المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سرية عمرو بن أمية الضمري] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[السَّنَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَغَازِي]

- ‌[عَدَاوَةُ الْيَهُودِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا وَقَعَ مِنْهُمْ]

- ‌[فَصْلُ ذِكْرِ مَنْ مَالَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى الْيَهُودِ]

- ‌[فَصْلٌ: ذِكْرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ عَلَى سَبِيلِ التَّقِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ]

- ‌[بَعْثُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ]

- ‌[غَزْوَةُ بُوَاطَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى]

- ‌[بَابُ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرْضِيَّةِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْعُظْمَى]

- ‌[مُقَدِّمَاتُهَا وَأَحْدَاثُهَا]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَقْتَلِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ]

- ‌[رَدُّهُ عليه السلام عَيْنَ قَتَادَةَ]

- ‌[فَصْلٌ قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَا]

- ‌[ذِكْرُ طَرْحِ رُءُوسِ الْكُفْرِ فِي بِئْرِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي شَأْنِ الْأُسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْقَتْلَى وَعَدَدِ الْأُسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي غَنَائِمِ بِدَرٍ لِمَنْ تَكُونُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِهِ عليه السلام مِنْ بَدْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ فِي مَسِيرِهِ إِلَيْهَا]

- ‌[مَقْتَلُ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لَعَنَهُمَا اللَّهُ]

- ‌[ذِكْرُ فَرَحِ النَّجَاشِيِّ رضي الله عنه بِوَقْعَةِ بِدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي وُصُولِ خَبَرِ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ إِلَى أَهَالِيهِمْ بِمَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَعْثِ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[حَرْفُ الْأَلِفِ]

- ‌[حَرْفُ الْبَاءِ]

- ‌[حَرْفُ التَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الثَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْجِيمِ]

- ‌[حَرْفُ الْحَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْخَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الذَّالِ]

- ‌[حَرْفُ الرَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الزَّايِ]

- ‌[حَرْفُ السِّينِ]

- ‌[حَرْفُ الشِّينِ]

- ‌[حَرْفُ الصَّادِ]

- ‌[حَرْفُ الضَّادِ]

- ‌[حَرْفُ الطَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الظَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْعَيْنِ]

- ‌[حَرْفُ الْغَيْنِ]

- ‌[حَرْفُ الْفَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْقَافِ]

- ‌[حَرْفُ الْكَافِ]

- ‌[حَرْفُ الْمِيمِ]

- ‌[حَرْفُ النُّونِ]

- ‌[حَرْفُ الْهَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْوَاوِ]

- ‌[حَرْفُ الْيَاءِ]

- ‌[بَابُ الْكُنَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي جُمْلَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ زَيْنَبَ بِنْتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرَةً بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى]

- ‌[فَصْلٌ أَشْعَارٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْرِكِينَ يَرْثُونَ بِهَا قَتْلَاهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ غَزْوَةِ بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌[غَزْوَةُ السُّوِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى زَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ جُمَلٍ مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[سَنَةُ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْفُرُعِ]

- ‌[خَبَرُ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ]

- ‌[سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ]

- ‌[مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ]

- ‌[غَزْوَةِ أُحُدٍ]

- ‌[سَبَبُ تَسْمِيَتِهَا وَأَحْدَاثِهَا]

- ‌[مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إِصَابَةِ عَيْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَرَدِّ الرَّسُولِ عليه السلام لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِتَالِ أُمِّ عُمَارَةَ نَسِيبَةَ بِنْتِ كَعْبٍ الْمَازِنِيَّةِ يَوْمَ أُحُدٍ]

- ‌[ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ]

- ‌[وَفَرَغَ النَّاسُ لِقَتْلَاهُمْ]

- ‌[ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ]

- ‌[فَصَلٌ فِي عَدَدِ الشُّهَدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ: انْصِرَافُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ]

- ‌[خُرُوجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ]

- ‌[آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى وَقْعَةِ أُحُدٍ]

- ‌[سَنَةُ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الرَّجِيعِ]

- ‌[سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ]

- ‌[سَرِيَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ]

