المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل: اختلاف الصحابة في غنائم بدر لمن تكون] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[السَّنَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَغَازِي]

- ‌[عَدَاوَةُ الْيَهُودِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا وَقَعَ مِنْهُمْ]

- ‌[فَصْلُ ذِكْرِ مَنْ مَالَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى الْيَهُودِ]

- ‌[فَصْلٌ: ذِكْرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ عَلَى سَبِيلِ التَّقِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ]

- ‌[بَعْثُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ]

- ‌[غَزْوَةُ بُوَاطَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى]

- ‌[بَابُ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرْضِيَّةِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْعُظْمَى]

- ‌[مُقَدِّمَاتُهَا وَأَحْدَاثُهَا]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَقْتَلِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ]

- ‌[رَدُّهُ عليه السلام عَيْنَ قَتَادَةَ]

- ‌[فَصْلٌ قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَا]

- ‌[ذِكْرُ طَرْحِ رُءُوسِ الْكُفْرِ فِي بِئْرِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي شَأْنِ الْأُسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْقَتْلَى وَعَدَدِ الْأُسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي غَنَائِمِ بِدَرٍ لِمَنْ تَكُونُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِهِ عليه السلام مِنْ بَدْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ فِي مَسِيرِهِ إِلَيْهَا]

- ‌[مَقْتَلُ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لَعَنَهُمَا اللَّهُ]

- ‌[ذِكْرُ فَرَحِ النَّجَاشِيِّ رضي الله عنه بِوَقْعَةِ بِدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي وُصُولِ خَبَرِ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ إِلَى أَهَالِيهِمْ بِمَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَعْثِ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[حَرْفُ الْأَلِفِ]

- ‌[حَرْفُ الْبَاءِ]

- ‌[حَرْفُ التَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الثَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْجِيمِ]

- ‌[حَرْفُ الْحَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْخَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الذَّالِ]

- ‌[حَرْفُ الرَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الزَّايِ]

- ‌[حَرْفُ السِّينِ]

- ‌[حَرْفُ الشِّينِ]

- ‌[حَرْفُ الصَّادِ]

- ‌[حَرْفُ الضَّادِ]

- ‌[حَرْفُ الطَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الظَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْعَيْنِ]

- ‌[حَرْفُ الْغَيْنِ]

- ‌[حَرْفُ الْفَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْقَافِ]

- ‌[حَرْفُ الْكَافِ]

- ‌[حَرْفُ الْمِيمِ]

- ‌[حَرْفُ النُّونِ]

- ‌[حَرْفُ الْهَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْوَاوِ]

- ‌[حَرْفُ الْيَاءِ]

- ‌[بَابُ الْكُنَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي جُمْلَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ زَيْنَبَ بِنْتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرَةً بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى]

- ‌[فَصْلٌ أَشْعَارٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْرِكِينَ يَرْثُونَ بِهَا قَتْلَاهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ غَزْوَةِ بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌[غَزْوَةُ السُّوِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى زَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ جُمَلٍ مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[سَنَةُ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْفُرُعِ]

- ‌[خَبَرُ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ]

- ‌[سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ]

- ‌[مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ]

- ‌[غَزْوَةِ أُحُدٍ]

- ‌[سَبَبُ تَسْمِيَتِهَا وَأَحْدَاثِهَا]

- ‌[مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إِصَابَةِ عَيْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَرَدِّ الرَّسُولِ عليه السلام لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِتَالِ أُمِّ عُمَارَةَ نَسِيبَةَ بِنْتِ كَعْبٍ الْمَازِنِيَّةِ يَوْمَ أُحُدٍ]

- ‌[ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ]

- ‌[وَفَرَغَ النَّاسُ لِقَتْلَاهُمْ]

- ‌[ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ]

- ‌[فَصَلٌ فِي عَدَدِ الشُّهَدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ: انْصِرَافُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ]

- ‌[خُرُوجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ]

- ‌[آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى وَقْعَةِ أُحُدٍ]

- ‌[سَنَةُ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الرَّجِيعِ]

- ‌[سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ]

- ‌[سَرِيَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ]

- ‌[قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ سُعْدَى الْقُرَظِيِّ حِينَ مَرَّ عَلَى دِيَارِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ صَارَتْ يَبَابًا لَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي لِحْيَانَ]

- ‌[غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ]

- ‌[سَبَبُ تَسْمِيَةِ الْغَزْوَةِ بِهَذَا الْاسْمِ]

- ‌[قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ]

- ‌[قِصَّةُ الَّذِي أُصِيبَتِ امْرَأَتُهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ]

- ‌[قِصَّةُ جَمَلِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ]

- ‌[فَصَلٌ فِي جُمَلٍ مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ]

الفصل: ‌[فصل: اختلاف الصحابة في غنائم بدر لمن تكون]

[فَصْلٌ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي غَنَائِمِ بِدَرٍ لِمَنْ تَكُونُ]

فَصْلٌ

وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الصَّحَابَةُ، رضي الله عنهم، يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْمَغَانِمِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ، لِمَنْ تَكُونُ مِنْهُمْ، وَكَانُوا ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ حِينَ وَلَّى الْمُشْرِكُونَ، فَفِرْقَةٌ أَحْدَقَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، تَحْرُسُهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَرْجِعَ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهِ، وَفِرْقَةٌ سَاقَتْ وَرَاءَ الْمُشْرِكِينَ يَقْتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُونَ، وَفِرْقَةٌ جَمَعَتِ الْمَغَانِمَ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ الْأَمَاكِنِ، فَادَّعَى كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْمَغْنَمِ مِنَ الْآخَرَيْنِ، لِمَا صَنَعَ مِنَ الْأَمْرِ الْمُهِمِّ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ:«سَأَلْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَنِ الْأَنْفَالِ، فَقَالَ فِينَا أَصْحَابَ بَدْرٍ نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْلِ وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقُنَا، فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا، فَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ بَوَاءٍ، يَقُولُ: عَنْ سَوَاءٍ» . وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِهِ.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ: عَلَى السَّوَاءِ. أَيْ سَاوَى فِيهَا بَيْنَ الَّذِينَ جَمَعُوهَا، وَبَيْنَ

ص: 177

الَّذِينَ اتَّبَعُوا الْعَدُوَّ، وَبَيْنَ الَّذِينَ ثَبَتُوا تَحْتَ الرَّايَاتِ، لَمْ يُخَصِّصْ بِهَا فَرِيقًا مِنْهُمْ مِمَّنِ ادَّعَى التَّخْصِيصَ بِهَا، وَلَا يَنْفِي هَذَا تَخْمِيسَهَا وَصَرْفَ الْخُمُسِ فِي مَوَاضِعِهِ، كَمَا قَدْ يَتَوَهَّمُهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. بَلْ قَدْ تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ مِنْ مَغَانِمِ بَدْرٍ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَذَا اصْطَفَى جَمَلًا لِأَبِي جَهْلٍ، كَانَ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ. وَهَذَا قَبْلَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ أَيْضًا.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، «عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فَالْتَقَى النَّاسُ فَهَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ، وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ يَحْوُونَهُ

ص: 178

وَيَجْمَعُونَهُ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ، وَفَاءَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ. وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا، نَحْنُ نَفَيْنَا مِنْهَا الْعَدُوَّ وَهَزَمْنَاهُمْ. وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، فَاشْتَغَلْنَا بِهِ فَنَزَلَتْ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1] . فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَلَى فُوَاقٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَغَارَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ نَفَّلَ الرُّبُعَ، فَإِذَا أَقْبَلَ رَاجِعًا نَفَّلَ الثُّلُثَ، وَكَانَ يَكْرَهُ الْأَنْفَالَ» .

وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ. . . . آخِرَهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ "، وَالْحَاكِمُ فِي " مُسْتَدْرَكِهِ " مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ.

ص: 179

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا. فَتَسَارَعَ فِي ذَلِكَ شُبَّانُ الرِّجَالِ، وَبَقِيَ الشُّيُوخُ تَحْتَ الرَّايَاتِ، فَلَمَّا كَانَتِ الْغَنَائِمُ جَاءُوا يَطْلُبُونَ الَّذِي جُعِلَ لَهُمْ، فَقَالَ الشُّيُوخُ: لَا تَسْتَأْثِرُوا عَلَيْنَا، فَإِنَّا كُنَّا رَدْءًا لَكُمْ، وَلَوِ انْكَشَفْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا، فَتَنَازَعُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1] » وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ آثَارًا أُخَرَ يَطُولُ بَسْطُهَا هَاهُنَا، وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ الْأَنْفَالَ مَرْجِعُهَا إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، يَحْكُمَانِ فِيهَا بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِلْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:{قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1] ثُمَّ ذَكَرَ مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ، وَمَا كَانَ مِنَ الْأَمْرِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ [الْأَنْفَالِ: 41] . فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُبَيِّنَةٌ لِحُكْمِ اللَّهِ فِي الْأَنْفَالِ، الَّذِي جَعَلَ مَرَدَّهُ إِلَيْهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيَّنَهُ تَعَالَى، وَحَكَمَ فِيهَا بِمَا أَرَادَ تَعَالَى، وَهُوَ قَوْلُ

ص: 180

ابْنِ زَيْدٍ، وَقَدْ زَعَمَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، رحمه الله، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ غَنَائِمَ بَدْرٍ عَلَى السَّوَاءِ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَمْ يُخَمِّسْهَا، ثُمَّ نَزَلَ بَيَانُ الْخُمُسِ بَعْدَ ذَلِكَ نَاسِخًا لِمَا تَقَدَّمَ، وَهَكَذَا رَوَى الْوَالِبِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ سِيَاقَ الْآيَاتِ قَبْلَ آيَةِ الْخُمُسِ وَبَعْدَهَا، كُلُّهَا فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، فَيَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ جُمْلَةً فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ غَيْرِ مُتَفَاصِلٍ بِتَأَخُّرٍ يَقْتَضِي نَسْخَ بَعْضِهِ بَعْضًا، ثُمَّ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "«عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ فِي قِصَّةِ شَارِفَيْهِ اللَّذَيْنِ اجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا حَمْزَةُ: إِنَّ إِحْدَاهُمَا كَانَتْ مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَ بَدْرٍ. مَا يَرُدُّ صَرِيحًا عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ لَمْ تُخَمَّسْ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ. بَلْ خُمِّسَتْ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ وَابْنِ جَرِيرٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ الرَّاجِحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 181