الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السُّلْطَانِ وَالْخَلِيفَةِ، وَأَخَذَ الْمَلِكُ يَسْتَبْشِرُ بِذَلِكَ جِدًّا، وَيَعْتَذِرُ إِلَى الْخَلِيفَةِ مِمَّا وَقَعَ، ثُمَّ خَرَجَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الْآتِيَةِ إِلَى هَمَذَانَ لِمَرَضٍ حَصَلَ لَهُ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ أَوَّلُ مَجْلِسٍ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَعِظُ النَّاسَ، وَعُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَحَضَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ يَعْلَى الْعَلَوِيُّ الْبَلْخِيُّ، وَكَانَ سُنِّيًّا عَلَّمَهُ كَلِمَاتٍ، ثُمَّ أَصْعَدُهُ الْمِنْبَرَ فَقَالَهَا، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَحُزِرَ الْجَمْعُ يَوْمَئِذٍ بِخَمْسِينَ أَلْفًا.
وَفِيهَا اقْتَتَلَ طُغْتِكِينُ صَاحِبُ دِمَشْقَ وَأَعْدَاؤُهُ مِنَ الْفِرِنْجِ فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَغَنِمَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الْفَتْحِ الطُّوسِيُّ الْغَزَّالِيُّ أَخُو أَبِي حَامِدٍ الْغَزَّالِيِّ، كَانَ وَاعِظًا مُفَوَّهًا ذَا حَظٍّ مِنَ الْكَلَامِ وَالزُّهْدِ وَحُسْنِ التَّأَتِّي، وَلَهُ نُكَتٌ جَيِّدَةٌ، وَوَعَظَ مَرَّةً فِي دَارِ الْمَلِكِ مَحْمُودٍ، فَأَطْلَقَ لَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، وَخَرَجَ فَإِذَا عَلَى الْبَابِ فَرَسُ الْوَزِيرِ بِسَرْجِهَا الذَّهَبِ وَسَلَاسِلِهَا وَمَا عَلَيْهَا مِنَ الْحُلِيِّ فَرَكِبَهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَزِيرُ فَقَالَ: دَعُوهُ وَلَا يُرَدُّ عَلَيَّ الْفَرَسُ، وَسَمِعَ مَرَّةً نَاعُورَةً تَئِنُّ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا رِدَاءَهُ فَتَمَزَّقَ قِطَعًا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ كَانَتْ لَهُ نُكَتٌ ; إِلَّا أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى كَلَامِهِ التَّخْلِيطُ، وَرِوَايَةُ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ
الْمَصْنُوعَةِ وَالْحِكَايَاتِ الْفَارِغَةِ وَالْمَعَانِي الْفَاسِدَةِ، ثُمَّ أَوْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَشْيَاءَ مُنْكَرَةً مِنْ كَلَامِهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ ; مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ كُلَّمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَقَظَةِ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَدَلَّهُ عَلَى الصَّوَابِ، قَالَ: وَكَانَ يَتَعَصَّبُ لِإِبْلِيسَ وَيَعْذُرُ لَهُ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِكَلَامٍ طَوِيلٍ كَثِيرٍ، قَالَ: وَنُسِبَ إِلَى مَحَبَّةِ الْمُرْدَانِ، وَالْقَوْلِ بِالْمُشَاهَدَةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ كَانَ وَاعِظًا مَلِيحَ الْوَعْظِ، حَسَنَ الْمَنْظَرِ، صَاحِبَ كَرَامَاتٍ وَإِشَارَاتٍ، وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ غَيْرَ أَنَّهُ مَالَ إِلَى الْوَعْظِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ، وَدَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ نِيَابَةً عَنْ أَخِيهِ لَمَّا تَزَهَّدَ وَتَرَكَهَا، وَاخْتَصَرَ إِحْيَاءَ عُلُومِ الدِّينِ فِي مُجَلَّدٍ سَمَّاهُ:" لُبَابَ الْإِحْيَاءِ " وَلَهُ " الذَّخِيرَةُ فِي عِلْمِ الْبَصِيرَةِ " وَطَافَ الْبِلَادَ وَخَدَمَ الصُّوفِيَّةِ بِنَفْسِهِ، وَكَانَ مَائِلًا إِلَى الِانْقِطَاعِ وَالْعُزْلَةِ.
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَكِيلُ
الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بَرْهَانَ أَبُو الْفَتْحِ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ تَفَقَّهَ عَلَى الْغَزَّالِيِّ وَإِلْكِيَا، وَأَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيِّ، وَكَانَ بَارِعًا فِي الْأُصُولِ، لَهُ كِتَابُ " الْوَجِيزِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ " وَكَانَتْ لَهُ فُنُونٌ جَيِّدَةٌ يُتْقِنُهَا جَيِّدًا، وَوَلِيَ تَدْرِيسَ النِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ دُونَ شَهْرٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ؛ رحمه الله.
بَهْرَامُ بْنُ بَهْرَامَ
أَبُو شُجَاعٍ الْبَيِّعُ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَبَنَى مَدْرَسَةً لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ بِكَلْوَاذَى، وَوَقَفَ قِطْعَةً مِنْ أَمْلَاكِهِ عَلَى الْفُقَهَاءِ.
صَاعِدُ بْنُ سَيَّارِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
أَبُو الْعَلَاءِ الْإِسْحَاقِيُّ الْهَرَوِيُّ الْحَافِظُ، أَحَدُ الْمُتْقِنِينَ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَتُوُفِّيَ بِغَوْرَجَ؛ قَرْيَةٍ عَلَى بَابِ هَرَاةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.