الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: انقراض العصر
…
فَصْلٌ: "يُعْتَبَرُ" لِصِحَّةِ انْعِقَادِ الإِجْمَاعِ "انْقِرَاضُ الْعَصْرِ،
وَهُوَ مَوْتُ مَنْ اُعْتُبِرَ فِيهِ" مِنْ غَيْرِ رُجُوعِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَمَّا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ فُورَكٍ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ. وَنَقَلَهُ الأُسْتَاذُ عَنْ الأَشْعَرِيِّ، وَابْنُ بُرْهَانٍ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ1، "فَيَسُوغُ لَهُمْ" أَيْ لِجَمِيعِ مُجْتَهِدِي الْعَصْرِ وَلِبَعْضِهِمْ الرُّجُوعَ عَمَّا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ "لِدَلِيلٍ" يَقْتَضِي الرُّجُوعَ "وَلَوْ عَقِبَهُ" أَيْ عَقِبَ إجْمَاعِهِمْ عَلَى الْحُكْمِ؛ لأَنَّ الإِجْمَاعَ إنَّمَا يَسْتَقِرُّ2 بِمَوْتِ مَنْ اُعْتُبِرَ فِيهِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ هُمْ الْمُجْتَهِدُونَ3 فَيَسُوغُ4 لَهُمْ وَلِبَعْضِهِمْ الرُّجُوعُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الإِجْمَاعِ5.
1 انظر: كشف الأسرار 3/ 243، المستصفى 1/ 192، مختصر ابن الحاجب 2/ 38، المسودة ص 320، أصول السرخسي 1/ 315، الإحكام لابن حزم 1/ 507، تيسير التحرير 3/ 230، المعتمد 2/ 502، 538، نهاية السول 2/ 386، فواتح الرحموت 2/ 224، الإحكام للآمدي 1/ 256، مناهج العقول 2/ 384، جمع الجوامع 2/ 182، المنخول ص 317، شرح الورقات ص 171، مختصر الطوفي ص 133، الروضة ص 73، إرشاد الفحول ص 84، المدخل إلى مذهب أحمد ص 130.
2 في ز ش: استقر.
3 في ش: المجتهدون الذين.
4 في ش: يسوغ.
5 انظر: أصول السرخسي 1/ 315، كشف الأسرار 3/ 243، 244، نهاية السول 2/ 386، الإحكام لابن حزم 1/ 507، المسودة ص 321، 323، شرح الورقات ص 171، 173، إرشاد الفحول ص 85، مختصر الطوفي ص 133، غاية الوصول ص 107.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ.
أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ الأَئِمَّةِ الثَّلاثَةِ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ: أَنَّهُ لا يُعْتَبَرُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ مُطْلَقًا1.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ لِلإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ لِضَعْفِهِ دُونَ غَيْرِهِ. اخْتَارَهُ الآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ. وَنُقِلَ عَنْ الأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ. وَقَالَ: إنَّهُ قَوْلُ الْحُذَّاقِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الأَصْحَابِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ الأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَاخْتَارَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ2. وَجَعَلَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ مَحَلَّ الْخِلافِ فِي غَيْرِ السُّكُوتِيِّ3.
1 قال ابن قدامة عن الإمام أحمد: "وقد أومأ إلى أن ذلك ليس بشرط
…
وهو قول الجمهور واختاره أبو الخطاب، فيمتنع رجوع أحدهم أو رجوعهم عنه". الروضة ص 73. وقال ابن بدران عن الإمام أحمد:"قلت: ومعتمد مذهبه عدم الاشتراط". المدخل إلى مذهب أحمد ص 131. وقد نسب صاحب "كشف الأسرار" هذا الاشتراط للإمام الشافعي، وليس لذلك أصل!!
"انظر: كشف الأسرار 3/ 243، المستصفى 1/ 192، الإحكام للآمدي 1/ 256، جمع الجوامع 2/ 181، المنخول ص 317، مناهج العقول 2/ 384، نهاية السول 2/ 386، تيسير التحرير 3/ 230، فواتح الرحموت 2/ 224، مختصر ابن الحاجب 2/ 38، المعتمد 2/ 502، 538، الإحكام لابن حزم 1/ 513، المسودة ص 320، أصول السرخسي 1/ 308، 315، شرح الورقات ص 171، شرح تنقيح الفصول ص 330، مختصر الطوفي ص 133، إرشاد الفحول ص 84".
2 هو الحسن بن عبد الله، وقيل عبيد الله، أبو علي البَنْدَنيجي الفقيه الشافعي، القاضي، من أصحاب الشيخ أبي حامد. قال ابن السبكي:"كان فقيهاً عظيماً غواصاً على المشكلات، صالحاً ورعاً". وقال الشيخ أبو إسحاق: "كان حافظاً للمذهب". له كتاب "الذخيرة" في الفقه، و"تعليقة" مشهورة في الفقه سماها بـ"الجامع". مات سنة 425هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 305، طبقات الفقهاء ص 129، اللباب 1/ 180، تاريخ بغداد 7/ 343، طبقات الشافعية للعبادي ص 113، طبقات الشافعية الشافعية للإسنوي 1/ 193، طبقات الشافعية لابن هداية ص 332، تهذيب الأسماء 2/ 261".
3 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 332، التمهيد للإسنوي ص 137، المسودة ص 320، أصول السرخسي 1/ 308، تيسير التحرير 3/ 231، كشف الأسرار 3/ 243، فواتح الرحموت 2/ 224، 235، الإحكام للآمدي 1/ 256، مختصر ابن الحاجب 2/ 38، جمع الجوامع 2/ 183، اللمع ص 49، نهاية السول 2/ 386، مختصر الطوفي ص 133، غاية الوصول ص 108، إرشاد الفحول ص 84.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ لِلإِجْمَاعِ الْقِيَاسِيِّ دُونَ غَيْرِهِ1.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ إنْ بَقِيَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ. وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُكْتَرَثْ بِالْبَاقِي. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْهُمْ جَمْعٌ وَبَقِيَ مِنْهُمْ عَدَدُ التَّوَاتُرِ، وَرَجَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لَمْ يَنْعَقِدْ الإِجْمَاعُ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُمْ دُونَ عَدَدِ التَّوَاتُرِ، وَرَجَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لَمْ يُؤَثِّرْ2 فِي الإِجْمَاعِ3.
وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ4 يُعْتَبَرُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ 5فِي إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ دُونَ إجْمَاعِ غَيْرِهِمْ6.
وَحَيْثُ لا يُعْتَبَرُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ5، لا يُعْتَبَرُ تَمَادِي الزَّمَنِ مُطْلَقًا، بَلْ يَكُونُ اتِّفَاقُهُمْ حُجَّةً بِمُجَرَّدِهِ، حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْضُهُمْ لا يُعْتَدُّ بِهِ، وَيَكُونُ خَارِقًا لِلإِجْمَاعِ7.
1 وهو قول الجويني، كما نقله عنه ابن الحاجب وغيره. ولكن ابن السبكي قال:"وهو وهم، وأن الجويني لا يشترطه مطلقاً"، وهو ما أكده أيضاً ابن عبد الشكور.
"انظر: فواتح الرحموت 2/ 224، جمع الجوامع 2/ 183، مختصر ابن الحاجب 2/ 38، تيسير التحرير 3/ 230، كشف الأسرار 3/ 343، إرشاد الفحول ص 84".
2 في ض: يؤثروا.
3 انظر: تيسير التحرير 3/ 231، جمع الجوامع 2/ 183، غاية الوصول ص 108.
4 في ع: أن.
5 ساقطة من ض.
6 وهناك أقوال أخرى في اشتراط انقراض العصر وعدمه.
"انظر: المسودة ص 320، 321، نهاية السول 2/ 386، المنخول ص 317".
7 انظر: كشف الأسرار 3/ 244، تيسير التحرير 3/ 231، المستصفى 1/ 174، 192، شرح الورقات ص 171، المسودة ص 320، غاية الوصول ص 109، إرشاد الفحول ص 85.
وَلَوْ نَشَأَ مُخَالِفٌ1 لَمْ يُعْتَدَّ بِقَوْلِهِ، بَلْ يَكُونُ الإِجْمَاعُ حُجَّةً عَلَيْهِ2.
وَلَوْ ظَهَرَ لِجَمِيعِهِمْ مَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ فَرَجَعُوا كُلُّهُمْ حَرُمَ. وَكَانَ إجْمَاعُهُمْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ3، حَتَّى لَوْ جَاءَ غَيْرُهُمْ مُجْمِعِينَ عَلَى خِلافِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا. وَإِلَاّ لَتَصَادَمَ الإِجْمَاعَانِ4.
وَاسْتُدِلَّ لاعْتِبَارِ انْقِرَاضِ5 الْعَصْرِ: بِأَنَّ عَلِيًّا خَالَفَ عُمَرَ رضي الله عنهما بَعْدَ مَوْتِهِ فِي بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ. وَأَنَّ حَدَّ الْخَمْرِ ثَمَانُونَ، وَعُمَرُ خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنهما فِي قِسْمَةِ الْفَيْءِ. فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ سَوَّى. وَعُمَرُ فَضَّلَ6.
وَأُجِيبَ عَنْ الأَوَّلِ بِأَنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الإِجْمَاعِ. وَقَوْلُ عُبَيْدَةَ7
1 في ب: مخالفاً. وهو خطأ.
2 انظر: المنخول ص 317، نهاية السول 2/ 386، الإحكام للآمدي 1/ 256، اللمع ص 49، والمراجع السابقة في الصفحة السابقة هامش 7.
3 انظر: شرح الورقات ص 171، مختصر الطوفي ص 133، اللمع ص 49، أصول السرخسي 1/ 315، المستصفى 1/ 174، 192، 209 وما بعدها.
4 سيذكر المصنف حكم تصادم الإجماعين بعد صفحات، ص 258.
5 في ب: الانقراض.
6 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 258، كشف الأسرار 3/ 243، الروضة ص 73، المسودة ص 323-324، الإحكام لابن حزم 1/ 516، المعتمد 2/ 504، نهاية السول 2/ 386، مناهج العقول 2/ 384.
7 هو عبيدة "بفتح العين وكسر الباء" السلماني المرادي، أبو مسلم. وقيل: أبو عمرو، عَبيدة بن قيس بن عمرو المرادي الهَمْداني التابعي الكبير. أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وسمع عمر وعلياً وابن مسعود وابن الزبير، وهو مشهور بصحبة علي. نزل الكوفة، وورد المدينة، وحضر مع علي قتال الخوارج، وكان أحد أصحاب ابن مسعود في القراءة والفتوى. وكان شريح يستشيره إذا أشكل عليه أمرٌ، وهو أحد علماء الكوفة. توفي سنة 72هـ، وقيل غيره.
انظر ترجمته في "الإصابة 3/ 102، شذرات الذهب 1/ 78، الخلاصة ص 256، تهذيب الأسماء 1/ 317، تاريخ بغداد 11/ 117، تذكرة الحفاظ 1/ 50، طبقات القراء 1/ 498، طبقات الحفاظ ص 14".
لِعَلِيٍّ1: "رَأْيُك فِي الْجَمَاعَةِ" أَيْ زَمَنَ الاجْتِمَاعِ وَالأُلْفَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِك وَحْدَك 2 كَيْفَ وَقَدْ قَالَ جَابِرٌ "بِعْنَاهُنَّ عَلَى زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَشَطْرٍ مِنْ خِلافَةِ3 عُمَرَ" 4وَهُوَ قَوْلُ8 ابْنِ عَبَّاسٍ5.
وَعَنْ الثَّانِي: أَنَّهُ خَالَفَ السُّكُوتِيَّ، ثُمَّ هُوَ فِعْلٌ6.
