المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: مستند الصحابي - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٢

[ابن النجار الفتوحي]

الفصل: ‌فصل: مستند الصحابي

‌فَصْلٌ: مُسْتَنَدُ الصَّحَابِيِّ

نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: لا خِلافَ فِيهِ، لِكَوْنِهِ لا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ لِصَرَاحَتِهِ، وَهُوَ1 الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَعْلَى مُسْتَنَدِ صَحَابِيٍّ: حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَذَا أَوْ أَخْبَرَنِي، أَوْ شَافَهَنِي وَ2سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَرَأَيْته يَفْعَلُ كَذَا3 وَنَحْوَهُمَا كَحَضَرْتُ أَوْ4 شَاهَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ كَذَا، أَوْ يَفْعَلُ كَذَا5.

وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَعْلَى النَّوْعَيْنِ، لِكَوْنِهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَهُمَا قَطْعًا6.

النَّوْعُ الثَّانِي: مَا فِيهِ خِلافٌ لِكَوْنِهِ يَحْتَمِلُ وُجُودَ الْوَاسِطَةِ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ صَرَاحَتِهِ. وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "وَيُحْمَلُ" أَيْ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ "قَالَ" النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَذَا "وَ" قَوْلُ الصَّحَابِيِّ "فَعَلَ" رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَا "وَنَحْوُهُمَا"

1 في ب ع: فهو.

2 في ب: أو.

3 في ش: كذا كذا.

4 في ب ع ض: و.

5 ساقطة من ز ع ب ض.

6 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 95، المستصفى 1/ 129، نهاية السول 2/ 315، مناهج العقول 2/ 313، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، شرح تنقيح الفصول ص 373، تيسير التحرير 3/ 68، فواتح الرحموت 2/ 161، الروضة ص 47، مختصر الطوفي ص 63، إرشاد الفحول ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95.

ص: 481

كَأَقَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى كَذَا1، "وَعَنْهُ" كَقَوْلِ2 الصَّحَابِيِّ: أَقُولُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "و"َ كَقَوْلِهِ "إنَّهُ" أَيْ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَذَا3، أَوْ قَالَ كَذَا عَلَى "الاتِّصَالِ" أَيْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لا وَاسِطَةَ بَيْنَهُ4 وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ. وَيَكُونُ ذَلِكَ حُكْمًا شَرْعِيًّا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ؛ لأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الصَّحَابِيِّ الْقَائِلِ ذَلِكَ5.

وَخَالَفَ 6فِي ذَلِكَ6 أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. فَقَالُوا: لا يُحْمَلُ عَلَى السَّمَاعِ لاحْتِمَالِهِ وَتَرَدُّدِهِ بَيْنَ سَمَاعِهِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ7.

1 انظر: فواتح الرحموت 2/ 161، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، جمع الجوامع 2/ 173، الكفاية ص 419، المسودة ص 260، شرح تنقيح الفصول ص 373، المستصفى 1/ 129، الإحكام للآمدي 2/ 95، غاية الوصول ص 106، الروضة ص 47، مختصر الطوفي ص 63، إرشاد الفحول ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95.

2 في ب: أي وكقول. وفي ض: وقول.

3 ساقطة من ز ش ب ع.

4 في ز: بين.

5 وهو ما رجحه الآمدي وابن عبد الشكور. وقال الخطيب البغدادي: "فقال أكثر العلماء: الواجب في ذلك حمله على أن الصحابي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم""الكفاية ص 419".

وانظر: الإحكام للآمدي 2/ 95، المستصفى 1/ 130، نهاية السول 2/ 316، مناهج العقول 2/ 314، توضيح الأفكار 1/ 272، المسودة ص 260، تيسير التحرير 3/ 68، فواتح الرحموت 2/ 161.

6 ساقطة من ض.

7 وهو قول القاضي أبي بكر الباقلاني.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 95، نهاية السول 2/ 316، فواتح الرحموت 2/ 161، تيسير التحرير 3/ 68، توضيح الأفكار 1/ 273، الكفاية ص 419، المسودة ص 260".

ص: 482

"وَ" قَوْلُ الصَّحَابِيِّ "أَمَرَ" النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَذَا "وَ1نَهَى" النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَذَا "وَ2أَمَرَنَا" رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَذَا وَ3نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَذَا "وَ4أُمِرْنَا" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِكَذَا "وَ5نُهِينَا" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ عَنْ كَذَا "وَ6رُخِّصَ لَنَا" فِي كَذَا، وَ7أُبِيحَ لَنَا كَذَا "وَ8حُرِّمَ عَلَيْنَا" كَذَا "وَمِنْ السُّنَّةِ" كَذَا وَكَذَا9. وَقَوْلُهُ: جَرَتْ السُّنَّةُ أَوْ مَضَتْ السُّنَّةُ بِكَذَا. كَقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه "مِنْ السُّنَّةِ: وَضْعُ الْكَفِّ عَلَى الْكَفِّ فِي الصَّلاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد10. وَقَوْلِ أَنَسٍ "مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا – الْحَدِيثَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ11.

1 في ش زض: أو.

2 في ش ب ز: أو.

3 في ش ز: أو.

4 في ب ع ض: أو.

5 في ش ز: أو.

6 في ش ز: أو.

7 في ش ز: أو.

8 في ش: أو.

9 السنة عند الحنفية تعمُّ سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وسنة الخلفاء الراشدين،

والكل حجّة عندهم، لأن سنة الخلفاء الراشدين حجة عند الحنفية.

"انظر: فواتح الرحموت 2/ 162، تيسير التحرير 3/ 69، المسودة ص 294".

10 الحديث رواه أبو داود وأحمد والدارقطني والبيهقي والبغوي عن علي رضي الله عنه.

"انظر: سنن أبي داود 1/ 174، مسند أحمد 1/ 110، سنن البيهقي 2/ 31، شرح السنة

3/ 32، نيل الأوطار 2/ 210".

11 الحديث رواه البخاري ومسلم والبيهقي وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان والدارمي والدارقطني والترمذي وابن ماجه.

"انظر: صحيح البخاري 3/ 263، صحيح مسلم 2/ 1084، تحفة الأحوذي 4/ 291، سنن ابن ماجه 1/ 617، سنن الدارمي 2/ 144، نيل الأوطار 6/ 242.

ص: 483

"وَكُنَّا نَفْعَلُ" كَذَا أَوْ1 نَقُولُ كَذَا، أَوْ2 نَرَى كَذَا عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم، "وَكَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْوَ ذَلِكَ" كَقَوْلِهِ: كَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3 "حُجَّةٌ" يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ "قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم" لَكِنَّهُ فِي الدَّلالَةِ دُونَ ذَلِكَ، لاحْتِمَالِ الْوَاسِطَةِ أَوْ اعْتِقَادِ مَا لَيْسَ بِأَمْرٍ وَلا نَهْيٍ: أَمْرًا أَوْ نَهْيًا، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِنَقْلِ الأَمْرِ إلَاّ بَعْدَ جَزْمِهِ بِوُجُودِ حَقِيقَتِهِ، وَمَعْرِفَةُ الأَمْرِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ اللُّغَةِ وَهُمْ أَهْلُهَا، فَلا تَخْفَى4 عَلَيْهِمْ5.

1 في ب: و.

2 في ب: و.

3 يشترط في هذه الألفاظ الأخيرة: "كنا نفعل، أو نقول، أو نرى، وكانوا يفعلون، وكان الأمر

أن تضاف إلى عهد النبوة لتدل على الجواز أو الوجوب في الصحيح عند الأكثر، فإن أطلق ففيه خلاف بين العلماء، لكن لا فرق بين قول الصحابي ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعد موته، فإن له حكم الرفع".

انظر: "جمع الجوامع 2/ 173، المستصفى 1/ 131، نهاية السول 2/ 317-318، مناهج العقول 2/ 315، المجموع 1/ 59، الكفاية ص 422، شرح النووي على مسلم 1/ 30، المسودة ص 393، 395، تدريب الراوي 1/ 185، توضيح الأفكار 1/ 273 وما بعدها، مقدمة ابن الصلاح ص 23، تيسير التحرير 3/ 70، فواتح الرحموت 2/ 162، شرح تنقيح الفصول ص 373 وما بعدها، غاية الوصول ص 106، الروضة ص 47- 48، مختصر الطوفي ص 64، إرشاد الفحول ص 41، 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95".

4 في ش زض: يخفى.

5 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 96 وما بعدها، المستصفى 2/ 130 وما بعدها، نهاية السول 2/ 316، جمع الجوامع 2/ 173، الكفاية ص 419، 420 وما بعدها، المسودة ص 291، المجموع 1/ 59 وما بعدها، العضد على ابن الحاجب 2/ 68 وما بعدها، تدريب الراوي 1/ 186، 188 وما بعدها، توضيح الأفكار 1/ 265 وما بعدها، المعتمد 2/ 667، قواعد التحديث ص 144، فواتح الرحموت 2/ 161، تيسير التحرير 3/ 69، الروضة ص 47، غاية الوصول ص 106، مختصر الطوفي ص 64، إرشاد الفحول ص 60، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95.

ص: 484

ثُمَّ إنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ فِي صِيغَةِ الأَمْرِ وَنَحْوِهَا خِلافٌ، وَخِلافُنَا فِيهِ لا يَسْتَلْزِمُهُ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُجَّةً، وَرَجَعَتْ إلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ1.

وَخَالَفَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي ذَلِكَ، وَخَالَفَ الصَّيْرَفِيُّ وَالْبَاقِلَاّنِيّ وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ وَالْكَرْخِيُّ الْحَنَفِيَّانِ، وَالإِسْمَاعِيلِيّ2 وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَنَقَلَهُ3 ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ:"أُمِرْنَا وَنُهِينَا" لاحْتِمَالِ أَنَّ الآمِرَ غَيْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَذَلِكَ النَّاهِي4.

1 انظر: مختصر الطوفي ص 64، والمراجع السابقة.

2 هو أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس، أبو بكر الإسماعيلي، الشافعي، إمام أهل جرجان، والمرجوع إليه في الفقه والحديث، وصاحب التصانيف. قال الشيخ أبو إسحاق:"جمع بين الفقه والحديث ورياسة الدين والدنيا". وقال الحاكم: "كان أبو بكر واحد عصره، وشيخ المحدثين والفقهاء وأجلهم في الرياسة والمروءة والسخاء". له تصانيف كثيرة، منها:"المستخرج على الصحيح"، و"المعجم"، و"مسند عمر"، و"المسند الكبير" نحو مائة مجلد. توفي سنة 371 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 7، تبيين كذب المفتري ص 192، تذكرة الحفاظ 3/ 947، طبقات الحفاظ ص 381، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 116، شذرات الذهب 3/ 75، طبقات الفقهاء الشافعية للعبادي ص 86".

3 في ض: ونقل.

4 قال الإمام النووي رحمه الله: "إن الصحيح أن قول الصحابي: من السنة كذا في حكم المرفوع، وأنه مذهب الجماهير، وأن أبا بكر الإسماعيلي قال: له حكم الموقوف على الصحابي". "المجموع شرح المهذب 1/ 59، شرح النووي على مسلم 1/ 30. وقال السرخسي: لا يفهم منه

الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". "أصول السرخسي 1/ 380"، وهو قول ابن حزم أيضاً.

"انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 194، الإحكام للآمدي 2/ 97، شرح تنقيح الفصول ص 373، 374، نهاية السول 2/ 316، فواتح الرحموت 2/ 161، تيسير التحرير 3/ 69، 70، المعتمد 2/ 667، المسودة ص 291، مقدمة ابن الصلاح ص 24، توضيح الأفكار 1/ 266، الكفاية ص 423، إرشاد الفحول ص 60، 61، مختصر الطوفي ص 64، غاية الوصول ص 106"

ص: 485

وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ: بِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ ذَلِكَ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي مَعْرِضِ الاحْتِجَاجِ، فَيُحْمَلُ عَلَى صُدُورِهِ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ الرَّسُولُ، صلى الله عليه وسلم. فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَصْدُرُ عَنْهُ الأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالتَّحْرِيمُ وَالتَّرْخِيصُ تَبْلِيغًا عَنْ اللَّهِ سبحانه وتعالى، وَإِنْ1 كَانَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ2، لَكِنَّهُ3 بَعِيدٌ. فَإِنَّ الْمُشَرِّعَ لِذَلِكَ هُوَ صَاحِبُ الشَّرْعِ4.

"وَقَوْلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ عَنْهُ5" أَيْ عَنْ الصَّحَابِيِّ إذَا رَوَى عَنْهُ حَدِيثًا "يَرْفَعُهُ" أَيْ الصَّحَابِيُّ "أَوْ يَنْمِيْهِ6" إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "أَوْ يَبْلُغُ بِهِ" النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم "أَوْ يَرْوِيهِ7" عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "كَمَرْفُوعٍ صَرِيحًا" عِنْدَ الْعُلَمَاءِ8.

قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ: "حُكْمُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ صَرِيحًا9".

1 في ز: وأنه.

2 في ش: الحلفاء.

3 في ض: لكونه.

4 وهناك قول بالوقف، وقول بالتفصيل، وأن الألفاظ السابقة على درجات، كما بينه البيضاوي وغيره.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 97، المستصفى 1/ 130 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/ 161، تيسير التحرير 3/ 69، نهاية السول 2/ 316، مناهج العقول 2/ 314، المعتمد 2/ 667، العضد على ابن الحاجب 2/ 68، شرح تنقيح الفصول ص 374، الروضة ص 47، مختصر الطوفي ص 64، إرشاد الفحول ص 60، 61".

5 في ض: عنه يرفعه.

6 في ب: ينهيه.

7 في ش ز ع ب ض: رواية.

8 انظر: الكفاية ص 415، 416، تدريب الراوي 1/ 191، مقدمة ابن الصلاح ص 25.

9 مقدمة ابن الصلاح ص 25.

ص: 486

وَذَلِكَ كَقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ "الشِّفَاءُ فِي ثَلاثٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ"، ثُمَّ قَالَ: رَفَعَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1.

وَكَحَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ2 عَنْ الأَعْرَجِ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَبْلُغُ بِهِ. قَالَ: "النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ" 4، وَغَيْرُهُ كَثِيرٌ.

1 رواه البخاري وابن ماجه. ورواه مسلم وأبو داود بلفظ آخر: "إن كان شيء من أدويتكم خير ففي شَرْطَة مِحْجَم...." ورواه الخطيب بسنده، ورواه مالك بلاغاً.

انظر: صحيح البخاري 4/ 9، سنن ابن ماجه 2/ 1155، صحيح مسلم 4/ 1730، سنن أبي داود 2/ 331، الكفاية ص 415، الموطأ 2/ 974، فيض القدير 4/ 175.

2 هو عبد الله بن ذَكْوان، أبو عبد الرحمن، القرشي المدني، وأبو الزناد لقب، وكان يغضب منه، وهو راوية الأعرج. قال الإمام أحمد: كان سفيان يسمي أبا الزناد أمير المؤمنين في الحديث. وهو من كبار العلماء في المدينة بعد كبار التابعين. قال البخاري: أصح أسانيد أبي هريرة: أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. وكان ثقة ثبتاً فقيهاً. مات فجأة في مغتسله سنة 131 هـ، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في ميزان الاعتدال 2/ 418، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 65، طبقات الحفاظ ص 54، تذكرة الحفاظ 1/ 134، المعارف ص 464، الخلاصة ص 196، شذرات الذهب 1/ 182، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 305.

3 هو عبد الرحمن بن هرمز بن كيسان، الهاشمي مولاهم، أبو داود، المدني، الأعرج، القارئ، التابعي، صاحب أبي هريرة، كان يكتب المصاحف، وهو من أول من وضع العربية. وكان أعلم الناس بالنحو وأنساب قريش، أخذ القراءة عن أبي هريرة وابن عباس. توفي سنة 117 هـ بالإسكندرية.

