الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهِ. وَخَلَّى سَبِيلَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ. وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَنْ بَقِيَ مِنْ ضُعَفَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ أَسَأْنَا وَظَلَمْنَا وَنَحْنُ نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عز وجل مِمَّا صَنَعْنَا، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَقْبَلَ تَوْبَتَنَا. فَدَعَا رَبَّهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ فَاعِلٍ، فَإِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فَلْيُقِيمُوا مَعَكَ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ. فَأَخْبَرَهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَقَالُوا: كَيْفَ نُقِيمُ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ وَقَدْ خَرِبَتْ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِهَا! فَأَبَوْا أَنْ يُقِيمُوا. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَمِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ تَفَرَّقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْبِلَادِ، فَنَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْحِجَازَ وَطَائِفَةٌ يَثْرِبَ وَطَائِفَةٌ وَادِي الْقُرَى وَذَهَبَتْ شِرْذِمَةٌ مِنْهُمْ إِلَى مِصْرَ فَكَتَبَ بُخْتُ نَصَّرَ إِلَى مَلِكِهَا يَطْلُبُ مِنْهُ مَنْ شَرَدَ مِنْهُمْ إِلَيْهِ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَرَكِبَ فِي جَيْشِهِ فَقَاتَلَهُ وَقَهَرَهُ وَغَلَبَهُ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ، حَتَّى بَلَغَ أَقْصَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ. قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ بِسَبْيٍ كَثِيرٍ مِنْ أَرْضِ الْمَغْرِبِ، وَمِصْرَ، وَأَهْلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَرْضِ فِلَسْطِينَ، وَالْأُرْدُنِّ وَفِي السَّبْيِ دَانْيَالُ. قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ دَانْيَالُ بْنُ حَزْقِيلَ الْأَصْغَرُ لَا الْأَكْبَرُ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام]
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ مِنْ شُعَيْبِ بْنِ صَفْوَانَ فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْهُ، عَنِ الْأَجْلَحِ الْكِنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: ضَرَّى بُخْتُ نَصَّرَ أَسَدَيْنِ، فَأَلْقَاهُمَا فِي جُبٍّ وَجَاءَ بِدَانْيَالَ فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِمَا، فَلَمْ يُهَيِّجَاهُ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اشْتَهَى مَا يَشْتَهِي الْآدَمِيُّونَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى أَرْمِيَا وَهُوَ بِالشَّامِ: أَنْ أَعْدِدْ طَعَامًا وَشَرَابًا لِدَانْيَالَ. فَقَالَ: يَا رَبِّ، أَنَا بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَدَانْيَالُ بِأَرْضِ بَابِلَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ أَعْدِدْ مَا أَمَرْنَاكَ بِهِ فَإِنَّا سَنُرْسِلُ مَنْ يَحْمِلُكَ وَيَحْمِلُ مَا أَعْدَدْتَ. فَفَعَلَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَنْ حَمَلَهُ وَحَمَلَ مَا أَعَدَّ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَأْسِ الْجُبِّ فَقَالَ: دَانْيَالُ، دَانْيَالُ. فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَنَا أَرْمِيَا. فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ فَقَالَ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ. قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَنِي رَبِّي؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ دَانْيَالُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يُخَيِّبُ مَنْ رَجَاهُ،