وَعَنْ الثَّالِثِ: بِأَنَّهُ خَالَفَ فِي زَمَانِهِ7.
وَاسْتُدِلَّ لَهُ أَيْضًا: بِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ. فَسَاغَ الرُّجُوعُ8، وَإِلَاّ مَنَعَ الاجْتِهَادُ الاجْتِهَادَ9.
1 ساقطة من ب ض ز ع.
2 رواه عبد الرزاق.
"انظر: تيسير التحرير 3/ 231-232، المعتمد 2/ 504، نهاية السول 2/ 386، كشف الأسرار 3/ 244، المستصفى 1/ 195، فواتح الرحموت 2/ 226".
3 في ب ض ع: ولاية.
4 في د: وقواه.
5أي أنه لم يتم الإجماع في زمن عمر، لأن جابراً وغيره خالف في ذلك وقتئذ، ولكن عَبيدة أراد أن يكون علي مع عمر والأكثر.
"انظر: المعتمد 2/ 504، نهاية السول 2/ 370، 386، كشف الأسرار 3/ 244، 248، الإحكام لابن حزم 1/ 516 وما بعدها، مناج العقول 2/ 385، المستصفى 1/ 195، فواتح الرحموت 2/ 226، الإحكام للآمدي 1/ 259، مختصر الطوفي ص 133".
6 ذهب بعض العلماء إلى جواز مخالفة الإجماع السكوتي بمعارض صحيح، لا بمجرد التشهي.
"انظر: شرح الورقات ص 170، الإحكام للآمدي 1/ 260".
7 انظر: المعتمد 2/ 504، كشف الأسرار 3/ 244، الإحكام للآمدي 1/ 260.
8 في ب ض: رجوع.
9 انظر: المستصفى 1/ 193، 194، الإحكام للآمدي 1/ 258، مختصر ابن الحاجب 2/ 38، فواتح الرحموت 2/ 225، تيسير التحرير 3/ 231، الروضة ص 73، مختصر الطوفي ص 133.
أُجِيبُ: لا يَجُوزُ؛ إذْ صَارَ الأَوَّلُ قَطْعِيًّا1.
وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا: بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الرُّجُوعِ يَلْزَمُ مِنْهُ إلْغَاءُ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِتَقْدِيرِ الاطِّلاعِ عَلَيْهِ إذَا خَالَفَ إجْمَاعَهُمْ2.
أُجِيبَ لُزُومُ الإِلْغَاءِ مَمْنُوعٌ، لِتَوَقُّفِهِ عَلَى تَقْدِيرِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ مُمْتَنِعٌ، لأَنَّ الْبَارِيَ سبحانه وتعالى عَصَمَهُمْ عَنْ الاتِّفَاقِ عَلَى خِلافِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالإِجْمَاعُ قَطْعِيٌّ، يُقَدَّمُ عَلَى الْخَبَرِ الظَّنِّيِّ3.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: رُدَّ لأَنَّهُ بَعِيدٌ. وَقِيلَ: مُحَالٌ4 لِلْعِصْمَةِ، ثُمَّ يَلْزَمُ لَوْ انْقَرَضُوا فَلا أَثَرَ لَهُ، لأَنَّ الإِجْمَاعَ قَاطِعٌ، وَلأَنَّهُ إنْ كَانَ عَنْ نَصٍّ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَإِلَاّ لَمْ يَجُزْ نَقْضُ اجْتِهَادٍ بِمِثْلِهِ، لا سِيَّمَا لِقِيَامِ الإِجْمَاعِ هُنَا5.
وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا: بِأَنَّ مَوْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَرْطُ دَوَامِ الْحُكْمِ. فَكَذَا هُنَا6.
أُجِيبَ: لإِمْكَانِ7 نَسْخِهِ. فَيُرْفَعُ قَطْعِيٌّ بِمِثْلِهِ8.
وَاسْتُدِلَّ لِقَوْلِ الأَكْثَرِ - الَّذِي هُوَ عَدَمُ اعْتِبَارِ9 انْقِرَاضِ الْعَصْرِ - بِأَدِلَّةِ
1 انظر: المستصفى 1/192، 194، الإحكام للآمدي 1/ 260، فواتح الرحموت 2/ 226، تيسير التحرير 3/ 231، مختصر ابن الحاجب 2/ 38.
2 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 259، مختصر ابن الحاجب 2/ 38، تيسير التحرير 3/ 231.
3 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 260، تيسير التحرير 3/ 231.
4 انظر: في ش: يحال.
5 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 260.
6 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 259.
7 في ش: بامكان. والأعلى من ز ض ب. وهو الموافق لعبارة الآمدي
8 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 260، المسودة ص 322.
9 ساقطة من ض.
الإِجْمَاعِ. وَبِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ امْتَنَعَ الإِجْمَاعُ لِلتَّلاحُقِ1.
وَرُدَّ بِنُدْرَةِ إدْرَاكِهِ مُجْتَهِدًا.
وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا: بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُمْ حُجَّةً لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِهِمْ كَالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.
رُدَّ بِأَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَبِأَنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ وَحْيٌ فَلَمْ يُقَسْ بِغَيْرِهِ3.
وَقَوْلُهُمْ: عَنْ اجْتِهَادٍ "لا عَدَدَ تَوَاتُرٍ" يَعْنِي: أَنَّهُ4 لا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ انْعِقَادِ الإِجْمَاعِ أَنْ يَبْلُغَ الْمُجْمِعُونَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ. كَمَا لا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. فِي5 الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بُرْهَانٍ عَنْ مُعْظَمِ الْعُلَمَاءِ؛ لأَنَّ الْمَقْصُودَ اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي الْعَصْرِ، وَقَدْ حَصَلَ6.
1 في ش و: المتلاحق.
وانظر: كشف الأسرار 3/ 244، المستصفى 1/ 192، شرح تنقيح الفصول ص 330، المسودة ص 321، 322، تيسير التحرير 3/ 231، نهاية السول 2/ 386، مناهج العقول 2/ 385، فواتح الرحموت 2/ 225، الإحكام للآمدي 1/ 256، 258، مختصر ابن الحاجب 2/ 38، الروضة ص 73، شرح الورقات ص 171، مختصر الطوفي ص 133.
2 أي أن الاتفاق والإجماع هو الحجّة، فإذا مات بعض المجتهدين فلا تبطل الحجة بموتهم، بأن يجوز للباقين الرجوع عنه، لأن الحجة بالاتفاق والقول، وليس بالموت.
"انظر: الإحكام للآمدي 1/ 256، المستصفى 1/ 192، والمراجع السابقة في هامش 1".
3 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 156.
4 ساقطة من ش ز.
5 في ش: و.
6 وفي قول، لا يحصل الإجماع إلا بعدد التواتر، وهو قول الباقلاني وإمام الحرمين واختاره ابن السبكي.
"انظر: المستصفى 1/ 188، شرح الورقات ص 167، شرح تنقيح الفصول ص 341، أصول السرخسي 1/ 312، تيسير التحرير 3/ 235، فواتح الرحموت 2/ 221، الإحكام للآمدي 1/ 250، جمع الجوامع 2/ 181، المنخول ص 313، غاية الوصول ص 107، المسودة ص 330، مختصر الطوفي ص 130، الروضة ص 69، المدخل إلى مذهب أحمد ص 130، إرشاد الفحول ص 89".
"فَلَوْ لَمْ يَكُنْ" فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ "إلَاّ" مُجْتَهِدٌ "وَاحِدٌ" وَلَمْ يَصِرْ مُخَالِفٌ أَهْلاً حَتَّى مَاتَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ "فَـ" قَوْلُهُ1 "إجْمَاعٌ" فِي ظَاهِرِ كَلامِ أَصْحَابِنَا. قَالَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ. وَعَزَاهُ الْهِنْدِيُّ لِلأَكْثَرِينَ2.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي "الْوَاضِحِ": لَوْ قَلَّ عَدَدُ الاجْتِهَادِ فَلَمْ يَبْقَ إلَاّ الْوَاحِدُ وَالاثْنَانِ لِفِتْنَةٍ3 أَوْ غَيْرِهَا اسْتَوْعَبَتْهُمْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَلَّ الْقُرَّاءُ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ بِكَثْرَةِ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مُسْتَقِلاًّ بِالإِجْمَاعِ وَلَمْ يَنْخَرِمْ لِعَدَمِ الْكَثْرَةِ، وَإِذَا4 كَانَ هَذَا الْعَدَدُ الْقَلِيلُ يَصْلُحُ لإِثْبَاتِ أَصْلِ5 الإِجْمَاعِ الْمَقْطُوعِ بِهِ. فَأَوْلَى أَنْ يَصْلُحَ لِفَكِّ الإِجْمَاعِ وَاخْتِلالِهِ بِمُخَالَفَتِهِ6.
"وَقَوْلُ مُجْتَهِدٍ" وَاحِدٍ "فِي" مَسْأَلَةٍ "اجْتِهَادِيَّةٍ تَكْلِيفِيَّةٍ" لِيُخْرِجَ مَا لا تَكْلِيفَ فِيهِ. كَقَوْلِ الْقَائِلِ مَثَلاً: عَمَّارٌ7 أَفْضَلُ مِنْ حُذَيْفَةَ8 "إنْ انْتَشَرَ"
1 ساقطة من ض.
2 وخالف جماعة، فقال بعضهم: لا يكون الإجماع إلا من اثنين فصاعداً. واعتبر الجويني وغيره عدد التواتر كما سبق في هامش رقم 6 من الصفحة السابقة.
"انظر: المستصفى 1/ 188، الإحكام للآمدي 1/ 251، جمع الجوامع 2/ 181، شرح الورقات ص 167، شرح تنقيح الفصول ص 341 وما بعدها، نهاية السول 2/ 337، المنخول ص 313، مختصر ابن الحاجب 2/ 36، فواتح الرحموت 2/ 221، تيسير التحرير 3/ 224، 236، غاية الوصول ص 107، مختصر الطوفي ص 130، إرشاد الفحول ص 90".
3 في ض: لفتنته.
4 في ع: وإن.
5 في ش ز ض: أهل.
6 في ش: لمخالفته.
7 في ش: عبَّاد. وهو خطأ.
8 هو الصحابي حذيفة بن اليمان، أبو عبد الله، حليف بني عبد الأشهل من الأنصار، وأصله من اليمن، أسلم حذيفة وأبوه. وهاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد أحداً...............=
قَوْلُهُ "وَمَضَتْ مُدَّةٌ يُنْظَرُ1 فِيهَا" ذَلِكَ الْقَوْلُ "وَتَجَرَّدَ" قَوْلُهُ "عَنْ قَرِينَةِ رِضًى وَسُخْطٍ، وَلَمْ يُنْكَرْ" وَكَانَ ذَلِكَ "قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْمَذَاهِبِ" لِيُخْرِجَ مَا اُحْتُمِلَ أَنَّهُ قَالَهُ تَقْلِيدًا لِغَيْرِهِ "إجْمَاعٌ ظَنِّيٌّ" عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَأَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ2 وَالْمَالِكِيَّةِ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ3 أَصْحَابِهِ4.
= فقتل أبوه يومئذ، وشهد حذيفة الخندق وما بعدها. وأسلمت أمه، وهاجرت. وكان حذيفة صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين، يعلمهم وحده. وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وحده ليلة الأحزاب، وحضر حرب نهاوند، وحمل الراية بعد مقتل أمير الجيش النعمان بن مقرن. وفتح حذيفة الري وهَمَذان والدينور، وشهد فتح الجزيرة، وولاه عمر المدائن، فتوفي فيها سنة 36هـ. وكان كثير السؤال لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحاديث الفتنة والشر ليتجنبها. ومناقبه كثيرة رضي الله عنه.