انظر ترجمته في طبقات القراء 1/ 318، إنباه الرواة 2/ 172، طبقات الحفاظ ص 38، تذكرة الحفاظ 1/ 97، طبقات النحويين واللغويين ص 26، المعارف ص 465، مشاهير علماء الأمصار ص 77، الخلاصة ص 236، شذرات الذهب 1/ 153، تهذيب الأسماء 1/ 305، معرفة القراء الكبار 1/ 63.

4 هذا طرف من حديث رواه البخاري ومسلم وأحمد عن أبي هريرة وجابر ومعاوية وعمرو مرفوعاً. ورواه الترمذي بلفظ آخر. قال النووي: ومعناه في الإسلام والجاهلية، كما صرح به في الرواية الأخرى.

انظر: هداية الباري 2/ 246، صحيح مسلم 3/ 1451، مسند أحمد 3/ 379، 4/ 101، تحفة الأحوذي 6/ 481، فيض القدير 6/ 294، شرح النووي على مسلم 12/ 200، الكفاية ص 416، موارد الظمآن ص 369.

ص: 487

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةُ "تُقَاتِلُونَ قَوْمًا - الْحَدِيثَ1".

وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ2 عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ3 "كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلاةِ. قَالَ أَبُو

1 هذا طرف من حديث صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تقاتلون قوماً بين يدي الساعة، نعالهم الشَّعَر، كأن وجوههم المجان المُطْرقة، حمر الوجوه، صغار الأعين".

والحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والخطيب مع تقديم وتأخير واختلاف بالألفاظ.

"انظر: صحيح البخاري 2/ 278، صحيح مسلم 4/ 2234، سنن أبي داود 2/ 427، تحفة الأحوذي 6/ 461، الكفاية ص 416، تدريب الراوي 1/ 191".

2 هو سلمة بن دينار، المدني الأعرج، الزاهد الفقيه، أبو حازم، التابعي المشهور بالمحاسن، مولى بني مخزوم. أجمعوا على توثيقه وجلالته والثناء عليه، ولم يحدث عن أحد من الصحابة إلا عن سهل بن سعد –خلافاً لأبي حازم التابعي، واسمه: سلمان مولى عزة الأشجعية، المشهور بالرواية عن أبي هريرة- وكان سلمة زاهداً أشقر فارسياً. روى عنه الزهري وهو أكبر منه. قال ابن سعد:"كان ثقة، كثير الحديث، وكان يقص في مسجد المدينة، توفي سنة 140 هـ، وقيل 135 هـ".

انظر ترجمته في "تهذيب الأسماء 2/ 207، طبقات الحفاظ ص 53، تذكرة الحفاظ 1/ 133، الخلاصة ص 147، شجرة النور الزكية ص 47، المعارف ص 479، 583، شذرات الذهب 1/ 208، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 224.

3 هو الصحابي سهل بن سعد بن مالك بن ثعلبة

بن ساعدة الخزرجي الأنصاري، أبو العباس، المدني، من مشاهير الصحابة. وكان اسمه حزناً فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة سنة 91 هـ، وقيل غير ذلك، وروى 188 حديثاً.

انظر ترجمته في "الإصابة 2/ 88، الاستيعاب 2/ 95، الخلاصة ص 157، تهذيب الأسماء 1/ 238، شجرة النور الزكية ص 45، شذرات الذهب 1/ 99".

ص: 488

حَازِمٍ: لا 1أَعْلَمُ إلَاّ أَنَّهُ يَنْمِي2 ذَلِكَ2. قَالَ مَالِكٌ: هَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ3. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْقَعْنَبِيِّ4 عَنْ مَالِكٍ. فَقَالَ: "يَنْمِي ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5"، فَصَرَّحَ بِرَفْعِهِ6.

1 في ض: يعلم أنه ينهي عن.

2 رواه البخاري وأحمد ومالك والخطيب مرفوعاً.

"انظر: صحيح البخاري 1/ 135، مسند أحمد 5/ 336، الموطأ 1/ 159، المنتقى 1/ 280، الكفاية ص 416".

3 هو عبد الله بن يوسف الكلاعي، أبو محمد الدمشقي، التِّنِّيسي، شيخ البخاري. وقال البخاري عنه: كان من أثبت الشاميين، وثقه أبو حاتم. وقال ابن معين: أثبت الناس في الموطأ: عبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الله بن يوسف التنيسي، وأخرج له البخاري والترمذي وأبو داود والنسائي. توفي سنة 218 هـ.

"انظر: الخلاصة ص 219، ميزان الاعتدال 2/ 528، طبقات الحفاظ ص 172، تذكرة الحفاظ 1/ 404".وانظر: المنتقى شرح الموطأ 1/ 281.

4 هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب، أبو عبد الرحمن المدني، أحد الأئمة الأعلام في العلم والعمل. نزل البصرة ثم مكة، وكان زاهداً. روى عن مالك. قال أبو حاتم:"ثقة حجّة، لم أرَ أخشع منه". وكان مجاب الدعوة. أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه. قال مالك عنه عند مجيئه: "قوموا إلى خير أهل الأرض"، توفي سنة 221هـ. روى عن مالك "الموطأ"، ولازمه عشرين سنة.

انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 165، الخلاصة ص 215، تذكرة الحفاظ 1/ 383، الديباج المذهب 1/ 411، العقد الثمين 5/ 285، وفيات الأعيان 2/ 250، شجرة النور الزكية ص 57، شذرات الذهب 2/ 49".

5 صحيح البخاري 1/ 135، وعبارة البخاري:"حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن أبي حازم". فزاد ابن أبي حازم، بينما نقل الباجي أن البخاري "أخرجه من رواية عبد الله بن يوسف عن مالك""المنتقي 1/ 381".

6 قال الحافظ ابن حجر: "هذا حكمه الرفع، لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم، قال البيهقي: لا خلاف في ذلك بين أهل النقل". وقال النووي: "هذا حديث صحيح مرفوع، ونميت الحديث، رفعته وأسندته، وفي رواية: يرفع مكان ينمي، والمراد بقوله: ينميه: يرفعه في اصطلاح أهل الحديث"..........=

ص: 489

"وَ" قَوْلُ "تَابِعِيٍّ: أُمِرْنَا وَنُهِينَا، وَمِنْ السُّنَّةِ، وَكَانُوا يَفْعَلُونَ" كَذَا "كَ" قَوْلِ "صَحَابِيٍّ" ذَلِكَ "حُجَّةٌ" أَيْ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا1. وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه، لَكِنَّهُ كَالْمُرْسَلِ2.

وَخَالَفَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي قَوْلِهِ: "كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا"3. وَقَالَ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لأَنَّهُ قَدْ يَعْنِي مَنْ أَدْرَكَهُ. كَقَوْلِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ "كَانُوا يَفْعَلُونَ" يُرِيدُ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ4.

"وَأَعْلَى مُسْتَنِدِ غَيْرِ صَحَابِيٍّ: قِرَاءَةُ الشَّيْخِ" عَلَى الرَّاوِي عَنْهُ، وَهُوَ يَسْمَعُ، سَوَاءٌ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ إمْلاءً أَوْ تَحْدِيثًا مِنْ حِفْظِهِ أَوْ مِنْ كِتَابِهِ5.

=وقال الباجي: قال إسماعيل ينمى ذلك، ولم يقل ينمي. قال ابن وضاح: يريد ينمى ذلك يرفع ذلك ويسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الشوكاني: وقد أعل بعضهم الحديث بأنه ظن من أبي حازم، ورد بأن أبا حازم لو لم يقل: لا أعلمه إلى آخره، لكان في حكم المرفوع، لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا، يصرف بظاهره إلى من له الأمر وهو النبي صلى الله عليه وسلم.

انظر: فتح الباري 2/ 152-153، شرح النووي على مسلم 4/ 114، نيل الأوطار 2/ 209، المنتقى 1/ 281، مقدمة ابن الصلاح ص 24.

1 انظر: الروضة ص 48، مختصر الطوفي ص 64.

2 وهذا ما رجحه الشوكاني، وعند الشافعية وجهان، والمشهور أنه موقوف على بعض الصحابة. وقال الحافظ العراقي كما قال النووي:"الأصح أنه من التابعين موقوف، ومن الصحابي ظاهر في أنه سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال النووي أيضاً: إنه موقوف، وهو قول الشافعي في الجديد".

"انظر: إرشاد الفحول ص 61، المستصفى 1/ 131، تيسير التحرير 3/ 69، توضيح الأفكار 1/ 299، المجموع 1/ 60، شرح النووي على مسلم 1/ 30، المسودة ص 294، 295".

3 ساقطة من ش ز ع ب.

4 انظر: المسودة ص 297.

5 هذه المراتب مختلف في ترتيبها قوة وضعفاً بين العلماء، كما جاء في "فواتح الرحموت" و"كشف الأسرار" وغيرها، وجعلها الشيخ زكريا الأنصاري إحدى عشرة مرتبة........=

ص: 490

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ "فَإِنْ قَصَدَ" الشَّيْخُ "إسْمَاعَهُ وَحْدَهُ، أَوْ" أَنْ يُسْمِعَهُ "وَ" يُسْمِعَ غَيْرَهُ "قَالَ" أَيْ سَاغَ لِلرَّاوِي أَنْ يَقُولَ "أَسْمَعَنَا، وَ" أَنْ يَقُولَ "حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا" فُلانٌ1

"وَقَلَّ" قَوْلُ الرَّاوِي2 فِي مِثْلِ هَذَا "أَنْبَأَنَا وَ3نَبَّأَنَا" فُلانٌ4

"وَهِيَ" أَيْ هَذِهِ الأَلْفَاظُ "مُرَتَّبَةٌ" أَيْ فِي الرُّتْبَةِ "كَمَا ذُكِرَتْ" أَيْ كَمَا رُتِّبَتْ فِي الذِّكْرِ.

= "انظر: المستصفى 1/ 165، فواتح الرحموت 2/ 164، نهاية السول 2/ 320، كشف الأسرار 3/ 39، غاية الوصول ص 106، شرح تنقيح الفصول ص 367، 375، أصول السرخسي 1/ 375، الإحكام لابن حزم 1/ 255، الإحكام للآمدي 2/ 99، تيسير التحرير 3/ 91، مناهج العقول 2/ 318، المعتمد ص2/ 663، الإلماع ص 69، قواعد التحديث ص 203، توضيح الأفكار 2/ 295، تدريب الراوي 2/ 8، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، جمع الجوامع 2/ 174، أصول الحديث ص 233، شرح الورقات ص 193، الروضة ص 61، مختصر الطوفي ص 65، شرح نخبة الفكر ص 210، إرشاد الفحول ص 61، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95، مقدمة ابن الصلاح ص 62".

1 ويجوز أن يقول أيضاً: قرأ علي، ويجوز بالإفراد: حدثني

وبالجمع: حدثنا.

"انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 62، شرح نخبة الفكر ص 210، 212، الإلماع ص 69، 122، توضيح الأفكار 2/ 297، تدريب الراوي 1/ 8، الكفاية ص 294، شرح الورقات ص 193، الإحكام لابن حزم 1/ 255، الإحكام للآمدي 2/ 99، المستصفى 1/ 165، نهاية السول 2/ 320، مناهج العقول 2/ 318، شرح تنقيح الفصول ص 375، كشف الأسرار 3/ 39، 42، تيسير التحرير 3/ 93، اللمع ص 45، الروضة ص 61، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، مختصر الطوفي ص 65، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95، إرشاد الفحول ص 62".

2 في ز ش ع ب: الرواة.

3 في ض: أو.

4 انظر: شرح الورقات ص 193، مقدمة ابن الصلاح ص 63، شرح نخبة الفكر ص 210، الإلماع ص 69، 122، توضيح الأفكار 2/ 297، الكفاية ص 294.

ص: 491

قَالَ الْخَطِيبُ1: "أَرْفَعُ الدَّرَجَاتِ: سَمِعْت، ثُمَّ حَدَّثَنَا. وَحَدَّثَنِي، ثُمَّ أَخْبَرَنَا. وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الاسْتِعْمَالِ، ثُمَّ أَنْبَأَنَا وَنَبَّأَنَا، وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الاسْتِعْمَالِ2".اهـ.

وَإِنَّمَا كَانَتْ "أَسْمَعَنَا وَحَدَّثَنَا" أَرْفَعُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الاحْتِرَازِ مِنْ الإِجَازَةِ.

قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه "أَخْبَرَنَا" أَسْهَلُ مِنْ "حَدَّثَنَا" فَإِنَّ حَدَّثَنَا شَدِيدٌ3. اهـ.

"وَلَهُ" أَيْ لِلرَّاوِي "إفْرَادُ الضَّمِيرِ" بِأَنْ يَقُولَ: سَمِعْت أَوْ حَدَّثَنِي "وَ" لَوْ كَانَ "مَعَهُ غَيْرُهُ، وَ" لَهُ "جَمْعُهُ" أَيْ جَمْعُ الضَّمِيرِ بِأَنْ يَقُولَ: سَمِعْنَا أَوْ حَدَّثَنَا، وَلَوْ كَانَ الرَّاوِي "مُنْفَرِدًا" بِالسَّمَاعِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ4

"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الشَّيْخُ الإِسْمَاعَ "قَالَ" الرَّاوِي "سَمِعْت وَحَدَّثَ، وَأَخْبَرَ وَأَنْبَأَ وَنَبَّأَ" قَطَعَ بِهِ ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ5.

1 ساقطة من ض.

2 انظر: الكفاية ص 284-286 بتوسع. وانظر: تدريب الراوي 2/ 8 وما بعدها.

3 انظر: المسودة ص 283.

روى الرامهرمزي والخطيب والشيخ تقي الدين عن الإمام أحمد: أن حدثنا وأخبرنا واحد، وهو مذهب غالب المغاربة.

"انظر: المحدث الفاصل ص 517، الكفاية ص 286، المسودة ص 283، شرح نخبة الفكر ص 211، الإلماع ص 133، تدريب الراوي 2/ 10، قواعد التحديث ص 207 وما بعدها، أصول الحديث ص 248".

4 انظر آراء العلماء في ذلك في الكفاية ص 294 وما بعدها، تيسير التحرير 3/ 93، معرفة علوم الحديث ص 260، الإلماع ص 127، شرح نخبة الفكر ص 211 وما بعدها.

5 ولا يجوز للراوي أن يقول في هذه الحالة: حدثني، ولا أخبرني، بأن يضيفه إلى نفسه؛ لأنه مُشعِر بالقصد، وهو ما لم يقع، وهو ما ذكره عدد من الأصوليين، منهم: الآمدي والعضد والإسنوي

وقال بعض العلماء: لا فرق في جواز الرواية على الجملة بين كون قراءة الشيخ عن قصد، وكونها اتفاقية، وبه صرح الماوردي والروياني، لكن الفرق في اللفظ فقط.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 100، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، نهاية السول 2/ 320، مناهج العقول 2/ 318، كشف الأسرار 3/ 39، المعتمد 2/ 664، مقدمة ابن الصلاح ص 64، شرح نخبة الفكر ص 211، شرح الورقات ص 194، إرشاد الفحول ص 61، 62".

ص: 492

وَالرُّتْبَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ مُسْتَنَدِ1 غَيْرِ الصَّحَابِيِّ: مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "ثُمَّ قِرَاءَتُهُ" أَيْ قِرَاءَةُ الرَّاوِي عَلَى الشَّيْخِ2.

وَالرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ: سَمَاعُ الرَّاوِي قِرَاءَةَ غَيْرِهِ عَلَى الشَّيْخِ وَهُوَ يَسْمَعُ، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "أَوْ غَيْرِهِ" أَيْ غَيْرِ الرَّاوِي "عَلَى الشَّيْخِ3".

1 في ش: متسند.

