الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِيهَا مَلَكَ غِيَاثُ الدِّينِ كَيْخَسْرُو بْنُ قِلْجَ أَرْسَلَانَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ قِلْجَ أَرْسَلَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ قُتُلْمِشَ بِلَادَ الرُّومِ وَاسْتَلَبَهَا مِنَ ابْنِ أَخِيهِ، وَاسْتَقَرَّ هُوَ بِهَا، وَعَظُمَ شَأْنُهُ وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، وَكَثُرَتْ عَسَاكِرُهُ وَأَطَاعَهُ الْأُمَرَاءُ وَأَصْحَابُ الْأَطْرَافِ، وَخَطَبَ لَهُ الْأَفْضَلُ بْنُ صَلَاحِ الدِّينِ بِسُمَيْسَاطَ، وَسَارَ إِلَى خِدْمَتِهِ.
وَاتَّفَقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَنَّ رَجُلًا بِبَغْدَادَ نَزَلَ إِلَى دِجْلَةَ يَسْبَحُ فِيهَا، وَأَعْطَى ثِيَابَهُ لِغُلَامِهِ فَغَرِقَ فِي الْمَاءِ، فَوُجِدَ فِي وَرَقَةٍ بِعِمَامَتِهِ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كَانَ لِي أَمَلُ
…
قَصَّرَ بِي عَنْ بُلُوغِهِ الْأَجَلُ
فَلَيْتِّقِ اللَّهَ رَبَّهُ رَجُلٌ
…
أَمْكَنَهُ فِي زَمَانِهِ الْعَمَلُ
مَا أَنَا وَحْدِي نُقِلْتُ حَيْثُ تَرَى
…
كُلٌّ إِلَى مِثْلِهِ سَيَنْتَقِلُ
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ:
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَنْتَرَ بْنِ ثَابِتٍ الْحِلِّيُّ
الْمَعْرُوفُ بِشُمَيْمٍ، كَانَ شَيْخًا أَدِيبًا فَاضِلًا لُغَوِيًّا شَاعِرًا، جَمَعَ مِنْ شِعْرِهِ حَمَاسَةً كَانَ يُفَضِّلُهَا عَلَى حَمَاسَةِ أَبِي تَمَّامٍ، وَلَهُ خَمْرِيَّاتٌ يَزْعُمُ أَنَّهَا أَفَحَلُ مِنَ الَّتِي لِأَبِي نُوَاسٍ. قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي " الذَّيْلِ ": كَانَ قَلِيلَ الدِّينِ ذَا حَمَاقَةٍ وَرَقَاعَةٍ وَخَلَاعَةٍ، وَلَهُ حَمَاسَةٌ وَرَسَائِلُ. قَالَ ابْنُ السَّاعِي: قَدِمَ بَغْدَادَ فَأَخَذَ النَّحْوَ عَنِ ابْنِ الْخَشَّابِ، وَحَصَّلَ
طَرَفًا صَالِحًا مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَأَشْعَارِ الْعَرَبِ، ثُمَّ أَقَامَ بِالْمَوْصِلِ حَتَّى تُوفِّيَ بِهَا. وَمِنْ شِعْرِهِ فِي حَمَاسَتِهِ:
لَا تَسْرَحَنَّ الطَّرْفَ فِي بَقَرِ الْمَهَا
…
فَمَصَارِعُ الْآجَالِ فِي الْآجَالِ
كَمْ نَظْرَةٍ أَرْدَتْ وَمَا أَخَذَتْ يَ
…
دُ الْمُصْمِي لِمَنْ قَتَلَتْ أَدَاةَ قِتَالِ
سَنَحَتْ وَمَا سَمَحَتْ بِتَسْلِيمٍ وَ
…
