المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قصة قارون مع موسى عليه السلام] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أُمَمٍ أُهْلِكُوا بِعَامَّةٍ]

- ‌[أَصْحَابُ الرَّسِّ]

- ‌[قِصَّةُ قَوْمِ يس]

- ‌[قِصَّةُ يُونُسَ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[قَوْمُ يُونُسَ وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ]

- ‌[فَضْلُ يُونُسَ عليه السلام]

- ‌[قِصَّةُ مُوسَى الْكَلِيمِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[قِصَّتُهُ مَعَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ]

- ‌[تَحْرِيضُ فِرْعَوْنَ عَلَى قَتْلِ مُوسَى وَإِسْلَامُ السَّحَرَةِ]

- ‌[هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِّيهَ وَمَا جَرَى لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ]

- ‌[سُؤَالُ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[قِصَّةُ عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ فِي غَيْبَةِ كَلِيمِ اللَّهِ مُوسَى عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ حَدِيثٍ آخَرَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ]

- ‌[قِصَّةُ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ]

- ‌[قِصَّةُ مُوسَى وَالْخَضِرِ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ]

- ‌[ذِكْرُ الْحَدِيثِ الْمُلَقَّبِ بِحَدِيثِ الْفُتُونِ الْمُتَضَمِّنِ قِصَّةَ مُوسَى مَبْسُوطَةً مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا]

- ‌[ذِكْرُ بِنَاءِ قُبَّةِ الزَّمَانِ]

- ‌[قِصَّةُ قَارُونَ مَعَ مُوسَى عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ فَضَائِلِ مُوسَى عليه السلام وَشَمَائِلِهِ وَصِفَاتِهِ وَوَفَاتِهِ]

- ‌[ذِكْرُ حَجِّ مُوسَى عليه السلام إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَصِفَتِهِ]

- ‌[ذِكْرُ وَفَاتِهِ عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ نُبُوَّةِ يُوشَعَ وَقِيَامِهِ بِأَعْبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى وَهَارُونَ عليهم السلام]

- ‌[ذِكْرُ قِصَّتَيِ الْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ عليهما السلام]

- ‌[قِصَّةُ الْخَضِرِ]

- ‌[قِصَّةُ إِلْيَاسَ عليه السلام]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى عليه السلام]

- ‌[قِصَّةُ حِزْقِيلَ]

- ‌[قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ]

- ‌[قِصَّةُ شَمْوِيلَ]

- ‌[قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام]

- ‌[فَضَائِلُهُ وَشَمَائِلُهُ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ]

- ‌[ذِكْرُ كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عليه السلام]

- ‌[قِصَّةُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليهما السلام]

- ‌[نَسَبُهُ وَمَا آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ]

- ‌[ذِكْرُ وَفَاتِهِ وَمُدَّةِ مُلْكِهِ وَحَيَاتِهِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ]

- ‌[شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا]

- ‌[أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا]

- ‌[ذِكْرُ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ خَرَابِهَا]

- ‌[قِصَّةُ الْعُزَيْرِ]

- ‌[هَلْ كَانَ عُزَيْرٌ نَبِيًّا أَمْ لَا]

- ‌[الزَّمَنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِ الْعُزَيْرُ]

- ‌[قِصَّةُ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى عليهما السلام]

- ‌[قِصَّتُهُمَا كَمَا حَكَاهَا الْقُرْآنُ]

- ‌[بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام]

- ‌[قِصَّةُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ]

- ‌[قِصَّةُ مَرْيَمَ وَالْبِشَارَةِ بِعِيسَى]

- ‌[ذِكْرُ مِيلَادِ الْعَبْدِ الرَّسُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولِ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الْوَلَدِ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْشَأِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهما السلام وَبَيَانُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَا]

- ‌[بَيَانُ شَجَرَةِ طُوبَى مَا هِيَ]

- ‌[ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ]

- ‌[فَصَلٌ فِي مَشْيِ عِيسَى عَلَى الْمَاءِ]

- ‌[ذِكْرُ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام]

- ‌[صِفَةُ عِيسَى عليه السلام وَشَمَائِلُهُ وَفَضَائِلُهُ]

- ‌[اخْتِلَافُ أَصْحَابِ الْمَسِيحِ عليه السلام بَعْدَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ فِيهِ]

- ‌[بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ]

- ‌[كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[خَبَرُ ذِي الْقَرْنَيْنِ]

- ‌[بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ]

- ‌[ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَصِفَاتِهِمْ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ وَصِفَةِ السَّدِّ]

- ‌[قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ]

- ‌[قِصَّةُ الرَّجُلَيْنِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ]