2 أكثر المحدثين يُسَمُّون القراءة على الشيخ عرضاً، أي أن القارئ يعرض ما يقرؤه على الشيخ، كما يعرض القرآن على الإمام. وذهب بعض الناس إلى كراهتها. وقال جماهير الفقهاء والمحدثين: إنها بمنزلة السماع. وقال بعضهم بتقديم السماع على القراءة. وقال آخرون بتقديم القراءة على السماع.

"انظر آراء العلماء وأدلتهم ومناقشتها في "الإحكام لابن حزم 1/ 255، الإحكام للآمدي 2/ 99، المستصفى 1/ 165، نهاية السول 2/ 320، مناهج العقول 2/ 318، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، جمع الجوامع 2/ 174، أصول السرخسي 1/ 375، فواتح الرحموت 2/ 164، تيسير التحرير 3/ 91، كشف الأسرار 3/ 39، المعتمد 2/ 627، شرح الورقات ص 194، الروضة ص 61، مختصر الطوفي ص 65، غاية الوصول ص 106، إرشاد الفحول ص 62، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95، معرفة علوم الحديث ص 259، شرح نخبة الفكر ص 210، الإلماع ص 70، قواعد التحديث ص 203، توضيح الأفكار 2/ 298، تدريب الراوي 2/ 12، المحدث الفاصل ص 420، مقدمة ابن الصلاح ص 64، الكفاية ص 260، أصول الحديث ص 235".

3 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 376، فواتح الرحموت 2/ 164، تيسير التحرير 3/ 91، جمع الجوامع 2/ 174، المسودة ص 286، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، المعتمد 2/ 664، مناهج العقول 2/ 318، نهاية السول 2/ 320، غاية الوصول ص 106، مقدمة ابن الصلاح ص 64، شرح نخبة الفكر ص 210، الإلماع ص 70، قواعد التحديث ص 203، تدريب الراوي 2/ 12.

ص: 493

"وَيَقُولُ فِيهِمَا1" أَيْ قِرَاءَتِهِ، وَفِي2 قِرَاءَةِ غَيْرِهِ "حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا قِرَاءَةً عَلَيْهِ3".

"وَيَجُوزُ الإِطْلاقُ" وَهُوَ أَنْ لا يَقُولَ: قِرَاءَةً4 عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَالْخَلَاّلِ وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ5 وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِمْ6.

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ: لا يُطْلِقُ، وَقَالَ جَمْعٌ؛ لأَنَّهُ كَذِبٌ7.

1 في ش ز: فيها.

2 في ساقطة من ض.

3 "انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 69، الكفاية ص 296، المستصفى 1/ 165، نهاية السول 2/ 320، مناهج العقول 2/ 318، المسودة ص 283، فواتح الرحموت 2/ 165، تيسير التحرير 3/ 93، الإحكام للآمدي 2/ 100، كشف الأسرار 3/ 39، 42، توضيح الأفكار 2/ 305، تدريب الراوي 2/ 16، شرح نخبة الفكر ص 210، آداب الشافعي ص 99، مختصر الطوفي ص 65، إرشاد الفحول ص 62، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95، أصول الحديث ص 240، مقدمة ابن الصلاح ص 65، المعتمد 2/ 665".

4 في ش: قرأت.

5 في ز: ابن عبد العزيز. وهو خطأ

6 وهو مذهب أبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة، وسفيان بن عيينة، ومعظم الحجازيين، والكوفيين، والبخاري والثوري والزهري ويحيى بن معين.

"انظر: شرح الورقات ص 195، فواتح الرحموت 2/ 165، تيسير التحرير 3/ 93، نهاية السول 2/ 321، كشف الأسرار 3/ 40، المسودة ص 283، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، الكفاية ص 296، تدريب الراوي 2/ 16، المحدث الفاصل ص 421 وما بعدها، توضيح الأفكار 2/ 305، جامع بيان العلم 2/ 214، مختصر الطوفي ص 65، الروضة ص 61، إرشاد الفحول ص 62، مقدمة ابن الصلاح ص 65".

7 وهو ما أيده أبو إسحاق الشيرازي وأبو الحسين البصري، كما أيده الآمدي، وصححه الغزالي. وقال المحلي وابن الصلاح: "هو مذهب الشافعي وأصحابه ومسلم بن الحجاج وجمهور أهل المشرق وعزي إلى أكثر المحققين. وقال الجويني: يجوز الإطلاق في أخبرني دون حدثني......=

ص: 494

وَفِي الرِّوَايَةِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ غَيْرِهِ عَلَى الشَّيْخِ خِلافٌ. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ: الصِّحَّةُ1.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ2: وَوَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الأَزْمِنَةِ وَقَبْلَهَا. وَحُكِيَ الْمَنْعُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ3 وَوَكِيعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَاّمٍ4 وَعَبْدِ

=انظر: اللمع ص 45، شرح الورقات ص 195، الإحكام للآمدي 2/ 100، المستصفى 1/ 165، تيسير التحرير 3/ 93، نهاية السول 2/ 321، كشف الأسرار 3/ 39، 42، مقدمة ابن الصلاح ص 65، المعتمد 2/ 664، توضيح الأفكار 2/ 305 وما بعدها، تدريب الراوي 2/ 16، الكفاية ص 296، الروضة ص 61، شرح تنقيح الفصول ص 377، إرشاد الفحول ص 62.

1 انظر: مختصر الطوفي ص 65، جامع بيان العلم 2/ 216، والمراجع السابقة في الهامش 6 من الصفحة السابقة.

2 انظر: شرح نخبة الفكر ص 213، توضيح الأفكار 2/ 303.

3 هو الضحاك بن مَخْلد بن الضحاك الشيباني البصري، النبيل، الحافظ، أبو عاصم. كان فقيهاً حافظاً، عابداً متقناً. روى عنه أحمد والبخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة. وكان واسع العلم، ولم يُرَ في يده كتاب قط. قال: من طلب الحديث فقد طلب أعلى الأمور، فيجب أن يكون خير الناس. توفي سنة 212 هـ، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 156، تذكرة الحفاظ 1/ 366، الخلاصة ص 177، المعارف ص 520، شذرات الذهب 2/ 28".

4 هو محمد بن سلاّم بن عبيد الله بن سالم، أبو عبد الله البصري، الجُمَحي، وهو أخو عبد الرحمن بن سلاّم، وهو من أهل اللغة والأدب. وروى عنه الجمّ الغفير، وكان صدوقاً، يختلف إليه يحيى بن معين ليستفيد منه. له كتاب في "طبقات الشعراء". مات ببغداد سنة 231 هـ.

انظر ترجمته في "إنباه الرواة 3/ 143، الخلاصة ص 340، طبقات المفسرين 2/ 151، بغية الوعاة 1/ 115، تاريخ بغداد 5/ 327، شذرات الذهب 2/ 71، ميزان الاعتدال 3/ 567، الفهرست ص 165".

وانظر: محمد بن سلَام البخاري، أبو عبد الله السُّلَمي مولاهم، الحافظ الكبير. روى عن ابن عيينة وابن المبارك وغيرهم. وروى عنه ابنه إبراهيم والبخاري وخلق، وكان من كبار المحدثين، وله حديث ورحلة، وله مصنفات في كل باب من العلم. توفي سنة 225 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 182، تذكرة الحفاظ 2/ 422، الخلاصة ص 34.

ص: 495

الرَّحْمَنِ بْنِ سَلَاّمٍ الْجُمَحِيِّ1.

"وَسُكُوتُ الشَّيْخِ عِنْدَ قِرَاءَةٍ عَلَيْهِ بِلا مُوجِبٍ" لِسُكُوتِهِ2 مِنْ3 غَفْلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَإِقْرَارِهِ4.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ. قَالَ: وَالأَحْوَطُ أَنْ يَسْتَنْطِقَهُ بِالإِقْرَارِ5 بِهِ6"

وَشَرَطَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ إقْرَارَ الشَّيْخِ بِصِحَّةِ مَا قُرِئَ عَلَيْهِ نُطْقًا7.

1 هو عبد الرحمن بن سلَاّم بن عبيد الله بن سالم، أبو حرب، مولى قدامة بن مظعون. قال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات. وهو أخو محمد بن سلاّم الجمحي. مات سنة 232 هـ، وقيل غير ذلك. وروى له مسلم 13 حديثاً.

انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب 6/ 192، إنباه الرواة 3/ 143 هامش".

2 في ش: كسكوته.

3 في ش: عن.

4 انظر: المستصفى 1/ 165، نهاية السول 2/ 321، شرح الورقات ص 195، الإحكام للآمدي 2/ 100، مناهج العقول 2/ 319، المسودة ص 284، 286، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، الكفاية ص 280، الإلماع ص 78، توضيح الأفكار 2/ 306، تدريب الراوي 2/ 20، مقدمة ابن الصلاح ص 67، شرح تنقيح الفصول ص 377، الروضة ص 61، فواتح الرحموت 2/ 164، تيسير التحرير 3/ 91، كشف الأسرار 3/ 39".

5 في ض: بإقرار.

6 وهو قول الخطيب والقاضي أبي يعلى وأبي الطيب.

انظر: الكفاية ص 280، المسودة ص 284، 287.

7 وهو رأي بعض الشافعية كأبي إسحاق الشيرازي وسَليم الرازي.

"انظر: المستصفى 1/ 165، كشف الأسرار 3/ 39، الإحكام للآمدي 2/ 100، تيسير التحرير 3/ 91، نهاية السول 2/ 316، شرح تنقيح الفصول ص 377، مقدمة ابن الصلاح ص 65، الإلماع ص 78، توضيح الأفكار 2/ 306، تدريب الراوي 2/ 20، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، الكفاية ص 280، الروضة ص 61، مختصر الطوفي ص 65".

ص: 496

وَالصَّحِيحُ: أَنَّ عَدَمَ إنْكَارِهِ، وَلا حَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، مِنْ إكْرَاهٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ: كَافٍ. لأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِأَنَّ السُّكُوتَ تَقْرِيرٌ فِي مِثْلِ هَذَا، وَإِلَاّ لَكَانَ سُكُوتُهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ قَادِحًا1.

"وَيَحْرُمُ" عَلَى الرَّاوِي "إبْدَالُ قَوْلِ الشَّيْخِ حَدَّثَنَا بِ" قَوْلِ الرَّاوِي "أَخْبَرَنَا وَعَكْسُهُ" وَهُوَ إبْدَالُ قَوْلِ الشَّيْخِ "أَخْبَرَنَا" بِقَوْلِ الرَّاوِي "حَدَّثَنَا"، لاحْتِمَالِ2 أَنْ يَكُونَ الشَّيْخُ لا يَرَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَذِبًا عَلَيْهِ3.

وَعَنْهُ: لا يَحْرُمُ4.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: "أَخَذَهَا الْقَاضِي مِنْ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ5: حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَاحِدٌ. وَنَقَلَهُ عَنْهُ6 سَلَمَةُ بْنُ

1 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 100،" المستصفى" 1/ 165، "كشف الأسرار" 3/ 39، "الروضة ص 61، "مقدمة ابن الصلاح" ص 67.

2 في ش ب ز ع: لاحتماله.

3 انظر: الكفاية ص 292 وما بعدها، "مقدمة ابن الصلاح" ص 68، "تدريب الراوي" 2/ 22، "المسودة" ص 283، 285، "الروضة" ص 61، "مختصر الطوفي" ص 65.

4 وهو قول من أباح التحديث على المعنى.

انظر: "الكفاية" ص 293، "المسودة" ص 283، "الروضة" ص 61، "مختصر الطوفي" ص 65.

5 هو أحمد بن عبد الجبار بن محمد بن عمر بن عطارد، التميمي، العطاردي، أبو عمر الكوفي، أحد الضعفاء، ضعفه غير واحد. قال ابن عدي: إنه كان يتورع أن يحدث عن كل أحد. وسماعه للسيرة صحيح. وقيل: إن أبا داود روى عنه، لكن المزي قال: لم أقف على ذلك. مات سنة 272 هـ.

انظر ترجمته في "ميزان الاعتدال" 1/ 112، "الخلاصة" ص 8، "شذرات الذهب" 2/ 162.

6 في ع ب ض: عن. وما أثبتناه في الأعلى من ش ز والمسودة.

ص: 497

شَبِيبٍ1 "أَيْضًا2".

"و"َيَحْرُمُ أَيْضًا عَلَى الرَّاوِي" رِوَايَةُ مَا شَكَّ فِي سَمَاعِهِ" مَا دَامَ شَاكًّا. ذَكَرَهُ الآمِدِيُّ إجْمَاعًا؛ لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ السَّمَاعِ؛ وَلأَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ3 عَلَى شَيْخِهِ4. "و"َكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مَرْوِيٍّ "بِمُشْتَبَهٍ بِغَيْرِهِ" أَيْ بِغَيْرِ مَرْوِيٍّ. لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ5 أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي رَوَاهُ مَا دَامَ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ أَحَدُ الْمُشْتَبَهَيْنِ أَنَّهُ مَسْمُوعُهُ6.

وَ"يَحْرُمُ أَيْضًا عَلَيْهِ: رِوَايَةُ "مُسْتَفْهِمٍ مِنْ غَيْرِ الشَّيْخِ7".

1 سلمة بن شبيب النيسابوري، أبو عبد الله الحافظ. روى عن الشافعي والعلماء في الشام والحجاز والعراق وخراسان، ونزل مكة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ليس به بأس. وروى عنه أصحاب الكتب الستة إلا البخاري، وأبو حاتم وعبد الله بن أحمد بن حنبل وآخرون. وقيل: إن أحمد بن حنبل حدّث عنه. توفي بمصر سنة 247 هـ، وقيل غير ذلك. وقال الخلال:"رفيع القدر، حدّث عنه شيوخنا الأجلّة".

انظر ترجمته في "الخلاصة" ص 148، "تذكرة الحفاظ" 2/ 543، "طبقات الحنابلة" 1/ 168، "شذرات الذهب" 2/ 116، "مناقب الشافعي" 2/ 334.

2 "المسودة" ص 283.

وهو ما نقله الخطيب البغدادي عن الإمام أحمد في "الكفاية" ص 286.

3 في ش ب ز: شهادته.

4 "انظر: الإحكام للآمدي" 2/ 101، "المستصفى" 1/ 166، "مقدمة ابن الصلاح" ص 105، "المعتمد" 2/ 627، "شرح تنقيح الفصول" ص 367، "الإلماع" ص 135، "الكفاية" ص 234، "الروضة" ص 62، "مختصر الطوفي" ص 67.

5 في ض: يجعل.

6 وقيل: يجوز اعتماداً على غلبة الظن.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/ 102، المستصفى 1/ 166، 167، المعتمد 2/ 666، الكفاية ص 372، الروضة ص 62، المدخل إلى مذهب أحمد ص 96".

7 وأجازها آخرون نظراً لاتحاد المجلس.

"انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 70، توضيح الأفكار 2/ 308، تدريب الراوي 2/ 26"

ص: 498

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ بَعْدَ كَلامٍ تَقَدَّمَ: وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ إلَاّ مَا سَمِعَهُ مِنْ الشَّيْخِ فَلا يَسْتَفْهِمُهُ مِمَّنْ مَعَهُ، ثُمَّ يَرْوِيهِ. وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ خِلافًا لآخَرِينَ. اهـ.

قَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ1: سَمِعْت مِنْ الثَّوْرِيِّ عَشَرَةَ آلافِ حَدِيثٍ أَوْ نَحْوَهَا. فَكُنْت أَسْتَفْهِمُ جَلِيسِي. فَقُلْت لِزَائِدَةَ2. فَقَالَ: لا تُحَدِّثُ بِهَا إلَاّ مَا 3تَحْفَظُ بِقَلْبِكَ6 وَتَسْمَعُ أُذُنُكَ4. قَالَ5: فَأَلْقَيْتُهَا6.

"لا" أَنْ يَرْوِيَ "مَا ظَنَّهُ مَسْمُوعَهُ" مِنْ غَيْرِ اشْتِبَاهٍ "أَوْ" ظَنَّهُ مِنْ مُشْتَبَهٍ بِعَيْنِهِ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَالأَكْثَرِ، عَمَلاً بِالظَّنِّ7.

1 هو خلف بن تميم بن أبي عتاب الكوفي، أبو عبد الرحمن، الإمام الحافظ الزاهد، التميمي، ويقال البجلي، ويقال المخزومي مولاهم. وثقه أبو حاتم وابن حبان. قال أبو حاتم: ثقة صالح الحديث. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق أحد النساك المجاهدين. روى عن الثوري عشرة آلاف حديث. قال ابن حبان: مات سنة 206هـ. وقال ابن سعد: 213 هـ.

انظر ترجمته في "الخلاصة" ص 105، "تذكرة الحفاظ" 1/ 379.

2 هو زائدة بن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي، الإمام. كان ثقة حجة. قال الإمام أحمد: المثبتون في الحديث أربعة: سفيان وشعبة وزهير وزائدة. وكان لا يحدث أحداً حتى يسأل عنه، فإن كان من أهل السنة حدثه، وإن كان من أهل البدعة لم يحدثه، وكان لا يعد السماع حتى يسمعه ثلاث مرات. له مصنفات كثيرة، منها:"التفسير"، و"السنن"، و"القراءات"، و"الزهد"، و"المناقب". توفي بأرض الروم غازياً سنة 161 هـ، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "طبقات المفسرين" 1/ 174، "طبقات القراء" 1/ 288، "طبقات الحفاظ" ص 91، "تذكرة الحفاظ" 1/ 215، "الخلاصة" ص 120، مشاهير علماء الأمصار ص 171، الفهرست ص 316، "شذرات الذهب" 1/ 251، يحيى بن معين وكتابه "التاريخ" 1/ 170.

3 في د ع ض: يحفظ قلبك.

4 في ش: بأذنك.

5 ساقطة من ع.

6 انظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص 70، "الإلماع" ص 136، "الكفاية" ص 70.

7 وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد، خلافاً لأبي حنيفة.

انظر: "الإحكام للآمدي" 2/ 102، والمراجع السابقة في الصفحة السابقة 498 هامش 6.

ص: 499

"وَلا يُؤَثِّرُ" فِي صِحَّةِ الرِّوَايَةِ "مَنْعُ الشَّيْخِ" الرَّاوِيَ مِنْ "رِوَايَتِهِ عَنْهُ بِلا قَادِحٍ1".

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ بَعْدَ كَلامٍ تَقَدَّمَ. وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ، أَنَّ مَنْعَ الشَّيْخِ لِلرَّاوِي2 مِنْ رِوَايَتِهِ - وَلَمْ يُسْنِدْ ذَلِكَ إلَى خَطَإٍ أَوْ شَكٍّ - لا يُؤَثِّرُ. وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ. اهـ.

"ثُمَّ" الرُّتْبَةُ الرَّابِعَةُ مِنْ مُسْتَنَدِ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ: الرِّوَايَةُ بِالإِجَازَةِ وَتَتَفَاوَتُ.

وَبِجَوَازِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ رضي الله عنهما وَالأَكْثَرُ مِنْ أَصْحَابِهِمَا وَبَقِيَّةُ الْعُلَمَاءِ، وَحَكَى الاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِهَا الْبَاقِلَاّنِيُّ وَالْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُمَا3.

1 وهذا قول بعض الظاهرية، خلافاً للجمهور الذين منعوا الرواية مع وجوب العمل إن صح السند. قال النووي: وقال بعض أهل الظاهر: لو قال هذه روايتي لا تروها، كان له روايتها عنه. والصحيح ما قاله غير واحد من المحدثين وغيرهم أنه لا تجوز الرواية به، لكن يجب العمل به إن صح السند "تدريب الراوي 2/ 59".

وانظر: مقدمة ابن الصلاح ص 84، المحدث الفاصل ص 451، أصول الحديث ص 241.

2 في ش: الراوي.

3 وحكى القاضي عياض أيضاً الإجماع على جواز الرواية بها كالعمل بها، ونقل الآمدي عدم جوازها عن أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال ابن عبد الشكور: إن أبا حنيفة احتاط، ومنع الإجازة.

"انظر: المستصفى 1/ 165، فواتح الرحموت 2/ 165، تيسير التحرير 3/ 94، نهاية السول 2/ 322، مناهج العقول 2/ 320، كشف الأسرار 3/ 43، المسودة ص 287، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، الكفاية ص 311، تدريب الراوي 2/ 29، المحدث الفاصل ص 435، توضيح الأفكار 2/ 309، جامع بيان العلم 2/ 219، قواعد التحديث ص 204، مقدمة ابن الصلاح ص 72، أصول الحديث ص 236، شرح ألفية العراقي 2/ 61، اللمع ص 45، الروضة ص 61، شرح الورقات ص 196، مختصر الطوفي ص 66، إرشاد الفحول ص 63، المدخل إلى "مذهب أحمد" ص 95، "الإحكام للآمدي 2/ 100".

ص: 500

وَاحْتَجَّ ابْنُ الصَّلاحِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ "إذَا جَازَ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مَرْوِيَّاتِهِ، وَقَدْ1 أَخْبَرَهُ بِهَا جُمْلَةً. 2فَهُوَ كَمَا1 لَوْ أَخْبَرَهُ بِهَا3 تَفْصِيلاً، وَإِخْبَارُهُ بِهَا غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى التَّصْرِيحِ نُطْقًا، كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ4.

وَعَلَى هَذَا: يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا كَالْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ. قَالَهُ5 ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ6.

وَمَنَعَهَا شُعْبَةُ وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيّ وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ. وَنَقَلَهُ الرَّبِيعُ7 عَنْ الشَّافِعِيِّ8.

1 في ش ز ب ع ض: فقد. وما أثبتناه في الأعلى من مقدمة ابن الصلاح.

2 كذا في مقدمة ابن الصلاح، وفي جميع النسخ: فكما.

3 ساقطة من ز ع ب ض، ومقدمة ابن الصلاح.

4 مقدمة ابن الصلاح ص 73. وانظر: اللمع ص 45.

5 في ش: قال.

6 وخالف بعض أهل الظاهر، وقالوا: لا يجب العمل بها، لأنها جارية مجرى المراسيل، والرواية عن المراسيل. وقال الجمهور: يجب العمل بها.

"انظر: اللمع ص 45، الكفاية ص 311، شرح ألفية العراقي 2/ 63".

7 هو الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي، أبو محمد، المؤذن، المصري، صاحب الإمام الشافعي، الذي روى أكثر كتبه، وأثنى عليه الشافعي خيراً، وكان مؤذناً بمسجد عمرو. ويقدم الأصحاب روايته على رواية المزني عند التعارض. قال النووي:"واعلم أن الربيع حيث أطلق في كتب المذهب المراد به المرادي، وإذا أرادوا الجيزي قيدوه". وصارت الرواحل تشد إليه من أقطار الأرض لسماع كتب الشافعي منه. توفي سنة 270 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 132، وفيات الأعيان 2/ 52، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 98، البداية والنهاية 11/ 48، طبقات الحفاظ ص 252، تذكرة الحفاظ 2/ 286، الخلاصة ص 115، حسن المحاضرة 1/ 348، 398، شذرات الذهب 2/ 159، الفهرست ص 297، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 24، "طبقات الفقهاء الشافعية للعبادي ص 12".

8 ومنعها أبو الشيخ الأصبهاني والقاضي حسين والماوردي والروياني من الشافعية وأبو طاهر الدباس من الحنفية، وأبو نصر السجزي وغيرهم.

"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 377، كشف الأسرار 3/ 43، تدريب الراوي 2/ 30، قواعد التحديث ص 204، جامع بيان العلم 2/ 219، اللمع ص 45، مقدمة ابن الصلاح ص 72، الروضة ص 45، "الكفاية" ص 314، "إرشاد الفحول" ص 63".

ص: 501

قَالَ شُعْبَةُ: لَوْ صَحَّتْ الإِجَازَةُ لَبَطَلَتْ الرِّحْلَةُ1. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَوْ صَحَّتْ لَبَطَلَ الْعِلْمُ2.

وَنَقَلَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لا أَرَى هَذَا يَجُوزُ وَلا يُعْجِبُنِي3.

وَقَالَ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ4 الْحَنَفِيُّ5: مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَجَزْت لَك أَنْ

1 انظر: شرح ألفية العراقي 2/ 62، الكفاية ص 316، إرشاد الفحول ص 63.

2 انظر: الكفاية ص 315، إرشاد الفحول ص 63.

3 يرى الإمام مالك صحة الرواية بالإجازة. وفسر الخطيب قول مالك المذكور أعلاه بأنه قاله على وجه الكراهة أن يجيز العلم لمن ليس من أهله، ولا من خدمه، وعانى التعب فيه، فكان يقول:"إذا امتنع من إعطاء الإجازة لمن هذه صفته: "يحب أن يدعى قِسًّا ولم يخدم الكنيسة"، فضرب ذلك مثلاً. "الكفاية ص 317".

4 في جميع النسخ: الدبوسي: وهو تصحيف وخطأ. ولعله اشتبه على النساخ بأبي زيد الدبوسي، عبد الله بن عمر بن عيسى الذي مرت ترجمته في المجلد الأول "ص "330، وقد وَرَدَ النصُّ على أن صاحب هذا الرأي هو أبو طاهر الدباس في كتب كثيرة، منها:"مقدمة ابن الصلاح ص 72،" و"شرح ألفية العراقي 2/ 63"، "وإرشاد الفحول ص 63" و"كشف الأسرار 3/ 43" وغيرها.

5 هو محمد بن محمد بن سفيان، أبو طاهر الدباس، الفقيه الحنفي. كان أكثر أخذه عن القاضي أبي خازم، وولي القضاء بالشام، وكان إمام أهل الري بالعراق. وكان من أهل السنة والجماعة، صحيح الاعتقاد. تخرّج به جماعةٌ من الأئمة. وكان يوصف بالحفظ وكثرة الروايات، بخيلاً بعلمه، ضنيناً به، خرج من الشام إلى مكة فمات بها، ولم تحدد سنة وفاته، وذلك في القرن الرابع الهجري.

انظر ترجمته في "الجواهر المضيئة" 2/ 116، "الفوائد البهية" ص 187، "طبقات الفقهاء للشيرازي" ص 142، "أخبار أبي حنيفة وأصحابه" ص 162".

ص: 502

تَرْوِيَ عَنِّي، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَجَزْت لَك أَنْ تَكْذِبَ عَلَيَّ1.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ إنْ عَلِمَ2 الْمُجِيزُ مَا فِي الْكِتَابِ، وَالْمُجَازُ لَهُ ضَابِطٌ: جَازَ، وَإِلَاّ فَلا، لِمَا فِيهِ مِنْ صِيَانَةِ السُّنَّةِ وَحِفْظِهَا3.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَعْلاهَا "مُنَاوَلَةُ" كِتَابٍ "مَعَ إجَازَةٍ أَوْ إذْنٍ" فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ. وَيُسَمَّى هَذَا "عَرْضُ الْمُنَاوَلَةِ"كَمَا أَنَّ سَمَاعَ الشَّيْخِ يُسَمَّى "عَرْضَ الْقِرَاءَةِ"4.

وَهِيَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرْنَاهُ5، وَهِيَ الْمُنَاوَلَةُ مَعَ الإِجَازَةِ أَوِ6 الإِذْنِ. وَالرِّوَايَةُ7 بِهَذَا النَّوْعِ جَائِزَةٌ8.

1 وهو رأي ابن حزم، وأبي الحسين البصري المعتزلي، وقد أجاب العلماء عن ذلك، فانظر هذه الأقوال ومناقشتها في "شرح تنقيح الفصول ص 378،"الإحكام لابن حزم 1/ 256، كشف الأسرار 3/ 43، المعتمد 2/ 666، مقدمة ابن الصلاح ص 72، إرشاد الفحول ص 63".

2 في ز: يعلم.

3 انظر: فواتح الرحموت 2/ 165، تيسير التحرير 3/ 94، كشف الأسرار 3/ 43، 44، جامع بيان العلم 2/ 219، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، مناهج العقول 2/ 320.

وقارن من نقله الآمدي في "الإحكام 2/ 100".

4 انظر: كشف الأسرار 3/ 46، مقدمة ابن الصلاح ص 79، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، الكفاية ص 326، التعريفات للجرجاني ص 255.

5 في ب ع ض: ذكرنا.

6 في ب ع ض: و.

7 في ش: والعمل.

8 في ش: جائز.

وانظر: جمع الجوامع 2/ 172، المسودة ص 287، الإحكام لابن حزم 1/ 255، الإحكام للآمدي 2/ 101، المستصفى 1/ 165، مناهج العقول 2/ 319، شرح تنقيح الفصول ص 378، تيسير التحرير 3/ 93، كشف الأسرار 3/ 45، فواتح الرحموت 2/ 165، أصول السرخسي 1/ 377 توضيح الأفكار 2/ 334، قواعد التحديث ص 203، شرح نخبة الفكر ص 216، جامع بيان العلم 2/ 218، تدريب الراوي 2/ 45، الكفاية ص 318، مقدمة ابن الصلاح ص 79، الإلماع ص 79، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95، الروضة ص 61، مختصر الطوفي ص 66، غاية الوصول ص 106، إرشاد الفحول ص 63.

ص: 503

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي "الإِلْمَاعِ": جَائِزَةٌ1 بِالإِجْمَاعِ2. وَكَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ: لا شَكَّ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ3.اهـ.

لَكِنَّ الصَّيْرَفِيَّ حَكَى الْخِلافَ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَأَنَّ الْمَانِعَ خَرَّجَهُ عَلَى الشَّهَادَةِ، فِي4 الصَّكِّ وَلَمْ يَقْرَأْ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، بَلْ قَالَ: اشْهَدْ عَلَيَّ بِمَا فِيهِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ بِمَنْعِهِ مَشْهُورٌ. كَمَا ذَكَرُوهُ5 فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي6. وَمِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ لِلْمُنَاوَلَةِ بِدُونِ الْقِرَاءَةِ مَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ: إنَّ بَعْضَ7 أَهْلِ الْحِجَازِ احْتَجُّوا عَلَيْهَا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ كَتَبَ لأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا. وَ8قَالَ: "وَلا تَقْرَأْهُ 9 حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا". فَلَمَّا بَلَغَ

1 في ش: جائز.

2 "الإلماع" ص 88.

انظر أدلة شروعية المناولة وأدلة منعها في "الإحكام لابن حزم 1/ 257، كشف الأسرار 3/ 46، المعتمد 2/ 665، الكفاية ص 312".

3 انظر: إرشاد الفحول ص 63.

4 في ش ب ز: كما في.

5 في ض: ذكره.

6 وهو قول الحنفية الذين يشترطون أن يعلم المجاز له ما في الكتاب كالشهادة على الصك.

انظر: "فواتح الرحموت 2/ 165، شرح الورقات ص 196، الإحكام للآمدي 2/ 101، إرشاد الفحول ص 63، المغني 10/ 84".

7 ساقطة من ض.

8 ساقطة من ع ض.

9 في ض: يقرأه.

ص: 504

ذَلِكَ الْمَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1، لَكِنْ أَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ إلَى أَنَّهُ لا حُجَّةَ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لاحْتِمَالِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَهُ عَلَيْهِ. فَتَكُونُ وَاقِعَةَ عَيْنٍ يَسْقُطُ فِيهَا2 الاسْتِدْلال لِلاحْتِمَالِ3.

وَأَمِيرُ السَّرِيَّةِ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ4 الْمُجَدَّعُ فِي اللَّهِ تَعَالَى. وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ5 مَرْفُوعًا6.

