الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْحَشْرِ إِلَيْهِ وَعِيدٌ إِذِ. الْمَعْنِيُّ بِهِ الْجَمْعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَيْثُ يُذَلُّ الْمُسْتَنْكِفُ الْمُسْتَكْبِرُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: بِالنُّونِ بَدَلَ الْيَاءِ فِي فَسَيَحْشُرُهُمْ، وَبَاءُ فَيُعَذِّبُهُمْ عَلَى التَّخْفِيفِ.
[سورة النساء (4) : الآيات 173 الى 176]
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (175) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أَيْ لَا يَبْخَسُ أَحَدًا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَالزِّيَادَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ، وَالتَّضْعِيفُ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْصُورٍ فِي قَوْلِهِ: وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ «1» قَالَ مَعْنَاهُ ابْنِ عَطِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِلَّذِينِ يَتْرُكُونَ عِبَادَةَ اللَّهِ أَنَفَةً تَكَبُّرًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا الِاسْتِنْكَافُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْكُفَّارِ عَنِ اتِّبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ كَفِعْلِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَأَخِيهِ أَبِي يَاسِرٍ وَأَبِي جَهْلٍ وَغَيْرِهِمْ بِالرَّسُولِ، فَإِذَا فَرَضْتَ أَحَدًا مِنَ الْبَشَرِ عَرَفَ اللَّهَ فَمُحَالٌ أَنْ تَجِدَهُ يَكْفُرُ بِهِ تَكَبُّرًا عَلَيْهِ، وَالْعِنَادُ إِنَّمَا يَسُوقُ إِلَيْهِ الِاسْتِكْبَارُ عَلَى الْبَشَرِ، وَمَعَ تَفَاوُتِ الْمَنَازِلِ فِي ظَنِّ الْمُسْتَكْبِرِ انْتَهَى. وَقَدَّمَ ذِكْرَ ثَوَابِ الْمُؤْمِنِ لِأَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَيْهِ مِمَّا يَعُمُّ.
(1) سورة البقرة: 2/ 261.
الْمُسْتَنْكِفَ إِذَا كَانَ دَاخِلًا فِي جُمْلَةِ التَّنْكِيلِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيُعَذَّبُ بِالْحَشْرِ إِذَا رَأَى أُجُورَ الْعَامِلِينَ، وَبِمَا يُصِيبُهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْبُرْهَانَ هُوَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَسَمَّاهُ بُرْهَانًا لِأَنَّ مِنْهُ الْبُرْهَانَ، وَهُوَ الْمُعْجِزَةُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
الْبُرْهَانُ هنا الحجة. وقيل: البرهان الْإِسْلَامُ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ هُوَ الْقُرْآنُ.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ لِقُرْبِهِ وَصِحَّةِ الْمَعْنَى، وَلِقَوْلِهِ:
وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْقُرْآنِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ:
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا
وَفِي الْحَدِيثِ: «الْقُرْآنُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ عُصِمَ»
وَالرَّحْمَةُ وَالْفَضْلُ: الْجَنَّةُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ فِي ثَوَابٍ مُسْتَحَقٍّ وَتَفَضُّلٍ انْتَهَى. وَلَفْظُ مُسْتَحَقٍّ مِنْ أَلْفَاظِ الْمُعْتَزِلَةِ. وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ زِيَادَةُ تَرْقِيَةٍ، وَرَفْعُ دَرَجَاتٍ. وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ التَّوْفِيقُ، وَالْفَضْلُ الْقَبُولُ. وَالضَّمِيرُ فِي إِلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى الْفَضْلِ، وَهِيَ هِدَايَةُ طَرِيقِ الْجِنَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ «1» لِأَنَّ هِدَايَةَ الْإِرْشَادِ قَدْ تَقَدَّمَتْ وَتَحَصَّلَتْ حِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا، وَعَلَى هَذَا الصِّرَاطِ طَرِيقُ الْجَنَّةِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَهْدِيهِمْ إِلَى عِبَادَتِهِ، فَجَعَلَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ عَلَى حَذْفٍ مُضَافٍ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ، وَفِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ لَيْسَ مُحَدَّثًا عَنْهُمَا. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَعْنَى: وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطِهِ، فَإِذَا جَعَلْنَا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا نَصْبًا عَلَى الْحَالِ كَانَتِ الْحَالُ مِنْ هَذَا الْمَحْذُوفِ انْتَهَى. وَيَعْنِي: دِينَ الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ: الْهَاءُ عَائِدَةٌ عَلَى الرَّحْمَةِ وَالْفَضْلِ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الثَّوَابِ. وَقِيلَ: هِيَ عَائِدَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ. وَقِيلَ: مَعْنَى صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا عَمَلًا صَالِحًا.