انظر ترجمته في "الإصابة 1/ 317، الاستيعاب 1/ 277، تهذيب الأسماء 1/ 154، الخلاصة ص 74، حلية الأولياء 1/ 270، 354".
1 في ش: لينظر.
2 نقل الكلام بن الهمام وابن عبد الشكور الحنفيان أن الإجماع السكوتي قطعي عند أكثر الحنفية. وقال عبد العزيز البخاري: "كان ذلك إجماعاً مقطوعاً به عند أكثر أصحابنا". "كشف الأسرار 2/ 228". واختار الآمدي من الشافعية، وابن الحاجب من المالكية، والكرخي من الحنفية أنه إجماع ظني.
"انظر: تيسير التحرير 3/ 246، فواتح الرحموت 2/ 232، 234، الإحكام للآمدي 1/ 252، مختصر ابن الحاجب 2/ 37".
3 في ش: وأكثر و.
4 انظر: المستصفى 1/ 191، القواعد والفوائد الأصولية ص 294، شرح تنقيح الفصول ص 330، الإحكام لابن حزم 1/ 507، 508، نهاية السول 2/ 375، المسودة ص 334، 335، أصول السرخسي 1/ 303، 308 وما بعدها، شرح الورقات ص 174 وما بعدها، اللمع ص 52، المتعمد 2/ 532، مناهج العقول 2/ 373، المحلي والبناني وتقريرات الشربيني على جمع الجوامع 2/ 188، الإحكام للآمدي 1/ 252، مختصر ابن الحاجب 2/ 37، تيسير التحرير 3/ 246، مختصر الطوفي ص 133، المدخل إلى مذهب أحمد ص 131، التمهيد للإسنوي ص 136، الروضة ص 76، غاية الوصول ص 108، إرشاد الفحول ص 84، الوسيط في أصول الفقه ص 107.
وَذَلِكَ: لأَنَّ الظَّاهِرَ الْمُوَافَقَةُ لِبُعْدِ سُكُوتِهِمْ عَادَةً. وَلِذَلِكَ1 يَأْتِي فِي قَوْلِ الصَّحَابِيِّ وَالتَّابِعِيِّ فِي مَعْرِضِ الْحُجَّةِ: "كَانُوا يَقُولُونَ أَوْ يَرَوْنَ" وَنَحْوُهُ2، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَسُكُوتُهُمْ يُشْعِرُ بِالْمُوَافَقَةِ، وَإِلَاّ لأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَهُوَ مُسْتَمَدٌّ مِنْ سُكُوتِهِ صلى الله عليه وسلم. عَلَى3 فِعْلِ أَحَدٍ بِلا دَاعٍ4؟.
وَفِي "شَرْحِ الْوَسِيطِ" لِلنَّوَوِيِّ: الصَّوَابُ مِنْ5 مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ حُجَّةٌ وَإِجْمَاعٌ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ6. اهـ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي "الْفُنُونِ"، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرِ ابْنُ الْبَاقِلَاّنِيِّ، وَأَبُو الْمَعَالِي، وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا: لا يَكُونُ إجْمَاعًا7 وَلا حُجَّةً8، لاحْتِمَالِ تَوَقُّفِ السَّاكِتِ، أَوْ ذَهَابِهِ إلَى تَصْوِيبِ كُلِّ مُجْتَهِدٍ.
1 في ش: وكذلك.
2 سيأتي الكلام على هذه النقطة تفصيلاً في فصل مستند الصحابي في هذا المجلد.
3 في ز ش: هل.
4 انظر: كشف الأسرار 3/ 228، 230 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/ 233، أصول السرخسي 1/ 305، تيسير التحرير 3/ 247، المعتمد 2/ 533 وما بعدها، نهاية السول 2/ 376، الإحكام للآمدي 1/ 252، المنخول ص 318، جمع الجوامع 2/ 188، مختصر ابن الحاجب 2/ 37، الإحكام لابن حزم 1/ 507، مناهج العقول 2/ 374، اللمع ص 49، إرشاد الفحول ص 84.
5 ساقطة من ض.
6 قال ابن السبكي: "والصحيح حجة
…
وفي كونه إجماعاً تردد". "جمع الجوامع 2/ 189، 191".
وانظر: اللمع ص 49، غاية الوصول ص 108، فتاوى ابن تيمية 20/ 14.
7 في ب: إجماع.
8 وهو الأصح عند الرازي، وهناك قول ثالث أنه ليس بإجماع، ولكنه حجة، لأن الظاهر الموافقة. وهناك أقوال أخرى كثيرة.
"انظر: المستصفى 1/ 191، 192، المحلي على جمع الجوامع وتقريرات الشربيني عليه 2/ 187، 189، نهاية السول 2/ 375، مختصر ابن الحاجب 1/ 37، الإحكام للآمدي 1/ 252.....=
حَكَاهُ الْبَاقِلَاّنِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي "الْمَنْخُولِ": نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ1.
وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَهِدْ، أَوْ اجْتَهَدَ وَوَقَفَ2، أَوْ خَالَفَ وَكَتَمَ لِلتَّرَوِّي وَالنَّظَرِ، أَوْ3 لأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، أَوْ وَقَّرَ الْقَائِلَ أَوْ هَابَهُ4.
وَرَدَّهُ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الأَوَّلِ بِأَنَّهُ خِلافُ الظَّاهِرِ، لا سِيَّمَا فِي حَقِّ الصَّحَابَةِ مَعَ طُولِ بَقَائِهِمْ. وَاعْتِقَادُ الإِصَابَةِ لا يَمْنَعُ5 النَّظَرَ لِتَعَرُّفِ الْحَقِّ. كَالْمَعْرُوفِ مِنْ أَحْوَالِهِمْ6.
= مناهج العقول 2/ 373، أصول السرخسي 1/ 303، تيسير التحرير 3/ 246، فواتح الرحموت 2/ 232، 233، كشف الأسرار 3/ 229، 230، شرح تنقيح الفصول ص 330، الإحكام لابن حزم 1/ 566، غاية الوصول ص 108، اللمع ص 49، 52، التمهيد ص 136، الروضة ص 76، المسودة ص 335، 336، مختصر الطوفي ص 134، المعتمد 2/ 533، إرشاد الفحول ص 84-85، الوسيط في أصول الفقه ص 107.
1 المنخول ص 318. وقال الغزالي في "المستصفى": "واختار أنه ليس بإجماع ولا حجة". "المستصفى 1/ 191". وانظر: نهاية السول 2/ 375.
2 في ض ع: ووافق. وكذا في ب. لكنها صححت على الهامش كالأعلى.
3 في ش: و.
4 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 330، المعتمد 2/ 534 وما بعدها، مختصر ابن الحاجب 2/ 37، أصول السرخسي 1/ 229، 303، المستصفى 1/ 192، الإحكام للآمدي 1/ 252، نهاية السول 2/ 376، مناهج العقول 2/ 373، المنخول ص 318-319، غاية الوصول ص 108، الروضة ص 77، مختصر الطوفي ص 134، إرشاد الفحول ص 84.
5 في ش: تمنع.
6 في ش: ز: حالهم.
وانظر: مناهج العقول 2/ 372، الإحكام 1/ 253، تيسير التحرير 3/ 247، المعتمد 2/ 533 وما بعدها، 539، أصول السرخسي 1/ 306 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/ 233، مختصر ابن الحاجب 2/ 37، اللمع ص 49، الروضة ص 77، مختصر الطوفي ص 134.
وَ "لا" يَكُونُ "الأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ، كَدِيَةِ الْكِتَابِيِّ الثُّلُثُ" إجْمَاعًا لِلْخِلافِ فِي الزَّائِدِ، خِلافًا لِمَنْ ظَنَّهُ إجْمَاعًا1، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ2؛ لأَنَّ قَوْلَهُ يَشْتَمِلُ3 عَلَى وُجُوبِ الثُّلُثِ وَنَفْيِ الزَّائِدِ. وَالإِجْمَاعُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ، بَلْ عَلَى وُجُوبِ الثُّلُثِ فَقَطْ وَهُوَ بَعْضُ الْمُدَّعَى. فَالثُّلُثُ4 وَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، لَكِنْ نَفْيُ الزِّيَادَةِ5 لَمْ يَكُنْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. فَالْمَجْمُوعُ لا يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، وَالْقَائِلُ بِالثُّلُثِ مَطْلُوبُهُ مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ6: مِنَ7 الثُّلُثِ وَنَفْيِ الزِّيَادَةِ، فَلا يَكُونُ مَذْهَبُهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ. فَالأَخْذُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مُرَكَّبٌ مِنْ الإِجْمَاعِ وَالْبَرَاءَةِ الأَصْلِيَّةِ. فَإِنَّ إيجَابَ الثُّلُثِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَوُجُوبُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ مَدْفُوعٌ بِالْبَرَاءَةِ الأَصْلِيَّةِ8.
1 قال الإمام الشافعي: إن دية الكتابي ثلث دية المسلم أخذاً بأقل ما قيل في ديته، فظن بعض العلماء أن الإمام الشافعي يعتبر ذلك إجماعاً، وأنه استند على الإجماع، وهو غير صحيح كما بينه علماء الشافعية في كتبهم الأصولية، حتى قال الغزالي رحمه الله:"وهو سوء ظن الشافعي رحمه الله". وأشار إلى ذلك أيضاً الكمال بن الهمام رحمه الله.
"انظر: المستصفى 1/ 216، غاية الوصول ص 108، الإحكام للآمدي 1/ 281، تيسير التحرير 3/ 258، الوجيز للغزالي 2/ 140، فواتح الرحموت 2/ 241، مختصر ابن الحاجب 2/ 43، جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/ 187، الوسيط في أصول الفقه ص 146".
2 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 43، مختصر الطوفي ص 137، المستصفى 1/ 216، الإحكام للآمدي 1/ 281، الروضة ص 79.
3 في ب: مشتمل.
4 في ع: والثلث.
5 في ض: الزائد.
6 في ش: أمور.
7 ساقطة من ض ع.
8 انظر: تيسير التحرير 3/ 258، الإحكام للآمدي 1/ 281، مختصر ابن الحاجب 2/ 43، البناني على جمع الجوامع 2/ 187، المستصفى 1/ 216، الروضة ص 79، فواتح الرحموت 2/ 242، الوسيط في أصول الفقه ص 147.
"وَلا" إجْمَاعَ "يُضَادُّ" إجْمَاعًا "آخَرَ" عِنْدَ الْجُمْهُورِ1؛ لأَنَّهُ إذَا انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الأَحْكَامِ لا يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ بَعْدَهُ إجْمَاعٌ يُضَادُّهُ، لاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ تَعَارُضَ دَلِيلَيْنِ قَطْعِيَّيْنِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ2.
وَجَوَّزَهُ3 أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ4.
1 هذا الحكم إذا كان الإجماع الثاني من غير أهل الإجماع الأول. أما إذا كان الإجماع الثاني من أهل الإجماع الأول فالمسألة فيها اختلاف. وهذا الاختلاف متفرع عن اختلاف العلماء في جواز رجوع المجمعين أو بعضهم عن الإجماع أم لا، وجواز الرجوع وعدمه مبني أيضاً على اشتراط انقراض العصر في الإجماع أو عدم اشتراطه، وقد سبق بيان ذلك ص 246-252.
2 انظر: جمع الجوامع 2/ 200، المعتمد 2/ 497، غاية الوصول ص 109، إرشاد الفحول ص 85.
3 قال الرازي –عن جواز الإجماع بعد الإجماع: وهو الأولى. وقال الصفي الهندي: ومأخذ أبي عبد الله قوي. واختار هذا القول البزدوي وأكده، وأنه يجوز نسخ الإجماع بالإجماع.