إِقْلَالُ التَّحِيَّةِ فِعْلَةُ الْمُغْتَالِ
وَمِنْ خَمْرِيَّاتِهِ قَوْلُهُ:
امْزُجْ بِمَسْبُوكِ اللُّجَيْنِ دَمًا
…
حَكَتْهُ دُمُوعُ عَيْنِي
لَمَّا نَعَى نَاعِي الْفِرَا
…
قِ بِبَيْنِ مَنْ أَهْوَى وَبَيْنِي
خَفَقَتْ لَنَا شَمْسَانِ مِنْ لَأْلَائِهَا
…
فِي الْخَافِقَيْنِ
وَبَدَتْ لَنَا فِي كَأْسِهَا
…
مِنْ لَوْنِهَا فِي حُلَّتَيْنِ
وَلَهُ فِي التَّجْنِيسِ:
لَيْتَ مَنْ طَوَّلَ بِالشَّأْ
…
مِ نَوَاهُ وَثَوَى بِهْ
جَعَلَ الْعَوْدَ إِلَى الزَّوْ
رَاءِ مِنْ بَعْضِ ثَوَابِهْ
…
أَتُرَى يُوطِئُنِي الدَّهْ
رُ ثَرَى مِسْكِ تُرَابِهْ
…
وَأَرَى أَيْ نُورَ عَيْنِي
مَوْطِئًا لِي وَتُرَى بِهْ
أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ اللَّهِ
بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعِيدٍ الدَّجَاجِيُّ، كَانَ وَاعِظًا حَنْبَلِيًّا فَاضِلًا شَاعِرًا مُجِيدًا، وَلَهُ:
نَفْسُ الْفَتَى إِنْ أَصْلَحْتَ أَحْوَالَهَا
…
كَانَ إِلَى نَيْلِ الْمُنَى أَحْوَى لَهَا
وَإِنْ تَرَاهَا سَدَّدَتْ أَقْوَالَهَا
…
كَانَ عَلَى حَمْلِ الْعُلَا أَقْوَى لَهَا
فَإِنْ تَبَدَّتْ حَالُ مَنْ لَهَا لَهَا
…
فِي قَبْرِهِ عِنْدَ الْبِلَى لَهَا لَهَا
أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ مُحَمَّدِ الْقُرْطُبِيُّ الْخَزْرَجِيُّ كَانَ إِمَامًا فِي التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالْحِسَابِ وَالْفَرَائِضِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالْعَرُوضِ وَالطِّبِّ، وَلَهُ تَصَانِيفُ حِسَانٌ وَشِعْرٌ رَائِقٌ، مِنْهُ قَوْلُهُ:
وَفِي الْوَجَنَاتِ مَا فِي الرَّوْضِ لَكِنْ
…
لِرَوْنَقِ زَهْرِهَا مَعْنًى عَجِيبُ
وَأَعْجَبُ مَا التَّعَجُّبُ عَنْهُ أَنِّي
…
أَرَى الْبُسْتَانَ يَحْمِلُهُ قَضِيبُ
أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَرَنْقُشَ السِّنْجَارِيُّ
مَوْلَى صَاحِبِهَا عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِيِّ بْنِ مَوْدُودِ بْنِ زَنْكِيٍّ، وَكَانَ جُنْدِيًّا حَسَنَ الصُّورَةِ، مَلِيحَ النَّظْمِ، كَثِيرَ
الْأَدَبِ، وَمِنْ شِعْرِهِ مَا كُتِبَ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ مُوسَى بْنِ الْعَادِلِ يُعَزِّيهِ فِي أَخٍ لَهُ اسْمُهُ يُوسُفُ:
دُمُوعُ الْمَعَالِي وَالْمَكَارِمِ ذُرَّفُ
…
وَرُبْعُ الْعُلَا قَاعٌ لِفَقْدِكَ صَفْصَفُ
غَدَا الْجُودُ وَالْمَعْرُوفُ فِي اللَّحْدِ ثَاوِيًا