وَصِفَةُ هَذَا النَّوْعِ: "أَنْ يَدْفَعَ الشَّيْخُ إلَى الطَّالِبِ أَصْلَ مَرْوِيِّهِ، أَوْ فَرْعًا مُقَابَلاً بِهِ. وَيَقُولُ: هَذَا سَمَاعِي، أَوْ مَرْوِيِّي7 بِطَرِيقِ كَذَا فَارْوِهِ عَنِّي، أَوْ

1 وراه البخاري معلقاً، ورواه الطبري والخطيب مرفوعاً، كما ورد ذلك في كتب السيرة النبوية.

"انظر: صحيح البخاري 1/ 23، تفسير الطبري 2/ 347، الكفاية ص 312، السيرة النبوية لابن هشام 2/ 239، زاد المعاد 2/ 214".

2 في ش ب ع ض: منها.

3 بين الإمام العيني وجه الاستدلال بالحديث فقال: "إنه جاز له الإخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بما فيه، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأه، ولا هو قرأه عليه، فلولا أنه حجة لم يجب قبوله""عمدة القاري 2/ 27"، وانظر: الإلماع ص 82.

4 هو الصحابي عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي، المجدع، أبو محمد. أمه آمنة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أسلم قديماً قبل دخول الإسلام دار الأرقم، وهاجر الهجرتين إلى الحبشة، هو وأخواه وأخته زينب. وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية، وهو أول أمير أمره، وغنيمته أول غنيمة في الإسلام. ثم شهد بدراً، واستشهد يوم أحد، وقطع الكفار أذنه وأنفه، ومثلوا به، فكان يسمى المجدع في الله. ودفن هو وخاله حمزة في قبر واحد. استشاره النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر في أسارى بدر.

انظر ترجمته في "الإصابة 2/ 286، الاستيعاب 2/ 272، تهذيب الأسماء 1/ 262".

5 في ب ع ض: الطبراني. وفي ز: الطبراني، مع الشطب على الألف.

6 تفسير الطبري 2/ 347.

7 في ب ض: مرويتي. وفي مقدمة ابن الصلاح –والنص منقول عنه حرفيًّا-: روايتي عن فلان فاروِه عني.

ص: 505

أَجَزْت لَك أَنْ تَرْوِيَهُ عَنِّي، ثُمَّ يُمَلِّكُهُ1 إيَّاهُ بِطَرِيقٍ أَوْ يُعِيرُهُ لَهُ يَنْقُلُهُ وَيُقَابِلُهُ بِهِ2".

وَفِي مَعْنَاهُ: "أَنْ يَجِيءَ الطَّالِبُ بِذَلِكَ إلَى الشَّيْخِ وَيَعْرِضَهُ عَلَيْهِ، فَيَتَأَمَّلَهُ الشَّيْخُ الْعَارِفُ الْيَقِظُ. وَيَقُولُ: نَعَمْ هَذَا مَسْمُوعِي، أَوْ رِوَايَتِي بِطَرِيقِ كَذَا، فَارْوِهِ عَنِّي3". وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا جَائِزَةٌ، وَأَنَّهَا مُنْحَطَّةٌ عَنْ رُتْبَةِ السَّمَاعِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ4.

وَذَهَبَ رَبِيعَةُ5

1 في ز: ملكه.

2 مقدمة ابن الصلاح ص 79.

وانظر: مسائل الإمام أحمد ص 325، المستصفى 1/ 166، "المحلي على جمع الجوامع 2/ 174، الكفاية ص 318 وما بعدها، كشف الأسرار 3/ 45- 46، الإحكام للآمدي 2/ 101، مختصر الطوفي ص 66، شرح نخبة الفكر ص 217، الإلماع ص 79، تدريب الراوي 2/ 45، المحدث الفاصل ص 435، إرشاد الفحول ص 63.

3 مقدمة ابن الصلاح ص 79.

4 انظر: الإلماع ص 79، مقدمة ابن الصلاح ص 79، الكفاية ص 318 وما بعدها، 328، كشف الأسرار 3/ 45- 46، معرفة علوم الحديث ص 256، شرح نخبة الفكر ص 217، تدريب الراوي 2/ 46، إرشاد الفحول ص 63.

وفي ض: جمهور.

5 هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرُّوخ، القرشي، التميمي مولاهم، المدني، شيخ مالك، ويقال له ربيعة الرأي، لأنه كان يعرف بالرأي والقياس، أبو عثمان. وهو تابعي جليل، وكان حافظاً للحديث، ثقة ثبتاً، مفتياً في المدينة. قال الخطيب:"كان فقيهاً عالماً حافظاً للفقه والحديث". واتفق العلماء على توثيقه وجلالته وعظم مرتبته في العلم والفهم. توفي سنة 136 هـ بالمدينة، وقيل بالأنبار.

انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 68، تذكرة الحفاظ 1/ 157، ميزان الاعتدال 2/ 44، تاريخ بغداد 8/ 420، وفيات الأعيان 2/ 50، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 65، الخلاصة ص 116، تهذيب الأسماء 1/ 189، شذرات الذهب 1/ 194، يحيى بن معين وكتابه "التاريخ" 2/ 163، الفهرست لابن النديم ص 285".

ص: 506

وَمَالِكٌ وَالزُّهْرِيُّ1 وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمْعٌ2 إلَى أَنَّهَا كَالسَّمَاعِ3.

"وَلا تَجُوزُ" الرِّوَايَةُ "بِمُجَرَّدِهَا" أَيْ بِمُجَرَّدِ الْمُنَاوَلَةِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ وَلا إذْنٍ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ4.

وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ صَحَّحُوهَا5. وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ6.

1 ساقطة من ش ز.

2 ساقطة من ز ع ب ض.

3 وهي رواية عن أحمد وإسحاق ويحيى بن سعيد الأنصاري ومجاهد وأبي الزبير وغيرهم، وحكاها الخطيب عن ابن خزيمة وغيره.

"انظر: الكفاية ص 316، 326، الإلماع ص 79، توضيح الأفكار 2/ 334، جامع بيان العلم 2/ 218، تدريب الراوي 2/ 46، مقدمة ابن الصلاح ص 79، معرفة علوم الحديث ص 257، إرشاد الفحول ص 63".

وفي ع: كسماع.

4 وعلل ذلك الطوفي فقال: "لجواز معرفته بخلل، وقد يتساهل الإنسان بالكلام وعند الجزم يتوقف" مختصر الطوفي ص 66".

وانظر: الإحكام للآمدي 2/ 101، المستصفى 1/ 166، كشف الأسرار 3/ 45، 46، توضيح الأفكار 2/ 335، تدريب الراوي 2/ 50، مقدمة ابن الصلاح ص 81، شرح نخبة الفكر ص 218، قواعد التحديث ص 204، "أصول الحديث ص 238، الروضة ص 61، غاية الوصول ص 106، إرشاد الفحول ص63، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95.

5 منهم ابن جريج والرازي وأبو نصر الصباغ وأبو العباس بن الوليد والقاضي أبو محمد بن خلاد وغيرهم.

"انظر: الكفاية ص 334 وما بعدها، مقدمة ابن الصلاح ص 81، إرشاد الفحول ص 63".

6 في د ض: وابن القيم، وكذلك في أصل ع، ولكنهت صححت كما أثبتناه أعلاه من ش ب ز.

ص: 507

وَعَابَهَا1 غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَ2الأُصُولِيِّينَ عَلَى الْمُحَدِّثِينَ3.

وَلَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: إطْلاقَ "حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا" فِي الْمُنَاوَلَةِ مَعَ الإِجَازَةِ أَوْ الإِذْنِ4.

وَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَالزُّهْرِيُّ وَجَمْعٌ، لأَنَّهَا عِنْدَهُمْ كَالسَّمَاعِ5.

"وَيَكْفِي اللَّفْظُ" يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكِتَابُ بِيَدِ الْمُجَازِ لَهُ أَوْ عَلَى الأَرْضِ وَنَحْوِهِ، وَأَجَازَهُ بِهِ: جَازَ6، وَلا يُشْتَرَطُ فِيهَا7 فِعْلُ الْمُنَاوَلَةِ لأَنَّهُ لا

1 في ب د: وعليها.

2 ساقطة من ش ب ز.

3 النص مأخوذ حرفياً من "مقدمة ابن الصلاح ص 81".

وانظر: كشف الأسرار 3/ 46، شرح نخبة الفكر ص 218، قواعد التحديث ص 203، نهاية السول 2/ 321، مناهج العقول 2/ 319، جمع الجوامع 2/ 174، أصول الحديث ص 238، توضيح الأفكار 2/ 335، تدريب الراوي 2/ 50، إرشاد الفحول ص 63.

4 في هامش ب: فلا بد أن يقول حدثنا.

انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 69، الكفاية ص 330، توضيح الأفكار 2/ 336، تدريب الراوي 2/ 51، مختصر الطوفي ص 66، مقدمة ابن الصلاح ص 81، الروضة ص 61، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95، المسودة ص 288.

5 قال ابن الصلاح: "حكي عن قوم من المتقدمين ومن بعدهم أنهم جوزوا إطلاق "حدثنا وأخبرنا" في الرواية والمناولة. حكي ذلك عن الزهري ومالك وغيرهما، وهو لائق بمذهب جميع من سبقت الحكاية عنهم أنهم جعلوا عرض المناولة المقرونة بالإجازة سماعاً". "مقدمة ابن الصلاح ص 81".

وانظر: توضيح الأفكار 2/ 336، الإلماع ص 128، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، مقدمة ابن الصلاح ص 81، تدريب الراوي 2/ 51، الكفاية ص 332، الروضة ص 61، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95.

6 ساقطة من ض.

7 في ض: فيهما.

ص: 508

تَأْثِيرَ لَهَا1.

"وَمِثْلُهَا" أَيْ وَمِثْلُ الْمُنَاوَلَةِ "مُكَاتَبَةٌ مَعَ إجَازَةٍ، أَوْ" مَعَ "إذْنٍ" بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّ الْكَاتِبِ، أَوْ يَظُنُّهُ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ2.

قَالَ الْعِرَاقِيُّ3 فِي "شَرْحِ مَنْظُومَتِهِ": "الْمُكَاتَبَةُ أَنْ يَكْتُبَ الشَّيْخُ شَيْئًا مِنْ

1 في ش ز: له.

انظر: المستصفى 1/ 166، الروضة ص 61، أصول السرخسي 1/ 377، مختصر الطوفي ص 66، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95.

2 وهو قول مالك والشافعي والحنفية.

"انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 69، شرح تنقيح الفصول ص 267، 376، 378، فواتح الرحموت 2/ 164، كشف الأسرار 3/ 41، 42، تيسير التحرير 3/ 92، أصول السرخسي 1/ 376، الإحكام لابن حزم 1/ 256، الإحكام للآمدي 2/ 101، المعتمد 2/ 665، توضيح الأفكار 2/ 340، تدريب الراوي 2/ 55، الكفاية ص 336، الإلماع ص 83، مناهج العقول 2/ 319، نهاية السول 2/ 321، مقدمة ابن الصلاح ص 84، شرح نخبة الفكر ص 216، المسودة ص 287، اللمع ص 45، غاية الوصول ص 106، إرشاد الفحول ص 62، أصول الحديث ص 240".

3 هو عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم العراقي، الكردي، المصري الشافعي، الإمام الحافظ، الحجة المحدث، أبو الفضل، زين الدين. ولد سنة 725 هـ، وتوفي والده وهو ابن ثلاث سنوات، وعاش يتيماً. وبدأ بالعلم فحفظ القرآن، وهو ابن ثماني سنين، واشتغل بعلم القراءات والعربية، وصار متقناً للحديث وعلومه، والفقه وأصوله، والنحو، وكان صالحاً خيراً، ديناً ورعاً، عفيفاً متواضعاً. رحل في طلب العلم إلى دمشق وحلب وحمص وبيت المقدس ومكة وغيرها. له مؤلفات كثيرة منها:"ألفية مصطلح الحديث"، و"شرح ألفية الحديث"، و"التقييد والإيضاح"، و"المراسيل"، و"نظم الاقتراح"، و"تخريج أحاديث الإحياء"، و"نظم منهاج البيضاوي" في الأصول، و"نظم غريب القرآن"، و"نظم السيرة النبوية" في ألف بيت. وولي القضاء. توفي سنة 806 هـ بالقاهرة.

انظر ترجمته في "الضوء اللامع 4/ 171، حسن المحاضرة 1/ 360، شذرات الذهب 7/ 55، ذيل تذكرة الحفاظ ص 370، طبقات الحفاظ ص 538".

ص: 509

حَدِيثِهِ بِخَطِّهِ، أَوْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ فَيَكْتُبَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ إلَى غَائِبٍ عَنْهُ، أَوْ حَاضِرٍ عِنْدَهُ1".

فَهَذَانِ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُجِيزَهُ مَعَ ذَلِكَ. فَتَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْمُنَاوَلَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ كَالسَّمَاعِ2؛ لأَنَّ الْكِتَابَةَ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ3. وَقَدْ4 كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبَلِّغُ الْغَائِبَ بِالْكِتَابَةِ إلَيْهِ5.

1 شرح ألفية العراقي 2/ 104.

2 في ض: كالكتابة.

3 انظر: تيسير التحرير 3/ 92، كشف الأسرار 3/ 42، توضيح الأفكار 2/ 338، تدريب الراوي 2/ 55، مناهج العقول 2/ 321، الإحكام لابن حزم 1/ 257، غاية الوصول ص 106، إرشاد الفحول ص 62.

4 في ش ز: وقال.

5 روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام. صحيح البخاري 3/ 90، صحيح مسلم 3/ 1393. وروى مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم "صحيح مسلم 3/ 1397". وروى أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وأحمد عن عبد الله بن عكيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا ينتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب". ونصه عند أحمد: "أتانا كتاب رسول الله "صلى الله عليه وسلم.... وذكر ابن القيم كتباً كثيرة إلى ملوك الأرض، يدعوهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم للإسلام.

"انظر: سنن أبي داود 2/ 387، تحفة الأحوذي 5/ 402، زاد المعاد 1/ 60، 3/ 128، سنن ابن ماجه 1/ 1194، مسند أحمد 4/ 310، سنن النسائي 7/ 155".

وروى ابن حبان عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى بكر بن وائل: "أن أسلموا تسلموا"، وكتب إلى يهود خيبر، وكتب إلى المنذر بن ساوى، وكتب إلى كسرى والمقوقس. انظر: تخريج أحاديث البزدوي ص 184".

وانظر: كشف الأسرار 3/ 42، تخريج أحاديث البزدوي ص 183، الإلماع ص 140.

ص: 510

وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَكْتُبُ إلَى عُمَّالِهِ تَارَةً1، وَيُرْسِلُ أُخْرَى2.

وَمَنَعَ قَوْمٌ مِنْ الرِّوَايَةِ بِالْكِتَابَةِ، وَأَجَابُوا عَنْ كُتُبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ الاعْتِمَادَ عَلَى الأَخْبَارِ الْمُرْسَلَةِ عَلَى يَدَيْهِ3.

"ثُمَّ" يَلِي الْمُنَاوَلَةَ وَالْمُكَاتَبَةَ فِي الرُّتْبَةِ "إجَازَةُ خَاصٍّ لِخَاصٍّ" كَقَوْلِهِ:

1 روى أبو داود أن العلاء بن الحضرمي كان عامل النبي صلى الله عليه وسلم على البحرين، فكان إذا كتب إليه بدأ بنفسه.

"انظر: سنن أبي داود 2/ 628". وذكر ابن القيم كتباً كثيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه. "انظر: زاد المعاد 1/ 59 وما بعدها".

2 إن إرسال الرسل والوفود ثابت في السنة بكثرة، فمن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذ بن جبل إلى اليمن، وقال له: "إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله

".

كما كنت الوفود تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم من مختلف الأرجاء، وتحمل عن الأحكام، ومنهم وفد عبد القيس الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فمرنا بأمر فصل نخبر به من والانا، وندخل به الجنة، فأمرهم بأربع

الحديث.

وروى الطبراني والبزار عن أبي بكر الصديق قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يؤذن في الناس "أنه من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصاً له دخل الجنة".

وروى الطبراني عن بلال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بلال، ناد في الناس، من قال: لا إله إلا الله قبل موته بسنة دخل الجنة، أو شهر أو جمعة أو يوم أو ساعة". وروى الطبراني عن زيد بن خالد الجهني قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبشر الناس "أنه من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة". وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً بسورة براءة مكتوبة ليقرأها في عرفات.

"انظر: تخريج أحاديث البزدوي ص 184، الكفاية ص 313، 336، وما بعدها، المسودةص 281".

3 منهم بعض الشافعية كالماوردي، ومنهم الإمام أبو حنيفة خلافاً لصاحبيه، ورد عليهم الشيرازي فقال:"وهذا غير صحيح، لأن الأخبار مبناها على حسن الظن""اللمع ص 45".

وانظر: شرح تنقيح الفصول ص 367، أصول السرخسي 1/ 357، توضيح الأفكار 2/ 340.

ص: 511

أَجَزْت لِفُلانٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنِّي كِتَابَ كَذَا مَعَ غَيْبَةِ الْكِتَابِ، وَإِلَاّ فَهِيَ الْمُنَاوَلَةُ1.

فَإِجَازَةُ عَامٍّ لِخَاصٍّ كَقَوْلِهِ: أَجَزْت لِفُلانٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنِّي جَمِيعَ مَرْوِيَّاتِي2.

فَعَكْسُهُ وَهِيَ إجَازَةُ خَاصٍّ لِعَامٍّ. كَقَوْلِهِ: أَجَزْت لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ3 لِمَنْ أَدْرَكَ حَيَاتِي أَوْ لِكُلِّ أَحَدٍ: أَنْ يَرْوِيَ عَنِّي كِتَابِي الْفُلانِيَّ4.

"فَ" إجَازَةُ "عَامٍّ لِعَامٍّ" كَقَوْلِهِ: أَجَزْت لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَ

1 انظر: جمع الجوامع 2/ 174، المستصفى 1/ 165، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، كشف الأسرار 3/ 47، تيسير التحرير 3/ 95، مقدمة ابن الصلاح ص 72، الإلماع ص 88، شرح ألفية العراقي 2/ 61، تدريب الراوي 2/ 29، توضيح الأفكار 2/ 317، قواعد التحديث ص 203، غاية الوصول ص 106، إرشاد الفحول ص 64.

2 ذهب الجمهور من الفقهاء والمحدثين على تجويز الرواية بهذا النوع، ومنعها السرخسي من الحنفية، وقال:"فإن ذلك غير صحيح بالاتفاق""أصول السرخسي 1/ 378".

وانظر: جمع الجوامع 2/ 174، المستصفى 1/ 165، نهاية السول 2/ 322، مناهج العقول 2/ 320، كشف الأسرار 3/ 47، تيسير التحرير 3/ 95، إرشاد الفحول ص 64، غاية الوصول ص 106، توضيح الأفكار 2/ 317، تدريب الراوي 2/ 32، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، الكفاية ص 329، شرح ألفية العراقي 2/ 64، مقدمة ابن الصلاح ص 73، الإلماع ص 91، قواعد التحديث ص 203، أصول السرخسي 1/ 378.

3 في ش: و.

4 ذهب بعض العلماء إلى جواز ذلك، منهم أبو بكر الخطيب وابن منده الحافظ وابن عتاب وأبو محمد بن سعيد الأندلسي وجماعة من المتأخرين.

"انظر: مناهج العقول 2/ 320، جمع الجوامع 2/ 174، نهاية السول 2/ 322، العضد على ابن الحاجب 2/ 99، تيسير التحرير 3/ 95، كشف الأسرار 3/ 41، غاية الوصول ص 106، الإلماع ص 98، قواعد التحديث ص 203، توضيح الأفكار 2/ 317، تدريب الراوي 2/ 32، شرح ألفية العراقي 2/ 64، شرح نخبة الفكر ص 220، مقدمة ابن الصلاح ص 73".

ص: 512

عَنِّي1 جَمِيعَ مَرْوِيَّاتِي2.

ذَكَرَ3 هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ - وَهُمَا إجَازَةُ الْخَاصِّ لِلْعَامِّ وَالْعَامِّ لِلْعَامِّ - الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ، وَقَالَهُ4 أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي إجَازَةِ الْعَامِّ لِلْعَامِّ5.

وَمَنَعَ هَذَا الأَخِيرَ جَمَاعَةٌ6. وَجَوَّزَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ. وَفَعَلَهُ ابْنُ مَنْدَهْ7 وَغَيْرُهُ. فَقَالَ: أَجَزْت لِمَنْ قَالَ لا إلَهَ إلَاّ اللَّهُ8

وَجَوَّزَ أَبُو الطَّيِّبِ الإِجَازَةَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَوْجُودًا عِنْدَ الإِجَازَةِ9.

1 ساقطة من ب.

2 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 70، جمع الجوامع 2/ 174، فواتح الرحموت 2/ 165، غاية الوصول ص 106، إرشاد الفحول ص 64، الإلماع ص 98، قواعد التحديث ص 203، توضيح الأفكار 2/ 317، تدريب الراوي 2/ 32.

3 في ب: وذكر.

4 في ب ض: وقال.

5 قال الشيخ تقي الدين: "الإجازة المطلقة لكل أحد صحيحة، كقوله: أجزتُ وذلك لكل من أراده، ونحوه، ذكره القاضي. وحكي عن أبي بكر عبد العزيز أنه وُجِدَت عنده إجازة كذلك بخط أبي حفص البرمكي أو بخط والده أحمد بن إبراهيم البرمكي ولفظها على كتاب "الرد على من انتحل غير مذهب أهل الحديث: إجازة الشيخ لجميع مسموعاته مع جميع ما خرج منه، لمن أراده". "المسودة ص 291".

6 منهم الماوردي والقاضي حسين وإبراهيم الحربي وأبو الشيخ الأصبهاني.

"انظر: الإلماع ص 99، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 175".

7 في ع: ابن منده منا.

8 انظر: شرح ألفية العراقي 2/ 64، تدريب الراوي 2/ 32، الإلماع ص 99، توضيح الأفكار 2/ 317- 318، إرشاد الفحول ص 64.

9 انظر: شرح ألفية العراقي 2/ 65، الإلماع ص 98، إرشاد الفحول ص 64.

ص: 513

وَقَالَ ابْنُ الصَّلاحِ: "لَمْ نَرَ وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ1 أَحَدٍ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ اسْتَعْمَلَ هَذِهِ الإِجَازَةَ وَلا2 مِنْ الشِّرْذِمَةِ الْمُجَوِّزَةِ، وَالإِجَازَةُ فِي أَصْلِهَا ضَعْفٌ3، وَتَزْدَادُ4 بِهَذَا التَّوَسُّعِ 5ضَعْفًا كَبِيرًا13 لا يَنْبَغِي احْتِمَالُهُ6".

وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي "شَرْحِ مَنْظُومَتِهِ": "مِمَّنْ أَجَازَهَا أَبُو الْفَضْلِ ابْنُ خَيْرُونَ الْبَغْدَادِيُّ7 وَابْنُ رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ8 وَالسَّلَفِيُّ9 وَغَيْرُهُمْ. وَرَجَّحَهُ

1 في ش ز: من.

2 في ش ز: إلا.

3 كذا في جميع النسخ، وفي مقدمة ابن الصلاح. وفي شرح ألفية العراقي: ضعيفة.

4 في ع ض: ويزداد.

5 في ض: ضعف كثير.

6 مقدمة ابن الصلاح ص 74، وانظر: شرح ألفية العراقي 2/ 65.

7 هو أحمد بن الحسن بن خيرون، أبو الفضل البغدادي، الحافظ العالم الناقد، محدث بغداد. كان ثقة متقناً، واسع الرواية. له معرفة بالحديث مع التواضع، وكان يقال له: هو في زمانه كيحيى بن معين في زمانه، إشارة إلى كلامه في شيوخ العصر جرحاً وتعديلاً مع الإنصاف. قال ابن العماد:"وكتب ما لا يوصف". مات في رجب سنة 488 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 445، تذكرة الحفاظ 4/ 1207، شذرات الذهب 3/ 383، ميزان الاعتدال 1/ 92".

8 هو محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المالكي، أبو الوليد، جدُّ ابن رشد الفيلسوف، زعيم فقهاء وقته بالأندلس والمغرب، وكان بصيراً بالأصول والفروع والفرائض والتفنن في العلوم، ولي قضاء الجماعة بقرطبة، وكان صاحب الصلاة في المسجد الجامع. له مصنفات كثيرة، منها:"حجب المواريث"، و"البيان والتحصيل" في الأصول، و"المقدمات"، و"تهذيب كتب الطحاوي في مشكل الآثار"، و"اختصار الكتب المبسوطة ليحيى"، بن إسحاق بن يحيى. توفي سنة 520 هـ.

انظر ترجمته في "الديباج المذهب 2/ 248، شذرات الذهب 4/ 62، شجرة النور الزكية ص 129، الفتح المبين 2/ 14، الصلة 2/ 576، بغية الملتمس ص 51".

9 هو أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو طاهر، عماد الدين الأصفهاني، الحافظ العلامة، شيخ الإسلام. وسِلَفة لفظ أعجمي وهو لقب جده أحمد. ومعناه الغليظ الشفة، كان حافظاً ناقداً متقناً، ديناً خيراً، وكان أوحد زمانه في علم الحديث، وأعلمهم بالرواية، وكان شافعي المذهب، وكان مغرى بجمع الكتب، وبرع في الأدب، وأتقن مذهب الشافعي. ومن مصنفاته: معجم شيوخ أصبهان، ومعجم شيوخ بغداد، ومعجم شيوخ السفر. توفي بالإسكندرية سنة 576 هـ.

انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 1/ 87، طبقات القراء 1/ 102، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 32، طبقات الحفاظ ص 468، تذكرة الحفاظ 4/ 1298، حسن المحاضرة 1/ 354، شذرات الذهب 4/ 255، البداية والنهاية 12/ 307".

ص: 514

ابْنُ الْحَاجِبِ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي1 زِيَادَةِ "الرَّوْضَةِ2".

"ثُمَّ مُكَاتَبَةٌ3 بِدُونِهَا" أَيْ بِدُونِ إجَازَةٍ، بَلْ كَتَبَ إلَيْهِ يُخْبِرُهُ بِقِرَاءَتِهِ4 الْكِتَابَ الْفُلانِيَّ عَلَى الشَّيْخِ الْفُلانِيِّ فَقَطْ، وَظَاهِرُ كَلامِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَالْخَلَاّلِ: الْجَوَازُ، فَإِنَّ أَبَا مُسْهِرٍ5 وَأَبَا تَوْبَةَ6 كَتَبَا إلَيْهِ

1 في ش ع ز ض: من.

2 شرح ألفية العراقي 2/ 65.

وانظر: تدريب الراوي 2/ 33، مختصر ابن الحاجب 2/ 69.

3 في ش: مكاتبته.

4 في ض: بقراءة.

5 هو عبد الأعلى بن مسهر بن عبد الأعلى الغساني الدمشقي، أبو مسهر، شيخ دمشق ومحدثها. روى عنه أحمد خارج المسند. قال ابن حبان:"كان إمام أهل الشام في الحفظ والإتقان، وإليه يرجع أهل الشام في الجرح والتعديل لشيوخهم". وكان علامة بالمغازي والأثر كثير العلم، رفيع الذكر، وهو ثقة. طلبه المأمون من الرقة إلى بغداد فحبسه. وتوفي في السجن لعدم قوله بخلق القرآن سنة 218 هـ.

انظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ 1/ 381، طبقات الحفاظ ص 163، الخلاصة ص 221، تاريخ بغداد 11/ 72، شذرات الذهب 2/ 44، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 339".

6 هو الربيع بن نافع الحلبي، أبو توبة الطرسوسي. قال أبو حاتم: حجة. وقال يعقوب بن سفيان: حجة. روى عن أحمد ومعاوية بن سلاّم. وأخرج عنه أبو داود. توفي سنة 241 هـ. وقال الذهبي: "الحافظ الحجة

شيخ طرسوس ومحدثها".

انظر ترجمته في "الخلاصة ص 115، المنهج الأحمد 1/ 291، طبقات الحنابلة 1/ 156، تذكرة الحفاظ 2/ 472، شذرات الذهب 2/ 99".

ص: 515

بِأَحَادِيثَ وَحَدَّثَ بِهَا1، وَهُوَ الأَشْهَرُ لِلْمُحَدِّثَيْنِ. وَاخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. حَتَّى قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: إنَّهَا أَقْوَى مِنْ الإِجَازَةِ. وَجَزَمَ بِهِ الرَّازِيّ فِي "الْمَحْصُولِ2"

وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ "الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ""3وَكَتَبَ إلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ4".

وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مُوسَى5 "كَتَبَ إلَيَّ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ"6.

1 انظر: المسودة ص 288.

2 وهو رأي كثير من المتأخرين، ومنهم أيوب السختياني ومنصور والليث بن سعد وكثير من الشافعية، خلافاً للماوردي.

"انظر: كشف الأسرار 3/ 41، تيسير التحرير 3/ 92، المستصفى 1/ 166، نهاية السول 2/ 321، 322، الكفاية ص 338، المسودة ص 268، المحدث الفاصل ص 441 وما بعدها، شرح ألفية العراقي 2/ 104، الإلماع ص 84، توضيح الأفكار 2/ 340، تدريب الراوي 2/ 55، مقدمة ابن الصلاح ص 83، غاية الوصول ص 106، إرشاد الفحول ص 62، أصول الحديث ص 240".

3 صحيح البخاري 4/ 155.

4 هو محمد بن بشار بن عثمان العبدي، أبو بكر البصري الحافظ، أحد أوعية السنة. روى عنه أصحاب الكتب الستة وغيرهم. قال الخطيب:"كان يحفظ حديثه، ثقة كثير الحديث. ويلقب: بندار، والبندار في الأصل من في يده القانون، وهو أصل ديوان الخراج، فأطلق عليه البندار، لأنه جمع حديث بلده. قال أبو داود: كتبت عنه خمسين ألف حديث". مات سنة 252 هـ.

انظر ترجمته في "الخلاصة ص 328، ميزان الاعتدال 3/ 490، طبقات الحفاظ ص 222، تذكرة الحفاظ 2/ 511، شذرات الذهب 2/ 126".

5 كذا في جميع النسخ، ولا يوجد شخص بهذا الاسم، وهو تصحيف عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، الزهري المدني. روى عن أبيه وعثمان والعباس. وروى عنه مسلم وابنه داود والزهري وغيرهم. قال ابن سعد:"ثقة كثير الحديث". قال الواقدي: "مات سنة 104 هـ".

انظر: "الخلاصة ص 184، المعارف ص 243، صحيح مسلم 3/ 1453، شذرات الذهب 1/ 126، مشاهير علماء الأمصار ص 66".

6 روى مسلم من حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إلي: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمية يقول: "لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة

الحديث" "صحيح مسلم 3/ 1453". وانظر: شرح ألفية العراقي 2/ 104.

وفي نسخة ب: سمرة بن جابر.

ص: 516

وَلِلشَّافِعِيَّةِ خِلافٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهَا مِنْ الْخِلافِ مَعَ الإِجَازَةِ، فَمَعَ عَدَمِهَا أَقْوَى1.

"وَيَكْفِي"2 فِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْمُكَاتَبَةِ "مَعْرِفَةُ خَطِّهِ" أَيْ أَنْ3 يَعْرِفَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ خَطَّ الْكَاتِبِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الأَكْثَرِ، وَيَكْفِي الظَّنُّ فِي ذَلِكَ الْمُعْتَمِدُ عَلَى إخْبَارِ عَدْلٍ عَلَى الصَّحِيحِ4.