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: هِيَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ.
وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ.
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: نَزَلَتْ بِسَبَبٍ عَادَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَرِيضٌ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي وَكَانَ لِي تِسْعُ أَخَوَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ لِي وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ؟ فَنَزَلَتْ. وَقِيلَ: إِنَّ جَابِرًا أَتَاهُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ:
إِنَّ لِي أُخْتًا، فَكَمْ آخُذُ مِنْ مِيرَاثِهَا إِنْ مَاتَتْ، فَنَزَلَتْ.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي لَفْظِ الكلالة اشتقاقا
(1) سورة محمد: 47/ 5- 6.
وَمَدْلُولًا وَكَانَ أَمْرُهَا أَمْرًا مُشْكِلًا، رُوِيَ عَنْهُ فِي أَخْبَارِهَا رِوَايَاتٌ،
وَفِي حَدِيثِهِ أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ» .
وَقَدْ رَوَى أَبُو سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْفِ هِيَ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً»
وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا يَسْتَفْتُونَكَ لِأَنَّ الْبَرَاءَ قَالَ: هِيَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَكْفِيكَ مِنْهَا آيَةُ الصَّيْفِ بَيَانٌ فِيهِ كِفَايَةٌ وَجَلَاءٌ. وَلَا أَدْرِي مَا الَّذِي أَشْكَلَ مِنْهَا عَلَى الْفَارُوقِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ اضْطَرَبَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْكَلَالَةُ الْمَيِّتُ نَفْسُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْكَلَالَةُ الْمَالُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْخِلَافِ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَدْ خُتِمَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ كَمَا بُدِئَتْ أَوَّلًا بِأَحْكَامِ الْأَمْوَالِ فِي الْإِرْثِ وَغَيْرِهِ، لِيَتَشَاكَلَ الْمَبْدَأُ وَالْمَقْطَعُ، وَكَثِيرًا مَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي السُّورِ. رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ:«أَلَا إِنَّ آيَةَ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ أَنْزَلَهَا اللَّهُ فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، وَالْآيَةَ الثَّانِيَةَ أَنْزَلَهَا اللَّهُ فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْأُخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ، وَالْآيَةُ الَّتِي خَتَمَ بِهَا سُورَةَ الْأَنْفَالِ أَنْزَلَهَا فِي أُولِي الْأَرْحَامِ» وفي الكلالة متعلق بيفتيكم عَلَى طَرِيقِ إِعْمَالِ الثَّانِي.
إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ الْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الِابْنُ، وَهُوَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، لِأَنَّ الِابْنَ يُسْقِطُ الْأُخْتَ، وَلَا تُسْقِطُهَا الْبِنْتُ إِلَّا فِي مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالْمُرَادُ بِالْأُخْتِ الشَّقِيقَةُ، أَوِ الَّتِي لِأَبٍ دُونَ الَّتِي لِأُمٍّ، لِأَنَّ اللَّهَ فَرَضَ لَهَا النِّصْفَ، وَجَعَلَ أَخَاهَا عَصَبَةً. وَقَالَ: للذكر مثل حظ الأنثيين. وَأَمَّا الْأُخْتُ لِلْأُمِّ فَلَهَا السُّدُسُ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ، سَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَخِيهَا. وَارْتَفَعَ امْرُؤٌ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ، وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ: لَيْسَ له ولد، في موضع الصفة لا مرؤ، أَيْ: إِنْ هَلَكَ امْرُؤٌ غَيْرُ ذِي وَلَدٍ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْفَصْلِ بَيْنَ النَّعْتِ وَالْمَنْعُوتِ بِالْجُمْلَةِ الْمُفَسَّرَةِ فِي بَابِ الِاشْتِغَالِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ زَيْدًا ضَرَبْتُهُ الْعَاقِلَ. وَكُلَّمَا جَازَ الْفَصْلُ بِالْخَبَرِ جَازَ بِالْمُفَسِّرِ، وَمَنَعَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ قوله: ليس له ولد، جُمْلَةً حَالِيَّةً مِنَ الضَّمِيرِ فِي هَلَكَ، فَقَالَ: وَمَحَلُّ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ الرَّفْعُ عَلَى الصِّفَةِ، لَا النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ. وَأَجَازَ أَبُو الْبَقَاءِ فَقَالَ:
لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي هَلَكَ، وَلَهُ أُخْتٌ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْضًا.
وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ حَقِيقَةً إِنَّمَا هُوَ الِاسْمُ الظَّاهِرُ الْمَعْمُولُ لِلْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ، فَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ لَهُ، أَمَّا الضَّمِيرُ فَإِنَّهُ فِي جُمْلَةٍ مفسرة لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ، فَصَارَتْ كَالْمُؤَكِّدَةِ لِمَا سَبَقَ. وَإِذَا تَجَاذَبَ الِاتْبَاعَ وَالتَّقْيِيدَ مُؤَكِّدٌ أَوْ مُؤَكَّدٌ بِالْحُكْمِ، إِنَّمَا هُوَ لِلْمُؤَكَّدِ، إِذْ هُوَ مُعْتَمَدُ الْإِسْنَادِ الْأَصْلِيِّ. فَعَلَى هَذَا لَوْ قُلْتَ:
ضَرَبْتُ زَيْدًا ضَرَبْتُ زَيْدًا الْعَاقِلَ، انْبَغَى أَنْ يَكُونَ العاقل نعتا لزيد فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى، لَا لزيد فِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّهَا جُمْلَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى. وَالْمَقْصُودُ بِالْإِسْنَادِ إِنَّمَا هُوَ الْجُمْلَةُ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةُ. قِيلَ: وَثَمَّ مَعْطُوفٌ مَحْذُوفٌ لِلِاخْتِصَارِ، وَدَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.
وَالتَّقْدِيرُ: لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ.
وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ أَيْ إِنْ قُدِّرَ الْأَمْرُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ مَوْتِهَا وَبَقَائِهِ بَعْدَهَا. وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ هُنَا الِابْنُ، لِأَنَّ الِابْنَ يُسْقِطُ الْأَخَ دُونَ الْبِنْتِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:(فَإِنْ قُلْتَ) : الِابْنُ لَا يُسْقِطُ الْأَخَ وَحْدَهُ، فَإِنَّ الْأَبَ نَظِيرُهُ فِي الْإِسْقَاطِ، فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ؟ (قُلْتُ) : وُكِلَ حُكْمُ انْتِفَاءِ الْوَالِدِ إِلَى بَيَانِ السُّنَّةِ وَهُوَ