- ‌[قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ سُعْدَى الْقُرَظِيِّ حِينَ مَرَّ عَلَى دِيَارِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ صَارَتْ يَبَابًا لَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي لِحْيَانَ]

- ‌[غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ]

- ‌[سَبَبُ تَسْمِيَةِ الْغَزْوَةِ بِهَذَا الْاسْمِ]

- ‌[قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ]

- ‌[قِصَّةُ الَّذِي أُصِيبَتِ امْرَأَتُهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ]

- ‌[قِصَّةُ جَمَلِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ]

- ‌[فَصَلٌ فِي جُمَلٍ مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ]

الفصل: ‌[سرية عمرو بن أمية الضمري]

[سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ]

ِّ عَلَى إِثْرِ مَقْتَلِ خُبَيْبٍ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، قَالُوا: كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ قَدْ قَالَ لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ: مَا أَحَدٌ يَغْتَالُ مُحَمَّدًا؟ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ فَنُدْرِكُ ثَأْرَنَا؟ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ أَنْتَ قَوَّيْتَنِي خَرَجْتُ إِلَيْهِ حَتَّى أَغْتَالَهُ، فَإِنِّي هَادٍ بِالطَّرِيقِ خِرِّيتٌ، مَعِي خِنْجَرٌ مِثْلُ خَافِيَةِ النَّسْرِ. قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُنَا. وَأَعْطَاهُ بَعِيرًا وَنَفَقَةً، وَقَالَ: اطْوِ أَمْرَكَ ;

ص: 517

فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَسْمَعَ هَذَا أَحَدٌ فَيَنْمِيَهُ إِلَى مُحَمَّدٍ. قَالَ: قَالَ الْعَرَبِيُّ: لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ. فَخَرَجَ لَيْلًا عَلَى رَاحِلَتِهِ فَسَارَ خَمْسًا، وَصَبَّحَ ظَهْرَ الْحَرَّةِ صُبْحَ سَادِسَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: قَدْ تَوَجَّهَ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ. فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُودُ رَاحِلَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ أَقْبَلُ يَؤُمُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِهِ، فَدَخَلَ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يُرِيدُ غَدْرًا، وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُهُ. فَوَقَفَ وَقَالَ: أَيُّكُمُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَذَهَبَ يُجْنِئُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ يُسَارُّهُ، فَجَبَذَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَقَالَ: تَنَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَجَذَبَ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِذَا الْخِنْجَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا غَادِرٌ. فَأُسْقِطَ فِي يَدِ الْأَعْرَابِيِّ، وَقَالَ: دَمِي دَمِي يَا مُحَمَّدُ. وَأَخَذَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ يُلَبِّبُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اصْدُقْنِي، مَا أَنْتَ وَمَا أَقْدَمَكَ؟ فَإِنْ صَدَقْتَنِي نَفَعَكَ الصِّدْقُ، وَإِنْ كَذَبْتَنِي فَقَدْ أُطْلِعْتُ عَلَى مَا هَمَمْتَ بِهِ. قَالَ الْعَرَبِيُّ: فَأَنَا آمِنٌ؟ قَالَ: فَأَنْتَ آمِنٌ

ص: 518

فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِ أَبِي سُفْيَانَ وَمَا جَعَلَ لَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَحُبِسَ عِنْدَ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ ثُمَّ دَعَا بِهِ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: قَدْ آمَّنْتُكَ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ، أَوْ خَيْرٌ لَكَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ، مَا كُنْتُ أَفْرَقُ مِنَ الرِّجَالِ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُكَ فَذَهَبَ عَقْلِي وَضَعُفْتُ ثُمَّ اطَّلَعْتَ عَلَى مَا هَمَمْتُ بِهِ مِمَّا سَبَقْتُ بِهِ الرُّكْبَانَ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَعَرَفْتُ أَنَّكَ مَمْنُوعٌ وَأَنَّكَ عَلَى حَقٍّ، وَأَنَّ حِزْبَ أَبِي سُفْيَانَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَبَسَّمُ، وَأَقَامَ أَيَّامًا، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، وَلِسَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيشٍ: اخْرُجَا حَتَّى تَأْتِيَا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ فَإِنْ أَصَبْتُمَا مِنْهُ غِرَّةً فَاقْتُلَاهُ. قَالَ عَمْرٌو: فَخَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبِي حَتَّى أَتَيْنَا بَطْنَ يَأْجَجَ فَقَيَّدْنَا بِعِيرَنَا، وَقَالَ لِي صَاحِبِي: يَا عَمْرُو، هَلْ لَكَ فِي أَنْ نَأْتِيَ مَكَّةَ فَنَطُوفَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا وَنَصْلِيَ رَكْعَتَيْنِ؟ فَقُلْتُ: إِنِّي أَعْرَفُ بِمَكَّةَ مِنَ الْفَرَسِ الْأَبْلَقِ، وَإِنَّهُمْ إِنْ رَأَوْنِي عَرَفُونِي، وَأَنَا أَعْرِفُ أَهْلَ مَكَّةَ إِنَّهُمْ إِذَا

