الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِيهَا صُرِفَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عَنِ الْمُبَاشَرَاتِ، ثُمَّ أُعِيدُوا قَبْلَ شَهْرٍ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا نَظَرٌ الْخَادِمُ أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَنْ تُوَفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
زَاهِرُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الشَّحَّامِيُّ، الْمُحَدِّثُ الْمُكْثِرُ الرَّحَّالُ الْجَوَّالُ، سَمِعَ الْكَثِيرَ وَأَمْلَى بِجَامِعِ نَيْسَابُورَ أَلْفَ مَجْلِسٍ، وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ بِهِ مَرَضٌ يُكْثِرُ بِسَبَبِهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ، فَتَكَلَّمَ فِيهِ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ وَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ يُخِلُّ بِالصَّلَوَاتِ وَقَدْ رَدَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى السَّمْعَانِيِّ بِعُذْرِ الْمَرَضِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
بَلَغَ خَمْسًا وَثَمَانِينَ سَنَةً وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِنَيْسَابُورَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ يَحْيِي بْنِ يَحْيِي.
عَلِيُّ بْنُ أَفْلَحَ
أَبُو الْقَاسِمِ الْكَاتِبُ، وَقَدْ خَلَعَ عَلَيْهِ الْمُسْتَرْشِدُ وَلَقَبَّهُ جَمَالَ الْمُلْكِ وَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دُورٍ، وَكَانَتْ لَهُ دَارٌ إِلَى جَانِبِهِنَّ فَهَدَمَهُنَّ كُلَّهُنَّ، وَاتَّخَذَ مَكَانَهُنَّ دَارًا هَائِلَةً ; طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي عَرْضِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَأَطْلَقَ لَهُ
الْخَلِيفَةُ أَخْشَابًا وَآجُرًّا وَذَهَبًا فَبَنَاهَا، وَغَرِمَ عَلَيْهَا ابْنُ أَفْلَحَ مَالًا جَزِيلًا، وَكَتَبَ عَلَى أَبْوَابِهَا وَطِرَازَاتِهَا، أَشْعَارًا حَسَنَةً مِنْ نَظْمِهِ وَنَظْمِ غَيْرِهِ ; فَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ عَلَى بَابِ الدَّارِ:
إِنْ عَجِبَ الرَّاءُونَ مِنْ ظَاهِرِي
…
فَبَاطِنِي لَوْ عَلِمُوا أَعْجَبُ
شَيَّدَنِي مَنْ كَفُّهُ مُزْنَةٌ
…
يَحْمِلُ مِنْهَا الْعَارِضُ الصَّيِّبُ
وَدَبَّجَتْ رَوْضَةُ أَخْلَاقِهِ
…
فِيَّ رِيَاضًا نُورُهَا مُذْهَبُ
صَدْرٌ كَسَا صَدْرِيَ مِنْ نُورِهِ
…
شَمْسًا عَلَى الْأَيَّامِ لَا تَغْرُبُ
وَعَلَى الطُّرُزِ مَكْتُوبٌ:
وَمِنَ الْمُرُوءَةِ لِلْفَتَى
…
مَا عَاشَ دَارٌ فَاخِرَهْ
فَاقْنَعْ مِنَ الدُّنْيَا بِهَا
…
وَاعْمَلْ لِدَارِ الْآخِرَهْ
هَاتِيكَ وَافِيَةٌ بِمَا
…
وَعَدَتْ وَهَذِي سَاحِرَهْ
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَكْتُوبٌ:
وَنَادٍ كَأَنَّ جِنَانَ الْخُلُودِ
…
أَعَارَتْهُ مِنْ حُسْنِهَا رَوْنَقَا
وَأَعْطَتْهُ مِنْ حَادِثَاتِ الزَّمَا
…
نِ أَنْ لَا تُلِمَّ بِهِ مَوْثِقَا
فَأَضْحَى يَتِيهُ عَلَى كُلِّ مَا
…
بُنِيَ مَغْرِبًا كَانَ أَوْ مَشْرِقَا
تَظَلُّ الْوُفُودُ بِهِ عُكَّفًا
…
وَتُمْسِي الضُّيُوفُ بِهِ طُرَّقَا
بَقِيتَ لَهُ يَا جَمَالَ الْمُلُو
…
كِ وَالْفَضْلِ مَهْمَا أَرَدْتَ الْبَقَا
وَسَالَمَهُ فِيكَ رَيْبُ الزَّمَانِ
…
وَوُقِّيتَ مِنْهُ الَّذِي يُتَّقَى
فَمَا صَدَقَتْ هَذِهِ الْأَمَانِي بَلْ عَمَّا قَرِيبٍ - بَعْدَ نَيْلِهَا - اتَّهَمَ الْخَلِيفَةُ ابْنَ أَفْلَحَ بِأَنَّهُ يُكَاتِبُ دُبَيْسًا، فَأَمَرَ بِتَخْرِيبِ هَذِهِ الدَّارِ فَلَمْ يَبْقَ فِيهَا جِدَارٌ، بَلْ صَارَتْ خَرَابَةً بَعْدَ مَا كَانَ قَدْ حَسُنَ مِنْهَا الْمُقَامُ وَالْقَرَارُ، وَهَذِهِ حِكْمَةُ اللَّهِ مَنْ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَتَجْرِي بِمَشِيئَتِهِ الْأَقْدَارُ.
وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَشْيَاءَ حَسَنَةً مِنْ نَظْمِهِ وَنَثْرِهِ فَمِنْ ذَلِكَ:
دَعِ الْهَوَى لِأُنَاسٍ يُعْرَفُونَ بِهِ
…
قَدْ مَارَسُوا الْحُبَّ حَتَّى لَانَ أَصْعَبُهُ
بَلَوْتَ نَفْسَكَ فِيمَا لَسْتَ تَخْبُرُهُ
…
وَالشَّيْءُ صَعْبٌ عَلَى مَنْ لَا يُجَرِّبُهُ
اقْنِ اصْطِبَارًا وَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ جَلَدًا
…
فَرُبَّ مُدْرِكِ أَمْرٍ عَزَّ مَطْلَبُهُ
أَحْنِي الضُّلُوْعَ عَلَى قَلْبٍ يُحَيِّرُنِي
…
فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيُعْيِينِي تَقَلُّبُهُ
تَنَاوُحُ الرِّيحِ مِنْ نَجْدٍ يُهَيِّجُهُ
…
وَلَامِعُ الْبَرْقِ مِنْ نُعْمَانَ يُطْرِبُهُ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
هَذِهِ الْخَيْفُ وَهَاتِيكَ مِنَى
…
فَتَرَفَّقْ أَيُّهَا الْحَادِي بِنَا
وَاحْبِسِ الرَّكْبَ عَلَيْنَا سَاعَةً
…
نَنْدُبِ الرَّبْعَ وَنَبْكِ الدِّمَنَا
فَلِذَا الْمَوْقِفِ أَعْدَدْنَا الْبُكَا
…
وَلِذَا الدِّمْنِ دُمُوعِي تُقْتَنَى
زَمَنًا كَانُوا وَكُنَّا جِيْرَةً
…
يَا أَعَادَ اللَّهُ ذَاكَ الزَّمَنَا
بَيْنُنَا يَوْمَ أُثَيْلَاتِ النَّقَا
…
كَانَ عَنْ غَيْرِ تَرَاضٍ بَيْنَنَا