المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل فيما قيل من الأشعار في غزوة بدر العظمى] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[السَّنَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَغَازِي]

- ‌[عَدَاوَةُ الْيَهُودِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا وَقَعَ مِنْهُمْ]

- ‌[فَصْلُ ذِكْرِ مَنْ مَالَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى الْيَهُودِ]

- ‌[فَصْلٌ: ذِكْرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ عَلَى سَبِيلِ التَّقِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ]

- ‌[بَعْثُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ]

- ‌[غَزْوَةُ بُوَاطَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى]

- ‌[بَابُ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرْضِيَّةِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْعُظْمَى]

- ‌[مُقَدِّمَاتُهَا وَأَحْدَاثُهَا]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَقْتَلِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ]

- ‌[رَدُّهُ عليه السلام عَيْنَ قَتَادَةَ]

- ‌[فَصْلٌ قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَا]

- ‌[ذِكْرُ طَرْحِ رُءُوسِ الْكُفْرِ فِي بِئْرِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي شَأْنِ الْأُسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْقَتْلَى وَعَدَدِ الْأُسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي غَنَائِمِ بِدَرٍ لِمَنْ تَكُونُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِهِ عليه السلام مِنْ بَدْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ فِي مَسِيرِهِ إِلَيْهَا]

- ‌[مَقْتَلُ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لَعَنَهُمَا اللَّهُ]

- ‌[ذِكْرُ فَرَحِ النَّجَاشِيِّ رضي الله عنه بِوَقْعَةِ بِدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي وُصُولِ خَبَرِ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ إِلَى أَهَالِيهِمْ بِمَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَعْثِ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[حَرْفُ الْأَلِفِ]

- ‌[حَرْفُ الْبَاءِ]

- ‌[حَرْفُ التَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الثَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْجِيمِ]

- ‌[حَرْفُ الْحَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْخَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الذَّالِ]

- ‌[حَرْفُ الرَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الزَّايِ]

- ‌[حَرْفُ السِّينِ]

- ‌[حَرْفُ الشِّينِ]

- ‌[حَرْفُ الصَّادِ]

- ‌[حَرْفُ الضَّادِ]

- ‌[حَرْفُ الطَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الظَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْعَيْنِ]

- ‌[حَرْفُ الْغَيْنِ]

- ‌[حَرْفُ الْفَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْقَافِ]

- ‌[حَرْفُ الْكَافِ]

- ‌[حَرْفُ الْمِيمِ]

- ‌[حَرْفُ النُّونِ]

- ‌[حَرْفُ الْهَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْوَاوِ]

- ‌[حَرْفُ الْيَاءِ]

- ‌[بَابُ الْكُنَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي جُمْلَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ زَيْنَبَ بِنْتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرَةً بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى]

- ‌[فَصْلٌ أَشْعَارٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْرِكِينَ يَرْثُونَ بِهَا قَتْلَاهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ غَزْوَةِ بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌[غَزْوَةُ السُّوِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى زَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ جُمَلٍ مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[سَنَةُ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْفُرُعِ]

- ‌[خَبَرُ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ]

- ‌[سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ]

- ‌[مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ]

- ‌[غَزْوَةِ أُحُدٍ]

- ‌[سَبَبُ تَسْمِيَتِهَا وَأَحْدَاثِهَا]

- ‌[مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إِصَابَةِ عَيْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَرَدِّ الرَّسُولِ عليه السلام لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِتَالِ أُمِّ عُمَارَةَ نَسِيبَةَ بِنْتِ كَعْبٍ الْمَازِنِيَّةِ يَوْمَ أُحُدٍ]

- ‌[ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ]

- ‌[وَفَرَغَ النَّاسُ لِقَتْلَاهُمْ]

- ‌[ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ]

- ‌[فَصَلٌ فِي عَدَدِ الشُّهَدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ: انْصِرَافُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ]

- ‌[خُرُوجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ]

- ‌[آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى وَقْعَةِ أُحُدٍ]

- ‌[سَنَةُ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الرَّجِيعِ]

- ‌[سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ]

- ‌[سَرِيَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ]

- ‌[قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ سُعْدَى الْقُرَظِيِّ حِينَ مَرَّ عَلَى دِيَارِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ صَارَتْ يَبَابًا لَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي لِحْيَانَ]

- ‌[غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ]

- ‌[سَبَبُ تَسْمِيَةِ الْغَزْوَةِ بِهَذَا الْاسْمِ]

- ‌[قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ]

- ‌[قِصَّةُ الَّذِي أُصِيبَتِ امْرَأَتُهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ]

- ‌[قِصَّةُ جَمَلِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ]

- ‌[فَصَلٌ فِي جُمَلٍ مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ]

الفصل: ‌[فصل فيما قيل من الأشعار في غزوة بدر العظمى]

[فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى]

فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَنْكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ:

أَلَمْ تَرَ أَمْرًا كَانَ مَنْ عَجَبِ الدَّهْرِ

وَلِلْحَيْنِ أَسْبَابٌ مُبَيَّنَةُ الْأَمْرِ

وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّ قَوْمًا أَفَادَهُمْ

فَخَانُوا تَوَاصٍ بِالْعُقُوقِ وَبِالْكُفْرِ

عَشِيَّةَ رَاحُوا نَحْوَ بَدْرٍ بِجَمْعِهِمْ

فَكَانُوا رُهُونًا لِلرَّكِيَّةِ مِنْ بَدْرِ

وَكُنَّا طَلَبْنَا الْعِيرِ لَمْ نَبْغِ غَيْرَهَا

فَسَارُوا إِلَيْنَا فَالْتَقَيْنَا عَلَى قَدْرِ

فَلَمَّا الْتَقَيْنَا لَمْ تَكُنْ مَثْنَوِيَّةٌ

لَنَا غَيْرَ طَعْنٍ بِالْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ

ص: 273

وَضَرْبٍ بِبِيضٍ يَخْتَلِي الْهَامَ حَدُّهَا

مُشَهَّرَةِ الْأَلْوَانِ بَيِّنَةِ الْأُثْرِ

وَنَحْنُ تَرَكْنَا عُتْبَةَ الْغَيِّ ثَاوِيًا

وَشَيْبَةَ فِي قَتْلَى تَجَرْجَمُ فِي الْجَفْرِ

وَعَمْرٌو ثَوَى فِيمَنْ ثَوَى مِنْ حُمَاتِهِمْ

فَشُقَّتْ جُيُوبَ النَّائِحَاتِ عَلَى عَمْرِو

جُيُوبُ نِسَاءٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ

كِرَامٍ تَفَرَّعْنَ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرِ

أُولَئِكَ قَوْمٌ قُتِّلُوا فِي ضَلَالِهِمْ

وَخَلَّوْا لِوَاءً غَيْرَ مُحْتَضَرِ النَّصْرِ

لِوَاءَ ضَلَالٍ قَادَ إِبْلِيسُ أَهْلَهُ

فَخَاسَ بِهِمْ إِنَّ الْخَبِيثَ إِلَى غَدْرِ

وَقَالَ لَهُمْ إِذْ عَايَنَ الْأَمْرَ وَاضِحًا

بَرِئْتُ إِلَيْكُمْ مَا بِيَ الْيَوْمَ مِنْ صَبْرِ

فَإِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَإِنَّنِي

أَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو قَسْرِ

فَقَدَّمَهُمْ لِلْحَيْنِ حَتَّى تَوَرَّطُوا

وَكَانَ بِمَا لَمْ يَخْبُرِ الْقَوْمُ ذَا خُبْرِ

فَكَانُوا غَدَاةَ الْبِئْرِ أَلْفًا وَجَمْعُنَا

ثَلَاثُ مِئِينٍ كَالْمُسَدَّمَةِ الزُّهْرِ

وَفِينَا جُنُودُ اللَّهِ حِينَ يَمُدُّنَا

بِهِمْ فِي مَقَامٍ ثَمَّ مُسْتَوْضِحِ الذِّكْرِ

فَشَدَّ بِهِمْ جِبْرِيلُ تَحْتَ لِوَائِنَا

لَدَى مَأْزَقٍ فِيهِ مَنَايَاهُمُ تَجْرِي

ص: 274

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ جَوَابَهَا مِنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَخِي أَبِي جَهْلٍ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، تَرَكْنَاهَا عَمْدًا.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - وَأَنْكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ -:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَبْلَى رَسُولَهُ