قَوْلُهُ عليه السلام: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى عَصَبَةٍ»
ذَكَرٍ الْأَبُ أَوْلَى مِنَ الْأَخِ، وَلَيْسَا بِأَوَّلِ حُكْمَيْنِ بُيِّنَ أَحَدُهُمَا بِالْكِتَابِ وَالْآخَرِ بِالسُّنَّةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَدُلَّ بِحُكْمِ انْتِفَاءِ الْوَلَدِ عَلَى حُكْمِ انْتِفَاءِ الْوَالِدِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ أَقْرَبُ إِلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْوَالِدِ. فَإِذَا وَرِثَ الْأَخُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْأَقْرَبِ، فَأَوْلَى أَنْ يَرِثَ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْأَبْعَدِ، وَلِأَنَّ الْكَلَالَةَ تَتَنَاوَلُ انْتِفَاءَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ جَمِيعًا، فَكَانَ ذِكْرُ انْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا دَالًّا عَلَى انْتِفَاءِ الْآخَرِ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ وَفِي يَرِثُهَا عَائِدٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ لَفْظًا دُونَ مَعْنًى، فَهُوَ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ، لِأَنَّ الْهَالِكَ لَا يَرِثُ، وَالْحَيَّةُ لَا تُورَثُ، وَنَظِيرُهُ فِي الْقُرْآنِ: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ «1» وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةٌ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ، وَهِيَ دَلِيلُ جَوَابِ الشَّرْطِ الَّذِي بَعْدَهَا. فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ قَالُوا: الضَّمِيرُ فِي كَانَتَا ضَمِيرُ أُخْتَيْنِ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَلَهُ أُخْتٌ. وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْخَبَرَ يُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُهُ الِاسْمُ. وَقَدْ مَنَعَ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ سَيِّدُ الْجَارِيَةِ مَالِكُهَا، لِأَنَّ الْخَبَرَ أَفَادَ مَا أَفَادَهُ الْمُبْتَدَأُ. وَالْأَلِفُ فِي كَانَتَا تُفِيدُ التَّثْنِيَةَ كَمَا أَفَادَهُ الْخَبَرُ، وَهُوَ قَوْلُهُ اثْنَتَيْنِ. وَأَجَابَ الْأَخْفَشِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: اثْنَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِالصِّغَرِ أَوِ الْكِبَرِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنَ الْأَوْصَافِ، فَاسْتَحَقَّ الثُّلْثَانِ بِالِاثْنَيْنِيَّةِ مُجَرَّدَةً عَنِ الْقُيُودِ، فَلِهَذَا كَانَ مُفِيدًا وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْأَلِفَ فِي الضَّمِيرِ لِلِاثْنَتَيْنِ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى مُجَرَّدِ الِاثْنَيْنِيَّةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قَيْدٍ، فَصَارَ مَدْلُولُ الْأَلِفِ وَمَدْلُولُ اثْنَتَيْنِ سَوَاءً، وَصَارَ الْمَعْنَى: فَإِنْ كَانَتَا الْأُخْتَانِ اثْنَتَيْنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ اثْنَتَانِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:(فَإِنْ قُلْتَ) : إِلَى مَنْ يَرْجِعُ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ، وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً؟ (قُلْتُ) : أَصْلُهُ فَإِنْ كَانَ من يرث
(1) سورة فاطر: 35/ 11. [.....]
بِالْأُخُوَّةِ اثْنَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ يَرِثُ بِالْأُخُوَّةِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا. وَإِنَّمَا قِيلَ: فَإِنْ كَانَتَا، وَإِنْ كَانُوا.