…
غَدَاةَ ثَوَى فِي ذَلِكَ اللَّحْدِ يُوسُفُ
فَتًى خَطَفَتْ كَفُّ الْمَنِيَّةِ رُوحَهُ
…
وَقَدْ كَانَ لِلْأَرْوَاحِ بِالْبِيضِ يُخْطَفُ
سَقَتْهُ لَيَالِي الدَّهْرِ كَأْسَ حِمَامِهَا
…
وَكَانَ بِسَقْيِ الْمَوْتِ فِي الْحَرْبِ يُعْرَفُ
فَوَا حَسْرَتَا لَوْ يَنْفَعُ الْمَوْتَ حَسْرَةٌ
…
وَوَا أَسَفَا لَوْ كَانَ يُجْدِي التَّأَسُّفُ
وَكَانَ عَلَى الْأَرْزَاءِ نَفْسِي قَوِيَّةً
…
وَلَكِنَّهَا عَنْ حَمْلِ ذَا الرُّزْءِ تَضْعُفُ
أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ جَامِعِ بْنِ عَلِيٍّ الْإِرْبِلِيُّ
تَفَقَّهَ بِالنِّظَامِيَّةِ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَصَنَّفَ " التَّارِيخَ " وَغَيْرَهُ، وَتَفَرَّدَ بِحُسْنِ كِتَابَةِ الشُّرُوطِ، وَلَهُ فَضْلٌ وَنَظْمٌ حَسَنٌ، مِنْهُ قَوْلُهُ:
أَمُمْرِضَ قَلْبِي، مَا لِهَجْرِكَ آخِرُ
…
وَمُسْهِرَ طَرْفِي، هَلْ خَيَالُكُ زَائِرُ
وَمُسْتَعْذِبَ التَّعْذِيبِ جَوْرًا بِصَدِّهِ
…
أَمَا لَكَ فِي شَرْعِ الْمَحْبَةِ زَاجِرُ
هَنِيئًا لَكَ الْقَلْبُ الَّذِي قَدْ وَقَفْتُهُ
…
عَلَى ذِكْرِ أَيْامِي وَأَنْتَ مُسَافِرُ
فَلَا فَارَقَ الْحُزْنُ الْمُبَرِّحُ خَاطِرِي
…
لِبُعْدِكَ حَتَّى يَجْمَعَ الشَّمْلَ قَادِرُ
فَإِنْ مِتُّ فَالتَّسْلِيمُ مِنِّي عَلَيْكُمْ
…
يُعَاوِدُكُمْ مَا كَبَّرَ اللَّهَ ذَاكِرُ
أَبُو السَّعَادَاتِ الْحِلِّيُّ
التَّاجِرُ الْبَغْدَادِيُّ الرَّافِضِيُّ كَانَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ
يَلْبَسُ لِأْمَةَ الْحَرْبِ، وَيَقِفُ خَلْفَ بَابِ دَارِهِ، وَهُوَ مُجَافٍ عَلَيْهِ، وَالنَّاسِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَنْ يُخْرِجَ صَاحِبُ الزَّمَانِ مِنْ سِرْدَابِ سَامَرَّا - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيَّ - لِيَمِيلَ بِسَيْفِهِ فِي النَّاسِ نُصْرَةً لِلْمَهْدِيِّ.
أَبُو غَالِبِ بْنُ كَمُونَةَ الْيَهُودِيُّ الْكَاتِبُ
كَانَ يَزُورُ عَلَى خَطِّ ابْنِ مُقْلَةَ مِنْ قُوَّةِ خَطِّهِ، تُوفِّيَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - بِمَطْمُورَةِ وَاسِطٍ ; ذَكَرَهُ ابْنُ السَّاعِي فِي " تَارِيخِهِ ".
وَفِيهَا تُوُفِّيَ يَهُودِيٌّ آخَرُ يُقَالُ لَهُ:
أَبُو غَالِبِ بْنُ أَبِي طَاهِرِ بْنِ شِبْرٍ
كَانَ عَامِلًا عَلَى دَارِ الضَّرْبِ بِبَغْدَادَ، ذَكَرَهُ ابْنُ السَّاعِي الْخَازِنُ فِي " تَارِيخِهِ ".