بَلَاءَ عَزِيزٍ ذِي اقْتِدَارٍ وَذِي فَضْلِ

بِمَا أَنْزَلَ الْكُفَّارَ دَارَ مَذَلَّةٍ

فَلَاقَوْا هَوَانًا مِنْ إِسَارٍ وَمِنْ قَتْلِ

فَأَمْسَى رَسُولُ اللَّهِ قَدْ عَزَّ نَصْرُهُ

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ أُرْسِلَ بِالْعَدْلِ

فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ مِنَ اللَّهِ مُنْزَلٍ

مُبَيَّنَةٍ آيَاتُهُ لِذَوِي الْعَقْلِ

فَآمَنَ أَقْوَامٌ بِذَاكَ وَأَيْقَنُوا

فَأَمْسَوْا بِحَمْدِ اللَّهِ مُجْتَمِعِي الشَّمْلِ

وَأَنْكَرَ أَقْوَامٌ فَزَاغَتْ قُلُوبُهُمْ

فَزَادَهُمُ ذُو الْعَرْشِ خَبْلًا عَلَى خَبْلِ

وَأَمْكَنَ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ رَسُولَهُ

وَقَوْمًا غِضَابًا فِعْلُهُمْ أَحْسَنُ الْفِعْلِ

بِأَيْدِيهِمُ بِيضٌ خِفَافٌ عَصُوا بِهَا

وَقَدْ حَادَثُوهَا بِالْجَلَاءِ وَبِالصَّقْلِ

فَكَمْ تَرَكُوا مِنْ نَاشِئٍ ذِي حَمِيَّةٍ

صَرِيعًا وَمِنْ ذِي نَجْدَةٍ مِنْهُمُ كَهْلِ

تَبِيتُ عُيُونُ النَّائِحَاتِ عَلَيْهِمُ

تَجُودُ بِإِسْبَالِ الرَّشَاشِ وَبِالْوَبْلِ

ص: 275

نَوَائِحَ تَنْعَيْ عُتْبَةَ الْغَيِّ وَابْنَهُ

وَشَيْبَةَ تَنْعَاهُ وَتَنْعَيْ أَبَا جَهْلِ

وَذَا الرِّجْلِ تَنْعَى وَابْنَ جُدْعَانَ فِيهِمُ

مُسَلَّبَةً حَرَّى مُبَيَّنَةَ الثُّكْلِ

ثُوَى مِنْهُمُ فِي بِئْرِ بَدْرٍ عِصَابَةٌ

ذَوُو نَجَدَاتٍ فِي الْحُرُوبِ وَفِي الْمَحْلِ

دَعَا الْغَيُّ مِنْهُمْ مَنْ دَعَا فَأَجَابَهُ

وَلِلْغَيِّ أَسْبَابٌ مُرَمَّقَةُ الْوَصْلِ

فَأَضْحَوْا لَدَى دَارِ الْجَحِيمِ بِمَعْزِلٍ

عَنِ الشَّغْبِ وَالْعُدْوَانِ فِي أَسْفَلِ السُّفْلِ

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ نَقِيضَهَا مِنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَيْضًا، تَرَكْنَاهَا قَصْدًا. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:

عَجِبْتُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَاللَّهُ قَادِرُ

عَلَى مَا أَرَادَ لَيْسَ لِلَّهِ قَاهِرُ

قَضَى يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ نُلَاقِيَ مَعْشَرًا

بَغَوْا وَسَبِيلُ الْبَغْيِ بِالنَّاسِ جَائِرُ

وَقَدْ حَشَدُوا وَاسْتَنْفَرُوا مَنْ يَلِيهِمُ

مِنَ النَّاسِ حَتَّى جَمْعُهُمْ مُتَكَاثِرُ

وَسَارَتْ إِلَيْنَا لَا تُحَاوِلُ غَيْرَنَا

بِأَجْمَعِهَا كَعْبٌ جَمِيعًا وَعَامِرُ

وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ وَالْأَوْسُ حَوْلَهُ

لَهُ مَعْقِلٌ مِنْهُمْ عَزِيزٌ وَنَاصِرُ

ص: 276

وَجَمْعُ بَنِي النَّجَّارِ تَحْتَ لِوَائِهِ

يَمْشُونَ فِي الْمَاذِيِّ وَالنَّقْعُ ثَائِرُ

فَلَمَّا لَقِينَاهُمْ وَكُلٌّ مُجَاهِدٌ

لِأَصْحَابِهِ مُسْتَبْسِلُ النَّفْسِ صَابِرُ

شَهِدْنَا بِأَنَّ اللَّهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ

وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بِالْحَقِّ ظَاهِرُ

وَقَدْ عُرِّيَتْ بِيضٌ خِفَافٌ كَأَنَّهَا

مَقَابِيسُ يُزْهِيهَا لِعَيْنَيْكَ شَاهِرُ

بِهِنَّ أَبَدْنَا جَمْعَهُمْ فَتَبَدَّدُوا

وَكَانَ يُلَاقِي الْحَيْنَ مَنْ هُوَ فَاجِرُ

فَكَبَّ أَبُو جَهْلٍ صَرِيعًا لِوَجْهِهِ

وَعُتْبَةُ قَدْ غَادَرْتُهُ وَهْوَ عَاثِرُ

وَشَيْبَةَ وَالتَّيْمِيَّ غَادَرْتُ فِي الْوَغَى

وَمَا مِنْهُمْ إِلَّا بِذِي الْعَرْشِ كَافِرُ

فَأَمْسَوْا وَقُودَ النَّارِ فِي مُسْتَقَرِّهَا

وَكُلُّ كَفُورٍ فِي جَهَنَّمَ صَائِرُ

تَلَظَّى عَلَيْهِمْ وَهْيَ قَدْ شَبَّ حَمْيُهَا

بِزُبْرِ الْحَدِيدِ وَالْحِجَارَةِ سَاجِرُ

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ قَالَ أَقْبِلُوا

فَوَلَّوْا وَقَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ سَاحِرُ

لِأَمْرٍ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَهْلِكُوا بِهِ

وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمَّهُ اللَّهُ زَاجِرُ

وَقَالَ كَعْبٌ فِي يَوْمِ بَدْرٍ

ص: 277

أَلَا هَلْ أَتَى غَسَّانَ فِي نَأْيِ دَارِهَا

وَأَخْبَرُ شَيْءٍ بِالْأُمُورِ عَلِيمُهَا

بِأَنْ قَدْ رَمَتْنَا عَنْ قِسِيٍّ عَدَاوَةً

مَعَدٌّ مَعًا جُهَّالُهَا وَحَلِيمُهَا

لِأَنَّا عَبَدْنَا اللَّهَ لَمْ نَرْجُ غَيْرَهُ

رَجَاءَ الْجِنَانِ إِذْ أَتَانَا زَعِيمُهَا

نَبِيٌّ لَهُ فِي قَوْمِهِ إِرْثُ عِزَّةٍ

وَأَعْرَاقُ صِدْقٍ هَذَّبَتْهَا أُرُومُهَا

فَسَارُوا وَسِرْنَا فَالْتَقَيْنَا كَأَنَّنَا

أُسُودُ لِقَاءٍ لَا يُرَجَّى كَلِيمُهَا

ضَرَبْنَاهُمُ حَتَّى هَوَى فِي مَكَرِّنَا

لِمَنْخِرِ سَوْءٍ مِنْ لُؤَيٍّ عَظِيمُهَا

فَوَلَّوْا وَدُسْنَاهُمْ بِبِيضٍ صَوَارِمٍ

سَوَاءٌ عَلَيْنَا حِلْفُهَا وَصَمِيمُهَا

وَقَالَ كَعْبٌ أَيْضًا:

لَعَمْرُ أَبِيكُمَا يَا ابْنَيْ لُؤَيٍّ

عَلَى زَهْوٍ لَدَيْكُمْ وَانْتِخَاءِ

لَمَا حَامَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرٍ

وَلَا صَبَرُوا بِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ

وَرَدْنَاهُ وَنُورُ اللَّهِ يَجْلُو

دُجَى الظَّلْمَاءِ عَنَّا وَالْغِطَاءِ

ص: 278

رَسُولُ اللَّهِ يَقْدُمُنَا بِأَمْرٍ

مِنَ امْرِ اللَّهِ أُحْكِمَ بِالْقَضَاءِ

فَمَا ظَفِرَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرٍ

وَمَا رَجَعُوا إِلَيْكُمْ بِالسَّوَاءِ

فَلَا تَعْجَلْ أَبَا سُفْيَانَ وَارْقُبْ

جِيَادَ الْخَيْلِ تَطْلُعُ مِنْ كَدَاءِ

بِنْصِرِ اللَّهِ رُوحُ الْقُدْسِ فِيهَا

وَمِيكَالٌ فَيَا طِيبَ الْمَلَاءِ

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ هِيَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ السَّهْمِيِّ:

مُسْتَشْعِرِي حَلَقَ الْمَاذِيِّ يَقْدُمُهُمْ

جَلْدُ النَّحِيزَةِ مَاضٍ غَيْرُ رِعْدِيدِ

أَعْنِي رَسُولَ إِلَهِ الْخَلْقِ فَضَّلَهُ

عَلَى الْبَرِيَّةِ بِالتَّقْوَى وَبِالْجُودِ

وَقَدْ زَعَمْتُمْ بِأَنْ تَحْمُوا ذِمَارَكُمُ

وَمَاءُ بَدْرٍ زَعَمْتُمْ غَيْرُ مَوْرُودِ

ثُمَّ وَرَدْنَا وَلَمْ نَسْمَعْ لِقَوْلِكُمُ

حَتَّى شَرِبْنَا رَوَاءً غَيْرَ تَصْرِيدِ

مُسْتَعْصِمِينَ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْجَذِمٍ

مُسْتَحْكِمٍ مِنْ حِبَالِ اللَّهِ مَمْدُودِ

ص: 279

فِينَا الرَّسُولُ وَفِينَا الْحَقُّ نَتْبَعُهُ

حَتَّى الْمَمَاتِ وَنَصْرٌ غَيْرُ مَحْدُودِ

وَافٍ وَمَاضٍ شِهَابٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ

بَدْرٌ أَنَارَ عَلَى كُلِّ الْأَمَاجِيدِ

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَتَى أَهْلَ مَكَّةٍ

إِبَارَتُنَا الْكُفَّارَ فِي سَاعَةِ الْعُسْرِ

قَتَلْنَا سَرَاةَ الْقَوْمِ عِنْدَ مَجَالِنَا

فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَّا بِقَاصِمَةِ الظَّهْرِ

قَتَلْنَا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ قَبْلَهُ

وَشَيْبَةَ يَكْبُو لِلْيَدَيْنِ وَلِلنَّحْرِ

قَتَلْنَا سُوَيْدًا ثُمَّ عُتْبَةَ بَعْدَهُ

وَطُعْمَةَ أَيْضًا عِنْدَ ثَائِرَةِ الْقَتْرِ

فَكَمْ قَدْ قَتَلْنَا مِنْ كَرِيمٍ مُرَزَّأٍ

لَهُ حَسَبٌ فِي قَوْمِهِ نَابِهُ الذِّكْرِ

تَرَكْنَاهُمُ لِلْعَاوِيَاتِ يَنُبْنَهُمْ

وَيَصْلَوْنَ نَارًا بَعْدُ حَامِيَةَ الْقَعْرِ

لَعَمْرُكَ مَا حَامَتْ فَوَارِسُ مَالِكٍ

وَأَشْيَاعُهُمْ يَوْمَ الْتَقَيْنَا عَلَى بَدْرِ

وَقَالَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فِي يَوْمِ بَدْرٍ، وَفِي قَطْعِ رِجْلِهِ فِي مُبَارَزَتِهِ هُوَ وَحَمْزَةَ وَعَلِيٍّ مَعَ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَنْكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ:

ص: 280

سَتَبْلُغُ عَنَّا أَهْلَ مَكَّةَ وَقْعَةٌ

يَهُبُّ لَهَا مَنْ كَانَ عَنْ ذَاكَ نَائِيَا

بِعُتْبَةَ إِذْ وَلَّى وَشَيْبَةُ بَعْدَهُ

وَمَا كَانَ فِيهَا بِكْرُ عُتْبَةَ رَاضِيَا

فَإِنْ تَقْطَعُوا رِجْلِي فَإِنِّيَ مُسْلِمٌ

أُرَجِّي بِهَا عَيْشًا مِنَ اللَّهِ دَانِيَا

مَعَ الْحُورِ أَمْثَالِ التَّمَاثِيلِ أُخْلِصَتْ

مِنَ الْجَنَّةِ الْعُلْيَا لِمَنْ كَانَ عَالِيَا

وَبِعْتُ بِهَا عَيْشًا تَعَرَّفْتُ صَفْوَهُ

وَعَاجَلْتُهُ حَتَّى فَقَدْتُ الْأَدَانِيَا

فَأَكْرَمَنِي الرَّحْمَنُ مِنْ فَضْلِ مَنِّهِ

بِثَوْبٍ مِنَ الْإِسْلَامِ غَطَّى الْمَسَاوِيَا

وَمَا كَانَ مَكْرُوهًا إِلَيَّ قِتَالُهُمْ

غَدَاةَ دَعَا الْأَكْفَاءَ مَنْ كَانَ دَاعِيَا

وَلَمْ يَبْغِ إِذْ سَالُوا النَّبِيَّ سَوَاءَنَا

ثَلَاثَتَنَا حَتَّى حَضَرْنَا الْمُنَادِيَا

لَقِينَاهُمُ كَالْأُسْدِ تَخْطِرُ بِالْقَنَا

نُقَاتِلُ فِي الرَّحْمَنِ مَنْ كَانَ عَاصِيَا

فَمَا بَرِحَتْ أَقْدَامُنَا مِنْ مَقَامِنَا

ثَلَاثَتِنَا حَتَّى أُزِيرُوا الْمَنَائِيَا

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا، يَذُمُّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ عَلَى فِرَارِهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَتَرْكِهِ قَوْمَهُ لَا يُقَاتِلُ دُونَهُمْ:

ص: 281

تَبَلَتْ فُؤَادَكَ فِي الْمَنَامِ خَرِيدَةٌ

تَشْفِي الضَّجِيعَ بِبَارِدٍ بِسَّامِ

كَالْمِسْكِ تَخْلِطُهُ بِمَاءِ سَحَابَةٍ

أَوْ عَاتِقٍ كَدَمِ الذَّبِيحِ مُدَامِ

نُفُجُ الْحَقِيبَةِ بَوْصُهَا مُتَنَضِّدٌ

بَلْهَاءُ غَيْرُ وَشِيكَةِ الْأَقْسَامِ

بُنِيَتْ عَلَى قَطَنٍ أَجَمَّ كَأَنَّهُ

فُضُلًا إِذَا قَعَدَتْ مَدَاكُ رُخَامِ

وَتَكَادُ تَكْسَلُ أَنْ تَجِيءَ فِرَاشَهَا

فِي جِسْمِ خَرْعَبَةٍ وَحُسْنِ قَوَامِ

أَمَّا النَّهَارَ فَلَا أُفَتِّرُ ذِكْرَهَا

وَاللَّيْلَ تُوزِعُنِي بِهَا أَحْلَامِي

أَقْسَمْتُ أَنْسَاهَا وَأَتْرُكُ ذِكْرَهَا

حَتَّى تُغَيَّبَ فِي الضَّرِيحِ عِظَامِي

يَا مَنْ لِعَاذِلَةٍ تَلُومُ سَفَاهَةً

وَلَقَدْ عَصَيْتُ عَلَى الْهَوَى لُوَّامِي

ص: 282

بَكَرَتْ عَلَيَّ بِسُحْرَةٍ بَعْدَ الْكَرَى

وَتَقَارُبٍ مِنْ حَادِثِ الْأَيَّامِ

زَعَمَتْ بِأَنَّ الْمَرْءَ يَكْرُبُ عُمْرَهُ

عَدَمٌ لِمُعْتَكِرٍ مِنَ الْأَصْرَامِ

إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةَ الَّذِي حَدَّثْتِنِي

فَنَجَوْتِ مَنْجَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ

تَرَكَ الْأَحِبَّةَ أَنْ يُقَاتِلَ دُونَهُمْ

وَنَجَا بِرَأْسِ طِمِرَّةٍ وَلِجَامِ

تَذَرُ الْعَنَاجِيجُ الْجِيَادَ بِقَفْرَةٍ

مَرَّ الدَّمُوكِ بِمُحْصَدٍ وَرِجَامِ

مَلَأَتْ بِهِ الْفَرْجَيْنِ فَارْمَدَّتْ بِهِ

وَثَوَى أَحِبَّتُهُ بَشَرِّ مُقَامِ

وَبَنُو أَبِيهِ وَرَهْطُهُ فِي مَعْرَكٍ

نَصَرَ الْإِلَهُ بِهِ ذَوِي الْإِسْلَامِ

طَحَنَتْهُمُ وَاللَّهُ يُنْفِذُ أَمْرَهُ

حَرْبٌ يُشَبُّ سَعِيرُهَا بِضِرَامِ

لَوْلَا الْإِلَهُ وَجَرْيُهَا لَتَرَكْنَهُ

جَزَرَ السِّبَاعِ وَدُسْنَهُ بِحَوَامِ

ص: 283

مِنْ بَيْنِ مَأْسُورٍ يُشَدُّ وَثَاقُهُ

صَقْرٍ إِذَا لَاقَى الْأَسِنَّةَ حَامِ

وَمُجَدَّلٍ لَا يَسْتَجِيبُ لِدَعْوَةٍ

حَتَّى تَزُولَ شَوَامِخُ الْأَعْلَامِ

بِالْعَارِ وَالذُّلِّ الْمُبَيَّنِ إِذْ رَأَى

بِيضَ السُّيُوفِ تَسُوقُ كُلَّ هُمَامِ

بِيَدَيْ أَغَرَّ إِذَا انْتَمَى لَمْ يُخْزِهِ

نَسَبُ الْقِصَارِ سَمَيْدَعٍ مِقْدَامِ

بِيضٌ إِذَا لَاقَتْ حَدِيدًا صَمَّمَتْ

كَالْبَرْقِ تَحْتَ ظِلَالِ كُلِّ غَمَامِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا فِي آخِرِهَا ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ أَقْذَعَ فِيهَا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، أَخُو أَبِي جَهْلٍ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ:

الْقَوْمُ أَعْلَمُ مَا تَرَكْتُ قِتَالَهُمْ

حَتَّى حَبَوْا مُهْرِي بِأَشْقَرَ مُزْبِدِ

وَعَرَفْتُ أَنِّي إِنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا

أُقْتَلْ وَلَا يَنْكِي عَدُوِّيَ مَشْهَدِي

فَصَدَدْتُ عَنْهُمْ وَالْأَحِبَّةُ فِيهِمُ

طَمَعًا لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِدِ

ص: 284

وَقَالَ حَسَّانُ أَيْضًا:

يَا حَارِ قَدْ عَوَّلْتَ غَيْرَ مُعَوَّلِ

عِنْدَ الْهِيَاجِ وَسَاعَةَ الْأَحْسَابِ

إِذْ تَمْتَطِي سُرُحَ الْيَدَيْنِ نَجِيبَةً

مَرَطَى الْجِرَاءِ طَوِيلَةَ الْأَقْرَابِ

وَالْقَوْمُ خَلْفَكَ قَدْ تَرَكْتَ قِتَالَهُمْ

تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَيْسَ حِينَ ذَهَابِ

أَلَّا عَطَفْتَ عَلَى ابْنِ أُمِّكَ إِذْ ثَوَى

قَعْصَ الْأَسِنَّةِ ضَائِعَ الْأَسْلَابِ

عَجِلَ الْمَلِيكُ لَهُ فَأَهْلَكَ جَمْعَهُ

بِشَنَارِ مُخْزِيَةٍ وَسُوءِ عَذَابِ

وَقَالَ حَسَّانُ أَيْضًا:

لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ

غَدَاةَ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ الشَّدِيدِ

بِأَنَّا حِينَ تَشْتَجِرُ الْعَوَالِي

حُمَاةُ الْحَرْبِ يَوْمَ أَبِي الْوَلِيدِ

قَتَلْنَا ابْنَيْ رَبِيعَةَ يَوْمَ سَارَا

إِلَيْنَا فِي مُضَاعَفَةِ الْحَدِيدِ

ص: 285

وَفَرَّ بِهَا حَكِيمٌ يَوْمَ جَالَتْ

بَنُو النَّجَّارِ تَخْطِرُ كَالْأُسُودِ

وَوَلَّتْ عِنْدَ ذَاكَ جُمُوعُ فِهْرٍ

وَأَسْلَمَهَا الْحُوَيْرِثُ مِنْ بَعِيدِ

لَقَدْ لَاقَيْتُمُ ذُلًّا وَقَتْلًا

جَهِيزًا نَافِذًا تَحْتَ الْوَرِيدِ

وَكُلُّ الْقَوْمِ قَدْ وَلَّوْا جَمِيعًا

وَلَمْ يَلْوُوا عَلَى الْحَسَبِ التَّلِيدِ

وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، تَرْثِي عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ:

لَقَدْ ضُمِّنَ الصَّفْرَاءُ مَجْدًا وَسُؤْدُدًا

وَحِلْمًا أَصِيلًا وَافِرَ اللُّبِّ وَالْعَقْلِ

عُبَيْدَةَ فَابْكِيهِ لِأَضْيَافِ غُرْبَةٍ

وَأَرْمَلَةٍ تَهْوِي لِأَشْعَثَ كَالْجِذْلِ

وَبَكِّيهِ لِلْأَقْوَامِ فِي كُلِّ شَتْوَةٍ

إِذَا احْمَرَّ آفَاقُ السَّمَاءِ مِنَ الْمَحْلِ

ص: 286

وَبَكِّيهِ لِلْأَيْتَامِ وَالرِّيحُ زَفْزَفٌ

وَتَشْبِيبِ قِدْرٍ طَالَمَا أَزْبَدَتْ تَغْلِي

فَإِنْ تُصْبِحِ النِّيرَانُ قَدْ مَاتَ ضَوْءُهَا

فَقَدْ كَانَ يُذْكِيهِنَّ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ

لِطَارِقِ لَيْلٍ أَوْ لِمُلْتَمِسِ الْقِرَى

وَمُسْتَنْبِحٍ أَضْحَى لَدَيْهِ عَلَى رِسْلِ

وَقَالَ الْأُمَوِيُّ فِي " مَغَازِيهِ " حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ قَطَنٍ، قَالَ: قَالَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي رُؤْيَاهَا الَّتِي رَأَتْ وَتَذْكُرُ بَدْرًا:

أَلَمَّا تَكُنْ رُؤْيَايَ حَقًّا وَيَأْتِكُمْ

بِتَأْوِيلِهَا فَلٌّ مِنَ الْقَوْمِ هَارِبُ

رَأَى فَأَتَاكُمْ بِالْيَقِينِ الَّذِي رَأَى

بِعَيْنَيْهِ مَا تَفْرِي السُّيُوفُ الْقَوَاضِبُ

فَقُلْتُمْ وَلَمْ أَكْذِبْ كَذَبْتِ وَإِنَّمَا

يُكَذِّبُنِي بِالصِّدْقِ مَنْ هُوَ كَاذِبُ

ص: 287

وَمَا جَاءَ إِلَّا رَهْبَةَ الْمَوْتِ هَارِبًا

حَكِيمٌ وَقَدْ أَعْيَتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ

أَقَامَتْ سُيُوفُ الْهِنْدِ دُونَ رُءُوسِكُمْ

وَخَطِّيَّةٌ فِيهَا الشَّبَا وَالثَّعَالِبُ

كَأَنَّ حَرِيقُ النَّارِ لَمْعَ ظُبَاتِهَا

إِذَا مَا تَعَاطَتْهَا اللُّيُوثُ الْمَشَاغِبُ

أَلَا بِأَبِي يَوْمَ اللِّقَاءِ مُحَمَّدًا

إِذَا عَضَّ مِنْ عُونِ الْحُرُوبِ الْغَوَارِبُ

مَرَى بِالسُّيُوفِ الْمُرْهَفَاتِ نُفُوسَكُمْ

كِفَاحًا كَمَا تَمْرِي السَّحَابَ الْجَنَائِبُ

ص: 288

فَكَمْ بَرَدَتْ أَسْيَافُهُ مِنْ مَلِيكَةٍ

وَزُعْزِعَ وَرْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ صَالِبُ

فَمَا بَالُ قَتْلَى فِي الْقَلِيبِ وَمِثْلُهُمْ

لَدَى ابْنِ أَخِي أَسْرَى لَهُ مَا تُضَارِبُ

فَكَانُوا نِسَاءً أَمْ أَتَى لِنُفُوسِهِمْ

مِنَ اللَّهِ حَيْنٌ سَاقَ وَالْحَيْنُ حَالِبُ

فَكَيْفَ رَأَى عِنْدَ اللِّقَاءِ مُحَمَّدًا

بَنُو عَمِّهِ وَالْحَرْبُ فِيهَا التَّجَارِبُ

أَلَمْ يَغْشَكُمْ ضَرْبًا يَحَارُ لِوَقْعِهِ الْ

جَبَانُ وَتَبْدُو بِالنَّهَارِ الْكَوَاكِبُ

حَلَفْتُ لَئِنْ عَادُوا لَنَصْطَلِيَنَّهُمْ

بِحَارًا تَرَدَّى تَجْرِبَتْهَا الْمَقَانِبُ

كَأَنَّ ضِيَاءَ الشَّمْسِ لَمْعَ ظُبَاتِهَا

لَهَا مِنْ شُعَاعِ النُّورِ قَرْنٌ وَحَاجِبُ

ص: 289

وَقَالَتْ عَاتِكَةُ أَيْضًا فِيمَا نَقَلَهُ الْأُمَوِيُّ:

هَلَّا صَبَرْتُمْ لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ

بِبَدْرٍ وَمَنْ يَغْشَى الْوَغَى حَقُّ صَابِرِ

وَلَمْ تَرْجِعُوا عَنْ مُرْهَفَاتٍ كَأَنَّهَا

حَرِيقٌ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ بِوَاتِرِ

وَلَمْ تَصْبِرُوا لِلْبِيضِ حَتَّى أُخِذْتُمُوا

قَلِيلًا بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ الْمَسَاعِرِ

وَوَلَّيْتُمُ نَفْرًا وَمَا الْبَطَلُ الَّذِي

يُقَاتِلُ مِنْ وَقْعِ السِّلَاحِ بِنَافِرِ

أَتَاكُمْ بِمَا جَاءَ النَّبِيُّونَ قَبْلَهُ

وَمَا ابْنُ أَخِي الْبَرُّ الصَّدُوقُ بِشَاعِرِ

سَيَكْفِي الَّذِي ضَيَّعْتُمُ مِنْ نَبِيِّكُمْ

وَيَنْصُرُهُ الْحَيَّانِ عَمْرٌو وَعَامِرُ

وَقَالَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَمْدَحُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَرْثِي أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَئِذٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَهُوَ بَعْدُ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ إِذْ ذَاكَ:

أَلَا إِنَّ عَيْنِي أَنْفَدَتْ دَمْعَهَا سَكْبَا

تَبْكِي عَلَى كَعْبٍ وَمَا إِنْ تَرَى كَعْبَا

أَلَا إِنَّ كَعْبًا فِي الْحُرُوبِ تَخَاذَلُوا

وَأَرْدَاهُمُ ذَا الدَّهْرُ وَاجْتَرَحُوا ذَنْبَا

وَعَامِرُ تَبْكِي لِلْمُلِمَّاتِ غُدْوَةً

فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَرَى لَهُمُ قُرْبَا

ص: 290

فَيَا أَخَوَيْنَا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلًا

فِدًى لَكُمَا لَا تَبْعَثُوا بَيْنَنَا حَرْبَا

وَلَا تُصْبِحُوا مِنْ بَعْدِ وُدٍّ وَأُلْفَةٍ

أَحَادِيثَ فِيهَا كُلُّكُمْ يَشْتَكِي النَّكْبَا

أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا كَانَ فِي حَرْبِ دَاحِسٍ

وَحَرْبِ أَبِي يَكْسُومَ إِذْ مَلَئُوا الشِّعْبَا

فَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ

لَأَصْبَحْتُمُ لَا تَمْنَعُونَ لَكُمْ سِرْبَا

فَمَا إِنْ جَنَيْنَا فِي قُرَيْشٍ عَظِيمَةً

سِوَى أَنْ حَمَيْنَا خَيْرَ مَنْ وَطِئَ التُّرْبَا

أَخَا ثِقَةٍ فِي النَّائِبَاتِ مُرَزَّأً

كَرِيمًا نَثَاهُ لَا بَخِيلًا وَلَا ذَرْبَا

يُطِيفُ بِهِ الْعَافُونَ يَغْشَوْنَ بَابَهُ

يَؤُمُّونَ نَهْرًا لَا نَزُورًا وَلَا صَرْبَا

فَوَاللَّهِ لَا تَنْفَكُّ نَفْسِي حَزِينَةً

تَمَلْمَلُ حَتَّى تَصْدُقُوا الْخَزْرَجَ الضَّرْبَا

ص: 291