"انظر: كشف الأسرار 3/ 262، المعتمد 2/ 497، غاية الوصول ص 110، تقريرات الشربيني على جمع الجوامع 2/ 200، إرشاد الفحول ص 85-86، الوسيط في أصول الفقه ص 138".
4 هو الحسين بن علي، أبو عبد الله البصري الحنفي. ويعرف بالجُعْل، شيخ المتكلمين، وأحد شيوخ المعتزلة، أخذ الاعتزال وعلم الكلام عن أبي علي بن خلاد، ثم أخذه عن أبي هاشم الجبائي، وبلغ بجده واجتهاده ما لم يبلغه غيره من أصحاب أبي هاشم، كما لازم مجلس أبي الحسن الكرخي زمناً طويلاً. وله تصانيف كثيرة في الاعتزال والفقه والكلام، وكان مقدماً في علمي الفقه والكلام، ويملي فيهما، ويدرسهما، وصبر على شدائد الدنيا دون أن يناله منها حظ، مع زهده فيها، وهو شيخ القاضي عبد الجبار الذي نقل عنه كثيراً في "شرح الأصول الخمسة". ومن كتبه:"شرح مختصر أبي الحسن الكرخي"، و"كتاب الأشربة"، و"تحليل نبيذ التمر"، و"كتاب تحريم المتعة"، و"جواز الصلاة بالفارسية". توفي سنة 369هـ. وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "الفوائد البهية ص 67، الجواهر المضيئة 1/ 216، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 143، الفهرست ص 248، 294، شذرات الذهب 3/ 68، تاريخ بغداد 8/ 73، فرق وطبقات المعتزلة ص 111، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص 325، طبقات المفسرين 1/ 155، أخبار أبي حنيفة وأصحابه ص 165".
"وَلا" إجْمَاعَ "عَنْ غَيْرِ دَلِيلٍ" عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ لأَنَّ الإِجْمَاعَ لا يَكُونُ إلَاّ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ، وَالْمُجْتَهِدُ لا يَقُولُ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ. فَإِنَّ الْقَوْلَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ خَطَأٌ. وَأَيْضًا فَكَانَ يَقْتَضِي إثْبَاتَ شَرْعٍ مُسْتَأْنَفٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بَاطِلٌ؛ وَلأَنَّهُ1 مُحَالٌ عَادَةً، فَكَالْوَاحِدِ مِنْ الأُمَّةِ2. وَالدَّلِيلُ: إمَّا الْكِتَابُ، كَإِجْمَاعِهِمْ3 عَلَى حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَإِمَّا السُّنَّةُ، كَإِجْمَاعِهِمْ4 عَلَى تَوْرِيثِ كُلٍّ مِنْ الْجَدَّاتِ5 السُّدُسَ وَنَحْوِهِ6. وَيَأْتِي الْقِيَاسُ7.
وَخَالَفَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ بِالْبَحْثِ وَالْمُصَادَفَةِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ الإِجْمَاعَ قَدْ يَكُونُ عَنْ تَوْفِيقٍ8 مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ مُسْتَنَدٍ.
1 في ش ز: لأنه.
2 انظر: كشف الأسرار 3/ 263، الإحكام للآمدي 1/ 261، جمع الجوامع 2/ 195، شرح تنقيح الفصول ص 339، المسودة ص 330، أصول السرخسي 1/ 301، تيسير التحرير 3/ 254، فواتح الرحموت 2/ 238، مناهج العقول 2/ 279، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، المعتمد 2/ 520، نهاية السول 2/ 380، اللمع ص 48، مختصر الطوفي ص 136، غاية الوصول ص 108، إرشاد الفحول ص 79، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132، الوسيط في أصول الفقه ص 114.
3 في ز ش: كاجتماعهم.
4 في ش ب ز: فكإجماعهم.
5 في ش: من الجدين. وهو خطأ.
6 انظر: المعتمد 2/ 522، شرح تنقيح الفصول ص 339-340، أصول السرخسي 1/ 301، كشف الأسرار 3/ 263، اللمع ص 48، مختصر الطوفي ص 136.
7 سيأتي في الصفحة بعد التالية.
8 في ش ز ب: توقيف. والأعلى من ض وهامش ب، وهو الموافق لما جاء في المعتمد ونهاية السول.
وَأَجَابُوا عَمَّا سَبَقَ بِأَنَّ الْخَطَأَ 1إنَّمَا هُوَ فِي الْوَاحِدِ مِنْ الأُمَّةِ. أَمَّا فِي جَمِيعِ الأُمَّةِ فَلا2.
وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَطَأَ9 إذَا اجْتَمَعَ لا يَنْقَلِبُ صَوَابًا؛ لأَنَّ الصَّوَابَ فِي قَوْلِ الْكُلِّ إنَّمَا هُوَ مُرَاعَاةُ عَدَمِ الْخَطَإِ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ3.
قَالَ4 الْمُخَالِفُ: لَوْ كَانَ الإِجْمَاعُ عَنْ دَلِيلٍ كَانَ الدَّلِيلُ هُوَ الْحُجَّةُ فَلا فَائِدَةَ فِيهِ5.
وَرُدَّ بِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ فِي نَفْسِهِ. وَهُوَ عَنْ دَلِيلٍ هُوَ الْوَحْيُ، ثُمَّ فَائِدَتُهُ: سُقُوطُ الْبَحْثِ عَنَّا6 عَنْ دَلِيلِهِ. وَحُرْمَةُ الْخِلافِ7 الْجَائِزِ قَبْلَهُ. وَبِأَنَّهُ يُوجِبُ عَدَمَ انْعِقَادِهِ عَنْ دَلِيلٍ8.
1 ساقطة من ض.
2 وهو قول القاضي عبد الجبار المعتزلي.
"انظر: الإحكام للآمدي 1/ 261، المحلي على جمع الجوامع 2/ 195، نهاية السول 2/ 380، المعتمد 2/ 520، تيسير التحرير 3/ 255، المسودة ص 330، شرح تنقيح الفصول ص 339، فواتح الرحموت 2/ 238، كشف الأسرار 3/ 263، غاية الوصول ص 108، إرشاد الفحول ص 79".
3 انظر: المعتمد 2/ 520.
4 في ع: وقال.
5 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 263، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، الإحكام لابن حزم 1/ 505، نهاية السول 2/ 381، المعتمد 2/ 521، مناهج العقول 2/ 380، كشف الأسرار 3/ 263، فواتح الرحموت 2/ 239.
6 ساقطة من ش.
7 ساقطة من ض.
8 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 263، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، المعتمد 2/ 521، نهاية السول 2/ 381، مناهج العقول 2/ 380، كشف الأسرار 3/ 263، فواتح الرحموت 2/ 239.
"وَيَجُوزُ" كَوْنُ الإِجْمَاعِ "عَنْ اجْتِهَادٍ وَقِيَاسٍ، وَوَقَعَ" عَنْ اجْتِهَادٍ وَقِيَاسٍ "وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ" أَيْ مُخَالَفَةُ الإِجْمَاعِ الْوَاقِعِ عَنْ اجْتِهَادٍ أَوْ قِيَاسٍ عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ1.
وَخَالَفَ ابْنُ حَزْمٍ، وَالظَّاهِرِيَّةُ وَالشِّيعَةُ فِي الْجَوَازِ2.
وَقَوْمٌ فِي الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ3، وَقَوْمٌ فِي الْوُقُوعِ4.
أَمَّا وُقُوعُ الإِجْمَاعِ بِالْقِيَاسِ: فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي نَحْوِ الشَّيْرَجِ تَقَعُ فِيهِ الْفَأْرَةُ
1 انظر: المستصفى 1/ 196، الإحكام للآمدي 1/ 264، جمع الجوامع 2/ 184، مناهج العقول 2/ 382، المنخول ص 309، غاية الوصول ص 107، نهاية السول 2/ 383، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، شرح تنقيح الفصول ص 339، المسودة ص 328، 330، أصول السرخسي 1/ 301، تيسير التحرير 3/ 256، فواتح الرحموت 2/ 239، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132، مختصر الطوفي ص 136، الروضة ص 77، إرشاد الفحول ص 79، اللمع ص 48، المعتمد 2/ 495، 524 وما بعدها، الوسيط في أصول الفقه ص 121.
2 وهو قول ابن جرير الطبري أيضاً والحاكم صاحب "المختصر" من الحنفية، والقاشاني من المعتزلة.
"انظر: المسودة ص 328، 330، جمع الجوامع 2/ 184، الإحكام لابن حزم 1/ 495، نهاية السول 2/ 383، كشف الأسرار 3/ 263 وما بعدها، المستصفى 1/ 196، فواتح الرحموت 2/ 239، الإحكام للآمدي 1/ 264، مختصر ابن الحاجب 3/ 39، مختصر الطوفي ص 136، اللمع ص 48، الروضة ص 77، إرشاد الفحول ص 79، غاية الوصول ص 107، المعتمد 2/ 495، 524".
3 وهو قول عند الشافعية حكاه ابن القطان في قياس الشبه، وحكاه ابن الصباغ عن بعض الشافعية في الأمارة الخفية.
"انظر: تيسير التحرير 3/ 256، المعتمد 2/ 524، نهاية السول 2/ 383، الإحكام للآمدي 1/ 264، جمع الجوامع 2/ 184، غاية الوصول ص 107، إرشاد الفحول ص 79، 80".
4 انظر: المستصفى 1/ 196، الإحكام للآمدي 1/ 264، نهاية السول 2/ 383، جمع الجوامع 2/ 184، المنخول ص 308، فواتح الرحموت 2/ 239، المعتمد 2/ 524 وما بعدها، أصول السرخسي 1/ 302، تيسير التحرير 3/ 256، الروضة ص 78، غاية الوصول ص 107، مختصر ابن الحاجب 2/ 39.
فَتَمُوتُ: يُرَاقُ قِيَاسًا عَلَى السَّمْنِ1. وَقَالُوا: بِتَحْرِيمِ شَحْمِ الْخِنْزِيرِ قِيَاسًا2 عَلَى لَحْمِهِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَأَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3، وَقِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ4. وَالأَصْلُ عَدَمُ النَّصِّ ثُمَّ لَوْ كَانَ نَصٌّ لَظَهَرَ وَاحْتُجَّ بِهِ5.
"وَفِي قَوْلِ" ابْنِ حَامِدٍ وَجَمْعٍ "يَكْفُرُ مُنْكِرُ حُكْمِ" إجْمَاعٍ "قَطْعِيٍّ6".
1 روى أبو داود وابن حبان في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تقع في السمن؟ فقال: "إن كان جامداً فألقوه وما حوله وكلوه، وإن كان مائعاً فلا تقربوه".
"انظر: سنن أبي داود 2/ 328 موارد الظمآن ص 331، تيسير التحرير 3/ 256، نهاية السول 2/ 383، الإحكام للآمدي 1/ 264".
2 في ش ز: يراق قياساً.
3 قياساً على إمامته بالصلاة كما في الصحيحين وغيرهما، وكذا قياس حد الشرب للخمر على حد القذف.
"انظر: تيسير التحرير 3/ 256، نهاية السول 2/ 383، فواتح الرحموت 2/ 239 وما بعدها، الإحكام للآمدي 1/ 264، 265، مختصر ابن الحاجب 2/ 239".
4 قياساً على تاركي الصلاة، لأن الله تعالى جمع بينهما، فقال أبو بكر رضي الله عنه: "والله، ما فرقت بين ما جمع الله، قال الله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} الآية 43 من البقرة، وفي آيات أخرى.
"انظر: الإحكام للآمدي 1/ 264".
5 انظر أمثلة أخرى للإجماع المبني على الاجتهاد والقياس في أصول السرخسي 1/ 301، نهاية السول 2/ 383، مناهج العقول 2/ 382، كشف الأسرار 3/ 264، المستصفى 1/ 196، فواتح الرحموت 2/ 239، الإحكام للآمدي 1/ 264، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، المنخول ص 309، الروضة ص 78.
6 انظر: كشف الأسرار 3/ 261، فواتح الرحموت 2/ 243، تيسير التحرير 3/ 258، الإحكام للآمدي 1/ 282، نهاية السول 2/ 387، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/ 197، 201، شرح تنقيح الفصول ص 337، المسودة ص 344، مختصر الطوفي ص 137، غاية الوصول ص 110، إرشاد الفحول ص 78، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132، أصول السرخسي 1/ 318، الوسيط في أصول الفقه ص 104.
وَفِي قَوْلِ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَجَمْعٍ: لا، وَيَفْسُقُ1.
وَالطُّوفِيُّ وَالآمِدِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا: يَكْفُرُ بِنَحْوِ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ2.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَاخْتَارَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، مَعَ أَنَّهُ حُكِيَ الأَوَّلُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَلا أَظُنُّ أَحَدًا3 لا يُكَفِّرُ 4مَنْ جَحَدَ هَذَا5. اهـ.
وَالْحَقُّ أَنَّ مُنْكِرَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الضَّرُورِيِّ وَالْمَشْهُورِ وَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ كَافِرٌ قَطْعًا. وَكَذَا الْمَشْهُورُ فَقَطْ لا الْخَفِيُّ. قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": فِي الأَصَحِّ فِيهِمَا5. وَمِثَالُ الْخَفِيِّ: إنْكَارُ اسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الابْنِ السُّدُسَ مَعَ الْبِنْتِ، وَتَحْرِيمُ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا، وَإِفْسَادُ الْحَجِّ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَهَذَا لا يَكْفُرُ مُنْكِرُهُ لِعُذْرِ الْخَفَاءِ، خِلافًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ فِي قَوْلِهِ:
1 انظر: المعتمد 2/ 524، نهاية السول 2/ 287، المنخول ص 309، الإحكام للآمدي 1/ 282، المسودة ص 344، تيسير التحرير 3/ 260، فواتح الرحموت 2/ 243، كشف الأسرار 3/ 261، مختصر الطوفي ص 137، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132، غاية الوصول ص 110، الوسيط في أصول الفقه ص 105.
2 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 282، مختصر الطوفي ص 137، نهاية السول 2/ 387، كشف الأسرار 3/ 262، تيسير التحرير 3/ 259، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132.
3 في ض: أحد.
4 في ش ز: جاحدها. وانظر: المحلي على جمع الجوامع 2/ 201.
5 في ش: فيها.
وهذا ما أكده القرافي وابن السكن أيضاً. وهناك أقوال أخرى تفصل بين حالات وحالات.
"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 337، جمع الجوامع 2/ 201، 202، كشف الأسرار 3/ 262، فواتح الرحموت 2/ 244، تيسير التحرير 3/ 259، 260، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132، غاية الوصول ص 110".
إنَّهُ يَكْفُرُ، لِتَكْذِيبِهِ الأُمَّةَ1.
وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُمْ صَرِيحًا إذَا فُرِضَ أَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ2.
"وَإِذَا" كَانَ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ "اخْتَلَفُوا" فِي مَسْأَلَةٍ "عَلَى قَوْلَيْنِ حَرُمَ إحْدَاثُ" قَوْلٍ "ثَالِثٍ" مُطْلَقًا عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ3 رضي الله عنه وَأَصْحَابِهِ وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ4.
قَالَ5 ابْنُ مُفْلِحٍ: كَمَا لَوْ أَجْمَعُوا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ. فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَانٍ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي "الرِّسَالَةِ6".
1 المدخل إلى مذهب أحمد ص 132.
2 المدخل إلى مذهب أحمد المرجع السابق.
3 ساقطة من ع.
4 وهو قول الجمهور. قال الكيا الهراسي: إنه الصحيح، وبه الفتوى. وجزم به القفال الشاشي، والقاضي أبو الطيب الطبري والروياني والصيرفي، ولم يحكيا خلافه إلا عن بعض المتكلمين.
"انظر: إرشاد الفحول ص 86، شرح تنقيح الفصول ص 326، 328، المسودة ص 326، أصول السرخسي 1/ 310، 319، الإحكام لابن حزم 1/ 507، تيسير التحرير 3/ 250، كشف الأسرار 3/ 234، فواتح الرحموت 2/ 235، المعتمد 2/ 505، 506، نهاية السول 2/ 361، المستصفى 1/ 198، الإحكام للآمدي 1/ 268، مناهج العقول 2/ 359، جمع الجوامع 2/ 197، المنخول ص 320، غاية الوصول ص 109، اللمع ص 52، مختصر الطوفي ص 134، الروضة ص 75، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، المدخل إلى مذهب أحمد ص 131، أصول مذهب أحمد ص 361، 363".
5 في ب ض: قاله.
6 يقول الشافعي رحمه الله: "فلم يكن لي عندي خلافهم، ولا الذهاب إلى القياس، والقياس مُخْرِجٌ من جميع أقاويلهم". الرسالة ص 596".
وانظر: الروضة ص 76، أصول السرخسي 1/ 310، تيسير التحرير 3/ 250، كشف الأسرار 3/ 235، المستصفى 1/ 199.
وَقَالَ الآمِدِيُّ وَالطُّوفِيُّ وَجَمْعٌ: إنْ رَفَعَ1 الْقَوْلُ الثَّالِثُ حُكْمًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ حَرُمَ إحْدَاثُهُ وَإِلَاّ فَلَا2.
فَمِثَالُ مَا يَرْفَعُ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ: إذَا3 رَدَّ بِكْرًا بِعَيْبٍ بَعْدَ وَطْئِهَا مَجَّانًا. فَهَذَا الْقَوْلُ يَحْرُمُ إحْدَاثُهُ. فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْبِكْرِ إذَا وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قِيلَ: تُرَدُّ مَعَ الأَرْشِ. وَقِيلَ: لا تُرَدُّ بِوَجْهٍ. فَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تُرَدُّ مَجَّانًا رَافِعٌ لإِجْمَاعِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى مَنْعِ الرَّدِّ قَهْرًا مَجَّانًا4.
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: "قَهْرًا" عَمَّا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ مَعَ الأَرْشِ، أَوْ عَلَى الإِمْسَاكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ جَازَ، وَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِنَا: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الإِمْسَاكِ وَأَخْذِ الأَرْشِ وَبَيْنَ الرَّدِّ وَإِعْطَاءِ الأَرْشِ إنْ لَمْ يَكُنْ 5الْبَائِعُ دَلَّسَ4. فَإِنْ دَلَّسَ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي أَرْشٌ.
1 في ش ز: وقع.
2 هذا التفصيل مروي عن الشافعي. واختاره المتأخرون من أصحابه، ورجحه جماعة من الأصوليين، منهم ابن الحاجب وابن بدران والطوفي والقرافي والرازي وابن السبكي.
"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 326، 328، نهاية السول 2/ 361، جمع الجوامع 2/ 197، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، كشف الأسرار 3/ 235، فواتح الرحموت 2/ 235، تيسير التحرير 3/ 250، مختصر الطوفي ص 135، غاية الوصول ص 109، مناهج العقول 2/ 359، الإحكام للآمدي 1/ 269، إرشاد الفحول ص 86، المدخل إلى مذهب أحمد ص 131، أصول مذهب أحمد ص 361، 365، الوسيط في أصول الفقه ص 47".
3 ساقطة من ض.
4 انظر أمثلة أخرى في "الإحكام للآمدي 1/ 269، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، شرح تنقيح الفصول ص 326، 328، المدخل إلى مذهب أحمد ص 131، غاية الوصول ص 109، تيسير التحرير 3/ 250 وما بعدها، نهاية السول 2/ 362، المستصفى 1/ 199، مناهج العقول 2/ 359، كشف الأسرار 3/ 235، فواتح الرحموت 2/ 235، أصول مذهب أحمد ص 361، المحلي وتقريرات الشربيني على جمع الجوامع 2/ 197، 198".
5 في ب ز ض ع: دلّس البائع.
وَمِثَالُ مَا لا يَرْفَعُ مُجْمَعًا: الْفَسْخُ فِي النِّكَاحِ بِالْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ: الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَنَحْوِهَا إنْ كَانَ فِي الزَّوْجِ، وَالرَّتْقِ وَالْفَتْقِ وَنَحْوِهِمَا إنْ كَانَ فِي الزَّوْجَةِ. فَقِيلَ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا 1أَنْ يَفْسَخَ5 بِهَا. وَقِيلَ: لا. كَمَا2 نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُفْسَخُ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ3.
وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تَفْسَخُ دُونَ الرَّجُلِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلاصِ بِالطَّلاقِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، لَكِنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، بَلْ وَافَقَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قَوْلاً، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي أُخْرَى.
وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِكَوْنِ هَذَا التَّفْصِيلِ لا مَعْنَى لَهُ؛ إذْ لا نِزَاعَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ إنْ اسْتَلْزَمَ إبْطَالَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ يَكُونُ مَرْدُودًا، لَكِنَّ الْخَصْمَ يَقُولُ: إنَّهُ4 مُسْتَلْزِمٌ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضٍ لا يَسْتَلْزِمُ فَالْكَلامُ فِي الْكُلِّ5.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ، وَذَكَرَهُ6 فِي "التَّمْهِيدِ":
1 في ز: الفسخ.
2 في ب ض ع: فما.
3 انظر أمثلة أخرى في "الإحكام للآمدي 1/ 269، 270، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، أصول السرخسي 1/ 319، تيسير التحرير 3/ 251، نهاية السول 2/ 361، مناهج العقول 2/ 359، كشف الأسرار 3/ 235، فواتح الرحموت 2/ 236، المحلي على جمع الجوامع 2/ 198، المدخل إلى مذهب أحمد ص 131، غاية الوصول ص 102، أصول مذهب أحمد ص 361".
4في ش ز: لأنه.
5 وهذه الحالة يصبح حكمها كالمسألة الآتية في إحداث تفصيل بعد الاختلاف على قولين، وقد جعل الآمدي وابن الحاجب وغيرهما مسألة إحداث القول الثالث ومسألة التفصيل مسألة واحدة، لكن الأسنوي والقرافي يريان أن هناك فرقاً بينهما.
"انظر: نهاية السول 2/ 365، البناني على جمع الجوامع 2/ 197، المراجع السابقة في هامش 3".
6 في ش ب ز ع: وذكر.
إنَّ ظَاهِرَ كَلامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لا يَحْرُمُ إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ مُطْلَقًا1؛ لأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ: لا يَقْرَأُ الْجُنُبُ حَرْفًا2. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْرَأُ مَا شَاءَ. فَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: يَقْرَأُ بَعْضَ آيَةٍ. وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي فِي قِرَاءَةِ الْجُنُبِ. قُلْنَا بِهَذَا مُوَافَقَةً لِكُلِّ قَوْلٍ. وَلَمْ نَخْرُجْ3 عَنْهُمْ. اهـ. وَلأَنَّهُ لَمْ يَخْرِقْ إجْمَاعًا سَابِقًا. فَإِنَّهُ قَدْ لا يَرْفَعُ شَيْئًا مِمَّا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ. قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ4.
"وَلا" يَحْرُمُ إحْدَاثُ "تَفْصِيلٍ" أَيْ قَوْلٍ مُفَصَّلٍ "إذَا اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ" حَالَ كَوْنِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ "إثْبَاتًا" وَالآخَرِ "نَفْيًا" عِنْدَ الْقَاضِي. وَحَكَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ5.
