَيْرَ الْمُكَفَّرِ بِبِدْعَتِهِ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَاتِ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه لِعَدَمِ عِلَّةِ الْمَنْعِ، وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ الْمُبْتَدَعَةِ. كَالْقَدَرِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ وَالْمُرْجِئَةِ، وَرِوَايَةِ السَّلَفِ3 وَالأَئِمَّةِ عَنْهُمْ4.

1 وهو قول أبي الخطاب من الحنابلة والغزالي وغيره من الشافعية، وأبي الحسين البصري من المعتزلة، بشرط أن يعتقدوا حرمة الكذب، وأن لا يتعلق الخبر بعقيدتهم وهواهم.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 83، المحلي على جمع الجوامع 2/ 147، الكفاية ص 121، تدريب الراوي 1/ 325، شرح نخبة الفكر ص 156، مناهج العقول 2/ 295، نهاية السول 2/ 297، كشف الأسرار 3/ 25-26، فواتح الرحموت 2/ 142، اللمع ص 42، غاية الوصول ص 99، إرشاد الفحول ص 51، المدخل إلى مذهب أحمد ص 92".

2 وهذا ما أيده الكمال بن الهمام حيث أجاز الرواية عن المبتدع بما هو كفر، كغلاة الروافض والخوارج، إن اعتقد حرمة الكذب "انظر: تيسير التحرير 3/ 41".

3 في ش ز: المسلمين.

4 انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 133، مناهج العقول 2/ 295، شرح تنقيح الفصول ص 359، الإحكام للآمدي 2/ 83، جمع الجوامع 2/ 147، تدريب الراوي 1/ 325، توضيح الأفكار 2/ 214، المسودة ص 263، الكفاية ص 120، كشف الأسرار 3/ 26، 27، مقدمة ابن الصلاح ص 54، المعتمد 2/ 618، تيسير التحرير 3/ 42، فواتح الرحموت 2/ 140، 142، شرح نخبة الفكر ص 158، مختصر الطوفي ص 57، غاية الوصول ص 99، الروضة ص 56، النووي على صحيح مسلم 1/ 60.

ص: 403

لا يُقَالُ: قَدْ تُكُلِّمَ فِي بَعْضِهِمْ؛ لأَنَّهُ أُرِيدَ مَعْرِفَةُ حَالِهِمْ، أَوْ لِلتَّرْجِيحِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، ثُمَّ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِمَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ، وَلا يَلْزَمُ مِنْ رَدِّهِ رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ الأَكْثَرِ، لِكَثْرَةِ تَفْسِيقِ الطَّوَائِفِ وَتَكْفِيرِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَلأَنَّهَا حَاجَةٌ عَامَّةٌ. فَهِيَ أَوْلَى مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي اسْتِئْذَانِهِ وَإِرْسَالِهِ بِهَدِيَّةٍ. وَذَلِكَ إجْمَاعٌ. ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ.

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَنَهْيُ أَحْمَدَ عَنْ الأَخْذِ عَنْهُمْ إنَّمَا هُوَ لِهَجْرِهِمْ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِالأَحْوَالِ وَالأَشْخَاصِ. وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِ الْخَلَاّلُ عَنْ قَوْمٍ لِنَهْيِ الْمَرُّوذِيِّ1، ثُمَّ رَوَى عَنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ2. وَلِهَذَا جَعَلَ الْقَاضِي الدَّاعِيَ إلَى الْبِدْعَةِ قِسْمًا غَيْرَ دَاخِلٍ فِي مُطْلَقِ الْعَدَالَةِ3.

1 هو أحمد بن محمد بن الحجاج، المقدم من أصحاب أحمد لورعه وفضله. وهو من أجل أصحابه، وكان إماماً في الفقه والحديث، كثير التصانيف. توفي سنة 275 هـ، ودفن عند قبر الإمام أحمد.

انظر ترجمته في طبقات الحنابلة 1/ 56، المنهج الأحمد 1/ 172، شذرات الذهب 2/ 166.

وفي ش: المروزي، وهو تصحيف. ما أثبتناه في الأعلى من نسخة ب ز. وقد نص عليه في المسودة ص 264. أما المروزي فهو هيدام بن قتيبة أحد الناقلين مذهب أحمد عنه. توفي سنة 274هـ. "انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 211".

2 وعلل ذلك الشيخ تقي الدين فقال: "وذلك أن العلة استحقاق الهجر عند التارك، واستحقاق الهجر يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على من أمر أصحابه بالصلاة عليه". "المسودة ص 264، 266".

3 انظر: المسودة ص 264.

ص: 404

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: عَدَمُ الْقَبُولِ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْبَاقِلَاّنِيّ وَالآمِدِيِّ وَالْجُبَّائِيَّةِ وَجَمَاعَةٍ1. كَمَا لَوْ تَدَيَّنَ بِالْكَذِبِ كَالْخَطَّابِيَّةِ مِنْ الرَّافِضَةِ - نِسْبَةً إلَى أَبِي الْخَطَّابِ2 - مِنْ مَشَايِخِ الرَّافِضَةِ، كَانَ يَقُولُ: بِأُلُوهِيَّةِ3 جَعْفَرٍ الصَّادِقِ4، ثُمَّ ادَّعَى5 الأُلُوهِيَّةَ6 لِنَفْسِهِ، عَلَيْهِ

1 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 83، المستصفى 1/ 160، المحلي على جمع الجوامع 2/ 147، نهاية السول 2/ 295-296، مناهج العقول 2/ 296، شرح نخبة الفكر ص 156، تدريب الراوي 1/ 324، العضد على ابن الحاجب 2/ 62، الكفاية ص 120، فواتح الرحموت 2/ 140.