وَحَكَى أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُ لا يَكْفِي فِي ذَلِكَ إلَاّ عَدْلانِ يَشْهَدَانِ عَلَى الْكَاتِبِ بِأَنَّهُ كَتَبَهُ عَلَى حَدِّ شَرْطِ كِتَابِ الْقَاضِي56إلَى الْقَاضِي6

"وَتَجُوزُ إجَازَةٌ بِمُجَازٍ بِهِ" فِي الأَصَحِّ. كَأَجَزْت لَك مُجَازَاتِي، أَوْ

1 انظر: الإحكام للآمدي 2/ 101، المستصفى 1/ 166، نهاية السول 2/ 322، كشف الأسرار 3/ 41، تدريب الراوي 2/ 55، إرشاد الفحول ص 63.

2 في ب ع ض: وتكفي.

3 في ش ز: إن كان.

4 انظر: فواتح الرحموت 2/ 164، "تيسير التحرير" 3/ 92، "كشف الأسرار" 3/ 42، "الروضة" ص 61، "مقدمة ابن الصلاح" ص 84، "الإلماع" ص 117، "توضيح الأفكار" 2/ 341، "تدريب الراوي" 2/ 57، "المحدث الفاصل" ص 452، "شرح ألفية العراقي" 2/ 105.

وانظر صفحة 509 من هذا المجلد والمراجع المشار إليها في هامش 2.

5 وهو قول الإمام أبي حنيفة.

"انظر: فواتح الرحموت 2/ 164، تيسير التحرير 3/ 93، كشف الأسرار 3/ 44 وما بعدها، توضيح الأفكار 2/ 341، المغني 10/ 84، المحرر في الفقه 2/ 212، الوجيز للغزالي 2/ 243، شرح منح الجليل 4/ 201".

6 ساقطة من ب ز ع ض.

ص: 517

أَجَزْت لَك مَا أُجِيزُ لِي رِوَايَتَهُ. وَهَذَا هُوَ1 الصَّحِيحُ. وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، خِلافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَقَدْ كَانَ الْفَقِيهُ نَصْرُ الْمَقْدِسِيُّ2 يَرْوِي بِالإِجَازَةِ عَنْ الإِجَازَةِ3.

"و"َ تَجُوزُ الإِجَازَةُ "لِطِفْلٍ، وَمَجْنُونٍ وَغَائِبٍ وَكَافِر" لِيَرْوِيَ الطِّفْلُ مَا أُجِيزَ بِهِ إذَا بَلَغَ، وَالْمَجْنُونُ إذَا عَقَلَ، وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ4.

وَقَدْ وَقَعَتْ مَسْأَلَةُ الْكَافِرِ فِي زَمَنِ الْحَافِظِ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمِزِّيِّ بِدِمَشْقَ. وَكَانَ طَبِيبًا سُمِّيَ5 بَعْدَ إسْلامِهِ مُحَمَّدًا6. وَكَانَ أَبُوهُ يُسَمَّى عَبْدَ السَّيِّدِ،

1 ساقطة من ض.

2 هو نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم المقدسي، الفقيه الشافعي، الشيخ أبو الفتح الدمشقي، الزاهد، المجمع على جلالته وفضله. تفقه بصور ثم بديار بكر، ودرس ببيت المقدس مدة، ثم انتقل إلى صور، ثم إلى دمشق، وكان يحدث ويفتي ويدرس، وكان حافظاً زاهداً متبتلاً ورعاً، كبير القدر، وكانت أوقاته كلها مستغرقة في عمل الخير والعلم. ومن مصنفاته: الانتخاب الدمشقي في الفقه، والحجة على تارك المحجة، والتهذيب في الفقه، والمقصود وشرح الإشارة لسليم الرازي. توفي سنة 490 هـ بدمشق.

انظر ترجمته في "تهذيب الأسماء 2/ 125، طبقات الشافعية الكبرى 5/ 351، تبيين كذب المفتري ص 286، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 181، شذرات الذهب 3/ 395، مرآة الجنان 3/ 153".

3 انظر: كشف الأسرار 3/ 48، تدريب الراوي 2/ 40 وما بعدها، الكفاية ص 349، مقدمة ابن الصلاح ص 77.

4 ومنعها لغير المكلف آخرون. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وزعم قوم أنه يجب أن يكون وقت التحمل بالغاً".

"انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 76، تدريب الراوي 2/ 38، الكفاية ص 325، قواعد التحديث ص 203، نهاية السول 2/ 322، كشف الأسرار 3/ 47، 48، إرشاد الفحول ص 64، المسودة ص 291".

5 في ش ب ز ع: يُسمَّى.

6 في ش ب ز ع: محمد.

ص: 518

يَسْمَعُ1 الْحَدِيثَ وَهُوَ يَهُودِيٌّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيِّ. وَكَتَبَ اسْمَهُ فِي طَبَقَاتِ السُّمَّاعِ مَعَ النَّاسِ، وَأَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ لِمَنْ سَمِعَهُ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَكَانَ السَّمَاعُ وَالإِجَازَةُ بِحَضْرَةِ الْمِزِّيِّ الْحَافِظِ، وَبَعْضُ السُّمَّاعِ بِقِرَاءَتِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ. ثُمَّ هَدَى اللَّهُ الْيَهُودِيَّ إلَى الإِسْلامِ. وَحَدَّثَ بِمَا أُجِيزَ لَهُ. وَتَحَمَّلَ الطُّلَاّبُ عَنْهُ. قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْعِرَاقِيُّ وَرَأَيْته وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ2.

لا لِـ "مَعْدُومٍ" فَلا تَصِحُّ الإِجَازَةُ لَهُ "مُطْلَقًا" لا بِالأَصَالَةِ كَأَجَزْت لِمَنْ يُولَدُ لَك، وَلا بِالتَّبَعِيَّةِ، كَأَجَزْت لَك وَلِمَنْ يُولَدُ لَك فِي ظَاهِرِ كَلامِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَقَالَهُ غَيْرُهُمْ. لأَنَّهَا مُحَادَثَةٌ أَوْ إذْنٌ فِي الرِّوَايَةِ، بِخِلافِ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ تَبَعًا لِمَنْ وُلِدَ3.

وَأَجَازَهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي4 دَاوُد مِنْ أَصْحَابِنَا. فَإِنَّهُ لَمَّا سَأَلَهُ إنْسَانٌ الإِجَازَةَ. قَالَ: قَدْ أَجَزْت لَك وَلأَوْلادِك، وَلِحَبَلِ الْحَبَلَةِ، يَعْنِي لِمَنْ يُولَدُ بَعْدُ5

1 في ب: سمع.

2 ساقطة من ز.

3 انظر: فواتح الرحموت 2/ 165، تيسير التحرير 3/ 95، كشف الأسرار 3/ 48، العضد على ابن الحاجب 2/ 70، جمع الجوامع 2/ 175، نهاية السول 2/ 322، غاية الوصول ص 106، مقدمة ابن الصلاح ص 75، شرح نخبة الفكر ص 221، الإلماع ص 98، 104، قواعد التحديث ص 203، توضيح الأفكار 2/ 318، تدريب الراوي 2/ 37، شرح ألفية العراقي 2/ 74.

4 ساقطة من ش.

5 في د: لك.

وأجاز الخطيب البغدادي وأبو نصر الصباغ من الشافعية، وأبو يعلى الفراء من الحنابلة، وابن عمروس من المالكية الإجازة للمعدوم ابتداءً من غير عطف على موجود، وكذلك أجازها أبو عبد الله بن منده انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 76، فواتح الرحموت 2/ 165، تيسير التحرير 3/ 95، نهاية السول 2/ 322، مناهج العقول 2/ 320، كشف الأسرار 3/ 48، شرح نخبة الفكر ص 221، الإلماع ص 99-101، 104-105، العضد على ابن الحاجب 2/ 70، قواعد التحديث ص 203، تدريب الراوي 2/ 37، جمع الجوامع 2/ 174، شرح ألفية العراقي 2/ 74، الكفاية ص 325.

ص: 519

"وَلا تَصِحُّ" أَيْضًا إجَازَةٌ "لِمَجْهُولٍ" كَأَجَزْت لِرَجُلٍ مِنْ النَّاسِ "وَلا بِمَجْهُولٍ1" كَأَجَزْت لَك أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي 2بَعْضًا مِنْ مَرْوِيَّاتِي4.

وَجَوَّزَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَابْنُ عَمْرُوسٍ الْمَالِكِيُّ3: أَجَزْت لِمَنْ شَاءَ فُلانٌ4.

وَالصَّحِيحُ: خِلافُ ذَلِكَ، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ وَالتَّعْلِيقِ.

أَمَّا لَوْ اُسْتُجِيزَ لِمَنْ سُمِّيَ5 وَنُسِبَ لَهُ. فَلا6 يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الإِجَازَةِ

1 في قول تصح لمجهول بمجهول.

"انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 74، شرح نخبة الفكر ص 220، الإلماع ص 101، تدريب الراوي 2/ 34، كشف الأسرار 3/ 48، فواتح الرحموت 2/ 165، تيسير التحرير 3/ 95، شرح ألفية العراقي 2/ 68".

2 في ض: بعض رواياتي.

3 هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عمروس البزاز، أبو الفضل البغدادي، المالكي، الإمام الفاضل. كان من حفاظ القرآن ومدرسيه، وإليه انتهت الفتيا في الفقه على مذهب مالك في بغداد، وكان فقيهاً أصوليًّا، وله "تعليق" حسن مشهور في الخلاف. ودرس عليه القاضي أبو الوليد الباجي ببغداد، وحدث عنه، كما حدّث عنه أبو بكر الخطيب البغدادي. وله "مقدمة" حسنة في أصول الفقه. توفي سنة 452 هـ، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "الديباج المذهب 2/ 238، شجرة النور الزكية ص 105، تاريخ بغداد 2/ 339، شذرات الذهب 3/ 290، تبيين كذب المفتري ص 264".

4 وهو قول الخطيب البغدادي الشافعي، والقاضي أبي عبد الله الدامغاني الحنفي.

"انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 74، تدريب الراوي 2/ 35، الإلماع ص 102".

5 في ع: يسمى.

6 في ب ز ع ض: لم.

ص: 520

جَهْلُهُ بِشَخْصِهِ، كَمَا لا يَقْدَحُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ بِمَنْ هُوَ حَاضِرٌ يَسْمَعُهُ بِشَخْصِهِ1. "وَلا" تَصِحُّ إجَازَةٌ بِ "مَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ" الْمُجِيزُ "لِيَرْوِيَهُ عَنْهُ" الْمُجَازُ "إذَا تَحَمَّلَهُ" الْمُجِيزُ2.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: "لَمْ أَرَهُمْ تَكَلَّمُوا عَلَيْهِ. وَرَأَيْت بَعْضَ الْعَصْرِيِّينَ يَفْعَلُهُ. لَكِنْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الطُّبْنِيُّ3: كُنْت عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ يُونُسَ4 بِقُرْطُبَةَ فَسَأَلَهُ إنْسَانٌ الإِجَازَةَ بِمَا رَوَاهُ5 وَمَا يَرْوِيهِ بَعْدُ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ6 فَغَضِبَ. فَقُلْت: يَا هَذَا، يُعْطِيكَ مَا لَمْ يَأْخُذْ7؟ فَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ:

1 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 74، الإلماع ص 101، تدريب الراوي 2/ 35.

2 انظر: تيسير التحرير 3/ 95، كشف الأسرار 3/ 48، نهاية السول 2/ 322، مقدمة ابن الصلاح ص 77، الإلماع ص 106، تدريب الراوي 2/ 39.

3 هو عبد الملك بن زيادة الله علي بن حسين السَّعدي، التميمي، الطُّبْني، الشيخ، الأديب الراوية، أبو مروان، من أهل قرطبة من بيت علم ونباهة وأدب وخير وصلاح، وأصلهم من طبْنة بأفريقية. رحل إلى المشرق مرتين للعلم، واعتنى بتقييد العلم والحديث، وبرع في الأدب والشعر، "وله فهرسة". توفي سنة 457 هـ.

انظر ترجمته في "الصلة 2/ 360، جذوة المقتبس ص 265، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة 2/ 52".

4 هو يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث، القاضي أبو الوليد، القرطبي، يعرف بابن الصفار. كان رجلاً صالحاً، قديم الطلب. سمع منه أبو الوليد الباجي وجماعة. وكان يميل إلى كثرة العبادة، وكان سريع الدمعة، ولي القضاء مع الخطابة والوزارة، وكان فقيهاً عدلاً حجة علامة في النحو واللغة والعربية والشعر، فصيحاً مفوهاًَ. له مصنفات في الزهد وغيره، منها:"الموعب" في شرح "الموطأ" وجمع مسائل ابن زرب وتآليفه، "وأخبار الزهاد"، "والابتهاج لمحبة الله عز وجل"، و"كتاب المنقطعين إلى الله عز وجل"، و"التهجد"، و"فضائل الأنصار"، و"التسلي عن الدنيا". توفي سنة 429 هـ.

انظر ترجمته في "الديباج المذهب 2/ 374، شذرات الذهب 3/ 244، شجرة النور الزكية ص 113، الصلة 2/ 68، بغية الملتمس ص 512".

5 في ض: روى.

6 في ع: يجب.

7 في الإلماع: يأخذه.

ص: 521

هَذَا جَوَابِي. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهُوَ الصَّحِيحُ1.

وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ "التَّحْرِيرِ" تَبَعًا لَهُ2، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْلِيقِ.

"وَيَقُولُ" مُجَازٌ لَهُ حَيْثُ صَحَّتْ الإِجَازَةُ "أَجَازَ لِي" فُلانٌ، أَوْ أَجَازَ لَنَا بِاتِّفَاقٍ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ إخْبَارٌ بِالْحَالِ عَلَى وَجْهِهِ.

"وَيَجُوزُ" أَنْ يَقُولَ "حَدَّثَنِي وَأَخْبَرَنِي إجَازَةً" وَحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا إجَازَةً عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ3.

وَمَنَعَ قَوْمٌ "حَدَّثَنَا" دُونَ "أَخْبَرَنَا" قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَجَوَّزَ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ4 أَنْ يَقُولَ: أَخْبَرَنَا دُونَ "حَدَّثَنَا5".

1 الإلماع ص 106.

وانظر: مقدمة ابن الصلاح ص 77، تدريب الراوي 2/ 39، التقييد والإيضاح ص 188.

2 ساقطة من ش.

3 فإن لم يقل "إجازة" لم يجز، كما سيذكره المصنف، وجوّزه قوم.

"انظر: مناهج العقول 2/ 320، نهاية السول 2/ 322، الإحكام للآمدي 2/ 100، المسودة ص 288، كشف الأسرار 3/ 44، تيسير التحرير 3/ 95، فواتح الرحموت 2/ 165، مختصر الطوفي ص 66، مقدمة ابن الصلاح ص 82، توضيح الأفكار 2/ 336، تدريب الراوي 2/ 52".

4 هو محمد بن عمران بن موسى بن سعيد، أبو عبد الله، الكاتب المَرْزُباني، الخراساني الأصل، البغدادي المولد. كان راوية للأدب، صاحب أخبار وتواليف كثيرة، مائلاً إلى التشيع، وكان معتزليًّا، وصنف في أخبار المعتزلة، وآخذه أهل الحديث بأنَّ أكثر روايته كانت إجازة، ولا يبين في تصانيفه الإجازة من السماع، بل يقول في كل ذلك: أخبرنا، وأيده في ذلك جماعةٌُ من الرواة. ومن مؤلفاته:"المقتبس" في أخبار جامعي النحو واللغة ومصنفيها، وجمع ديوان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، "والموثق" في أخبار الشعراء المشهورين، و"أشعار الخلفاء" وغيرها. توفي سنة 384 هـ، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 3/ 475، ميزان الاعتدال 3/ 673، لسان الميزان 5/ 327، إنباه الرواة 3/ 180، شذرات الذهب 3/ 111، تاريخ بغداد 3/ 135، معجم الأدباء 7/ 268".