1 وهو قول الظاهرية وبعض الحنفية، وهناك أقوال أخرى، كمنع الثالث بعد اختلاف الصحابة، دون غيرهم.
"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 328، المسودة ص 326، أصول السرخسي 1/ 310، 319، تيسير التحرير 3/ 251، فواتح الرحموت 2/ 235، كشف الأسرار 3/ 235 وما بعدها، الإحكام للآمدي 1/ 268، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، المنخول ص 320، مناهج العقول 2/ 359، المعتمد 2/ 505، 506، اللمع ص 52، الروضة ص 75، إرشاد الفحول ص 86".
2 ساقطة من ع.
3 في ش ز: يخرج.
4 وهو رأي ابن حزم أيضاً.
"انظر: المسودة ص 328، أصول السرخسي 1/ 310، الإحكام للآمدي 1/ 268، الروضة ص 75، مختصر الطوفي ص 134، الإحكام لابن حزم 1/ 515، 516، أصول مذهب أحمد ص 363".
5 انظر: نهاية السول 2/ 365، الإحكام للآمدي 1/ 268، مناهج العقول 2/ 363، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، تيسير التحرير 3/ 251، فواتح الرحموت 2/ 236، المسودة ص 327، غاية الوصول ص 109، المعتمد 2/ 508 وما بعدها، اللمع ص 52.
وَمَنَعَ ذَلِكَ قَوْمٌ مُطْلَقًا. وَنَقَلَهُ الآمِدِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ1.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي "التَّمْهِيدِ" وَغَيْرِهِ: إنْ صَرَّحُوا بِالتَّسْوِيَةِ لَمْ يَجُزْ لاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ ظَاهِرًا2.
وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا. فَإِنْ اخْتَلَفَ طَرِيقُ3 الْحُكْمِ فِيهَا، كَالنِّيَّةِ4 فِي الْوُضُوءِ وَالصَّوْمِ فِي الاعْتِكَافِ جَازَ، وَإِلَاّ لَزِمَ5 مَنْ وَافَقَ إمَامًا فِي مَسْأَلَةٍ مُوَافَقَتُهُ فِي جَمِيعِ مَذْهَبِهِ، وَإِجْمَاعُ الأُمَّةِ عَلَى6 خِلافِهِ7.
وَإِنْ اتَّفَقَ الطَّرِيقُ كَزَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَامْرَأَةٍ8 وَأَبَوَيْنِ9. وَكَإِيجَابِ نِيَّةٍ فِي وُضُوءٍ وَتَيَمُّمٍ وَعَكْسِهِ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ10.
1 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 268، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، جمع الجوامع 2/ 197، المسودة ص 327، المعتمد 2/ 508، 513، نهاية السول 2/ 365، مناهج العقول 2/ 363.
2 انظر: المسودة ص 327، 328، المعتمد 2/ 508، نهاية السول 2/ 365، مناهج العقول 2/ 364، المستصفى 1/ 200.
3 في ش ز: طريقا. والأعلى من د ب ع، وهو الموافق للمسودة.
4 في ش: كالتسمية. وهو خطأ.
5 في ش ز ع: للزم.
6 ساقطة من: ب ز ض ع.
7 انظر: المسودة ص 328، المعتمد 2/ 510.
8 في المسودة: وزوجة. وانظر: تيسير التحرير 3/ 237.
9 ساقطة من ش.
10 انظر شرح تنقيح الفصول ص 327، المسودة ص 327، 328، الإحكام للآمدي 1/ 269، 271، نهاية السول 2/ 365، مناهج العقول 2/ 360 وما بعدها، 364، أصول السرخسي 1/ 316، تيسير التحرير 3/ 253، 237، مختصر ابن الحاجب 2/ 39، تقريرات الشربيني على جمع الجوامع 2/ 197، فواتح الرحموت 2/ 236، كشف الأسرار 3/ 235، المعتمد 2/ 505، 506، 509 وما بعدها.
وَهَذَا التَّفْصِيلُ قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيِّ1.
وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَالشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ: إنْ صَرَّحُوا بِالتَّسْوِيَةِ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَاّ جَازَ لِمُوَافَقَتِهِ لِكُلِّ2 طَائِفَةٍ3.
قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ: هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ عُلِمَ4 اتِّحَادُ الْجَامِعِ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ جَارٍ5 مَجْرَى النَّصِّ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ كَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ؛ مَنْ6 وَرَّثَ إحْدَاهُمَا وَرَّثَ الأُخْرَى، وَمَنْ مَنَعَ مَنَعَ؛ لأَنَّ الْمَأْخَذَ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْقَرَابَةُ الرَّحِمِيَّةُ7. اهـ.
"وَلا" يَحْرُمُ إحْدَاثُ "دَلِيلٍ" زَائِدٍ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ دَلِيلٍ سَابِقٍ لِلْحُكْمِ. زَادَ الْقَاضِي: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقْصَدَ بَيَانُ الْحُكْمِ بِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ؛ لأَنَّهُ قَوْلٌ عَنْ اجْتِهَادٍ غَيْرُ مُخَالِفٍ إجْمَاعًا؛ لأَنَّهُمْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى فَسَادِ غَيْرِ مَا ذَكَرُوهُ، وَأَيْضًا وَقَعَ كَثِيرًا وَلَمْ يُنْكَرْ، وَلأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ8.
1 وقاله الأسنوي أيضاً.
"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 328، المسودة ص 328، نهاية السول 2/ 365".
2 في ز ش ب ع: كل.
3 وهذا ما نقله القرافي عن الرازي.
"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 327، المسودة ص 327، تقريرات الشربيني على جمع الجوامع 2/ 197-198، اللمع ص 52".
4 في ش: على. وهو تصحيف.
5 في ب: جاري.
6 في ع: ومن.
7 انظر: غاية الوصول ص 109، نهاية السول 2/ 365.
8 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 273، نهاية السول 2/ 387، جمع الجوامع 2/ 198، مختصر ابن الحاجب 2/ 40، شرح تنقيح الفصول ص 333، المعتمد 2/ 514، المسودة ص 328، غاية الوصول ص 109، تيسير التحرير 3/ 253، فواتح الرحموت 2/ 237، 238، إرشاد الفحول ص 87، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132.
وَقِيلَ: لا يَجُوزُ؛ لأَنَّهُ اتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ1.
رُدَّ، لا يَخْفَى فَسَادُ ذَلِكَ؛ لأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الأَدِلَّةِ أَحْكَامُهَا لا أَعْيَانُهَا. فَعَيْنُ الْحُكْمِ بَاقٍ. وَأَيْضًا: الْمُرَادُ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَإِلَاّ لَزِمَ الْمَنْعُ فِيمَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ2.
"أَوْ عِلَّةٍ" يَعْنِي أَنَّهُ لا يَحْرُمُ إحْدَاثُ عِلَّةٍ، كَمَا لا يَحْرُمُ إحْدَاثُ دَلِيلٍ "آخَرَيْنِ" صِفَةٌ لِلدَّلِيلِ وَالْعِلَّةِ.
وَعَلَى جَوَازِ إحْدَاثِ الْعِلَّةِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُوَفَّقُ وَالطُّوفِيُّ وَغَيْرُهُمْ، بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي بَابِ الْقِيَاسِ3.
وَقِيلَ: لا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ، لأَنَّ عِلَّتَهُمْ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهَا، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ غَيْرِهَا4. "أَوْ تَأْوِيلٍ لا يُبْطِلُ الأَوَّلَ" يَعْنِي أَنَّهُ لا يَحْرُمُ إحْدَاثُ تَأْوِيلٍ ثَانٍ
1 وهذا ما نقله ابن القطان عن بعض الشافعية، وهناك أقوال أخرى.
"انظر: الإحكام للآمدي 1/ 273، شرح تنقيح الفصول ص 333، المسودة ص 329، نهاية السول 2/ 387، جمع الجوامع 2/ 199، مختصر ابن الحاجب 2/ 40، المعتمد 2/ 514، فواتح الرحموت 2/ 237، 238، غاية الوصول ص 109، إرشاد الفحول ص 87، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132".
2 انظر: فواتح الرحموت 2/ 238، العضد على ابن الحاجب 2/ 41، المحلي على جمع الجوامع 2/ 199، الإحكام للآمدي 1/ 274، مختصر ابن الحاجب 2/ 40، إرشاد الفحول ص 87.
3 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 333، المعتمد 2/ 514 وما بعدها، المسودة ص 329، جمع الجوامع 2/ 199، مختصر الطوفي ص 155، الروضة ص 76، غاية الوصول ص 109.
4 انظر: جمع الجوامع 2/ 199، شرح تنقيح الفصول ص 333، المسودة ص 329، غاية الوصول ص 109.
لا يُبْطِلُ التَّأْوِيلَ الأَوَّلَ، بَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الآمِدِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَتَبِعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: كَذَا قَالَ1.
وَقِيلَ: لا يَجُوزُ إحْدَاثُ تَأْوِيلٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ. قَالَ: لأَنَّ الآيَةَ مَثَلاً إذَا احْتَمَلَتْ مَعَانِيَ، وَأَجْمَعُوا عَلَى تَأْوِيلِهَا بِأَحَدِهَا صَارَ كَالإِفْتَاءِ فِي حَادِثَةٍ تَحْتَمِلُ أَحْكَامًا بِحُكْمٍ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يُؤَوَّلَ بِغَيْرِهِ. كَمَا لا يُفْتَى2 بِغَيْرِ مَا أَفْتَوْا بِهِ3.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: "لا يَحْتَمِلُ مَذْهَبُنَا غَيْرَ هَذَا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ4".
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَمُرَادُهُ دَفْعُ5 تَأْوِيلِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ عِنْدَ السَّلَفِ. اهـ. وَذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لا يَجُوزُ إحْدَاثُ مَذْهَبٍ ثَالِثٍ كَذَلِكَ لا يَجُوزُ إحْدَاثُ
1 وهو اختيار أبي الحسين البصري المعتزلي.
"انظر: الإحكام للآمدي 1/ 273، 274، نهاية السول 2/ 387، جمع الجوامع 2/ 198، شرح تنقيح الفصول ص 333، تيسير التحرير 3/ 253، فواتح الرحموت 2/ 237، مختصر ابن الحاجب 2/ 40، المعتمد 2/ 517، المسودة ص 329، إرشاد الفحول ص 87، غاية الوصول ص 109، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132".
2 في ش: يخفى. وهو خطأ.
3 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 273، نهاية السول 2/ 387، شرح تنقيح الفصول ص 333، تيسير التحرير 3/ 254، فواتح الرحموت 2/ 237، المسودة ص 329، المعتمد 2/ 517، غاية الوصول ص 109، إرشاد الفحول ص 87، المدخل إلى مذهب أحمد ص 132، مختصر ابن الحاجب 2/ 40.
4 المسودة ص 329.
5 في ش ع: رفع. وهو تصحيف، وساقطة من ض.
تَأْوِيلٍ، وَلأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا تَأْوِيلٌ آخَرَ لَتَكَلَّفُوا1 طَلَبَهُ كَالأَوَّلِ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي "التَّمْهِيدِ"، وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ وَتَعْلِيلِهِمَا مِنْ غَيْرِ نَصْرِ أَحَدِهِمَا.