2 هو محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع، مولى بني أسد. قال ابن قتيبة:"ولا أدري من هو". وهو الذي عزا نفسه إلى أبي جعفر محمد الصادق. فلما وقف الصادق على غلوه الباطل في حقه تبرأ منه ولعنه، وأمر أصحابه بالبراءة منه، وشدد القول في ذلك. فلما اعتزل عنه ادعى الإمامة لنفسه، وزعم أبو الخطاب أن الأئمة أنبياء ثم آلهة. وقال بألوهية جعفر بن محمد، وألوهية آبائه، وأن الألوهية نور في النبوة، وزعم أن جعفراً هو الإله في زمانه، ولما وقف عيسى بن موسى صاحب المنصور على خبث دعوته قتله بالكوفة، وافترقت ال خطابية بعده فرقاً. قال السبكي:"يرون جواز الشهادة لأحدهم بمجرد قوله، وهم المجسمة، ويرون الكذب على مخالفيهم".

"انظر: الملل والنحل للشهرستاني 1/ 179 طبعة 1387 هـ/ 1967 م، طبقات الشافعية الكبرى 2/ 16، المعارف ص 623، دائرة المعارف الإسلامية 8/ 369".

3 في ب ز ع ض: بإلاهية.

4 هو جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله الهاشمي، أحد الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. كان سيد بني هاشم في زمنه، ومن سادات أهل البيت. ولقب بالصادق لصدقه في مقالته. وله كلام في صنعة الكيمياء والزجر والفأل، وله خمسمائة رسالة، جمعها تلميذه جابر بن حباب الصوفي، وكان من عباد أتباع التابعين، ومن علماء أهل المدينة. مات سنة 148 هـ، ودفن بالبقيع في قبر أبيه وجده وعم جده الحسن بن علي. روى عنه خلق كثير، وكان ثقة.

انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 1/ 291، طبقات القراء 1/ 196، تهذيب الأسماء 1/ 149، مشاهير علماء الأمصار ص 127، الخلاصة ص 63، حلية الأولياء 3/ 192، تذكرة الحفاظ 1/ 166".

5 ساقطة من ض.

6 في ب ز ض: الإلهية.

ص: 405

لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ وَأَتْبَاعُهُ يَسْتَحِلُّونَ الْكَذِبَ فِي نُصْرَةِ مَذْهَبِهِمْ. فَيَرَوْنَ1 الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ لِمُوَافِقِهِمْ عَلَى مُخَالِفِهِمْ2.

قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: مَا فِي أَهْلِ الأَهْوَاءِ قَوْمٌ أَشْهَدُ بِالزُّورِ مِنْ الرَّافِضَةِ3.

وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: الْقَبُولُ مَعَ بِدْعَةٍ مُفَسِّقَةٍ مُطْلَقًا لا مَعَ مُكَفِّرَةٍ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ لِعِظَمِ الْكُفْرِ، فَيَضْعُفُ الْعُذْرُ وَيَقْوَى عَدَمُ الْوُثُوقِ4.

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ: إنَّ الْعُلَمَاءَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالأُصُولِيِّينَ قَالُوا: لا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَنْ كُفِّرَ بِبِدْعَتِهِ5 اتِّفَاقًا6اهـ.

1 في ع: ويرون.

2 ولأن المبتدعة إما كفرة أو فسقة، فلا يجوز أن يقبل خبرهم، وهو رأي القاضي عبد الجبار من المعتزلة.

"انظر: المستصفى 1/ 160، شرح تنقيح الفصول ص 360، 362، نهاية السول 2/ 296، مناهج العقول 2/ 294، مقدمة ابن الصلاح ص 54، المحلي على جمع الجوامع 2/ 147، فواتح الرحموت 2/ 140، اللمع ص 42، إرشاد الفحول ص 50 وما بعدها".

3 آداب الشافعي ومناقبه ص 187، 189. وانظر: النووي على صحيح مسلم 1/ 60.

وقال الآمدي: "فإما أن يكون ممن يرى الكذب ويتدين به فلا نعرف خلافاً في امتناع قبول شهادته، كالخطابية من الرافضة، لأنهم يرون شهادة الزور لموافقيهم في المذهب". "الإحكام للآمدي 2/ 83".

"وانظر: المستصفى 1/ 160، نهاية السول 2/ 304، مناهج العقول 2/ 298، مقدمة ابن الصلاح ص 54، الكفاية ص 120، 126".

4 انظر: توضيح الأفكار 2/ 215، المحلي على جمع الجوامع 2/ 147، المسودة ص 263.

5 في ب: ببدعة.

6 وقال النووي أيضاً في "التقريب": "من كفر ببدعته لم يحتج به بالاتفاق".

"تدريب الراوي شرح تقريب النواوي 1/ 324، شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 60".

وانظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 62.

