الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَقْتَلُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ]
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَإِنَّمَا «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، لِأَنَّهُ كَانَ أَكَفَّ الْقَوْمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِمَكَّةَ، كَانَ لَا يُؤْذِيهِ وَلَا يَبْلُغُهُ عَنْهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ، وَكَانَ مِمَّنْ قَامَ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ، فَلَقِيَهُ الْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ الْبَلَوِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا عَنْ قَتْلِكَ. وَمَعَ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ زَمِيلٌ لَهُ خَرَجَ مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ جُنَادَةُ ابْنُ مُلَيْحَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي لَيْثٍ. قَالَ: وَزَمِيلِي؟ فَقَالَ لَهُ الْمُجَذَّرُ: لَا وَاللَّهِ، مَا نَحْنُ بِتَارِكِي زَمِيلِكَ، مَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِكَ وَحْدَكَ. قَالَ: لَا وَاللَّهِ، إِذًا لَأَمُوتَنَّ أَنَا وَهُوَ جَمِيعًا، لَا يَتَحَدَّثُ عَنِّي نِسَاءُ مَكَّةَ أَنِّي تَرَكْتُ زَمِيلِي حِرْصًا عَلَى الْحَيَاةِ. وَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ وَهُوَ يُنَازِلُ الْمُجَذَّرَ:
لَنْ يُسْلِمَ ابْنُ حُرَّةٍ زَمِيلَهُ
…
حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَرَى سَبِيلَهُ
قَالَ: فَاقْتَتَلَا فَقَتَلَهُ الْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ
إِمَّا جَهِلْتَ أَوْ نَسِيتَ نَسَبِي
…
فَأَثْبِتِ النِّسْبَةَ إِنِّي مِنْ بَلِي
الطَّاعِنِينَ بِرِمَاحِ الْيَزَنِي
…
وَالضَّارِبِينَ الْكَبْشَ حَتَّى يَنْحَنِي
بَشِّرْ بِيُتْمٍ مَنْ أَبُوهُ الْبَخْتَرِي
…
أَوْ بَشِّرَنْ بِمِثْلِهَا مِنِّي بَنِي
أَنَا الَّذِي يُقَالُ أَصْلِي مِنْ بَلِي
…
أَطْعَنُ بِالصَّعْدَةِ حَتَّى تَنْثَنِي
وَأَعْبِطُ الْقِرْنَ بِعَضْبٍ مَشْرَفِي
…
أُرْزِمُ لِلْمَوْتِ كَإِرْزَامِ الْمَرِي
فَلَا يَرَى مُجَذَّرًا يَفْرِي فَرِي
ثُمَّ أَتَى الْمُجَذَّرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَقَدْ جَهِدْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْسِرَ فَآتِيكَ بِهِ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يُقَاتِلَنِي، فَقَاتَلْتُهُ فَقَتَلْتُهُ» .