الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[غَزْوَةُ بُوَاطَ]
َ مِنْ نَاحِيَةِ رَضْوَى
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ - يَعْنِي مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ - يُرِيدُ قُرَيْشًا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ السَّائِبَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: اسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ وَكَانَ لِوَاؤُهُ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَكَانَ مَقْصِدُهُ أَنْ يَعْتَرِضَ لِعِيرِ قُرَيْشٍ وَكَانَ فِيهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَمِائَةُ رَجُلٍ وَأَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةِ بَعِيرٍ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَتَّى بَلَغَ بُوَاطَ مِنْ نَاحِيَةِ رَضْوَى، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، فَلَبِثَ بِهَا بَقِيَّةَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَبَعْضَ جُمَادَى الْأُولَى.
ثُمَّ غَزَا قُرَيْشًا. يَعْنِي بِذَلِكَ الْغَزْوَةَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ. وَبِالْمُهْمَلَةِ وَالْعُشَيْرُ وَبِالْمُهْمَلَةِ وَالْعُشَيْرَاءُ وَبِالْمُهْمَلَةِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَانَ لِوَاؤُهُ مَعَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ: وَخَرَجَ، عَلَيْهِ
السَّلَامُ، يَتَعَرَّضُ لِعِيرَاتِ قُرَيْشٍ ذَاهِبَةً إِلَى الشَّامِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَسَلَكَ عَلَى نَقْبِ بَنِي دِينَارٍ، ثُمَّ عَلَى فَيْفَاءِ الْخَبَارِ فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ بِبَطْحَاءِ ابْنِ أَزْهَرَ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ السَّاقِ. فَصَلَّى عِنْدَهَا فَثَمَّ مَسْجِدُهُ، فَصُنِعَ لَهُ عِنْدَهَا طَعَامٌ، فَأَكَلَ مِنْهُ وَأَكَلَ النَّاسُ مَعَهُ، فَرُسُومُ أَثَافِيِّ الْبُرْمَةِ مَعْلُومٌ هُنَالِكَ، وَاسْتَسْقَى لَهُ مِنْ مَاءٍ يُقَالُ لَهُ: الْمُشَيْرِبُ. ثُمَّ ارْتَحَلَ فَتَرَكَ الْخَلَائِقَ بِيَسَارٍ، وَسَلَكَ شُعْبَةَ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ صَبَّ لِلْيَسَارِ حَتَّى هَبَطَ يَلَيْلَ، فَنَزَلَ بِمُجْتَمَعِهِ وَمُجْتَمَعِ الضَّبُوعَةِ ثُمَّ سَلَكَ فَرْشَ مَلَلٍ حَتَّى لَقِيَ الطَّرِيقَ بِصُخَيْرَاتِ الْيَمَامِ، ثُمَّ اعْتَدَلَ بِهِ الطَّرِيقُ حَتَّى نَزَلَ الْعَشِيرَةَ مِنْ بَطْنِ يَنْبُعَ، فَأَقَامَ بِهَا جُمَادَى الْأُولَى وَلَيَالِي مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَوَادَعَ فِيهَا بَنِي مُدْلِجٍ وَحُلَفَاءَهُمْ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا.
وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثَنَا وَهْبٌ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقِيلَ لَهُ: «كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ
غَزْوَةٍ؟ قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ. قُلْتُ: كَمْ غَزْوَةٍ أَنْتَ مَعَهُ؟ قَالَ سَبْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، قُلْتُ فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ؟ قَالَ: الْعُشَيْرُ، أَوِ الْعُسَيْرَةُ، فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ، فَقَالَ الْعُشَيْرَةُ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ أَوَّلَ الْغَزَوَاتِ الْعُشَيْرَةُ وَيُقَالُ بِالسِّينِ. وَبِهِمَا مَعَ حَذْفِ التَّاءِ. وَبِهِمَا مَعَ الْمَدِّ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ غُزَاةً شَهِدَهَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، الْعُشَيْرَةَ، وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ قَبْلَهَا غَيْرُهَا لَمْ يَشْهَدْهَا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَيَوْمَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ مَا قَالَ، فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو يَزِيدَ مُحَمَّدُ بْنُ خُثَيْمٍ، «عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَفِيقَيْنِ فِي غَزْوَةِ الْعُشَيْرَةِ مِنْ بَطْنِ يَنْبُعَ، فَلَمَّا نَزَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِهَا شَهْرًا، فَصَالَحَ بِهَا بَنِي مُدْلِجٍ وَحُلَفَاءَهُمْ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، فَوَادَعَهُمْ، فَقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ أَنْ نَأْتِيَ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، يَعْمَلُونَ فِي عَيْنٍ لَهُمْ نَنْظُرُ كَيْفَ يَعْمَلُونَ؟ فَأَتَيْنَاهُمْ فَنَظَرْنَا إِلَيْهِمْ سَاعَةً فَغَشِيَنَا النَّوْمُ، فَعَمَدْنَا إِلَى صُوَرٍ مِنَ النَّخْلِ فِي دَقْعَاءَ مِنَ الْأَرْضِ
فَنِمْنَا فِيهِ، فَوَاللَّهِ مَا أَهَبَّنَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُنَا بِقَدَمِهِ فَجَلَسْنَا، وَقَدْ تَتَرَّبْنَا مِنْ تِلْكَ الدَّقْعَاءِ، فَيَوْمَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَلِيٍّ:" يَا أَبَا تُرَابٍ " لِمَا عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ، فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِنَا، فَقَالَ:" أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْقَى النَّاسِ رَجُلَيْنِ؟ " قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: " أُحَيْمِرُ ثَمُودَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ، وَالَّذِي يَضْرِبُكَ يَا عَلِيُّ عَلَى هَذِهِ - وَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى يَبُلَّ مِنْهَا هَذِهِ ". وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى لِحْيَتِهِ» . وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي تَسْمِيَةِ عَلِيٍّ أَبَا تُرَابٍ، كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ عَلِيًّا خَرَجَ مُغَاضِبًا فَاطِمَةَ، فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَنَامَ فِيهِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ خَرَجَ مُغَاضِبًا، فَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَيْقَظَهُ وَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ: " قُمْ أَبَا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ» .