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنْ وَثِقَ بِهِ لَمْ يَكِلْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْزِي بِالْإِحْسَانِ إِحْسَانًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْزِي بِالصَّبْرِ نَجَاةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ يَكْشِفُ ضُرَّنَا بَعْدَ كَرْبِنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ ثِقَتُنَا حِينَ تَسُوءُ ظُنُونُنَا بِأَعْمَالِنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ رَجَاؤُنَا حِينَ تَنْقَطِعُ الْحِيَلُ عَنَّا.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحْنَا تُسْتَرَ وَجَدْنَا فِي مَالِ بَيْتِ الْهُرْمُزَانِ سَرِيرًا، عَلَيْهِ رَجُلٌ مَيِّتٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مُصْحَفٌ، فَأَخَذْنَا الْمُصْحَفَ فَحَمَلْنَاهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَدَعَا لَهُ كَعْبًا فَنَسَخَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَأَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ قَرَأَهُ، قَرَأْتُهُ مِثْلَ مَا أَقْرَأُ الْقُرْآنَ هَذَا. فَقُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ: مَا كَانَ فِيهِ؟ قَالَ: سِيَرُكُمْ وَأُمُورُكُمْ وَلُحُونُ كَلَامِكُمْ وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدُ. قُلْتُ: فَمَا صَنَعْتُمْ بِالرَّجُلِ؟ قَالَ: حَفَرْنَا بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا مُتَفَرِّقَةً، فَلَمَّا كَانَ بِاللَّيْلِ دَفَنَّاهُ وَسَوَّيْنَا الْقُبُورَ كُلَّهَا ; لِنُعَمِّيَهُ عَلَى النَّاسِ فَلَا يَنْبِشُونَهُ. قُلْتُ: فَمَا يَرْجُونَ مِنْهُ؟ قَالَ: كَانَتِ السَّمَاءُ إِذَا حُبِسَتْ عَنْهُمْ بَرَزُوا بِسَرِيرِهِ فَيُمْطَرُونَ. قُلْتُ: مَنْ كُنْتُمْ تَظُنُّونَ الرَّجُلَ؟ قَالَ: رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ دَانْيَالُ. قُلْتُ: مُنْذُ كَمْ وَجَدْتُمُوهُ قَدْ مَاتَ؟ قَالَ: مُنْذُ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ. قُلْتُ: مَا تَغَيَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ؟ قَالَ: لَا إِلَّا شَعَرَاتٌ مِنْ قَفَاهُ ; إِنَّ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تُبْلِيهَا الْأَرْضُ وَلَا تَأْكُلُهَا السِّبَاعُ. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى أَبِي الْعَالِيَةِ وَلَكِنْ إِنْ كَانَ تَارِيخُ وَفَاتِهِ مَحْفُوظًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ، فَلَيْسَ بِنَبِيٍّ بَلْ هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ ; لِأَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ، بِنَصِّ الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ وَالْفَتْرَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ، وَقِيلَ: سِتُّمِائَةٍ. وَقِيلَ: سِتُّمِائَةٍ وَعِشْرُونَ سَنَةً. وَقَدْ يَكُونُ تَارِيخُ وَفَاتِهِ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ سَنَةٍ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ وَقْتِ دَانْيَالَ إِنْ كَانَ كَوْنُهُ دَانْيَالَ هُوَ الْمُطَابِقَ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ رَجُلًا آخَرَ ; إِمَّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَوِ الصَّالِحِينَ، وَلَكِنْ قَرُبَتِ الظُّنُونُ أَنَّهُ دَانْيَالُ لِأَنَّ دَانْيَالَ كَانَ قَدْ أَخَذَهُ مَلِكُ الْفُرْسِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَسْجُونًا كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ طُولَ أَنْفِهِ شِبْرٌ. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، أَنَّ طُولَ أَنْفِهِ ذِرَاعٌ. فَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْأَقْدَمِينَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ " أَحْكَامِ الْقُبُورِ ": حَدَّثَنَا أَبُو بِلَالٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الْأَحْمَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ دَانْيَالَ دَعَا رَبَّهُ عز وجل أَنْ تَدْفِنَهُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا افْتَتَحَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ تُسْتَرَ، وَجَدَهُ فِي تَابُوتٍ، تَضْرِبُ عُرُوقُهُ وَوَرِيدَهُ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ دَلَّ عَلَى دَانْيَالَ فَبَشِّرُوهُ بِالْجَنَّةِ. فَكَانَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: حُرْقُوصٌ فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ بِخَبَرِهِ،