ص: 406

وَقَالَ الْقَاضِي عَلاءُ الدِّينِ الْبَعْلِيُّ1 مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا: "إنْ كَانَتْ بِدْعَةُ أَحَدِهِمْ مُغَلَّظَةً كَالتَّجَهُّمِ رُدَّتْ رِوَايَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَوَسِّطَةً كَالْقَدَرِيَّةِ. رُدَّتْ إنْ كَانَ دَاعِيَةً. وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً2 كَالإِرْجَاءِ، فَهَلْ تُقْبَلُ3 مَعَهَا مُطْلَقًا. أَمْ يُرَدُّ غَيْرُ الدَّاعِيَةِ؟ رِوَايَتَانِ. هَذَا تَحْقِيقُ مَذْهَبِنَا4".اهـ.

"وَلَيْسَ الْفُقَهَاءُ" الْمُخْتَلِفُونَ فِي الْفُرُوعِ "مِنْهُمْ" أَيْ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الأَكْثَرِ.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "أُصُولِهِ": قَالَهُ5 ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ أَوْلَى6.

وَخَالَفَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَابْنُ الْبَنَّاءِ وَجَمْعٌ فَأَدْخَلُوهُمْ فِي أَهْلِ الأَهْوَاءِ.

1 هو علي بن محمد بن علي بن عباس، أبو الحسين البعلي الحنبلي، علاء الدين المعروف بابن اللحام، كان يعظ في الجامع الأموي، وينقل مذاهب المخالفين محررة من كتبهم مع حسن المجالسة وكثرة التواضع، وصار شيخ الحنابلة بالشام مع ابن مفلح، وعرض عليه قضاء دمشق فأبى، ثم قدم القاهرة بعد غزوة التتر للشام، وولي تدريس المنصورية. ومن مصنفاته "القواعد والفوائد الأصولية"، و"الأخبار العلمية"، و"اختيارات الشيخ تقي الدين"، و"تجريد أحكام النهاية"، و"المختصر في أصول الفقه". توفي سنة 803 هـ.

انظر: ترجمته في "الضوء اللامع 5/ 320، شذرات الذهب 7/ 31، طبقات المفسرين 1/ 432، المدخل إلى مذهب أحمد ص 236".

2 في ع: خفية.

3 في ع: يقبل.

4 المختصر في أصول الفقه ق 25/ ب، مخطوط بالمكتبة الأزهرية رقم 127/ 5482، ومصور في مركز البحث العلمي والتراث الإسلامي بمكة المكرمة، ويقوم بتحقيقه الزميل الفاضل الدكتور محمد مظهر بقا، المحقق في المركز.

5 في ض: قال.

6 قال أبو حامد الشافعي: "ضرب اختلفوا في الفروع، فهؤلاء لا يفسقون بذلك، ولا ترد شهادتهم، وقد اختلف الصحابة في الفروع ومن بعدهم من التابعين". المغني لابن قدامة 10/ 146، 164.

ص: 407

فَ عَلَى الأَوَّلِ "مَنْ شَرِبَ نَبِيذًا مُخْتَلَفًا فِيهِ: حُدَّ" عِنْدَنَا "وَيُفَسَّقُ غَيْرُ مُجْتَهِدٍ" أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى إبَاحَتِهِ "أَوْ مُقَلِّدٌ" لِذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ؛ لأَنَّ1 مَحِلَّ الْخِلافِ فِيهِمَا2.

وَعَنْ3 أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ بِالْفِسْقِ مُطْلَقًا. وَاخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي "الإِرْشَادِ"، وَأَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ فِي "الْمُبْهِجِ"4، وِفَاقًا لِلإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه لِلسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ فِي ذَلِكَ5.

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: لا حَدَّ وَلا فِسْقَ مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ أَبُو ثَوْرٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ قَوِيٌّ لِلْخِلافِ فِيهِ كَغَيْرِهِ، وَلِئَلَاّ يُفَسَّقَ بِوَاجِبٍ، لِفِعْلِهِ مُعْتَقِدًا وُجُوبَهُ فِي مَوْضِعٍ6، وَلا أَثَرَ لاعْتِقَادِ الإِبَاحَةِ7.

1 في ب: لأنه.

2 وخالف الحنفية في ذلك، فقال الكمال بن الهمام:"وأما شرب النبيذ واللعب بالشطرنج وأكل متروك التسمية عمداً من مجتهد ومقلده فليس بفسق". "تيسير التحرير 3/ 43".

وقال المجد ابن تيمية: "وأما من فعل محرَّماً بتأويل فلا ترد روايته في ظاهر المذهب". "المسودة ص 265".

وانظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 63، 66، صحيح مسلم بشرح النووي 1/ 110، المغني 10/ 164، المسودة ص 266.

3 في ض: وعند.

4 في ش ز: المنهج. وهو تصحيف.

"وانظر: طبقات الحنابلة 2/ 248، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 71، المنهج الأحمد 2/ 162".

5 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 362.

6 في ب ع ض: مواضع.

7 قال ابن الحاجب: "وأما من يشرب النبيذ ويلعب بالشطرنج ونحوه من مجتهد ومقلد فالقطع أنه ليس بفاسق". "مختصر ابن الحاجب 2/ 62".

وهناك أقوال أخرى في المسألة.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 82، المستصفى 1/ 160، تيسير التحرير 3/ 43، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، المسودة ص 265، 266".

ص: 408

"وَحَرُمَ إجْمَاعًا إقْدَامُ" مُكَلَّفٍ "عَلَى مَا" أَيْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ "لَمْ يَعْلَمْ جَوَازَهُ:" لأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَجُوزُ فِعْلُهُ أَوْ لا يَجُوزُ: جُرْأَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى الْعُلَمَاءِ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَسْأَلْ، وَلأَنَّهُ ضَمَّ جَهْلاً إلَى فِسْقٍ.

قَالَ الْحَلْوَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: وَلا يُحْكَمُ بِفِسْقِ مُخَالِفٍ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ، وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ، خِلافًا لِبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ1.

قَالَ2 ابْنُ مُفْلِحٍ: كَذَا أَطْلَقَهُ.

"وَيُرَدُّ مَا رَوَاهُ مُتَسَاهِلٌ فِي رِوَايَتِهِ3" سَمَاعًا أَوْ إسْمَاعًا كَالنَّوْمِ وَقْتَ السَّمَاعِ، وَقَبُولِ التَّلْقِينِ، أَوْ يُحَدِّثُ لا مِنْ أَصْلٍ مُصَحَّحٍ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْمُحَدِّثُونَ.

وَهُوَ قَادِحٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ: يَحْرُمُ التَّسَاهُلُ فِي الْفُتْيَا وَاسْتِفْتَاءُ مَعْرُوفٍ بِهِ. وَقَبُولُ الْحَدِيثِ مِمَّنْ هُوَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ. وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي "الْمَحْصُولِ" وَغَيْرِهِ4.

1 "انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 62.

2 في ض: قاله.

3 في ز ش: رواية.

4 قال المجد بن تيمية: "إذا كان الراوي يتساهل في أحاديث الناس، ويكذب فيها، ويتحرز في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تقبل روايته

وبهذا قال مالك خلافاً لبعضهم". "المسودة ص 266".

وانظر: أصول السرخسي 1/ 373، فواتح الرحموت 2/ 142، كشف الأسرار 3/ 23، 25، 48، 49، المستصفى 1/ 162، شرح تنقيح الفصول ص 370، مناهج العقول 2/ 306، نهاية السول 2/ 309، مقدمة ابن الصلاح ص 57، توضيح الأفكار 2/ 255، تدريب الراوي 1/ 339، المحلي على جمع الجوامع 2/ 147، غاية الوصول ص 99، الكفاية ص 151 وما بعدها.

ص: 409

"وَ" مَا رَوَاهُ "مَجْهُولُ عَيْنٍ" عَلَى الصَّحِيحِ وَقَطَعَ بِهِ جَمْعٌ، مِنْهُمْ التَّاجُ السُّبْكِيُّ1.

وَحَكَى الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ2.

أَحَدَهَا: لا يُقْبَلُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الأَكْثَرُ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ3.

وَالثَّانِي: يُقْبَلُ مُطْلَقًا. وَهُوَ رَأْيُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الرَّاوِي غَيْرَ الإِسْلامِ4.

وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ لا يَرْوِي إلَاّ عَنْ عَدْلٍ، كَابْنِ

مَهْدِيٍّ5 وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ6.

1 جمع الجوامع 2/ 150.

وانظر: مقدمة ابن الصلاح ص 53، توضيح الأفكار 2/ 185، الروضة ص 57، المستصفى 1/ 162، غاية الوصول ص 100، إرشاد الفحول ص 54.

2 انظر هذه الأقوال مع بيان أصحابها وأدلتهم في توضيح الأفكار 2/ 185 وما بعدها".

3 انظر: المسودة ص 255، إرشاد الفحول ص 53، توضيح الأفكار 2/ 185.

4 انظر: غاية الوصول ص 100، توضيح الأفكار 2/ 185، إرشاد الفحول ص 53.

5 هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان، أبو سعيد البصري، اللؤلؤي، الحافظ. روى عن شعبة ومالك والسفيانين والحمادين وخلق. قال ابن المديني:"كان من أعلم الناس". وقال أبو حاتم: "إمام ثقة أثبت من يحيى بن سعيد، وأوثق من وكيع". وكان أحد أركان الحديث بالعراق، وكتب عن صغار التابعين، وكان رأساً في العبادة، وكان فقيهاً مفتياً عظيم الشأن، يحج كل سنة. مات بالبصرة سنة 198هـ.

انظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ 1/ 329، طبقات الحفاظ ص 139، الخلاصة ص 235، طبقات الحنابلة 1/ 207، المنهج الأحمد 1/ 58، المعارف ص 513، شذرات الذهب 1/ 355، تاريخ بغداد 10/ 240، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 91، تهذيب الأسماء 1/ 304".

6 هو يحيى بن سعيد بن فروخ القطان، التميمي مولاهم، المحدث، أبو سعيد البصري الأحول، الحافظ، الإمام، من تابعي التابعين. اتفقوا على إمامته وجلالته ووفور حفظه وعلمه وصلاحه، وكان محدث زمانه، وأحد أئمة الجرح والتعديل، وكان ورعاً فاضلاً متديناً........=

ص: 410

وَاكْتَفَيْنَا بِالتَّعْدِيلِ بِوَاحِدٍ قُبِلَ، وَإِلَاّ فَلا1.

وَالرَّابِعُ: إنْ كَانَ مَشْهُورًا فِي غَيْرِ الْعِلْمِ بِالزُّهْدِ وَالْقُوَّةِ فِي الدِّينِ، قُبِلَ وَإِلَاّ فَلا، وَهُوَ لابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ2.

وَالْخَامِسُ: إنْ زَكَّاهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مَعَ رِوَايَةِ وَاحِدٍ عَنْهُ، قُبِلَ وَإِلَاّ فَلا. وَهُوَ لأَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَطَّانِ3.

"أَوْ عَدَالَةٍ" عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ "مَجْهُولُ عَيْنٍ" يَعْنِي أَنَّهُ لا تُقْبَلُ4 رِوَايَةُ مَجْهُولِ الْعَدَالَةِ عِنْدَ الأَكْثَرِ مِنْهُمْ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ

1 انظر: توضيح الأفكار 2/ 185، المسودة ص 255، إرشاد الفحول ص 53.

2 انظر: توضيح الأفكار 2/ 185.

3 هو أحمد بن محمد بن أحمد، المعروف بابن القطان، البغدادي، أبو الحسين، الفقيه الشافعي الأصولي. نشأ ببغداد، وحفظ بها القرآن، وتعلم العلوم، ونبغ في الفقه والأصول، وكان من كبار أئمة الشافعية، مجتهداً في المذهب، وانحصرت فيه رئاسة علماء الشافعية بعد وفاة أبي القاسم الداركي، وصنف في أصول الفقه وفروعه. توفي سنة 359 هـ، ولم يترجم له ابن السبكي.

انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 1/ 53، طبقات الفقهاء ص 113، تاريخ بغداد 4/ 365، شذرات الذهب 3/ 28، الفتح المبين 1/ 198، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 85".

وهذا الرأي ظاهر تصرف ابن حبان في ثقاته، فإنه يحكم برفع الجهالة برواية واحدة وحكي ذلك عن النسائي أيضاً.

"انظر: توضيح الأفكار 2/ 185، مقدمة ابن الصلاح ص 53، إرشاد الفحول ص 53".

4 في ض: يقبل.

ص: 411

عَنْهُ وَأَصْحَابُهُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ1.

وَعِنْدَ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ: تُقْبَلُ وِفَاقًا لأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَابْنِ فُورَكٍ وَسُلَيْمٍ الرَّازِيِّ وَالْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ2. وَمِنْ أَصْحَابِنَا: الطُّوفِيُّ. كَقَبُولِهِ عَقِبَ إسْلامِهِ.

وَإِطْلاقُ الْقَبُولِ3 عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ نَقَلَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ4.

1 وهو رأي الكمال بن الهمام من الحنفية.

انظر أدلة هذا القول في "الكفاية ص 81، المسودة ص 253، تيسير التحرير 3/ 48، كشف الأسرار 2/ 400، 3/ 20، نهاية السول 2/ 304، الإحكام للآمدي 2/ 78، المستصفى 1/ 157، تدريب الراوي 1/ 316، مختصر ابن الحاجب 1/ 64، توضيح الأفكار 2/ 191، مقدمة ابن الصلاح ص 53، شرح نخبة الفكر ص 155، غاية الوصول ص 100، اللمع ص 43، التمهيد ص 136، مختصر الطوفي ص 58، الروضة ص 57-58، إرشاد الفحول ص 51، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93".

2 هو أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر، الحافظ أبو العباس، محب الدين، الطبري، ثم المكي، شيخ الحرم، وحافظ الحجاز بلا مدافعة. وهو شيخ الشافعية ومحدث الحجاز. كان فقيهاً إماماً، زاهداً صالحاً. صنف التصانيف الجيدة، منها:"الإحكام" في الحديث، "ومختصر في الحديث"، ورتبه على أبواب "التنبيه"، وكتاب في "فضل مكة"، و"شرح على التنبيه"، و"تخريجة في التفسير"، و"الكافي في غريب القرآن" وغير ذلك. توفي سنة 694هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 18، العقد الثمين 3/ 61، المنهل الصافي 1/ 320، طبقات الحفاظ ص 510، تذكرة الحفاظ 4/ 1474، البداية والنهاية 13/ 340، شذرات الذهب 5/ 425".

3 في ب ض: القول.

4 انظر أدلة هذا القول ومناقشتها في "الإحكام للآمدي 2/ 78، 80، المستصفى 1/ 157 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/ 146، تيسير التحرير 3/ 48، مقدمة ابن الصلاح ص 53، العضد على ابن الحاجب 2/ 64، جمع الجوامع 2/ 150، الكفاية ص 82، شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 61، المغني لابن قدامة 10/ 57، المسودة ص 253، 256، توضيح الأفكار 2/ 192، شرح نخبة الفكر ص 154، شرح تنقيح الفصول ص 364، الروضة ص 57- 58، إرشاد الفحول ص 51-53، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 386".

ص: 412

وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "أُصُولِهِ": وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: إنْ رَدَّهُ جَمِيعُهُمْ لَمْ يُقْبَلْ. وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قُبِلَ، وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ وَلَمْ يُقْبَلْ جَازَ قَبُولُهُ لِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْمُسْلِمِ وَلَمْ يَجِبْ. وَجَوَّزَ الْحَنَفِيَّةُ الْقَضَاءَ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ. أَمَّا الْيَوْمَ فَتُعْتَبَرُ1 التَّزْكِيَةُ لِغَلَبَةِ الْفِسْقِ2.اهـ.

وَنَقَلَ الْبِرْمَاوِيُّ عَنْ صَاحِبِ "الْبَدِيعِ3" وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ إنَّمَا قَبِلَ ذَلِكَ فِي صَدْرِ الإِسْلامِ حَيْثُ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ الْعَدَالَةُ. فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلا بُدَّ مِنْ التَّزْكِيَةِ لِغَلَبَةِ الْفِسْقِ4.اهـ.

1 في ع: فيعتبر.

2 وهو ما اختاره الكمال بن الهمام نقلاً عن ظاهر الرواية عن أبي حنيفة في مجهول الحال، وأنه لا بدَّ من التزكية. أما ظاهر العدالة، وهو من التزم أوامر الله ونواهيه، ولم يظهر فيه خلاف ذلك، وباطن أمره غير معلوم، فهو عدل، وتقبل روايته "انظر: تيسير التحرير 3/ 48- 49".

بينما يخصص السرخسي قبول العدالة الظاهرة بالقرون الثلاثة، فيقول:"المجهول من القرون الثلاثة عدل بتعديل صاحب الشرع إياه ما لم يتبين منه ما يزيل عدالته، فيكون خبره حجة""أصول السرخسي 1/ 352".

وانظر: كشف الأسرار 2/ 386، 388، 400، 3/ 20، المعتمد 2/ 620، تدريب الراوي 1/ 317، المسودة ص 257، أصول السرخسي 1/ 370، إرشاد الفحول ص 53.

3 في ش: البدائع. وهو تصحيف، لأن كتاب "البدائع" للكاساني في الفقه الحنفي. أما كتاب "البديع" فهو في أصول الفقه، وهو ما ينقل عنه الحنفية في هذه المواطن، ويتردد في كتبهم الأصولية، واسمه الكامل:"بديع النظام، الجامع بين أصول البزدوي والإحكام" للساعاتي، مظفر الدين أحمد بن علي الساعاتي البغدادي الحنفي المتوفى سنة 694هـ.

"انظر: الفتح المبين 2/ 94، فواتح الرحموت 2/ 150".

4 حكى الإمام مسلم في "صحيحه" الإجماع على رد خبر الفاسق، فقال:"إنه غير مقبول عند أهل العلم، كما أن شهادته مردودة عند جميعهم". وهو ما نقله السرخسي عن الإمام محمد رحمه الله تعالى. وقال عضد الدين: "واعلم أن هذا مبني على أن الأصل الفسق أو العدالة، والظاهر أنه الفسق، لأن العدالة طارئة، ولأنه أكثر العضد على ابن الحاجب 2/ 64".

وانظر: صحيح مسلم بشرح النووي 1/ 61، أصول السرخسي 1/ 371، فواتح الرحموت 2/ 147، إرشاد الفحول ص 53.

ص: 413

وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يُوقَفُ وَيَجِبُ الْكَفُّ فِي التَّحْرِيمِ إلَى الظُّهُورِ احْتِيَاطًا. فَلَوْ كُنَّا عَلَى اعْتِقَادٍ فِي حِلِّ شَيْءٍ فَرَوَى لَنَا مَسْتُورٌ تَحْرِيمَهُ، فَاَلَّذِي أَرَاهُ: وُجُوبُ الانْكِفَافِ1 عَمَّا كُنَّا نَسْتَحِلُّهُ إلَى تَمَامِ الْبَحْثِ عَنْ حَالِ الرَّاوِي2.

قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ حُكْمًا بِالْحَظْرِ لِلتَّرْتِيبِ عَلَى الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوَقُّفٌ فِي الأَمْرِ. وَالتَّوَقُّفُ3 فِي الإِبَاحَةِ يَتَضَمَّنُ الإِحْجَامَ، وَهُوَ مَعْنَى الْحَظْرِ. فَهُوَ إذًا حَظْرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قَاعِدَةٍ مُمَهَّدَةٍ. وَهِيَ التَّوَقُّفُ عِنْدَ عَدَمِ بُدُوِّ ظَوَاهِرِ الأُمُورِ إلَى اسْتِبَانَتِهَا. فَإِذَا ثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ فَالْحُكْمُ بِالرِّوَايَةِ إذْ ذَاكَ. اهـ.

"أَوْ ضَبْطٍ" مَعْطُوفٌ عَلَى "عَدَالَةٍ" يَعْنِي أَنَّهُ تُرَدُّ رِوَايَةُ مَجْهُولِ الضَّبْطِ كَمَا تُرَدُّ رِوَايَةُ مَجْهُولِ الْعَدَالَةِ؛ لأَنَّ غَيْرَ الضَّابِطِ لا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يُدَلَّسَ عَلَيْهِ. فَاشْتُرِطَ ثُبُوتُ ضَبْطِهِ4.

"لا رَقِيقٌ" يَعْنِي أَنَّهُ لا تُرَدُّ رِوَايَةُ الرَّقِيقِ مِنْ أَجْلِ رِقِّهِ5 لِظَاهِرِ الأَدِلَّةِ. فَإِنَّهَا تَشْمَلُهُ6.

1 في ش: الكف. وفي ز: الكفاف.

2 واعترض عليه الأبياري في "شرح البرهان" بأن اليقين لا يزول بالشك، والحِلُّ ثابت بالأصل فلا يرفع بالتحريم المشكوك فيه.

"انظر: جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 150".

3 في ع ض: والتوقيف.

4 انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 132، اللمع ص 42، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.

5 في ز ش: رق.

6 انظر: أصول السرخسي 1/ 352، فواتح الرحموت 2/ 144، تيسير التحرير 3/ 46، كشف الأسرار 2/ 402، المعتمد 2/ 621، الإحكام لابن حزم 1/ 130، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، المسودة ص 259.

ص: 414

"وَ" لا "أُنْثَى" لِقَبُولِهِمْ خَبَرَ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ1 وَأَمِّ سَلَمَةَ وَأَمِّ سُلَيْمٍ2 وَغَيْرِهِنَّ، وَلا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الأُنْثَى حُرَّةً أَوْ رَقِيقَةً3.

"وَ" كَذَا لا تُرَدُّ رِوَايَةُ "قَرِيبٍ" لِكَوْنِهِ قَرِيبًا لِلرَّاوِي عَنْهُ4.

"وَ" لا رِوَايَةُ "ضَرِيرٍ" لِكَوْنِهِ ضَرِيرًا5.

1 هي أسماء بنت أبي بكر الصديق، والدة عبد الله بن الزبير بن العوام. أسلمت قديماً بعد سبعة عشر نفساً. هاجرت وهي تحمل بعبد الله، فولدته بقباء، وعاشت إلى أن ولي ابنها الخلافة، وبقيت على قيد الحياة إلى أن قتل، وماتت بعده بقليل بمكة سنة 73 هـ. وقيل غير ذلك. وكانت تلقب بذات النطاقين، لقبها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة. روت عدة أحاديث في الصحيحين والسنن. عاشت مائة سنة لم يسقط لها سن، ولم ينكر لها عقل، ولها مناقب كثيرة رضي الله عنها.

انظر ترجمتها في "الإصابة 4/ 230، الاستيعاب 4/ 232، تهذيب الأسماء 2/ 328، الخلاصة ص 488، حلية الأولياء 2/ 55". ولفظة "أسماء" ساقطة من ض.

2 هي سهلة بنت ملحان بن خالد الأنصارية النجارية، وقيل اسمها رملة، وقيل غير ذلك. وهي أم أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت من فاضلات الصحابيات، وكانت تحت مالك بن النضر. أسلمت مع قومها، وعرضت الإسلام على زوجها، فغضب عليها وخرج إلى الشام فمات هناك، ثم خلف عليها أبو طلحة الأنصاري. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، وكانت من عقلاء النساء، وقاتلت يوم حنين.

انظر ترجمتها في "الاستيعاب 4/ 455، الإصابة 4/ 461، تهذيب الأسماء 2/ 363، الخلاصة ص 498، حلية الأولياء 2/ 57".

3 انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 130، الإحكام للآمدي 2/ 94، المعتمد 2/ 621، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، المسودة ص 258، كشف الأسرار 2/ 402، فواتح الرحموت 2/ 144، أصول السرخسي 1/ 352، الروضة ص 58، مختصر الطوفي ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص93.

4 انظر: المستصفى 1/ 161، الإحكام للآمدي 2/ 94، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، 68، فواتح الرحموت 2/ 144، تيسير التحرير 3/ 46، الروضة ص 59، مختصر الطوفي ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.

5 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 94، المستصفى 1/ 161، المعتمد 2/ 621، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، المسودة ص 259، 290، تيسير التحرير 3/ 46، كشف الأسرار 2/ 402، فواتح الرحموت 2/ 144، أصول السرخسي 1/ 352، الروضة ص 58، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.

ص: 415

"وَ" لا "عَدُوٍّ" لِكَوْنِهِ عَدُوًّا لِلرَّاوِي عَنْهُ؛ لأَنَّ حُكْمَ الرِّوَايَةِ عَامٌّ لِلْمُخْبِرِ وَالْمُخْبَرِ1، وَلا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ فَلا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ، بِخِلافِ الشَّهَادَةِ2.

"وَ" لا تُرَدُّ أَيْضًا رِوَايَةُ "قَلِيلِ سَمَاعِ الْحَدِيثِ" 3 بَلْ مَتَى سَمِعَ، وَلَوْ حَدِيثًا وَاحِدًا، صَحَّتْ رِوَايَتُهُ لَهُ4.

"وَ" لا تُرَدُّ أَيْضًا رِوَايَةُ "جَاهِلٍ بِمَعْنَاهُ" أَيْ مَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوِيه.

وَلا جَاهِلٍ بِـ "فِقْهٍ وَعَرَبِيَّةٍ" عِنْدَ الْجُمْهُورِ5.

وَاعْتَبَرَ الإِمَامُ مَالِكٌ رضي الله عنه مَعْرِفَةَ الْفِقْهِ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي

1 في ش: والخبر.

2 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 94، العضد على ابن الحاجب 2/ 63، 68، فواتح الرحموت 2/ 144، تيسير التحرير 3/ 46، الروضة ص 59، مختصر الطوفي ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.

3 في ب زيادة وخبط وقلب: "أي معنى الحديث الذي يرويه ولا ترد أيضاًَ رواية جاهل بمعناه، بل متى سمع، ولو حديثاً واحداً صحت روايته له، ولا ترد أيضاً رواية جاهل بـ "....

4 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 94، المستصفى 1/ 161، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، كشف الأسرار 3/ 75، المعتمد 2/ 621، فواتح الرحموت 2/ 144، 149، الكفاية ص 93، المسودة ص 267.