كَمَا قِيلَ: مَنْ كَانَتْ أُمَّكَ، فَكَمَا أَنَّثَ ضَمِيرَ مَنْ لِمَكَانِ تَأْنِيثِ الْخَبَرِ، كَذَلِكَ ثَنَّى، وَجَمَعَ ضَمِيرَ مَنْ يَرِثُ فِي كَانَتَا وَكَانُوا، لِمَكَانِ تَثْنِيَةِ الْخَبَرِ وَجَمْعِهِ انْتَهَى. وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّخْرِيجِ غَيْرَهُ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ لَا يَصِحُّ، وَلَيْسَ نَظِيرَ مَنْ كَانَتْ أُمَّكَ، لِأَنَّ مَنْ صُرِّحَ بِهَا وَلَهَا لَفْظٌ وَمَعْنًى. فَمَنْ أَنَّثَ رَاعَى الْمَعْنَى، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: أَيَّةُ أُمٍّ كَانَتْ أُمَّكَ. وَمَدْلُولُ الْخَبَرِ فِي هَذَا مُخَالِفٌ لِمَدْلُولِ الِاسْمِ، بِخِلَافِ الْآيَةِ، فَإِنَّ الْمَدْلُولَيْنِ وَاحِدٌ،. وَلَمْ يُؤَنَّثْ فِي مَنْ كَانَتْ أُمَّكَ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ، إِنَّمَا أُنِّثَ مُرَاعَاةً لِمَعْنَى مَنْ إِذْ أَرَادَ بِهَا مُؤَنَّثًا. أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: مَنْ قَامَتْ فَتُؤَنَّثُ مُرَاعَاةً لِلْمَعْنَى إِذَا أَرَدْتَ السُّؤَالَ عَنْ مُؤَنَّثٍ، وَلَا خَبَرَ هُنَا فَيُؤَنَّثُ قَامَتْ لِأَجْلِهِ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي تَخْرِيجِ الْآيَةِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ. وَذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي كَانَتَا لَا يَعُودُ عَلَى أُخْتَيْنِ، إِنَّمَا هُوَ يَعُودُ عَلَى الْوَارِثَتَيْنِ، وَيَكُونُ ثَمَّ صِفَةٌ مَحْذُوفَةٌ، وَاثْنَتَيْنِ بِصِفَتِهِ هُوَ الْخَبَرُ، وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ كَانَتِ الْوَارِثَتَانِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْأَخَوَاتِ فَلَهُمَا الثُّلْثَانِ مِمَّا تَرَكَ، فَيُفِيدُ إِذْ ذَاكَ الْخَبَرُ مَا لَا يُفِيدُ الِاسْمُ، وَحَذْفُ الصِّفَةِ لِفَهْمِ الْمَعْنَى جَائِزٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْأُخْتَيْنِ كَمَا ذَكَرُوا، وَيَكُونَ خَبَرُ كَانَ مَحْذُوفًا لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حَذْفُهُ قَلِيلًا، وَيَكُونَ اثْنَتَيْنِ حَالًا مُؤَكِّدَةً وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ كَانَتْ أُخْتَانِ لَهُ أَيْ لِلْمَرْءِ الْهَالِكِ.
وَيَدُلُّ عَلَى حَذْفِ الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ لَهُ وَلَهُ أُخْتٌ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ أُخْتَانِ لَهُ، وَنَظِيرُهُ أَنْ تَقُولَ: إِنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَخٌ فَحُكْمُهُ كَذَا، وَإِنْ كَانَ أَخَوَانِ فَحُكْمُهُمَا كَذَا. تُرِيدُ وَإِنْ كَانَ أَخَوَانِ لَهُ.
وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُمْ يَحُوزُونَ الْمَالَ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي إِرْثِ الْأَوْلَادِ مِنْ أَنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَالضَّمِيرُ فِي كَانُوا إِنْ عَادَ عَلَى الْإِخْوَةِ فَقَدْ أَفَادَ الْخَبَرُ بِالتَّفْصِيلِ الْمُحْتَوِي عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، مَا لَمْ يُفِدْهُ الِاسْمُ، لِأَنَّ الِاسْمَ ظَاهِرٌ فِي الذُّكُورِ. وَإِنْ عَادَ عَلَى الْوَارِثِ فَظَهَرَتْ إفادة الْخَبَرُ مَا لَا يُفِيدُ الْمُبْتَدَأُ ظُهُورًا وَاضِحًا. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: إِخْوَةً الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ، وَغَلَبَ حُكْمُ الْمُذَكَّرِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ:
فَإِنَّ للذكر مثل حظ الأنثيين.
