المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى عليه - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أُمَمٍ أُهْلِكُوا بِعَامَّةٍ]

- ‌[أَصْحَابُ الرَّسِّ]

- ‌[قِصَّةُ قَوْمِ يس]

- ‌[قِصَّةُ يُونُسَ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[قَوْمُ يُونُسَ وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ]

- ‌[فَضْلُ يُونُسَ عليه السلام]

- ‌[قِصَّةُ مُوسَى الْكَلِيمِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[قِصَّتُهُ مَعَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ]

- ‌[تَحْرِيضُ فِرْعَوْنَ عَلَى قَتْلِ مُوسَى وَإِسْلَامُ السَّحَرَةِ]

- ‌[هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِّيهَ وَمَا جَرَى لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ]

- ‌[سُؤَالُ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[قِصَّةُ عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ فِي غَيْبَةِ كَلِيمِ اللَّهِ مُوسَى عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ حَدِيثٍ آخَرَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ]

- ‌[قِصَّةُ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ]

- ‌[قِصَّةُ مُوسَى وَالْخَضِرِ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ]

- ‌[ذِكْرُ الْحَدِيثِ الْمُلَقَّبِ بِحَدِيثِ الْفُتُونِ الْمُتَضَمِّنِ قِصَّةَ مُوسَى مَبْسُوطَةً مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا]

- ‌[ذِكْرُ بِنَاءِ قُبَّةِ الزَّمَانِ]

- ‌[قِصَّةُ قَارُونَ مَعَ مُوسَى عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ فَضَائِلِ مُوسَى عليه السلام وَشَمَائِلِهِ وَصِفَاتِهِ وَوَفَاتِهِ]

- ‌[ذِكْرُ حَجِّ مُوسَى عليه السلام إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَصِفَتِهِ]

- ‌[ذِكْرُ وَفَاتِهِ عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ نُبُوَّةِ يُوشَعَ وَقِيَامِهِ بِأَعْبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى وَهَارُونَ عليهم السلام]

- ‌[ذِكْرُ قِصَّتَيِ الْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ عليهما السلام]

- ‌[قِصَّةُ الْخَضِرِ]

- ‌[قِصَّةُ إِلْيَاسَ عليه السلام]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى عليه السلام]

- ‌[قِصَّةُ حِزْقِيلَ]

- ‌[قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ]

- ‌[قِصَّةُ شَمْوِيلَ]

- ‌[قِصَّةُ دَاوُدَ عليه السلام]

- ‌[فَضَائِلُهُ وَشَمَائِلُهُ وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِهِ]

- ‌[ذِكْرُ كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عليه السلام]

- ‌[قِصَّةُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليهما السلام]

- ‌[نَسَبُهُ وَمَا آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ]

- ‌[ذِكْرُ وَفَاتِهِ وَمُدَّةِ مُلْكِهِ وَحَيَاتِهِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ]

- ‌[شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا]

- ‌[أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا]

- ‌[ذِكْرُ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِ دَانْيَالَ عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ خَرَابِهَا]

- ‌[قِصَّةُ الْعُزَيْرِ]

- ‌[هَلْ كَانَ عُزَيْرٌ نَبِيًّا أَمْ لَا]

- ‌[الزَّمَنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِ الْعُزَيْرُ]

- ‌[قِصَّةُ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى عليهما السلام]

- ‌[قِصَّتُهُمَا كَمَا حَكَاهَا الْقُرْآنُ]

- ‌[بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام]

- ‌[قِصَّةُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ]

- ‌[قِصَّةُ مَرْيَمَ وَالْبِشَارَةِ بِعِيسَى]

- ‌[ذِكْرُ مِيلَادِ الْعَبْدِ الرَّسُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الْبَتُولِ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الْوَلَدِ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْشَأِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهما السلام وَبَيَانُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَا]

- ‌[بَيَانُ شَجَرَةِ طُوبَى مَا هِيَ]

- ‌[ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ]

- ‌[فَصَلٌ فِي مَشْيِ عِيسَى عَلَى الْمَاءِ]

- ‌[ذِكْرُ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام]

- ‌[صِفَةُ عِيسَى عليه السلام وَشَمَائِلُهُ وَفَضَائِلُهُ]

- ‌[اخْتِلَافُ أَصْحَابِ الْمَسِيحِ عليه السلام بَعْدَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ فِيهِ]