ص: 519

أَمْسَوْا انْفَجَعُوا بِأَفْنِيَتِهِمْ، فَأَبَى عَلَيَّ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا مَكَّةَ فَطُفْنَا أُسْبُوعًا وَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا خَرَجْتُ لَقِيَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَعَرَفَنِي وَقَالَ: عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ! وَأَخْبَرَ أَبَاهُ فَنَذِرَ بِنَا أَهْلُ مَكَّةَ فَقَالُوا: مَا جَاءَ عَمْرٌو فِي خَيْرٍ. وَكَانَ عَمْرٌو فَاتِكًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَحَشَدَ أَهْلُ مَكَّةَ وَتَجَمَّعُوا، وَهَرَبَ عَمْرٌو، وَسَلَمَةُ وَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِمَا، وَاشْتَدُّوا فِي الْجَبَلِ. قَالَ عَمْرٌو: فَدَخَلْتُ غَارًا فَتَغَيَّبْتُ عَنْهُمْ حَتَّى أَصْبَحْتُ، وَبَاتُوا يَطْلُبُونَنَا فِي الْجَبَلِ، وَعَمَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ أَنْ يَهْتَدُوا لِرَاحِلَتِنَا، فَلَّمَا كَانَ الْغَدُ ضَحْوَةً، أَقْبَلَ عُثْمَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عُبَيْدٍ التَّيْمِيُّ يَخْتَلِي لِفَرَسِهِ حَشِيشًا، فَقُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ: إِذَا أَبْصَرَنَا أَشْعَرَ بِنَا أَهْلَ مَكَّةَ وَقَدِ انْفَضُّوا عَنَّا. فَلَمْ يَزَلْ يَدْنُو مِنْ بَابِ الْغَارِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَيْنَا. قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ طَعْنَةً تَحْتَ الثَّدْيِ بِخِنْجَرِي فَسَقَطَ وَصَاحَ، فَأَسْمَعَ أَهْلَ مَكَّةَ فَأَقْبَلُوا بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ، وَدَخَلْتُ الْغَارَ، وَقُلْتُ