"وَاتِّفَاقُ" مُجْتَهِدِي "عَصْرٍ ثَانٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ" مُجْتَهِدِي الْعَصْرِ "الأَوَّلِ، وَقَدْ اسْتَقَرَّ الْخِلافُ" فِي الْعَصْرِ الأَوَّلِ "لا يَرْفَعُهُ" أَيْ لا يَرْفَعُ الْخِلافَ، وَلا يَكُونُ اتِّفَاقُ2 الْعَصْرِ الثَّانِي إجْمَاعًا؛ لأَنَّ مَوْتَ3 الْمُخَالِفِ فِي الْعَصْرِ الأَوَّلِ لا يَكُونُ مُسْقِطًا لِقَوْلِهِ فَيَبْقَى.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا.
قَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ: هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ وَأَكْثَرِ الأَشْعَرِيَّةِ.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّافِعِيِّ. وَمِنْ عِبَارَاتِهِ الرَّشِيقَةِ: "الْمَذَاهِبُ لا تَمُوتُ بِمَوْتِ أَرْبَابِهَا4". وَنَقَلَهُ ابْنُ الْبَاقِلَاّنِيِّ عَنْ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَاخْتَارَهُ5.
1 في ع: لكلِّفوا.
2 ساقطة من ض.
3 في ش: توقف. وهو خطأ.
4 انظر: التمهيد ص 138، نهاية السول 2/ 371، كشف الأسرار 3/ 249.
5 ينتج عن هذا الرأي أحد شروط الاجتهاد عند الجمهور، وهو اشتراط عدم الاختلاف السابق لصحة الإجماع، وهو قول الإمام أحمد وأبي الحسن الأشعري وإمام الحرمين والغزالي والرازي. واختاره الآمدي وبيّن أدلته. وهو قول أبي بكر الصيرفي الشافعي والقاضي أبي يعلى.
"انظر: نهاية السول 2/ 370، 371، جمع الجوامع 2/ 186، المنخول ص 320، المستصفى 1/ 203، الإحكام للآمدي 1/ 275، مختصر ابن الحاجب 2/ 41، العضد على ابن الحاجب 2/ 42، التمهيد للأسنوي ص 138، شرح الورقات ص 165، مناهج العقول 2/ 367، غاية الوصول ص 108، اللمع ص 51، كشف الأسرار 3/ 247، فواتح الرحموت 2/ 226، أصول السرخسي 1/ 319، 320، تيسير التحرير 3/ 232، 234، المسودة ص 325، 341، المعتمد 2/ 498، 517، الروضة ص 74، 75، إرشاد الفحول ص 86، المدخل إلى مذهب أحمد ص 131".
وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً وَإِجْمَاعًا، وَيَرْفَعُ الْخِلافَ، قَالَهُ1 أَبُو الْخَطَّابِ وَأَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَالرَّازِيُّ وَأَتْبَاعُهُ وَغَيْرُهُمْ. مِنْهُمْ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ وَالإِصْطَخْرِيُّ2 وَابْنُ خَيْرَانَ3 وَالْقَفَّالُ الْكَبِيرُ وَابْنُ الصَّبَّاغِ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَاخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ4.
1 في ض: قال.
2 هو الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى، أبو عيسى الإصطخري، قاضي قُمْ، شيخ الشافعية بالعراق، وأحد أصحاب الوجوه في المذهب، ولي حسبة بغداد، وأفتى بقتل الصائبة. واستقضاه المقتدر بالله على سجستان، وله أخبار طريفة في الحسبة، وصنف كتباً حسنة. ومن مؤلفاته:"أدب القضاء"، و"كتاب الفرائض الكبير"، و"كتاب الشروط والوثائق والمحاضر والسجلات"، ولم يكن في باب القضاء كتاب يقارعه. وله في الأصول آراء مشهورة. توفي سنة 328هـ ببغداد.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 230، وفيات الأعيان 1/ 357، البداية والنهاية 11/ 193، شذرات الذهب 2/ 312، طبقات الفقهاء ص 111، الفهرست ص 300، تاريخ بغداد 7/ 268، الفتح المبين 1/ 179".
3 هو الحسين بن صالح بن خيران، الشيخ أبو علي، الفقيه الشافعي، وأحد أركان المذهب، كان فقيهاً ورعاً فاضلاً متقشفاً تقياً زاهداً، من كبار الأئمة، عرض عليه القضاء فلم يقبله في زمن المقتدر بالله، وسُمِّر باب داره لذلك، وكان يعاتب ابن سريج على قبوله تولية القضاء. توفي سنة 320هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 271، وفيات الأعيان 1/ 400، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 110، البداية والنهاية 11/ 173، شذرات الذهب 2/ 387، طبقات الفقهاء الشافعية للعبادي ص 67، تهذيب الأسماء 2/ 261، تاريخ بغداد 8/ 53".
4 منهم الطوفي وابن الحاجب والرازي وابن حزم وأكثر الحنفية. وهو قول المالكية والشافعية.
"انظر: كشف الأسرار 3/ 247، 249، التمهيد للإسنوي ص 138، شرح تنقيح الفصول ص 328، المسودة ص 325، 343، أصول السرخسي 1/ 319، 320، الإحكام لابن حزم 1/ 507، 515، غاية الوصول ص 108، تيسير التحرير 3/ 232، 234، المعتمد 2/ 497، 499 وما بعدها، 517، نهاية السول 2/ 370، مناهج العقول 2/ 367، المنخول ص 321، المستصفى 1/ 203، فواتح الرحموت 2/ 226، الإحكام للآمدي 1/ 275 وما بعدها، مختصر ابن الحاجب 2/ 40، المحلي على جمع الجوامع 2/ 187، اللمع ص 51، مختصر الطوفي ص 135، الروضة ص 74، 75، إرشاد الفحول ص 86".
"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَقَرَّ الْخِلافُ فِي الْعَصْرِ الأَوَّلِ "فَ" اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي الْعَصْرِ الثَّانِي "إجْمَاعٌ" قَطْعًا. وَذَلِكَ كَخِلافِ الصَّحَابَةِ لأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهم فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَإِجْمَاعِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى قِتَالِهِمْ، وَكَخِلافِهِمْ فِي دَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَيِّ مَكَان، ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى دَفْنِهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ إذْ الْخِلافُ لَمْ يَكُنْ اسْتَقَرَّ1.
"وَلَوْ مَاتَ أَوْ ارْتَدَّ أَرْبَابُ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لَمْ يَصِرْ قَوْلُ الْبَاقِي إجْمَاعًا" ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مَحَلَّ وِفَاقٍ، وَصَحَّحَهُ الْبَاقِلَاّنِيُّ فِي "التَّقْرِيبِ"؛ لأَنَّ حُكْمَ الْمَيِّتِ فِي حُكْمِ الْبَاقِي الْمَوْجُودِ وَجَزَمَ بِهِ الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ2، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ 3فِي "الْمُسْتَصْفَى"4: إنَّهُ الرَّاجِحُ4.
قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِير"ِ: وَ5هَذَا قَوْلُ الأَكْثَرِينَ6.
وَقِيلَ: يَصِيرُ إجْمَاعًا وَحُجَّةً؛ لأَنَّهُمْ صَارُوا 7كُلَّ الأُمَّةِ3، اخْتَارَهُ
1 حكى الجويني والهندي أن الصيرفي خالف في ذلك، بينما قال الشيرازي: صارت المسألة إجماعية بلا خلاف.
"انظر: اللمع ص 51، شرح الورقات ص 165، إرشاد الفحول ص 86، شرح تنقيح الفصول ص 328، الروضة ص 73، غاية الوصول ص 107، مناهج العقول 2/ 371 وما بعدها، مختصر ابن الحاجب 2/ 43، جمع الجوامع 2/ 184".
2 وذلك في كتابه "الجدل". انظر: "إرشاد الفحول ص 86".
3 ساقطة من ش.
4 المستصفى 1/ 202.
5 ساقطة من ض.
6 انظر: مناهج العقول 2/ 372، الإحكام للآمدي 1/ 279، نهاية السول 2/ 375، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 41، المسودة ص 324، المعتمد 2/ 501، التمهيد ص 139، إرشاد الفحول ص 86.
7 في ض: كالأمة.
الرَّازِيّ وَالْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا1.
وَبَنَى السُّهَيْلِيُّ الْخِلافَ عَلَى الْخِلافِ فِي إجْمَاعِ التَّابِعِينَ بَعْدَ اخْتِلافِ الصَّحَابَةِ.
قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَهُوَ بِنَاءٌ ظَاهِرٌ. وَلَوْ مَاتَ بَعْضُ2 أَرْبَابِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَرَجَعَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ إلَى قَوْلِ الآخَرِينَ. فَقَالَ ابْنُ كَجٍّ3: فِيهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إجْمَاعٌ؛ لأَنَّهُمْ أَهْلُ الْعَصْرِ.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لأَنَّ الصِّدِّيقَ جَلَدَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى ثَمَانِينَ فِي زَمَنِ عُمَرَ، وَلَمْ4 يَجْعَلُوا الْمَسْأَلَةَ إجْمَاعًا؛ لأَنَّ الْخِلافَ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ. وَقَدْ5 مَاتَ مِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ بَعْضٌ، وَرَجَعَ بَعْضٌ إلَى قَوْلِ عُمَرَ.
1 انظر: مناهج العقول 2/ 372، الإحكام للآمدي 1/ 279، نهاية السول 2/ 375، التمهيد للإسنوي ص 139، إرشاد الفحول ص 86.
2 ساقطة من ز ش.
3 هو يوسف بن أحمد بن كجّ القاضي الإمام، أبو القاسم الدينوري، صاحب أبي الحسين بن القطان، أحد أركان المذهب الشافعي، وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب، ارتحل الناس إليه من الآفاق، وأطنبوا في وصفه، جمع بين رئاسة العلم والدنيا، وله وجه في المذهب، وله مسائل وفوائد وغرائب في القضاء والشهادات. تولى القضاء ببلده، وصنف كتباً كثيرة انتفع بها الفقهاء، منها:"المجرد"، وهو مطول. قتله العيارون بالدينور سنة 405 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 359، وفيات الأعيان 6/ 63، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 118، شذرات الذهب 3/ 177، البداية والنهاية 11/ 355".
4 في ش ب ز ع: فلم.
5 ساقطة من ض.
"وَاتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ بَعْدَ اخْتِلافِهِمْ وَقَدْ اسْتَقَرَّ" اخْتِلافُهُمْ "إجْمَاعٌ" وَحُجَّةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الأَكْثَرِ. وَذَكَرَ1 الْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ2.
وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُسْتَنَدُ قَطْعِيًّا كَانَ إجْمَاعًا وَحُجَّةً، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَنَدُ ظَنِّيًّا فَلا3.
وَخَالَفَ الْبَاقِلَاّنِيُّ وَالآمِدِيُّ وَجَمْعٌ، وَقَالُوا بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ لِتَنَاقُضِ الإِجْمَاعَيْنِ. وَهُمَا الاخْتِلافُ أَوَّلاً ثُمَّ الاتِّفَاقُ ثَانِيًا، كَمَا إذَا كَانُوا عَلَى قَوْلٍ فَرَجَعُوا عَنْهُ إلَى آخَرَ4.
وَنَقَلَهُ ابْنُ بُرْهَانٍ فِي "الْوَجِيزِ" عَنْ الشَّافِعِيِّ5.
1 في ض: وذكر.
2 وهو قول الشافعية والمالكية. وللحنفية قولان، وبه قال ابن الحاجب والرازي، وهذا يتفق مع القول باشتراط انقراض العصر. وأما إذا لم يستقر الخلاف بينهم فيكون اتفاقهم إجماعاً كما مر صفحة 274.
"انظر: الحدود للباجي ص 63، التمهيد ص 139، مختصر الطوفي ص 133، تخريج الفروع على الأصول ص 21، شرح تنقيح الفصول ص 328، المسودة ص 324، نهاية السول 2/ 369، مناهج العقول 2/ 366، جمع الجوامع 2/ 184، المستصفى 1/ 205، الإحكام للآمدي 1/ 278، مختصر ابن الحاجب 2/ 43، المنخول ص 321".
