الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: الجرح والتعديل
…
فَصْلٌ:
"شُرِطَ" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ1 رضي الله عنه وَالأَكْثَرِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ "ذِكْرُ سَبَبِ جَرْحٍ" لاخْتِلافِ النَّاسِ فِي سَبَبِهِ وَاعْتِقَادِ بَعْضِهِمْ مَا لا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلْجَرْحِ جَارِحًا2، كَشُرْبِ النَّبِيذِ مُتَأَوِّلاً. فَإِنَّهُ يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ عِنْدَ مَالِكٍ دُونَ غَيْرِهِ3. وَكَمَنْ رَأَى إنْسَانًا يَبُولُ قَائِمًا فَيُبَادِرُ بِجَرْحِهِ لِذَلِكَ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِي أَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ مُخْطِئٌ أَوْ مَعْذُورٌ. كَمَا رُوِيَ
1 ساقطة من ع.
2 وهذا قول أكثر الفقهاء، ومنهم الشافعية والحنفية، وأكثر المحدثين، ومنهم البخاري ومسلم.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 86، المستصفى 1/ 162، فواتح الرحموت 2/ 151، نهاية السول 2/ 305، مناهج العقول 2/ 301، جمع الجوامع 2/ 163، العضد على ابن الحاجب 2/ 65، الكفاية ص 107، تدريب الراوي 1/ 305، توضيح الأفكار 2/ 133 وما بعدها، كشف الأسرار 3/ 68، مقدمة ابن الصلاح ص 51، تيسير التحرير 3/ 61، أصول السرخسي 2/ 9، الإحكام لابن حزم 1/ 131، شرح تنقيح الفصول ص 365، المسودة ص 269، غاية الوصول ص 103، الروضة ص 59، اللمع ص 44، إرشاد الفحول ص 68، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93".
وانظر تفصيل هذا الموضوع في "الرفع والتكميل ص 27 وما بعدها، الأجوبة الفاضلة ص 161 وما بعدها".
3 انظر ما نقلناه عن ابن الحاجب المالكي ص 408، فإنه قال:"وأما من يشرب النبيذ ويلعب الشطرنج ونحوه من مجتهد ومقلد فالقطع أنه ليس بفاسق""مختصر ابن الحاجب 2/ 62".
وانظر آراء العلماء فيما سبق ص 408، والمسودة ص 266.
عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّهُ بَال قَائِمًا". 1 لِعُذْرٍ كَانَ بِهِ2.
فَلِهَذَا وَشَبَهِهِ يَنْبَغِي بَيَانُ سَبَبِ الْجَرْحِ لِيَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ وَاحْتِرَازٍ مِنْ الْخَطَإِ وَالْغُلُوِّ فِيهِ3
"و"َ شُرِطَ أَيْضًا ذِكْرُ سَبَبِ "تَضْعِيفٍ" كَمَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ سَبَبِ جَرْحٍ. فَلا يَمْنَعُ قَبُولَ الْخَبَرِ قَوْلُ مُحَدِّثٍ "هَذَا الْحَدِيثُ" ضَعِيفٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْزُوَهُ إلَى مُسْتَنَدٍ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِيهِ؛ لأَنَّهُ قَدْ يُضَعِّفُهُ بِشَيْءٍ لَوْ ذَكَرَهُ لَمْ يَكُنْ قَادِحًا. هَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَيُؤَثِّرُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ4، وَيَكُونُ الْخَبَرُ ضَعِيفًا
1 روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والدارمي عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "انتهى إلى سباطة قوم فبال قائماً، فتنحيت، فقال: "ادْنه"، فدنوت حتى قمت عند عقبيه، فتوضأ ومسح على خفيه". والسُّباطة، مَلْقى التراب
والقمامة.
"انظر: صحيح البخاري 1/ 53، صحيح مسلم 1/ 228، سنن أبي داود 1/ 6، تحفة الأحوذي 1/ 69، سنن النسائي 1/ 26، سنن ابن ماجه 1/ 111، مسند أحمد 5/ 382، سنن الدارمي 1/ 171، مرعاة المفاتيح 1/ 431".
2 قال ابن تيمية: "ولعله لم يجلس لمانع كان، أو وجع كان به". وروى الخطابي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائماً من جرح كان بمأبضه "ما تحت الركبة"، وقد ضعفه الدارقطني والبيهقي حديث أبي هريرة. وقال الحافظ ابن حجر:"ولو صح هذا الحديث لكان فيه غنى، لكن ضعفه الدارقطني والبيهقي"، كما روى البخاري ومسلم ومالك وغيرهم حديث الأعرابي الذي بال في المسجد قائماً، وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اتركوه". وروى مالك أن ابن عمر: "بال قائماً".
"انظر: نيل الأوطار 1/ 107، 109، فتح الباري 1/ 341، 342 طبعة الحلبي، صحيح مسلم 1/ 236، المنتقى شرح الموطأ 1/ 128 وما بعدها".
3 انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 131، فواتح الرحموت 2/ 152، تيسير التحرير 3/ 56، كشف الأسرار 3/ 68 وما بعدها، مقدمة ابن الصلاح ص 51، الكفاية ص 110 وما بعدها، مختصر الطوفي ص 60، إرشاد الفحول ص 68، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.
4 يقول عبد العزيز البخاري الحنفي: "وهو مذهب عامة الفقهاء والمحدثين، وذهب القاضي أبو بكر الباقلاني وجماعة إلى أن الجرح المطلق مقبول""كشف الأسرار 3/ 68". وقال البزدوي: "وأما الطعن من أئمة الحديث فلا يقبل مجملاً، لأن العدالة ظاهرة
…
، ثم قال: لا يقبل في الشهادة من المزكي الجرح المطلق، فهذا أولى". "أصول البزدوي مع كشف الأسرار 3/ 68".
عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ قَالُوا: لأَنَّ الْمُحَدِّثَ ثِقَةٌ وَقَدْ ضَعَّفَهُ1.
"وَ" إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْجَرْحَ الْمُطْلَقَ، وَلا التَّضْعِيفَ الْمُطْلَقَ وَوُجِدَ "لا يَلْزَمُ تَوَقُّفٌ" عَنْ الْعَمَلِ بِذَلِكَ الْخَبَرِ "إلَى" حِينِ "تَبْيِينِ" الْجَرْحِ، أَوْ2 التَّضْعِيفِ، بِخِلافِ الشَّهَادَةِ؛ لأَنَّ الْخَبَرَ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْقَدْحُ، وَالشَّهَادَةُ آكَدُ3. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ4.
وَقِيلَ: بَلَى فَيُتَوَقَّفُ5 حَتَّى يَتَبَيَّنَ السَّبَبُ الَّذِي أَطْلَقَهُ؛ لأَنَّهُ أَوْجَبُ رِيْبَةً6، وَإِلَاّ لانْسَدَّ بَابُ الْجَرْحِ غَالِبًا. وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ مَيْلُ ابْنِ مُفْلِحٍ، وَهُوَ الأَحْوَطُ7.
1 قال الشيخ زكريا الأنصاري: "ويكفي إطلاقه أي الجرح في الرواية، كأن يقول الجارح: فلان ضعيف، أو ليس بشيء، إن عرف مذهب الجارح من أنه لا يجرح إلا بقادح، فإن لم يعرف مذهبه فلا يكفي إطلاقه""غاية الوصول ص 103".
وجاء مثل ذلك في "مسلم الثبوت وشرحه".
"انظر: فواتح الرحموت 2/ 152، تيسير التحرير 3/ 62".
2 في ب ض: و.
3 لأن الشهادة لا تقبل إلا من العدل، لقوله تعالى:{وَأَشْهِدُوْا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} الطلاق/ 2.
4 انظر: المسودة ص 254، 272.
5 في ب ع: فليتوقف.
6 في ش: رتبة. وفي د: ربيبة.
7 وهو ما أيده ابن الصلاح والشوكاني وغيرهما.
"انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 51، إرشاد الفحول ص 68، المستصفى 1/ 162، فواتح الرحموت 2/ 152، تيسير التحرير 3/ 63، المسودة ص 272".
"لا تَعْدِيلٍ" أَيْ أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ سَبَبِ التَّعْدِيلِ، اسْتِصْحَابًا لِحَالِ الْعَدَالَةِ1.
وَقِيلَ: بَلَى، لالْتِبَاسِ الْعَدَالَةِ لِكَثْرَةِ التَّصَنُّعِ2.
قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَهُوَ قَوِيٌّ، وَاشْتَرَطَهُ ابْنُ حَمْدَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ، كَاشْتِرَاطِ ذِكْرِ سَبَبِ الْجَرْحِ لِلْمُسَارَعَةِ 3إلَى التَّعْدِيلِ2، بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ.
وَعَنِ4 الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه: أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ سَبَبٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. اخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. مِنْهُمْ ابْنُ5 الْبَاقِلَاّنِيِّ. وَحُكِيَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ. فَيَكْفِي مُجَرَّدُ قَوْلِهِ "هُوَ فَاسِقٌ أَوْ عَدْلٌ" اعْتِمَادًا عَلَى الْجَارِحِ وَالْمُعَدِّلِ6.
1 وهو قول أكثر الفقهاء ومنهم الحنفية، وأكثر المحدثين ومنهم البخاري ومسلم والخطيب البغدادي.
انظر آراءهم وأدلتهم في "كشف الأسرار 3/ 69، فواتح الرحموت 2/ 151، تيسير التحرير 3/ 61، شرح تنقيح الفصول ص 365، العضد على ابن الحاجب 2/ 65، جمع الجوامع 2/ 163، الكفاية ص 99 وما بعدها، المسودة ص 269، الإحكام للآمدي 2/ 86، المستصفى 1/ 162، مقدمة ابن الصلاح ص 50، توضيح الأفكار 2/ 148، تدريب الراوي 1/ 305، نهاية السول 2/ 305، مناهج العقول 2/ 301، مختصر الطوفي ص 60، إرشاد الفحول ص 68، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93، الرفع والتكميل ص 27 وما بعدها".
2 انظر جمع الجوامع 2/ 163، نهاية السول 2/ 305، مناهج العقول 2/ 301، العضد على ابن الحاجب 2/ 65، الإحكام للآمدي 2/ 86، المستصفى 1/ 162، شرح تنقيح الفصول ص 365، فواتح الرحموت 2/ 151، 152، تيسير التحرير 3/ 61، 63، مختصر الطوفي ص 60، الكفاية ص 99، غاية الوصول ص 103، إرشاد الفحول ص 68، الرفع والتكميل ص 33.
3 في ب ض: للتعديل.
4 في ش: وعند.
5 ساقطة من ض.
6 وعلل ذلك الطوفي فقال: "لأنه إن كان خبيراً ضابطاً ذا بصيرة قُبِلَ منه، وإلا فلا........=
"وَ" لا يُشْتَرَطُ أَيْضًا ذِكْرُ سَبَبِ "تَصْحِيحٍ" لِلْخَبَرِ. فَيَكْفِي قَوْلُ مَنْ يُعْتَدُّ1 بِقَوْلِهِ "هَذَا الْخَبَرُ صَحِيحٌ" فَإِنَّ إطْلاقَ تَصْحِيحِهِ يَسْتَلْزِمُ تَعْدِيلَ رُوَاتِهِ2. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ سَبَبِ التَّعْدِيلِ3.
"وَيَكْفِي4 فِيهِنَّ" فِي مَسَائِلِ الْجَرْحِ وَالتَّضْعِيفِ وَالتَّعْدِيلِ وَالتَّصْحِيحِ إذَا وُجِدَتْ بِشُرُوطِهَا "وَ" فِي "تَعْرِيفِ" عَدْلٍ "وَاحِدٍ لَيْسَ مِنْ عَادَتِه"ِ أَيْ: لَيْسَ مِنْ5 عَادَةِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ "تَسَاهُلٌ" فِي التَّعْدِيلِ "أَوْ مُبَالَغَةٌ" فِي الْجَرْحِ عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ6.
= أو يطالب بالسبب" "مختصر الطوفي ص 60". وعلله الموفق أيضاً فقال: "لأن أسباب الجرح معلومة، فالظاهر لا يجرح إلا بما يعلمه". "الروضة ص 59". وهذا ما رجحه الآمدي والقرافي ومن تبعهما.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 86، شرح تنقيح الفصول ص 365، توضيح الأفكار 2/ 144، الكفاية ص 107، العضد على ابن الحاجب 2/ 65، جمع الجوامع 2/ 163 وما بعدها، المسودة ص 269 وما بعدها، نهاية السول 2/ 305، مناهج العقول 2/ 301، المستصفى 1/ 162، فواتح الرحموت 2/ 151، تيسير التحرير 3/ 61، الروضة ص 59، غاية الوصول ص 103، إرشاد الفحول ص 66، 68، المدخل إلى مذهب أحمد ص 63، الرفع والتكميل ص 33".
1 في ز ش: يعتقد.
2 في ش: روايته. وفي ض: راويه.
3 انظر: تيسير التحرير 3/ 62، توضيح الأفكار 1/ 309، المسودة ص 251، والمراجع السابقة.
4 في ع: فيكفي.
5 ساقطة من ع.
6 منهم القاضي أبو بكر الباقلاني والإمام فخر الدين الرازي والآمدي وغيرهم.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 85، المستصفى 1/ 162، نهاية السول 2/ 305، مناهج العقول 2/ 300، جمع الجوامع 2/ 163، الكفاية ص 96، المسودة ص 271، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 64، تدريب الراوي 1/ 308، توضيح الأفكار 2/ 120 وما بعدها، مقدمة ابن الصلاح ص 52، تيسير التحرير 3/ 58، فواتح الرحموت 2/ 150، اللمع ص 43، الروضة ص 59، مختصر الطوفي ص 61، إرشاد الفحول ص 66، شرح تنقيح الفصول ص 365".
وانظر شروط الجارح والمعدل في "الرفع والتكميل ص 16 وما بعدها".
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ وَالْجُمْهُورُ: يَكْفِي جَرْحُ وَاحِدٍ وَتَعْدِيلُهُ؛ لأَنَّ الشَّرْطَ لا يَزِيدُ عَلَى مَشْرُوطِهِ. وَيَكْفِي فِي الرِّوَايَةِ وَاحِدٌ لا الشَّهَادَةُ. فَتَعْدِيلُ الرَّاوِي تَبَعٌ لِلرِّوَايَةِ وَفَرْعٌ لَهَا؛ لأَنَّهُ إنَّمَا يُرَادُ لأَجْلِهَا، وَالرِّوَايَةُ لا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَدُ، بَلْ يَكْفِي فِيهَا رَاوٍ وَاحِدٌ. فَكَذَا مَا هُوَ تَبَعٌ وَفَرْعٌ لَهَا. فَلَوْ قُلْنَا: تُقْبَلُ رِوَايَةُالْوَاحِدِ، وَلا يَكْفِي فِي تَعْدِيلِهِ إلَاّ اثْنَانِ1، لَزَادَ الْفَرْعُ عَلَى أَصْلِهِ. وَزِيَادَةُ الْفُرُوعِ عَلَى أُصُولِهَا غَيْرُ مَعْهُودَةٍ عَقْلاً وَلا شَرْعًا2.اهـ.