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنِ ادْفِنْهُ، وَابْعَثْ إِلَى حُرْقُوصٍ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ» . وَهَذَا مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي كَوْنِهِ مَحْفُوظًا نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا أَبُو بِلَالٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ، - وَكَانَ عَالِمًا - قَالَ: وَجَدَ أَبُو مُوسَى مَعَ دَانْيَالَ مُصْحَفًا، وَجَرَّةً فِيهَا وَدَكٌ وَدَرَاهِمُ، وَخَاتَمُهُ، فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا الْمُصْحَفُ فَابْعَثْ بِهِ إِلَيْنَا، وَأَمَّا الْوَدَكُ فَابْعَثْ إِلَيْنَا مِنْهُ، وَمُرْ مَنْ قِبَلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ، وَاقْسِمِ الدَّرَاهِمَ بَيْنَهُمْ، وَأَمَّا الْخَاتَمُ فَقَدْ نَفَّلْنَاكَهُ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى لَمَّا وَجَدَهُ وَذَكَرُوا لَهُ أَنَّهُ دَانْيَالُ، الْتَزَمَهُ وَعَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ يَذْكُرُ لَهُ أَمْرَهُ، وَأَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَهُ مَالًا مَوْضُوعًا، قَرِيبًا مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ مَنْ جَاءَ اقْتَرَضَ مِنْهَا، فَإِنْ رَدَّهَا وَإِلَّا مَرِضَ، وَأَنَّ عِنْدَهُ رَبْعَةً، فَأَمَرَ عُمَرُ بِأَنْ يُغْسَلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَيُكَفَّنَ وَيُدْفَنَ، وَيُخْفَى قَبْرُهُ، فَلَا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ، وَأَمَرَ بِالْمَالِ أَنْ يُرَدَ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَبِالرَّبْعَةِ فَتُحْمَلُ إِلَيْهِ، وَنَفَلَهُ خَاتَمَهُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّهُ أَمَرَ أَرْبَعَةً مِنَ الْأُسَرَاءِ فَسَكَرُوا نَهْرًا، وَحَفَرُوا فِي وَسَطِهِ قَبْرًا، فَدَفَنَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَدَّمَ الْأَرْبَعَةَ الْإُسَرَاءَ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَ قَبْرِهِ غَيْرُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي يَدِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ خَاتَمًا، نَقْشُ فَصِّهِ أَسَدَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ يَلْحَسَانِ ذَلِكَ الرَّجُلَ، قَالَ أَبُو بُرْدَةُ: هَذَا خَاتَمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَيِّتِ الَّذِي زَعَمَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَنَّهُ دَانْيَالُ أَخَذَهُ أَبُو مُوسَى يَوْمَ دَفَنَهُ. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَسَأَلَ أَبُو مُوسَى عُلَمَاءَ تِلْكَ الْقَرْيَةِ عَنْ نَقْشِ ذَلِكَ الْخَاتَمِ، فَقَالُوا: إِنَّ الْمَلِكَ الَّذِي كَانَ دَانْيَالُ فِي سُلْطَانِهِ جَاءَهُ الْمُنَجِّمُونَ وَأَصْحَابُ الْعِلْمِ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ يُولَدُ لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا غُلَامٌ يَعُورُ مُلْكَكَ وَيُفْسِدُهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ: وَاللَّهِ لَا يَبْقَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ إِلَّا قَتَلْتُهُ. إِلَّا أَنَّهُمْ أَخَذُوا دَانْيَالَ فَأَلْقَوْهُ فِي أَجَمَةِ الْأَسَدِ، فَبَاتَ الْأَسَدُ وَلَبْوَتُهُ يَلْحَسَانِهِ، وَلَمْ يَضُرَّاهُ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ فَوَجَدَتْهُمَا يَلْحَسَانِهِ، فَنَجَّاهُ اللَّهُ بِذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ عُلَمَاءُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ: فَنَقَشَ دَانْيَالُ صُورَتَهُ وَصُورَةَ الْأَسَدَيْنِ يَلْحَسَانِهِ فِي فَصِّ خَاتَمِهِ ; لِئَلَّا يَنْسَى نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. إِسْنَادٌ حَسَنٌ.