5 انظر: كشف الأسرار 2/ 44، تيسير التحرير 3/ 95، مختصر الطوفي ص 66، مقدمة ابن الصلاح ص 81- 82.

ص: 522

"لا إطْلاقُهُمَا" أَيْ لا يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ "حَدَّثَنِي وَأَخْبَرَنِي" مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ إجَازَةً "فِيهِنَّ" أَيْ فِي1 جَمِيعِ صُوَرِ الرِّوَايَةِ بِالإِجَازَةِ اللَاّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُنَّ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إيهَامِ كَوْنِ الرِّوَايَةِ بِالتَّحْدِيثِ2 عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ لأَنَّهَا الأَصْلُ الْمُتَبَادِرُ الْفَهْمُ إلَيْهِ3.

"وَلا تَجُوزُ رِوَايَةٌ بِوَصِيَّةٍ بِكُتُبِهِ" وَقِيلَ: بَلَى4.

5قَالَ أَيُّوبُ4 لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: إنَّ فُلانًا أَوْصَى إلَيَّ بِكُتُبِهِ، أَفَأُحَدِّثُ بِهَا عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ: لا آمُرُك وَلا أَنْهَاك6.

1 ساقطة من ض.

2 في د ض: بالحديث.

3 قال ابن الصلاح: "والمختار الذي عليه عمل الجمهور وأهل الورع المنع في ذلك من إطلاق حدثنا وأخبرنا ونحوهما""مقدمة ابن الصلاح ص 82".

وقال جماعة: تصح بالإطلاق، منهم أبو بكر الرازي والقاضي أبو زيد والبزدوي والجويني، ورجحه ابن عبد الشكور. وقيل: هو مذهب مالك وأهل المدينة.

"انظر: كشف الأسرار 2/ 44، تيسير التحرير 3/ 95، نهاية السول 2/ 322، مناهج العقول 2/ 320، فواتح الرحموت 2/ 165، الإحكام للآمدي 2/ 100، توضيح الأفكار 2/ 336، الإلماع ص 128، تدريب الراوي 2/ 52، مختصر الطوفي ص 66".

4 انظر: المستصفى 1/ 165، الإلماع ص 115، شرح نخبة الفكر ص 219، قواعد التحديث ص 204، تدريب الراوي 2/ 59 وما بعدها، المحدث الفاصل ص 459، جمع الجوامع 2/ 175، الكفاية ص 352، مقدمة ابن الصلاح ص 85، غاية الوصول ص 106، أصول الحديث ص 243.

5 في ش: قيل.

6 انظر: المحدث الفاصل ص 459، الكفاية ص 352، الإلماع ص 116، أصول الحديث ص 243.

ص: 523

قَالَ حَمَّادٌ1: وَكَانَ أَبُو قِلابَةَ2 قَالَ: ادْفَعُوا كُتُبِي إلَى أَيُّوبَ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَاّ فَأَحْرِقُوهَا3، وَعَلَّلَ ذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ "بِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الإِذْنِ4".

قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ: "وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا، وَهُوَ إمَّا زَلَّةُ عَالِمٍ، أَوْ مُؤَوَّلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ5 عَلَى سَبِيلِ الْوِجَادَةِ6".

1 هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي، أبو إسماعيل البصري، الأزرق. قال ابن حبان:"كان ضريراً، وكان يحفظ حديثه كله". وقال ابن مهدي: "ائمة الناس في زمانهم أربعة: سفيان ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد". وهما حمادان: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة. والأول أحفظ وأثبت في أيوب، وكان من أهل الورع والدين. توفي سنة 179 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الحفاظ ص 96، تذكرة الحفاظ 1/ 228، الخلاصة ص 92، المعارف ص 502، مشاهير علماء الأمصار ص 157، نكت الهميان ص 147، شذرات الذهب 1/ 292، حلية الأولياء 6/ 257".

2 هو عبد الله بن زيد بن عمر الجَرْمي، أبو قِلابة، أحد الأئمة الأعلام، كثير الحديث، بصري، سكن داريا بالشام، تابعي، ثقة في نفسه، إلا أنه يدلس عمن لحقهم، وعمن لم يلحقهم. قال أبو علية: حدثنا أيوب قال: أوصى إلي أبو قلابة بكتبه، فأتيت بها من الشام، فأديت كراءها بضعة عشر درهماً. قال أيوب: ما أدركت أعلم منه بالقضاء، طلب له فهرب حتى أتى اليمامة، وناظر العلماء في القسامة أما عمر بن عبد العزيز. مات بالشام سنة 104 هـ وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ 1/ 94، الخلاصة ص 198، ميزان الاعتدال 2/ 455، طبقات الحفاظ ص 36، المعارف ص 446، شذرات الذهب 1/ 126، حلية الأولياء 2/ 282، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 309".

3 انظر المحدث الفاصل ص 460، الإلماع ص 116، الكفاية ص 352، أصول الحديث ص 243.

4 الإلماع ص 115.

5 في ب: ذلك أن يكون. وفي مقدمة ابن الصلاح: الرواية.

6 مقدمة ابن الصلاح ص 85.

ص: 524

وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ1 ذَلِكَ. وَقَالَ: الْوَصِيَّةُ أَرْفَعُ رُتْبَةً مِنْ الْوِجَادَةِ بِلا خِلافٍ، وَهِيَ مَعْمُولٌ بِهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ2. اهـ.

"وَلا" تَجُوزُ الرِّوَايَةُ أَيْضًا "بِوِجَادَةٍ3" بِكَسْرِ الْوَاوِ، مَصْدَرٌ مُوَلَّدٌ4 لِوَجَدَ5. فَإِنَّ مَادَّةَ "وَجَدَ" مُتَّحِدَةُ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ مُخْتَلِفَةُ الْمَصَادِرِ بِحَسَبِ اخْتِلافِ الْمَعَانِي. فَيُقَالُ فِي الْغَضَبِ: مُوجَدَةً، وَفِي الْمَطْلُوب وُجُودًا، وَفِي الضَّالَّةِ وِجْدَانًا - بِكَسْرِ الْوَاوِ6 - وَفِي الْحُبِّ وَجْدًا - بِالْفَتْحِ وَفِي الْمَالِ وُجْدَانًا - بِالضَّمِّ - وَفِي7 الْغِنَى جِدَةً - بِالْكَسْرِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمَفْتُوحَةِ، وَإِجْدَانًا - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ8.

1 هو إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم، أبو إسحاق، شهاب الدين، المعروف بابن أبي الدم الحموي، الهَمْداني، الشافعي، القاضي. نشأ في بغداد، وتعلم فيها، ثم رحل إلى العواصم الإسلامية، واشتغل بالتدريس والتعليم، وحدّث في القاهرة والشام وحماه، ثم تولى قضاء حماه. له مصنفات كثيرة، منها: شرح مشكل الوسيط للغزالي، و"أدب القضاء"، و"التاريخ الكبير"، و"تدقيق العناية في تحقيق الدراية"، و"الفرق الإسلامية"، و"الفتاوي". أرسله والي حماة إلى بغداد، فمرض بالمعرة، فعاد إلى حماة، ومات فيها سنة 642 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 8/ 115، طبقات الشافعية للإسنوي 1/ 546، الأعلام للزركلي 1/ 42، شذرات الذهب 5/ 213".

2 لعل ذلك في كتابه تدقيق العناية في تحقيق الدراية. "انظر: مقدمة كتاب أدب القضاء ص 13".

وانظر: تدريب الراوي 2/ 60.

3 وفي قول تصح.

"انظر: فواتح الرحموت 2/ 165، نهاية السول 2/ 322، مقدمة ابن الصلاح ص 86، غاية الوصول ص 106، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95".

4 في ش ب ز ع ض: مؤكد.

5 في ب: من وجد.

6 في ش: الهمزة. وساقطة من ب ز. وبدلها في ب ز ع ض: بالكسر.

7 ساقطة من ب.

8 انظر: "القاموس المحيط" 1/ 356.

ص: 525

"وَهِيَ" أَيْ الْوِجَادَةُ فِي اصْطِلاحِ الْمُحَدِّثِينَ "وِجْدَانُهُ" أَيْ الرَّاوِي "شَيْئًا" مِنْ الأَحَادِيثِ مَكْتُوبًا "بِخَطِّ الشَّيْخِ" الَّذِي يَعْرِفُهُ وَيَثِقُ بِأَنَّهُ خَطُّهُ، 1حَيًّا كَانَ8 الْكَاتِبُ أَوْ مَيِّتًا عَلَى الصَّحِيحِ. "وَيَقُولُ" إذَا أَرَادَ الإِخْبَارَ بِذَلِكَ "وَجَدْت بِخَطِّ فُلانٍ" كَذَا2. وَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِأَنَّهُ خَطُّهُ فَيَقُولُ: وَجَدْت مَا ذُكِرَ لِي أَنَّهُ خَطُّ فُلانٍ كَذَا، وَلا يَقُولُ: حَدَّثَنَا وَلا أَخْبَرَنَا، خِلافًا لِمَنْ جَازَفَ فِي إطْلاقِ ذَلِكَ3.

"وَلا" تَجُوزُ الرِّوَايَةُ أَيْضًا "بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الشَّيْخِ: سَمِعْت كَذَا، أَوْ هَذَا سَمَاعِي، أَوْ" هَذَا رِوَايَتِي، أَوْ" هَذَا خَطِّي4.

أَمَّا إذَا قَالَ عَنْ فُلانٍ، فَقَالَ ابْنُ الصَّلاحِ: "إنَّهُ تَدْلِيسٌ قَبِيحٌ إذَا5 كَانَ

1 في ع: حيث كان الكاتب حيًّا.

2 انظر: نهاية السول 2/ 323، كشف الأسرار 3/ 53، جمع الجوامع 2/ 175، أصول السرخسي 1/ 359، مقدمة ابن الصلاح ص 86، الكفاية ص 353، مختصر الطوفي ص 66، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95، المحدث الفاصل ص 497، 500، شرح نخبة الفكر ص 219، الإلماع ص 117، توضيح الأفكار 2/ 347، تدريب الراوي 2/ 61.

3 ويصح عند بعض أهل الحديث أن يقول في الوجادة: أخبرنا فلان، قياساً على الكتاب المبعوث إليه، وله أن يقول كذلك: بلغني عن فلان.

"انظر: تدريب الراوي 2/ 62، كشف الأسرار 3/ 53، مقدمة ابن الصلاح ص 86، شرح نخبة الفكر ص 219، الإلماع ص 117، قواعد التحديث ص 204، أصول الحديث ص 245، توضيح الأفكار 2/ 348".

4 ويسمى هذا إعلاماً. وفي قول يصح.

"انظر: المستصفى 1/ 165، جمع الجوامع 2/ 175، فواتح الرحموت 2/ 165، غاية الوصول ص 106، توضيح الأفكار 2/ 343، تدريب الراوي 2/ 58، قواعد التحديث ص 204، مقدمة ابن الصلاح ص 84، 85، الإلماع ص 107، شرح نخبة الفكر ص 220، أصول الحديث ص 241، المدخل إلى مذهب أحمد ص 95".

5 في ش ض: إذ.

ص: 526

يُوهِمُ سَمَاعَهُ مِنْهُ1.

"وَيُعْمَلُ" وُجُوبًا "بِمَا ظَنَّ صِحَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ" أَيْ: مِمَّا قُلْنَا: إنَّهُ لا تَجُوزُ لَهُ رِوَايَتُهُ2 عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةِ، يَعْنِي أَنَّهُ لا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْعَمَلِ عَلَى جَوَازِ الرِّوَايَةِ. وَذَلِكَ لِعَمَلِ الصَّحَابَةِ بِكُتُبِهِ3 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4.

قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فِي "شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ": قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَنُظَّارُ أَصْحَابِهِ وَنَصَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ. وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ5.

قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ "وَهُوَ الَّذِي لا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ فِي الأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ6".

قَالَ النَّوَوِيُّ: "وَ7هُوَ الصَّحِيحُ8". وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا. وَقِيلَ: لا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ، وَالْفُقَهَاءِ 9مِنْ الْمَالِكِيَّةِ5 وَغَيْرِهِمْ:

1 مقدمة ابن الصلاح ص 86، وانظر: توضيح الأفكار 2/ 347 -348.

2 في ع: رواية.

3 في ز ع ب ض: على كتبه.

4 انظر: نهاية السول 2/ 322، كشف الأسرار 3/ 51، الإلماع ص 110، 120، المعتمد 2/ 628، مقدمة ابن الصلاح ص 87، توضيح الأفكار 2/ 348، تدريب الراوي 2/ 59، أصول الحديث ص 242.

5 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 87، توضيح الأفكار 2/ 348، تدريب الراوي 2/ 63.

6 مقدمة ابن الصلاح ص 87، وانظر: توضيح الأفكار 2/ 348.

7 ساقطة من ع ض.

8 تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 2/ 63.

9 ساقطة من ض.

ص: 527

لا يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِهِ1.اهـ.

وَمَحَلُّ الْخِلافِ إذَا لَمْ تُخَالِفْهُ2 صَحِيحَةٌ. فَإِنَّ الاعْتِمَادَ يَكُونُ عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا.

"وَمَنْ رَأَى سَمَاعَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ3 فَلَهُ رِوَايَتُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ إذَا ظَنَّهُ خَطَّهُ" فَيَكْتَفِي بِالظَّنِّ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا4.

وَقَالَ الْمَجْدُ، "وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: لا يُعْمَلُ بِهِ إلَاّ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ خَطُّهُ5".

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا يَجُوزُ الْعَمَلُ6 بِهِ حَتَّى يَذْكُرَ سَمَاعَهُ7.وَجْهُ الأَوَّلِ: أَنَّ غَالِبَ الأَحْكَامِ مَبْنَاهَا عَلَى الظَّنِّ8.

1 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 87.

2 في ض: يخالفه.

3 في ش: ينكره.

4 انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 105، المعتمد 2/ 628، الإلماع ص 139، توضيح الأفكار 2/ 347، الكفاية ص 233، 257، المسودة ص 280، اللمع ص 45، الروضة ص 62، مختصر الطوفي ص 68، المدخل إلى مذهب أحمد ص 96.

5 المسودة ص 279، 280. وانظر: فواتح الرحموت 2/ 165، تيسير التحرير 3/ 96.

6 في ع: أن يعمل.

7 وهو قول للشافعية. وقال الشيرازي: وهو الصحيح، لأنه لا يأمن أن يكون قد زُوِّر خطه، فلا تجوز الرواية بالشاك. اللمع ص 45. وعلله الموفق فقال:"قياساً على الشهادة""الروضة ص 62".

و"انظر: أصول السرخسي 1/ 358، 379، تيسير التحرير 3/ 96، كشف الأسرار 3/ 51، الإلماع ص 139، الكفاية ص 233، المسودة ص 279، مقدمة ابن الصلاح ص 105، مختصر الطوفي ص 68، المغني 10/ 141".

8 انظر: المسودة ص 281.

ص: 528

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَلِهَذَا قِيلَ لأَحْمَدَ: فَإِنْ أَعَارَهُ1 مَنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ؟ فَقَالَ: كُلَّ ذَلِكَ أَرْجُو. فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْحَدِيثِ لا تَكَادُ تَخْفَى؛ لأَنَّ الأَخْبَارَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ وَغَلَبَتِهِ2.

1 في ب ع ض: أعاده.

2 المسودة ص 280. وانظر: الروضة ص 62، فواتح الرحموت 2/ 166.

ص: 529