وَكَمَا أَنَّ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ مِنْ فُرُوعِ الرِّوَايَةِ: كَذَلِكَ التَّعْرِيفُ.
وَاعْتَبَرَ قَوْمٌ الْعَدَدَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ. مِنْهُمْ ابْنُ حَمْدَانَ فِي مُقْنِعِهِ. كَالشَّهَادَةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ؛ لأَنَّهَا شَهَادَةٌ، فَاعْتُبِرَ لَهَا الْعَدَدُ3. رُدَّ بِأَنَّهُ خَبَرٌ لا شَهَادَةٌ4.
وَاعْتَبَرَ قَوْمٌ الْعَدَدَ فِي الْجَرْحِ فَقَطْ فِي الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ5.
1 في ض: ثنان.
2 انظر: المستصفى 1/ 162، الإحكام للآمدي 2/ 85، العضد على ابن الحاجب 2/ 64، فواتح الرحموت 2/ 150- 151، تيسير التحرير 3/ 58، شرح تنقيح الفصول ص 365، المسودة ص 271، مختصر الطوفي ص 61، إرشاد الفحول ص 66، الرفع والتكميل ص 51.
3 وذهب إلى ذلك بعض الشافعية. انظر أدلة هذا الرأي ومناقشتها في "المستصفى 1/ 162، نهاية السول 3/ 305، مناهج العقول 2/ 300، العضد على ابن الحاجب 2/ 64، فواتح الرحموت 2/ 150، تيسير التحرير 3/ 58، شرح تنقيح الفصول ص 365، توضيح الأفكار 2/ 121، اللمع ص 43، مختصر الطوفي ص 61، إرشاد الفحول ص 66".
4 انظر: فواتح الرحموت 2/ 151، اللمع ص 43.
5 وفي قول يشترط اثنان في الرواية والشهادة، وفي قول يثبت الجرح والتعديل بواحد في الرواية والشهادة، وهو قول الباقلاني، واختاره الكمال بن الهمام وأكثر الحنفية. وقال الإمام محمد: يشترط اثنان في تزكية الشهادة لطمأنينة القلب. وقال الخصاف: يشترط العدد بتزكية العلانية دون السر.
"انظر: تيسير التحرير 3/ 58- 59، كشف الأسرار 3/ 37- 38، نهاية السول 2/ 305، مناهج العقول 2/ 300، مقدمة ابن الصلاح ص 52، توضيح الأفكار 2/ 121، العضد على ابن الحاجب 2/ 64، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 163، الكفاية ص 96، المغني 10/ 58، 60".
"وَمَنْ اشْتَبَهَ اسْمُهُ" مِنْ الْعُدُولِ "بِمَجْرُوحٍ وُقِفَ خَبَرُهُ" أَيْ الْخَبَرُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الاشْتِبَاهُ، حَتَّى يُتَحَقَّقَ أَمْرُهُ. وَذَلِكَ لاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي ذَلِكَ الْمَجْرُوحَ. فَلا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، بَلْ يُتَوَقَّفُ حَتَّى يُعْلَمَ هَلْ هُوَ الْمَجْرُوحُ أَوْ غَيْرُهُ؟ وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُ الْمُدَلِّسُونَ مِثْلَ هَذَا يَذْكُرُونَ الرَّاوِيَ الضَّعِيفَ بِاسْمٍ يُشَارِكُهُ فِيهِ رَاوٍ ثِقَةٌ، لِيُظَنَّ أَنَّهُ ذَلِكَ الثِّقَةُ تَرْوِيجًا لِرِوَايَتِهِمْ1.
"وَلا شَيْءَ لِجَرْحٍ بِاسْتِقْرَاءٍ" يَعْنِي أَنَّهُ لا يُلْتَفَتُ إلَى ذِكْرِ الْجَرْحِ بِطَرِيقِ الاسْتِقْرَاءِ.
وَمَعْنَى الاسْتِقْرَاءِ: التَّتَبُّعُ، بِأَنْ يُقَالَ: تَتَبَّعْنَا كَذَا فَوَجَدْنَاهُ كَذَا مِرَارًا كَثِيرَةً لَمْ يَنْخَرِمْ فِي مَرَّةٍ مِنْهَا2.
فَلَوْ قِيلَ: مَنْ وَجَدْنَاهُ يَعْمَلُ كَذَا فَهُوَ مَجْرُوحٌ. وَاسْتَقْرَيْنَا ذَلِكَ فِي أَشْخَاصٍ كَثِيرَةٍ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ. فَهَذَا لَيْسَ بِجَرْحٍ، وَلَيْسَ مِنْ طُرُقِ الْجَرْحِ حَتَّى يُحْكَمَ3 بِهِ.
قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَخَذْتُهَا مِنْ كَلامِ ابْنِ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ.
1 انظر: المستصفى 1/ 162، الكفاية ص 371 وما بعدها، تدريب الراوي 1/ 322، اللمع ص 43، الروضة ص 59، مختصر الطوفي ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.
2 انظر: التعريفات للجرجاني ص 18.
3 في ع: نحكم.
"وَلَهُ جَرْحٌ" أَيْ وَلِلْجَارِحِ الْجَرْحُ فِي الرَّاوِي "بِ" سَبَبِ "اسْتِفَاضَةٍ" أَيْ إشَاعَةٍ عَنْ مُحَدِّثٍ أَنَّ فِيهِ صِفَةً تُوجِبُ رَدَّ الْحَدِيثِ. فَيَجُوزُ الْجَرْحُ بِذَلِكَ. كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالاسْتِفَاضَةِ فِي مَسَائِلَ مَخْصُوصَةٍ ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ1.
وَمَنَعَ الْجَرْحَ بِذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ الْجَرْحُ بِالاسْتِفَاضَةِ وَلا تُقْبَلُ، كَمَا أَنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُ2 أَنْ يُزَكِّيَهُ بِالاسْتِفَاضَةِ.
"لا تَزْكِيَةٍ"3 يَعْنِي أَنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُ4 أَنْ يُزَكِّيَ بِالاسْتِفَاضَةِ مَنْ شَاعَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الأَكْثَرِ.
"وَقِيلَ: بَلَى، إذَا شَاعَتْ عَدَالَتُهُ. كَأَحَدِ الأَئِمَّةِ. وَجَعَلَهُ" 5أَيْ: وَجَعَلَ4 "صَاحِبُ التَّحْرِيرِ" الَّذِي هُوَ أَصْلُ "كِتَابِنَا""الْمَذْهَبَ فِي أَصْلِهِ"أَيْ أَصْلِ "كِتَابِنَا"، وَهُوَ "التَّحْرِيرُ". وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِمَنْ شَاعَتْ إمَامَتُهُ وَعَدَالَتُهُ 6مِنْ الأَئِمَّةِ5. فَإِنَّهُ يُزَكَّى بِالاسْتِفَاضَةِ.
قَالَ صَاحِبُ الأَصْلِ، قُلْت: وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ. فَإِنَّهُ كَانَ يَسْأَلُهُ7 الْوَاحِدُ مِنْهُمْ8 عَنْ
1 تقبل الشهادة بالاستفاضة في النسب والولادة والموت والنكاح والولاية والعزل والملك المطلق والوقف والعتق والولاء، مع اختلاف بين الفقهاء في هذه الحالات.
"انظر: المغني 10/ 141، الوجيز للغزال 2/ 254، المحرر في الفقه 2/ 244، شرح منح الجليل 4/ 271، بدائع الصنائع 6/ 266".
2 ساقطة من ض.
3 في ش ب ز: يزكيه.
4 ساقطة من ض. ومشطوب عليها في ع.
5 ساقطة من ب ع ض.
6 ساقطة من ش ز.
7 في ش ب ز ع: يُسأَلُ.
8 ساقطة من ض.
مِثْلِهِ. فَيَقُولُ: ثِقَةٌ: لا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ. كَمَا لا1 يُسْأَلُ مَثَلاً عَنْ الإِمَامِ مَالِكٍ وَالأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَنَحْوِهِمْ2.
قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ: "هَذَا صَحِيحُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَعَلَيْهِ الاعْتِمَادُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: الْخَطِيبُ3، وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِمَالِكٍ وَشُعْبَةَ4
1 ساقطة من ز ش.
2 انظر: فواتح الرحموت 2/ 148، تيسير التحرير 3/ 49، توضيح الأفكار 2/ 124، تدريب الراوي 1/ 301، الكفاية ص 86، شرح تنقيح الفصول ص 365، اللمع ص 43، إرشاد الفحول ص 66، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.
3 هو أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، أبو بكر الحافظ، المعروف بالخطيب. كان من الحفاظ المتقنين، والعلماء المتبحرين. وصنف قريباً من مائة مصنف، أهمها:"تاريخ بغداد" الذي يدل على اطلاع عظيم، و"الجامع"، و"الكفاية"، و"شرف أصحاب الحديث"، و"الرحلة في طلب الحديث"، و"الفقيه والمتفقه" وغيرها. وكان محدثاً ومؤرخاً وفقيهاً وأديباً، وهو محدث الشام والعراق. توفي سنة 463 هـ ببغداد.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 29، وفيات الأعيان 1/ 76، البداية والنهاية 12/ 101، تذكرة الحفاظ 3/ 1135، طبقات الحفاظ ص 434، تبيين كذب المفتري ص 268، شذرات الذهب 3/ 311، التاج المكلل ص 32، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 164".
وانظر: الكفاية ص 86.
4 هو شعبة بن الحجاج بن الورد العَتَكي الأزدي مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثم البصري، الإمام المشهور، وهو من تابعي التابعين وأعلام المحدثين وكبار المحققين. قال الإمام أحمد:"لم يكن في زمن شعبة مثله في الحديث، ولا أحسن حديثاً منه، قسم له منه حظ". وقال الشافعي: "لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق". وهو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين وعدالتهم. توفي سنة 160 هـ بالبصرة.
انظر تر جمته في تذكرة الحفاظ 1/ 193، طبقات الحفاظ ص 83، تذيب الأسماء 1/ 245، شذرات الذهب 1/ 247، الخلاصة ص 166، حلية الأولياء 7/ 144، تاريخ بغداد 9/ 255.
وَالسُّفْيَانَيْنِ1 وَالأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ2 وَابْنِ الْمُبَارَكِ 3وَوَكِيعٍ وَأَحْمَدَ وَابْنِ مَعِينٍ4 وَابْنِ الْمَدِينِيِّ4، وَمَنْ جَرَى
1 هما سفيان بن عيينة وسفيان الثوري، وقد مرت ترجمتهما.
2 هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم، المصري، التابعي، الحافظ، الفقيه المجتهد، شيخ الديار المصرية في الفقه والحديث. كان ورعاً فاضلاً، عالماً كريماً، إماماً.
أجمع العلماء على جلالته وإمامته وعلو مرتبته في الفقه والحديث. قال الشافعي: "الليث بن سعد أفقه من مالك، إلا أنه ضيعه أصحابه". واستقل بالفتوى في زمانه بمصر، وكان عربي اللسان، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الحديث والشعر. توفي سنة 175 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "طبقات الفقهاء ص 78، تذكرة الحفاظ 1/ 224، طبقات الحفاظ ص 95، تهذيب الأسماء 2/ 73، حسن المحاضرة 1/ 301، شذرات الذهب 1/ 285، وفيات الأعيان 3/ 280، مشاهير علماء الأمصار ص 191، الخلاصة ص 323، طبقات القراء 2/ 34".
3 ساقطة من ض.
وابن المديني هو علي بن عبد الله بن جعفر بن المديني السعدي مولاهم، أبو الحسن
البصري، أحد الأئمة الأعلام، حفاظ الإسلام، انعقد الإجماع على جلالته وإمامته. وله التصانيف الحسان. روى عنه أحمد والبخاري وأبو داود وأبو حاتم: وخلق. قال أبو حاتم: "كان علماً في الناس في معرفة الحديث والعلل، وكان أحمد لا يسميه تبجيلاً له، إنما يدعوه بكنيته". توفي سنة 234هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 145ن طبقات الفقهاء ص 103، تذكرة الحفاظ 2/ 428، طبقات الحفاظ ص 184، تهذيب الأسماء 1/ 350، تاريخ بغداد 11/ 458، الخلاصة ص 275، شذرات الذهب 2/ 81، طبقات الحنابلة 1/ 225، المنهج الأحمد
1/ 97".
4 هو يحيى بن معين بن عون الغَطَفاني مولاهم، أبو زكريا البغدادي، أحد الأئمة الأعلام، الحافظ، العالم، المتفنن. قال الخطيب:"كان إماماً ربانيًّا، عالماً، حافظاً، ثبتاً، متقناً". وقال ابن المديني: "ما أعلم أحداً كتب ما كتب يحيى بن معين". ورى له أصحاب الكتب الستة. قال الإمام أحمد: "كل حديث لا يعرفه يحيى فليس بحديث". وكان بينه وبين أحمد مودة. توفي بالمدينة سنة 233هـ، وقيل غير ذلك، حمل على سرير النبي صلى الله عليه وسلم.
انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 5/ 190، تذكرة الحفاظ 2/ 429، تهذيب الأسماء 2/ 156، طبقات الحفاظ ص 185، الخلاصة ص 428، تاريخ بغداد 14/ 177، شذرات الذهب 2/ 79، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 654، طبقات الحنابلة 1/ 402، المنهج الأحمد 1/ 93".
مَجْرَاهُمْ فِي نَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَاسْتِقَامَةِ الأَمْرِ فَلا1 يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ هَؤُلاءِ وَأَمْثَالِهِمْ، وَإِنَّمَا2 يُسْأَلُ عَمَّنْ خَفِيَ أَمْرُهُ عَنْ3 الطَّالِبِينَ4".
"وَيُقَدَّمُ5 جَرْحٌ" يَعْنِي: إذَا جَرَحَ رَاوِيًا وَاحِدٌ6 فَأَكْثَرُ، وَعَدَّلَهُ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ، قُدِّمَ الْعَمَلُ بِجَرْحِهِ عَلَى الْعَمَلِ بِتَعْدِيلِهِ؛ لأَنَّ الْجَارِحَ7 مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا الْمُعَدِّلُ. وَهَذَا الصَّحِيحُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الأَكْثَرُ8.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنْ كَثُرَ عَدَدُ 9الْمُجَرِّحِينَ عَلَى عَدَدِ7 الْمُعَدِّلِينَ قُدِّمَ الْجَرْحُ وَإِلَاّ فَلا10.