- ‌[قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ]

- ‌[قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ]

الفصل: ‌[قصة قارون مع موسى عليه السلام]

[قِصَّةُ قَارُونَ مَعَ مُوسَى عليه السلام]

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ - وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ - قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ - فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ - وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ - فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ - وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ - تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 76 - 83]

[الْقَصَصِ: 76 - 83] . قَالَ الْأَعْمَشُ: عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ قَارُونُ ابْنَ عَمِّ

ص: 201

مُوسَى. وَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَزَادَ فَقَالَ: هُوَ قَارُونُ بْنُ يَصْهَرَ بْنَ قَاهَثَ، وَمُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ قَاهَثَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ; أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَمِّ مُوسَى. وَرَدَّ قَوْلَ ابْنِ إِسْحَاقَ إِنَّهُ كَانَ عَمَّ مُوسَى. قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ يُسَمَّى الْمُنَوِّرَ; لِحُسْنِ صَوْتِهِ بِالتَّوْرَاةِ وَلَكِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ نَافَقَ، كَمَا نَافَقَ السَّامِرِيُّ، فَأَهْلَكَهُ الْبَغْيُ لِكَثْرَةِ مَالِهِ. وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: زَادَ فِي ثِيَابِهِ شِبْرًا طُولًا; تَرَفُّعًا عَلَى قَوْمِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى كَثْرَةَ كُنُوزِهِ; حَتَّى إِنَّ مَفَاتِيحَهُ كَانَ يَثْقُلُ حِمْلُهَا عَلَى الْفِئَامِ مِنَ الرِّجَالِ الشِّدَادِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ مِنَ الْجُلُودِ، وَإِنَّهَا كَانَتْ تُحْمَلُ عَلَى سِتِّينَ بَغْلًا. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ وَعَظَهُ النُّصَحَاءُ مِنْ قَوْمِهِ; قَائِلِينَ:{لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76] أَيْ; لَا تَبْطَرْ بِمَا أُعْطِيتَ، وَتَفْخَرْ عَلَى غَيْرِكَ. {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ} [القصص: 77] يَقُولُونَ: لِتَكُنْ هِمَّتُكَ مَصْرُوفَةً لِتَحْصِيلِ ثَوَابِ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى، وَمَعَ هَذَا {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77] أَيْ; وَتَنَاوَلْ مِنْهَا بِمَالِكَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ، فَتَمَتَّعْ لِنَفْسِكَ بِالْمَلَاذِّ الطَّيِّبَةِ الْحَلَالِ، {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77] أَيْ; وَأَحْسِنْ إِلَى خَلْقِ اللَّهِ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ خَالِقُهُمْ وَبَارِئُهُمْ إِلَيْكَ، {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ} [القصص: 77] أَيْ; وَلَا تُسِئْ إِلَيْهِمْ، وَلَا تُفْسِدْ فِيهِمْ فَتُقَابِلَهُمْ ضِدَّ مَا

ص: 202

أُمِرْتَ فِيهِمْ، فَيُعَاقِبَكَ وَيَسْلُبَكَ مَا وَهَبَكَ، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 77] فَمَا كَانَ جَوَابَهُ قَوْمَهُ لِهَذِهِ النَّصِيحَةِ الصَّحِيحَةِ الْفَصِيحَةِ، إِلَّا أَنَّ {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78] يَعْنِي: أَنَا لَا أَحْتَاجُ إِلَى اسْتِعْمَالِ مَا ذَكَرْتُمْ، وَلَا إِلَى مَا إِلَيْهِ أَشَرْتُمْ; فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَعْطَانِي هَذَا لِعِلْمِهِ أَنِّي أَسْتَحِقُّهُ، وَأَنِّي أَهْلٌ لَهُ، وَلَوْلَا أَنِّي حَبِيبٌ إِلَيْهِ، وَحَظِيٌّ عِنْدَهُ، لَمَا أَعْطَانِي مَا أَعْطَانِي. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ:{أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص: 78] أَيْ; قَدْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِينَ بِذُنُوبِهِمْ وَخَطَايَاهُمْ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْ قَارُونَ قُوَّةً وَأَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا، فَلَوْ كَانَ مَا قَالَ صَحِيحًا لَمْ نُعَاقِبْ أَحَدًا مِمَّنْ كَانَ أَكْثَرَ مَالًا مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ مَالُهُ دَلِيلًا عَلَى مَحَبَّتِنَا لَهُ، وَاعْتِنَائِنَا بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [سبأ: 37] . وَقَالَ تَعَالَى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ - نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: 55 - 56]

[الْمُؤْمِنُونَ: 55، 56] . وَهَذَا الرَّدُّ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78] .

وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ، أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ صَنْعَةَ الْكِيمْيَاءِ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، فَاسْتَعْمَلَهُ فِي جَمْعِ الْأَمْوَالِ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ; لِأَنَّ

ص: 203

الْكِيمْيَاءَ تَخْيِيلٌ وَصِبْغَةٌ لَا تُحِيلُ الْحَقَائِقَ، وَلَا تُشَابِهُ صَنْعَةَ الْخَالِقِ، وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ لَا يَصْعَدُ الدُّعَاءُ بِهِ مِنْ كَافِرٍ بِهِ، وَقَارُونُ كَانَ كَافِرًا فِي الْبَاطِنِ، مُنَافِقًا فِي الظَّاهِرِ، ثُمَّ لَا يَصِحُّ جَوَابُهُ لَهُمْ بِهَذَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَلَا يَبْقَى بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ تَلَازُمٌ، وَقَدْ وَضَّحْنَا هَذَا فِي كِتَابِنَا " التَّفْسِيرِ " وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} [القصص: 79] ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ; مِنْ مَلَابِسَ، وَمَرَاكِبَ، وَخَدَمٍ، وَحَشَمٍ، فَلَمَّا رَآهُ مَنْ يُعَظِّمُ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، تَمَنَّوْا أَنْ لَوْ كَانُوا مِثْلَهُ، وَغَبَطُوهُ بِمَا عَلَيْهِ وَلَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَتَهُمُ الْعُلَمَاءُ ذَوُو الْفَهْمِ الصَّحِيحِ، الزُّهَّادُ الْأَلِبَّاءُ، قَالُوا لَهُمْ:{وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [القصص: 80] أَيْ; ثَوَابُ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَأَبْقَى، وَأَجَلُّ وَأَعْلَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [القصص: 80] أَيْ; وَمَا يُلْقَى هَذِهِ النَّصِيحَةَ، وَهَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَهَذِهِ الْهِمَّةَ السَّامِيَةَ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ الْعَلِيَّةِ، عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى زَهْرَةِ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ، إِلَّا مِنْ هَدَى اللَّهُ قَلْبَهُ، وَثَبَّتَ فُؤَادَهُ، وَأَيَّدَ لُبَّهُ، وَحَقَّقَ مُرَادَهُ، وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ وُرُودِ الشُّبُهَاتِ، وَالْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّهَوَاتِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} [القصص: 81]

ص: 204

لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى خُرُوجَهُ فِي زِينَتِهِ، وَاخْتِيَالَهُ فِيهَا، وَفَخْرَهُ عَلَى قَوْمِهِ بِهَا، قَالَ:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: 81] .

كَمَّا رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ، إِذْ خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.» ثُمَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.

وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالسُّدِّيِّ، أَنَّ قَارُونَ أَعْطَى امْرَأَةً بَغِيًّا مَالًا، عَلَى أَنْ تَقُولَ لِمُوسَى، عليه السلام، وَهُوَ فِي مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ: إِنَّكَ فَعَلْتَ بِي كَذَا وَكَذَا. فَيُقَالُ: إِنَّهَا قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ فَأَرْعَدَ مِنَ الْفَرَقِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا فَاسْتَحْلَفَهَا: مَنْ دَلَّكِ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَكَ عَلَيْهِ؟ فَذَكَرَتْ أَنَّ قَارُونَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَغْفَرَتِ اللَّهَ، وَتَابَتْ إِلَيْهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ خَرَّ مُوسَى لِلَّهِ سَاجِدًا، وَدَعَا اللَّهَ عَلَى قَارُونَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ أَمَرْتُ الْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَكَ فِيهِ، فَأَمَرَ مُوسَى الْأَرْضَ أَنْ تَبْتَلِعَهُ وَدَارَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَارُونَ لَمَّا خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ، مَرَّ بِجَحْفَلِهِ، وَبِغَالِهِ، وَمَلَابِسِهِ، عَلَى مَجْلِسِ مُوسَى، عليه السلام، وَهُوَ يُذَكِّرُ قَوْمَهُ بِأَيَّامِ اللَّهِ، فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ انْصَرَفَتْ وُجُوهُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَدَعَاهُ

ص: 205

مُوسَى، عليه السلام، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ فَقَالَ يَا مُوسَى، أَمَا لَئِنْ كُنْتَ فُضِّلْتَ عَلَيَّ بِالنُّبُوَّةِ، فَلَقَدْ فُضِّلْتُ عَلَيْكَ بِالْمَالِ، وَلَئِنْ شِئْتَ لَتَخْرُجَنَّ فَلَتَدْعُوَنَّ عَلَيَّ، وَلَأَدْعُوَنَّ عَلَيْكَ. فَخَرَجَ، وَخَرَجَ قَارُونُ فِي قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى تَدْعُو أَوْ أَدْعُو؟ قَالَ: أَدْعُو أَنَا. فَدَعَا قَارُونُ، فَلَمْ يُجَبْ فِي مُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: أَدْعُو؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ مُوسَى: اللَّهُمَّ مُرِ الْأَرْضَ فَلْتُطِعْنِي الْيَوْمَ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ. فَقَالَ مُوسَى: يَا أَرْضُ خُذِيهِمْ. فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَقْدَامِهِمْ، ثُمَّ قَالَ خُذِيهِمْ. فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبِهِمْ، ثُمَّ إِلَى مَنَاكِبِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: أَقْبِلِي بِكُنُوزِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. فَأَقْبَلَتْ بِهَا، حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهَا ثُمَّ أَشَارَ مُوسَى بِيَدِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بَنِي لَاوِي. فَاسْتَوَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: يُخْسَفُ بِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قَامَةً، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: خُسِفَ بِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ. وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ هَاهُنَا إِسْرَائِيلِيَّاتٍ كَثِيرَةً، أَضْرَبْنَا عَنْهَا صَفْحًا وَتَرَكْنَاهَا قَصْدًا.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} [القصص: 81] لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاصِرٌ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ:{فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} [الطارق: 10] . وَلَمَّا حَلَّ بِهِ مَا حَلَّ مِنَ الْخَسْفِ، وَذَهَابِ الْأَمْوَالِ، وَخَرَابِ الدَّارِ، وَهَلَاكِ النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْعَقَارِ، نَدِمَ مَنْ كَانَ تَمَنَّى مِثْلَ مَا أُوتِيَ، وَشَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى الَّذِي يُدَبِّرُ عِبَادَهُ بِمَا يَشَاءُ مِنْ حُسْنِ التَّدْبِيرِ الْمَخْزُونِ، وَلِهَذَا قَالُوا:{لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: 82]

ص: 206

وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى لَفْظِ: " وَيْكَ " فِي " التَّفْسِيرِ "، وَقَدْ قَالَ قَتَادَةُ: وَيْكَأَنَّ بِمَعْنَى أَلَمْ تَرَ أَنَّ. وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ} [القصص: 83] وَهِيَ دَارُ الْقَرَارِ. وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي يُغْبَطُ مَنْ أُعْطِيَهَا، وَيُعَزَّى مَنْ حُرِمَهَا، إِنَّمَا هِيَ مُعَدَّةٌ لِلَّذِينِ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا. فَالْعُلُوُّ هُوَ التَّكَبُّرُ وَالْفَخْرُ وَالْأَشَرُ وَالْبَطَرُ. وَالْفَسَادُ هُوَ عَمَلُ الْمَعَاصِي اللَّازِمَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ; مِنْ أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ، وَإِفْسَادِ مَعَايِشِهِمْ، وَالْإِسَاءَةِ إِلَيْهِمْ، وَعَدَمِ النُّصْحِ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] .

وَقِصَّةُ قَارُونَ هَذِهِ، قَدْ تَكُونُ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ; لِقَوْلِهِ:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: 81] فَإِنَّ الدَّارَ ظَاهِرَةٌ فِي الْبُنْيَانِ، وَقَدْ تَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التِّيهِ، وَتَكُونُ الدَّارُ عِبَارَةً عَنِ الْمَحِلَّةِ الَّتِي تُضْرَبُ فِيهَا الْخِيَامُ، كَمَا قَالَ عَنْتَرَةُ:

يَا دَارَ عَبْلَةَ بِالْجِوَاءِ تَكَلَّمِي

وَعِمِي صَبَاحًا دَارَ عَبْلَةَ وَاسْلِمِي

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مَذَمَّةَ قَارُونَ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ - إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [غافر: 23 - 24]

[غَافِرٍ: 23، 24] . وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْعَنْكَبُوتِ " بَعْدَ ذِكْرِ عَادٍ وَثَمُودَ: {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ - فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: 39 - 40]

[الْعَنْكَبُوتِ: 39، 40] .

ص: 207

فَالَّذِي خُسِفَ بِهِ الْأَرْضُ قَارُونُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَالَّذِي أُغْرِقَ فِرْعَوْنُ، وَهَامَانُ، وَجُنُودُهُمَا، إِنَّهُمْ كَانُوا خَاطِئِينَ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا كَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، فَقَالَ:«مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ» انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ، رحمه الله.

ص: 208