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا أَنْ تَضِلُّوا مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، وَمَفْعُولُ يُبَيِّنُ مَحْذُوفٌ أَيْ:
يُبَيِّنُ لَكُمُ الْحَقَّ. فَقَدَّرَهُ الْبَصْرِيُّ وَالْمُبَرِّدُ وَغَيْرُهُ: كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلُّوا. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّ، وَالْفَرَّاءُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَتَبِعَهُمُ الزَّجَّاجُ: لِأَنْ لَا تَضِلُّوا، وَحَذَفَ لَا وَمِثْلُهُ عِنْدَهُمْ قَوْلُ الْقَطَامِيِّ:
رَأَيْنَا مَا رَأَى الْبُصَرَاءُ مِنَّا
…
فَآلَيْنَا عَلَيْهَا أَنْ تُبَاعَا
أَيْ أَنْ لَا تُبَاعَا، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثْتُ الْكِسَائِيَّ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ فِيهِ:
«لَا يَدْعُوَنَّ أَحَدُكُمْ عَلَى وَلَدِهِ أَنْ يُوَافِقَ مِنَ اللَّهِ إِجَابَةً» فَاسْتَحْسَنَهُ أَيْ لِئَلَّا يُوَافِقَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السموات وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا» أَيْ لِأَنْ لَا تَزُولَا وَرَجَّحَ أَبُو عَلِيٍّ قَوْلَ الْمُبَرِّدِ بِأَنْ قَالَ حَذْفُ الْمُضَافِ أَسْوَغُ وَأَشْبَعُ مِنْ حَذْفِ لَا. وَقِيلَ أَنْ تَضِلُّوا مَفْعُولٌ بِهِ أَيْ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الضَّلَالَةَ أَنْ تَضِلُّوا فِيهَا. وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يَعْلَمُ مَصَالِحَ الْعِبَادِ فِي الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، وَفِيمَا كَلَّفَهُمْ بِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرازي: في هذه السُّورَةِ لَطِيفَةٌ عَجِيبَةٌ وَهِيَ أَنَّ أَوَّلَهَا مُشْتَمِلٌ عَلَى كَمَالِ تَنَزُّهِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَعَةِ قُدْرَتِهِ، وَآخِرُهَا مُشْتَمِلٌ عَلَى بَيَانِ كَمَالِ الْعِلْمِ، وَهَذَانِ الْوَصْفَانِ بِهِمَا تَثْبُتُ الرُّبُوبِيَّةُ وَالْإِلَهِيَّةُ وَالْجَلَالُ وَالْعِزَّةُ، وَبِهِمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُنْقَادًا لِلتَّكَالِيفِ.
وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ أَنْوَاعًا مِنَ الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ وَالْبَدِيعِ. فَمِنْ ذَلِكَ الطِّبَاقُ فِي:
حَرَّمْنَا وَأُحِلَّتْ، وَفِي: فَآمِنُوا وَإِنْ تَكْفُرُوا. وَالتَّكْرَارُ فِي: وَمَا قَتَلُوهُ، وَفِي: وَأَوْحَيْنَا، وَفِي:
ورسلا، وفي: يشهد ويشهدون، وَفِي: كَفَرُوا، وَفِي: مَرْيَمَ، وَفِي: اسْمِ اللَّهِ. وَالِالْتِفَاتُ فِي: فَسَوْفَ نُؤْتِيهِمْ، وَفِي: فَسَنَحْشُرُهُمْ وَمَا بَعْدَ مَا فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِالنُّونِ. وَالتَّشْبِيهُ فِي:
كَمَا أَوْحَيْنَا. وَالِاسْتِعَارَةُ فِي: الرَّاسِخُونَ وَهِيَ فِي الْأَجْرَامِ اسْتُعِيرَتْ لِلثُّبُوتِ فِي الْعِلْمِ وَالتَّمَكُّنِ فِيهِ، وَفِي: سَبِيلِ اللَّهِ، وَفِي: يَشْهَدُ، وَفِي: طَرِيقًا، وَفِي: لَا تَغْلُوا وَالْغُلُوُّ حَقِيقَةً فِي ارْتِفَاعِ السِّعْرِ، وَفِي: وَكِيلًا اسْتُعِيرَ لِإِحَاطَةِ عِلْمِ اللَّهِ بِهِمْ، وَفِي: فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ اسْتُعِيرَ لِلْمُجَازَاةِ. وَالتَّجْنِيسُ الْمُمَاثِلُ فِي: يَسْتَفْتُونَكَ ويفتيكم. وَالتَّفْصِيلُ فِي: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا. وَالْحَذْفُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ.