المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: لا تعارض بين أفعال النبي صلى الله عليه وسلم - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٢

[ابن النجار الفتوحي]

الفصل: ‌فصل: لا تعارض بين أفعال النبي صلى الله عليه وسلم

‌فصل: لا تعارض بين أفعال النبي صلى الله عليه وسلم

فَصْلٌ: "لا تَعَارُضَ 1 بَيْنَ فِعْلَيْه"ِ

أَيْ: فِعْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنْ تَمَاثَلا، كَمَا لَوْ فَعَلَ صَلاةً، ثُمَّ فَعَلَهَا مَرَّةً أُخْرَى فِي وَقْتٍ آخَرَ2 "وَ" كَذَا "لَوْ اخْتَلَفَا" وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا. كَفِعْلِ صَوْمٍ وَفِعْلِ صَلاةٍ "أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اجْتِمَاعُهُمَا، لَكِنْ لا يَتَنَاقَضُ حُكْمَاهُمَا" لإِمْكَانِ الْجَمْعِ. وَحَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ امْتَنَعَ التَّعَارُضُ3.

"وَكَذَا إنْ تَنَاقَضَ" الْحُكْمُ "كَصَوْمِ" رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي "وَقْتٍ" بِعَيْنِهِ "وَفِطْرٍ" هـ فِي "مِثْلِه"ِ فَإِنَّهُمَا لا يَتَعَارَضَانِ أَيْضًا، لإِمْكَانِ كَوْنِهِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ وَفِي الْوَقْتِ الآخَرِ بِخِلافِهِ4.

"لَكِنْ إنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَكَرُّرِ" فِعْلِهِ5 "الأَوَّلِ لَهُ" أَيْ عَلَى وُجُوبِ

1 قال الإسنوي: "التعارض بين الأمرين هو تقابلهما على وجه يمنع كل واحد منهما مقتضى صاحبه". "نهاية السول 2/ 251".

وانظر: "البناني على جمع الجوامع 2/ 99، تيسير التحرير 3/ 136، المصباح المنير 2/ 516".

2 لأن الفعل لا عموم له فلا يشمل جميع الأوقات المستقبلة، ولا يدل على التكرار، وهو قول جمهور الأصوليين.

"انظر: نهاية السول 2/ 251، شرح تنقيح الفصول ص 294، المعتمد 1/ 388، إرشاد الفحول ص 38".

3 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 190، شرح تنقيح الفصول ص 294، نهاية السول 2/ 251، المعتمد 1/ 289، تيسير التحرير 3/ 147، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 26.

4 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 190، المنخول ص 227.

5 في ض: فعل.

ص: 198

تَكَرُّرِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ "أَوْ" دَلَّ دَلِيلٌ "لأُمَّتِه"ِ عَلَى وُجُوبِ التَّأَسِّي بِهِ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ فِي1 مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ "فَتَلَبَّسَ بِضِدِّهِ" أَيْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَهُوَ الْفِطْرُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ، دَلَّ أَكْلُهُ2 عَلَى نَسْخِ دَلِيلِ تَكْرَارِ الصَّوْمِ فِي حَقِّهِ، لا نَسْخِ حُكْمِ الصَّوْمِ السَّابِقِ، لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ التَّكْرَارَ. وَرَفْعُ حُكْمٍ وُجِدَ مُحَالٌ3 أَوْ "أَقَرَّ آكِلاً فِي مِثْلِهِ" أَيْ فِي4 مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ:"فَنَسْخٌ"، لِدَلِيلِ تَعْمِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الأُمَّةِ فِي حَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ، أَوْ تَخْصِيصِهِ5.

وَقَدْ يُطْلَقُ النَّسْخُ وَالتَّخْصِيصُ عَلَى الْمَعْنَى، بِمَعْنَى زَوَالِ التَّعَبُّدِ مَجَازًا6.

وَقِيلَ فِي فِعْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُخْتَلِفَيْنِ: إنَّهُ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ. فَالثَّانِي7 نَاسِخٌ، 8وَلا تَعَارُضَ9 وَإِلَاّ تَعَارَضَا، وَعُدِلَ إلَى الْقِيَاسِ وَغَيْرِهِ مِنْ التَّرْجِيحَاتِ9.

وَحَيْثُ انْتَهَى الْقَوْلُ فِيمَا إذَا تَعَارَضَ فِعْلاهُ صلى الله عليه وسلم، فَلْنَشْرَعْ الآنَ فِيمَا إذَا تَعَارَضَ فِعْلُهُ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي خِلافَ مَا يَقْتَضِيهِ الآخَرُ.

1 ساقطة من ب.

2 في ع: كله.

3 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 190، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 26.

4 ساقطة من ش ب ز ع.

5 يقول الآمدي: "فإن ذلك يدل على نسخ حكم ذلك الدليل

أو تخصيصه". الإحكام للآمدي 1/ 190. وانظر: التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 26، شرح تنقيح الفصول ص 294.

6 انظر: الإحكام للآمدي. المرجع السابق، التفتازاني على ابن الحاجب، المرجع السابق.

7 في ش: النافي. وفي ز: فالتالي.

8 ساقطة من ش ب ز ع.

9 وقيل يثبت التخيير. "انظر: إرشاد الفحول ص 38".

ص: 199

وَتَنْحَصِرُ مَسَائِلُ ذَلِكَ فِي اثْنَتَيْنِ1 وَسَبْعِينَ مَسْأَلَةً. وَوَجْهُ الْحَصْرِ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لا يَخْلُو إمَّا أَنْ لا يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّكْرَارِ وَالتَّأَسِّي، أَوْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ يَدُلَّ عَلَى الأَوَّلِ، وَهُوَ التَّكْرَارُ، دُونَ الثَّانِي وَهُوَ التَّأَسِّي، أَوْ يَدُلَّ عَلَى الثَّانِي وَحْدَهُ، وَهُوَ التَّأَسِّي دُونَ الأَوَّلِ، وَهُوَ التَّكْرَارُ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، كُلٌّ مِنْ الأَرْبَعَةِ يَتَنَوَّعُ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نَوْعًا، فَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ اثْنَتَيْنِ2 وَسَبْعِينَ مَسْأَلَةً3؛ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الأَقْسَامِ الأَرْبَعَةِ لا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ، أَوْ خَاصًّا بِنَا، أَوْ عَامًّا لَهُ وَلَنَا.

وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مِنْ ذَلِكَ لا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْفِعْلِ، وَمُتَأَخِّرًا عَنْهُ، أَوْ مَجْهُولَ التَّارِيخِ. فَهَذِهِ تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ حَصَلَتْ مِنْ ضَرْبِ ثَلاثَةٍ فِي ثَلاثَةٍ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مِنْهَا لا يَخْلُو4 إمَّا أَنْ يَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي حَقِّهِ، أَوْ فِي حَقِّنَا. فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نَوْعًا مَضْرُوبَةٌ فِي الأَرْبَعَةِ الأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ. فَتَصِيرُ اثْنَتَيْنِ5 وَسَبْعِينَ مَسْأَلَةً تُؤْخَذُ مِنْ مَنْطُوقِ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ وَمَفْهُومِهِمَا6.

"وَحَيْثُ" عَلِمْتَ ذَلِكَ. فَإِنَّهُ "لا" تَعَارُضَ "فِي فِعْلِهِ وَقَوْلِهِ، حَيْثُ لا دَلِيلَ عَلَى تَكَرُّرٍ" فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم "وَلا تَأَسٍّ بِه"ِ. وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الأَوَّلُ "وَالْقَوْلُ خَاصٌّ بِهِ" أَيْ "وَ"الْحَالُ أَنَّ الْقَوْلَ خَاصٌّ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحَالُ أَيْضًا

1 في جميع النسخ: اثنين. وهي خطأ.

2 في جميع النسخ: اثنين. وهي خطأ.

3 ساقطة من ض ب.

4 في ض: لا يكون.

5 في جميع النسخ: اثنين. وهي خطأ.

6 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 191، نهاية السول 2/ 249، شرح تنقيح الفصول ص 292 وما بعدها، جمع الجوامع 2/ 99، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 26، تيسير التحرير 3/ 148، المعتمد 1/ 389 وما بعدها، إرشاد الفحول ص 39.

ص: 200

أَنَّ الْقَوْلَ "تَأَخَّرَ" عَنْ الْفِعْلِ1.

مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا فِي وَقْتٍ، ثُمَّ يَقُولَ بَعْدَ ذَلِكَ: لا يَجُوزُ لِي مِثْلُ هَذَا الْفِعْلِ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ وَنَحْوَ ذَلِكَ2.

وَوَجْهُ عَدَمِ التَّعَارُضِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ أُمَّتِهِ جَمِيعًا: كَوْنُ الْجَمْعِ3 مُمْكِنًا لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى التَّكْرَارِ، وَلَمْ يَكُنْ رَافِعًا لِحُكْمٍ فِي الْمَاضِي وَلا فِي الْمُسْتَقْبَلِ4.

أَمَّا عَدَمُ التَّعَارُضِ فِي حَقِّهِ: فَلأَنَّ الْقَوْلَ لَمْ يَتَنَاوَلْ الزَّمَانَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْفِعْلُ، وَالْفِعْلُ أَيْضًا: لَمْ يَتَنَاوَلْ الزَّمَانَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْقَوْلُ. فَلا يَكُونُ أَحَدُهُمَا رَافِعًا لِحُكْمِ الآخَرِ.

وَأَمَّا عَدَمُ التَّعَارُضِ فِي حَقِّ الأُمَّةِ: فَظَاهِرٌ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ تَعَلُّقٌ بِالأُمَّةِ.

"لَكِنْ إنْ تَقَدَّمَ" الْقَوْلُ عَلَى الْفِعْلِ. كَمَا لَوْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَجِبُ عَلَيَّ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا5. وَتَلَبَّسَ6 بِضِدِّهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ "فَالْفِعْلُ" الَّذِي تَلَبَّسَ بِهِ "نَاسِخٌ" لِحُكْمِ قَوْلِهِ السَّابِقِ لِجَوَازِ النَّسْخِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ عَلَى الصَّحِيحِ7.

1 انظر: الإحكام للآمدي المرجع السابق، نهاية السول 2/ 252، المعتمد 1/ 390، الإحكام لابن حزم 1/ 435، تيسير التحرير 3/ 148، حاشية التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27.

2 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 191، نهاية السول 2/ 253، حاشية التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، إرشاد الفحول ص 39.

3 في ض: الجميع.

4 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 191، المعتمد 1/ 391.

5 في ش: الوقت.

6 في ز ض ب ع: ويتلبس.

7 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 191، نهاية السول 2/ 252، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، المعتمد 1/ 390، شرح تنقيح الفصول ص 293، الإحكام لابن حزم 1/ 431 تيسير التحرير 3/ 148، إرشاد الفحول ص 39.

ص: 201

وَذَكَرَ الأَصْفَهَانِيُّ فِي "شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ": أَنَّهُ إنْ كَانَ الْفِعْلُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ مُقْتَضَى الْقَوْلِ لَمْ يَكُنْ نَاسِخًا لِلْقَوْلِ، إلَاّ أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَكْرَارِ1 مُقْتَضَى الْقَوْلِ. فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْفِعْلُ نَاسِخًا لِتَكَرُّرِ مُقْتَضَى الْقَوْلِ.

وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ2، وَلا ابْنُ مُفْلِحٍ. قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَتَابَعْتُهُمَا.

"وَإِنْ جُهِلَ" هَلْ تَقَدَّمَ الْفِعْلُ عَلَى الْقَوْلِ، أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ "وَجَبَ الْعَمَلُ بِالْقَوْلِ" دُونَ الْفِعْلِ؛ لأَنَّ الْقَوْلَ أَقْوَى دَلالَةً مِنْ الْفِعْلِ لِوَضْعِهِ لَهَا، وَلِعَدَمِ الاخْتِلافِ فِي كَوْنِهِ دَالاًّ، وَلِدَلالَتِهِ3 عَلَى الْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ بِلا وَاسِطَةٍ، وَلأَنَّ الْقَوْلَ يَدُلُّ عَلَى الْمَعْقُولِ وَالْمَحْسُوسِ. فَيَكُونُ أَعَمَّ فَائِدَةً4

"وَلا" تَعَارُضَ فِي فِعْلِهِ وَقَوْلِه: حَيْثُ لا دَلِيلَ عَلَى تَكْرَارِ5 وَتَأَسٍّ6 "إنْ اخْتَصَّ الْقَوْلُ بِنَا مُطْلَقًا" أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى الْفِعْلِ، أَوْ تَقَدَّمَ الْفِعْلُ عَلَى الْقَوْلِ، أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْقَوْلِ لَهُ7،

1 في ش ز: تكرر.

2 مختصر ابن الحاجب 2/ 26، وقال التفتازاني:"فالمصنف لم يتعرض له، لأنه يذكر في نظيره من القسم الرابع ما يعلم به حكمه". "حاشية التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27".

3 في ض: والدلالة.

4 انظر: نهاية السول 2/ 254، المعتمد 1/ 390، الإحكام لابن حزم 1/ 434، تيسير التحرير 3/ 148.

5 في ز ش: تكرر.

6 في ض ب ع: ولا تأس.

7 ساقطة من ب.

وانظر: الإحكام للآمدي 1/ 191، نهاية السول 2/ 253، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، إرشاد الفحول ص 40.

ص: 202

"أَوْ عَمَّ" الْقَوْلُ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ وَلا بِنَا "وَ" الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ "تَقَدَّمَ الْفِعْلُ1".

أَمَّا كَوْنُهُ لا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم: فَلِعَدَمِ2 وُجُوبِ تَكَرُّرِ الْفِعْلِ3.

وَأَمَّا كَوْنُهُ لا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّ الأُمَّةِ: فَلأَنَّ الْقَوْلَ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخٌ لِلْفِعْلِ قَبْلَ وُقُوعِ التَّأَسِّي بِهِ4، وَبَعْدَ وُقُوعِ التَّأَسِّي يَكُونُ نَاسِخًا لِلتَّكْرَارِ فِي حَقِّهِمْ إنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّكْرَارِ فِي حَقِّهِمْ. قَالَهُ الأَصْفَهَانِيُّ.

"وَلا" تَعَارُضَ "فِي حَقِّنَا إنْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ" وَيَكُونُ الْفِعْلُ نَاسِخًا فِي حَقِّهِ لِلْقَوْلِ السَّابِقِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الإِتْيَانِ بِمُقْتَضَى الْقَوْلِ5 "وَهُو"َ أَيْ وَ6حُكْمُ ذَلِكَ "ك" قَوْلٍ "خَاصٍّ بِهِ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْعَامُّ" أَيْ الْعُمُومُ "ظَاهِرًا فِيهِ" أَيْ فِي الْقَوْلِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْعُمُومُ يَتَنَاوَلُهُ7 الْقَوْلُ ظَاهِرًا "فَالْفِعْلُ" الْمُتَأَخِّرُ "تَخْصِيصٌ" لِعُمُومِ الْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ8. وَأَمَّا فِي حَقِّ الأُمَّةِ: فَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهِ9 مَخْصُوصًا بِذَلِكَ الْفِعْلِ فَنَسْخٌ، وَإِلَاّ فَتَخْصِيصٌ10.

1 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 293، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، نهاية السول 2/ 252، الإحكام للآمدي 1/ 191، إرشاد الفحول ص 40.

2 في ب ز ض ع: لعدم.

3 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 191، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27.

4 ساقطة من ض.

5 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 191، نهاية السول 2/ 252، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27.

6 ساقطة من ض.

7 في ش ب ز: يتناول.

8 انظر: التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، المحلي على جمع الجوامع 2/ 101.

9 في ع: وجوب.

10 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 293، نهاية السول 2/ 252، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، المحلي على جمع الجوامع 2/ 101، المعتمد 1/ 390، غاية الوصول ص 93.

ص: 203

"وَلا" تَعَارُضَ "فِينَا" أَيْ فِي حَقِّنَا "مُطْلَقًا" أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ الْفِعْلَ، أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ "مَعَ دَلِيلٍ دَلَّ1 عَلَيْهِمَا" أَيْ عَلَى التَّكْرَارِ وَالتَّأَسِّي، لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْفِعْلِ لَنَا2 "وَالْقَوْلُ خَاصٌّ بِهِ" أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْقَوْلَ خَاصٌّ بِهِ. وَفِيهِ أَيْ وَفِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم "الْمُتَأَخِّرُ" مِنْ الْقَوْلِ أَوْ3 الْفِعْلِ "نَاسِخٌ" لِلْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ4.

"وَمَعَ جَهْلٍ" بِالتَّارِيخِ "يُعْمَلُ بِالْقَوْلِ" وَقِيلَ بِالْفِعْلِ، وَقِيلَ بِالْوَقْفِ5.

"وَلا" تَعَارُضَ "فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم "مَعَه"ُ أَيْ مَعَ الدَّلِيلِ "عَلَيْهِمَا" أَيْ عَلَى التَّكْرَارِ وَالتَّأَسِّي وَالْقَوْلُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْقَوْلَ مُخْتَصٌّ "بِنَا" تَقَدَّمَ الْقَوْلُ أَوْ تَأَخَّرَ، لِعَدَمِ تَوَارُدِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ6.

1 ساقطة من ز ض ع.