- ‌[بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ]

- ‌[كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[خَبَرُ ذِي الْقَرْنَيْنِ]

- ‌[بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ]

- ‌[ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَصِفَاتِهِمْ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ وَصِفَةِ السَّدِّ]

- ‌[قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ]

- ‌[قِصَّةُ الرَّجُلَيْنِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ]

- ‌[قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ]

- ‌[قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ]

الفصل: ‌ ‌[بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى عليه

[بَابُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى عليه السلام]

[قِصَّةُ حِزْقِيلَ]

ثُمَّ نُتْبِعُهُمْ بِذِكْرِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ، عليهما السلام. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، فِي " تَارِيخِهِ ": لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَخْبَارِ الْمَاضِينَ، وَأُمُورِ السَّالِفِينِ مِنْ أُمَّتِنَا، وَغَيْرِهِمْ; أَنَّ الْقَيِّمَ بِأُمُورِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ يُوشَعَ، كَالِبُ بْنُ يُوفَنَّا. يَعْنِي أَحَدَ أَصْحَابِ مُوسَى، عليه السلام، وَهُوَ زَوْجُ أُخْتِهِ مَرْيَمَ، وَهُوَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ مِمَّنْ يَخَافُونَ اللَّهَ، وَهُمَا يُوشَعُ، وَكَالِبُ وَهُمَا الْقَائِلَانِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ نَكَلُوا عَنِ الْجِهَادِ:{ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23] . قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ كَانَ الْقَائِمُ بِأُمُورِ بَنِي إِسْرَائِيلَ حِزِقْيلَ بْنَ بُوذَى. وَهُوَ الَّذِي دَعَا اللَّهَ فَأَحْيَا الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ.

ص: 279

قِصَّةُ حِزْقِيلَ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243] . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، إِنَّ كَالِبَ بْنَ يُوفَنَّا لَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ بَعْدَ يُوشَعَ، خَلَفَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حِزْقِيلَ بْنَ بُوذَى، وَهُوَ ابْنُ الْعَجُوزِ، وَهُوَ الَّذِي دَعَا لِلْقَوْمِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، فِيمَا بَلَغَنَا:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: 243] قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَرُّوا مِنَ الْوَبَاءِ، فَنَزَلُوا بِصَعِيدٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ: مُوتُوا. فَمَاتُوا جَمِيعًا، فَحَظَرُوا عَلَيْهِمْ حَظِيرَةً دُونَ السِّبَاعِ، فَمَضَتْ عَلَيْهِمْ دُهُورٌ طَوِيلَةٌ، فَمَرَّ بِهِمْ حِزْقِيلُ، عليه السلام، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ مُتَفَكِّرًا، فَقِيلَ لَهُ: أَتُحِبُّ أَنْ يَبْعَثَهُمُ اللَّهُ وَأَنْتَ تَنْظُرُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَأُمِرَ أَنْ يَدْعُوَ تِلْكَ الْعِظَامَ أَنْ تَكْتَسِيَ لَحْمًا، وَأَنْ يَتَّصِلَ الْعَصَبُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. فَنَادَاهُمْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِذَلِكَ، فَقَامَ الْقَوْمُ

ص: 280

أَجْمَعُونَ، وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ أُنَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فِي قَوْلِهِ:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: 243] قَالُوا: كَانَتْ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا: " دَاوَرْدَانُ "، قِبَلَ " وَاسِطَ " وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ فَهَرَبَ عَامَّةُ أَهْلِهَا، فَنَزَلُوا نَاحِيَةً مِنْهَا، فَهَلَكَ مَنْ بَقِيَ فِي الْقَرْيَةِ، وَسَلِمَ الْآخَرُونَ، فَلَمْ يَمُتْ مِنْهُمْ كَثِيرٌ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ الطَّاعُونُ، رَجَعُوا سَالِمِينَ، فَقَالَ الَّذِينَ بَقُوا: أَصْحَابُنَا هَؤُلَاءِ كَانُوا أَحْزَمَ مِنَّا، لَوْ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعُوا بَقِينَا، وَلَئِنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ ثَانِيَةً لَنَخْرُجَنَّ مَعَهُمْ. فَوَقَعَ فِي قَابِلٍ، فَهَرَبُوا وَهُمْ بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا، حَتَّى نَزَلُوا ذَلِكَ الْمَكَانَ، وَهُوَ وَادٍ أَفْيَحُ، فَنَادَاهُمْ مَلَكٌ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي، وَآخَرُ مِنْ أَعْلَاهُ: أَنْ مُوتُوا. فَمَاتُوا، حَتَّى إِذَا هَلَكُوا، وَبَقِيَتْ أَجْسَادُهُمْ، مَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ، يُقَالُ لَهُ: حِزْقِيلُ. فَلَمَّا رَآهُمْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَجَعَلَ يَتَفَكَّرُ فِيهِمْ وَيَلْوِي شِدْقَيْهِ وَأَصَابِعَهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ كَيْفَ أُحْيِيهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَإِنَّمَا كَانَ تَفَكُّرُهُ أَنَّهُ تَعَجَّبَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَقِيلَ لَهُ: نَادِ. فَنَادَى: يَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَجْتَمِعِي. فَجَعَلَتِ الْعِظَامُ

ص: 281

يَطِيرُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، حَتَّى كَانَتْ أَجْسَادًا مِنْ عِظَامٍ، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ; أَنْ نَادِ: يَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَكْتَسِي لَحْمًا. فَاكْتَسَتْ لَحْمًا، وَدَمًا، وَثِيَابَهَا الَّتِي مَاتَتْ فِيهَا. ثُمَّ قِيلَ لَهُ: نَادِ. فَنَادَى: أَيَّتُهَا الْأَجْسَادُ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَقُومِي. فَقَامُوا. قَالَ أَسْبَاطٌ: فَزَعَمَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا حِينَ أُحْيُوْا: سُبْحَانَكَ رَبَّنَا، وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ أَحْيَاءً، يَعْرِفُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا مَوْتَى، سَحْنَةَ الْمَوْتِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، لَا يَلْبَسُونَ ثَوْبًا إِلَّا عَادَ كَفَنًا دَسْمًا، حَتَّى مَاتُوا لِآجَالِهِمُ الَّتِى كُتِبَتْ لَهُمْ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ; أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ. وَعَنْهُ: ثَمَانِيَةَ آلَافٍ. وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ: تِسْعَةَ آلَافٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: كَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانُوا مِنْ أَهْلِ " أَذَرِعَاتٍ ". وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: هَذَا مَثَلٌ. يَعْنِي أَنَّهُ سِيقَ مَثَلًا مُبَيِّنًا أَنَّهُ لَنْ يُغْنِيَ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ. وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَقْوَى; أَنَّ هَذَا وَقَعَ.

وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَصَاحِبَا " الصَّحِيحِ " مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ

ص: 282

بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغٍ، لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. يَعْنِي فِي مُشَاوَرَتِهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، فَجَاءَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَكَانَ مُتَغَيِّبًا بِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا; سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ; فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ» فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ وَيَزِيدُ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَخْبَرَ عُمَرُ وَهُوَ فِي الشَّامِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ هَذَا السَّقَمَ عُذِّبَ بِهِ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فِي أَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» قَالَ: فَرَجَعَ عُمَرُ مِنَ الشَّامِ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِنَحْوِهِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا مُدَّةَ لُبْثِ حِزِقْيلَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَهُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قُبِضَ نَسِيَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَهْدَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، وَعَظُمَتْ

ص: 283

فِيهِمُ الْأَحْدَاثُ، وَعَبَدُوا الْأَوْثَانَ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا يَعْبُدُونَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ، صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ: بَعْلٌ. فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ إِلْيَاسَ بْنَ يَاسِيَنَ بْنِ فِنْحَاصَ بْنِ الْعَيْزَارِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ. قُلْتُ: وَقَدْ قَدَّمْنَا قِصَّةَ إِلْيَاسَ تَبَعًا لِقِصَّةِ الْخَضِرِ; لِأَنَّهُمَا يُقْرَنَانِ فِي الذِّكْرِ غَالِبًا، وَلِأَجْلِ أَنَّهَا بَعْدَ قِصَّةِ مُوسَى فِي سُورَةِ " الصَّافَّاتِ " فَتَعَجَّلْنَا قِصَّتَهُ لِذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِيمَا ذُكِرَ لَهُ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: ثُمَّ تَنَبَّأَ فِيهِمْ بَعْدَ إِلْيَاسَ، وَصِّيُهُ الْيَسَعُ بْنُ أَخْطُوبَ، عليه السلام. وَهَذِهِ:

ص: 284