الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ فَأَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَكَسَرَهُمْ وَقَتَلَ خَلْقًا مِنْهُمْ وَأَسَرَ خَلْقًا وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ أَسَرَهُ مَلِكُهُمُ الْأَعْظَمُ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِيلًا مِنْ جُمْلَتِهَا الَّذِي كَانَ جَرَحَهُ فَأُحْضِرُ الْمَلِكُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَهَانَهُ وَلَمْ يُكْرِمْهُ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى حِصْنِهِ وَأَخْبَرَ بِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ كُلِّ جَلِيلٍ وَحَقِيرٍ ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَادَ إِلَى غَزْنَةَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا مَسْرُورًا مَحْبُورًا
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اتُّهِمَ أَمِيرُ الْحَجِّ بِبَغْدَادَ - وَهُوَ طَاشْتِكِينُ وَقَدْ كَانَ عَلَى إِمْرَةِ الْحَجِيجِ مِنْ مُدَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً وَكَانَ فِي غَايَةِ حُسْنِ السِّيرَةِ - بِأَنَّهُ يُكَاتِبُ صَلَاحَ الدِّينِ بْنَ أَيُّوبَ بِالْقُدُومِ إِلَى الْعِرَاقِ لِيَأْخُذَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ يَرُدُّهُ أَحَدٌ وَقَدْ كَانَ مَكْذُوبًا عَلَيْهِ وَمَعَ هَذَا حُبِسَ وَأُهِينَ وَصُودِرَ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
فَصْلٌ
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى
الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْفَرَّاشِ كَانَ قَاضِيَ الْعَسَاكِرِ بِدِمَشْقَ، وَيُرْسِلُهُ السُّلْطَانُ فِي الرِّسَالَاتِ إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَتُوُفِّيَ بِمَلَطْيَةَ عَائِدًا مِنْ بَنِي قِلْجَ
سَيْفُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَشْطُوبُ
كَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَسَدِ الدِّينِ
شِيرَكُوهْ حَضَرَ مَعَهُ الْوَقَعَاتِ الثَّلَاثَ بِمِصْرَ ثُمَّ صَارَ مِنْ كُبَرَاءِ أُمَرَاءِ صَلَاحِ الدِّينِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ نَائِبًا عَلَى عَكَّا حِينَ أَخَذَهَا الْفِرِنْجُ فَأَسَرُوهُ فِي جُمْلَةِ مَنْ أَسَرُوا فَافْتَدَى نَفْسَهُ بِخَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَتَخَلَّصَ إِلَى أَنْ خَلَصَ إِلَى السُّلْطَانِ وَهُوَ بِالْقُدْسِ فَأَعْطَاهُ أَكْثَرَهَا وَوَلَّاهُ نِيَابَةَ نَابُلُسَ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْأَحَدِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ وَدُفِنَ فِي دَارِهِ
صَاحِبُ بِلَادِ الرُّومِ عِزُّ الدِّينِ قِلْجُ أَرْسَلَانَ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ قِلْجِ أَرَسْلَانَ
وَكَانَ قَدْ قَسَّمَ جَمِيعَ بِلَادِهِ بَيْنَ أَوْلَادِهِ طَمَعًا فِي طَاعَتِهِمْ لَهُ، فَخَالَفُوهُ وَتَجَبَّرُوا وَعَتَوْا عَلَيْهِ وَخَفَّضُوا قَدْرَهُ وَارْتَفَعُوا، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى تُوَفِّيَ فِي عَامِهِ هَذَا.
وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ تُوُفِّيَ الْأَدِيبُ الشَّاعِرُ أَبُو الْمُرْهَفِ نَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ النُّمَيْرِيُّ
سَمِعَ الْحَدِيثَ وَاشْتَغَلَ بِالْأَدَبِ وَكَانَ قَدْ أَصَابَهُ جُدَرِيٌّ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَنَقَصَ بَصَرُهُ جِدًّا، وَكَانَ لَا يُبْصِرُ الْأَشْيَاءَ الْبَعِيدَةَ، وَيَرَى الْقَرِيبَ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إِلَى قَائِدٍ فَارْتَحَلَ إِلَى الْعِرَاقِ لِمُدَاوَاةِ عَيْنَيْهِ فَآيِسَتْهُ الْأَطِبَّاءُ مِنْ ذَلِكَ، فَاشْتَغَلَ بِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَمُصَاحَبَةِ الصَّالِحِينَ وَالزُّهَّادِ، فَأَفْلَحَ وَلَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ كَبِيرٌ حَسَنٌ وَقَدْ سُئِلَ مَرَّةً عَنْ مَذْهَبِهِ وَاعْتِقَادِهِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أُحِبُّ عَلِيًّا وَالْبَتُولَ وَوُلْدَهَا
…
وَلَا أَجْحَدُ الشَّيْخَيْنِ فَضْلَ التَّقَدُّمِ
وَأَبْرَأُ مِمَّنْ نَالَ عُثْمَانَ بِالْأَذَى
…
كَمَا أَتَبَرَّا مِنْ وَلَاءِ ابْنِ مُلْجِمِ
وَيُعْجِبُنِي أَهْلُ الْحَدِيثِ لِصِدْقِهِمْ
…
فَلَسْتُ إِلَى قَوْمٍ سِوَاهُمْ بِمُنْتَمِي
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبَغْدَادَ وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ بِبَابِ حَرْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.