1 في ز ع ش ب ض: ولا. وما أثبتناه في الأعلى من مقدمة ابن الصلاح.
2 في ع: فإنما. وفي ض: إنما.
3 في الكفاية: على.
4 مقدمة ابن الصلاح ص 50.
وانظر: تدريب الراوي 1/ 301، الكفاية ص 86، شرح تنقيح الفصول ص 365، فواتح الرحموت 2/ 148، تيسير التحرير 3/ 49، اللمع ص 43، إرشاد الفحول ص 66-67.
5 في ش: وبعدم.
6 في ش ب ز ع: واحداً. وهو خطأ نحوي.
7 في ش: المجروح.
8 انظر: مناهج العقول 2/ 302، مقدمة ابن الصلاح ص 52، توضيح الأفكار 2/ 158، جمع الجوامع 2/ 164، الكفاية ص 105، العضد على ابن الحاجب 2/ 65، شرح تنقيح الفصول ص 366، الإحكام لابن حزم 1/ 130، الإحكام للآمدي 2/ 87، تدريب الراوي 1/ 309، المسودة ص 272، فواتح الرحموت 2/ 154، تيسير التحرير 3/ 60، نهاية السول 2/ 305، المستصفى 1/ 163، اللمع ص 44، الروضة ص 59، غاية الوصول ص 103، مختصر الطوفي ص 61، المدخل إلى مذهب أحمد ص 94، الرفع والتكميل ص 54.
9 ساقطة من ش.
10 وهناك قول ثالث بتقديم التعديل على الجرح، وقول بالتعارض مع الحاجة إلى مرجح، وقول بتقديم الأكثر من أية جهة، وقول بتقديم الجرح إن فسر، وإلا يقدم التعديل.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 87، المستصفى 1/ 163، نهاية السول 2/ 305، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 164، العضد على ابن الحاجب 2/ 66، المسودة ص 272، شرح تنقيح الفصول ص 366، فواتح الرحموت 2/ 154، تيسير التحرير 3/ 60، توضيح الأفكار 2/ 161، تدريب الراوي 1/ 310، مقدمة ابن الصلاح ص 52، الروضة ص 59، مختصر الطوفي ص 61، إرشاد الفحول ص 68-69، الرفع والتكميل ص 59".
وَلِلتَّعْدِيلِ مَرَاتِبُ أُشِيرَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ:
"وَأَقْوَى تَعْدِيلٍ" أَيْ أَعْلَى مَرَاتِبِهِ "حُكْمُ مُشْتَرَطِ الْعَدَالَةِ بِهَا" أَيْ بِالْعَدَالَةِ. وَهَذَا بِلا خِلافٍ1.
قَالَ2 ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ: وَحُكْمُ الْحَاكِمِ تَعْدِيلٌ اتِّفَاقًا. أَطْلَقَهُ فِي الرَّوْضَةِ3. وَمُرَادُهُ: مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ4 حَاكِمٌ يَشْتَرِطُ الْعَدَالَةَ، وَهُوَ تَعْدِيلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِلَاّ كَانَ الْحَاكِمُ فَاسِقًا لِقَبُولِ شَهَادَةِ مَنْ5 لَيْسَ عَدْلاً عِنْدَهُ.
"فَقَوْلٌ" أَيْ: فَيَلِي6 هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ التَّعْدِيلُ بِالْقَوْلِ.
"وَأَعْلاهُ" أَيْ مِنْ7 أَعْلَى التَّعْدِيلِ بِالْقَوْلِ قَوْلُ الْمُعَدِّلِ هُوَ "عَدْلٌ رَضِيٌّ، مَعَ ذِكْرِ سَبَبِهِ" أَيْ سَبَبِ التَّعْدِيلِ بِأَنْ يُثْنِيَ8 عَلَيْهِ بِذِكْرِ مَحَاسِنِ عَمَلِهِ
1 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 88، المستصفى 1/ 163، نهاية السول 2/ 306، مناهج العقول 2/ 302، العضد على ابن الحاجب 2/ 66، جمع الجوامع 2/ 164، فواتح الرحموت 2/ 149، الروضة ص 60، إرشاد الفحول ص 66، غاية الوصول ص 103، مختصر الطوفي ص 61، تيسير التحرير 3/ 50، المدخل إلى مذهب أحمد ص 94، الرفع والتكميل ص 70 وما بعدها.
2 في ع: وقال.
3 الروضة ص 60.
4 في ش ع: غير.
5 في ب ع ض: ما.
6 في ش: قبل.
7 ساقطة من ب ع ض.
8 في ش: يبني.
مِمَّا يُعْلَمُ مِنْهُ مِمَّا يَنْبَغِي شَرْعًا مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَاسْتِعْمَالِ وَظَائِفِ الْمُرُوءَةِ1.
فَبِدُونِهِ أَيْ فَيَلِي هَذِهِ2 الْمَرْتَبَةَ قَوْلُهُ: هُوَ عَدْلٌ رَضِيٌّ بِدُونِ ذِكْرِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ، وَيَتَفَاوَتُ هَذَا أَيْضًا. فَأَعْلاهُ تَكْرِيرُ3 اللَّفْظِ، بِأَنْ يَقُولَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ، أَوْ عَدْلٌ عَدْلٌ، 4أَوْ ثِقَةٌ عَدْلٌ12، أَوْ ثِقَةٌ مُتْقِنٌ، أَوْ ثِقَةٌ ثَبْتٌ، أَوْ ثِقَةٌ حُجَّةٌ أَوْ ثِقَةٌ حَافِظٌ، أَوْ ثِقَةٌ ضَابِطٌ5.
وَيَلِيهِ: ذِكْرُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ، 6وَهُوَ أَنْ2 يَأْتِيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ7.
وَيَلِيهِ قَوْلُ الْمُعَدِّلِ: هُوَ صَدُوقٌ، أَوْ مَأْمُونٌ، أَوْ خِيَارٌ، أَوْ لا بَأْسَ وَنَحْوُهُ8.
وَيَلِيهِ قَوْلُ الْمُعَدِّلِ: مَحِلُّهُ الصِّدْقُ، أَوْ رَوَوْا عَنْهُ، أَوْ صَالِحُ الْحَدِيثِ أَوْ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، أَوْ حَسَنُ الْحَدِيثِ، أَوْ صُوَيْلِحٌ، أَوْ صَدُوقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ
1 انظر: المستصفى 1/ 163، نهاية السول 2/ 306، مناهج العقول 2/ 302، الإحكام للآمدي 2/ 88، الروضة ص 59، مختصر الطوفي ص 61، المدخل إلى مذهب أحمد ص 94.
2 في ع: بهذه.
3 في ع ض: تكرار.
4 ساقطة من ض.
5 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 88، المستصفى 1/ 163، فواتح الرحموت 2/ 148، تيسير التحرير 3/ 49، توضيح الأفكار 2/ 262، تدريب الراوي 1/ 342، الكفاية ص 84.
6 في ع ز ض: بأن. وفي ب: بأنه.
7 انظر: تيسير التحرير 3/ 49، فواتح الرحموت 2/ 148، توضيح الأفكار 2/ 264، مقدمة ابن الصلاح ص 58.
8 انظر: فواتح الرحموت 2/ 148، تيسير التحرير 3/ 49، مقدمة ابن الصلاح ص 58، توضيح الأفكار 2/ 265، تدريب الراوي 1/ 343.
أَرْجُو أَنْ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَنَحْوُهُ1.
"فَعُمِلَ بِرِوَايَتِهِ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ لا مُسْتَنَدَ لَهُ غَيْرُهَا" أَيْ فَيَلِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ - وَهِيَ التَّعْدِيلُ بِالْقَوْلِ - عَمَلُ مَنْ2 يُعْتَدُّ بِتَعْدِيلِهِ بِرِوَايَةِ الْمُعَدِّلِ، بِشَرْطِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْعَامِلَ بِرِوَايَتِهِ لا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي عَمَلِهِ غَيْرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ تَعْدِيلاً، لاحْتِمَالِ أَنْ3 يَكُونَ عَمِلَ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَافَقَ رِوَايَتَهُ4.
وَقَالَ5 الْمُوَفَّقُ وَأَبُو الْمَعَالِي. "إلَاّ فِيمَا الْعَمَلُ بِهِ احْتِيَاطًا"6.
قَالَ7 الْمَجْدُ فِي "الْمُسَوَّدَةِ""قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْمَقْدِسِيُّ: يَكُونُ تَعْدِيلاً إلَاّ فِيمَا الْعَمَلُ بِهِ مِنْ مَسَالِكِ الاحْتِيَاطِ". قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي مِمَّنْ يَرَى قَبُولَ مَسْتُورِ الْحَالِ، أَوْ يَجْهَلُ مَذْهَبَهُ فِيهِ8.
"وَلَيْسَ تَرْكُ عَمَلٍ بِهَا" أَيْ بِرِوَايَةِ أَحَدٍ "وَ" لا تَرْكُ عَمَلٍ "بِشَهَادَةِ"
1 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 59، توضيح الأفكار 2/ 265، 266، فواتح الرحموت 2/ 148، تيسير التحرير 3/ 49.
2 في ز ش: بمن.
3 في ز: أنه.
4 انظر: فواتح الرحموت 2/ 149، نهاية السول 2/ 306، مناهج العقول 2/ 304، الإحكام للآمدي 2/ 88، المستصفى 1/ 163، اللمع ص 44، الروضة ص 60، غاية الوصول ص 104، مختصر الطوفي ص 61، إرشاد الفحول ص 67، المدخل إلى مذهب أحمد ص 94، تيسير التحرير 3/ 50، تدريب الراوي 1/ 315، العضد على ابن الحاجب 2/ 66، جمع الجوامع 2/ 164، الكفاية ص 92، المسودة ص 269، 272.
5 في ب ز ع ض: وقاله.
6 انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/ 164، المستصفى 1/ 163، غاية الوصول ص 104، الروضة ص 60.
7 في ز ش ع ب: قاله.
8 المسودة ص 272.
أَحَدٍ "جَرْحًا" لَهُ، لاحْتِمَالِ سَبَبٍ لِتَرْكِ الْعَمَلِ غَيْرِ الْفِسْقِ. كَعَدَاوَةٍ أَوْ تُهْمَةِ قَرَابَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَلأَنَّ عَمَلَهُ قَدْ يَكُونُ مُتَوَقِّفًا عَلَى أَمْرٍ آخَرَ زَائِدٍ عَنْ الْعَدَالَةِ. فَيَكُونُ التَّرْكُ لِعَدَمِ ذَلِكَ، لا لانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ، فَلا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْجَرْحِ بِذَلِكَ مَعَ الاحْتِمَالِ1.
"ثُمَّ" يَلِي مَا تَقَدَّمَ فِي الرُّتْبَةِ "رِوَايَةُ عَدْلٍ عَادَتُهُ أَنْ2 لا يَرْوِيَ إلَاّ عَنْ عَدْلٍ".
هَذَهِ3 آخِرُ مَرَاتِبِ التَّعْدِيلِ. وَصُورَةُ ذَلِكَ: أَنَّهُ مَتَى رَوَى الثِّقَةُ عَنْ شَخْصٍ مَجْهُولِ الْحَالِ، وَكَانَتْ عَادَةُ الثِّقَةِ أَنَّهُ4 لا يَرْوِي إلَاّ عَنْ عَدْلٍ، فَتَكُونُ رِوَايَتُهُ عَنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ تَعْدِيلاً لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ. فَلَيْسَ بِتَعْدِيلٍ5.
1 انظر: المستصفى 1/ 163، الإحكام للآمدي 2/ 89، مناهج العقول 2/ 302، 304، جمع الجوامع 2/ 164، العضد على ابن الحاجب 2/ 66، الكفاية ص 114، الروضة ص 60، غاية الوصول ص 104، مختصر الطوفي ص 61، تدريب الراوي 1/ 315، فواتح الرحموت 2/ 148، تيسير التحرير 3/ 54.
2 ساقطة من ب ع ض.
3 في ز ش: هذا.
4 ساقطة من ض.
5 هذا هو الرأي الأول. وهو ما اختاره الجويني وابن القشيري والغزالي والآمدي والصفي الهندي وابن الحاجب والكمال بن الهمام وابن عبد الشكور وغيرهم. وفي المسألة قولان آخران سيذكرهما المصنف فيما يلي.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 89، المستصفى 1/ 163، نهاية السول 2/ 306، مناهج
العقول 2/ 303، جمع الجوامع 2/ 164، مختصر ابن الحاجب 2/ 66، المسودة ص 254، 273، كشف الأسرار 2/ 386، تيسير التحرير 3/ 50، 55، 56، فواتح الرحموت 2/ 150، غاية الوصول ص 104، الروضة ص 59، مختصر الطوفي ص 61، إرشاد الفحول ص 53، 67، المدخل إلى مذهب أحمد ص 94".
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي آخِرِ "شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ": اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةِ الثِّقَةِ عَنْ رَجُلٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ: هَلْ هُوَ تَعْدِيلٌ أَمْ لا؟
حَكَى1 أَصْحَابُنَا عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ2 وَحَكَوْا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ تَعْدِيلٌ، وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ خِلافُ ذَلِكَ3.
قَالَ: وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ إنْ عُرِفَ أَنَّهُ لا يَرْوِي إلَاّ عَنْ ثِقَةٍ، فَرِوَايَتُهُ عَنْ إنْسَانٍ تَعْدِيلٌ لَهُ. وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِتَعْدِيلٍ. وَصَرَّحَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا، وَأَصْحَاب الشَّافِعِيِّ4.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الأَثْرَمِ: إذَا رَوَى الْحَدِيثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ رَجُلٍ: فَهُوَ حُجَّةٌ.
قَالَ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ5: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إذَا رَوَى عَنْ رَجُلٍ لا يُعْرَفُ. فَهُوَ حُجَّةٌ.
1 في ز: وحكى.
2 انظر: المسودة ص 253، مختصر الطوفي ص 61.
3 انظر: جمع الجوامع 2/ 164، فواتح الرحموت 2/ 149، 177.
4 انظر: نهاية السول 2/ 306، العضد على ابن الحاجب 2/ 66، إرشاد الفحول ص 67.
5 هو عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان النَّصْري، أبو زرعة الدمشقي. ذكره الخلال فقال: إمام في زمانه، رفيع القدر، حافظ، عالم بالحديث والرجال، وصنف من حديث الشام ما لم يصنفه أحد
…
وجمع كتاباً لنفسه في التاريخ وعلل الرجال، سمعناه، وسمعنا منه حديثاً كثيراً، وكان عالماً بأحمد ويحيى بن معين، وسمع منهما سماعاً كثيراً
…
وروى عن أحمد. وكان محدث الشام في زمانه. توفي سنة 280 هـ، وقيل غير ذلك.
"انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 1/ 205، طبقات الحفاظ ص 266، تذكرة الحفاظ 2/ 624، الخلاصة ص 232، شذرات الذهب 2/ 177".
كما روى عن الإمام أحمد أبو زُرعة الرازي، وستأتي ترجمته فيما بعد ص 471.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ1: مَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ أَحَدٍ إلَاّ وَهُوَ ثِقَةٌ. وَذَكَرَ نُصُوصًا أُخَرَ فِي ذَلِكَ عَنْهُ.
وَعَنْ ابْنِ مَعِينٍ: إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَيُعْرَفُ كَوْنُهُ لا يَرْوِي إلَاّ عَنْ عَدْلٍ، إمَّا بِتَصْرِيحِهِ وَهُوَ الْغَايَةُ، أَوْ بِاعْتِبَارِنَا لِحَالِهِ، أَوْ اسْتِقْرَائِنَا لِمَنْ يَرْوِي عَنْهُ وَهُوَ دُونَ الأَوَّلِ. قَالَهُ2 ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَغَيْرُهُ3
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ رِوَايَةَ الثِّقَةِ عَنْ شَخْصٍ لا تَكُونُ4 تَعْدِيلاً لَهُ مُطْلَقًا5.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "أُصُولِهِ": وَرِوَايَةُ الْعَدْلِ لَيْسَتْ تَعْدِيلاً عِنْدَ أَكْثَرِ
1 هو إبراهيم بن هانئ، أبو إسحاق النيسابوري. نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وكان ورعاً صالحاً، صبوراًً على الفقر، كثير العبادة، ثقة. اختفى عنده الإمام أحمد ثلاثة أيام من الواثق. وقال الإمام أحمد: إن كان أحد من الأبدال فإبراهيم بن هانئ. وثقه أحمد والدارقطني. توفي سنة 265 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 1/ 97، المنهج الأحمد 1/ 152، شذرات الذهب 2/ 149".
وفي ب: ابن برهان. وهو خطأ.
2 في ض: قال.
3 انظر: إرشاد الفحول ص 67.
4 في ش ب ز: يكون.
5 وهو قول أكثر الشافعية وابن حزم الظاهري والخطيب. وقال ابن الصلاح: "عند أكثر العلماء من أهل الحديث وغيرهم". ثم قال: "وهو الصحيح".
"انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 53، تدريب الراوي 1/ 314، الكفاية ص 89، الرسالة للشافعي ص 374 وما بعدها، الإحكام لابن حزم 1/ 135، المسودة ص 253، 271، 273، فواتح الرحموت 2/ 150، تيسير التحرير 3/ 50، 55، نهاية السول 2/ 306، اللمع ص 44، الروضة ص 59، إرشاد الفحول ص 67، العضد على ابن الحاجب 2/ 66".
الْعُلَمَاءِ1 مِنْ الطَّوَائِفِ، وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ2.اهـ.
وَقِيلَ: إنَّهَا تَعْدِيلٌ لَهُ مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، عَمَلاً بِظَاهِرِ الْحَالِ3.
"وَلا يُقْبَلُ تَعْدِيلُ مُبْهَمٍ كَحَدَّثَنِي ثِقَةٌ أَوْ عَدْلٌ أَوْ مَنْ لا أَتَّهِمُهُ" عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ، لاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مَجْرُوحًا عِنْدَ غَيْرِهِ. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ مِنْ صُوَرِ الْمُرْسَلِ عَلَى الْخِلافِ فِيهِ4.
قَالَ الرُّويَانِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: هُوَ كَالْمُرْسَلِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَكَذَا أَبُو الْمَعَالِي، وَاخْتَارَ5 قَبُولَهُ؛ وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَشَارَ إلَيْهِ6.
وَقَبِلَهُ الْمَجْدُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُرْسَلَ وَالْمَجْهُولَ. فَقَالَ: "إذَا قَالَ الْعَدْلُ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، أَوْ مَنْ لا أَتَّهِمُهُ، أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ، وَ7نَحْوَ ذَلِكَ.
1 في ض: و.
2 انظر: تيسير التحرير 3/ 50، العضد على ابن الحاجب 2/ 66.
3 انظر هذا القول مع أدلته ومناقشتها في "فواتح الرحموت 2/ 149، 150، تيسير التحرير 3/ 50، 55، نهاية السول 2/ 306، العضد على ابن الحاجب 2/ 66، الكفاية ص 89، المسودة ص 253، 271، 273، مقدمة ابن الصلاح ص 53، تدريب الراوي 1/ 314".
4 وهو قول أبي بكر القفال الشاشي والخطيب البغدادي والصيرفي والقاضي أبي الطيب الطبري وابن حزم والشيخ أبي إسحاق الشيرازي وابن الصباغ والماوردي والروياني.
"انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 52، توضيح الأفكار 2/ 167، تدريب الراوي 1/ 310، الكفاية ص 89، المسودة ص 256 وما بعدها، جمع الجوامع 2/ 151، الإحكام لابن حزم 1/ 135، كشف الأسرار 3/ 71، إرشاد الفحول ص 67".
5 في ب ع ض: واختياره.
6 انظر: جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 151، المسودة ص 257.
7 في ش ز: أو. وما أثبتناه في الأعلى من ب ع و"المسودة".
فَإِنَّهُ يُقْبَلُ، وَإِنْ رَدَدْنَا الْمُرْسَلَ وَالْمَجْهُولَ؛ لأَنَّ ذَلِكَ تَعْدِيلٌ صَرِيحٌ عِنْدَنَا1". اهـ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ2.
وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلاحِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ يُقْبَلُ3.
وَقِيلَ: -وَنَقَلَهُ ابْنُ الصَّلاحِ عَنْ اخْتِيَارِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ-؛ إنَّهُ4 إنْ كَانَ الْقَائِلُ لِذَلِكَ5 مِنْ أَئِمَّةِ الشَّأْنِ الْعَارِفِينَ بِمَا6 يَشْتَرِطُهُ هُوَ وَخُصُومُهُ فِي الْعَدْلِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الاحْتِجَاجِ فَيُقْبَلُ؛ لأَنَّ مِثْلَ هَؤُلاءِ لا يُطْلَقُ فِي مَقَامِ الاحْتِجَاجِ إلَاّ فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ أَنْ يُخَالِفَ 7فِيهِ مَنْ10 أَطْلَقَ أَنَّهُ ثِقَةٌ8.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إذَا قَالَ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، فَتَارَةً يُرِيدُ بِهِ أَحْمَدَ9، وَتَارَةً 10يُرِيدُ بِهِ2 يَحْيَى بْنَ حَسَّانَ11، وَتَارَةً يُرِيدُ بِهِ ابْنَ
1 المسودة ص 256-257.
2 وهو قول الإمام أبي حنيفة وأكثر الحنفية.
"انظر: كشف الأسرار 3/ 72، توضيح الأفكار 2/ 167، 171، إرشاد الفحول ص 67، فواتح الرحموت 2/ 177".
3 فواتح الرحموت 2/ 177.
4 ساقطة من ش. وفي ب ز: بأنه.
5 ساقطة من ش.
6 في ب: بها.
7 في د ب ع ض: فيمن.
8 قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: "قبل في الأصح"، وهو قولٌ للإمام أحمد.
"انظر: غاية الوصول ص 100، المسودة ص 271، توضيح الأفكار 2/ 172، مقدمة ابن
الصلاح ص 52".
9 انظر: مناقب الشافعي للبيهقي 2/ 315، طبقات الحنابلة 1/ 281، 282.
10 ساقطة من ب ع ض.
11 هو يحيى بن حسان بن حيان البكري التنيسي، أبو زكريا المصري. أخذ عن.......=
أَبِي فُدَيْكٍ1، وَتَارَةً سَعِيدَ بْنَ سَالِمٍ الْقَدَّاحِ2، وَتَارَةً إسْمَاعِيلَ بْنَ إبْرَاهِيمَ3.
= الحمادين، وأخذ عنه الشافعي وأحمد بن صالح. وثقه أحمد والعجلي والنسائي والشافعي وغيرهم. وكان إماماً حجة من جلة المصريين. توفي سنة 208 هـ عن 64 سنة.
انظر ترجمته في "حسن المحاضرة 1/ 287، الخلاصة ص 422، شذرات الذهب 2/ 22". ونقل البيهقي عن الربيع بن سليمان أنه قال: "إذا قال الشافعي: أخبرني الثقة، يريد به يحيى بن حسان". ونقل أيضاً: "كان الشافعي إذا قال: "أخبرني الثقة: فإنه يريد به يحيى بن حسان". "مناقب الشافعي 1/ 533، 2/ 246، 316".
1 هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فُدَيك دينار الديلمي مولاهم، أبو إسماعيل المدني، الحافظ. كان كثير الحديث. قال في المغني:"ثقة مشهور". وقال ابن سعد: "وحده ليس بحجة". روى عنه الشافعي وأحمد وقتيبة وآدم بن أبي إياس وآخرون. توفي سنة 200 هـ.
انظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ 1/ 345، طبقات الحفاظ ص 145، الخلاصة ص 328، شذرات الذهب 1/ 359، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 505".
2 هو سعيد بن سالم القداح، أبو عثمان الخراساني ثم المكي، يروي عن ابن جريج وابن عمر. ويروي عنه الشافعي وعلي بن حرب. قال ابن معين: ليس به بأس. وأخرج له أبو داود والنسائي، وصار مفتي مكة. قال الذهبي:"مات بعد المائتين".
انظر ترجمته في "ميزان الاعتدال 2/ 139، الخلاصة ص 138، العقد الثمين 4/ 564، مناقب الشافعي 2/ 312، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 201".
3 هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسَم، الإمام الحجة، أبو بشر الأسدي البصري، ابن عُلَيَّة، وهي أمه. كان حافظاً فقيهاً، كبير القدر، ولي المظالم ببغداد زمن الرشيد، وحدّث بها إلى أن مات. قال ابن معين: ثقة ورع تقي. وقال شعبة: ابن عُلية سيد المحدثين، وعُليّة أمه.
قال ابن المديني: ما أحد أثبت بالحديث من إسماعيل. وقال: الحفاظ أربعة: إسماعيل بن
علية
…
. قال ابن قتيبة: وكان من خيار الناس، منسوب إلى أمه. مات سنة 193 هـ، وكان على مظالم محمد الأمين.
انظر ترجمته في "ميزان الاعتدال 1/ 213، المعارف ص 384، 507، شذرات الذهب 1/ 333، طبقات الحفاظ ص 133، تذكرة الحفاظ 1/ 322، تاريخ بغداد 6/ 229، طبقات المفسرين 1/ 104، تهذيب الأسماء 1/ 120، الخلاصة ص 32، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 29، الفهرست ص 317"...........=
وَاشْتُهِرَ عَنْهُ ذَلِكَ فِيهِ، وَتَارَةً يُرِيدُ مَالِكًا1.
"وَالْجَرْحُ" هُوَ أَنْ يُنْسَبَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ "إلَى قَائِلٍ مَا" أَيْ شَيْءٌ"يُرَدُّ لأَجْلِهِ" أَيْ لأَجْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ "قَوْلُهُ" أَيْ قَوْلُ ذَلِكَ الْقَائِلِ مِنْ خَبَرٍ، أَوْشَهَادَةٍ مِنْ فِعْلِ مَعْصِيَةٍ، أَوْ ارْتِكَابِ ذَنْبٍ، أَوْ مَا يُخِلُّ بِالْعَدَالَةِ2.
"وَالتَّعْدِيلُ ضِدُّهُ" وَهُوَ أَنْ يُنْسَبَ إلَى قَائِلٍ مَا يُقْبَلُ لأَجْلِهِ قَوْلُهُ: مِنْ فِعْلِ
= وجاء في جميع النسخ: إبراهيم بن إسماعيل. وهو خطأ؛ لأن البيهقي عدد أسماء من روى عنهم الشافعي، وليس فيهم إبراهيم بن إسماعيل، بل ذكر ما أثبتناه في الأعلى، فقال:"إسماعيل بن إبراهيم بن عُلية البصري". "مناقب الشافعي 2/ 314". وقال أيضاً: "قلت: وقد قال الشافعي: أخبرنا الثقة عن معمر، والمراد به "إسماعيل بن عليّة" لتسميته إياه في موضع آخر". "مناقب الشافعي 2/ 316".
أما إبراهيم بن إسماعيل بن علية فيقول عنه الذهبي: جهمي هالك، كان يناظر ويقول بخلق القرآن. مات سنة 218 هـ. "ميزان الاعتدال 1/ 20". وذكر البيهقي إبراهيم بن إسماعيل بن عُليّة وأنه كان يناقش الشافعي في خبر الواحد، ثم وصفه بأنه "مبتدع". مناقب الشافعي 1/ 211.
1 حقق الإمام أبو حاتم الرازي هذا الموضوع فقال: "إذا قال الشافعي: أخبرني الثقة عن ابن أبي ذئب، فهو ابن أبي فديك. وإذا قال: حدثني الثقة عن الليث بن سعد، فهو يحيى بن حسان. وإذا قال: أخبرني الثقة عن الوليد بن كثير، فهو أبو أسامة. وإذا قال: أخبرني الثقة عن الأوزاعي، فهو عمرو بن أبي سلمة. وإذا قال: أخبرني الثقة عن ابن جريج، فهو مسلم بن خالد الزنجي. وإذا قال: أخبرني الثقة عن صالح مولى التوأمة، فهو إبراهيم بن
يحيى. "انظر: آداب الشافعي ومناقبه ص 96".
وانظر: جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 150، تيسير التحرير 3/ 106، تدريب الراوي 1/ 313، إرشاد الفحول ص 67- 68.
2 قال ابن حجر: "الطعن يكون بعشرة أشياء: بعضها يكون أشد في القدح من بعض، خمسة منها تتعلق بالعدالة، وخمسة تتعلق بالضبط". "شرح نخبة الفكر ص 120".
وانظر في تعريف الجرح "التعريفات للجرجاني ص 78، الإحكام لابن حزم 1/ 131، مختصر الطوفي ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93، الرفع والتكميل ص 27".
الْخَيْرِ وَالْعِفَّةِ وَالْمُرُوءَةِ، وَالتَّدَيُّنِ بِفِعْلِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ. وَنَحْوِ ذَلِكَ1.
"وَتَدْلِيسُ الْمَتْنِ" وَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ "عَمْدًا: مُحَرَّمٌ وَجَرْحٌ" لِمُتَعَمِّدِهِ2.
وَ3لِلتَّدْلِيسِ مَعْنَيَانِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ وَالاصْطِلاحُ.
فَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: كِتْمَانُ الْعَيْبِ فِي مَبِيعٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَيُقَالُ: دَالَسَهُ: خَادَعَهُ، كَأَنَّهُ مِنْ الدَّلَسِ وَهُوَ الظُّلْمَةُ؛ لأَنَّهُ إذَا غَطَّى عَلَيْهِ الأَمْرُ أَظْلَمَهُ عَلَيْهِ4.
وَأَمَّا فِي الاصْطِلاحِ فَقِسْمَانِ: قِسْمٌ مُضِرٌّ يَمْنَعُ الْقَبُولَ. وَقِسْمٌ لا يَضُرُّ.
فَالْمُضِرُّ: هُوَ تَدْلِيسُ الْمَتْنِ. وَسَمَّاهُ الْمُحَدِّثُونَ: الْمُدْرِجِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ – اسْمُ فَاعِلٍ. فَالرَّاوِي لِلْحَدِيثِ إذَا أَدْخَلَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ كَلامِهِ أَوَّلاً أَوْ5 آخِرًا أَوْ وَسَطًا عَلَى وَجْهٍ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ.
وَفَاعِلُهُ عَمْدًا مُرْتَكِبٌ مُحَرَّمًا مَجْرُوحٌ6 عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغِشِّ. أَمَّا لَوْ اتَّفَقَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْ صَحَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، فَلا يَكُونُ ذَلِكَ مُحَرَّمًا7.
1 انظر في تعريف التعديل "مختصر الطوفي ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 93.الرفع والتكميل ص 27".
2 انظر: اللمع ص 42، جمع الجوامع 2/ 165، غاية الوصول ص 104، شرح نخبة الفكر ص 135.
3 ساقطة من ع ض.
4 انظر: المصباح المنير 1/ 305، القاموس المحيط 2/ 224.
5 في ب: و.
6 ساقطة من ش.
7 المدرج أنواع كثيرة ذكرها علماء الحديث وفصلوا القول فيها
"انظر: تدريب الراوي 1/ 268، توضيح الأفكار 2/ 51 وما بعدها، مقدمة ابن الصلاح ص 45، 46، إرشاد الفحول ص 55".
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي التَّشَهُّدِ1. قَالَ فِي آخِرِهِ "فَإِذَا2 قُلْت هَذَا، فَإِنْ شِئْت أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْت أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ" وَهُوَ مِنْ كَلامِهِ، لا مِنْ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ: وَهَذَا مِنْ الْمُدْرَجِ أَخِيرًا3.
وَمِثَالُ4 الْمُدْرَجِ أَوَّلاً: مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ" 5، فَإِنَّ "أَسْبِغُوا
1 روى البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد، كفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن: "التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله".
قال الترمذي: حديث ابن مسعود أصح حديث في التشهد، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين.
"انظر: صحيح البخاري 1/ 150، صحيح مسلم 1/ 302، مسند أحمد 1/ 376، سنن أبي داود 1/ 221، تحفة الأحوذي 2/ 171، سنن النسائي 2/ 189، سنن ابن ماجه 1/ 291".
2 في ع: وإذا.
3 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 45، معرفة علوم الحديث ص 39، شرح نخبة الفكر ص 136، تدريب الراوي 1/ 268، توضيح الأفكار 2/ 53.
4 في ش: وقال.
5 روى البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لم يغسل عقبه فقال: "ويلٌ للأعقاب من النار". ورواه أحمد عن جابر أيضاً.
وروى أبو داود والنسائي عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "أسبغوا الوضوء"، وفي رواية:"أمرنا أن نسبغ الوضوء، ويل للأعقاب من النار".......=
الْوُضُوءَ" مِنْ كَلامِ أَبِي هُرَيْرَةَ1.
وَمِثَالُ الْوَسَطِ: مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ3 رَضِيَ
= ووروى البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجه عن عمرو بن العاص مرفوعاً بلفظ: "أتموا الوضوء، ويل للأعقاب من النار".
وروى مالك وأحمد وغيرهما أن عبد الرحمن بن أبي بكر دخل عند عائشة، فتوضأ عندها فقالت: يا عبد الرحمن، أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ويل للأعقاب من النار".
"انظر: صحيح البخاري 1/ 21، 43، صحيح مسلم 1/ 213، سنن أبي داود 1/ 22، سنن النسائي 1/ 66، 75، تحفة الأحوذي 1/ 152، سنن ابن ماجه 1/ 154، مسند أحمد 2/ 201، 282، 4/ 191، 5/ 425، 6/ 81، 99، موارد الظمآن ص 67، الموطأ 1/ 19، سنن الدارمي 1/ 177، نيل الأوطار 1/ 197، 199، 200، فيض القدير 2/ 366، 6/ 366".
1 انظر: شرح نخبة الفكر ص 135، توضيح الأفكار 2/ 55، أصول الحديث ص 371.
2 هو علي بن عمر بن أحمد بن مَهْدي، أبو الحسن، البغدادي، الدارقطني، الإمام الحافظ الكبير، شيخ الإسلام، حافظ الزمان، إليه النهاية في معرفة الحديث وعلومه. وكان يدعى فيه أمير المؤمنين، وكان إماماً في القراءات والنحو. قال الخطيب:"كان فريد عصره، وإمام وقته، وانتهى إليه علم الأثر والمعرفة بالعلل وأسماء الرجال مع الصدق والثقة وحسن الاعتقاد". وله مصنفات كثيرة، منها:"السنن"، و"العلل"، و"الأفراد"، و"المختلف والمؤتلف"، و"المعرفة بمذاهب الفقهاء"، و"المعرفة بالأدب والشعر". توفي سنة 385 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في طبقات الحفاظ ص 393، تذكرة الحفاظ 3/ 991، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 462، وفيات الأعيان 1/ 459، طبقات القراء 1/ 558، تاريخ بغداد 12/ 34.
3 هي الصحابية بُسرة بنت صفوان بن نوفل الأسدية. وهي خالة مروان بن الحكم، وجدة عبد الملك بن مروان، وهي بنت أخي ورقة بن نوفل، وأخت عقبة بن أبي معيط لأمه، كانت تحت المغيرة بن أبي العاص، فولدت له معاوية وعائشة. روي لها أحد عشر حديثاً. قال الشافعي:"لها سابقة قديمة وهجرة". وكانت من المبايعات.
انظر ترجمتها في "الإصابة 4/ 252، الاستيعاب 4/ 249، تهذيب الأسماء 2/ 332، الخلاصة ص 489".
اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، أَوْ أُنْثَيَيْهِ أَوْ رُفْغَهُ1، فَلْيَتَوَضَّأْ2" قَالَ: فَذِكْرُ الأُنْثَيَيْنِ، وَالرُّفْغِ مُدْرَجٌ، إنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ الرَّاوِي عَنْ بُسْرَةَ3.
وَ4مَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى الْمُحَدِّثِينَ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَنْ يَرِدَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلامِ الرَّاوِي، وَهُوَ طَرِيقٌ ظَنِّيٌّ، قَدْ يَقْوَى وَقَدْ يَضْعُفُ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُحَدِّثُ عَمْدًا، بِأَنْ قَصَدَ إدْرَاجَ كَلامِهِ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ تَبْيِينٍ، بَلْ دَلَّسَ ذَلِكَ: كَانَ فِعْلُهُ حَرَامًا، وَيَصِيرُ مَجْرُوحًا مَرْدُودَ الْحَدِيثِ5.
"و"َ الْقِسْمُ الثَّانِي "غَيْرُهُ" أَيْ غَيْرُ الْمُضِرِّ الَّذِي هُوَ تَدْلِيسُ الْمَتْنِ "مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا6" وَلَهُ صُوَرٌ:
إحْدَاهَا 7: أَنْ يُسَمِّيَ شَيْخَهُ فِي رِوَايَتِهِ8 بِاسْمٍ لَهُ غَيْرِ مَشْهُورٍ مِنْ كُنْيَةٍ
1 في سنن الدارقطني: رفغيه.
2 سنن الدارقطني 1/ 148.
الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك والشافعي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارمي وابن الجارود، بدون الزيادة. وسبق تخريجه ص 367.
3 سنن الدارقطني 1/ 148.
وانظر: توضيح الأفكار 2/ 56، شرح نخبة الفكر ص 135.
4 ساقطة من ض.
5 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 46، شرح نخبة الفكر ص 137، أصول الحديث ص 372، توضيح الأفكار 2/ 62.
6 انظر: شرح نخبة الفكر ص 115، تدريب الراوي 1/ 228، الكفاية ص 355، شرح النووي على مسلم 1/ 33، اللمع ص 42، المسودة ص 276، فواتح الرحموت 2/ 149، تيسير التحرير 3/ 56.
7 في ض: أحدها.
8 في ش: رواية.
أَوْ لَقَبٍ أَوْ اسْمٍ1 وَنَحْوِهِ، كَقَوْلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ الْمُقْرِئُ الإِمَامِ2: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى. يُرِيدُ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيَّ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَسَد3،4وَيُرِيدُ بِهِ5 النَّقَّاشَ5 الْمُفَسِّرَ6 - نِسْبَةً إلَى جَدِّهِ - وَهُوَ كَثِيرٌ جِدًّا، وَيُسَمَّى هَذَا "تَدْلِيسَ الشُّيُوخِ7".
1 ساقطة من ض.
2 هو أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد، المقرئ، الإمام الحافظ، أبو بكر التميمي، شيخ القراء في وقته. قال ثعلب: ما بقي في عصرنا أعلم بكتاب الله من ابن مجاهد. وكان ذا علم واسع، وبراعة وفهم، وصدق لهجة، وعبادة ونسك، وكان شافعي المذهب، كما كان بصيراً بالقراءات وعللها، وازدحم عليه الطلبة للقراءة والعلم، وصنف "القراءات السبعة". توفي سنة 324 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 57، طبقات القراء 1/ 139، شذرات الذهب 1/ 139، تذكرة الحفاظ 3/ 820، معرفة القراء الكبار 1/ 216".
3 في ش: أسيد.
4 في ب ع ض: يريد.
5 في ش: النعاس.
6 هو محمد بن الحسن بن زياد، المقرئ، المفسر، المعروف بالنقاش، أبو بكر، الموصلي الأصل، البغدادي، الإمام في القراءات والتفسير وكثير من العلوم. وكان إمام أهل العراق في القراءة والتفسير. وصنف في التفسير "شفاء الصدور"، كما صنف في غيره. فمن ذلك:"الإشارة إلى غريب القرآن"، و"الموضح في القرآن ومعانيه"، و"المناسك"، و"دلائل النبوة"، و"المعجم الكبير والأوسط والأصغر" في أسماء القرآن. وله أحاديث مناكير. ولد سنة 266 هـ، وتوفي سنة 351 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات المفسرين 2/ 132، طبقات القراء 2/ 119، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 145، طبقات الحفاظ ص 370، تذكرة الحفاظ 3/ 908، شذرات الذهب 3/ 8، معرفة القراء الكبار 1/ 236، تاريخ بغداد 2/ 201، البداية والنهاية 11/ 242، وفيات الأعيان 3/ 325".
7 انظر مزيداً من الأمثلة في "توضيح الأفكار 1/ 367 وما بعدها، التعريفات للجرجاني ص 57، المسودة ص 277، أصول السرخسي 1/ 379 وما بعدها، تدريب الراوي 1/ 228، جمع الجوامع 2/ 165، الكفاية ص 22، شرح نخبة الفكر ص 115، نهاية السول 2/ 640، غاية الوصول ص 104، إرشاد الفحول ص 55، أصول الحديث ص 342".
وَأَمَّا تَدْلِيسُ الإِسْنَادِ: فَهُوَ1 أَنْ يَرْوِيَ عَمَّنْ لَقِيَهُ أَوْ عَاصَرَهُ حَدِيثًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، مُوهِمًا سَمَاعَهُ مِنْهُ، قَائِلاً: قَالَ: فُلانٌ أَوْ عَنْ فُلانٍ وَنَحْوَهُ. وَرُبَّمَا لَمْ2 يُسْقِطْ شَيْخَهُ وَأَسْقَطَ غَيْرَهُ. قَالَهُ3 ابْنُ الصَّلاحِ4.
وَمِثْلَهُ غَيْرُهُ: كَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَرْفُوعًا: "لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ"5. ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لا يَصِحُّ؛ لأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ بَيْنَهُمَا سُلَيْمَانَ بْنَ أَرْقَمَ6
1 في ز ع ض: وهو.
2 في ش: لا.
3 في ض: وقاله.
4 مقدمة ابن الصلاح ص 34.
وانظر: الإحكام للآمدي 2/ 90، تيسير التحرير 3/ 56، كشف الأسرار 3/ 70، أصول السرخسي 1/ 379، التعريفات للجرجاني ص 57، الكفاية ص 22، 357، المسودة ص276، شرح نخبة الفكر ص 115، اللمع ص 42، تدريب الراوي 1/ 243، توضيح الأفكار 1/ 350، إرشاد الفحول ص 55، أصول الحديث ص 342، 343.
5 رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والدارمي عن عائشة مرفوعاً. ورواه أيضاً أبو داود عن ابن عباس. ورواه النسائي عن عمران بن حصين."انظر: سنن أبي داود 2/ 208 وما بعدها، تحفة الأحوذي 5/ 122، سنن النسائي 7/ 24، 26، سنن ابن ماجه 1/ 686، مسند أحمد 6/ 246، سنن الدارمي 2/ 183".
6 هو سليمان بن أرقم البصري، أبو معاذ. قال البخاري: هو مولى قريظة والنضير. روى عن الحسن وعطاء. وروى عنه الثوري ويحيى بن حمزة. قال الترمذي: متروك. وقال أحمد: لا يروى عنه. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: كنا ننهى عن مجالسة سليمان بن أرقم، فذكر منه أمراً عظيماً. وقال الذهبي:"له في "الكامل" نيف وعشرون حديثاً".
"انظر: الخلاصة ص 150، ميزان الاعتدال 2/ 196، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 228".
عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ1، وَأَنَّ هَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ2.
قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ: "هَذَا الْقِسْمُ مَكْرُوهٌ جِدًّا ذَمَّهُ الْعُلَمَاءُ. وَكَانَ شُعْبَةُ مِنْ أَشَدِّهِمْ ذَمًّا لَهُ، وَقَالَ مَرَّةً: التَّدْلِيسُ أَخُو الْكَذِبِ، وَلأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ. وَهَذَا مِنْهُ إفْرَاطٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ3".
1 هو يحيى بن أبي كثير صالح بن المتوكل، الطائي مولاهم، أبو النضر، اليماني. كان أحد العلماء الأعلام الأثبات. قال أحمد: من أثبت الناس، إنما يعد مع الزهري. وقال أبو حاتم: إمام لا يحدث إلا عن ثقة. روى عن أنس وجابر وأبي أمامة مرسلاً، وعن عبد الله بن أبي أوفى وعكرمة وغيرهم. وكان يدلس. وقال ابن حبان:"لا يصح له عن أنس بن مالك ولا غيره من الصحابة سماع. وتلك كلها أخبار مدلسة". مات سنة 129 هـ.