ص: 520

لِصَاحِبِي: لَا تَتَحَرَّكْ. فَأَقْبَلُوا حَتَّى أَتَوْهُ، وَقَالُوا: مَنْ قَتَلَكَ؟ قَالَ: عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِخَيْرٍ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِمَكَانِنَا، فَإِنَّهُ كَانَ بِآخِرِ رَمَقٍ فَمَاتَ، وَشُغِلُوا عَنْ طَلَبِنَا بِصَاحِبِهِمْ، فَحَمَلُوهُ، فَمَكَثْنَا لَيْلَتَيْنِ فِي مَكَانِنَا حَتَّى خَرَجْنَا، فَقَالَ صَاحِبِي: يَا عَمْرُو بْنَ أُمَيَّةَ هَلْ لَكَ فِي خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ نَنْزِلُهُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: هُوَ ذَاكَ مَصْلُوبٌ، حَوْلَهُ الْحَرَسُ. فَقُلْتُ: أَمْهِلْنِي وَتَنَحَّ عَنِّي فَإِنْ خَشِيتَ شَيْئًا فَانْحُ إِلَى بَعِيرِكَ فَاقْعُدْ عَلَيْهِ، فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبِرْهُ الْخَبَرَ وَدَعْنِي، فَإِنِّي عَالِمٌ بِالْمَدِينَةِ. ثُمَّ اشْتَدَدْتُ عَلَيْهِ حَتَّى وَجَدْتُهُ فَحَمَلْتُهُ عَلَى ظَهْرِي، فَمَا مَشَيْتُ بِهِ إِلَّا عِشْرِينَ ذِرَاعًا حَتَّى اسْتَيْقَظُوا، فَخَرَجُوا فِي أَثَرِي فَطَرَحْتُ الْخَشَبَةَ، فَمَا أَنْسَى وَقْعَهَا دَبْ - يَعْنِي صَوْتَهَا - ثُمَّ أَهَلْتُ عَلَيْهِ التُّرَابَ بِرِجْلِي، فَأَخَذْتُ طَرِيقَ الصَّفْرَاءِ، فَأَعْيَوْا وَرَجَعُوا، وَكُنْتُ لَا أُدْرَكُ مَعَ بَقَاءِ نَفْسٍ، فَانْطَلَقَ صَاحِبِي إِلَى الْبَعِيرِ فَرَكِبَهُ وَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، وَأَقْبَلْتُ حَتَّى أَشْرَفْتُ عَلَى الْغَمِيمِ غَمِيمِ ضَجَنَانَ فَدَخَلْتُ فِي غَارٍ مَعِي قَوْسِي وَأَسْهُمِي وَخِنْجَرِي، فَبَيْنَمَا أَنَا فِيهِ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي بَكْرٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ

ص: 521

أَعْوَرُ طَوِيلٌ، يَسُوقُ غَنَمًا وَمِعْزَى، فَدَخَلَ الْغَارَ وَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي بَكْرٍ. فَقَالَ: وَأَنَا مِنْ بَنِي بَكْرٍ. ثُمَّ اتَّكَأَ وَرَفَعَ عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى وَيَقُولُ:

فَلَسْتُ بِمُسْلِمٍ مَا دُمْتُ حَيًّا

وَلَسْتُ أَدِينُ دِينَ الْمُسْلِمِينَا

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَقْتُلَكَ. فَلَمَّا نَامَ قُمْتُ إِلَيْهِ، فَقَتَلْتُهُ شَرَّ قِتَلَةٍ قَتَلْتُهَا أَحَدًا قَطُّ، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى هَبَطْتُ، فَلَمَّا أَسْهَلْتُ فِي الطَّرِيقِ إِذَا رَجُلَانِ بَعَثَتْهُمَا قُرَيْشٌ يَتَجَسَّسَانِ الْأَخْبَارَ، فَقُلْتُ: اسْتَأْسَرَا. فَأَبَى أَحَدُهُمَا، فَرَمَيْتُهُ فَقَتَلْتُهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْآخَرُ اسْتَأْسَرَ، فَشَدَدْتُهُ وَثَاقًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ رَآنِي صِبْيَانٌ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، وَسَمِعُوا أَشْيَاخَهُمْ يَقُولُونَ: هَذَا عَمْرٌو. فَاشْتَدَّ الصِّبْيَانُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ، وَأَتَيْتُهُ بِالرَّجُلِ قَدْ رَبَطْتُ إِبْهَامَيْهِ بِوَتَرِ قَوْسِي، فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَضْحَكُ، ثُمَّ دَعَا لِي بِخَيْرٍ. وَكَانَ قُدُومُ سَلَمَةَ قَبْلَ قُدُومِ عَمْرٍو بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عَمْرًا لَمَّا أَهْبَطَ خُبَيْبًا لَمْ يَرَ لَهُ رِمَّةً وَلَا جَسَدًا، فَلَعَلَّهُ دُفِنَ مَكَانَ سُقُوطِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذِهِ السَّرِيَّةُ إِنَّمَا اسْتَدْرَكَهَا ابْنُ هِشَامٍ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ

ص: 522

وَسَاقَهَا بِنَحْوٍ مِنْ سِيَاقِ الْوَاقِدِيِّ لَهَا، لَكِنْ عِنْدَهُ أَنَّ رَفِيقَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

ص: 523