3 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 278، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/ 185، المنخول ص 321.
4 وهو رأي الصيرفي وإمام الحرمين والآمدي.
انظر: الحدود للباجي ص 64، التمهيد للإسنوي ص 139، المعتمد 2/ 493، نهاية السول 2/ 369، 370، المستصفى 1/ 205، 205 وما بعدها، المسودة ص 324، مناهج العقول 2/ 366، الإحكام للآمدي 1/ 278، مختصر ابن الحاجب 2/ 43، جمع الجوامع 2/ 185، المنخول ص 321.
5 وهناك أقوال أخرى.
"انظر: نهاية السول 2/ 371، المستصفى ص205، المسودة ص 324".
وَالْمَانِعُ لِذَلِكَ مَحْجُوجٌ بِالْوُقُوعِ. كَمَسْأَلَةِ الْخِلافَةِ لأَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهَا1.
قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: وَلا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلافِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ فَأَمَّا إنْ شَرَطْنَاهُ2، فَإِنَّهُ3 يَجُوزُ قَطْعًا.
وَقَالَهُ غَيْرُهُ4. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَكُلُّ مَنْ اشْتَرَطَ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ قَالَ: إجْمَاعٌ5.
"وَلا يَصِحُّ تَمَسُّكٌ بِإِجْمَاعٍ فِيمَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ" أَيْ صِحَّةُ الإِجْمَاعِ "عَلَيْهِ كَوُجُودِهِ" سُبْحَانَهُ وَ "تَعَالَى وَصِحَّةِ الرِّسَالَةِ" وَدَلالَةِ الْمُعْجِزَةِ، لاسْتِلْزَامِهِ عَلَيْهِ لُزُومَ الدَّوْرِ6.
"وَيَصِحُّ" التَّمَسُّكُ بِالإِجْمَاعِ "فِي غَيْرِهِ" أَيْ غَيْرِ مَا تَتَوَقَّفُ7 صِحَّةُ الإِجْمَاعِ عَلَيْهِ:
مِنْ أَمْرٍ "دِينِيٍّ" كَالرُّؤْيَةِ وَ "كَنَفْيِ الشَّرِيكِ" وَوُجُوبِ الْعِبَادَاتِ وَنَحْوِهَا؛ لأَنَّ الإِجْمَاعَ لا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ، لإِمْكَانِ تَأَخُّرِ مَعْرِفَتِهَا عَنْ
1 انظر: التمهيد ص 139، شرح تنقيح الفصول ص 329، نهاية السول 2/ 370، مناهج العقول 2/ 366، الإحكام للآمدي 1/ 276، 278.
2 في ب: اشترطناه.
3 في ش: فلا.
4 وهو ما قاله الإسنوي. انظر: نهاية السول 2/ 369.
5 وهو ما قاله الآمدي أيضاً. "انظر: الإحكام للآمدي 1/ 278".
6 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 283، كشف الأسرار 3/ 251، شرح تنقيح الفصول ص 343، مختصر ابن الحاجب 2/ 44، تيسير التحرير 3/ 63، نهاية السول 2/ 358، مناهج العقول 2/ 357، فواتح الرحموت 2/ 246، غاية الوصول ص 108، المدخل إلى مذهب أحمد ص 133.
7 في ب: يتوقف.
الإِجْمَاعِ بِخِلافِ الأَوَّلِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدِّينِيُّ عَقْلِيًّا، كَرُؤْيَةِ الْبَارِي، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ، أَوْ شَرْعِيًّا كَوُجُوبِ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا1.
قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: لا خِلافَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: صَحَّ اتِّفَاقًا، وَقَطَعَ بِهِ فِي "الْمُقْنِعِ" وَغَيْرِهِ.
"أَوْ" مِنْ أَمْرٍ "عَقْلِيٍّ، كَحُدُوثِ2 الْعَالَمِ" وَهَذَا الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الأَكْثَرُ3.
قَالَ فِي "الْمَحْصُولِ": وَأَمَّا حُدُوثُ الْعَالَمِ فَيُمْكِنُ إثْبَاتُهُ: لأَنَّهُ يُمْكِنُنَا إثْبَاتُ الصَّانِعِ بِحُدُوثِ الأَعْرَاضِ، ثُمَّ نَعْرِفُ صِحَّةَ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ نَعْرِفُ 4الإِجْمَاعَ بِهِ8؛ ثُمَّ نَعْرِفُ 5حُدُوثَ الأَجْسَامِ بِهِ9. اهـ.
وَخَالَفَ فِي هَذِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مُطْلَقًا، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي6 كُلِّيَّاتُ أُصُولِ الدِّينِ، كَحُدُوثِ7 الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ، دُونَ جُزْئِيَّاتِهِ، كَجَوَازِ الرُّؤْيَةِ8. اهـ.
1 انظر: كشف الأسرار 3/ 251، الإحكام للآمدي 1/ 283، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/ 44، "اللمع ص 49، شرح تنقيح الفصول ص 343، تيسير التحرير 3/ 262، المعتمد 2/ 494، جمع الجوامع 2/ 194، مناهج العقول 2/ 357، نهاية السول 2/ 337، 358، غاية الوصول ص 108، مختصر الطوفي ص 137، المدخل إلى مذهب أحمد ص 133.
2 في ز: كحدث.
3 انظر: جمع الجوامع 2/ 194، شرح تنقيح الفصول ص 322، 344، تيسير التحرير 3/ 263، نهاية السول 2/ 337، 358، فواتح الرحموت 2/ 246، المعتمد 2/ 494، غاية الوصول ص 108، المدخل إلى مذهب أحمد ص 133.
4 في ب ز ع: به الإجماع.
5 في ب ز ع: به حدوث الأجسام.
6 في ش: قال: و. وفي ز: و.
7 في ب ز ع: قال كحدث.
8 وخالف فيه أيضاً بعض الحنفية.
"انظر: اللمع ص 49، شرح تنقيح الفصول ص 323، نهاية السول 3/ 262، تيسير التحرير 3/ 262، المدخل إلى مذهب أحمد ص 133".
قَالَ الْكُورَانِيُّ: لا مَعْنَى لِلإِجْمَاعِ فِيهِ؛ لأَنَّهُ إنْ كَانَ قَطْعِيًّا بِالاسْتِدْلالِ، فَمَا فَائِدَةُ الإِجْمَاعِ فِيهِ إلَاّ تَعَاضُدُ الأَدِلَّةِ لا 1إثْبَاتُ4 الْحُكْمِ ابْتِدَاءً.
وَقَالَ الإِمَامُ فِي "الْبُرْهَانِ": أَيُّ فَائِدَةٍ فِي الإِجْمَاعِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، مَعَ أَنَّهُ لا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ الإِجْمَاعُ حُجَّةً فِيهَا كَسَائِرِ الأَحْكَامِ لَمْ يَجُزْ إلَاّ التَّقْلِيدُ فِيهَا وَعَدَمُ الْمُخَالَفَةِ2. أ"َو"ْ مِنْ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ. كَرَأْيٍ فِي حَرْبٍ" وَتَدْبِيرِ أَمْرِ الْجُيُوشِ وَأَمْرِ الرَّعِيَّةِ.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: فِيهِ مَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ، الْمُرَجَّحُ مِنْهُمَا وُجُوبُ الْعَمَلِ فِيهِ بِالإِجْمَاعِ. وَهَذَا ظَاهِرُ كَلامِ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ فِي حَدِّ الإِجْمَاعِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَالآمِدِيُّ وَأَتْبَاعُهُ؛ لأَنَّ الدَّلِيلَ السَّمْعِيَّ دَالٌّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ. فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ3.
1 في ع: لإثبات.
2 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 322، نهاية السول 2/ 337، فواتح الرحموت 2/ 246.
3 انظر: كشف الأسرار 3/ 251، فواتح الرحموت 2/ 246، الإحكام للآمدي 1/ 283، شرح تنقيح الفصول ص 344، المسودة ص 317، تيسير التحرير 3/ 262، نهاية السول 2/ 337، 358، مختصر ابن الحاجب 2/ 44، جمع الجوامع 2/ 194، مختصر الطوفي ص 137، المدخل إلى مذهب أحمد ص 133، غاية الوصول ص 108.
وَلِلْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُعْتَزِلِيِّ فِيهِ قَوْلانِ.
أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، وَوَجْهُهُ: اخْتِلافُ الْمَصَالِحِ بِحَسَبِ الأَحْوَالِ. فَلَوْ كَانَ حُجَّةً لَزِمَ تَرْكُ الْمَصْلَحَةِ وَإِثْبَاتُ الْمَفْسَدَةِ، وَقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَصَحَّحَهُ السَّمْعَانِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ جَمْعٍ مِنْ أَصْحَابِنَا1.
قَالَ الْكُورَانِيُّ: لا مَعْنَى لِلإِجْمَاعِ فِي ذَلِكَ. لأَنَّهُ لَيْسَ أَقْوَى مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ لَيْسَ دَلِيلاً لا يُخَالَفُ فِيهِ. يَدُلُّ عَلَيْهِ قِصَّةُ التَّلْقِيحِ حَيْثُ قَالَ:"أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ"2. وَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ لا يَجُوزُ خِلافُهُ، وَمَا ذَكَرُوهُ3 مِنْ أَمْرِ الْحُرُوبِ وَنَحْوِهَا إنْ أَثِمَ مُخَالِفُ ذَلِكَ فَلِكَوْنِهِ4 شَرْعِيًّا، وَإِلَاّ فَلا مَعْنَى لِوُجُوبِ اتِّبَاعِهِ5. اهـ.
وَقِيلَ: هُوَ حُجَّةٌ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الرَّأْيِ لا قَبْلَهُ6، ذَكَرَهُ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ.
1 انظر: الإحكام للآمدي 1/ 284، مختصر ابن الحاجب 2/ 44، المستصفى 1/ 173، المسودة ص 317، تيسير التحرير 3/ 262، المعتمد 2/ 494، نهاية السول 2/ 337، فواتح الرحموت 2/ 246، مختصر الطوفي ص 137، المدخل إلى مذهب أحمد ص 133.
2 قصة التلقيح هي أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقوم يلقحون النخل فقال صلى الله عليه وسلم: "لو لم تفعلوا لصلح"، فخرج شيصاً، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم:"أنتم أعلم بأمور دنياكم". أي أنتم أعلم مني بذلك، وأنا أعلم بأمر أخراكم منكم. والحديث رواه مسلم وابن ماجه عن أنس وعائشة مرفوعاً.
"انظر: صحيح مسلم 4/ 1836، سنن ابن ماجه 2/ 825، فيض القدير 3/ 50".
3 في ش: ذكره.
4 في ش: لكونه.
5 وهو ما أيده الشيرازي.
"انظر: اللمع ص 49، المعتمد 2/ 494، كشف الأسرار 2/ 252".
6 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 133.
"أَوْ" مِنْ أَمْرٍ "لُغَوِيٍّ".
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: لا خِلافَ فِي ذَلِكَ، كَكَوْنِ1 الْفَاءِ لِلتَّعْقِيبِ، فَقُطِعَ بِهِ2.
وَقِيلَ: يُعْتَدُّ بِالإِجْمَاعِ فِيهِ إنْ تَعَلَّقَ بِالدِّينِ وَإِلَاّ فَلا. ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ.
1 في ش: لكونه.
2 وهو رأي الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي، وأيده الإسنوي أيضاً.
"انظر: غاية الوصول ص 108، نهاية السول 2/ 337، 358".