انظر ترجمته في "الخلاصة ص 427، طبقات الحفاظ ص 51، تذكرة الحفاظ 1/ 127، شذرات الذهب 1/ 176، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 652، مشاهير علماء الأمصار ص 191".
2 تحفة الأحوذي 5/ 122.
وقال الخطابي: لو صح هذا الحديث لكان القول به واجباً والمصير إليه لازماً، إلا أن أهل المعرفة بالحديث زعموا أنه حديث مقلوب، وهم فيه سليمان. وقال النووي في "الروضة": حديث ضعيف باتفاق المحدثين. ثم تعقبه الحافظ ابن حجر فقال: قلت: قد صححه الطحاوي وأبو علي ابن السكن، فأين الاتفاق؟ وقال ابن حجر في "فتح الباري": رواته ثقات، لكنه معلول. وحكى الترمذي عن البخاري أنه قال: لا يصحّ. لكن له شاهد، ونبه على الشاهد السيوطي عند النسائي عن عمران. وقال العراقي: فيه اضطراب. وقال النسائي: سليمان بن أرقم متروك. وللحديث طرق ذكرها الحافظ ابن حجر في "التلخيص" مع الكلام عليها.
"انظر: نيل الأوطار 8/ 274، 275، فيض القدير 6/ 437، تحفة الأحوذي 5/ 122،
فتح الباري 11/ 469، شرح السنة للبغوي 10/ 34".
3 مقدمة ابن الصلاح ص 35.
وممن شدّد في ذمه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في "اللمع ص 42".
وانظر: أصول السرخسي 1/ 379، فواتح الرحموت 2/ 149، كشف الأسرار 3/ 70، شرح النووي على مسلم 1/ 33، شرح نخبة الفكر ص 118، تدريب الراوي 1/ 228، أصول الحديث ص 342، 343.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُسَمِّيَ شَيْخَهُ بِاسْمِ شَيْخٍ آخَرَ لا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ رَوَاهُ عَنْهُ1، كَمَا يَقُولُهُ تَلامِذَةُ الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيِّ2:
حَدَّثَنَا أَبُو3 عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، تَشْبِيهًا بِقَوْلِ الْبَيْهَقِيّ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَهَذَا لا يَقْدَحُ لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ4.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَأْتِيَ فِي التَّحْدِيثِ بِلَفْظٍ يُوهِمُ أَمْرًا لا قَدْحَ فِي إيهَامِهِ5، وَ6ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: حَدَّثَنَا وَرَاءَ النَّهْرِ، مُوهِمًا أَنَّهُ7 نَهْرُ جَيْحُونَ،
1 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 35، اللمع ص 42، غاية الوصول ص 104، كشف الأسرار 3/ 70، إرشاد الفحول ص 55.
2 هو محمد بن أحمد بن عثمان، أبو عبد الله الذهبي، شمس الدين، الحافظ، الإمام. ولد بكفر بطنا من غوطة دمشق، ودرس في دمشق والقاهرة والإسكندرية ومكة وغيرها، ثم أقام بدمشق. وكان متقناً لعلم الحديث ورجاله، وعرف تراجم الناس والتاريخ، حتى لقب بـ"مؤرخ الإسلام". وله مصنفات كثيرة مشهورة، وهي غاية في الدقة والكمال، منها:"تاريخ الإسلام" الكبير، و"تذهيب التهذيب"، و"ميزان الاعتدال"، و"النبلاء" في شيوخ السنة، و"تذكرة الحفاظ"، و"مختصر سنن البيهقي"، و"طبقات مشاهير كبار القراء"، و"التجريد في أخبار الصحابة". وقد أضر قبل موته بسنوات. توفي سنة 747هـ.
انظر ترجمته في "الدرر الكامنة 3/ 426، نكت الهميان ص 241، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 9/ 100، شذرات الذهب 6/ 153، البدر الطالع 2/ 110، طبقات الحفاظ ص 517، طبقات القراء 2/ 71، ذيل تذكرة الحفاظ ص 34، 347".
3 ساقطة من ز.
4 ساقطة من ب ز ع ض.
وانظر: كشف الأسرار 3/ 71، جمع الجوامع 2/ 165، فواتح الرحموت 2/ 149، تيسير التحرير 3/ 56، غاية الوصول ص 104.
5 في ع: إبهامه.
6 ساقطة من ش ز ض.
7 ساقطة من ز ش ب.
وَهُوَ نَهْرُ عِيسَى بِبَغْدَادَ أَوْ1 الْحِيرَةِ وَنَحْوِهَا بِمِصْرَ، فَلا قَدْحَ فِي ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ مِنْ بَابِ الإِغْرَابِ2، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إيهَامُ الرِّحْلَةِ إلَاّ أَنَّهُ صَدَقَ فِي نَفْسِهِ3.
إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَكْرُوهٌ4.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ5 وَالْمَرُّوذِيِّ6: لا يُعْجِبُنِي، هُوَ مِنْ أَهْلِ الرِّيبَةِ. وَلا يُغَيِّرُ اسْمَ رَجُلٍ؛ 7لأَنَّهُ لا يُعْرَفَ2. وَسَأَلَهُ مُهَنَّا8 عَنْ
1 في ش ز: و.
2 الإغراب من أغرب أي جاء بشيء غريب، وكلام غريب بعيد عن الفهم "المصباح المنير 2/ 681".
3 ويسمى هذا التدليس "تدليس البلاد" ولا يعتبر ذلك جرحاً.
"انظر: توضيح الأفكار 1/ 372، أصول الحديث ص 343، العضد على ابن الحاجب 2/ 67، جمع الجوامع 2/ 165، تيسير التحرير 3/ 56، الإحكام للآمدي 2/ 90، غاية الوصول ص 104".
4 قال الشيخ تقي الدين بن تيمية: "هذه الكراهة: تنزيه أم تحريم؟ قولان
…
والأشبه أنه محرم" "المسودة ص 277".
وانظر: فواتح الرحموت 2/ 149، شرح نخبة الفكر ص 15 وما بعدها، تدريب الراوي 1/ 228.
5 هو حرب بن إسماعيل بن خلف الحنظلي، الكرماني، أبو محمد، وقيل أبو عبد الله. كان يكتب بخطه مسائل سمعها من الإمام أحمد. وكان فقيه البلد، رجلاً جليلاً
مهيباً، وكان السلطان قد جعله على أمر الحكم وغيره. وسمع من أحمد يقول: الناس يحتاجون إلى العلم مثل الخبز والماء، لأن العلم يحتاج إليه في كل ساعة، والخبز والماء في كل يوم مرة أو مرتين. توفي سنة 280 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 1/ 145، تذكرة الحفاظ 2/ 613، طبقات الحفاظ ص 271، شذرات الذهب 2/ 176، المدخل إلى مذهب أحمد ص 206".
6 في ش: والمروزي.
7 في ش ز: لئلا يعرف. وفي ب ع: لأنه لا يعرفه.
8هو مهنا بن يحيى الشامي، السُّلَمي، أبو عبد الله. قال الخلال: "كان من كبار أصحاب الإمام أحمد، وروى عن الإمام أحمد من المسائل ما فخر به، وكان الإمام أحمد يكرمه، ويعرف له حق الصحبة. ولزمه 43 سنة إلى أن مات. قال الدارقطني: ثقة نبيل.
انظر ترجمته في طبقات الحنابلة 1/ 345، المنهج الأحمد 1/ 331.
هُشَيْمٍ1؟ قَالَ: ثِقَةٌ إذَا لَمْ يُدَلِّسْ. قُلْت: فِي2 التَّدْلِيسِ عَيْبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَالأَشْبَهُ تَحْرِيمُهُ، لأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ تَدْلِيسِ الْمَبِيعِ3.
"وَمَنْ عُرِفَ بِهِ عَنْ الضُّعَفَاءِ لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ حَتَّى يُبَيِّنَ السَّمَاعَ" يَعْنِي أَنَّ مَنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ الضُّعَفَاءِ مُوهِمًا أَنَّ سَمَاعَهُ عَنْ غَيْرِهِمْ: لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ حَتَّى يُبَيِّنَ، بِأَنْ يُفْصِحَ بِتَعْيِينِ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ، عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَأَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى4.
"وَمَنْ كَثُرَ مِنْهُ" التَّدْلِيسُ "لَمْ تُقْبَلْ عَنْعَنَتُهُ" قَالَهُ الْمَجْدُ5، قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُحْمَلَ تَشْبِيهُ ذَلِكَ بِمَا سَبَقَ فِي الضَّبْطِ مِنْ
1 هو هُشيم بن بشير بن القاسم، السُّلَمي مولاهم، أبو معاوية الواسطي. روى عنه شعبة ومالك وأحمد والثوري وغيرهم. قال العجلي:"ثقة يدلس". وقال ابن سعد: ثقة حجة كثير الحديث يدلس كثيراً. وكان عنده عشرون ألف حديث. ومن مؤلفاته: "السنن في الفقه"، و"التفسير"، و"القراءات". توفي سنة 183 هـ ببغداد.
انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ 1/ 248، تاريخ بغداد 14/ 85، طبقات الحفاظ ص 105، طبقات المفسرين 2/ 352، الفهرست 318، الخلاصة ص 414، مشاهير علماء الأمصار ص 177، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 620.
2 ساقطة من ع.
3 المسودة ص 277.
4 انظر: فواتح الرحموت 2/ 149، كشف الأسرار 3/ 70، مقدمة ابن الصلاح ص 35، شرح نخبة الفكر ص 116، تدريب الراوي 1/ 229 وما بعدها.
5 وهو قول الشافعي وغيره.
انظر: الرسالة ص 380، تيسير التحرير 3/ 56، المسودة ص 261، 276، 278.
كَثْرَةِ السَّهْوِ وَغَلَبَتِهِ، وَمَا1 فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ السَّمَاعَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ.
وَمَنْ دَلَّسَ مُتَأَوِّلاً قُبِلَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، وَالأَكْثَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَلَمْ يَفْسُقْ؛ لأَنَّهُ قَدْ صَدَرَ مِنْ الأَعْيَانِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ. وَقَلَّ مَنْ سَلِمَ مِنْهُ2.
وَقَدْ رَدَّ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه قَوْلَ شُعْبَةَ: التَّدْلِيسُ كَذِبٌ. قِيلَ لِلإِمَامِ أَحْمَدَ: كَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ: إنَّ التَّدْلِيسَ كَذِبٌ. فَقَالَ: لا، قَدْ دَلَّسَ قَوْمٌ. وَنَحْنُ نَرْوِي عَنْهُمْ3.
"وَالْمُعَنْعَنُ بِلا تَدْلِيسٍ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ: مُتَّصِلٌ" يَعْنِي: أَنَّ الإِسْنَادَ الْمُعَنْعَنَ الَّذِي لا يُعْلَمُ فِيهِ تَدْلِيسٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ:4 مُتَّصِلٌ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالأَكْثَرِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ، عَمَلاً بِالظَّاهِرِ. وَالأَصْلُ عَدَمُ التَّدْلِيسِ5، لَكِنْ شَرَطَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ثَلاثَةَ شُرُوطٍ: الْعَدَالَةَ، وَاللِّقَاءَ،
1 ما: ساقطة من ض.
2 انظر: المسودة ص 277.
3 انظر تفصيل ذلك مع الأدلة، وبيان من اشتهر بالتدليس مع الأمثلة في "المسودة ص 277، توضيح الأفكار 1/ 346، 348، 353، الكفاية ص 355، مقدمة ابن الصلاح ص 34 وما بعدها، تدريب الراوي 2/ 223 وما بعدها، معرفة علوم الحديث ص 103، شرح نخبة الفكر ص 116".
4 ساقطة من ب.
5 أي يعتبر الحديث المعنعن مسنداً من حيث الأصل، وليس مرسلاً، ويعمل به، وقال الحاكم:"إن الأحاديث المعنعنة متصلة بإجماع أئمة أهل النقل، إذا لم يكن فيه تدليس". "معرفة علوم الحديث ص 34".
وانظر: كشف الأسرار 3/ 71، مقدمة ابن الصلاح ص 29، الرسالة ص 373، 378، شرح الورقات ص 192، اللمع ص 41، شرح نخبة الفكر ص 214 وما بعدها، توضيح الأفكار 1/ 330، تدريب الراوي 1/ 214، صحيح مسلم بشرح النووي 1/ 127 وما بعدها، المسودة ص 260.
وَعَدَمَ التَّدْلِيسِ1.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: مَا رَوَاهُ الأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ2 عَنْ عَلْقَمَةَ3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. *أَوْ4 رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ5 عَنْ أَبِيهِ، وَدَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
1 انظر: شرح الورقات ص 193، تدريب الراوي 1/ 215.
2 هو إبراهيم بن يزيد بن عمرو بن الأسود، أبو عمران، النخعي. قال الذهبي:"أحد الأعلام، يرسل عن جماعة، وكان لا يُحكِم العربية، ربما لحن، واستقر الأمر على أن إبراهيم حجة، وأنه إذا أرسل عن ابن مسعود وغيره، فليس ذلك بحجة". رأى إبراهيم زيد بن أرقم وغيره من الصحابة، ولم يصح له سماعٌ من صحابي، وكان فقيه أهل الكوفة. توفي سنة 95 هـ، وقيل 96 هـ.
انظر ترجمته في "ميزان الاعتدال 1/ 74، الخلاصة ص 23، طبقات الفقهاء ص 82، طبقات الحفاظ ص 29، تذكرة الحفاظ 1/ 73، حلية الأولياء 4/ 217، صفة الصفوة 3/ 86، وفيات الأعيان 1/ 6، طبقات القراء 1/ 29، شذرات الذهب 1/ 111، مشاهير علماء الأمصار ص 101".
3 هو علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة النخعي، أبو شِبل الكوفي، التابعي الكبير، الفقيه البارع. سمع عمر بن الخطاب وعثمان وعليًّا وابن مسعود وسلمان، وأجمعوا على جلالته، ووفور علمه، وجميل طريقته. وكان أكبر أصحاب ابن مسعود وأشبههم به هدياً ودلالة، شهد صفين. توفي سنة 62 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "طبقات الفقهاء ص 79، طبقات الحفاظ ص 12، تذكرة الحفاظ 1/ 48، الخلاصة ص 271، تاريخ بغداد 2/ 296، تهذيب الأسماء 1/ 342، المعارف ص 431، شذرات الذهب 1/ 70، معرفة القراء الكبار 1/ 44، طبقات القراء 1/ 516، مشاهير علماء الأمصار ص 100".
4 في ز ش: و.
5هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عمر. وقيل أبو عبد الله القرشي، العدوي، المدني، التابعي، الإمام الفقيه، الزاهد العابد. أجمعوا على إمامته وجلالته، وزهادته وعلو...........=
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1": كُلُّ ذَلِكَ ثَابِتٌ2.
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَنَّ الإِسْنَادَ الْمُعَنْعَنَ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ3.
قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ: "عَدَّهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ قَبِيلِ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ اتِّصَالُهُ بِغَيْرِهِ4". فَيُجْعَلَ مُرْسَلاً، إنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ5 الصَّحَابِيِّ، وَمُنْقَطِعًا إنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ6 غَيْرِهِ7.
"*وَقَوْلُنَا: "بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ" يَشْمَلُ8: "عَنْ وَإِنْ وَقَالَ" وَنَحْوَهُ عَلَى الصَّحِيحِ9.
وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ "إنَّ فُلانًا" لَيْسَتْ لِلاتِّصَالِ.10
= مرتبته. قال ابن سعد: "كان سالم كثير الحديث، عالياً من الرجال ورعاً". وعدَّه ابن المبارك من فقهاء المدينة السبعة، وأصح الأسانيد كلها: الزهري عن سالم عن أبيه، وهي سلسلة الذهب. توفي سنة 106 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 33، تذكرة الحفاظ 1/ 88، تهذيب الأسماء 1/ 207، الخلاصة ص 131، حلية الأولياء 2/ 193، وفيات الأعيان 2/ 94، شذرات الذهب 1/ 33، طبقات القراء 1/ 301، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 62، مشاهير علماء الأمصار ص 65".
*-1 ساقطة من ب.
2 انظر: المسودة ص 261.
3 انظر: المسودة ص 260.
4 مقدمة ابن الصلاح ص 29.
5 في ش ز: قبل.
6 في ش ز: قبل.
7 انظر: اللمع ص 41، كشف الأسرار 3/ 71.
8 في ع: شمل.
9 انظر: الكفاية ص 406.
10 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 29.
وَلَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ1، عُلِمَ2 إمْكَانُ اللِّقَاءِ أَوْ لا.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.
"وَيَكْفِي إمْكَانُ لُقِيٍّ" دُونَ الْعِلْمِ بِهِ3 "فِي قَوْلٍ" اخْتَارَهُ مُسْلِمٌ. وَحَكَاهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالأَخْبَارِ4.
قَالَ5 ابْنُ مُفْلِحٍ: وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فِيمَا يُرَدُّ بِهِ الْخَبَرُ وَمَا لا يُرَدُّ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي آخِرِ "شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ". وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ.
وَاشْتَرَطَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا: الْعِلْمَ بِاللُّقِيِّ6.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي "شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ": هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلامِ الإِمَامِ7 أَحْمَدَ وَأَبِي زُرْعَةَ وَأَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرِهِمْ8 مِنْ أَعْيَانِ الْحُفَّاظِ، بَلْ كَلامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ ثُبُوتِ السَّمَاعِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الأَعْيَانِ ثَبَتَتْ9 لَهُمْ الرُّؤْيَةُ10 لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ. وَقَالُوا مَعَ ذَلِكَ: لَمْ يَثْبُتْ
*-1 ساقطة من ض.
2 في ع ض: وعلم.
3 ساقطة من ب.
4 انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 1/ 130 وما بعدها، صحيح مسلم 1/ 29.
5 في ض: وقال.
6 انظر: توضيح الأفكار 1/ 44، 86، 100.
7 ساقطة من ش ز.
8 ساقطة من ش ز. وفي ض: وغيرهما.
9 في ب: ثبت.
10 في ز ع ب: الرواية. وهو تصحيف.
لَهُمْ السَّمَاعُ مِنْهُمْ. فَرِوَايَاتُهُمْ عَنْهُمْ مُرْسَلَةٌ. مِنْهُمْ الأَعْمَشُ1، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَأَيُّوبُ2 وَابْنُ عَوْنٍ3، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ4: رَأَوْا أَنَسًا وَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ، فَرِوَايَتُهُمْ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ5. كَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَهُ6 أَبُو زُرْعَةَ أَيْضًا فِي7 يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ.
1 في ز: للأعمش.
2 هو أيوب بن أبي تميمة كيسان، السختياني، العنزي، أبو بكر البصري، الفقيه، أحد الأئمة الأعلام. قال شعبة:"هو سيد الفقهاء". وقال ابن سعد: "وكان ثقة ثبنتاً حجة جامعاً كثير العلم". وكان من سادات البصرة، وعباد أتباع التابعين، وفقهائهم. واشتهر بالفضل والعلم والنسك والصلابة في السنة، والقمع لأهل البدعة. رأى أنس بن مالك، ولم يسمع منه، وهو من صغار التابعين، مات بالطاعون سنة 131 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الفقهاء للشيرازي ص 89، طبقات الحفاظ ص 52، تذكرة الحفاظ 1/ 130، تهذيب الأسماء 1/ 131، الخلاصة ص 42، شذرات الذهب 1/ 181، مشاهير علماء الأمصار ص 150، المعارف ص 471، حلية الأولياء 3/ 3، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 48".
3 هو عبد الله بن عون بن أرطبان، المزني، أبو عون البصري، أحد الأعلام، وهو شيخ البصرة وعالمهم. وكان ورعاً ثقة، عالماً بالسنة. قال عبد الرحمن بن مهدي: ما كان بالعراق أعلم بالسنة من ابن عون. وقال أبو إسحاق: هو ثقة في كل شيء. وقال ابن معين: وقد رأى ابن عون أنس بن مالك، وهو أكبر من أيوب بسنتين، وعاش بعده عشرين سنة. توفي سنة 151 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 69، تذكرة الحفاظ 1/ 156، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 90، الخلاصة ص 209، شذرات الذهب 1/ 230، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 324".
4 هو قرة بن خالد السدوسي، الحافظ، أبو خالد البصري، صاحب الحسن وابن سيرين. قال يحيى القطان: كان من أثبت شيوخنا، وثقه أحمد وابن معين، مات سنة 154 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 85، تذكرة الحفاظ 1/ 198، الخلاصة ص 316، شذرات الذهب 1/ 237، مشاهير علماء الأمصار ص 156".
5 في ب: غير مرسلة.
6 في ب ز ع: وقال.
7 في ع: فيه في.
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: قَدْ رَأَى أَنَسًا فَلا أَدْرِي أَسَمِعَ1 مِنْهُ أَمْ لا؟
وَلَمْ يَجْعَلُوا رِوَايَتَهُ عَنْهُ مُتَّصِلَةً بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ، وَالرُّؤْيَةُ أَبْلَغُ مِنْ إمْكَانِ اللُّقِيِّ.
وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ صِبْيَانِ الصَّحَابَةِ رَأَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَصِحَّ لَهُمْ سَمَاعٌ مِنْهُ. فَرِوَايَاتُهُمْ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ. كَطَارِقِ بْنِ شِهَابٍ2 وَغَيْرِهِ3.
وَكَذَلِكَ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ مَعَ اللِّقَاءِ لَمْ يَسْمَعْ مِمَّنْ لَقِيَهُ إلَاّ شَيْئًا يَسِيرًا. فَرِوَايَتُهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ مُرْسَلَةٌ. كَرِوَايَاتِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ. فَإِنَّ الأَكْثَرِينَ نَفَوْا سَمَاعَهُ مِنْهُ. 4وَأَثْبَتَ أَحْمَدُ أَنَّهُ رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ، وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ: رِوَايَاتُهُ5 عَنْهُ مُرْسَلَةٌ. إنَّمَا سَمِعَ1 مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا، مِثْلَ
1 في ز ش ع ض: سمع.
2 هو طارق بن شهاب بن عبد شمس، الكوفي البجلي، الأحمسي، أبو عبد الله. أدرك الجاهلية. ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل. ويقال: لم يسمع منه شيئاً. قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: له صحبة، والحديث الذي رواه مرسل" وقال ابن حجر: "إذا ثبت أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي على الراجح". وأخرج له أصحاب الكتب الستة. غزا في زمن أبي بكر وعمر وثلاثين غزوة. سكن الكوفة، توفي سنة 83 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "الإصابة 2/ 220، الاستيعاب 2/ 237، تهذيب الأسماء 1/ 251، الخلاصة ص 178، مشاهير علماء الأمصار ص 48".
3 الروايات المرسلة عن الصحابة، سواء كانوا من كبار الصحابة أم من صغارهم، مقبولة عند جماهير علماء الحديث والأصول. أما الروايات المرسلة عن غير الصحابة فقد اختلف العلماء فيها، كما سيذكر ذلك المصنف في فصل "المرسل" في آخر هذا المجلد.4 ساقطة من ض.
5 في ب: روايته.
نَعْيِهِ1 النُّعْمَانَ بْنَ مُقْرِنٍ2 عَلَى الْمِنْبَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ3. وَكَذَلِكَ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ4 عُثْمَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَأْمُرُ5 بِقَتْلِ الْكِلابِ وَذَبْحِ الْحَمَامِ، وَرِوَايَاتُهُ عَنْهُ6 غَيْرَ ذَلِكَ مُرْسَلَةٌ.
وَ7قَالَ أَحْمَدُ: ابْنُ جُرَيْجٍ8 لَمْ يَسْمَعْ مِنْ طَاوُسٍ وَلا حَرْفًا. وَيَقُولُ: رَأَيْت طَاوُسًا.
1 في ز ش: نفيه.
2 هو الصحابي النعمان بن مقرن بن عائذ المزني، ويقال: النعمان بن عبيد، ويقال لعبيد: مقرن بن مقرن بن أوس بن مالك الأنصاري. ويقال: النعمان بن عمرو بن مقرن، يكنى بأبي عمرو. وقيل: أبو حكيم. كان مع النبي صلى الله عليه وسلم مع إخوته، وهم سبعة. وسكن. البصرة، ثم ذهب إلى الكوفة، وكان من سادات الصحابة، وشارك في القادسية، وكان أميراً في فتح أصبهان، وتوجه إلى نهاوند، فكان أول صريع فيها سنة 21 هـ. فنعاه عمر للناس يوم أصيب على المنبر، وأخذ حذيفة بن اليمان الراية بعده، ففتح الله عليه.
انظر ترجمته في "الإصابة 3/ 562، الاستيعاب 3/ 545، المعارف ص 299، الخلاصة ص 403، شذرات الذهب 1/ 32".
3 قال يحيى بن سعيد: كان سعيد أحفظ الناس لأحكام عمر وأقضيته، وكان يسمى راوية عمر، وقد ولد سعيد لسنتين مضتا، وقيل لأربع من خلافة عمر. وقال يحيى بن معين:"سعيد بن المسيب رأى عمر". وقال: "ولم يثبت له من عمر سماع. توفي سعيد سنة 93 هـ أو 94 هـ. ومرت ترجمته ص 232.
"وانظر: طبقات الحفاظ ص 17- 18، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 207".
4 في ع: عن.
5 ساقطة من ب ز ع ض.
6 ساقطة من ب.
7 ساقطة من ز ش ع.
8 هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج القرشي، الأموي مولاهم، المكي، أبو الوليد، ويقال: أبو خالد، من تابعي التابعين، أحد العلماء المشهورين، من فقهاء مكة وقرائهم. قال أحمد: أول من صنف الكتب ابنُ جريج وابن أبي عروبة. وقال عطاء: سيد أهل الحجاز ابن جريج. وقال ابن حبان البستي: جمع وصنف وحفظ وذاكر، وكان يدلس. قال الواقدي: سألته عن قراءة الحديث عن المحدث؟ قال: إذا قرأها هو والسماع سواء. قال ابن العماد: قلت: هذا مذهب مالك وجماعة. وعن أحمد: فالسماع أعلى رتبة. مات سنة 150 هـ. قال النووي: واعلم أن ابن جريج أحد شيوخنا وأئمتنا، فالشافعي أخذ عن مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس.
انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 74، تذكرة الحفاظ 1/ 169، مشاهير علماء الأمصار ص 145، طبقات القراء 1/ 469، تهذيب الأسماء 2/ 298، وفيات الأعيان 2/ 338، المعارف ص 488، تاريخ بغداد 1/ 400، شذرات الذهب 1/ 227، الخلاصة ص 244، طبقات المفسرين للداودي 1/ 352، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 371، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 71".
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ أَيْضًا: الزُّهْرِيُّ1 لا يَصِحُّ سَمَاعُهُ مِنْ ابْنِ عُمَرَ، رَآهُ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَرَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ2 وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. وَأَثْبَتَ أَيْضًا دُخُولَ مَكْحُولٍ3 عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ4 وَرُؤْيَتَهُ لَهُ وَمُشَافَهَتَهُ، وَأَنْكَرَ
1 في ض: الرازي.
2 هو الصحابي بن الصحابي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أبو جعفر القرشي الهاشمي. أمه أسماء بنت عميس. كان أبوه جعفر قد هاجر إلى أرض الحبشة فولدت له عبد الله هناك، وهو أول مولود ولد في الإسلام بأرض الحبشة. وهاجر مع أبيه إلى المدينة، وهو أخو محمد بن أبي بكر الصديق، ويحيى بن علي بن أبي طالب. أمهم أسماء تزوجها جعفر، ثم أبو بكر، ثم علي. وكان عبد الله كريماً جواداً حليماً. وكان يسمى بحر الجود، وهو أجود العرب، مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، ودعا له. توفي سنة 80 هـ. انظر ترجمته "في الإصابة 2/ 289، الاستيعاب 2/ 275، تهذيب الأسماء 1/ 263، الخلاصة ص 193، مشاهير علماء الأمصار ص 9".
3 هو مكحول بن عبد الله الدمشقي، أبو عبد الله الفقيه، أحد أئمة التابعين. قال أبو حاتم:"ما أعلم بالشام أفقه منه". ولم يكن في زمانه أبصر منه بالفتيا، وكان في لسانه عجمة ظاهرة، وهي عجمة أهل السند، لأنه كان من سبي كابل، وثقه جماعة. وضعفه جماعة. توفي سنة 112 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 42، تذكرة الحفاظ 1/ 107، حلية الأولياء 5/ 177، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 75، وفيات الأعيان 4/ 368، الخلاصة ص 386، شذرات الذهب 1/ 146، مشاهير علماء الأمصار ص 114".
4 هو الصحابي واثلة بن الأسقع بن عبد العزى، أبو شداد، وقيل في كنيته غير ذلك، الكناني الليثي. أسلم قبل غزوة تبوك وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح الشام وحمص. وقيل: إنه خدم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين، وكان من أهل الصُّفّة. سكن الشام بدمشق، ثم استوطن بيت جيرين بقرب بيت المقدس، ودخل البصرة، وكان له بها دار. توفي بدمشق سنة 85 هـ، وقيل غير ذلك. وله مائة وخمس سنين. وهو آخر من مات بدمشق من الصحابة.