2 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 192، نهاية السول 2/ 252، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، المحلي على جمع الجوامع 2/ 100.

3 في ش: و.

4 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 192، نهاية السول 2/ 252، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، المحلي على جمع الجوامع 2/ 99، غاية الوصول ص 92، إرشاد الفحول ص 40.

5 هذه الصورة مختصرة وفيها إبهام، وقد وضحها الآمدي فقال: "وأما إن جهل التاريخ فلا معارضة بين فعله وقوله بالنسبة إلى الأمة، لعدم تناول قوله لهم، وأما بالنسبة له فقد اختلف فيه

ثم قال: والمختار إنما هو العمل بالقول لوجوه أربعة...." "الإحكام للآمدي 1/ 192". وقال الكمال بن الهمام: "وقيل: يُتَوقف، وهو المختار". "تيسير التحرير 3/ 148، 149". وكذلك قال التفتازاني:"وثالثها وهو المختار التوقف لاحتمال الأمرين، والمصير إلى أحدهما بلا دليل تحكم". "التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27". وهذا هو اختيار ابن السبكي والمحلي. "انظر: المحلي على جمع الجوامع 2/ 100". وانظر: نهاية السول 2/ 254، المعتمد 1/ 390، الإحكام لابن حزم 1/ 435، غاية الوصول ص 92، إرشاد الفحول ص 40.

6 انظر: المحلي على جمع الجوامع 2/ 100، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، غاية الوصول ص 93.

ص: 204

وَأَمَّا "فِينَا" أَيْ فِي حَقِّ الأُمَّةِ ف "الْمُتَأَخِّرُ" مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ "نَاسِخٌ" لِلْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ1 "وَمَعَ جَهْلٍ" بِالتَّارِيخِ "يُعْمَلُ بِالْقَوْلِ" عَلَى الْمُخْتَارِ2.

"وَلا" تَعَارُضَ "فِينَا" أَيْ فِي حَقِّنَا "مَعَ" دَلالَةِ "دَلِيلٍ عَلَى تَكَرُّرٍ" فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم "لا" عَلَى "تَأَسٍّ" فِي حَقِّ الأُمَّةِ "إنْ اخْتَصَّ الْقَوْلُ بِهِ" صلى الله عليه وسلم "أَوْ عَمَ" هـ الْقَوْلُ وَعَمَّ الأُمَّةَ، لِعَدَمِ تَوَارُدِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ3.

"وَفِيهِ" أَيْ وَفِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم "الْمُتَأَخِّرُ" مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ "نَاسِخٌ" لِلْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا4.

"فَإِنْ جُهِلَ" الْمُتَقَدِّمُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ "عُمِلَ بِالْقَوْلِ" عَلَى الْمُخْتَارِ5.

1 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 193، نهاية السول 2/ 252، المحلي على جمع الجوامع 2/ 100، تيسير التحرير 3/ 148، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27.

2 ذكر التفتازاني رحمه الله أدلة القائلين بترجيح القول على الفعل، وأدلة المخالفين، ثم بين أدلة الترجيح للقول المختار بالعمل بالقول، ولم يذكر المؤلف الصورة الثالثة من هذا القسم، وهو "إن دل الدليل على التكرار والتأسي، وكان القول عاماً له ولنا، فالمتأخر من القول والفعل ناسخ للآخر في حقه وحقنا، فإن جهل التاريخ ففيه الأقوال الثلاثة، والمختار تقديم القول". "انظر التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 28". وقال المحلي: "وإن جهل المتأخر فالأقوال أصحها في حقه الوقف، وفي حقنا تقدم القول". "المحلي على جمع الجوامع 2/ 101".

وانظر: الإحكام للآمدي 1/ 193، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 27، المحلي على جمع الجوامع 2/ 100، تيسير التحرير 3/ 148، غاية الوصول ص 93، إرشاد الفحول ص 40.

3 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 193، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 28، إرشاد الفحول ص 40.

4 انظر: تيسير التحرير 3/ 149، التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 28، غاية الوصول ص 92.

5 قال التفتازاني: "وعند الجهل فالثلاثة، والمختار الوقف". وقال الشيخ زكريا الأنصاري: "فالوقف على الأصح، وقيل يرجح القول، وعزي للجمهور".

"انظر: التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 28، غاية الوصول ص 92، الإحكام للآمدي 1/ 193، شرح تنقيح الفصول ص 293، المعتمد 1/ 390، تيسير التحرير 3/ 149".

ص: 205