5 انظر: فواتح الرحموت 2/ 144، شرح تنقيح الفصول ص 369، نهاية السول 2/ 310، مناهج العقول 2/ 94، المستصفى 1/ 161، المعتمد 2/ 620، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، المحلي على جمع الجوامع 2/ 147، الروضة ص 58، غاية الوصول ص 99، مختصر الطوفي ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93، الإحكام للآمدي 2/ 94.

ص: 416

حَنِيفَةَ 1مِثْلُهُ، وَنُقِلَ عَنْهُ2 أَيْضًا: إنَّمَا تُعْتَبَرُ2 مَعْرِفَتُهُ إنْ خَالَفَ مَا رَوَاهُ الْقِيَاسُ3.

وَاحْتَجَّا بِأَنَّ غَيْرَ الْفَقِيهِ مَظِنَّةُ سُوءِ الْفَهْمِ وَوَضْعِ النُّصُوصِ عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ مِنْهَا، فَالاحْتِيَاطُ لِلأَحْكَامِ أَنْ لا يُرْوَى عَنْهُ4.

وَاسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ بِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ. وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ وَلَيْسَ بِفَقِيهٍ" إسْنَادُهُ5 جَيِّدٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ6. وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ7.

وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم "نَضَّرَ اللَّهُ" رَوَاهُ الأَصْمَعِيُّ: بِتَشْدِيدِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. وَأَبُو

1 ساقطة من ز ش. وفي ب ع ض: مثله. وعن أبي حنيفة.

2 في ض: يعتبر.

3 وهو اختيار عيسى بن إبّان والقاضي أبي زيد الدبوسي، وتابعهما فخر الإسلام البزدوي، خلافاً لأبي الحسن الكرخي الذي تبعه ابن عبد الشكور وغيره.

"انظر: فواتح الرحموت 2/ 144-145، المحلي على جمع الجوامع 2/ 147، نهاية السول 2/ 310، مناهج العقول 2/ 308، الإحكام لابن حزم 1/ 132، شرح تنقيح الفصول ص 369، غاية الوصول ص 99".

4 انظر: فواتح الرحموت 2/ 145.

5 في ع: وإسناده.

6 رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي مرفوعاً.

"انظر: سنن أبي داود 2/ 289، تحفة الأحوذي 7/ 416، سنن ابن ماجه 1/ 64، 2/ 1051، تخريج أحاديث البزدوي ص 188، سنن الدارمي 1/ 74".

7 انظر: بدائع المنن 1/ 15، مسند أحمد 1/ 437، 4/ 80، 5/ 138.

وانظر: فواتح الرحموت 2/ 145، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، الروضة ص 58.

ص: 417

عُبَيْدٍ بِتَخْفِيفِهَا1، أَيْ نَعَّمَهُ اللَّهُ2.

وَكَانَتْ3 الصَّحَابَةُ تَقْبَلُ رِوَايَةَ الأَعْرَابِيِّ لِحَدِيثٍ وَاحِدٍ. وَعَلَى ذَلِكَ عَمَلُ الْمُحَدِّثِينَ4.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: "فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ" رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ5.

وَالْجَوَابُ 6عَمَّا قَالُوا6: أَنَّا7 إنَّمَا نَقْبَلُ8 رِوَايَتَهُ إذَا9 رَوَى بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى الْمُطَابِقِ وَكَانَ يَعْرِفُ مُقْتَضَيَاتِ الأَلْفَاظِ. وَالْعَدَالَةُ تَمْنَعُهُ مِنْ تَحْرِيفٍ لا يَجُوزُ10.

1 في ب ع ض: بتخفيفه.

2 التشديد للمبالغة والتكثير، والنَّضْر والنضارة في الأصل حسن الوجه. والمراد هنا رفع القدر والمرتبة، وهو إما دعاء أي جمله وزينه، وإما خبر عن أنه من أهل نضرة النعيم.

"انظر: القاموس المحيط 2/ 149، المصباح المنير 2/ 942، فواتح الرحموت 2/ 145، تيسير التحرير 3/ 101".

3 في ش: وكان.

4 انظر: فواتح الرحموت 2/ 145، الروضة ص 59، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.

5 هذا جزء من حديث رواه الترمذي وابن ماجه والإمام أحمد.

"انظر: تحفة الأحوذي 7/ 417، سنن ابن ماجه 1/ 85، مسند أحمد 1/ 437".

6 في ض: عنا.

7 ساقطة من ب.

8 في ب: تقبل.

9 في ع: إذ.

10 انظر: فواتح الرحموت 2/ 145 وما بعدها.

ص: 418

"وَ" لا تُرَدُّ رِوَايَةُ "عَدِيمِ نَسَبٍ" كَوَلَدِ الزِّنَا وَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ "وَ" لا رِوَايَةُ "مَجْهُولِهِ1" أَيْ مَجْهُولِ النَّسَبِ؛ لأَنَّ هَؤُلاءِ كُلَّهُمْ دَاخِلُونَ فِي عُمُومِ الأَدِلَّةِ. فَصَحَّتْ رِوَايَتُهُمْ كَغَيْرِهِمْ حَيْثُ لا مَانِعَ2.3والله أعلم13.

1 في ش ز: مجهول.

2 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 94، المستصفى 1/ 162، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، فواتح الرحموت 2/ 144، شرح تنقيح الفصول ص 370، الروضة ص 59، مختصر الطوفي ص 60.

3 ساقطة من ش ب ز ع.

ص: 419