انظر ترجمته في "الإصابة 3/ 626، الاستيعاب 3/ 643، طبقات القراء 2/ 358، تهذيب الأسماء 2/ 142، حلية الأولياء 2/ 21".
سَمَاعَهُ مِنْهُ1. وَقَالَ: لَمْ يَصِحَّ لَهُ مِنْهُ سَمَاعٌ2، وَجَعَلَ رِوَايَاتِهِ عَنْهُ مُرْسَلَةً.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ3 لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، مِنْ أَيْنَ سَمِعَ مِنْهُ؟
وَمُرَادُهُ: مِنْ أَيْنَ صَحَّتْ رِوَايَتُهُ4 بِسَمَاعِهِ مِنْهُ، وَإِلَاّ فَإِمْكَانُ ذَلِكَ وَاحْتِمَالُهُ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ5: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ،
1 ساقطة من ب ع ض.
2 خالف في ذلك الإمام يحيى بن معين، فقال:"سمع مكحول من واثلة بن الأسقع، وسمع من فضالة بن عبيد، وسمع من أنس بن مالك". "يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 584".
3 هو أبان بن عثمان بن عفان، أبو سعيد القرشي، المدني الأموي، التابعي الكبير. قال عمرو بن شعيب:"ما رأيت أحداً أعلم بحديث ولا فقه من أبان بن عثمان". وهو أحد فقهاء المدينة العشرة. واتفق العلماء على أنه ثقة. شهد الجمل مع عائشة، وكان أبرص أحول، وأصابه الفالج قبل موته بسنة. توفي بالمدينة سنة 105 هـ.
انظر ترجمته في "تهذيب الأسماء 1/ 97، شذرات الذهب 1/ 131، مشاهير علماء الأمصار ص 67، الخلاصة ص 15".
4 في ب ع ض: الرواية.
5هو أسعد بن سهل بن حنيف، سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم جده لأمه أبي أمامة أسعد بن زرارة، وكناه بكنيته ودعا له. وهو أنصاري دَوْسي مدني. ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن شهاب: ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عبد البر: يعد من كبار التابعين، وكان من علماء المدينة. توفي سنة مائة هجرية.
انظر ترجمته في "الاستيعاب 4/ 5، الإصابة 4/ 9، 3/ 59، شذرات الذهب 1/ 118، مشاهير علماء الأمصار ص 28".
هَذَا مَعَ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
فَدَلَّ كَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَأَبِي زُرْعَةَ وَأَبِي حَاتِمٍ عَلَى أَنَّ الاتِّصَالَ لا يَثْبُتُ إلَاّ بِثُبُوتِ التَّصْرِيحِ بِالسَّمَاعِ. وَهَذَا أَضْيَقُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيِّ، فَإِنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْهُمَا: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ1: إمَّا السَّمَاعُ، وَإِمَّا اللِّقَاءُ. وَالإِمَامُ أَحْمَدُ وَمَنْ تَبِعَهُ2: عِنْدَهُمْ لا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ السَّمَاعِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُهُمْ: أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: ابْنُ سِيرِينَ3 لَمْ يَجِئْ عَنْهُ سَمَاعٌ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الزُّهْرِيُّ أَدْرَكَ أَبَانَ بْنَ عَبَّاس4 وَمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَلَكِنْ لا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ، كَمَا أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي
1 في ع: الأمرين.
2 في د ض: معه. وكذا في أصل ز. لكنها صححت على الهامش كما أثبتناه أعلاه.
3 هو محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر البصري، مولى أنس بن مالك، التابعي الكبير، الإمام في التفسير والحديث والفقه. وعبر الرؤيا والمقدم في الزهد والورع، ولم يكن بالبصرة أعلم منه بالقضاء. وأريد على القضاء فهرب إلى الشام، وكان بزازاً، وحبس بدين عليه. توفي سنة 110 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الفقهاء للشيرازي ص 88، طبقات القراء 2/ 151، تذكرة الحفاظ 1/ 77، طبقات الحفاظ ص 31، الخلاصة ص 340، وفيات الأعيان 3/ 322، شذرات الذهب 1/ 138، تاريخ بغداد 5/ 331، حلية الأولياء 2/ 263، تهذيب الأسماء 1/ 82، مشاهير علماء الأمصار ص 88".
4 كذا في جميع النسخ. ولم أجد هذا الاسم في كتب الرجال والتراجم. والغالب أنه تصحيف من أبان بن عثمان الذي مرت ترجمته في الصفحة السابقة. ولعله أبان بن أبي عياش، الفقيه أبو إسماعيل، مولى بني عبد القيس، من أهل البصرة. يحدث عن أنس والحسن، وروى عنه الثوري. وكان من العباد الذين يسهرون الليل بالقيام، ويطوي النهار بالصيام. قال أحمد وابن معين: متروك. وقال ابن حبان: ضعيف. مات في حدود 140 هـ.
"انظر: الخلاصة ص 15، المعارف ص 421، ميزان الاعتدال 1/ 10، كتاب المجروحين 1/ 81، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 6".
ثَابِتٍ1 لا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ مِنْ عُرْوَةَ، وَقَدْ سَمِعَ مِمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى شَيْءٍ يَكُونُ حُجَّةً.
وَاعْتِبَارُ السَّمَاعِ لاتِّصَالِ الْحَدِيثِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَحَكَاهُ عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَقُوَّةُ كَلامِهِ تُشْعِرُ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مِنْهُمْ.
"وَظَاهِرُهُ" أَيْ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَكْفِي إمْكَانُ اللِّقَاءِ2 "لَوْ3 رَوَى" ثِقَةٌ "عَمَّنْ" أَيْ عَنْ إنْسَانٍ "لَمْ يُعْرَفْ بِصُحْبَتِهِ، و"َ وَلا بِـ "رِوَايَتِهِ4 عَنْهُ يُقْبَلُ مُطْلَقًا" سَوَاءٌ أَقَرَّ بِهِ أَصْحَابُ الشَّيْخِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَوْ أَنْكَرُوهُ؛ لأَنَّهُ ثِقَةٌ. وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَابْنُ بُرْهَانٍ، وَلَمْ يَقْبَلْهُ5 الشَّافِعِيَّةُ. وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفٌ.
قَالَ الْمَجْدُ فِي "الْمُسَوَّدَةِ": "إذَا رَوَى رَجُلٌ خَبَرًا عَنْ شَيْخٍ مَشْهُورٍ لَمْ يُعْرَفْ بِصُحْبَتِهِ وَلَمْ 6يَشْتَهِرْ بِالرِّوَايَةِ5 عَنْهُ، وَأَجْمَعَ7 أَصْحَابُ الشَّيْخِ
1 هو حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار الأسدي، أبو يحيى الكوفي، وهو من خيار الكوفيين وثقاتهم ومتقنيهم، لكنه كان يدلس، وهو فقيه الكوفة ومفتيها. سمع ابن عمر وابن عباس، وثقه ابن معين وجماعة. واحتج به كل من أفراد الصحاح بلا تردد. وتكلم فيه ابن عون بأنه كان أعور، وهو من الشيعة. توفي سنة 119 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ 1/ 116، طبقات الحفاظ ص 44، ميزان الاعتدال 1/ 451، مشاهير علماء الأمصار ص 108، الخلاصة ص 70، المعارف ص 587، 624، شذرات الذهب 1/ 156، حلية الأولياء 5/ 60، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 96، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 83".
2 في ع: اللقي.
3 في ش: أو.
4 في ع: برواية.
5 في ب ع ض: تقبله.
6 في المسودة: تشتهر الرواية.
7 في المسودة: واجتمع.
الْمَعْرُوفُونَ عَلَى جَهَالَتِهِ بَيْنَهُمْ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ: هَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ قَبُولَ خَبَرِهِ؟ قَالَتْ1 الشَّافِعِيَّةُ: يَمْنَعُ، وَقَالَتْ2 الْحَنَفِيَّةُ: لا يَمْنَعُ، وَنَصَرَهُ ابْنُ بُرْهَانٍ. وَالأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلامِ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مَوَاضِعَ، وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ. وَالثَّانِي: يَدُلُّ عَلَى كَلامِ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي اعْتِذَارِهِ لِجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ3 فِي قِصَّةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ4 مَعَ زَوْجَتِهِ56".
وَقَدْ7 قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْمُحَقِّقُونَ8 مِنْ الْعُلَمَاءِ يَمْنَعُونَ رَدَّ الْخَبَرِ
1 في ش ز: وقال.
2في ش ز: وقال.
3 هو جابر بن يزيد بن الحارث، الجُعْفي، الكوفي، أحد كبار علماء الشيعة. وثقه الثوري وغيره. وقال النسائي:"متروك". له في أبي داود حديث فرد. وقال شعبة: كان جابر إذا قال: أخبرنا وحدثنا وسمعنا فهو من أوثق الناس، وكان يؤمن بالرجعة فترك بسبب اعتقاده وتصرفاته. توفي سنة 128 هـ. وروى عنه أبو حنيفة ثم قال: ما رأيت أكذب من جابر الجعفي. وقال ابن معين: كان جابر الجعفي كذاباً. وقال: لا يكتب حديثه ولا كرامة.
انظر ترجمته في "الخلاصة ص 59، ميزان الاعتدال 1/ 379، شذرات الذهب 1/ 175، المعارف ص 480، طبقات الحفاظ ص 39، كشف الأسرار 3/ 3، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 76".
4 هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، أبو المنذر. قال ابن سعد:"كان ثقة ثبتاً كثير الحديث حجة". وهو أحد تابعي المدينة المشهورين، المكثرين من الحديث، المعدودين من أكابر العلماء، وجلة التابعين. قدم بغداد على المنصور فمات فيها سنة 146 هـ، وقيل غير ذلك. وصلى عليه المنصور.
انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 61، تذكرة الحفاظ 1/ 144، وفيات الأعيان 5/ 129، الخلاصة ص 410، شذرات الذهب 1/ 218، ميزان الاعتدال 4/ 301، تاريخ بغداد 14/ 37، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 618".
5 هي فاطمة بنت المنذر بن الزبير الأسدية المدنية. روت عن أم سلمة وعن جدتها أسماء بنت أبي بكر، وحدث عنها زوجها هشام بن عروة وابن سوقة. وثقها العجلي."انظر: الخلاصة ص 494، تذكرة الحفاظ 1/ 144".
6 المسودة ص 305.
7 ساقطة من ب.
8 في ش: المحقون.
بِالاسْتِدْلالِ، كَرَدِّ خَبَرِ الْقَهْقَهَةِ1 اسْتِدْلالاً بِفَضْلِ2 الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم الْمَانِعِ مِنْ الضَّحِكِ3.
وَرَدَّتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرُّؤْيَةِ4.
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ قَوْلَهُ: "لأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ5" بَعِيدُ الصِّحَّةِ؛ لأَنَّ السُّنَّةَ تَأْتِي بِالْعَجَائِبِ6.
وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَعْرُوفٍ بِالْخَبَرِ بِإِتْلافٍ أَوْ غَضَبٍ لَمْ تُرَدَّ بِالاسْتِبْعَادِ7.
هَذَا مَعْنَى8 كَلامِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي رَدِّهِ بِمَا يُحِيلُهُ الْعَقْلُ9.
1 روى ابن أبي شيبة عن حميد بن هلال قال: كانوا في سفر، فصلى بهم أبو موسى، فسقط رجل أعور في بئر أو شيء، فضحك القوم كلهم غير أبي موسى والأحنف، فأمرهم أن يعيدوا الصلاة. وروى الطبراني عن أبي موسى حديث الوضوء من القهقهة.
"انظر: تخريج أحاديث البزدوي ص 197".
2 في ش ز: بفعل.
3 انظر: المسودة ص 238.
4 انظر: المسودة ص 238.
وحديث الرؤية رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد والدارمي عن أبي هريرة وغيره مرفوعاً.
"انظر: صحيح البخاري 1/ 105، 4/ 283، صحيح مسلم 1/ 163، سنن أبي داود 2/ 535، تحفة الأحوذي 7/ 267، سنن ابن ماجه 1/ 63، سنن الدارمي 2/ 326، مسند أحمد 3/ 16".
5 رواه البخاري في"صحيحه 3/ 138"، والترمذي بمعناه "تحفة الأحوذي 8/ 496".
6 انظر: المسودة ص 238.
7 هنا ينتهي كلام ابن عقيل عن منع رد الخبر بالاستدلال، مع الأمثلة لذلك، والتصرف في العبارة. انظر:"المسودة ص 238".
8 ساقطة من ض.
9 انظر: المسودة ص 238.
"وَلا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ خَبَرٍ أَنْ لا يُنْكَرَ" يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ رَوَى ثِقَةٌ خَبَرًا فَأَنْكَرَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ قَبُولِهِ عِنْدَنَا. وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ خِلافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلافِ فِي خَبَرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ1 وَرَدِّ عُمَرَ لَهُ2. وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: جَوَابُ مَنْ قَالَ: 3رَدَّهُ السَّلَفُ3: أَنَّ الثِّقَةَ لا يُرَدُّ حَدِيثُهُ لإِنْكَارِ غَيْرِهِ؛ لأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةً4.
1 هي الصحابية فاطمة بنت قيس بن خالد الفهرية القريشية. وهي أخت الضحاك بن قيس، وكانت أكبر منه بعشر سنين، طلقها زوجها، وتزوجت أسامة، وكانت من المهاجرات الأول، وفي بيتها اجتمع أصحاب الشورى، وكانت ذات عقل وافر وجمال وكمال، وهي التي روت قصة الجساسة بطولها، وحديثها في طلب النفقة من وكيل زوجها. وروت 34 حديثاً.
انظر ترجمتها في "الإصابة 4/ 384، الاستيعاب 4/ 383، تهذيب الأسماء 2/ 353، الخلاصة ص 494، مسند أحمد 6/ 373".
2 روى مسلم عن الشعبي أنه حدث بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، فأخذ الأسود بن يزيد كفًّا من حصى فحصبه به وقال: ويلك، تحدث بمثل هذا؟! قال عمر: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة، لا ندري، لعلها حفظت أو نسيت". وكذلك روى مسلم أن عائشة رضي الله عنها أنكرت ذلك على فاطمة.
"انظر صحيح مسلم 2/ 1116، 1118، نيل الأوطار 6/ 339".
وروى مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك والدارمي وغيرهم عن فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي ثلاثاً، فلم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة".
"انظر: صحيح مسلم 1/ 115، مسند أحمد 6/ 373، سنن أبي داود 1/ 531، تحفة الأحوذي 4/ 351، سنن النسائي 6/ 175، سنن ابن ماجه 1/ 656، الموطأ 2/ 579، سنن الدارمي 2/ 165، نيل الأوطار 6/ 338".
3 في ب: رد السلف الخلف.
4 انظر: المسودة ص 272.